قصة مثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم والاحدى عشر امرأة فى مجلس العلم
- محمد صفوت : هذا الحبيب وهذه اوصافه
- الشيخ محمد صفوت : الصراط المستقيم 3
- الشيخ محمد صفوت : ثلاثة رسائل من رسول الله
حديث ام زرع
كان رسول الله يضرب الأمثال في كلِّ ما يقصه منُّ القصص أو يرسم رسماً على الأرض وكلُّها من وسائل الإبانة والتوضيح التي هي لازمة لمنهج التعليم وهو في هذا النص يقصُّ على السيدة عائشة رضوان الله عليها قصًّة نساءٍ تحدَّثن عن أزواجهنّ في مجلسٍ خاصٍّ بهنَّ ثمَّ بيَّن لها العبرة من القصة.قال رسول الله للسيدة عائشة رضي الله تعالى عنها:
اجتمعت إحدى عشرة امرأة فتعاهدن وتعاقدن ألا يكتمن من أخبار أزواجهنَّ شيئا،
قالت الأولى: زوجي لحم جملٍ غث، على جبلٍ وعث، لا سهلٍ فيُرتقى، ولا سمينٍ فيُنتقى.
قالت الثانية: زوجي العشنَّق إن انطق أطلَّق أو اسكت أعلَّق.
قالت الثالثة: زوجي غياياء عياياء طباقاء، كلُّ داءٍ له داء، شجَّك أو فلَّك، أو جمع كلاً لك.
قالت الرابعة: زوجي لا أَّبثُّ خبره إني أخاف ألا أذره إن اذكره اذكر عُجَرَهُ وبجَره.
قالت الخامسة: زوجي إن أكل لفَّ وإن شرب اشتفَّ ولا يُولج الكفَّ ليعلم البث.
قالت السادسة: زوجي إن دخل فَهِد وإن خرج أسِد ولا يسأل عمَّا عهد.
قالت السابعة: زوجي المسُّ مس أرنب والريحُ ريحُ زرنب.
قالت الثامنة: زوجي كليلِ تِهامة، لا حرٌّ ولا قرٌّ ولا مخافةَ ولا سآمة.
قالت التاسعة: زوجي رفيعُ العمادِ طويلُ النجاد، قريبُ البيتِ من النادِ.
قالت العاشرة: زوجي مالكٌ وما مالك ! له إبلٌ قليلاتُ المسارح كثيراتُ المبارك، إذا سمعن صوتَ المزهر أيقنَّ أنهنَّ هوالك.
قالت الحادية عشرة: زوجي أبو زرع، وما أبو زرعٍ! أناسَ من حلي أذُنيَّ وملأ من شحمٍ عضُدي، وبجَّحني إلى نفسي فبجحت، وجدني في أهل غنيمةٍ بشقٍّ فجعلني في أهل صهيلٍ وأطيطٍ ودائسٍ ومُنق، فعنده أقول فلا أقبَّح، وأرقد فأتصبَّح وأشرب فأتقنَّح، أمُّ أبي زرعٍ وما أمُّ أبي زرعٍ ! عكومها رداح وبيتها فساح ! بنت أبي زرعٍ وما بنت أبي زرعٍ! طوع أبيها وطوع أمِّها وملء كسائها وغيظُ جارتِها. ابن أبي زرعٍ وما ابن أبي زرعٍ! مَرقدُه كمسلِّ شَطبة ويُشبعه ذراعُ الجفرة ! جاريةُ أبي زرعٍ وما جاريةُ أبي زرع ! لاتنثُّ حديثنا تنثيثا، ولا تملأ بيتنا تعشيشا، ولا تنقِّثُ ميرتنا تنقيثا !
قالت: خرج أبو زرعٍ والأوطاب تُمخض فلقي امرأة معها ولدان لها كالفهدين يلعبان من تحت خصرها برمانتين، فطلقني ونكحها، فنكحتُ بعده رجلا سريَّأ، ركب شريَّاً وأخذ خطيَّاً وأراح عليَّ نعماً ثريَّاً
وقال: كلي أمَّ زرعٍ وميري أهلك،
قالت: فلو جمعت كلَّ شيءٍ أعطانيه ما بلغ أصغر آنية أبي زرع.
قال رسول الله صلى الله عيه وسلَّم لعائشة رضي الله عنها:
كنت لك كأبي زرع لأمِّ زرعٍ إلا أنه يطلِّق النساء ولا أطلِّق.
ونورد هنا شرحا لبعض أشياء غامضة في هذا الكلام.
تقول الأولى إنها خدعت في زوجها أول الأمر ولما تزوَّجته لم تجده كما كانت تشتهي فهو كلحم الجمل الذي وضع على رأس جبلٍ يصعب الوصل إليه ويظنُّه الناظر لحماً طيِّباً فإذا تكلَّف الصعود إليه وجده لحما هزيلا لا يسمن ولا يغني من جوع.
أما الثانية فقالت إن زوجها طويل القامة ولكنه طولٌّ في غير فائدة وهو لا يحسن معاملتها ولا يأبه لها فهي كالمعلَّقة فإذا تكلَّمت معه طلَّقها وإذا تركته ظلَّت معلَّقة.
وأما الثالثة فتقول إن زوجها كثير الغي أي الضلال وعياياء لايحسن الكلام وغياياء قليل الفهم ولا يتعامل معها إلا بالضرب (شجَّك أو فلَّك) فالشجُّ يكون في الرأس والفلُّ في سائر الجسد فهي لا تسلم من ضربة في الرأس أو جرح في الجسد.
أما الرابعة فتصف زوجها بكثرة العيوب وهي العجر والبجر وهي تقول: إن بدأتُ الحديث عنه فسأذكر عيوبه التي لا يطَّلع عليه إلا من عرفه.
وزوج الخامسة لا همَّ له إلا الأكل والشرب فهو إن وُضع الأكل أمامه أكله كلَّه وإذا وضع اللبن أمامه شربه كلَّه ولم يدع شيئاً للعيال، وهو لا يتفقَّد أهله ليعرف أحوالهم إن كانوا مرضى أو صحاحاً.
أما السادسة فتصف زوجها بأنه كالفهد إذا دخل البيت فهو يتغاضى عن عيوب أهله ويغفر لهم زلاتهم لأن الفهد كثير النوم، وإذا خرج إلى الرجال كان معهم كالأسد.
أما السابعة فتصف زوجها بأنه تربَّى في النعيم فهو ناعم البشرة طيِّب الرائحة.
وزوج الثامنة معتدل الخلق طيِّب المعشر فهو كليل مكَّة التي وصفتها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فقالت: لولا الهجرة لسكنت مكَّة وما رأيت القمر بمكان أجمل منه بمكان أجمل منه بمكة وما رأيت السماء أقرب إلى الأرض منها بمكة.
وأهل مكة كانوا لا يخافون إذا جلسوا للسمر ليلا لأن مكة حرم لا يدخله العدو وأما سائر بلاد العرب فكانوا لا يجلسون للسمر أو يبيتون إلا وهم خائفون من الغارة.
فهو رجل تشعر معه زوجه بالأمان وتسعد بصحبته لما طبع عليه من حسن المعشر.
وأما زوج التاسعة فهو رفيع العماد لأنه من الأشراف فبيته عالٍ وهو قريب من النادي وهو المكان الذي يجتمع فيه القوم للبتِّ في الأمور المهمَّة وهذ دليل على أنه كان سيِّدا في قومه.
وتمدح العاشرة زوجها بصيغة التعجُّب من أمره لكثرة فضائله: وما مالك! وهو كريم يحبس الإبل في الحيِّ أكثر الوقت ولا يدعها تذهب للمرعى حتى إذا جاء الضيف وجد الإبل فسقاه من لبنها وأطعمه من لحمها.
أما الحادية عشر فهي تمدح زوجها فقالت: إنه اشترى لها أنواع الحليِّ فتزيَّنت وأطعمها وأشبعها حتى سمنت فهي عنه في غاية الإكرام إذا تحدَّثت أصغى لكلامها ولم يقل لها قبَّحك الله، وتشرب اللبن حتى تروى وترقد إلى طلوع الشمس فهناك من يقوم بخدمتها،وقد كان أهلها قبل زواجها من أهل الغنم وهم من الفقراء فتزوَّجها وكان هو من أهل الخيل والغبل وهم أعزُّ العرب فنقلها من الذلِّ إلى العزِّ، ثمَّ مدحت أهله فبدأت بأمِّ زوجها فقالت هي امرأة ثرية بيتها ملآن بالخير(عكومها رداح) وقد يعني أنها كانت كثيرة الولد.
وبيتها واسع قد يكون كناية عن الكرم، ثمَّ مدحت ابنته فقالت هي مطيعةٌ لأمر أبيها وأمر أمِّها وهي على خلقٍ وحسنٍ جعلها موضع حسد جارتها.ثم مدحت ابنها فقالت هو فارس بعيد الهمَّة قليل النوم قليل الأكل فهو يكتفي بذراع الشاة وهذ مما يمدح به الرجال ثم مدحت الجارية التي تقوم بالخدمة في البيت فوصفتها بأنها لا تذيع أسرار البيت لإخلاصها والذين يعملون في البيوت دائماً يذيعون أسرارها، ثمنَّ وصفتها بأنها لا تسرق الطعام من البيت فهي أمينة ثمَّ وصفتها بأنها تحسن العمل فهي متقنةٌ لعملها.
ثمَّ روت هذه المرأة أن زوجها خرج فلقي امرأة حسناء لها ولدان فأعجبته فطلَّقها وتزوَّج هذه المرأة وقُدِّر لها هي أن تتزوَّج رجلا آخر من أشراف العرب (سريَّاً) وهو فارسٌ على متن جواده يحمل رمحه.
وقد أكرمها غاية الإكرام وقال لها: خذي ما شئت من المال وأطعمي أهلك، ولكنها رغم هذا كانت شديدة الحسرة على زوجها الأوَّل أبي زرع فقالت إنَّ كلّ ما أعطاها هذا الرجل لا يساوي شيئا بالنسبة لما كان يعطيها أبو زرع
ثمَّ قال للسيدة عائشة إنه كان لها كأبي زرع لأمِّ زرع في الإكرام وحسن المعاملة إلا أنه ليس من خلقه أن يطلِّق النساء كما فعل أبو زرع وهو خير الناس لأهله ولم يرد رسول الله أن يشبِّه نفسه الشريفة بأبي زرع إلا أنه ضرب به المثل لتقريب الصورة الي الاذهان والافهو القدوة العظمي وبه تضرب الامثال.
- سيرة النبي صلى الله عليه وسلم بنكهة صوفية
- قصة بين هرقل قيصر الروم وأبي سفيان بن حرب
- محمد صفوت : كانوا هكذا يكتبون
تعليقات: 0
إرسال تعليق