فإنْ قالَ قائلٌ أوْ سألَ سائلٌ : وهلْ لِلعَددِ ضرورةٌ في الذكرِ والتسبيحِ حَيْثُ أن الأمرُ نافلة ولا ضررَ في إطلاقِ العَددِ ؟
فنقولُ وباللهِ التوفيقُ : إنَّ الشارعَ - صلى الله عليه وسلم - طالَما حَدَّدَ عبادةً نفليةً ما بعَددٍ ما فلا بُدَّ مِنْ حكمةٍ في العَدَدِ يَعلمُها هوَ ، فلا سبيلَ إلاَّ اتِّباعُهُ - صلى الله عليه وسلم - قلباً وقالَباً ، وهذَا مقتضى الإيمانِ ..
والآثارُ الدالةُ على ذلكَ كثيرةٌ ، نذكرُ واحداً مِنْهَا خشيةَ الإطالةِ : وهوَ قولُهُ - صلى الله عليه وسلم - قال { مُعَقِّبَاتٌ لاَ يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ أَوْ فَاعِلُهُنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ مَكْتُوبَةٍ ثَلاَثاً وَثَلاَثِينَ تَسْبِيحَةً وَثَلاَثاً وَثَلاَثِينَ تَحْمِيدَةً وَأَرْبَعاً وَثَلاَثِينَ تَكْبِيرَة } (2) فما مِنْ عاقلٍ إلاَّ ويعتقِدُ أنَّ وراءَ العَددِ الذي عَيَّنَهُ الشارعُ - صلى الله عليه وسلم - حكمةً خفية يعلمها الله لمن يشاء من عباده ، علمها من علمها وجهلها من جهلها ، ولاَ حرجَ على فضلِ الله .
__________
(1) 2- انْظُرْ رسالة السّيوطيّ المسماة " المنحة في السّبحة " ضِمْن كتابه البديع الحاوي للفتاوى .
(2) 3- رواه الإمام مسلم في صحيحه ونقله النّوويّ في الأذكار .
تعليقات: 0
إرسال تعليق