يتسائل البعض هل التبرك بالنبى وأهل بيته والأنبياء والصحابة والصالحين جائز شرعا أم لا؟ فإذا نظرنا إلى كتاب الله وسنة رسوله سنجد فيه بغية الواصلين لموضوعنا هذا
وعن جواز التبرك بآثار الأنبياء يقول الحق سبحانه: ﴿وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة إن فى ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين﴾ قال الحافظ بن كثير فى التاريخ، قال ابن جرير عن هذا التابوت: وكانوا إذا قاتلوا أحدا من الأعداء يكون معهم تابوت الميثاق الذى كان فى قبة الزمان، فكانوا ينصرون ببركته وبما جعل الله فيه من السكينة والبقية مما ترك آل موسى وآل هارون.
والبقية التى تركها آل موسى وهارون هى: عصا وثياب ونعلا موسى وهارون ولوحين من التوراة. فانظر بما ينصرون على الأعداء. فافهم.
وقال الحافظ بن كثير فى كتاب البداية والنهاية:كانوا ينصرون على أعدائهم بسببه وكان فيه طست من ذهب كان يغسل فيه صدور الأنبياء.
وقال الشيخ القرطبى: التابوت كان من شأنه فيما ذكر أنه أنزله على آدم فكان عنده إلى أن وصل إلى يعقوب فكان فى بنى اسرائيل يغلبون به من قاتلهم حتى عصوا فغلبوا على التابوت، غلبهم عليه العمالقة وسلبوا التابوت منهم.
وقال تعالى فى سورة يوسف ﴿اذهبوا بقميصى هذا فألقوه على وجه أبى يأت بصيرا﴾: فما السر الذى كان فى القميص حتى أن سيدنا يوسف واثق تمام الثقة من الشفاء، هل كان دواء؟ أم سحرا؟ .. حاشى لله إنها آثار بركة سيدنا يوسف فى قميصه.
وقال تعالى فى سورة مريم على لسان سيدنا عيسى : ﴿وجعلنى مباركا أين ماكنت وأوصانى بالصلاة والزكاة مادمت حيا﴾ فإذا دققنا النظر فى هذه الآية نجد عندما تكلم عن البركة قال ﴿أين ما كنت﴾ بمعنى فى أى مكان حيا أو ميتا .. وعندما تكلم عن التكاليف الشرعية قال ﴿مادمت حيا﴾ لأن التكاليف الشرعية فى الحياة الدنيا فقط.
وعن نافع أن عبد الله بن عمر أخبرنا: أن الناس نزلوا مع رسول الله على الحجر - أرض ثمود - فاستقوا من آبارها وعجنوا به العجين، فأمرهم رسول الله أن يهريقوا ما استقوا ويعلفوا للإبل العجين وأمرهم أن يستقوا من البئر التى كانت تردها الناقة. الإمام مسلم فى كتاب الزهد وقاله النووى فى الجزء الثامن من الشرح.
فلماذا الأمر بالسقاية من البئر التى كانت تردها الناقة أليس هذا تبركا، وبمن؟ بآثار الناقة، وانظر حينما أمرهم أن يهريقوا مااستقوا من آبار أرض ثمود ويعلفوا للإبل العجين ثم يستقوا من البئر التى كانت تردها الناقة.
أى أنه يعلمنا بأن نتبرك حتى بالحيوانات التى تتبع الأنبياء وينهانا عن التبرك بمن كفر بالأنبياء مع أنهم آدميين.فافهم
وقد أورد عبد الله بن عمر فى حديث الاستسقاء بسيدنا العباس، فقال: أقبل الناس على العباس يتمسحون به ويقولون له هنيئا لك ياساقى الحرمين.
وقد قال : (وهل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم بدعائهم وصلاتهم وإخلاصهم) أى ببركة هؤلاء تنصرون وترزقون.
وقال : (لولا ما فى البيوت من النساء والذرارى لأمرت بالصلاة فتقام، ثم أنطلق معى رجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة معنا فأحرق عليهم بيوتهم) أى أن بركة النساء والذرارى حالت دون حرق بيوتهم حتى فى إقامة الفريضة، فانظر إلى مدى أهمية التبرك.
التبرك بمنبر رسول الله
قال القاضى عياض: رؤى ابن عمر واضعا يده على مقعد النبى من المنبر ثم وضعها على وجهه.
وجاء فى كتاب مفاهيم يجب أن تصحح برواية إبراهيم بن عبد الله بن عبد القارىء وعن أبى قسيط والعتبى: كان أصحاب النبى إذا خلا المسجد حسوا رمانة المنبر التى تلقى القبر بميامينهم ثم يستقبلون القبلة يدعون. من كتاب (الشفا) للقاضى عياض.
وقد روى ذلك ابن تيميه أيضا عن الإمام أحمد وأنه رخص فى التمسح بالمنبر والرمانة وذكر أن ابن عمر وسعيد بن المسيب ويحيى بن سعيد من فقهاء المدينة كانوا يفعلون ذلك. من اقتضاء الصراط المستقيم.
التبرك بقبره الشريف
ورد فى كتاب (الوفاء) للحافظ الجوزى: أن السيدة فاطمة الزهراء رضى الله عنها جاءت قبر النبى وأخذت قبضة من تراب قبره وجعلته على عينيها وبكت وقالت منشدة:
ماذا على من شم تربة أحمد صبت على مصائب لو أنها
ألا يشم مدى الزمان غواليا صبت على الأيام عدن لياليا
ثم قبلت التراب ووضعته، فلو أن هذا خطأ لما فعلته السيدة فاطمة الزهراء .
ولما حضرت الوفاة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب قال لابنه عبد الله: انطلق إلى أم المؤمنين عائشة فقل: يقرأ عليك عمر السلام، ولا تقل أمير المؤمنين فإنى لست اليوم بأمير المؤمنين، وقل يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه، قال: فاستأذن وسلم ثم دخل عليها وهى تبكى، فقال: يقرأ عليك عمر السلام ويستأذن أن يدفن مع صاحبيه، فقالت: كنت أريده لنفسى ولأوثرنه اليوم على نفسى، فلما أقبل، قيل: هذا عبد الله بن عمر قد جاء. فقال ارفعونى فأسنده رجل إليه فقال: ما لديك؟ قال: الذى تحب يا أمير المؤمنين. أذنت. فقال: الحمد لله ما كان شئ أهم إلى من ذلك، فإذا أنا قبضت فاحملونى ثم سلم وقل: يستأذن عمر فإن أذنت لى فأدخلونى وإن ردتنى فردونى إلى مقابر المسلمين. أخرجه البخارى فى كتاب الجنائز باب (ماجاء فى قبر النبى ) وكتاب فضائل الصحابة باب (قصة البيعة).
فما السر فى إصرار سيدنا عمر بن الخطاب أن يدفن فى قبره الشريف سوى التبرك به .
فإذا كان التبرك واردا أصلا فى كتاب الله وفى سنة رسوله فلماذا التطاول؟ ولله در القائل:
تطاولت الأرض على السماء سفاهة وقال الليل للدجى لونك حالك
- من هم اهل السنة والجماعة على الحقيقة ؟
- هل يصبح الحكام المسلمين كفارا إن لم يطبقون شرع الله فى بلادهم؟
- تفسير قوله ( ليس كمثله شئ ) عند الصوفية هو حضرة النبي صلى الله عليه وسلم
تعليقات: 0
إرسال تعليق