برهانيات كوم
نسيم الصَّبا
تزوَّج رجل من تهامة امرأةً من نجد فلما نقلها إلى دياره بتهامة، قالت له: ما فعلت ريح كانت تأتينا ؟ قال: يحجزها عنا هذان الجبلان فأنشدت:
أيا جبلي نَعمانَ بالله خَلِيا نسيمَ الصبا يخلُصْ إليَّ نسيمُهافإنَّ الصبا ريحٌ إذا ما تنفَّست على نفسِ محزونٍ تجلَّت همومُها
*********العاشق والطبيب
عشق رجل فتاةً حتى ذهب عقله فأتوه بطبيب يقال له عبد العزيز ليعالجه فقال الرجل:أتوني بالطبيب فعالجوني على أن قيل مجنونٌ غريبُوما بي جِنَّةٌ لكنَّ قلبي به داءٌ تموتُ به القلوبُوما عبد العزيز طبيبَ قلبي ولكن الطبيبَ هو الحبيبُ
*********وصية إبراهيم عليه السلام
لما شبَّ إسماعيل عليه السلام تزوَّج امرأةً من جُرهم، فجاء أبوه إبرهيم عليه السلام ، فلم يجده ووجد امرأته، فلم تعرفه وأبت أن تدعوَه للنزول.
فقال لها: كيف حالُكم ؟ فقالت: شرُّ حال، نحنُ في ضيق وشدَّة، فقال لها: إذا جاء زوجُك فأقرئيه السلام وقولي له يُغيَّر عتبة بابه، فلما جاء زوجها أخبرته فقال: ذاك أبي إبراهيم، وقد أمرني أن أفارقَك، فالحقي بأهلك.
*********عاقبة الصدق
لما قتل الحجاج عبد الرحمن بن الأشعث وأسر أصحابه جيء بهم وأمر بالسياف ليضرب أعناقهم، فقام رجل منهم فقال:أصلح الله الأمير، إن لي عليك يد.
قال الحجاج: وما هي ؟ قال: سبَّكَ عبد الرحمن يوما في مجلسه فدافعتُ عنك، قال الحجاج: ومن يشهد بذلك ؟ فقام رجلٌ من الأسرى فقال: إني أشهدُ بذلك يا حجّأج،فقال: خلُّوا عن الرجل، فأطلقوه، ثم قال للرجل: وما منعك أنت أن تُدافع عني، قال: لشدة بُغضي لك، قال الحجَّاج: ويخلَّى عن هذا أيضاً لصدقه.ذوالشهادتين
ابتاع رسول الله صلى الله عليه وسلَّم فرسا من أعرابي، ثم ذهب إلى داره ليعطيه الثمن، فصار رسول الله صلى الله عليه وسلَّم يُسرع والأعرابي يُبطيء وقد أحاط به الناس، يساومونه في الفرس، وما علموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم قد ابتاعه، حتى زادوه على الثمن، فطمع الأعرابي ونادى فقال: يا محمد، إن كنتَ مُبتاعا هذا الفرس فابتعه وإلا بِعتُه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوليس قد ابتعته منك ؟ فقال الأعرابي: ومن يشهد بذلك؟ وغالطه فأحاط بهم الناس،وقالوا للأعرابي: ويلك إنَّ رسول الله لا يقول إلا حقا، حتى جاء خُزيمة الأسدي (فاستمع لمراجعة النبي صلى الله عليه وسلم ومراجعة الأعرابي، فطفق الأعرابي يقول: هلمَّ شهيدا أنِّي قد بايعتك، فقال خزيمة: أنا أشهد أنك قد بايعته، فأقبل النبي على خُزيمة وقال: بمَ تشهد، فقال: بصدقك يا رسولَ الله، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم شهادة خُزيمة بشهادة رجلين.
*********عنجهية الأعراب
كانت باهلة من أضعف قبائل العرب وأقلِّها عددا، فقيل لأعرابي من تميم:يا أعرابي، أيسرُّك أن تكون من باهلةَ ولك ألف من الإبل الكرام.؟ قال: لا، قيل: ولك ألفان ؟، قال: لا، قيل: وأن تدخلَ الجنَّة؟ فسكت ثمَّ قال: نعم، على ألا يعلمَ أهل الجنَّة بذلك.*********عبد الله بن جعفر
هو عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وكان آية في الجود والعطاء وكان لا يبقى في يده مالا جودا وعطاء. وقد روي أنه خرج يوما يتنزه حتى تخطى بيوت المدينة فرأى قطعة أرض فيها نخيل وبها عبد أسود يرعى أغناما لسيده، وقد حان وقت غذائه ففتح صرة كانت معه بها ثلاثة أرغفة ولما هم بأكل أحدها إذا كلب يلهث من الجوع والظمأ قد حضر إليه فألقى إليه الرغيف فالتهمه فألقى له الثاني فالثالث، فعجب ابن جعفر ونادى الغلام والغلام لا يعرفه، فقال له: يا فتى ما هو قوت يومك؟ قال ما قد رأيت. قال وماذا تصنع؟ قال أطوي يومي على الجوع! قال وما حملك على هذا؟ قال إن أرضنا هذه لا يأتي إليها الكلاب، فهذا الكلب لا بد أنه جاء من المدينة ورأيته يقصدني فاستحييت من الله أن أرده جائع. فعجب عبد الله وقال يقولون إني جواد وهذا الغلام أجود مني؟ ثم اشترى الغلام من سيده واشترى الأغنام واشترى الأرض بما عليها من نخيل وأعتق الغلام ووهبه تلك الأشياء!
*********ناقةٌ كريمةساوم ملك أعرابياً على ناقةٍ له كريمة تُسمَّى سكاب، فأبى أن يبيعَها له، فزاده الثمن أضعافا فأبى وقال:
أبيتَ اللعنَ إنِّ سكابِ عِلقٌ مصونٌ لا يُعارُ ولا يُباعُمفدَّاةٌ مكرَّمةٌ علينا يُجاعُ لها العِيالُ ولا تُجاعُفلا تطمعْ أبيتَ اللعنَ فيها وبيعِكها بشيءٍ يستطاعيحكى أن بعض النحويين دخل مجلس الحسن بن سمعون ليسمع كلامه فوجده يلحن فانصرف ذاما له، فبلغ ذلك الحسن، فكتب له: إنك من كثرة الإعجاب رضيت بالوقوف دون الباب، اعتمدت على ضبط أقوالك مع لحن أفعالك، وإنك قد تهت بين خفض ورفع، ونصب وجزم، فانقطعت عن المقصود هلا رفعت إلى الله جميع الحاجات وخفضت المنكرات وجزمت على الشهوات ونصبت بين عينيك الممات؟ والله يا أخى ما يقال للعبد لم لم تكن معربا، وإنما يقال له لم كنت مذنبا، ليس المراد فصاحة المقال وإنما المراد فصاحة الفعال، ولو كان الفضل فى فصاحة اللسان لكان سيدنا هارون أولى بالرسالة من سيدنا موسى حيث يقول ?وأخى هارون هو أفصح منى لسان?.
وقد يتكلم الإنسان بحكم وحقائق، مع فصاحة وبلاغة وشقاشق، لكنها مكسوفة الأنوار مكموسة الأسرار، ليس منها حلاوة، ولا عليها طلاوة، سبب ذلك عدم الإذن فيها، إذ لو أذن له فى التعبير لظهر عليها كسوة التنوير، وينبغى لأهل التعبير أن يخاطبوا الناس بقدر مايفهمون، فليس التعبير لأهل البداية كأهل النهاية وفى الحديث (خاطبوا الناس بقدر عقلوهم).
*********
سأل سائل سيدي جلال الدين السيوطي رضي الله عنه وكان آن ذاك شيخا للأزهر الشريف عن معنى قوله تعالى ?الرحمن على العرش استوى? وكان السائل من الفرقة الضالة التي تقول بالمكان والزمان لله سبحانه وتعالى عما يصفون، فرد عليه سيدي جلال الدين بهذه الأبيات الساخرة التي تعتمد على المنطق والأدب وسعة الثقافة
*********
جرت بين الإمام الشَّافعيُّ وبعض أصحابه مجانة فقال:
وَأَنْزَلَنِي طُولُ النَّوَى دَارَ غُرْبَةٍ إِذَا شِئْتُ لاَقَيْتُ امْرَءَاً لاَ أُشَاكِلُهُأُحَامِقُهُ حَتَّى يُقَالَ سَجِيَّةٌ وَلَوْ كَانَ ذَا عَقْلِ لَكُنْتُ أَعَاقِلُهُ
مصدر هذين البيتين من كتاب: معجم الأدباء لياقوت الحموي وحلية الأولياء وبهجة المجالس. وقال الإمام يوسف بن عبد اللّه بن محمد بن عبد البر النمري القرطبي، في بهجة المجالس:خرج الشافعي الفقيه رضي اللّه عنه، في بعض أسفاره، فضمَّه اللَّيلُ إلى مسجد، فبات فيه، وإذا في المسجد قوم عوامٌ يتحدثون بضروب من الخنا (فحش الكلام وهجر المنطق)، فقال البيتين.
*********العاشق والطبيب
عشق رجل فتاةً حتى ذهب عقله فأتوه بطبيب يقال له عبد العزيز ليعالجه فقال الرجل:أتوني بالطبيب فعالجوني على أن قيل مجنونٌ غريبُوما بي جِنَّةٌ لكنَّ قلبي به داءٌ تموتُ به القلوبُوما عبد العزيز طبيبَ قلبي ولكن الطبيبَ هو الحبيبُ
*********وصية إبراهيم عليه السلام
لما شبَّ إسماعيل عليه السلام تزوَّج امرأةً من جُرهم، فجاء أبوه إبرهيم عليه السلام ، فلم يجده ووجد امرأته، فلم تعرفه وأبت أن تدعوَه للنزول.
فقال لها: كيف حالُكم ؟ فقالت: شرُّ حال، نحنُ في ضيق وشدَّة، فقال لها: إذا جاء زوجُك فأقرئيه السلام وقولي له يُغيَّر عتبة بابه، فلما جاء زوجها أخبرته فقال: ذاك أبي إبراهيم، وقد أمرني أن أفارقَك، فالحقي بأهلك.
*********عاقبة الصدق
لما قتل الحجاج عبد الرحمن بن الأشعث وأسر أصحابه جيء بهم وأمر بالسياف ليضرب أعناقهم، فقام رجل منهم فقال:أصلح الله الأمير، إن لي عليك يد.
قال الحجاج: وما هي ؟ قال: سبَّكَ عبد الرحمن يوما في مجلسه فدافعتُ عنك، قال الحجاج: ومن يشهد بذلك ؟ فقام رجلٌ من الأسرى فقال: إني أشهدُ بذلك يا حجّأج،فقال: خلُّوا عن الرجل، فأطلقوه، ثم قال للرجل: وما منعك أنت أن تُدافع عني، قال: لشدة بُغضي لك، قال الحجَّاج: ويخلَّى عن هذا أيضاً لصدقه.ذوالشهادتين
ابتاع رسول الله صلى الله عليه وسلَّم فرسا من أعرابي، ثم ذهب إلى داره ليعطيه الثمن، فصار رسول الله صلى الله عليه وسلَّم يُسرع والأعرابي يُبطيء وقد أحاط به الناس، يساومونه في الفرس، وما علموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم قد ابتاعه، حتى زادوه على الثمن، فطمع الأعرابي ونادى فقال: يا محمد، إن كنتَ مُبتاعا هذا الفرس فابتعه وإلا بِعتُه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوليس قد ابتعته منك ؟ فقال الأعرابي: ومن يشهد بذلك؟ وغالطه فأحاط بهم الناس،وقالوا للأعرابي: ويلك إنَّ رسول الله لا يقول إلا حقا، حتى جاء خُزيمة الأسدي (فاستمع لمراجعة النبي صلى الله عليه وسلم ومراجعة الأعرابي، فطفق الأعرابي يقول: هلمَّ شهيدا أنِّي قد بايعتك، فقال خزيمة: أنا أشهد أنك قد بايعته، فأقبل النبي على خُزيمة وقال: بمَ تشهد، فقال: بصدقك يا رسولَ الله، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم شهادة خُزيمة بشهادة رجلين.
*********عنجهية الأعراب
كانت باهلة من أضعف قبائل العرب وأقلِّها عددا، فقيل لأعرابي من تميم:يا أعرابي، أيسرُّك أن تكون من باهلةَ ولك ألف من الإبل الكرام.؟ قال: لا، قيل: ولك ألفان ؟، قال: لا، قيل: وأن تدخلَ الجنَّة؟ فسكت ثمَّ قال: نعم، على ألا يعلمَ أهل الجنَّة بذلك.*********عبد الله بن جعفر
هو عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وكان آية في الجود والعطاء وكان لا يبقى في يده مالا جودا وعطاء. وقد روي أنه خرج يوما يتنزه حتى تخطى بيوت المدينة فرأى قطعة أرض فيها نخيل وبها عبد أسود يرعى أغناما لسيده، وقد حان وقت غذائه ففتح صرة كانت معه بها ثلاثة أرغفة ولما هم بأكل أحدها إذا كلب يلهث من الجوع والظمأ قد حضر إليه فألقى إليه الرغيف فالتهمه فألقى له الثاني فالثالث، فعجب ابن جعفر ونادى الغلام والغلام لا يعرفه، فقال له: يا فتى ما هو قوت يومك؟ قال ما قد رأيت. قال وماذا تصنع؟ قال أطوي يومي على الجوع! قال وما حملك على هذا؟ قال إن أرضنا هذه لا يأتي إليها الكلاب، فهذا الكلب لا بد أنه جاء من المدينة ورأيته يقصدني فاستحييت من الله أن أرده جائع. فعجب عبد الله وقال يقولون إني جواد وهذا الغلام أجود مني؟ ثم اشترى الغلام من سيده واشترى الأغنام واشترى الأرض بما عليها من نخيل وأعتق الغلام ووهبه تلك الأشياء!
*********ناقةٌ كريمةساوم ملك أعرابياً على ناقةٍ له كريمة تُسمَّى سكاب، فأبى أن يبيعَها له، فزاده الثمن أضعافا فأبى وقال:
أبيتَ اللعنَ إنِّ سكابِ عِلقٌ مصونٌ لا يُعارُ ولا يُباعُمفدَّاةٌ مكرَّمةٌ علينا يُجاعُ لها العِيالُ ولا تُجاعُفلا تطمعْ أبيتَ اللعنَ فيها وبيعِكها بشيءٍ يستطاعيحكى أن بعض النحويين دخل مجلس الحسن بن سمعون ليسمع كلامه فوجده يلحن فانصرف ذاما له، فبلغ ذلك الحسن، فكتب له: إنك من كثرة الإعجاب رضيت بالوقوف دون الباب، اعتمدت على ضبط أقوالك مع لحن أفعالك، وإنك قد تهت بين خفض ورفع، ونصب وجزم، فانقطعت عن المقصود هلا رفعت إلى الله جميع الحاجات وخفضت المنكرات وجزمت على الشهوات ونصبت بين عينيك الممات؟ والله يا أخى ما يقال للعبد لم لم تكن معربا، وإنما يقال له لم كنت مذنبا، ليس المراد فصاحة المقال وإنما المراد فصاحة الفعال، ولو كان الفضل فى فصاحة اللسان لكان سيدنا هارون أولى بالرسالة من سيدنا موسى حيث يقول ?وأخى هارون هو أفصح منى لسان?.
وقد يتكلم الإنسان بحكم وحقائق، مع فصاحة وبلاغة وشقاشق، لكنها مكسوفة الأنوار مكموسة الأسرار، ليس منها حلاوة، ولا عليها طلاوة، سبب ذلك عدم الإذن فيها، إذ لو أذن له فى التعبير لظهر عليها كسوة التنوير، وينبغى لأهل التعبير أن يخاطبوا الناس بقدر مايفهمون، فليس التعبير لأهل البداية كأهل النهاية وفى الحديث (خاطبوا الناس بقدر عقلوهم).
*********
سأل سائل سيدي جلال الدين السيوطي رضي الله عنه وكان آن ذاك شيخا للأزهر الشريف عن معنى قوله تعالى ?الرحمن على العرش استوى? وكان السائل من الفرقة الضالة التي تقول بالمكان والزمان لله سبحانه وتعالى عما يصفون، فرد عليه سيدي جلال الدين بهذه الأبيات الساخرة التي تعتمد على المنطق والأدب وسعة الثقافة
*********
جرت بين الإمام الشَّافعيُّ وبعض أصحابه مجانة فقال:
وَأَنْزَلَنِي طُولُ النَّوَى دَارَ غُرْبَةٍ إِذَا شِئْتُ لاَقَيْتُ امْرَءَاً لاَ أُشَاكِلُهُأُحَامِقُهُ حَتَّى يُقَالَ سَجِيَّةٌ وَلَوْ كَانَ ذَا عَقْلِ لَكُنْتُ أَعَاقِلُهُ
مصدر هذين البيتين من كتاب: معجم الأدباء لياقوت الحموي وحلية الأولياء وبهجة المجالس. وقال الإمام يوسف بن عبد اللّه بن محمد بن عبد البر النمري القرطبي، في بهجة المجالس:خرج الشافعي الفقيه رضي اللّه عنه، في بعض أسفاره، فضمَّه اللَّيلُ إلى مسجد، فبات فيه، وإذا في المسجد قوم عوامٌ يتحدثون بضروب من الخنا (فحش الكلام وهجر المنطق)، فقال البيتين.