-->
إغلاق القائمة
إغلاق القائمة
404
نعتذر فقد تم نقل الموضوع ; الرجاء زيارة الارشيف! الأرشيف

الاثنين، 4 سبتمبر 2017

شرح الأوراد : إنَّ الصُّوفيّةَ يَذكرونَ بأسماءٍ أعجميّةٍ أوْ حروفٍ مُقَطَّعَةٍ فهَلْ في ذلكَ مِنْ نصٍ أوْ أثر ؟

شرح الأوراد : إنَّ الصُّوفيّةَ يَذكرونَ بأسماءٍ أعجميّةٍ أوْ حروفٍ مُقَطَّعَةٍ فهَلْ في ذلكَ مِنْ نصٍ أوْ أثر ؟
=

برهانيات كوم 

فإنْ قالَ قائلٌ : إنَّ الصُّوفيّةَ يَذكرونَ بأسماءٍ أعجميّةٍ أوْ حروفٍ مُقَطَّعَةٍ فهَلْ في ذلكَ مِنْ نصٍ أوْ أثر ؟


فالجوابُ بفضلِ اللهِ وعونِهِ ومَدَدِهِ نُوجِزُهُ فيما يلي من وجوه :

أ- الجهلُ بالشيءِ ليسَ دليلاً على عدمِهِ بلْ هوَ مُوجِبٌ لِطلبِ العلمِ :

فليسَ معنى عدمِ فهمِكَ أيُّها المنكِرُ لِلألفاظِ الغريبةِ عليكَ في أورادِ السادةِ الأعلامِ أنَّهُمْ غَيْرُ عالِمِينَ بأسرارِهَا ومكنوناتِهَا وفوائدِهَا ، وفي هذَا عَلَيْكَ أنْ تَتَعَلَّمَ قَوْلَ اللهِ تعالى {هَأَنتُمْ هَؤُلاءِ حَجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُون} (1) .

ب- الأدبُ عِنْدَ الجهلِ بالشيءِ هوَ الصمتُ بلْ وحفظُ الجوارحِ عَنِ الإنكارِ :

فإذَا رأى ربُّكَ منكَ ذلكَ أَتْحَفَكَ وعَلَّمَكَ ما لمْ تَعلمْ وهَيَّأَ لكَ الأسبابَ الظاهرةَ والباطنةَ لذلكَ ؛ لأنَّ الْكِبْرَ مانعٌ مِنَ العلمِ ، واقرأْ قولَهُ تعالى {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْم} أيْ لا تتبعْ بلِ الزمْ صمتَ الأدب {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئولا} (2) ، ثمَّ نهى عَنِ الْكِبْرِ الموجِبِ لِكراهيةِ الرَّبِّ - أعاذَنا اللهُ - فقال {وَلا تَمْشِ فِى الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولا * كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيّئهُ عِندَ رَبّكَ مَكْرُوها} (3) ، انظرْ ترتيبَ هذهِ الآياتِ متتابِعاً كيفَ ارتبطَ الجهلُ بالكِبرِ ، ثمَّ تأمَّلِ التحذيراتِ المنجِياتِ في ثنايا الآياتِ ، وكأنَّهُ تعالى يُشعِرُكَ ويُعلمُكَ أنَّ إنكارَ المنكِرينَ لِجهلِهمْ بالشيءِ إنَّمَا هوَ لِكِبْرٍ في نفوسِهمْ ، أعاذَنا اللهُ مِنْ هذَا بفضلِهِ وكرمِهِ وجودِهِ ومَنِّهِ آمين .

جـ- القرآنُ عربيٌّ عِنْدَ مَنْ آمَنَ بالنَّبِيِّ العربيِّ ، والعكسُ بالعكسِ :

__________

(1) 1- سورة آل عمران : 66

(2) 2- سورة الإسراء : 36

(3) 3- سورة الإسراء : 36 - 38


كلٌّ على قدرِ حُبِّهِ واتِّباعِهِ وقُرْبِهِ ؛ أيْ أنَّهُ كُلَّمَا زادَ اتباعُك لِلمصطفى - صلى الله عليه وسلم - زادَتْ فيكَ عربيَّتُكَ لِقُرْبِكَ مِنْ محبوبِك النَّبِيِّ العربيِّ ، وكُلَّمَا أبعدَتْكَ المعاصي والغفلاتُ - نسألُ اللهَ السّلامةَ في الدّارَيْنِ - زادَتْ فيكَ أعجميَّتُكَ لِبُعْدِكَ عَنِ اتِّبَاعِ النَّبِيِّ المصطفى العربيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَهْمَا كانَ لسانُكَ عربيّاً فصيحاً ؛ فلَيْسَ كُلُّ ما كُتِبَ أوْ قُرِئَ أوْ سُمِعَ مِنْ حرفٍ عربيٍّ يَنْجَلِي معناهُ عِنْدَ كُلِّ أحدٍ ؛ وإلاَّ ما وقفَ سوادُ المسلمينَ عاجزينَ عِنْدَ أوائلِ السُّوَرِ مِنَ الحروفِ الْمُقَطَّعَةِ بلْ وفِي كُلِّ آيةٍ مِنْ كتابِ اللهِ تعالى ..
وللهِ دَرُّ سَيِّدِي فَخْرِ الدِّينِ - رضي الله عنه - إذْ يقولُ :

كَمْ مِنْ غَفُولٍ بِالْفَصَاحَةِ قَدْ أَتَى ... يَكْتَالُ مِنْهَا فَالْبَضَائِعُ رُدَّتِ

فالعِبْرَةُ إذَنْ بحصولِ الإيمانِ وكمالِهِ ، وانْظُرْ قَوْلَهُ تعالى {وَلَوْ جَعَلْنَهُ قُرْءَانًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلا فُصّلَتْ ءَايَتُهُ ءَاعْجَمِىٌّ وَعَرَبِىّ} (1) أيْ فجَعَلْنَا الحَرْفَ عربيّاً والنَّبِيَّ عربيّاً فبطلَتْ حُجَّتُكُمْ ، أمَّا حُجّتُكَ يَا مُحَمَّدُ فـ{قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِى ءَاذَانِهِمْ وَقْر} (2) أيْ صممٌ فَهُمْ يَسْمَعُونَ ولاَ يُدْرِكُون {وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانِ بَعِيد} (3) ، فجَعَلَ الهدى والشِّفاءَ في القرآنِ حِكْراً على مَنْ آمَنَ وكانَ مِنَ الموصولِينَ بدخولِهِ في زمرة {لِلَّذِينَ ءَامَنُوا} (4) .

__________
(1) 1- سورة فُصِّلَتْ : 44
(2) 2- سورة فُصِّلَتْ : 44
(3) 3- سورة فُصِّلَتْ : 44
(4) 4- سورة فُصِّلَتْ : 44

د- عالَمُ الأشياءِ مُسَبِّحٌ بحمدِ ربِّهِ :

والعِبْرَةُ بِمَنْ فَقِهَ عَنِ اللهِ ذلكَ لاَ مَنْ حَجَبَهُ اللهُ ؛ فكُلُّ مَنْ عَلَّمَهُ ربُّهُ ففقَّهَهُ عَنْهُ مِنْ بابِ الخصوصيةِ وجبَ لهُ التَّحَدُّثُ بهذهِ النعمةِ لِيُوَفِّيَ شُكْرَهَا وانْظُرْ إلى قولِهِ تعالى {وَوَرِثَ سُلَيْمَنُ دَاوُود} (1) أيْ في الخلافةِ لأنَّهُ خُوطِبَ مِنْ قَبْلُ بقولِهِ تعالى {يَدَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَكَ خَلِيفَةً فِى الأَرْض} (2) {وَقَالَ يَأَيُّهَا النَّاسُ عُلّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلّ شَىْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِين} (3) فهوَ عالِمٌ بِلُغاتِ المملكةِ الإلهيّةِ ؛ فالنملةُ حشرةٌ ، والهدهدُ طيرٌ ، والجنُّ والإنسُ هُمُ الثّقلان {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَنَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُون} (4) فَلُغاتُ الأشياءِ في عالَمِ الأشياءِ لا بدَّ أنَّها مفقوهةٌ عِنْدَ مَنِ اصطفاهمُ اللهُ لِلحُكمِ والملكِ في مملكتِهِ فهوَ خليفةٌ عَنِ الله ، {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَىْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِن لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورا} (5) فعُلِمَ أنَّ تسبيحَهمْ ليسَ بمعلومٍ للعوامِّ ؛ فالخطابُ هنا عامٌّ أُرِيدَ بهِ الخاصُّ ، فالمعجَماتُ عِنْدَ السّادةِ مِنْ قبيلِ الفقهِ الذي اختصَّهمْ ربُّهمْ به .
__________
(1) 1- سورة النّمل : 16
(2) 2- سورة ص : 26
(3) 3- سورة النّمل : 16
(4) 4- سورة النّمل : 17
(5) 5- سورة الإسراء : 44

هـ- الإعجامُ مِنَ الرمزِ ، والرمزُ إخفاءٌ ، والإخفاءُ لازمٌ عِنْدَ الداعية :

وذلكَ لِعِلَّةِ المخاطَبةِ علي قدْرِ الأفهامِ والعقولِ ، نعمْ فاللهُ قدْ سَخَّرَ الأكوانَ كلَّها لِخدمةِ بني آدمَ ، ولا يَلزمُ مِنْ ذلكَ معرفةُ الأسرارِ الْمُحَرِّكَةِ لها ، بلِ اختصَّ اللهُ بها صنفاً مِنْ عبادِهِ وهوَ الحكيمُ الخبيرُ ، فإخفاءُ الأسِرار لا يمنعُ ظهورَ آثارِها أوْ أشكالِها ؛ فربَّما ظهرَ الشَّكْلُ أوِ الأثرُ لِيَنتفعَ الناسُ بهِ دونَ علمٍ بالحقائقِ ذاتِها ، ومِنْ ذلكَ ما جعلَهُ اللهُ في كتابِهِ مِنَ الحروفِ في أوائلِ السُّوَرِ ؛ فأسرارُها قائمةٌ ولا شكَّ ، وآثارُها ساريةٌ ولا شكَّ ، وأشكالُها ظاهرةٌ ولا شكَّ ، ولا يَلزمُ مِنْ ذلكَ كُلِّهِ معرفةُ حقائقِها أوْ فكُّ رموزِها إلاَّ مَنِ اختصَّهمُ اللهُ بذلكَ مِنَ الراسخينَ في العلمِ ..
- ومِِِنْ ذلكَ مَا رُوِيَ عَنِِ الإمامِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ عِنْدَمَا سُئِلَ عَنْ عَدَدِ آياتِ القرآنِ الكريمِ فقال :" ( ا . ي . ق . غ × 6 ) " يعني الأرقامَ المعبرةَ عَنِ الحروفِ المذكورةِ : وهيَ الواحدُ والعشرةُ والمائةُ والألْفُ كَمَا هُوَ مقرَّرٌ في حِسَابِ الجُمَّلِ الذي ذَكَرَ طرفاً مِنْه الحافظُ ابنُ كثيرٍ في التَّفْسِيرِ عِنْدَ القولِ في {الم} مِنْ سورةِ البقرةِ ، فارْجِعْ إليْهِ تَجِدْهُ واضحاً على لسانِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - .
* وعندَمَا سُئِلَ - أيضاً - عَنْ عَدَدٍ يَقْبَلُ القسمةَ على كُلِّ الأعدادِ مِنْ 1 إلى 9 قالَ لِلسائلِ - وكانَ يهوديّا - :" اضْرِبْ عَدَدَ أَيَّامِ شَهْرِكَ فِي عَدَدِ أَيَّامِ أُسْبُوعِكَ فِي عَدَدِ شُهُورِ سَنَتِك " فأَسْلَمَ اليهوديُّ ..
* ومِنْ ذلكَ أيضاً : قولُ الإمامِ الشاذليِّ - رضي الله عنه - :" ق . ج سِرَّانِ مِنْ سِرِّكَ ، وَهُمَا دَالاَّنِ عَلَى غَيْرِكَ " ..

* ورضيَ اللهُ عَنْ سَيِّدِي أحمدَ زروقٍ إذْ يَقُولُ :" داعيةُ الرمزِ [ أيِ الداعي إليْهِ ] هوَ :
- قلةُ الصبرِ عَنِ التعبيرِ لِقوةٍ نفسانيةٍ لا يمكنُ معها السكوتُ .
- أوْ قصدُ هدايةِ ذِي فتحٍ إلى معنى ما رُمِزَ حَتَّى يكونَ شاهداً لهُ [ أيْ دليلاً وقرينةً على صحةِ فتحِهِ ] .
- أوْ مراعاةُ حقِّ الحكمةِ في الوضعِ أيْ إخفاءُ ما لا يمكنُ كشفُهُ إلاَّ لأهلِ الفنِّ دونَ غَيْرِهِمْ .
- أوْ دَمْجُ كثيرِ المَعْنَى في قليلِ اللَّفْظِ لِتحصلِهِ وملاحظتِهِ [ أيْ لإدراكِ الفضلِ الكبيرِ بالجهدِ اليسيرِ ] .
- أوْ إلقاؤُهُ في النفوسِ أوِ الغيرةُ عَلَيْهِ أوِ اتقاءُ حاسدٍ أوْ جاحدٍ لِمَعانِيهِ أوْ مَبَانِيه " (1) .
و- " الدندنةُ " لفظٌ حديثيٌّ معناهُ النطقُ بعبارةٍ غَيْرِ مفهومةٍ ، نعمْ فقدْ رُوِي أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ لِرجل { كَيْفَ تَقُولُ فِي الصَّلاَة } قالَ الرجل :" أَتَشَهَّدُ ثُمَّ أَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّار " ثمَّ قالَ الرجلُ لِلرسولِ - صلى الله عليه وسلم - :" أَمَا إِنِّي لاَ أُحْسِنُ دَنْدَنَتَكَ وَلاَ دَنْدَنَةَ مُعَاذ " فقالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - { حَوْلَهَا نُدَنْدِنُ أَنَا وَمُعَاذ } (2) وفي رواية { حَوْلَهَا دَنْدِنْ } ..
قالَ الإمام النوويُّ : الدَّنْدَنَةُ كلامٌ لاَ يُفْهَمُ مَعْنَاه (3) .
قالَ الإمامُ الصّنعانيُّ تعقيباً على هذَا الحديثِ : فيهِ أنْ يَدْعُوَ الإنسانُ بأيِّ لفظٍ شاءَ مِنْ مأثورٍ وغَيْرِه .
__________
(1) 1- مِن " قواعد التَّصَوُّف " لسيدِي أحمد زروق .
(2) 2- رواه أبو داود بسند جيد .
(3) 3- الأذكار " لِلإمام النّوويّ .




مشاركة المقال
mohamed fares
@كاتب المقاله
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع برهانيات كوم .

مقالات متعلقة

إرسال تعليق



Seoplus جميع الحقوق محفوظة ل برهانيات كوم