برهانيات كوم
أخرج أبويعلى عن أبي عبيدة مرفوعاً (لا يزال أمر أمتي قائماً بالقسط حتى يكون أول من يثلمه رجل من بني أمية يقال له يزيد) وأخرج الروياتي مرفوعاً (أول من يبدل سنتي رجل من بني أمية يقال له يزيد)، وقد قال الإمام أحمد بكفره، وناهيك به ورعاً وعلماً تقتضيان أنه لم يقل ذلك إلا لما ثبت عنده من أمور صريحة وقعت منه توجب ذلك. ووافقه على ذلك جماعة كابن الجوزي وغيره، وأما فسقه فقد أجمعوا عليه، وأجاز قوم من العلماء لعنه بخصوص اسمه وروي ذلك عن الإمام أحمد.قال ابن الجوزي صنف القاضي أبو يعلى كتاباً فيمن يستحق اللعنة، وذكر منهم يزيد.. وذهب آخرون إلى أنه لا يجوز إذا لم يثبت عندهم ما يقتضيه إذ حقيقة اللعن الطرد من رحمة الله تعالى، وهو لا يكون إلا لمن علم موته على الكفر كأبي جهل وأضرابه.وأما جواز لعن من قتل الحسين أو أمر بقتله أو أجازه أو رضي به من غير تسمية فمتفق عليه، كما يجوز لعن شارب الخمر وآكل الربا ونحوهما إجمالاً. لأن ذلك لعن على الوصف وهو محمول على الإهانة والطرد عن مواطن الكرامة لا على حقيقته من الطرد عن رحمة الله. وصح عن إبراهيم النخعي أنه كان يقول لو كنت ممن قاتل الحسين ثم أدخلت الجنة لاستحييت أن أنظر إلى إلى وجه المصطفى صلى الله عليه وسلم وروى البخاري والترمذي وغيرهما عن ابن عمر أنه سأله رجل عن دم البعوض طاهر أم لا وفي رواية أنه سأله عن المحرم بالحج يقتل الذاب ماذا يلزمه إذا قتله؟ فقال له ممن أنت فقال من أهل العراق قال انظروا إلى هذا يسألني عن دم البعوض وفي روايته الثانية، عن قتل الذباب مع حقارته وقد أفرطوا وقتلوا ابن نبيهم مع جلالته، وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (الحسنان ريحانتاي من الدنيا)، وقال ابن عباس رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام نصف النهار أشعث أغبر بيده قارورة فيها دم. قلت يا رسول الله ما هذا؟ قال دم الحسين أرفعه إلى الله عز وجل، فجاء الخبر بعد أيام أنه قتل في ذلك اليوم. وفي تلك الساعة. رواه البيهقي.وسمعت الجن تنوح عليه. كما أخرجه أبونعيم وغيره وكسفت الشمس وقت قتله كسفة أبدت الكواكب نصف النهار واحمرت آفاق السماء ستة أشهر يرى فيها كالدم. وقد قيل إن الحمرة التي في الشفق من آثار ذلك. وأنها لم تكن قبل قتل الحسين. قيل وحكمة ذلك أن الغضب يؤثر حمرة الوجه. والحق منزه عن الجسمية فأظهر تأثير غضبه على من قتل الحسين بحمرة الأفق. ومكثت الشمس سبعة أيام ترى علي الحيطان كالملاحف المصفرة. والكواكب يضرب بعضها بعضاً وقيل أنه لم يقلب حجر بيت المقدس يومئذ إلا وجد تحته دم عبيط وكان في عسكرهم ورس فصاروا رماداً ونحروا ناقة في عسكرهم فصاروا يرون في لحمها مثل الفيران وطبخوها فصارت كالعلقم.وعن الزهري لم يبق أحد ممن حضر قتل الحسين إلا عوقب في الدنيا قبل الآخرة، إما بالقتل، أو سواد الوجه، أو تغيير الخلقة، أو زوال الملك، في مدة يسيرة.وروى سبط ابن الجوزي أن شيخاً حضر قتله فعمي فسئل عن سببه فقال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم حاسراً عن ذراعيه وبيده سيف وبين يديه نطع وعليه عشرة ممن قتل الحسين مذبوحين ثم لعنني وسبني ثم كحلني بمرود من دم الحسين فأصبحت أعمى.وأخرج أيضاً أن شخصاً علق رأسه الكريم في لبب فرسه فرؤي بعد أيام وجهه أشد سواداً من القار. فقيل له إنك كنت أنضر العرب وجها فقال ما مرت عليَّ ليلة من حين حملت ذلك الرأس إلا واثنان يأخذان بضبعي ثم ينتهيان بي إلى نار تتأجج فيدفعاني فيها وأنا أنكص فتسفعني كما ترى ثم مات على أقبح حالة.وأخرج أيضاً عن السدي أنه ضاف رجلاً بكربلاء فتذاكروا أنه ما اشترك أحد في دم الحسين إلا مات أقبح موتة فكذب المضيف وقال أنا ممن حضر موته ولم يحصل لي شيء فقام آخر الليل يصلح السراج فوثبت النار في جسده فأحرقته وهو يتكلم قال السدي فأما والله رأيته كأنه حمة ولما ساروا بالرأس الشريف يريدون يزيد ونزلوا أول مرحلة جعلوا يشربون الخمر فبينما هم كذلك إذ خرجت عليهم من الحائط يد معها قلم حديد فكتبت سطراً بدم.أترجو أمة قتلت حسيناً شفاعة جده يوم الحساب(وروى) ابن خالويه عن الأعمش عن سهل بن عمرو الأسدي، قال، والله رأيت رأس الحسين حين حمل وأنا بدمشق وبين يديه رجل يقرأ سورة الكهف حتى بلغ {أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا} فنطق الرأس الشريف بلسان عربي فصيح فقال جهاراً: (أعجب من أصحاب الكهف قتلي وحملي)، ثم إن ابن معاوية أمر برد أهله رضي الله عنهم إلى المدينة واختلفوا في رأس الحسين بعد مسيرة إلى الشام إلى أين صار، وفي أي موضع استقر.فذهبت طائفة إلى أن يزيد أمر أن يطاف برأسه الشريف في البلاد فطيف به حتى انتهى إلى عسقلان فدفنه أميرها بها، فلما غلب الافرنج على عسقلان افتداه منهم الصالح طلائع وزير الفاطميين بمال جزيل، ومشى إلى لقائه عدة مراحل، ووضعه في كيس حرير أخضر على كرسي من خشب الأبنوس وفرش تحته المسك والطيب وبنى عليه المشهد الحسيني المعروف بالقاهرة قريباً من خان الخليلي وإلى ذلك أشار القاضي في قصيدة مدح بها الصالح.وذهب آخرون منهم الزبير بن بكار والعلاء الهمذاني إلى أنه حمل إلى أهله فكفن ودفن بالبقيع عند قبر أمه وأخيه الحسم. وذهبت الإمامية إلى أنه أعيد إلى الجثة ودفن بكربلاء بعد زربعين يوماً من المقتل واعتمد القرطبي الثاني والذي عليه طائفة الصوفية أنه بالمشهد القاهري وذكر بعضهم أن القطب يزور كل يوم بالمشهد القاهري. وقال المناوي في طبقاته: ذكر لي بعض أهل الكشف والشهود أنه حصل له اطلاع علي أنه دفن مع الجثة بكربلاء ثم ظهر الرأس بعد ذلك بالمشهد القاهري لأن حكم الحال بالبرزخ حكم الإنسان الذي تدلى في تيار جار فيطف بعد ذلك في مكان آخر فلما كان الرأس منفصلاً طفا في هذا المحل من المشهد وذكر أنه خاطبه منه.(تنبيه) قال المناوي في طبقاته رزق الحسين من الأولاد خمسة وهم علي الأكبر وعلي الأصغر وله العقب وجعفر وفاطمة وسكينة المدفونة بالمراغة بقريب نفيسة. وكذا في طبقات الشعراني وزاد أن علياً الأصغر هو زين العابدين وقال كثيرون أولاده ستة وزادوا عبدالله فأما علي الأكبر فقاتل بين يدي أبيه حتى قتل وأما علي الأصغر زين العابدين فكان مريضاً بكربلاء ورجع مريضاً إلى مكة وستأتي ترجمته وأما جعفر فمات في حياة أبيه دراجا وأما عبدالله فجاءه سهم وهو طفل فقتله بكربلاء وأما فاطمة فتزوجت بابن عمها الحسن المثنى ثم بعبدالله بن عمرو بن عثمان بن عفان وولدت لكل منهما وأما سكينة فستأتي في ترجمتها.وقال الشيخ كمال الدين طلحة كان الحسين من الأولاد الذكور ستة ومن الإناث ثلاث فأما الذكور فعلي الأكبر وعلي الأوسط وهو زين العابدين وعلي الأصغر ومحمد وعبدالله وجعفر ثم ذكر أن المقتول في كربلاء بالسهم وهو طفل علي الأصغر وأن عبدالله قتل مع أبيه شهيداً
تعليقات: 0
إرسال تعليق