برهانيات كوم
قبس من نور الإمام السجَّاد
هو علي بن الحسين رضي الله تعالى عنه بن فاطمة الزهراء بنت رسول الله ومن ألقابه زين العابدين والسجَّاد وذو الثفنات والبكَّاء والعابد، وسُمِّي بذي الثَّفنات كما أورد أبو نعيم لقول ابنه الإمام الباقر: كان لأبي في موضع سجوده آثار ثابتة يقطعه في كلِّ سنة من طول سجوده وكثرته. أمُّه من بنات ملوك الفرس وجاء في ربيع الأبرار للزمخشري: إنَّ لله من عباده خيرتين فخيرته من العرب بنو هاشم ومن العجم فارس وقال فيه أبو الأسود الدؤلي:
وإنَّ وليداً بين كسرى وهاشمٍ لأكرمُ من نيطت عليه التمائمُوقال الفرزدق رحمه الله:هذا ابن خيرِ عبادِ اللهِ كلِّهم هذا التقيُّ النقيُّ الطاهرُ العلمُ
قُتل أبوه الإمام الحسين رضي الله تعالى عنه وخيرة شباب بني هاشم الأطهار الأخيار بكربلاء وكان صبيَّاً فسلم من القتل، ولكنَّ الحزن لفقد أبيه وأعمامه لازمه طول عمره وكان لا يرقأ له دمع ويبكي كلَّما ذكر أباه وأعمامه وهم صرعى تحت بطون الكواكب.لذلك قيل البكَّاءون خمسة آدم ويعقوب ويوسف وفاطمة بنت محمد وعلي بن الحسين.
صفاته:
قال فيه الفرزدق الشاعر:
ينشقُّ ثوب الدجى عن نور غرَّته كالشمس تنجاب عن أنوارها الظلمالله شرَّفه قدما وعظَّمه جرى بذاك له في لوحه القلم
وهذا النور النبوي الذي ينبثق من وجهه هو الذي جعل الطائفين يفسحون له المجال ليستلم الحجر الأسود ولم يستطع هشام بن عبد الملك أن يصل إليه مع هيبة الخلافة. وقد قال الفرزدق فيه عندما استلم سيدنا زين العابدين الحجر الأسود:
يكاد يُمسكُه عرفانَ راحتِه ركنُ الحطيم إذا ما جاء يستلمفالركن عرف هذه الكفَّ الطاهرة الزاهرة وكاد يمسكها حبَّاً ولا يدع صاحبها ينصرف.
وهكذا رد الشاعر على الخليفة هشام عندما سُئِل عن الإمام زين العابدين فقال لا أعرفه:وليس قولك من هذا بضائره العرب تعرف من أنكرت والعجمُهذا عليٌّ رسول الله والدُهُ أمستْ بنور هداه تهتدي الأممُهذا ابن فاطمةٍ إن كنت تجهلُه بجدِّه أنبياء الله قد ختموا
من أخلاقه رضي الله تعالى عنه
كان الإمام علي زين العابدين إذا دخل شهر رمضان لا يضرب عبداً ولا أمة وإذا أذنبَ عبدٌ أو أمةٌ سجَّل ذلكم فإذا كانت آخر ليلة من شهر رمضان دعاهم وجمعهم حوله ثمَّ يعرض عليهم سيّئاتهم فيعترفون بها، فيقول لهم: قولوا يا عليَّ بن الحسين إنَّ ربَّك أحصى عليك كلَّ ما عملتَ كما أحصيتَ علينا كلَّ ما عملنا، ولديه كتابٌ ينطق عليك بالحق ولا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلا أحصاها، وتجد كلَّ ما عملتَ لديه حاضرا، فاعفُ واصفحْ يعف عنك المليك ويصفح، فيردّدون هذا وهو واقف بينهم يبكي ويقول: ربَّنا إنك أمرتنا أن نعفو عمَّن ظلمنا وقد عفونا كما أمرتَ فاعف عنا، فإنَّك أولى بذلك منا. ثمَّ يُقبل عليهم ويقول: لقد عفوتُ عنكم، فهل عفوتم ما كان مني إليكم؟ فيقولون: نعم عفونا. فيقول: إذهبوا فقد أعتقتُ رقابكم طمعاً في عفو الله وعتق رقبتي من النار.ثمَّ يخرجون يوم العيد أحراراً وقد أعطاهم جوائز تغنيهم عن مسألة الناس.
قال أبو نعيم الأصفهاني في حلية الأولياء:كانت بيوتٌ في المدينة تعيش على صدقات علي بن الحسين رضي الله تعالى عنه، فلما مات فقدوا ما كان يأتيهم، فعلموا أنه هو الذي كان يُعطيهم، وقالوا ما فقدنا صدقة السرِّ حتى فقدنا علي بن الحسين.
وقد وجد في ظهره عند غسله في موته آثار كالتي توجد في ظهور الحمَّالين، وذلك لأنَّه كان يخرج في كلِّ ليلة وعلى ظهره جراب يوزِّع الطعام على المساكين وكانوا إّذا رأوه قالوا: جاء صاحب الجراب. وكانوا لا يعرفون من يكون.
وجاء في ربيع الأبرار للزمخشري: أنه لما أرسل يزيد بن معاوية مسلم بن عقبة لقتال أهل المدينة واستباحتها كفل الإمام زين العابدين أربعمائة امرأة مع أولادهنَّ وحشمهن وضمهنَّ إلى عياله وقام بنفقتهن وإطعامهنَّ إلى أن خرج جيش ابن عقبة من المدينة، وقد أقسمت واحدة منهنَّ أنها ما رأت في دار أبيها وأمِّها من الراحة والعيش الهنيء ما رأته في دار علي بن الحسين.
قال الفرزدق:كلتا يديه غياثٌ عمَّ نفعُهما يُستوكفان ولا يعروهما العدمقال سفيان ابن عيينة: رأى محمد بن شهاب الزهري الإمام علي زين العابدين وهو يمشي في ليلةٍ باردة وعلى ظهره دقيق، فقال: يا بن رسول الله ما هذا؟ قال: أريد سفراً أعددت له زاداً أحمله إلى مكان حريز، فقال: هذا غلامي يحمله عنك، فأبى عليه الإمام علي، فقال: إذن أحمله أنا عنك فإني أجلِّك عن حمله. فقال: ولكني لا أُجلُّ نفسي عما ينجِّيني في سفري ويحسِّن ورودي على ما أردُ عليه، أسألك بحقِّ الله لما مضيت لحاجتك وتركتني. فلما كان بعد أيام لقيه الرجل فقال له:: لستُ أرى لذلك السفر الذي ذكرتَهُ أثرا؟ قال: بلى يا زهري ليس هو ما ظننتَ ولكنه الموت وله استعد، إنما الاستعداد للموت تجنُّب الحرام وبذل الندى في الخير.
وقاللواحد من أولاده: يا بنيّ انظر خمسةً فلا تصاحبهم و لا تحادثهم ولا ترافقهم في طريق: قال: من هم يا أبتاه؟ قال: إياك ومصاحبة الكذاَّب فإنه بمنزلة السراب يقرِّب لك البعيد ويبعِّد القريب، وإياك ومصاحبة الفاسق فإنه يبيعك بأكلة فما دونها، وإياك ومصاحبة البخيل، فإنه يخذلك وأنت أحوج ما تكون إليه، وإياك ومصاحبة الأحمق فإنه يريد ان ينفعك فيضرَّك، وإياك ومصاحبة القاطع لرحمه فإني وجدته ملعونا في كتاب الله.
وقال: من استجار به أحد إخوانه ولم يُجرْه فقد قطع ولاية الله عنه.
وقال: إنَّ لسان ابن آدم يُشرف على جوارحه كلَّ صباحٍ فيقول: كيف أصبحتم؟فيقولون نحن بخيرٍ إن تركتنا، وإنَّما يُثاب المرء ويعاقب بلسانه.وقال: اللهمَّ أوسع عليَّ من رزقك ولا تفتنِّني بالبَطَر. ووفِّقني لعبادتك ولا تفسد عبادتي بالعُجب، وأجرِ للناس على يديَّ الخير ولا تمحقه بالمنِّ. ولا تحدث لي عزَّاً ظاهراً إلا أحدثتَ لي ذلَّةً باطنة بقدر ذلك.ووفِّقني لطاعة من سدَّدني ومتابعة من أرشدني.
وقالفي حقِّ الأم: فحقُّ أمِّك أن تعلم أنها حملتك حيث لا يحمل أحدٌ أحدا، وأطعمتك من ثمرة قلبها ما لايطعم أحدٌ أحدا، ووقتك بسمعها وبصرها ويدها ورجلها وشعرها وجميع جوارحها فرِحةً مستبشرة محتملةً لما فيه مكروهها وألمها وثقلها وغمُّها حتى دفعتك عنها يد القدرة وأخرجتك إلى الأرض، فرضيت أن تُشبعك وتجوع هي، وتكسوك وتعرى، وترويك وتظمى وتلذذك بالنوم بأرَقَهِا فإنَّك لا تُطيق شكرها ولا تقدر عليه إلا بعون الله وتوفيقه.
وهو صاحب القصة أن جارية كانت تسكب الماء لوضوئه فسقط منها الإبريق على وجهه فشجَّه حتى سال دمه، فرفع رأسه ونظر إليها قالت: إن الله يقول {والكاظمين الغيظ.} قال: كظمت غيظي.فقالت: {والعافين عن الناس} قال عفا الله عنك قالت{ والله يحب المحسنين} قال: أنت حرة لوجه الله.
وإنَّ وليداً بين كسرى وهاشمٍ لأكرمُ من نيطت عليه التمائمُوقال الفرزدق رحمه الله:هذا ابن خيرِ عبادِ اللهِ كلِّهم هذا التقيُّ النقيُّ الطاهرُ العلمُ
قُتل أبوه الإمام الحسين رضي الله تعالى عنه وخيرة شباب بني هاشم الأطهار الأخيار بكربلاء وكان صبيَّاً فسلم من القتل، ولكنَّ الحزن لفقد أبيه وأعمامه لازمه طول عمره وكان لا يرقأ له دمع ويبكي كلَّما ذكر أباه وأعمامه وهم صرعى تحت بطون الكواكب.لذلك قيل البكَّاءون خمسة آدم ويعقوب ويوسف وفاطمة بنت محمد وعلي بن الحسين.
صفاته:
قال فيه الفرزدق الشاعر:
ينشقُّ ثوب الدجى عن نور غرَّته كالشمس تنجاب عن أنوارها الظلمالله شرَّفه قدما وعظَّمه جرى بذاك له في لوحه القلم
وهذا النور النبوي الذي ينبثق من وجهه هو الذي جعل الطائفين يفسحون له المجال ليستلم الحجر الأسود ولم يستطع هشام بن عبد الملك أن يصل إليه مع هيبة الخلافة. وقد قال الفرزدق فيه عندما استلم سيدنا زين العابدين الحجر الأسود:
يكاد يُمسكُه عرفانَ راحتِه ركنُ الحطيم إذا ما جاء يستلمفالركن عرف هذه الكفَّ الطاهرة الزاهرة وكاد يمسكها حبَّاً ولا يدع صاحبها ينصرف.
وهكذا رد الشاعر على الخليفة هشام عندما سُئِل عن الإمام زين العابدين فقال لا أعرفه:وليس قولك من هذا بضائره العرب تعرف من أنكرت والعجمُهذا عليٌّ رسول الله والدُهُ أمستْ بنور هداه تهتدي الأممُهذا ابن فاطمةٍ إن كنت تجهلُه بجدِّه أنبياء الله قد ختموا
من أخلاقه رضي الله تعالى عنه
كان الإمام علي زين العابدين إذا دخل شهر رمضان لا يضرب عبداً ولا أمة وإذا أذنبَ عبدٌ أو أمةٌ سجَّل ذلكم فإذا كانت آخر ليلة من شهر رمضان دعاهم وجمعهم حوله ثمَّ يعرض عليهم سيّئاتهم فيعترفون بها، فيقول لهم: قولوا يا عليَّ بن الحسين إنَّ ربَّك أحصى عليك كلَّ ما عملتَ كما أحصيتَ علينا كلَّ ما عملنا، ولديه كتابٌ ينطق عليك بالحق ولا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلا أحصاها، وتجد كلَّ ما عملتَ لديه حاضرا، فاعفُ واصفحْ يعف عنك المليك ويصفح، فيردّدون هذا وهو واقف بينهم يبكي ويقول: ربَّنا إنك أمرتنا أن نعفو عمَّن ظلمنا وقد عفونا كما أمرتَ فاعف عنا، فإنَّك أولى بذلك منا. ثمَّ يُقبل عليهم ويقول: لقد عفوتُ عنكم، فهل عفوتم ما كان مني إليكم؟ فيقولون: نعم عفونا. فيقول: إذهبوا فقد أعتقتُ رقابكم طمعاً في عفو الله وعتق رقبتي من النار.ثمَّ يخرجون يوم العيد أحراراً وقد أعطاهم جوائز تغنيهم عن مسألة الناس.
قال أبو نعيم الأصفهاني في حلية الأولياء:كانت بيوتٌ في المدينة تعيش على صدقات علي بن الحسين رضي الله تعالى عنه، فلما مات فقدوا ما كان يأتيهم، فعلموا أنه هو الذي كان يُعطيهم، وقالوا ما فقدنا صدقة السرِّ حتى فقدنا علي بن الحسين.
وقد وجد في ظهره عند غسله في موته آثار كالتي توجد في ظهور الحمَّالين، وذلك لأنَّه كان يخرج في كلِّ ليلة وعلى ظهره جراب يوزِّع الطعام على المساكين وكانوا إّذا رأوه قالوا: جاء صاحب الجراب. وكانوا لا يعرفون من يكون.
وجاء في ربيع الأبرار للزمخشري: أنه لما أرسل يزيد بن معاوية مسلم بن عقبة لقتال أهل المدينة واستباحتها كفل الإمام زين العابدين أربعمائة امرأة مع أولادهنَّ وحشمهن وضمهنَّ إلى عياله وقام بنفقتهن وإطعامهنَّ إلى أن خرج جيش ابن عقبة من المدينة، وقد أقسمت واحدة منهنَّ أنها ما رأت في دار أبيها وأمِّها من الراحة والعيش الهنيء ما رأته في دار علي بن الحسين.
قال الفرزدق:كلتا يديه غياثٌ عمَّ نفعُهما يُستوكفان ولا يعروهما العدمقال سفيان ابن عيينة: رأى محمد بن شهاب الزهري الإمام علي زين العابدين وهو يمشي في ليلةٍ باردة وعلى ظهره دقيق، فقال: يا بن رسول الله ما هذا؟ قال: أريد سفراً أعددت له زاداً أحمله إلى مكان حريز، فقال: هذا غلامي يحمله عنك، فأبى عليه الإمام علي، فقال: إذن أحمله أنا عنك فإني أجلِّك عن حمله. فقال: ولكني لا أُجلُّ نفسي عما ينجِّيني في سفري ويحسِّن ورودي على ما أردُ عليه، أسألك بحقِّ الله لما مضيت لحاجتك وتركتني. فلما كان بعد أيام لقيه الرجل فقال له:: لستُ أرى لذلك السفر الذي ذكرتَهُ أثرا؟ قال: بلى يا زهري ليس هو ما ظننتَ ولكنه الموت وله استعد، إنما الاستعداد للموت تجنُّب الحرام وبذل الندى في الخير.
وقاللواحد من أولاده: يا بنيّ انظر خمسةً فلا تصاحبهم و لا تحادثهم ولا ترافقهم في طريق: قال: من هم يا أبتاه؟ قال: إياك ومصاحبة الكذاَّب فإنه بمنزلة السراب يقرِّب لك البعيد ويبعِّد القريب، وإياك ومصاحبة الفاسق فإنه يبيعك بأكلة فما دونها، وإياك ومصاحبة البخيل، فإنه يخذلك وأنت أحوج ما تكون إليه، وإياك ومصاحبة الأحمق فإنه يريد ان ينفعك فيضرَّك، وإياك ومصاحبة القاطع لرحمه فإني وجدته ملعونا في كتاب الله.
وقال: من استجار به أحد إخوانه ولم يُجرْه فقد قطع ولاية الله عنه.
وقال: إنَّ لسان ابن آدم يُشرف على جوارحه كلَّ صباحٍ فيقول: كيف أصبحتم؟فيقولون نحن بخيرٍ إن تركتنا، وإنَّما يُثاب المرء ويعاقب بلسانه.وقال: اللهمَّ أوسع عليَّ من رزقك ولا تفتنِّني بالبَطَر. ووفِّقني لعبادتك ولا تفسد عبادتي بالعُجب، وأجرِ للناس على يديَّ الخير ولا تمحقه بالمنِّ. ولا تحدث لي عزَّاً ظاهراً إلا أحدثتَ لي ذلَّةً باطنة بقدر ذلك.ووفِّقني لطاعة من سدَّدني ومتابعة من أرشدني.
وقالفي حقِّ الأم: فحقُّ أمِّك أن تعلم أنها حملتك حيث لا يحمل أحدٌ أحدا، وأطعمتك من ثمرة قلبها ما لايطعم أحدٌ أحدا، ووقتك بسمعها وبصرها ويدها ورجلها وشعرها وجميع جوارحها فرِحةً مستبشرة محتملةً لما فيه مكروهها وألمها وثقلها وغمُّها حتى دفعتك عنها يد القدرة وأخرجتك إلى الأرض، فرضيت أن تُشبعك وتجوع هي، وتكسوك وتعرى، وترويك وتظمى وتلذذك بالنوم بأرَقَهِا فإنَّك لا تُطيق شكرها ولا تقدر عليه إلا بعون الله وتوفيقه.
وهو صاحب القصة أن جارية كانت تسكب الماء لوضوئه فسقط منها الإبريق على وجهه فشجَّه حتى سال دمه، فرفع رأسه ونظر إليها قالت: إن الله يقول {والكاظمين الغيظ.} قال: كظمت غيظي.فقالت: {والعافين عن الناس} قال عفا الله عنك قالت{ والله يحب المحسنين} قال: أنت حرة لوجه الله.