وحَقّاً فالجهلُ غايةُ الأعذارِ ، فمنطوقُ السّؤالِ يَدُلُّ دلالةً واضحةً على أنَّ الدِّينَ في هذَا الزّمانِ قَدِ اقْتَصَرَ عِنْدَ الكثيرِينَ على مجموعةٍ مِنَ الإشاعاتِ (1) اسْتَقَرَّتْ في قعورِ الأذهانِ حَتَّى صَدَّقَهَا النّاسُ وصارَتْ مُسَلَّماتٍ [ أيْ شائعاتٍ ] ..
__________
(1) 1- الإشاعة : مِنْ " أشاع ذِكْرَ الشَّيْء " أيْ أطاره وأَظْهَرَه حَقّاً كان أو باطلاً ، وهو غَيْر الشّائعة ؛ لأنّ المقصود بالأخيرة : ما انتشر في النّاس وسَلَّموا به ولا يَكُون إلا مباحاً .
(1/143)
________________________________________
فقَوْلُهُمْ " إنَّ ( هُو ) ضميرٌ لِلغائبِ " لاَ يَنْفِي أنَّهُ عِنْدَ النّحويِّينَ اسمٌ ، والأسماءُ مِنَ المَعارِفِ ، وهذَا يَعْنِي - إذَا أُطْلِقَ على اللهِ - أنَّهُ اسمٌ أَطْلَقْنَاهُ على الاسمِ ( الله ) ، فهُوَ إذَنِ اسمٌ يَنْصَرِفُ على الإلهِ المعبودِ وعلى عِبَادِهِ أجمعِينَ ، شأنُهُ في ذلكَ شأنُ الأسماءِ الإلهيّةِ التي أَمَرَنَا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بشأنِهَا فقال { تَخَلَّقُوا بِأَخْلاَقِ اللَّه } ، وانْظُرْ إلى قولِهِ تعالى {فَتَلَقَّى ءَادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيم} (1) انْظُرْ إلى {هُو} في الآيةِ فلَوْ حَذَفْتَهَا لاَسْتَقَامَ الكلامُ بِدُونِهَا ، غَيْرَ أنَّهُ كلامُ رَبِّ العالَمِينَ ، فلاَ حَذْفَ ولاَ إضافةَ ، وإنَّمَا هيَ مذاكَرةٌ ، وإذَا أَثْبَتَّهُ لاَ بُدَّ وأنْ يَدُلَّ على الْعَلَمِيَّةِ بِذَاتِهَا ، فهُوَ إذَنِ اسمٌ إلهيٌّ ، وأمثلةُ ذلكَ كثيرةٌ في القرآنِ الكريمِ ، فتَأَمَّلْ وافْهَمْ رعَاكَ اللَّه .
تعليقات: 0
إرسال تعليق