شرح معنى : ( الم نَوَوْا فَلَوَوْا عَمَّا نَوَوْا ... ) سبتمبر 06, 2017 الصفحة الرئيسية شرح الأوراد = برهانيات كوم * ( الم نَوَوْا فَلَوَوْا عَمَّا نَوَوْا ... ) : يشتكي لِلألِفِ فيَقُولُ : يا كتابَ الألِفِ .. هناكَ أعداءٌ يريدُونَ لِي الضررَ ويَنْوُونَهُ إمّا بالمالِ أوْ بالحالِ أوْ بالحيلةِ أوْ بالواسطةِ .. لُفَّ عَلَيْهِمْ نِيَّتَهُمْ ، ( ثُمَّ لَوَوْا عَمَّا نَوَوْا ) عَنِ تفكيرِ العقلِ في هذهِ النِّيَّةِ ، ( فَعَمُوا وَصَمُّوا عَمَّا نَوَوْا ) مِنْ تنفيذِ هذَا الموضوعِ .. ( فَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لاَ ) : القولُ يعني العذابَ ، وإذَا قُلْنَا لَهُمْ كالآيةِ القرآنية ( فَهُمْ لا يَنطِقُون ) نَطَقُوا وربَّما جادَلُوا بالباطل . ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ ) : فإذَا قُلْتَ ( لاَ تُرْجَعُون ) أَتَوْا ولا يَمشُونَ بلْ يَجلسونَ هناك . __________ (1) 1- سورة الكهف : 110 (2) 2- هذَا المَعْنَى مِنْ كتاب الألِف لسَيِّدِي محيي الدّين بن عربيّ - رضي الله عنه - . ________________________________________ ( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانْفُذُوا لاَ ) : والتكملةُ في الآية {لا تَنفُذُونَ إلا بِسُلْطَن} ، أنْتَ لاَ تريدُ لهمْ قوَّةَ النفاذِ إلى سماواتِ رُوحِكَ وأرضيَّةِ جسدِكَ ؛ فلوْ أَكْمَلْتَ الآيةَ فإنَّكَ بذلكَ تعطيهمْ قوةَ النفاذِ بالسلطانِ .. فلَمَّا أعطاهُ اللهُ ذلكَ كلَّهُ واعتمَدَهُ لهُ نطقَ لسانُهُ بالعرفانِ لِلحقِّ تبارَكَ وتعالى بنِعمِهِ وأفضالِهِ فقالَ - رضي الله عنه - ( لاَ آلاَءَ إِلاَّ آلاَؤُكَ يَا اللَّه ) : أيْ وَصَلَتْهُ النعمةُ وحمِدَ اللهَ عَلَيْهَا (1) . إيضاح : قُلْنَا سابقاً إنَّ أكابرَ الأولياءِ يتعلمُونَ القرآنَ مِنْ موطنِ الرحمنِ لاَ كَمَا يتعلمُهُ آحادُ الناسِ ، فَهُمْ يتعلمُونَ دقائقَ السُّوَرِ والآياتِ والكلماتِ بلْ والأَحْرُفِ ، وآيتُهُمْ في ذلكَ قولُ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - { لاَ أَقُول {الم} حَرْفٌ ؛ وَلَكِنْ أَلِفْ حَرْفٌ وَلاَمْ حَرْفٌ وَمِيمْ حَرْف } ، فالألِفُ عِلْمٌ بلْ في طيِّهِ علومٌ وكذلكَ اللامُ ، وكذلكَ الميمُ ، وكذلكَ باقي حروفِ الهجاءِ ، أوْ إنْ شئْتَ فقُلْ جوامعُ الكَلِمِ التي أُوتِيَهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - .. ولِذلكَ فلاَ تَعْجَبْ لِمَا صنَعَهُ سَيِّدِي إبراهيمُ الدّسُوقيُّ - رضي الله عنه - في هذهِ الآياتِ القرآنيةِ ؛ فالأمرُ بِبساطةٍ أنَّهُ أخذَ الفرقانَ لاَ القرآنَ ؛ فالجزءُ مِنَ القرآنِ اسمُهُ الفرقانُ ، ومجملُ كتابِ اللهِ اسمُهُ القرآن ؛ {وَقُرْءَانًا فَرَقْنَهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْث} (2) ، وصدقَ سَيِّدِي فَخْرُ الدِّينِ - رضي الله عنه - إذْ يَقُولُ ناعتاً مريدَه : __________ (1) 3- انْظُرْ عَلِّموا عَنِّي 1/14 ، 15 (2) 1- سورة الإسراء : 106 ________________________________________ إِنْ كَانَ فِي الْفَرْقِ الَّذِي فِي عِلْمِنَا ... قَدْ لاَ يَكُونُ كَعِلْمِكُمْ فُرْقَانَا فالقرآنُ هوَ العِلْمُ إجمالاً ، أمَّا الفرقانُ فهوَ العِلْمُ تفصيلاً ، ولِذلكَ فَهُمْ بِمَا عَلَّمَهُمْ ربُّهُمْ يستطيعونَ أنْ يأخذُوا مِنَ القرآنِ ما شاءُوا لِمَا يَشاءُونَ ، وذاكَ الفرقانُ طالَما أَثْبَتَّ لفظةً مِنَ القرآنِ ، وهذَا مَا احْتَجَّ بهِ سَيِّدُنَا سَلْمَانُ الفارسيُّ - رضي الله عنه - عندَمَا اشتكَاهُ الصحابةُ إلى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِعِلَّةِ أنَّهُ يَخلِطُ مَا بَيْنَ آياتِ القرآنِ ، فلَمَّا سألَهُ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال :" هَلْ أَدْخَلْتُ فِيهِ غَيْرَه ؟ فَإِنِّي سَمِعْتُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَقُول { خُذْ مِنَ الْقُرْآنِ مَا شِئْتَ لِمَا شِئْت } وَسَمِعْتُكَ تَقُول { مَنْ لاَ شَفَاهُ الْقُرْآنُ لاَ شَفَاهُ اللَّه } ، فَجَمَعْتُ الآيَاتِ الَّتِي تُنَاسِبُ أَوْرَادِي " فقالَ لهُ الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - { أَنْتَ الطَّيِّبُ الْمُطَيَّب } (1) . وعلى هذَا فتقطيعُ الآياتِ لِقضاءِ الحوائجِ أمرٌ ضروريٌّ .. وضربَ سَيِّدِي فَخْرُ الدِّينِ - رضي الله عنه - مَثَلاً على ذلكَ فقالَ : لوْ أردْتَ أنْ لاَ يراكَ أحدٌ وأنْتَ تَسِيرُ في الشارعِ وأرَدْتَ أنْ تستعينَ على ذلكَ بالقرآنِ فيمكنُكَ أنْ تَقُول {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَرُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَرَ وَهُوَ اللَّطِيف} (2) فهُنَا حدُّ اللطافةِ بمعنى أنْ تَكونَ كالهواءِ فلاَ يَرَاكَ أحدٌ ، أمَّا إذَا أكْمَلْتَ فَقُلْت {وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِير} فَسَيَخْبُرُونَكَ - أيْ يَصِيرُونَ على خبرةٍ بِكَ ومعرفةٍ وشهودٍ - بِسِرِّ الاسمِ " الخبيرِ" ؛ وذلكَ لِخاصِّيَّتِهِ في الفكرِ والخبرة .. __________ (1) 2- ذَكَرَه سَيِّدِي فخر الدِّين - رضي الله عنه - في دروسه . (2) 1- سورة الأنعام : 103 ________________________________________ {وَلَوْ أَنَّ قُرْءَانًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَال} فآياتُ القرآنِ الكريمِ هُنَا لِقضاءِ حوائجِ المؤمِنِينَ على اختلافِهَا وتَعَدُّدِهَا ، فسبحانَ مَنْ كلامُهُ لاَ يَخْلَقُ على كثرةِ الرَّدِّ ولاَ تنقضي عجائبُهُ ولاَ تنتهي غرائبُه .
= برهانيات كوم * ( الم نَوَوْا فَلَوَوْا عَمَّا نَوَوْا ... ) : يشتكي لِلألِفِ فيَقُولُ : يا كتابَ الألِفِ .. هناكَ أعداءٌ يريدُونَ لِي الضررَ ويَنْوُونَهُ إمّا بالمالِ أوْ بالحالِ أوْ بالحيلةِ أوْ بالواسطةِ .. لُفَّ عَلَيْهِمْ نِيَّتَهُمْ ، ( ثُمَّ لَوَوْا عَمَّا نَوَوْا ) عَنِ تفكيرِ العقلِ في هذهِ النِّيَّةِ ، ( فَعَمُوا وَصَمُّوا عَمَّا نَوَوْا ) مِنْ تنفيذِ هذَا الموضوعِ .. ( فَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لاَ ) : القولُ يعني العذابَ ، وإذَا قُلْنَا لَهُمْ كالآيةِ القرآنية ( فَهُمْ لا يَنطِقُون ) نَطَقُوا وربَّما جادَلُوا بالباطل . ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ ) : فإذَا قُلْتَ ( لاَ تُرْجَعُون ) أَتَوْا ولا يَمشُونَ بلْ يَجلسونَ هناك . __________ (1) 1- سورة الكهف : 110 (2) 2- هذَا المَعْنَى مِنْ كتاب الألِف لسَيِّدِي محيي الدّين بن عربيّ - رضي الله عنه - . ________________________________________ ( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانْفُذُوا لاَ ) : والتكملةُ في الآية {لا تَنفُذُونَ إلا بِسُلْطَن} ، أنْتَ لاَ تريدُ لهمْ قوَّةَ النفاذِ إلى سماواتِ رُوحِكَ وأرضيَّةِ جسدِكَ ؛ فلوْ أَكْمَلْتَ الآيةَ فإنَّكَ بذلكَ تعطيهمْ قوةَ النفاذِ بالسلطانِ .. فلَمَّا أعطاهُ اللهُ ذلكَ كلَّهُ واعتمَدَهُ لهُ نطقَ لسانُهُ بالعرفانِ لِلحقِّ تبارَكَ وتعالى بنِعمِهِ وأفضالِهِ فقالَ - رضي الله عنه - ( لاَ آلاَءَ إِلاَّ آلاَؤُكَ يَا اللَّه ) : أيْ وَصَلَتْهُ النعمةُ وحمِدَ اللهَ عَلَيْهَا (1) . إيضاح : قُلْنَا سابقاً إنَّ أكابرَ الأولياءِ يتعلمُونَ القرآنَ مِنْ موطنِ الرحمنِ لاَ كَمَا يتعلمُهُ آحادُ الناسِ ، فَهُمْ يتعلمُونَ دقائقَ السُّوَرِ والآياتِ والكلماتِ بلْ والأَحْرُفِ ، وآيتُهُمْ في ذلكَ قولُ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - { لاَ أَقُول {الم} حَرْفٌ ؛ وَلَكِنْ أَلِفْ حَرْفٌ وَلاَمْ حَرْفٌ وَمِيمْ حَرْف } ، فالألِفُ عِلْمٌ بلْ في طيِّهِ علومٌ وكذلكَ اللامُ ، وكذلكَ الميمُ ، وكذلكَ باقي حروفِ الهجاءِ ، أوْ إنْ شئْتَ فقُلْ جوامعُ الكَلِمِ التي أُوتِيَهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - .. ولِذلكَ فلاَ تَعْجَبْ لِمَا صنَعَهُ سَيِّدِي إبراهيمُ الدّسُوقيُّ - رضي الله عنه - في هذهِ الآياتِ القرآنيةِ ؛ فالأمرُ بِبساطةٍ أنَّهُ أخذَ الفرقانَ لاَ القرآنَ ؛ فالجزءُ مِنَ القرآنِ اسمُهُ الفرقانُ ، ومجملُ كتابِ اللهِ اسمُهُ القرآن ؛ {وَقُرْءَانًا فَرَقْنَهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْث} (2) ، وصدقَ سَيِّدِي فَخْرُ الدِّينِ - رضي الله عنه - إذْ يَقُولُ ناعتاً مريدَه : __________ (1) 3- انْظُرْ عَلِّموا عَنِّي 1/14 ، 15 (2) 1- سورة الإسراء : 106 ________________________________________ إِنْ كَانَ فِي الْفَرْقِ الَّذِي فِي عِلْمِنَا ... قَدْ لاَ يَكُونُ كَعِلْمِكُمْ فُرْقَانَا فالقرآنُ هوَ العِلْمُ إجمالاً ، أمَّا الفرقانُ فهوَ العِلْمُ تفصيلاً ، ولِذلكَ فَهُمْ بِمَا عَلَّمَهُمْ ربُّهُمْ يستطيعونَ أنْ يأخذُوا مِنَ القرآنِ ما شاءُوا لِمَا يَشاءُونَ ، وذاكَ الفرقانُ طالَما أَثْبَتَّ لفظةً مِنَ القرآنِ ، وهذَا مَا احْتَجَّ بهِ سَيِّدُنَا سَلْمَانُ الفارسيُّ - رضي الله عنه - عندَمَا اشتكَاهُ الصحابةُ إلى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِعِلَّةِ أنَّهُ يَخلِطُ مَا بَيْنَ آياتِ القرآنِ ، فلَمَّا سألَهُ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال :" هَلْ أَدْخَلْتُ فِيهِ غَيْرَه ؟ فَإِنِّي سَمِعْتُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَقُول { خُذْ مِنَ الْقُرْآنِ مَا شِئْتَ لِمَا شِئْت } وَسَمِعْتُكَ تَقُول { مَنْ لاَ شَفَاهُ الْقُرْآنُ لاَ شَفَاهُ اللَّه } ، فَجَمَعْتُ الآيَاتِ الَّتِي تُنَاسِبُ أَوْرَادِي " فقالَ لهُ الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - { أَنْتَ الطَّيِّبُ الْمُطَيَّب } (1) . وعلى هذَا فتقطيعُ الآياتِ لِقضاءِ الحوائجِ أمرٌ ضروريٌّ .. وضربَ سَيِّدِي فَخْرُ الدِّينِ - رضي الله عنه - مَثَلاً على ذلكَ فقالَ : لوْ أردْتَ أنْ لاَ يراكَ أحدٌ وأنْتَ تَسِيرُ في الشارعِ وأرَدْتَ أنْ تستعينَ على ذلكَ بالقرآنِ فيمكنُكَ أنْ تَقُول {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَرُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَرَ وَهُوَ اللَّطِيف} (2) فهُنَا حدُّ اللطافةِ بمعنى أنْ تَكونَ كالهواءِ فلاَ يَرَاكَ أحدٌ ، أمَّا إذَا أكْمَلْتَ فَقُلْت {وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِير} فَسَيَخْبُرُونَكَ - أيْ يَصِيرُونَ على خبرةٍ بِكَ ومعرفةٍ وشهودٍ - بِسِرِّ الاسمِ " الخبيرِ" ؛ وذلكَ لِخاصِّيَّتِهِ في الفكرِ والخبرة .. __________ (1) 2- ذَكَرَه سَيِّدِي فخر الدِّين - رضي الله عنه - في دروسه . (2) 1- سورة الأنعام : 103 ________________________________________ {وَلَوْ أَنَّ قُرْءَانًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَال} فآياتُ القرآنِ الكريمِ هُنَا لِقضاءِ حوائجِ المؤمِنِينَ على اختلافِهَا وتَعَدُّدِهَا ، فسبحانَ مَنْ كلامُهُ لاَ يَخْلَقُ على كثرةِ الرَّدِّ ولاَ تنقضي عجائبُهُ ولاَ تنتهي غرائبُه .
تعليقات: 0
إرسال تعليق