شرح شراب الوصل
شرح
كن راحما فالخير للرحماء
شرح
كن راحما فالخير للرحماء
- عبارات واشارات سيدى فخر الدين الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى فى شراب الوصل
- الذكر عين الحماية و الذاكرون الله هم أحياء على الحقيقة
- ضمان محبة الله تعالى للعبد هى تمام محبة رسوله
- شرح ديوان شراب الوصل شرح الْقَصِيدَة الْخَامِسَة والتِّسْعُون : ( كَيْفَ التَّجَلِّي وَالْهُوِيَّةُ بَلْقَعٌ )
عبد الحميد بابكر 22 مارس 2016
خواطر في " كُنْ رَاحِماً فَالْخَيْرُ للِرُّحَمَاءِ "
و لدراسته هناك محوران هامان, للبحث:
المحور الأول:
مكانة البيت من القصيدة و فهمه في سياق القصيدة
المحور الثاني:
مدلولات أو رمزية الشعار في سياق احتفالات الذكري السنوية للعام 2016
تنقيباً عن مغزي اختياره كشعار للعام, أي: العام الذي يبدأ من ليلة ختام الحولية في 7 أبريل 2016
المحور الأول:
مكانة البيت من القصيدة و فهمه في سياق القصيدة: شعار الحولية لهذا العام (كُنْ رَاحِماً فَالْخَيْرُ للِرُّحَمَاءِ) و هو الشطر الثاني من البيت رقم 30 من القصيدة رقم 6 من ديوان شراب الوصل, و عدد أبياتها 34
و القصيدة تبدأ بالبيت:
كَمْ لِي عَلَى أَهْلِ الْحَقِيقَةِ مِنْ يَدٍ *** غَرِقُوا إِلَى الأَذْقَانِ فِي آلاَئِي
و القصيدة من قصائد الإرشاد, نزلت بعد تضرع من بعض أهل الطريق للشيخ ليحدثهم في تربية المريد و جهاد النفس. ابتدأت القصيدة بأصول مراتب الجهاد التي تهيئ المريد للسير إلي الله, أي الارتقاء لمرتبة الإحسان و هي أول مراتب الولاية.
و البيت الذي نحن بصدده يأتي بعد الأبيات:
يَا سَائِلاً عَنِّي سِوَايَ أَلاَ تَرَى *** فِيمَا أَتَيْتَ إِسَاءةَ الإِيتَاءِ
يَا طَالِباً عِلْمَ الْحَقِيقَةِ مِنْ لَدُنْ *** مَا حَبَّرَ الْقَصَّاصُ للِرَّوَّاءِ
يَا مِنْ طَرَقْتَ الْعَقْلَ بَاباً دَاخِلاً *** مَا الْعَقْلُ إِلاَّ خَرْدَلٌ بِفِنَائِي
ثم قال رضي الله عنه:
رِفْقاً بِعَقْلِكَ ذَاكَ مَا حُمِلْتَهُ *** كُنْ رَاحِماً فَالْخَيْرُ للِرُّحَمَاءِ
و هنا إشارة لعدم إمكانية معرفة حقيقة الشيخ مما يكتب و نحن نتجه للحديث عنه في ذكراه هو و خليفته, حيث قال في قبيل الذكري السنوية الرابعة بأيام, في قوله المتجدد دوماً:
مَا يَقُولُ النَّاسُ عَنِّي يَا مُرِيدِي *** أَيُّ عِلْمٍ يَدَّعِيهِ مُدَّعِيهِ
و ذلك أنّ أمرهم كله عجب و خوارق عادات, قال رضي الله عنه:
فَكَمْ لِرَبيِبِ الْكَافِ وَالنُّونِ مِنْ يَدٍ *** خَوَارِقُ عَادَاتٍ وَمَا كَلَّ سَاعِدِي
العقل في كل أحواله يفيد الحبس, و عَقَلْت البعير بالعِقال أَعْقِله عَقْلاً، وهو حَبْلٌ تُثْنى به يد البعير إِلى ركبته فتُشَدُّ به.
رِفْقاً: لا تحمله فوق طاقته. الحقيقة لا يحتملها العقل, مثل ما جاء في القرآن الكريم عن: ولادة سيدنا عيسي بدون أب و هي بكر – قصة سيدنا الخضر مع سيدنا موسي عليه السلام – نقل عرش بلقيس من سبأ للقدس – خلق سيدنا آدم من غير أب و أم – خلق حواء من أب من غير أم – قصة الإسراء و المعراج, فأمر الطريقة أي أمر سيدي فخر الدين و خلفائه رضي الله عنهم كله يقوم علي خوارق العادات, حتي غذا المعتاد منهم هو خوارق العادة,
قال رضي الله عنه:
خِلاَفَةُ قَبْلِ الْبَعْثِ تَاللَّهِ إِنَّهَا *** تَقُومُ عَلَى إِتْيَانِ خَرْقِ الْعَوَائِدِ
و لذلك نبه في البيت الثلاثين من القصيدة السادسة و الذي منه شعار حولية هذا العام, لأن يكون المريد راحماً لعقله, فلا يقحمه في ما لا يتحمل, و الرحمة أن ترفع الأذي و الثقل همن لا يتحمل, و أول ذلكم عقلك, فقال رضي الله عنه:
رِفْقاً بِعَقْلِكَ ذَاكَ مَا حُمِلْتَهُ *** كُنْ رَاحِماً فَالْخَيْرُ للِرُّحَمَاءِ
و حين ترحم عقلك, تستطيع أن تتحمل كل ما يحدث من فعل, و لا تتعجل. و حين ترحم عقلك, تستطيع أن تنداح بالرحمة علي ما حولك, فنسع أفعالهم و إن بدت غريبة لك, ذلك أن الرحمة في معناها الشفقة و الرأفة و العطف, يقول سيدي فخر الدين رضي الله عنه, مخاطباً جده أبا الزهراء صلي الله عليه و سلم:
تَعَطَّفْ يَا رَحِيمً وَقَوْمِي *** بِأَمِّ السَّيّدَاتِ الطَّاهِرَاتِ
و الرحمة ملازمة لمرتبة الإيمان, فقد أوضخ تعالي في قوله في سورة المؤمنون: (وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ) الآية 118, و قوله تعالي: (نَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ) الآية 109. و قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ( إنه من لا يَرحم، لا يُرحم) و في قوله رضي الله عنه: يَا مِنْ طَرَقْتَ الْعَقْلَ, فإنّ الطَّرْقُ هو الضرب علي الباب للطالب الدخول, و الطَّرْقُ بالحصى وهو ضرب من التَّكَهُّنِ, فما لك أيها المريد غير امتثال قوله رضي الله عنه:
أَسْلمْ قِيَادَكَ فِي رِحَابٍ آمِنٍ *** وَخُذِ التَّرَاحُمَ قَبْلَ بَثِّ الشِّكَايَةِ
كُنْ رَاحِماً فَالْخَيْرُ للِرُّحَمَاءِ:
كُنْ (يا ابن الطريقة) رَاحِماً (لعقلك أولاً) فَالْخَيْرُ: بسبب رحمتك لعقلك, يأتي الخير, و الخير هو كل ما يأتي من النعيم و السعادة و الرضا, للِرُّحَمَاءِ الذيت يتسمون بصفة الرحمة
المحور الثاني:
مدلولات أو رمزية الشعار في سياق احتفالات الذكري السنوية للعام 2016: لما كان الأمر كله يقوم علي خوارق العادات, كان الأمر للمريد بقوله رضي الله عنه (كُن), أي الزم الفعل و هو تقييد عقلك من قياس ما يحدث في أمر الطريقة, رحمةً بعقلك.
و الطريقة تتنقل في مرحلة الفتح المبين, أي: الرسوخ و التمكين, تتنقل و تتسع لتعم الأرض بنورها تحقيقاً لقول سيدي أبي العينين رضي الله عنه: و لاَ تَنْتَهِي الدُّنْيَا وَ لاَ أَيَّامُهَا *** حَتَي تَعُمُّ المَشْرِقَيْنِ طَرِيقَتِي و هو الذي قد قيل عنه:
شَهِدْنَا لَهُ بَعْدُ المَمَاتِ عَجَائِبَاً *** تَدُلُّ عَليْهِ مَنْ كَانَ للفَتْحِ يَجْحَدُ
و في هذا القول: (كُنْ رَاحِماً فَالْخَيْرُ للِرُّحَمَاءِ)
بشارةٌ بما هو قادمٌ لأهل الطريقة من الفتح, و تهيئة, لأن نحبس العقل في مكانه و لا نكلفه ما يطيق, بل أطلق الروح, فهي التي تستوعب العجائب و الغرائب, قال رضي الله عنه في القصيدة السابعة و الثلاثين:
وَإِنْ أَرَدْتُمْ نَوَالَ الْقَصْدِ مِنْ مِنَحِي *** فَأَعْقِلُوا الْعَقْلَ إِنَّ الرُّوحَ تَأْتِينِي
فَأَطْلِقُوهَا بِلاَ قَيْدٍ وَلاَ حَجْرٍ *** وَلاَ تَبُثُّوا خَبِيثاً لاَ يُوَفّينِي
اللهم أشهدنا أيّام سيدي فخر الدين رضي الله عنه و خليفته سيدي الشيخ إبراهيم, و ألزمنا طاعة شيخنا الشيخ محمد الشيخ إبراهيم الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني رضي الله عنه, و انزل علينا من لدنك رحمتك الرحيمية الامتنانية الصرفة التي خصصت بها أوليائك و أهل طاعتك. و صلي الله علي سيدنا محمد و علي آله و صحبه و سلم و "كلُّ عَامٍ و أنتم بخيرٍ" عبد الحميد بابكر
ابراهيم جعفر 22 مارس 2016
فى معنى شعار الحولية 2016
" فالحمد لله الذي ملاء قلوب عباده الصالحين واوليائه المتقين رحمة على الخلائق أجمعين وشفقة عليهم ولينا لهم وتراحما بينهم فسقاهم من شراب الكمل العذب الصفي وخصهم في كتابه العزيز بأنهم في معية من هو رحمة والامهات به أقتدت صلى الله عليه وآله وسلم أجمعين فقال تعالى " محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم " ومن مشرب هولاء الرحماء ومن سار على منوالهم وسلك طريقهم ننهل معاني شعار الحولية :-
روى عن سيدنا أبى سعيد الخدرى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الله يقول: اطلبوا الفضل من الرحماء من عبادي تعيشوا في أكنافهم فإن فيهم رحمتى، ولا تطلبوها من القاسية قلوبهم فإن فيهم سخطى . رواه الحاكم و الطبراني في الاوسط
وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ألا أنبئكم بأهل الجنة قلنا : بلى يا رسول الله قال : هم الرحماء بينهم قال : ألا أنبئكم بأهل النار قلنا : بلى قال : هم الآيسون القانطون الكذابون المتكلفون . رواه ابن عدي وذات يوم بكى النبي صلى الله عليه وسلم
فسئل عن بكائه فقال: " هذه رحمة وإنما يرحم الله من عباده الرحماء " (رواه البخاري). روى أبو داود أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :” لا تنزع الرحمة إلا من شقى " .
وروى أبو داود والترمذي مرفوعا : " الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء " . وقيل في المعنى: الراحمون لمن في الأرض يرحمهم ... من في السماء فباعد عنك وسواسا وقل أعوذ برب الناس منه إذا ...
لا يرحم الله من لا يرحم الناسا وروى الإمام أحمد والترمذي وابن حبان قال صلى الله عليه وسلم " ليس منا من لم يوقر الكبير ويرحم الصغير ويأمر بالمعروف وينه عن المنكر " . وقيل :- الراحمون لقد أتى يرحمهم ...
رب العلا الرحمن نصا محكما يا أيها الناس ارحموا من قد غدا ... في الأرض يرحمكم غدا من في السما وروى الطبراني مرفوعا : " إن هذا الأمر في قريش ما إذا استرحموا رحموا وإذا حكموا عدلوا " .
وروى الطبراني مرفوعا: " طوبى لمن تواضع في غير منقصة وذل في نفسه من غير مسألة وأنفق مالا جمعه في غير معصية ورحم أهل الذل والمسكنة " . وروى الطبراني ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من زار أخاه المؤمن خاض في الرحمة حتى يرجع ومن عاد أخاه المؤمن خاض في رياض الجنة حتى يرجع " .
وفي رواية لابن ماجه : " إذا عاد المسلم أخاه مشي في خرافة الجنة حتى يجلس فإذا جلس غمرته الرحمة " . وقال سيدنا تميم الداري رضي الله عنه جاء بعير حتى وقف على النبي صلى الله عليه وسلم قال له اسكت فإن تك صادقا فعليك صدقك وإن تك كاذبا فعليك كذبك مع أن الله تعالى قد آمن عائذنا قلنا يا نبي الله ما يقول قال هم أهله بذبحه فهرب منهم فبينما نحن كذلك إذ أقبل صاحبه أو قال أصحابه فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما هذا آخر المملوك الصالح من مولاه قالوا فإنا لا نبيعه ولا ننحره فقال كذبتم قد استغاث بكم فلم تغيثوه وأنا أولى بالرحمة منكم فاشتراه بمائة درهم وقال انطلق أيها البعير فأنت حر لوجه الله تعالى فرغا الجمل فقال النبي صلى الله عليه وسلم آمين ثم رغا فقال آمين ثم رغا فبكى النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا ما قال يا نبي الله قال جزاك الله أيها النبي صلى الله عليه وسلم خيرا عن الإسلام والقرآن فقلت آمين ثم قال حقن الله دماء أمتك كما حقنت دمي فقلت آمين ثم قال لا جعل الله بأس أمتك بينها فبكيت فإن هذه الخصال سألت ربي فأعطانيها ومنعني هذه وأخبرني جبريل بالسيف جرى القلم فما هو كائن إلى يوم القيامة ويروي أن سيدنا أبو بكر الصديق رضوان الله تعالى عليه لما ولي الخلافة
قالت جويرية من الحي : إذن لا يحلب لنا منائحنا ( تقصد انه كان يحلب لهم الشاة قبل الخلافة ولن يحلبها بعد الخلافة ) فسمعها فقال : يا بنية إني لأرجو أن لا يمنعني ما دخلت فيه عن خلق كنت عليه فكان يحلب للقوم شياههم . وروي أن سيدنا عمر الفاروق رضي الله عنه حمل حال خلافته قربة إلى بيت امرأة أرملة أنصارية ومر بها في المجامع من الناس ( والمقصد رحمته رضي الله عنه بالارامل وخدمتهم وحمل امتعتهم دونما النظر الى الناس او ما يقولونه عنه والخليفة وأهدي للامام الجنيد رضي الله عنه طائر فقبله مرة ثم أرسله فقيل له في ذلك فقال أنه قال يا جنيد تتلذذ بمناجاة الأحباب وتسد في وجوههم الباب فلما لرسله قال إن الطيور ما دامت ذاكرة لا تقع في شدة فإذا أغفلت عن ذكر الله وقعت وأنا غفلت عن ذكر الله مرة فعذبني بالسجن فكيف بمن يغفل عن ذكر الله كثيراً يا جنيد خذ علي العهد أن لا أعود أبداً ثم صار يتردد إلى زيارة الامام الجنيد رضي الله عنه ويأكل من المائدة معه فلما مات الامام الجنيد رمى نفسه على الأرض فمات فدفنوه فرأى الجنيد بعض أصحابه في النوم فسأله عن حاله فقال رحمني برحمتي للطائر .
ويروى أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر بكتابة عهد لرجل قد ولاه فبينما الكاتب يكتب جاء صبي فجلس في حجر عمر فلاطفه بالكلام فقال الرجل يا أمير المؤمنين لي عشرة أولاد مثله ما دنا مني أحد منهم قال عمر للكاتب مزق الكتاب فإن من لا يرحم أولاده فكيف يرحم الرعية وروي عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي االله عنه أنه رأى صبيا يلعب بعصفور فاشتراه منه وأعتقه فلما مات رآه بعض أصحابه في المنام فسأله عن حاله فقال لما وضعت في قبري حصل لي من الملكين خوف فسمعت قائلا يقول لا تخوفوا عبدي فإنه رحم عصفورا في الدنيا فرحمته في الآخرة. وقيل لسيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه هل يرحم الله العصاة فدعا بإناءين أحدهما حسن والآخر قبيح فنزل المطر فملأهما جميعا قال كذلك رحمة الله تعالى تعم الطائع والعاصي .
وروي انه أصاب الجرب والجذام كلبا في بلد سيدي أحمد بن الرفاعي رضي الله عنه حتى قذره الناس وأخرجوه إلى الصحراء فبلغ ذلك سيدي أحمد فخرج إليه وضرب عليه مظلة وصار يدهنه ويطعمه ويسقيه ويغسل يديه سبعا إحداها بالتراب صباحا ومساء مدة أربعين يوما حتى عافى الله تعالى ذلك الكلب فسخن له ماء وغسله ودخل به البلد فأبكى الناس من شدة ما فعل من رحمته بذلك الكلب أخرج البزار عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن لله سيارة من الملائكة يطلبون حلق الذكر فإذا أتوا عليهم حفوا بهم فيقول الله تعالى غشوهم برحمتي فهم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم.
أخرج الإمام أحمد في الزهد عن ثابت قال كان سلمان في عصابة يذكرون الله فمر النبي صلى الله عليه وسلم فكفوا فقال ما كنتم تقولون قلنا نذكر الله قال إني رأيت الرحمة تنزل عليكم فأحببت أن أشارككم فيها ثم قال الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرت أن أصبر نفسي معهم. وعن الامام الجنيد رضي الله عنه أنه قال: تنزل الرحمة على الفقراء في ثلاثة مواطن: عند السماع؛ فإنهم لا يسمعون إلا عن حق، ولا يقولون إلا عن وجد، وعند أكل الطعام؛ فأنهم لا يأكلون إلا عن فاقة
وعند مجاراة العلم: فإنهم لا يذكرون إلا صفات الأولياء. وقال الامام القرطبي - أوحى الله تعالى إلى سيدنا موسى عليه السلام أتدري بما اتخذتك كليما قال لا قال أتذكر يوم كذا وأنت ترعى غنما فهربت منك شاة فتبعتها من واد إلى واد حتى أدركتها ولم تغضب عليها قال نعم قال فبذلك اتخذتك كليما .
وحقا ما قاله سيدي فخرالدين رضي الله عنه:
رِفْقاً بِعَقْلِكَ ذَاكَ مَا حُمِّلْتَهُ *** كُنْ رَاحِماً فَالْخَيْرُ لِلرُّحَمَاءِ ابراهيم جعفر
مسعود التلال 22 مارس 2016خواطر في معني كن راحما
يقول سيدنا الامام فخر الدين الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني رضي الله عنه " كل يرى قولي علي مرآته " يجب علي الأحباب التدارس وكل معلومة يقولها الاخ الحبيب مطلوبة لانها تكمل المعلومة الاخري من الاخ التاني وهكذا ولكن يجب ان لا يكون هناك احتكار لرأي واحد فقط وبعد ...
لو نظرنا وحققنا ودققنا جيدا لوجدنا ان عنوان " كُنْ رَاحِماً فَالْخَيْرُ لِلرُّحَمَاءِ " الشطر الذي قبله يقول: رِفْقاً بِعَقْلِكَ ذَاكَ مَا حُمِّلْتَهُ وها هي الدعوة الي الله فلا يجوز ان تعرض علوم علي اناس هم ليس اهل لها واذا حققنا ودققنا ايضا لوجدنا ان القصيدة اسمها القصيدة الهمزية وبدات "
كَمْ لِي عَلَى أَهْلِ الْحَقِيقَةِ مِنْ يَدٍ
وفيها
لَوْلاَ رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ تَوَسَّلُوا *** وَكَذَا النِّسَاءُ الْمُؤْمِنَاتُ اللاَّئِي
لَوْلاَهُمُ وَكَذَاكَ لَوْلاَهُنَّ مَا *** جَادَ الْبَيَانُ بِهَذِهِ الْعَصْمَاءِ
وفيها اشار الي قتل النفوس وفيها علم الحقيقة فكان العنوان هو القصيدة
رحمته بالأهل و الزوجة :
أما رحمته بالأهل فشيء عجيب أيها الأخوة، لقد ربط صلى الله عليه و سلم الخيرية المطلقة برحمة المرء أهله و إحسانه إليهم، فقال عليه الصلاة و السلام: (( خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِه)) [ الترمذي عَنْ عَائِشَةَ]
خيركم: الخيرية المطلقة، أوضح علامة للمؤمن أنه رحيم بأهله، رحيم بزوجته، بأولاده، يعطيهم من رحمته الشيء الكثير، يحرص على سلامتهم، و على سعادتهم،
و على إيمانهم : (( خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِه)) [ الترمذي عَنْ عَائِشَةَ] و قال عليه الصلاة و السلام: (( عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ شَهِدَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَذَكَّرَ وَوَعَظَ فَذَكَرَ فِي الْحَدِيثِ قِصَّةً فَقَالَ: أَلَا وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا)) [ الترمذي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ] و قال عليه الصلاة و السلام: " استوصوا بالمرأة و الضعيف خيراً" و في حديث آخر: (( اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ الْيَتِيمِ وَالْمَرْأَةِ )) [ ابن ماجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ] أحرج أي أُضيق. و في حديث آخر أيضاً يقول عليه الصلاة و السلام: (( خيركم خيركم للنساء)) [ صحيح عن ابن عباس]
و: (( أكرموا النساء فوالله ما أكرمهن إلا كريم، ولا أهانهن إلا لئيم، يغلبن كل كريم، ويغلبهن لئيم.....)) [ ابن عساكر عن علي] لهذا الحديث روايات متعددة، إحدى رواياته: ((.... وأنا أحب أن أكون كريماً مغلوباً، من أن أكون لئيماً غالباً )) تتجلى رحمة النبي عليه الصلاة و السلام بالأزواج من خلال هذه القصة القصيرة: ((عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ أَتَيْنَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحِيمًا رَفِيقًا فَلَمَّا ظَنَّ أَنَّا قَدْ اشْتَهَيْنَا أَهْلَنَا أَوْ قَدْ اشْتَقْنَا سَأَلَنَا عَمَّنْ تَرَكْنَا بَعْدَنَا فَأَخْبَرْنَاهُ )) [منفق عليه عَنْ أَبِي قِلَابَةَ] شببة: شباب، بلاد إسلامية لا تقبل موظفاً معاراً من دولة إسلامية إلا من دون زوجة، هؤلاء كانوا عند النبي و أقاموا عنده عشرين ليلة و علم أن لهم زوجات
فقال عليه الصلاة و السلام: ((ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ فَأَقِيمُوا فِيهِمْ وَعَلِّمُوهُمْ وَمُرُوهُمْ وَذَكَرَ أَشْيَاءَ أَحْفَظُهَا أَوْ لَا أَحْفَظُهَا وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ)) [منفق عليه عَنْ أَبِي قِلَابَةَ] رحم الزوجات حينما غاب عنهن أزواجهن عشرين يوماً، سيدنا عمر حينما تسلم منصب الخلافة قال: " أيها الناس أربعة أشياء خذوني بهن، لكم عليّ ألا آخذ من أموالكم شيئاً إلا بحقه، و ألا أنفقه إلا بحقه، و لكم عليّ ألا أجمركم في البعوث- أي السفر يجب أن يكون محدوداً رعاية لحق الزوجة - و لكم عليّ أن أزيد عطاياكم إن شاء الله تعالى، و إذا غبتم في البعوث فأنا أبو العيال حتى ترجعوا".
أيها الأخوة الكرام :رحمته بالأهل هكذا فكيف رحمته بالزوجات؟ صحابي جليل هو عثمان بن مظعون دخلت زوجته على السيدة عائشة تشكو بثها و حزنها فعثمان زوجها مشغول عنها بالعبادة؛ يقوم الليل و يصوم النهار، فلقي النبي صلى الله عليه و سلم عثمان بن مظعون فقال له: يا عثمان أما لك بي أسوة ؟ قال: بأبي أنت و أمي يا رسول الله؛ قال عليه الصلاة و السلام تصوم النهار و تقوم الليل؟ قال: نعم إني أفعل هذا، فقال عليه الصلاة و السلام: لا تفعل، إن لجسدك عليك حقاً، و إن لأهلك عليك حقاً، فأعط كل ذي حق حقه، و امتثل عثمان نصيحة رسول الله صلى الله عليه و سلم، و التزم أمره، و قرر أن يؤدي حق أهله، و في صبيحة اليوم التالي ذهبت زوجة عثمان إلى بيت النبي صلى الله عليه و سلم عطرة نضرة كأنها عروس و اجتمع حولها النسوة و أخذن يتعجبن من فرط ما طرأ عليها من بهاء و زينة قلن لها: ما هذا يا زوج ابن مظعون؟ قالت و هي تضحك: أصابنا ما أصاب الناس
رحم النفس و رحم الأبوين و رحم الأهل و رحم الزوجات، بل إن النبي عليه الصلاة و السلام وعد المرأة التي تحسن تبعل زوجها بأن لها درجة عند الله تعدل درجة المجاهد في سبيل الله، و الجهاد كما تعلمون ذروة سنام الإسلام، فعن أسماء بنت يزيد الأنصارية أنها قالت: يا رسول الله أنا وافدة النساء إليك، إن الرجال فضلوا علينا بالجمع و الجماعات و عيادة المرضى و شهود الجنائز و الحج و العمرة و الرباط، فقال لها عليه الصلاة و السلام: انصرفي أيتها المرأة و أعلمي من ورائك من النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها و طلبها لمرضاته و اتباعها و موافقتها له تعدل ذلك كله الفقير الي الله
- شرح ديوان شراب الوصل شرح الْقَصِيدَة الرّابِعَة والتِّسْعُون : ( لِلَّهِ قَوْمٌ خُوطِبُوا فِي قَوْلِهِ )
- شرح ديوان شراب الوصل شرح الْقَصِيدَة الثّالِثَة والتِّسْعُون : ( عُلُومُ الذَّاتِ دُونَ السِّتْرِ وَهْمٌ )
- شرح ديوان شراب الوصل شرح الْقَصِيدَة الثّانِيَة والتِّسْعُون : ( عَنِ الْحُضَيْرَاتِ فِي التَّمْثَالِ تَسْألُنِي )
- شرح ديوان شراب الوصل شرح الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والتِّسْعُون : ( بِأَحْمَدَ حَيْثُ الأَحْمَدِيَّةُ يَهْتَدِي )
تعليقات: 0
إرسال تعليق