برهانيات كوم
من كتاب انتصار اولياء الرحمن على اولياء الشيطان لسيدى فخر الدين الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني
==================
(ومن الأولياء أيضا الصابرون والصابرات رضي الله عنه)
تولاهم الله بالصبر وهم الذين حبسوا أنفسهم مع الله على طاعته من غير توقيت، فجعل الله جزاءهم على ذلك من غير توقيت، فقال تعالى {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} فما وقت لهم فإنهم لم يوقتوا، فعم صبرهم جميع المواطن التي يتطلبها الصبر، فكما حبسوا نفوسهم على الفعل بما أمروا به حبسوها أيضا على ترك مانهوا عن فعله وهم الذين أيضا حبسوا نفوسهم عند وقوع البلايا والرزايا بهم عن سؤال ما سوى الله في رفعها عنهم بدعاء الغير أو بشفاعة أو طلب، ولا يقدح في صبرهم شكواهم إلى الله في رفع ذلك البلاء عنهم ألا ترى أيوب عليه السلام سأل ربه رفع البلاء عنه بقوله {مسني الضر وأنت أرحم الراحمين} فشكا ذلك إلى ربه عز وجل وقال له {وأنت أرحم الراحمين} ففي هذه الكلمة اثبات وضع الأسباب وعرض فيها لربه برفع البلاء عنه فاستجاب له ربه وكشف ما به من الضر.فأثبت بقوله تعالى {فاستجبنا له} أن دعاءه كان في رفع البلاء فكشف ما به من ضر ومع هذا أثنى عليه بالصبر وشهد له به فقال سبحانه {إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب} أي رجاع إلينا فيما ابتليناه به وأثنى عليه بالعبودية فلو كان الدعاء إلى الله في رفع الضر ورفع البلايا يناقض الصبر المشروع المطلوب في هذا الطريق لم يثنى الله على أيوب بالصبر وقد أثنى عليه به، بل عندنا من سوء الأدب مع الله أن لا يسأل العبد رفع البلاء عنه لأن فيه رائحة من مقاومة القهر الإ لهي بما يجده من ا لصبر وقوته قال العارف: إنما جوعني لأبك فالعارف وإن وجد القوة الصبرية فليفر إلى مواطن الضعف والعبودية وحسن الأدب فإن القوة لله جميع. فيسأل ربه رفع البلاء عنه أو عصمته منه إن توهم وقوعه وهذا لا يناقض الرضا بالقضاء فإن البلاء إلى القضاء إنما هو عين المقضي لا القضاء فيرضي بالقضاء ويسأل الله في رفع المقضي به عنه فيكون راضياً صابراً فهؤلاء أيضاً هم الصابرون الذين أثنى الله عليهم.روي بعض السادة وهو يبكي من الجوع فقيل له أنت من أنت وتبكي من الجوع فقال إنما جوعني لأبكي فهذه كلمة عالم بالله محقق في طريق الله عارف بنفسه وبربه
لقراءة المزيد اضغط هنا
تعليقات: 0
إرسال تعليق