-->
إغلاق القائمة
إغلاق القائمة
404
نعتذر فقد تم نقل الموضوع ; الرجاء زيارة الارشيف! الأرشيف

الأربعاء، 30 أغسطس 2017

من الأولى التخلى عن الخصومة والتحلى بالإحسان

من الأولى التخلى عن الخصومة والتحلى بالإحسان
=

برهانيات كوم 

جزء الخطاب الذى وجهه مولانا الإمام الشيخ محمد إبراهيم محمد عثمان شيخ الطريقة البرهانية الى الأمة الإسلامية مساء الأربعاء السادس من شهر أبريل عام 2005 

\=\=\=\=\-=\-=\=\=\=-\=\=\

الحمد لله الذى أعطانا فأرضانا وطهر مبتدانا، واصطفى على العالمين آل عمران وآل إبراهيم ومن آل إبراهيم اصطفانا، وصفانا من الأغيار بعد إذ هدانا، وأحفظنا كتابه بعد أن اجتبانا، وألبسنا ثوب سنة حبيبه بعد أن جعلت رجانا ومرتجانا، وصلاةً وسلامًا دائمين متلازمين على المصطفى ممن قد اصطفى منها مصابيح الدجى تشرق إذا ما الصبح اندحى والليل انمحى. يقول الحق تبارك وتعالى فى محكم تنزيله من سورة النحل، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ¤ وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ¤ واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك فى ضيق مما يمكرون ¤ إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون) النحل 125 : 128.


من هذه الآيات البينات يتضح السبيل والكيفية فى الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى التى لا تتأتى إلا بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتى هى أحسن وفى هذا كله إغلاق الباب أمام الخصومة التى هى ألد أعداء الدعوة إلى سبيل الله جل وعلا وما رأينا شيئاً أذهبَ للدين ولا أقصَ للمروءة ولا أضيعَ للذة ولا أشغلَ للقلب من الخصومة، فإن قلتَ: لابُدَّ للإِنسان من الخصومة لاستبقاء حقوقه، فالجوابُ ما أجابَ به الإِمامُ الغزالى أن الذمَّ المتأكّدَ إنما هو لمن خاصمَ بالباطل أو غير علمٍ، ويدخلُ فى الذمّ أيضاً مَن يطلبُ حَقَّه لكنه لا يقتصرُ على قدرِ الحاجة، بل يظهرُ اللددَ والكذبَ للإِيذاء والتسليط على خصمه، وكذلك من خَلَطَ بالخصومة كلماتٍ تُؤذى، وليس له إليها حاجة فى تحصيل حقه، وكذلك مَن يحملْه على الخصومة محضُ العِناد لقهر الخصم وكسره، فهذا هو المذموم، وأما المظلومُ الذى ينصرُ حُجَّتَه بطريق الشرع من غير لَدَدٍ وإسرافٍ وزيادةِ لجاجٍ على الحاجة من غير قصدِ عنادٍ ولا إيذاء، ففعلُه هذا ليس حراماً، ولكن الأولى تركُه ما وجد إليه سبيلاً، لأنَّ ضبطَ اللسان فى الخصومة على حدِّ الاعتدال متعذّر فما بالك بضبط اليد، والخصومةُ تُوغرُ الصدورَ وتهيجُ الغضبَ، وإذا هاجَ الغضبُ حصلَ الحقدُ بينهما حتى يفرح كل واحد بمساءةِ الآخر، ويحزنُ بمسرّته ويُطلق اللسانَ فى عرضه، فمن خاصمَ فقد تعرّضَ لهذه الآفات، وأقلُّ ما فيه اشتغالُ القلب حتى أنه يكون فى صلاته وخاطره معلقٌ بالمحاجّة والخصومة فلا يَبقى حالُه على الاستقامة؛ والخصومةُ مبدأ الشرّ، وكذا الجِدال والمِراء، فينبغى أن لا يفتحَ عليه بابَ الخصومة إلا لضرورة فى الدين لابُدَّ منها، وعند ذلك يَحفظُ لسانَه وقلبَه عن آفات الخصومة، وكذلك فإن الخصومة تفتح باب النفاق لأن التتابع للأفعال وردودها قد يؤدى إلى الفجور والمغالاة فى معاملة الخصم وقد ورد عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضى اللّه عنهما؛ أن النبى قال: (أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كانَ مُنافِقاً خالِصاً، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ نِفاقٍ حتَّى يَدَعَها: إِذَا ائتُمِن خانَ، وَإذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خاصَمَ فَجَرَ).


ومن الأولى التخلى عن الخصومة والتحلى بالإحسان فى الآية الكريمة وكذلك قول الحبيب أنه قال: (أمرنى ربى بتسع .. الإخلاص فى السر والعلانية والعدل فى الرضا والغضب والقصد فى الغنى والفقر وأن أعفو عمن ظلمنى وأصل من قطعنى وأعطى من حرمنى وأن يكون نطقى ذكرا وصمتى فكرا ونظرى عبرة).


وكذلك من حديث علقمة بن وائل عن أبيه قال: كنا قعودا عند النبى فجاء رجل فى عنقه نسعة فقال يا رسول الله إن هذا وأخى كانا فى جب يحفرانه فوقع المنقار فضرب به رأس صاحبه فقتله فقال له النبى : (اعف عنه)، فأبى، ثم قام فذكر مثل الكلام فقال له النبى : (اعف عنه)، فأبى، فقال له النبى : (اذهب به فإن قتلته كنت مثله) فخرج به حتى جاوز فناديناه ألا تسمع ما يقول رسول الله فرجع فقال رسول الله : (إن قتلته كنت مثله) قال: نعم أعفو عنه فخرج يجر نسعته حتى خفى علينا .


ولنا العبرة والعظة من باب مدينة العلم قالَ فى ابن مُلْجِمٍ بَعْدَ مَا ضَرَبَهُ: أطعموه واسْقُوه وأحْسِنُوا أسَارِه فَإِنْ عِشْتُ فأنَا وَلِى دَمِى أعْفو إنْ شِئْتُ وإنْ شِئْتُ استقدمت وإنْ مت فقتلتُمُوهُ فَلاَ تُمَتِّلُوا به، ما أروع العفو فى ألد الخصومة، وفى معناه ما رواه العسكرى عن الأصمعى قال: أتى أعرابى قوما فقال لهم هل لكم فى الحق أو فيما هو خير منه؟ قالوا وما خير من الحق؟ قال التفضل والتغافل أفضل من أخذ الحق كله، وقال الأصمعى تقول العرب خذ حقك فى عفاف وافيا أو غير واف.


قال وأنشدنى عمى بأثر هذا:


وقومى إن جهلت فسائليهم ----كفى قومى بصاحبهم خبيرا

هل أعفو عن أصول الحق فيهم ---- إذا عثرت وأقتطع الصدورا


وقد قال سيدى فخر الدين مرشدا ومبينا ما هو أروع فى الخصومة من نسيانها كأن لم تكن لأن تذكرها لا يسر ونسيانها لا يضر والكلمة الطيبة أقوى من السيوف والرماح:


ما سر لو بات المحب مغاضبا----وعليه جفوة قاطعى أرحامى

ما ضر لو بات المحب وقد عفى----إن التظالم بؤرة الإظلام




مشاركة المقال
mohamed fares
@كاتب المقاله
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع برهانيات كوم .

مقالات متعلقة

إرسال تعليق



Seoplus جميع الحقوق محفوظة ل برهانيات كوم