برهانيات كوم
حدث أن نزل ضيفا بالإمام أحمد بن حنبل رضى الله عنه فى ليلة من الليالى فآواه وأكرمه ثم سأله عن سبب زيارته فقال له إنى طالب علم ، ثم دخل هذا الضيف ونام حتى مطلع الشمس فأيقظه الإمام فنام ثانية فأيقظه ثانية فنام للمرة الثالثة حتى استوت الشمس فى الأفق ، فأيقظه الإمام قائلا كيف تطلب العلم وليس عندك عمل ثم طرده الإمام .والساده الصوفية شيمتهم الخفاء ، إن الله سبحانه وتعالى يحب من عباده الأتقياء الأخفياء الذين إذا حضروا لم يعرفوا وإذا غابوا لم يفتقدوا ، ولذلك إذا نطقوا بالعلم تكلموا بالقدر الذى لا يشير بأنهم علماء .وكذلك فالوقت عندهم أغلى شىء لأنه : من جهل حاله جهل وقته . ومن جهل وقته جهل نفسه . ومن جهل نفسه فقد جهل ربه .ويقول صلى الله عليه وسلم ( من عرف نفسه فقد عرف ربه ) .وقد روى عن الاصمعى أنه مر بصبيان يلعبون فوجد بينهم صبيا لا يتجاوز من العمر ست سنين يبكى فظن أن هذا الطفل الباكى من أيتام المدينة فأراد إسكاته فسأله لماذا لا تلعب يابنى ؟ فسكت الصبى وكرر عليه السؤال ثلاث مرات فقال الصبى : ياعماه ما خلقنا للعب . فبكى كثيرا الاصمعى ثم قال للصبى أنت صغير وما عليك حساب . فقال له الصبى : لقد رايت أمى توقد الحطب الصغير وتضع عليه الحطب الكبير. فبكى الاصمعى بكاءا شديدا وقال له يابنى ألا تريد أن تعمل شيئا فى عمرك ؟فقال الصبى : لقد عرفت أن الساعة من عمرى أغلى من الدنيا وما عليها فاردت أن أصرف عمرى فى الشىء الذى هو أغلى من الدنيا وما فيه. فعرف الاصمعى من شواهد كلام هذا الصبي أنه غير عادى فسأله ليتعرف عليه وقال له ما إسمك؟ فقال الصبى: أنا على بن الإمام الحسين فهو سيدى على زين العابدين رضى الله عنهم أجمعين زين العباد زين السجاد جد الأشراف.حقا إن الله يعلم حيث يجعل رسالته .ولنرجع إلى ما كنا بصدده وهو أن للدين مراتب ثلاث هى : (الإسلام والإيمان والإحسان) وتلك تسميتها فى المصطلح العام وردت بذلك أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أما تسميتها فى المصطلح المصحفى فهى مراتب علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين . قال تعالى {كلا لو تعلمون علم اليقين لترّون الجحيم * ثم لترونها عين اليقين} .وقوله تعالى {إن هذا لهو حق اليقين }. وهى العلوم الثلاثة التى ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المولى عز وجل قد علمه إياها عند عروجه صلى الله عليه وسلم فى ليلة الإسراء والمعراج فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم إنه قال:( أوتيت ليلة أسرى بى ثلاثة علوم ، فعلم أمرت بتبليغه ، وعلم خُيرت فيه وعلم أمرت بكتمانه ) - الحديث أورده سيدى عبد الكريم الجيلى فى كتاب الإنسان الكامل .وسنده في التفسير الكبير للثعلبي
تعليقات: 0
إرسال تعليق