-->
إغلاق القائمة
إغلاق القائمة
404
نعتذر فقد تم نقل الموضوع ; الرجاء زيارة الارشيف! الأرشيف

السبت، 28 أكتوبر 2017

الشيخ محمد صفوت : التصوف بين الدين والدولة

الشيخ محمد صفوت : التصوف بين الدين والدولة

برهانيات كوم / الطريقة البرهانية 

التصوّف بين الدين والدولة


لقد استقرَّ في أذهان الكثيرين من الناس أن التصوَّف دعوة إلى ترك كلِّ أمرٍ دنيوي والتفرُّغ للعبادة تفرّغاً كاملا وتجنُّب الاشتغال بالسياسة، وكيف يقال هذا والتصوّف هو الذي حمل نور الإسلام واستطاع أن ينشر الدعوة الإسلامية في مجاهل آسيا وأفريقيا وأوربا. وقد تعرَّض رجال التصوف لكلِّ ضروب العناء وكابدوا الأخطار من أجل نشر الدعوة، وهم الذين وقفوا سدَّاً منيعاً في وجه تيَّارات الإلحاد ووثنية الأتراك وأطماع الصليبيين وطغيان الاستعمار وكانت لهم المواقف المشهودة في الوقوف في وجه كلِّ خطرٍ يحدق بالإسلام. ونحن نريد أن نتناول في هذه الزاوية من الصحيفة هذه المواقف السياسية المشرِّفة في هذا العدد وأعدادنا القادمة. ونقتصر في زاوية اليوم على المواقف السياسية التي وقفها الشيخ العز بن عبد السلام رضي الله عنه إبان فترة تولّيِه الخطابة والقضاء بدمشق والقاهرة. في أيام الحروب الصليبية أذِن الحاكم الصالح إسماعيل للفرنجة في دخول دمشق وشراء السلاح فأكثروا من ابتياع الأسلحة وآلات الحرب من أهل دمشق ، فأنكر المسلمون ذلك ومشى المسلمون منهم إلى العلماء واستفتوهم، فأفتى الشيخ العز بن عبد السلام رضي الله عنه بتحريم بيع الأسلحة وأوقف الدعاء للصالح إسماعيل على المنبر وجعل بدلاً منه (اللهم أبرم لهذه الأمة إبرام رشد تُعزُّ فيه أوليائك وتذلُّ فيه أعدائك ويعمل فيه بطاعتك وينهى فيه عن معصيتك) فعزله الملك الصالح واعتقله ثمَّ أمره أن يلزم داره. وعندما سلَّم أحد حكَّام المماليك قلعة صفد إلى الصليبيين دعا الشيخ العز بن عبد السلام رضي الله عنه إلى القبض على المماليك وبيعهم في الأسواق وضمِّ أثمانهم إلى بيت المال لأنَّ صلاح الدين لم يعتقهم وقد فعل هذا غضباً لله تعالى. وفي عام 756هـ عُقد مجلس بالقلعة عند الملك المنصور حضره الشيخ العز بن عبد السلام رضي الله عنه وسئل عن أخذ أموال العامة ونفقتها في الحرب فقال للملك: إذا لم يبق في بيت مال المسلمين شيءٌ وأنفقتم الأموال والذهب وغيرها من الزينة وساويتم العامة في الملابس غير آلآت الحرب ولم يبق للجنديِّ إلا فرسه التي يركبها ساغ أخذ شيءٍ من أموال الناس في دفع الأعداء إلا أنه إذا دهم العدو البلاد وجب على الناس كافةً دفعه بأموالهم وأنفسهم، ولما ولِّي الشيخ رضي الله عنه قضاء مصر ولما بنى الوزير معين الدين بناء لأعوانه على سطح مسجد بالقاهرة فبلغ ذلك الشيخ عبد العزيز بن عبد السلام، فأنكر عليه ذلك، ومضى بنفسه ومعه أولاده حتى هدم البناء وأزاله من على السطح، وأسقط شهادة الوزير معين الدين في المحاكم وجعله ممن لا تقبل شهادتهم، فأدَّى هذا إلى عزله عن القضاء وإجباره على لزوم البيت ، وكان الشيخ رضي الله عنه شديد الانتقاد للظاهر بيبرس رغم أنه بايعه ورغم مواقف الظاهر بيبرس العظيمة في الجهاد ضدَّ الصليبيين وضدَّ الباطنية، ولما توفي الشيخ العز بن عبد السلام رضي الله عنه في عام 660 هـ قال الظاهر بيبرس: الآن استقرَّ ملكي. وهذه المواقف دلَّت على أن مشائخنا رضي الله عنهم لم يكونوا يقفون بمعزل عن الأحداث السياسية الكبرى، ولم يكن حرصهم على المناصب يجعلهم يتغاضون عن هفوات الحكام وتجاوزاتهم .

مشاركة المقال
mohamed fares
@كاتب المقاله
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع برهانيات كوم .

مقالات متعلقة



Seoplus جميع الحقوق محفوظة ل برهانيات كوم