يحاول بعض الناس إما عمداً أو جهلاً أن يخدعوا أنظار المسلمين عما كان عليه السلف الصالح، ويَدّعون معرفتهم، ويتسببون فى حيرة الناس، حتى أنهم ليتسائلون:
هل كل الناس ليس بينهم وبين الله حجاب أو واسطة؟
هل كل الناس ليس بينهم وبين الله حجاب أو واسطة؟
- اثبات شفاعة الأولياء والعارفين من القران والسنة
- القول فى تفسير القرآن بالرأى وتفسير قوله ( وما كان الله ليعذبهم وانت فيهم ) عند الصوفية
- اثبات مشروعية القباب على بيوت الأولياء ونفى البدعة عنها
- اصل الأوراد الصوفية وتعيين العدد فيها والالفاظ المعجمة بها وتشريعها
هذا ما يقوله أصحاب الفكر المريب مستندين الى الآية الكريمة:
﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِى وَلْيُؤْمِنُوا بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ البقرة 186، ونحن نقول بفضل الله وعونه: دائماً ما يفسر المغرضون الغافلة قلوبهم عن ذكر الله تعالى نصف الآية ويتركون النصف الآخر منها وذلك لتحميل الآية معنى يخدم أغراضهم
الشخصية وهذا هو الهوى بعينه الذى نهانا عنه المولى تبارك وتعالى فقال ﴿وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ الكهف 28، ومن أمثلة هذا الآية 186 من سورة البقرة فليتهم فهموا حتى النصف الأول منها بل قالوا: أن أى عبد سأل الله تعالى شيئاً كان مجاب الدعوة إما فى الدنيا حالاً أو أجّلت له بعد فترة من الزمن أو أُدخرت له فى الآخرة، وهذه المعانى إذا نسبت لآية أخرى أو حديث آخر صحت ولا شىء فيها ولكن إذ نسبوها إلى الآية التى نحن بصددها فقد جانبهم الصواب.
ثم نجدهم يتشدقون لابثين ثوب العلماء قائلين: أن سندهم هو بعض الآيات الآتية وأُزيد عنها للاعتبار:
1- ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِى مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ﴾ البقرة 189.
2- ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾ البقرة 215.
3- ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ﴾ البقرة 217.
4- ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا﴾ البقرة 219.
5- ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ﴾ المائدة 4.
6- ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّى﴾ الأعراف 187.
7- ﴿يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِى عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللهِ﴾ الأعراف 187.
8- ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ للهِ وَالرَّسُولِ﴾ الأنفال 1.
9- ﴿وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ﴾ البقرة 219.
10- ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ﴾ البقرة 220.
11- ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى﴾ البقرة 22.
12- ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّى﴾ الإسراء 17.
13- ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِى الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا﴾ الكهف 83.
14- ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّى نَسْفًا﴾ طه 105.
فماذا يقولون؟ يقولون أن المولى تبارك وتعالى يقول لحبيبه عندما يسألونك قل ... قل ... قل ... ولكن فى الآية التى نحن بصددها يقول تعالى ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ﴾، لم يقل: فقل إنى قريب ولكن تولى تبارك وتعالى الإجابة بنفسه وقال ﴿فإنى قريب﴾، وهذا يفيد بأن العبد ليس بينه وبين الله واسطة مدعّين أن أى عبد هكذا لا واسطة بينه وبين ربه وزادوا على ذلك بأن من توسل بأحد أو جعل بينه وبين الله واسطة حتى ولو كان سيد الخلق حبيبنا وسيدنا محمد فإنما يكون بذلك قد أشرك ونقول لهم هذا محض افتراء وهوى رأس وتحريف لمعانى كتاب الله وتجرُّء على القرآن بل تجرُّء على الله تعالى أعاذنا الله من هذا كله.
ولكنا نقول وبالله التوفيق: نرد عليهم من كلامكم ببساطة شديدة ومنطق سليم خال من الهوى، إن كان حذف ﴿قل﴾، من الآية يعنى رفع للواسطة وهذا صحيح ولكن ليس عن كل العباد كمايدعون، فرفع الواسطه هنا عن عباد معينين مخصوصين والذين رفع الله من أجلهم قل ثم أنّ ﴿قل﴾ هنا تقال لحبيبنا وسيدنا محمد ، فيكون عندما يقول له المولى تبارك وتعالى ﴿قل﴾ هو (الواسطة) وبلا جدال ... أليس كذلك؟ نعم هوكذلك، نقول لهم وأين تذهب الآيات التى فيها ﴿قل﴾ لقد رأينا سابقاً ثمان آيات فيها ﴿َيَسْأَلُونَكَ﴾، ﴿قُل﴾ وست آيات فيها ﴿وَيَسْأَلُونَكَ﴾، ﴿قُل﴾ يعنى ذلك أننا أمام أربعة عشرة آية فيها كلمة﴿قُل﴾ والذى فاتهم ولا يتحدثون عنه لأنه لا يخدم أغراضهم أن مجموع الآيات التى ذكر المولى تبارك وتعالى فيها كلمة ﴿قُل﴾ فى القرآن مائتين وسبعين آية بها كلمة ﴿قُل﴾ فليختاروا مايحلوا لهم منها ليقولوا عنها أنها تفيد الواسطة، ألم يمروا على هذه الآيات أم يؤمنون بالبعض ويكفرون بالبعض أم يأخذون منها مايوافق أغراضهم ليضلوا به الجهلاء من هذه الأمّة. مع الاعتذار لمن فاته مانقول ولم يكن مغرضاً إنما اجتهد وهو من العلماء المرخص لهم فى الاجتهاد فأخطأ عن غير عمد أو قصد وذلك إن صح التعبير، ﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِى عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾ يوسف 76، فلماذا لانستمع ونفاضل بين معانى العلماء ونختار الأفضل منها لنرتقى مع الأرقى.
هذا من ناحية، أما من الناحية الأخرى فنعرض لكم من التفاسير تفسير الإمام القشيرى حيث يقول: قوله جلّ ذكره:﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ﴾. سؤال كل أحدٍ يدلُّ على حاله؛ لم يسألوا عن حكم ولا عن مخلوق ولا عن دين ولا عن دنيا ولا عن عقبى بل سألوا عنه فقال تعالى ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى﴾. وليس هؤلاء من جملة من قال ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ﴾، ولا من جملة من قال ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى﴾، ولا من جملة من قال ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ﴾، ولا من جملة من قال ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ﴾، ولا من جملة من قال و﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ﴾، و﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ﴾.
هؤلاء قوم مخصوصون ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى﴾، أى إذا سألك عبادى عنى فبماذا تجيبهم؟ ليس هذا الجواب بلسانك يامحمد، فأنت وإنْ كنتَ السفير بيننا وبين الخلْق فهذا الجواب أنا أتولاه ﴿فَإِنِّى قَرِيبٌ﴾، رَفَعَ الواسطة من الأغيار عن القربة فلم يَقُل قل لهم إنى قريب بل قال جل شأنه ﴿فَإِنِّى قَرِيبٌ﴾.
ثم بَيَّن أن تلك القربة ما هى: حيث تقدَّس الحقُّ سبحانه عن كل اقتراب بجهة أو ابتعاد بجهة أو اختصاص ببقعة فقال ﴿أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ﴾ البقرة 186، وإن الحق سبحانه قريب -من الجملة والكافة- بالعلم والقدرة والسماع والرؤية، وهو قريب من المؤمنين على وجه التبرية والنصرة وإجابة الدعوة، وجلَّ وتقدَّس عن أن يكون قريباً من أحد بالذات والبقعة؛ فإنه أحدى لا يتجهَ فى الأقطار، وعزيز لا يتصف بالكُنْهِ والمقدار.
قوله جلّ ذكره ﴿أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِى وَلْيُؤْمِنُوا بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ البقرة 186، لم يَعِدْ إجابة من كان باستحقاق زهد أو فى زمان عبادة بل قال دعوة الداعى متى دعانىوكيفما دعانى وحيثما دعانى ثم قال ﴿فَلْيَسْتَجِيبُوا لِى﴾ هذا تكليف، وقوله ﴿أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ﴾ تعريف وتخفيف، فقدَّم التخفيف على التكليف، وكأنه قال: إذا دعوتنى عبدى أَجَبْتُك، فأَجِبنِى أيضاً إذا دَعَوْتُك، أنا لا أرضى بِرَدِّ دعائِك فلا تَرْضَ عبدى بردِّى من نفسك. إجابتى لك بالخير تحملك عبدى على دعائى، ولا دعاؤك يحملنى على إجابتك. ﴿فَلْيَسْتَجِيبُوا لِى وَلْيُؤْمِنُوا بِى﴾: وليثقوا فى، فإنى أجيب من دعانى، قال قائلهم:
يا عَزُّ أُقْسِم بالذى أنا عبده وله الحجيج وما حوت عرفات
لا أبتغى بدلاً سِواكِ خليلة فشقِى بقولى والكرامُ ثِقات
ثم قال فى آخر الآية ﴿لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ أى ليس القصد من تكليفك ودعائك إلا وصولك إلى إرشادك أ.ه. بوضوح تام قال الإمام القشيرى: هؤلاء قوم مخصوصون. ونقول: هؤلاء اجابتهم فى الحال ونقول أيضاً: لو فهموا النصف الأول من الآية لأراحوا أنفسهم فلو عرفوا أن الياء فى عبادى تفيد النسبة إلى الله تعالى لعرفوا أن هؤلاء عباد الله المنسوبين إلى الله تعالى ثم أنهم لو لم يذهبوا سائلين الرسول صلوات ربى وسلامه عليه لما كانوا قربين من الله تعالى فهؤلاء عباد لا يسألون ولايبحثون إلا عن الله تعالى لذلك كانت الإجابة ﴿فَإِنِّى قَرِيبٌ﴾، وليس فقط ولكن أجيب دعوة الداعى اذا دعان وهذا هو النصف الثانى من الآية أو بمعنى آخر تكملة الآية الغافلين عنها أو المتغافلين.
وبذلك يتحقق لنا أن من الناس من هو قريب، ومن الناس من هو بعيد بل البعيدين أكثر ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِى الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ﴾ الأنعام 116، فالناس درجات فى القرب حسب تقربهم الى الله تعالى أو اصطفائهم ﴿إِنَّ اللهَ اصْطَفَى﴾البقرة 132، آل عمران 33، ﴿إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ﴾ الأعراف 206، وفى الحديث عن عبد الكريم بن رشيد أن داود قال: أى رب أين ألقاك؟ قال: تلقانى عند المنكسرة قلوبهم.
فالذين لا يستكبرون عن عبادته عند ربك، وهو سبحانه عند المنكسرة قلوبهم، والعندية عندية مكانة لا مكان.
جعلنا الله ممن قال لهم ﴿فَإِنِّى قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ آمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِى وَلْيُؤْمِنُوا بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ البقرة 186، ونحن نقول بفضل الله وعونه: دائماً ما يفسر المغرضون الغافلة قلوبهم عن ذكر الله تعالى نصف الآية ويتركون النصف الآخر منها وذلك لتحميل الآية معنى يخدم أغراضهم
الشخصية وهذا هو الهوى بعينه الذى نهانا عنه المولى تبارك وتعالى فقال ﴿وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ الكهف 28، ومن أمثلة هذا الآية 186 من سورة البقرة فليتهم فهموا حتى النصف الأول منها بل قالوا: أن أى عبد سأل الله تعالى شيئاً كان مجاب الدعوة إما فى الدنيا حالاً أو أجّلت له بعد فترة من الزمن أو أُدخرت له فى الآخرة، وهذه المعانى إذا نسبت لآية أخرى أو حديث آخر صحت ولا شىء فيها ولكن إذ نسبوها إلى الآية التى نحن بصددها فقد جانبهم الصواب.
ثم نجدهم يتشدقون لابثين ثوب العلماء قائلين: أن سندهم هو بعض الآيات الآتية وأُزيد عنها للاعتبار:
1- ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِى مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ﴾ البقرة 189.
2- ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾ البقرة 215.
3- ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ﴾ البقرة 217.
4- ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا﴾ البقرة 219.
5- ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ﴾ المائدة 4.
6- ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّى﴾ الأعراف 187.
7- ﴿يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِى عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللهِ﴾ الأعراف 187.
8- ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ للهِ وَالرَّسُولِ﴾ الأنفال 1.
9- ﴿وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ﴾ البقرة 219.
10- ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ﴾ البقرة 220.
11- ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى﴾ البقرة 22.
12- ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّى﴾ الإسراء 17.
13- ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِى الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا﴾ الكهف 83.
14- ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّى نَسْفًا﴾ طه 105.
فماذا يقولون؟ يقولون أن المولى تبارك وتعالى يقول لحبيبه عندما يسألونك قل ... قل ... قل ... ولكن فى الآية التى نحن بصددها يقول تعالى ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ﴾، لم يقل: فقل إنى قريب ولكن تولى تبارك وتعالى الإجابة بنفسه وقال ﴿فإنى قريب﴾، وهذا يفيد بأن العبد ليس بينه وبين الله واسطة مدعّين أن أى عبد هكذا لا واسطة بينه وبين ربه وزادوا على ذلك بأن من توسل بأحد أو جعل بينه وبين الله واسطة حتى ولو كان سيد الخلق حبيبنا وسيدنا محمد فإنما يكون بذلك قد أشرك ونقول لهم هذا محض افتراء وهوى رأس وتحريف لمعانى كتاب الله وتجرُّء على القرآن بل تجرُّء على الله تعالى أعاذنا الله من هذا كله.
ولكنا نقول وبالله التوفيق: نرد عليهم من كلامكم ببساطة شديدة ومنطق سليم خال من الهوى، إن كان حذف ﴿قل﴾، من الآية يعنى رفع للواسطة وهذا صحيح ولكن ليس عن كل العباد كمايدعون، فرفع الواسطه هنا عن عباد معينين مخصوصين والذين رفع الله من أجلهم قل ثم أنّ ﴿قل﴾ هنا تقال لحبيبنا وسيدنا محمد ، فيكون عندما يقول له المولى تبارك وتعالى ﴿قل﴾ هو (الواسطة) وبلا جدال ... أليس كذلك؟ نعم هوكذلك، نقول لهم وأين تذهب الآيات التى فيها ﴿قل﴾ لقد رأينا سابقاً ثمان آيات فيها ﴿َيَسْأَلُونَكَ﴾، ﴿قُل﴾ وست آيات فيها ﴿وَيَسْأَلُونَكَ﴾، ﴿قُل﴾ يعنى ذلك أننا أمام أربعة عشرة آية فيها كلمة﴿قُل﴾ والذى فاتهم ولا يتحدثون عنه لأنه لا يخدم أغراضهم أن مجموع الآيات التى ذكر المولى تبارك وتعالى فيها كلمة ﴿قُل﴾ فى القرآن مائتين وسبعين آية بها كلمة ﴿قُل﴾ فليختاروا مايحلوا لهم منها ليقولوا عنها أنها تفيد الواسطة، ألم يمروا على هذه الآيات أم يؤمنون بالبعض ويكفرون بالبعض أم يأخذون منها مايوافق أغراضهم ليضلوا به الجهلاء من هذه الأمّة. مع الاعتذار لمن فاته مانقول ولم يكن مغرضاً إنما اجتهد وهو من العلماء المرخص لهم فى الاجتهاد فأخطأ عن غير عمد أو قصد وذلك إن صح التعبير، ﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِى عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾ يوسف 76، فلماذا لانستمع ونفاضل بين معانى العلماء ونختار الأفضل منها لنرتقى مع الأرقى.
هذا من ناحية، أما من الناحية الأخرى فنعرض لكم من التفاسير تفسير الإمام القشيرى حيث يقول: قوله جلّ ذكره:﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ﴾. سؤال كل أحدٍ يدلُّ على حاله؛ لم يسألوا عن حكم ولا عن مخلوق ولا عن دين ولا عن دنيا ولا عن عقبى بل سألوا عنه فقال تعالى ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى﴾. وليس هؤلاء من جملة من قال ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ﴾، ولا من جملة من قال ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى﴾، ولا من جملة من قال ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ﴾، ولا من جملة من قال ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ﴾، ولا من جملة من قال و﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ﴾، و﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ﴾.
هؤلاء قوم مخصوصون ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى﴾، أى إذا سألك عبادى عنى فبماذا تجيبهم؟ ليس هذا الجواب بلسانك يامحمد، فأنت وإنْ كنتَ السفير بيننا وبين الخلْق فهذا الجواب أنا أتولاه ﴿فَإِنِّى قَرِيبٌ﴾، رَفَعَ الواسطة من الأغيار عن القربة فلم يَقُل قل لهم إنى قريب بل قال جل شأنه ﴿فَإِنِّى قَرِيبٌ﴾.
ثم بَيَّن أن تلك القربة ما هى: حيث تقدَّس الحقُّ سبحانه عن كل اقتراب بجهة أو ابتعاد بجهة أو اختصاص ببقعة فقال ﴿أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ﴾ البقرة 186، وإن الحق سبحانه قريب -من الجملة والكافة- بالعلم والقدرة والسماع والرؤية، وهو قريب من المؤمنين على وجه التبرية والنصرة وإجابة الدعوة، وجلَّ وتقدَّس عن أن يكون قريباً من أحد بالذات والبقعة؛ فإنه أحدى لا يتجهَ فى الأقطار، وعزيز لا يتصف بالكُنْهِ والمقدار.
قوله جلّ ذكره ﴿أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِى وَلْيُؤْمِنُوا بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ البقرة 186، لم يَعِدْ إجابة من كان باستحقاق زهد أو فى زمان عبادة بل قال دعوة الداعى متى دعانىوكيفما دعانى وحيثما دعانى ثم قال ﴿فَلْيَسْتَجِيبُوا لِى﴾ هذا تكليف، وقوله ﴿أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ﴾ تعريف وتخفيف، فقدَّم التخفيف على التكليف، وكأنه قال: إذا دعوتنى عبدى أَجَبْتُك، فأَجِبنِى أيضاً إذا دَعَوْتُك، أنا لا أرضى بِرَدِّ دعائِك فلا تَرْضَ عبدى بردِّى من نفسك. إجابتى لك بالخير تحملك عبدى على دعائى، ولا دعاؤك يحملنى على إجابتك. ﴿فَلْيَسْتَجِيبُوا لِى وَلْيُؤْمِنُوا بِى﴾: وليثقوا فى، فإنى أجيب من دعانى، قال قائلهم:
يا عَزُّ أُقْسِم بالذى أنا عبده وله الحجيج وما حوت عرفات
لا أبتغى بدلاً سِواكِ خليلة فشقِى بقولى والكرامُ ثِقات
ثم قال فى آخر الآية ﴿لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ أى ليس القصد من تكليفك ودعائك إلا وصولك إلى إرشادك أ.ه. بوضوح تام قال الإمام القشيرى: هؤلاء قوم مخصوصون. ونقول: هؤلاء اجابتهم فى الحال ونقول أيضاً: لو فهموا النصف الأول من الآية لأراحوا أنفسهم فلو عرفوا أن الياء فى عبادى تفيد النسبة إلى الله تعالى لعرفوا أن هؤلاء عباد الله المنسوبين إلى الله تعالى ثم أنهم لو لم يذهبوا سائلين الرسول صلوات ربى وسلامه عليه لما كانوا قربين من الله تعالى فهؤلاء عباد لا يسألون ولايبحثون إلا عن الله تعالى لذلك كانت الإجابة ﴿فَإِنِّى قَرِيبٌ﴾، وليس فقط ولكن أجيب دعوة الداعى اذا دعان وهذا هو النصف الثانى من الآية أو بمعنى آخر تكملة الآية الغافلين عنها أو المتغافلين.
وبذلك يتحقق لنا أن من الناس من هو قريب، ومن الناس من هو بعيد بل البعيدين أكثر ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِى الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ﴾ الأنعام 116، فالناس درجات فى القرب حسب تقربهم الى الله تعالى أو اصطفائهم ﴿إِنَّ اللهَ اصْطَفَى﴾البقرة 132، آل عمران 33، ﴿إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ﴾ الأعراف 206، وفى الحديث عن عبد الكريم بن رشيد أن داود قال: أى رب أين ألقاك؟ قال: تلقانى عند المنكسرة قلوبهم.
فالذين لا يستكبرون عن عبادته عند ربك، وهو سبحانه عند المنكسرة قلوبهم، والعندية عندية مكانة لا مكان.
جعلنا الله ممن قال لهم ﴿فَإِنِّى قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ آمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
- معنى الشرك فى أمَّة النبىِّ صلى الله عليه وآله وسلم
- كيف نستقبل نحن الصوفية شهر رمضان المعظم
- نفى صحة مقولة امتثال الأمر خير من الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
- وجوب وفرض محبة أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
تعليقات: 0
إرسال تعليق