جزء من الخطاب الذى وجهه مولانا الإمام الشيخ محمد إبراهيم محمد عثمان شيخ الطريقة البرهانية الى الأمة الإسلامية مساء الأربعاء السادس من شهر أبريل عام 2012
أبنائى وبناتى ..
يقولُ الحقُّ تباركَ وتعالى فى محكمِ آياته ?وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ? [10] ولذلك إذا أردت أن تكون مِنَ المفلحين فلابد أن تتفاعل مع المجتمع الذى تعيش فيه، سواء كان صغيراً كالأسرة والقرية أو الحى، أو كان كبيراً كالدولة بل والعالم بأسرهِ، ولا تكن مشاركتك كلامية فقط بالنقد أو المدح أو ادّعاء انشغالك بالعبادة عن أحوالِ الناس.
يقول رَسُولُ اللَّهِ (لا تكونوا عيابين ولا مداحين ولا طعانين ولا متماوتين) [11] والمُتَماوِتُ: من صفةِ العابد المُرائِى.
ولا تدعى انشغالك بالنهى عن المنكر بتتبع عورات الناس لتفضحهم وتكشف ما ستره الله، فعن ابن عمر قال: (صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ الْمِنْبَرَ فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ لا تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ وَلا تُعَيِّرُوهُمْ وَلا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِى جَوْفِ رَحْلِهِ) [12].
ولا تكن ممن لا يثبت على رأى، فيكون مرة مع هذا، ومرة مع ذاك، وذلك لضعف رأيه، فقد نهى الحبيب عن تلك الفعلة فقال (لا تَكُونُوا إِمَّعَةً، تَقُولُونَ إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا، وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا وَإِنْ أَسَاءُوا فَلا تَظْلِمُوا).
وعلى الإنسان أن يخرج من أنانيته والعيش لنفسه فقط دون أن يكون إيجابياً وفعالاً، فعن سيدنا حذيفة t قال قال رسولُ الله (مَنْ لم يهتمْ بأمرِ المسلمين فليس منهم ومَنْ لم يصبحْ ويمسِ ناصحاً للهِ ولرسولهِ ولكتابهِ ولإمامهِ ولعامةِ المسلمين فليس منهم) [13].
فالإنسان لابد أن يكون فى خدمة المجتمع وليس لذاته فقط وأن يعمل مِنْ أجل المبادئ الإنسانية الخيِّرة فى شتى المجالات حسب تخصصه، فالطبيب لماذا لا يُخصص ساعات من وقته للكشف ووصف الدواء لسكان حيِّه دون مقابل، والمدرس لماذا لا يساعد الطلبة من أبناء قريته بدون مقابل، والأمثلة على ذلك كثيرة.
ولنوسع الدائرة أكثر، ماذا عن النساء والأطفال الذين يُقتلون فى مناطق عديدة من العالم فى الحروب العِرقية أو العنصرية الدينية، لماذا لا نساعد فى إسكانهم ومطعمهم وملبسهم، بل لماذا لا نقوم برفع المستوى الثقافى عند المرأة فى تلك المناطق المتخلفة حضارياً، لتتبنى هى بعد ذلك تثقيف أطفالها ضد العنصرية البغيضة، سواء كانت عِرقية أو دينية، فإن معظم هذه الحروب تقوم على أساس يَخفى عن المتحاربين أنفسهم، فالنار يُشعلها أصحاب المصالح الاقتصادية وتجار أسلحة الدمار الشامل، فكم من سرقات لثروات الشعوب تحدث أثناء انشغال أهل البلد فى حربهم، وكم من تجارب للأسلحة الكيماوية والجرثومية، يتم تجربتها -بعد انتاجها فى الدول التى تدعى أنها دول متحضرة- على المساكين من النساء والأطفال أثناء انشغال الرجال فى التقاتل مع بعضهم البعض، متفاخرين بأسلحة فى أيديهم وليس على أجسادهم ما يواريها من العرىْ، ولو أنفق ثمن هذا السلاح لكفاهم طعاماً وشراباً ولباساً، بدلاً مِنْ مَد أَكُفّ الضراعة لاستجداء المنظمات الدولية لإيواء الفارين من مناطق الحرب، وتلك المنظمات لا يقل دور بعضها خطورة عن تجار السلاح.
لماذا لا نتكاتف جميعاً فى مواجهة نفاق الساسة وسماسرة الإعلام، الذين يقلبون الحقائق رأسا على عقب، لإقناع شعوبهم بما يخدم نزواتهم وأفكارهم، غير مكترثين بما يحدث لأبناء وطنهم، كأن الله خلق الناس ليكونوا عبيدا للحكام، ويروج لهذا أجهزة الإعلام التى تزين للناس أنهم فى رغد العيش، ويشغلوهم بتفاهات من الأخبار وإثارة الفتن وبالتخوف من حين لآخر كى ينخدعوا عن أحوالهم وحقوقهم.
تعليقات: 0
إرسال تعليق