برهانيات كوم
ذات يوم كان الإمام الحسن جالس.. فأتاه رجل وسأله أن يعطيه شيئا من الصدقة، ولم يكن عنده ما يسد به رمقه، فاستحيا أن يرده، فقال رضى الله تبارك وتعالى عنه: ألا أدلك على شئ يحصل لك منه البر؟ فقال الرجل: ماذا تدلنى عليه؟ فقال الإمام: اذهب إلى الخليفة فإن ابنته توفيت وانقطع عليها وما سمع من أحد تعزية، فعزه بهذه التعزية يحصل لك بها الخير، فقال الرجل: حفظنى إياه.
قال: قل له الحمد لله الذى سترها بجلوسك على قبرها ولا هتكها بجلوسها على قبرك. فذهب إلى الخليفة وعزاه بهذه التعزية فسمعها فذهب عنه الحزن، فأمر له بجائزة وقال: بالله عليك أكلامك هذا؟ قال: لا بل كلام الإمام الحسن سبط رسول الله صلوات ربى وسلامه عليه.
فقال الخليفة: صدقت فإنه معدن الكلام الفصيح وأمر له بجائزة أخرى.
بعد يوم حافل بالأعمال الإلهية وضع الحبيب المصطفى نعليه عند رجليه ثم وضع رداءه حتى بسط إزاره على فراشه وكان ذلك في منزل السيدة عائشة وبعد لحظات تسلل رويدا رويدا حتى لا يزعج الحبيبة ظنا منه أنها رقدت فانتعل نعله وتناول ازاره والتحف بردائه وخرج خفية رويدا رويد.. فتقنعت السيدة عائشة وانطلقت في أثر الحبيب.. ترى أين يذهب في هذه الساعة؟ هل إلى منزل آخر غير منزلها أم هناك شئ جم.. وتتابعت لهفة خطى الزوجة على الزوج بل على الحبيب بل على الرسول أين سيذهب؟ وظلت في أثره حتى أتى بقيع الغرقد وهناك في مثل هذه الساعة من الليل رفع الحبيب يده ثلاث مرات بل أطال القيام وبعد برهة انحرف الحبيب وبالشوق انحرفت خلفه الحبيبة ثم أسرع فأسرعت بالتبعية ثم هرول فهرولت ثم أحضر فأحضرت فلما انتهى من زيارته قفا راجعا فسبقته الزوجة الشغوفة ودخلت بيتها وعانقت مخدعها، فلما دخل الرفيق سمع دقات تصدر من بين الضلوع فاستفسر مستعجبا: مالك ياعائشة حشيا رابية؟ فقلت لاشىء، وهنا يتجلى الحبيب ليعلن عن مدى قربه بحبيبه ويبادرها القول: أتخبريننى أو ليخبرنى اللطيف الخبير؟ فقالت: يارسول الله فداك أبى وأمى.. واظهرت مدى قلقها عليه وشوقها لمعرفة ما يدور حوله.. ومرة أخرى يظهر الحبيب لها احساسه بها فيقول لها: أنت السواد الذى رأيته أمامى؟ أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله، فقالت: مهما يكتم الناس فقد علم الله.. ثم بدأ الحبيب بسرد أحداث تلك الليلة بقوله: لقد آتانى جبريل حين رأيتينى ولم يكن يدخل عليك وقد وضعت ثيابك فنادانى وتوارى منك فأجبته وأخفيته منك وقد ظننت أنك قد رقدت وكرهت أن أوقظك وخشيت أن تستوحشى.. فأمرنى أن آتى أهل البقيع لأستغفر لهم وأترحم عليهم.. فيا حظهم من استغفاره ورحمته وهم أهل له.. شملنا الله تحت سماء عرشه ورحمته واستغفاره.
*********
عن إبراهيم بن ميسرة قال ما رأيت عمر بن عبد العزيز ضرب احدا في خلافته غير رجل واحد تناول من معاوية بالسب فضربه ثلاثة أسواط وعن أدهم مولى عمر بن عبد العزيزقال كنا نقول لعمر بن عبد العزيز في العيدين تقبل الله منا ومنك يا أمير المؤمنين فيرد علينا ولا ينكر ذلك علينا وقال رأيت عمر بن عبد العزيزبخناصرة يخطب الناس وقميصه مرقوع.اغتسل الإمام الحسن رضى الله تبارك وتعالى عنه وخرج من داره في بعض الأيام وعليه حلة فاخرة ووفرة ظاهرة ومحاسن سافرة، فعرض له في طريقه شخص من صغراء اليهود وعليه مسح من جلود، قد أنهكته العلة وركبته القلة والذلة، وشمس الظهيرة قد شوت شواه، وهو حامل جرة ماء على ظهره، فاستوقف الإمام الحسن رضى الله تبارك وتعالى عنه وقال: يا ابن رسول الله سؤال، فقال الإمام: ماهو؟ فقال اليهودى: جدك يقول؟الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر وأنت مؤمن، وأنا كافر، فما أرى الدنيا إلا جنة لك تتنعم بها وما أراها إلا سجنا علىّ قد أهلكنى ضرها وأجهدنى فقرها، فلما سمع الإمام الحسن كلامه قال له: يا هذا لو نظرت إلى ما أعد الله لى في الآخرة لعلمت أنى في هذه الحالة بالنسبة إلى تلك في سجن.. ولو نظرت إلى ما أعد الله لك في الآخرة من العذاب الأليم.. لرأيت أنك الآن في جنة واسعة.
*********
لما بعث سليمان بن عبد الملك أسامة بن زيد الكلبي على مصر دخل أسامة على عمر بن عبد العزيز فقال يا أبا حفص إنه والله ما على ظهر الأرض من رجل بعد أمير المؤمنين أحب إلي رضا منك ولا أعز علي سخطا منك وإن أمير المؤمنين قد وجهني إلى مصر فأوصني ما شئت واكتب إلي فيما شئت فإنك لن تأمر بأمر إلا نفذ إن شاء الله قال ويحك يا أسامة إنك تأتي قوما قد ألح عليهم البلاء منذ دهر طويل فإن قدرت على أن تنعشهم فانعشهم قال يا أبا حفص إنك قد علمت نهمة أمير المؤمنين في المال وإنه لا يرضيه إلا المال قال إنك إن تطلب رضا أمير المؤمنين بسخط الله يكن الله قادرا على أن يسخط أمير المؤمنين عليك قال إني سأودع أمير المؤمنين وأنت حاضر إن شاء الله فتسمع وصاته فلما كان في اليوم الذي أراد أن يسير فيه غدا على سليمان متقلدا بسيف متوشحا عمامته يتحين دخول عمر فلما عرف أن عمر قد استقر فقعد مقعده عند سليمان استأذن ودخل وسلم ثم مثل قائما فقال يا أمير المؤمنين هذا وجهي وأردت أن أحدث عهدا يا أمير المؤمنين وأن يعهد إلي أمير المؤمنين قال احلب حتى ينفيك الدم فإذا أنفاك فاحلب حتى ينفيك القيح لا تنفيهما لأحد بعدي قال فخرج فلم يزل واقفا حتى خرج عمر من عند سليمان فسار معه قبل منزل عمر فقال يا أبا حفص قد سمعت وصاة أمير المؤمنين قال وأنت قد سمعت وصاتي قلت أوصني في خاصتك قال ما أنا بموصيك مني في خاصتي إلا أوصيك به في العامة فسار إلى مصر فعمل فيها عملا والله ما عمله فيها فرعون فقد قص عليكم ما عمل فرعون فقلت له فما صنعتم به حين وليتم قال عزلناه ووقفناه بمصر في العسكر فوالله ما جاء أحد من الناس يطلب قبله دينارا ولا درهما إلا وجدناه مثبتا في بيت المال كان أمينا في الأرض.
قال: قل له الحمد لله الذى سترها بجلوسك على قبرها ولا هتكها بجلوسها على قبرك. فذهب إلى الخليفة وعزاه بهذه التعزية فسمعها فذهب عنه الحزن، فأمر له بجائزة وقال: بالله عليك أكلامك هذا؟ قال: لا بل كلام الإمام الحسن سبط رسول الله صلوات ربى وسلامه عليه.
بعد يوم حافل بالأعمال الإلهية وضع الحبيب المصطفى نعليه عند رجليه ثم وضع رداءه حتى بسط إزاره على فراشه وكان ذلك في منزل السيدة عائشة وبعد لحظات تسلل رويدا رويدا حتى لا يزعج الحبيبة ظنا منه أنها رقدت فانتعل نعله وتناول ازاره والتحف بردائه وخرج خفية رويدا رويد.. فتقنعت السيدة عائشة وانطلقت في أثر الحبيب.. ترى أين يذهب في هذه الساعة؟ هل إلى منزل آخر غير منزلها أم هناك شئ جم.. وتتابعت لهفة خطى الزوجة على الزوج بل على الحبيب بل على الرسول أين سيذهب؟ وظلت في أثره حتى أتى بقيع الغرقد وهناك في مثل هذه الساعة من الليل رفع الحبيب يده ثلاث مرات بل أطال القيام وبعد برهة انحرف الحبيب وبالشوق انحرفت خلفه الحبيبة ثم أسرع فأسرعت بالتبعية ثم هرول فهرولت ثم أحضر فأحضرت فلما انتهى من زيارته قفا راجعا فسبقته الزوجة الشغوفة ودخلت بيتها وعانقت مخدعها، فلما دخل الرفيق سمع دقات تصدر من بين الضلوع فاستفسر مستعجبا: مالك ياعائشة حشيا رابية؟ فقلت لاشىء، وهنا يتجلى الحبيب ليعلن عن مدى قربه بحبيبه ويبادرها القول: أتخبريننى أو ليخبرنى اللطيف الخبير؟ فقالت: يارسول الله فداك أبى وأمى.. واظهرت مدى قلقها عليه وشوقها لمعرفة ما يدور حوله.. ومرة أخرى يظهر الحبيب لها احساسه بها فيقول لها: أنت السواد الذى رأيته أمامى؟ أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله، فقالت: مهما يكتم الناس فقد علم الله.. ثم بدأ الحبيب بسرد أحداث تلك الليلة بقوله: لقد آتانى جبريل حين رأيتينى ولم يكن يدخل عليك وقد وضعت ثيابك فنادانى وتوارى منك فأجبته وأخفيته منك وقد ظننت أنك قد رقدت وكرهت أن أوقظك وخشيت أن تستوحشى.. فأمرنى أن آتى أهل البقيع لأستغفر لهم وأترحم عليهم.. فيا حظهم من استغفاره ورحمته وهم أهل له.. شملنا الله تحت سماء عرشه ورحمته واستغفاره.
*********
عن إبراهيم بن ميسرة قال ما رأيت عمر بن عبد العزيز ضرب احدا في خلافته غير رجل واحد تناول من معاوية بالسب فضربه ثلاثة أسواط وعن أدهم مولى عمر بن عبد العزيزقال كنا نقول لعمر بن عبد العزيز في العيدين تقبل الله منا ومنك يا أمير المؤمنين فيرد علينا ولا ينكر ذلك علينا وقال رأيت عمر بن عبد العزيزبخناصرة يخطب الناس وقميصه مرقوع.اغتسل الإمام الحسن رضى الله تبارك وتعالى عنه وخرج من داره في بعض الأيام وعليه حلة فاخرة ووفرة ظاهرة ومحاسن سافرة، فعرض له في طريقه شخص من صغراء اليهود وعليه مسح من جلود، قد أنهكته العلة وركبته القلة والذلة، وشمس الظهيرة قد شوت شواه، وهو حامل جرة ماء على ظهره، فاستوقف الإمام الحسن رضى الله تبارك وتعالى عنه وقال: يا ابن رسول الله سؤال، فقال الإمام: ماهو؟ فقال اليهودى: جدك يقول؟الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر وأنت مؤمن، وأنا كافر، فما أرى الدنيا إلا جنة لك تتنعم بها وما أراها إلا سجنا علىّ قد أهلكنى ضرها وأجهدنى فقرها، فلما سمع الإمام الحسن كلامه قال له: يا هذا لو نظرت إلى ما أعد الله لى في الآخرة لعلمت أنى في هذه الحالة بالنسبة إلى تلك في سجن.. ولو نظرت إلى ما أعد الله لك في الآخرة من العذاب الأليم.. لرأيت أنك الآن في جنة واسعة.
*********
لما بعث سليمان بن عبد الملك أسامة بن زيد الكلبي على مصر دخل أسامة على عمر بن عبد العزيز فقال يا أبا حفص إنه والله ما على ظهر الأرض من رجل بعد أمير المؤمنين أحب إلي رضا منك ولا أعز علي سخطا منك وإن أمير المؤمنين قد وجهني إلى مصر فأوصني ما شئت واكتب إلي فيما شئت فإنك لن تأمر بأمر إلا نفذ إن شاء الله قال ويحك يا أسامة إنك تأتي قوما قد ألح عليهم البلاء منذ دهر طويل فإن قدرت على أن تنعشهم فانعشهم قال يا أبا حفص إنك قد علمت نهمة أمير المؤمنين في المال وإنه لا يرضيه إلا المال قال إنك إن تطلب رضا أمير المؤمنين بسخط الله يكن الله قادرا على أن يسخط أمير المؤمنين عليك قال إني سأودع أمير المؤمنين وأنت حاضر إن شاء الله فتسمع وصاته فلما كان في اليوم الذي أراد أن يسير فيه غدا على سليمان متقلدا بسيف متوشحا عمامته يتحين دخول عمر فلما عرف أن عمر قد استقر فقعد مقعده عند سليمان استأذن ودخل وسلم ثم مثل قائما فقال يا أمير المؤمنين هذا وجهي وأردت أن أحدث عهدا يا أمير المؤمنين وأن يعهد إلي أمير المؤمنين قال احلب حتى ينفيك الدم فإذا أنفاك فاحلب حتى ينفيك القيح لا تنفيهما لأحد بعدي قال فخرج فلم يزل واقفا حتى خرج عمر من عند سليمان فسار معه قبل منزل عمر فقال يا أبا حفص قد سمعت وصاة أمير المؤمنين قال وأنت قد سمعت وصاتي قلت أوصني في خاصتك قال ما أنا بموصيك مني في خاصتي إلا أوصيك به في العامة فسار إلى مصر فعمل فيها عملا والله ما عمله فيها فرعون فقد قص عليكم ما عمل فرعون فقلت له فما صنعتم به حين وليتم قال عزلناه ووقفناه بمصر في العسكر فوالله ما جاء أحد من الناس يطلب قبله دينارا ولا درهما إلا وجدناه مثبتا في بيت المال كان أمينا في الأرض.