شرح ومعنى هدينا بل حبينا بل وإنا بما جاء النبي غدا هوانا
- شراب الوصل أنا في أنا إني وإني في أنا رحيقي مختوم بمسك الحقيقة
- محمد صفوت : وشرح بعض ابيات شراب الوصل
- محمد صفوت : شرح ( حرام على قوم أكون امامهم )
- أداعب أوتار القلوب فتنطلى وأعرف شكواها ولو بث أنة
هدينا بل حبينا بل وإنا بما جاء النبي غدا هوانا
الحمد لله الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق فأظهره على الدين كلِّه وصلِّ اللهم على من جاءنا بالهدى ودين الحق خير خلق الله كلهم الذى ما وطىء الذرى إلا ليسعدها وعلى آله وسلم تسليما كثيرا.
كثر الجدل حول حقيقة الهداية واختلف الناس حيث لا ينبغى الاختلاف و لا يجدى وتركوا العمل الذى كان ينبغى أن يقوموا به، وهو أجدى ونسوا أو تناسوا أن الكلمة تصيب صاحبها بما قصد بها تماما.
وها هم الصالحون الذين إذا تلقوا منحة عكفوا عليها سجدا وقياما ولسان حالهم يقول:
كـم تدَّعى بطريقِ القومِ معرفة وأنـتَ مُنقطعٌ والقـومُ قد وصلوا
فانهضْ إلى ذروةِ العلياءِ مُبتدرا عزما لترقى مكانا دونـه زحـلُ
فإن ظهرتَ بهِ قد حُزتَ مكرمة بقاؤها ببقـاءِ الـلـهِ مُـتـصلُ
وإن قضيتَ بهم وجدا فأحسنُ ما يقالُ عنكَ قضى من وجدِهِ الرجلُ
وهكذا كان الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى يتمثل بمثل هذا النظم وغيره ثم كان من بعد ذلك يقول وهو يتحدث بلسان الصوفية:
هُدينا بلْ حُبينا بـلْ وإنَّا بمـا جاءَ النبىُّ غدا هـوانا
والكلُّ يطلب الهداية حتى ونحن فى صلاتنا ندعو فنقول:{اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} وهذه الهداية إنما تكون باتباع النبىِّ صلى الله عليه وسلم ثم يأتى قوله تعالى {ومن يُطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا} النساء 96 وإنما موطن الهداية هو القلب وليس فى سواه من الأعضاء بل الأعضاء تبعُ للقلب فهو بمثابة المُحرِّك لها نحو حسن الأعمال وسيِّئها فقد جاء فى معنى الحديث أن بالجسد مضغةً إذا صلحت صلح سائر الجسد وإذا فسدت فسد سائره وهى القلب وصدق من قال:
وإذا حلَّت الهدايـةُ قلبا نشِطَتْ للعبادةِ الأعضاء
ولا شك فيما ذكره الشيخ عن الصوفية وهم المشتغلون بالقلب ولا عجب فى هداية الله لهم وهم القائلون:
وكيفَ تنامُ العينُ وهى قريرة ولم تدرِ فى أيِّ المَحَلَّينِ تَنزلُ
ولنعد عزيزى القارئ إلى نظم الشيخ ولنبحث معاً عن سر الجمال ولنتأمل مليَّاً ما يشدّنا نحو قراءة ذلك البيت مرات ومرات وأظنك ستقول إن سر جماله يتمثَّل فى الجرس الموسيقى لا سيِّما وأنت تدندن به، ثم أظن أنك ستقول بل إنه يتمثل فى تكرار بل، بل ستقول إن روعة البيت قد أتت من الإيجاز المُتمثِّل فى تلك الألفاظ التى يحمل كل لفظ منها جملة من المعانى مثل قوله:هُدينا، حُبينا، ما جاء النبي، غدا هوانا
وإنى أوافقك الرأى فحقا إن ذلك الوزن يبعث فى النفس السرور وشعورا خفياً بالفرح اللامتناهى وكم أعطت بل قوة دلالة وزيادة مع تأكيد معنى؛ فهى للإضراب وتفيد هنا أن ما بعدها أقوى وأفضل مما قبلها ففى قوله (حُبينا) وما تحمله من معانٍ أقوى فى تأكيد الهداية من قوله السابق (هُدينا) وما تحمله من معان وفى قوله رضي الله عنه بما جاء النبئ غدا هوانا وما تحمله من معانٍ أ فضل واقوى من الجملتين السابقتين (هُدينا وحُبينا) وهذه هي الغاية التى ليس بعدها غاية ترجى.
وأضيف أخى القارئ جانباً آخر مُتمثِّل فى جملة البيت فهذا البيت كإخوانه يحمل شاهداً يؤكد ما يحمله من معانٍ فإذا تأمَّلته ثانية وجدت مصدره النبيَّ صلى الله عليه وسلم فى معنى حديثه (لا يؤمنُ أحدُكم حتى يكونَ هواهُ تبعاً لما جئتُ به) فالشيخ محمد عثمان عبده رضي الله عنه نظم الحديث الشريف وهذا ما يسميه علماء البلاغة ب(العقد) وكأن الشيخ فى بيته يريد أن يقول إننا نتبع النبئ صلى الله عليه وسلم فى كل شيئٍ حتى فى أقواله لا نقول إلا أقواله وها أنا أقول قوله؛ لأنّا بما جاء النبي غدا هوانا.وصلِّ اللهم على سيدنا محمد وآله وسلِّم.
الوسيلة ابراهيم
- وراثة أرباب المكارم رفعة ورثت فصار البعض منى جملتى
- وإن ثنايا وجه من لاح جهرةً لتذهب بالألباب فى كل طلعة
- يراحُ براحى كل قلبٍ من العنا وما كل عين إذ ترانى قرت
- وعلمى فى العلياء صعب مناله وإن ظلالى غافلا ما أظلت
تعليقات: 0
إرسال تعليق