ورد ودعاء المناجاة لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
- ورد صلاة العصر من أوراد الطريقة الكتانية
- ورد صلاة المغرب من اوراد الطريقة الكتانية
- الديوان الكامل للشيخ المؤسس سيدي محمد بن الشيخ عبد الكبير الكتاني
مناجاة ابن عطاء الله السكندرى
رضى الله عنه
إِلهِي، أَنا الفَقِيرُ فِي غِنايَ،
فَكَيْفَ لا أَكُونُ فَقِيراً فِي فَقْرِي؟!
إِلهِي، أَنا الجاهِلُ فِي عِلْمِي،
فَكَيْفَ لا أَكُونُ جَهُولاً فِي جَهْلِي؟!
إِلهِي، إِنَّ اخْتِلافَ تَدْبِيرِكَ
وَسُرْعَةَ حُلولِ مَقادِيرِكَ
مَنَعا عِبادَكَ العارِفِينَ بِكَ
عَنِ السُّكُونِ إِلى عَطاءٍ
وَاليَّأْسِ مِنْكَ فِي بَلاءٍ.
إِلهِي، مِنِّي ما يَلِيقُ بِلُؤْمِي،
وَمِنْكَ ما يَلِيقُ بِكَرَمِكَ.
إِلهِي وَصَفْتَ نَفْسَكَ بِاللُّطْفِ وَالرَّأْفَةِ بِي
قَبْلَ وُجُودِ ضَعْفِي،
أَفَتَمْنَعُنِي مِنْهُما بَعْدَ وَجُودِ ضَعْفِي؟!
إِلهِي، إِنْ ظَهَرَتِ المَحاسِنُ مِنِّي فَبِفَضْلِكَ،
وَلَكَ المِنَّةُ عَلَيَّ.
وَإِنْ ظَهَرَتِ المَساوِيُ مِنِّي فَبِعَدْلِكَ،
وَلَكَ الحُجَّةُ عَلَيَّ.
إِلهِي، كَيْفَ تَكِلُنِي إلى نَفْسي
وَقَدْ تَوَكَّلْتَ لِي؟!
وَكَيْفَ أُضامُ وَأَنْتَ النَّاصِرُ لِي،
أَمْ كَيْفَ أَخِيبُ وَأَنْتَ الحَفِيُّ بِي؟!
ها أَنا أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِفَقْرِي إِلَيْكَ.
وَكَيْفَ أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِما هُوَ مَحالٌ
أَنْ يَصِلَ إِلَيْكَ؟!
أَمْ كَيْفَ أَشْكُو إِلَيْكَ حالِي
وَهُوَ لا يَخْفى عَلَيْكَ؟!
أَمْ كَيْفَ أُتَرْجِمُ بِمَقالِي
وَهُوَ مِنْكَ بَرَزَ إِلَيْكَ؟!
أَمْ كَيْفَ تُخَيِّبْ آمالِي
وَهِي قَدْ وَفَدَتْ إِلَيْكَ؟!
أَمْ كَيْفَ لا تُحْسِنُ أَحْوالِي
وَبِكَ قامَتْ إِلَيْكَ؟!
إِلهِي، ما أَلْطَفَكَ بِي مَعَ عَظِيمِ جَهْلِي،
وَما أَرْحَمَكَ بِي مَعَ قَبِيحِ فِعْلِي!
إِلهِي، ما أَقْرَبَكَ مِنِّي وَما أَبْعَدَنِي عَنْكَ!
إِلهِي، ما أَرْأَفَكَ بِي،
فَما الَّذِي يَحْجُبُنِي عَنْكَ؟!
إِلهِي، عَلِمْتُ بِاخْتِلافِ الآثارِ
وَتَنَقُّلاتِ الأطْوارِ
أَنَّ مُرادَكَ مِنِّي
أَنْ تَتَعَرَّفَ إِلَيَّ فِي كُلِّ شَيءٍ
حَتَّى لا أَجْهَلَكَ فِي شَيءٍ.
إِلهِي، كُلَّما أَخْرَسَنِي لُؤْمِي أَنْطَقَنِي كَرَمُكَ. وَكُلَّما آيَسَتْنِي أَوْصافِي أَطْمَعَتْني مِنَنُكَ.
إِلهِي، مَنْ كانَتْ مَحاسِنُهُ مَسَاوِيَ
فَكَيْفَ لا تَكُونُ مَساوِؤُهُ مَساوِيَ؟!
وَمَنْ كانَتْ حَقائِقُهُ دَعاوي
فَكَيْفَ لا تَكُونُ دَعاواهُ دَعاوي؟!
إِلهِي، حُكْمُكَ النَّافِذُ وَمَشِيئَتُكَ القاهِرَةُ
لَمْ يَتْرُكا لِذِي مَقالٍ مَقالاً،
وَلا لِذِي حالٍ حالاً.
إِلهِي، كَمْ مِنْ طاعَةٍ بنَيْتُها وَحالَةٍ شَيَّدْتُها هَدَمَ اعْتِمادِي عَلَيْها عَدْلُكَ،
بَلْ أَقالَنِي مِنْها فَضْلُكَ!
إِلهِي، إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي
وَإِنْ لَمْ تَدُمِ الطَّاعَةُ مِنِّي فِعْلاً وجَزْما،
فَقَدْ دامَتْ مَحَبَّةً وَعَزْما.
إِلهِي، كَيْفَ أَعْزِمُ وَأَنْتَ القاهِرُ،
وَكَيْفَ لا أَعْزِمُ وَأَنْتَ الآمِرُ؟!
إِلهِي، تَرَدُّدي فِي الآثارِ يُوجِبُ بُعْدَ المَزارِ، فاجْمَعْنِي عَلَيْكَ بِخِدْمَةٍ تُوصِلُنِي إِلَيْكَ.
إِلهِي، كَيْفَ يُسْتَدَلُّ عَلَيْكَ
بِما هُوَ فِي وُجُودِهِ مُفْتَقِرٌ إِلَيْكَ؟!
أَيَكُونُ لِغَيْرِكَ مِنَ الظُّهُورِ ما لَيْسَ لَكَ حَتَّى يَكُونَ هُوَ المُظْهِرَ لَكَ؟!
مَتى غِبْتَ حَتَّى تَحْتاجَ إِلى دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَيْكَ!
وَمَتى بَعُدْتَ حَتَّى تَكُونَ الآثارُ هِيَ الَّتِي تُوصِلُ إِلَيْكَ؟!
عَمِيَتْ عَيْنٌ لا تَراكَ عَلَيْها رَقِيباً. وَخَسِرَتْ صَفْقَةُ عَبْدٍ لَمْ تَجْعَلَ لَهُ مِنْ حُبِّكَ نَصِيباً.
إِلهِي، أَمَرْتَ بِالرُّجُوعِ إِلى الآثارِ فَارْجِعْنِي إِلَيْهاَ بِكِسْوَةِ الأنْوارِ وَهِدايَةِ الاِسْتِبْصارِ..
حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكَ مِنْها
كَما دَخَلْتُ إِلَيْكَ مِنْها:
مَصُونَ السِّرِّ عَنْ النَّظَرِ إِلَيْها،
وَمَرْفُوعَ الهِمَّةِ عَنِ الاِعْتِمادِ عَلَيْها.
إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ.
إِلهِي، هذا ذُلِّي ظاهِرٌ بَيْنَ يَدَيْكَ.
وَهذا حالِي لا يَخْفى عَلَيْكَ.
مِنْكَ أَطْلُبُ الوُصُولَ إِلَيْكَ،
وَبِكَ أَسْتَدِلُّ عَلَيْكَ.
فَاهْدِنِي بِنُورِكَ إِلَيْكَ.
وَأَقِمْنِي بِصِدْقِ العُبُودِيَّةِ بَيْنَ يَدَيْكَ.
إِلهِي،
عَلِّمْنِي مِنْ عِلْمِكَ المَخْزُونِ،
وَصُنِّي بِسِرِّ اسْمِكَ المَصُونِ.
إِلهِي، حَقِّقْنِي بِحَقائِقِ أَهْلِ القُرْبِ.
وَاسْلُكَ بِي مَسَالِكَ أَهْلِ الجَذْبِ.
إِلهِي، أَغْنِنِي بِتَدْبِيرِكَ لِي عَنْ تَدْبِيرِي، وَبِاخْتِيارِكَ عَنْ اخْتِيارِي.
وَأوْقِفْنِي عَلى مَراكِزِ اضْطِرارِي.
إِلهِي،
أَخْرِجْنِي مِنْ ذُلِّ نَفْسِي
وَطَهِّرْنِي مِنْ شَكِّي وَشِرْكِي قَبْلَ حُلُولِ رَمْسِي.
بِكَ أَنْتَصِرُ فَانْصُرْنِي،
وَعَلَيْكَ أَتَوَكَّلُ فَلا تَكِلْنِي،
وَإِيَّاكَ أَسْأَلُ فَلا تُخَيِّبْنِي،
وَفِي فَضْلِكَ أَرْغَبُ فَلا تَحْرِمْنِي،
وَبِجَنابِكَ أَنْتَسِبُ فَلا تُبْعِدْنِي،
وَبِبابِكَ أَقِفُ فَلا تَطْرُدْنِي.
إِلهِي،
تَقَدَّسَ رِضاكَ أَنْ تَكُونَ لَهُ عِلَّةٌ مِنْكَ.
فَكَيْفَ تَكُونُ لَهُ عِلَّةٌ مِنِّي؟!
إِلهِي،
أَنْتَ الغَنِيُّ بِذاتِكَ عَنْ أَنْ يَصِلَ إِلَيْكَ النَّفْعُ مِنْكَ. فَكَيْفَ لا تَكُونُ غَنِيّا عَنِّي؟!
إِلهِي،
إِنَّ القَضاء وَالقَدَرَ غَلَبَني.
وَإِنَّ الهَوى بِوَثائِقِ الشَّهْوَةِ أَسَرَنِي ..
فَكُنْ أَنْتَ النَّصِيرَ لِي
حَتَّى تَنْصُرَنِي وَتَنْصُرَ بِي.
وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ
حَتَّى اسْتَغْنِي بِكَ عَنْ طَلَبِي.
أَنْتَ الَّذِي أَشْرَقْتَ الأنْوارَ فِي قُلُوبِ أَوْلِيائِكَ حَتَّى عَرَفُوكَ وَوَحَّدُوكَ.
وَأَنْتَ الَّذِي أَزَلْتَ الأَغْيارَ عَنْ قُلُوبِ أَحِبَّائِكَ حَتَّى لَمْ يُحِبُّوا سِواكَ.
وَلَمْ يَلْجَأَوا إِلى غَيْرِكَ.
أَنْتَ المُوْنِسُ لَهُمْ حَيْثُ أَوْحَشَتْهُمُ العَوالِمُ. وَأَنْتَ الَّذِي هَدَيْتَهُمْ
حَيْثُ اسْتَبانَتْ لَهُمْ المَعالِمُ.
ماذا وَجَدَ مَنْ فَقَدَكَ
وَما الَّذِي فَقَدَ مَنْ وَجَدَكَ؟!
لَقَدْ خابَ مَنْ رَضِيَ دُونَكَ بَدَلاً،
وَلَقَدْ خَسِرَ مَنْ بَغى عَنْكَ مُتَحَوَّلاً.
كَيْفَ يُرْجى سِواكَ وَأَنْتَ ما قَطَعْتَ الإحْسانَ؟!
وَكَيْفَ يُطْلَبُ مِنْ غَيْرِكَ وَأَنْتَ ما بَدَّلْتَ عادَةَ الاِمْتِنانِ؟!
يا مَنْ أَذاقَ أَحِبّاءَهُ حَلاوَةَ مُؤانَسَتِهِ
فَقامُوا بَيْنَ يَدَيْهِ مُتَمَلِّقِينَ.
وَيا مَنْ أَلْبَسَ أَوْلِياءهُ مَلابِسَ هَيْبَتِهِ
فَقامُوا بِعِزَّتِهِ مُسْتَعِزّينَ.
أَنْتَ الذَّاكِرُ قَبْلَ الذَّاكِرِينَ، وَأَنْتَ البادِيءُ بِالإحْسانِ قَبْلَ تَوَجُّهِ العابِدِينَ،
وَأَنْتَ الجَوادُ بِالعَطاءِ قَبْلَ طَلَبِ الطَّالِبِينَ، وَأَنْتَ الوَهَّابُ، ثُمَّ لِما وَهَبْتَ لَنا مِنَ المُسْتَقْرِضِينَ.
إِلهِي،
اطْلُبْنِي بِرَحْمَتِكَ حَتَّى أَصِلَ إِلَيْكَ.
وَاجْذُبْنِي بِمَنِّكَ حَتَّى أُقْبِلَ عَلَيْكَ.
إِلهِي،
إِنَّ رَجائِي لا يَنْقَطِعُ عَنْكَ وَإِنْ عَصَيْتُكَ.
كَما أَنَّ خَوْفِي لا يُزايِلُنِي وَإِنْ أَطَعْتُكَ.
فَقَدْ دَفَعَتْنِي العَوالِمُ إِلَيْكَ.
وَقَدْ أَوْقَفَنِي عِلْمِي بِكَرَمِكَ عَلَيْكَ.
إِلهِي،
كَيْفَ أَخِيبُ وَأَنْتَ أَمَلِي،
أَمْ كَيْفَ اُهانُ وَعَلَيْكَ مُتَّكَلِي؟!
إِلهِي،
كَيْفَ أسْتَعِزُّ وَفِي الذِّلَّةِ أَرْكَزْتَنِي،
أَمْ كَيْفَ لا أَسْتَعِزُّ وَإِلَيْكَ نَسَبْتَنِي؟!
إِلهِي،
كَيْفَ لا أَفْتَقِرُ
وَأَنْتَ الَّذِي فِي الفَقْرِ أَقَمْتَنِي!
أَمْ كَيفَ أَفْتَقِرُ
وَأَنْتَ الَّذِي بِجُودِكَ أَغْنَيْتَنِي!
وَأَنْتَ الَّذِي لا إِلهَ غَيْرُكَ،
تَعَرَّفْتَ لِكُلِّ شَيءٍ فَما جَهِلَكَ شَيءٌ.
وَأَنْتَ الَّذِي تَعَرَّفْتَ إِلَيَّ فِي كُلِّ شَيءٍ فَرَأَيْتُكَ ظاهِراً فِي كُلِّ شَيءٍ
وَأَنْتَ الظَّاهِرُ لِكُلِّ شَيءٍ .
يا مَنْ اسْتَوى بِرَحْمانِيَّتِه عَلى عَرْشِهِ،
فَصارَ العَرْشُ غَيْباً فِي رَحْمانِيَّتِهِ.
كَما صارَتِ العَوالِمُ غَيْباً في عَرْشِهِ.
مَحَقْتَ الآثارَ بِالآثارِ،
وَمَحَوْتَ الأَغْيارَ بِمُحِيطاتِ أَفْلاكِ الأنْوارِ.
يا مَنْ احْتَجَبَ فِي سُرادِقاتِ عِزِّهِ
عَنْ أَنْ تُدْرِكَهُ الأبْصارُ.
يا مَنْ تَجَلّى بِكَمالِ بَهائِهِ
فَتَحَقَّقَتْ عَظَمَتَهُ الأسْرارُ.
كَيْفَ تَخْفى وَأَنْتَ الظَّاهِرُ؟!
أَمْ كَيْفَ تَغِيبُ وَأَنْتَ الرَّقِيبُ الحاضِرُ؟!
إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيٍْ قَدِيرٌ
وَالحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ.
رضى الله عنه
إِلهِي، أَنا الفَقِيرُ فِي غِنايَ،
فَكَيْفَ لا أَكُونُ فَقِيراً فِي فَقْرِي؟!
إِلهِي، أَنا الجاهِلُ فِي عِلْمِي،
فَكَيْفَ لا أَكُونُ جَهُولاً فِي جَهْلِي؟!
إِلهِي، إِنَّ اخْتِلافَ تَدْبِيرِكَ
وَسُرْعَةَ حُلولِ مَقادِيرِكَ
مَنَعا عِبادَكَ العارِفِينَ بِكَ
عَنِ السُّكُونِ إِلى عَطاءٍ
وَاليَّأْسِ مِنْكَ فِي بَلاءٍ.
إِلهِي، مِنِّي ما يَلِيقُ بِلُؤْمِي،
وَمِنْكَ ما يَلِيقُ بِكَرَمِكَ.
إِلهِي وَصَفْتَ نَفْسَكَ بِاللُّطْفِ وَالرَّأْفَةِ بِي
قَبْلَ وُجُودِ ضَعْفِي،
أَفَتَمْنَعُنِي مِنْهُما بَعْدَ وَجُودِ ضَعْفِي؟!
إِلهِي، إِنْ ظَهَرَتِ المَحاسِنُ مِنِّي فَبِفَضْلِكَ،
وَلَكَ المِنَّةُ عَلَيَّ.
وَإِنْ ظَهَرَتِ المَساوِيُ مِنِّي فَبِعَدْلِكَ،
وَلَكَ الحُجَّةُ عَلَيَّ.
إِلهِي، كَيْفَ تَكِلُنِي إلى نَفْسي
وَقَدْ تَوَكَّلْتَ لِي؟!
وَكَيْفَ أُضامُ وَأَنْتَ النَّاصِرُ لِي،
أَمْ كَيْفَ أَخِيبُ وَأَنْتَ الحَفِيُّ بِي؟!
ها أَنا أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِفَقْرِي إِلَيْكَ.
وَكَيْفَ أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِما هُوَ مَحالٌ
أَنْ يَصِلَ إِلَيْكَ؟!
أَمْ كَيْفَ أَشْكُو إِلَيْكَ حالِي
وَهُوَ لا يَخْفى عَلَيْكَ؟!
أَمْ كَيْفَ أُتَرْجِمُ بِمَقالِي
وَهُوَ مِنْكَ بَرَزَ إِلَيْكَ؟!
أَمْ كَيْفَ تُخَيِّبْ آمالِي
وَهِي قَدْ وَفَدَتْ إِلَيْكَ؟!
أَمْ كَيْفَ لا تُحْسِنُ أَحْوالِي
وَبِكَ قامَتْ إِلَيْكَ؟!
إِلهِي، ما أَلْطَفَكَ بِي مَعَ عَظِيمِ جَهْلِي،
وَما أَرْحَمَكَ بِي مَعَ قَبِيحِ فِعْلِي!
إِلهِي، ما أَقْرَبَكَ مِنِّي وَما أَبْعَدَنِي عَنْكَ!
إِلهِي، ما أَرْأَفَكَ بِي،
فَما الَّذِي يَحْجُبُنِي عَنْكَ؟!
إِلهِي، عَلِمْتُ بِاخْتِلافِ الآثارِ
وَتَنَقُّلاتِ الأطْوارِ
أَنَّ مُرادَكَ مِنِّي
أَنْ تَتَعَرَّفَ إِلَيَّ فِي كُلِّ شَيءٍ
حَتَّى لا أَجْهَلَكَ فِي شَيءٍ.
إِلهِي، كُلَّما أَخْرَسَنِي لُؤْمِي أَنْطَقَنِي كَرَمُكَ. وَكُلَّما آيَسَتْنِي أَوْصافِي أَطْمَعَتْني مِنَنُكَ.
إِلهِي، مَنْ كانَتْ مَحاسِنُهُ مَسَاوِيَ
فَكَيْفَ لا تَكُونُ مَساوِؤُهُ مَساوِيَ؟!
وَمَنْ كانَتْ حَقائِقُهُ دَعاوي
فَكَيْفَ لا تَكُونُ دَعاواهُ دَعاوي؟!
إِلهِي، حُكْمُكَ النَّافِذُ وَمَشِيئَتُكَ القاهِرَةُ
لَمْ يَتْرُكا لِذِي مَقالٍ مَقالاً،
وَلا لِذِي حالٍ حالاً.
إِلهِي، كَمْ مِنْ طاعَةٍ بنَيْتُها وَحالَةٍ شَيَّدْتُها هَدَمَ اعْتِمادِي عَلَيْها عَدْلُكَ،
بَلْ أَقالَنِي مِنْها فَضْلُكَ!
إِلهِي، إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي
وَإِنْ لَمْ تَدُمِ الطَّاعَةُ مِنِّي فِعْلاً وجَزْما،
فَقَدْ دامَتْ مَحَبَّةً وَعَزْما.
إِلهِي، كَيْفَ أَعْزِمُ وَأَنْتَ القاهِرُ،
وَكَيْفَ لا أَعْزِمُ وَأَنْتَ الآمِرُ؟!
إِلهِي، تَرَدُّدي فِي الآثارِ يُوجِبُ بُعْدَ المَزارِ، فاجْمَعْنِي عَلَيْكَ بِخِدْمَةٍ تُوصِلُنِي إِلَيْكَ.
إِلهِي، كَيْفَ يُسْتَدَلُّ عَلَيْكَ
بِما هُوَ فِي وُجُودِهِ مُفْتَقِرٌ إِلَيْكَ؟!
أَيَكُونُ لِغَيْرِكَ مِنَ الظُّهُورِ ما لَيْسَ لَكَ حَتَّى يَكُونَ هُوَ المُظْهِرَ لَكَ؟!
مَتى غِبْتَ حَتَّى تَحْتاجَ إِلى دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَيْكَ!
وَمَتى بَعُدْتَ حَتَّى تَكُونَ الآثارُ هِيَ الَّتِي تُوصِلُ إِلَيْكَ؟!
عَمِيَتْ عَيْنٌ لا تَراكَ عَلَيْها رَقِيباً. وَخَسِرَتْ صَفْقَةُ عَبْدٍ لَمْ تَجْعَلَ لَهُ مِنْ حُبِّكَ نَصِيباً.
إِلهِي، أَمَرْتَ بِالرُّجُوعِ إِلى الآثارِ فَارْجِعْنِي إِلَيْهاَ بِكِسْوَةِ الأنْوارِ وَهِدايَةِ الاِسْتِبْصارِ..
حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكَ مِنْها
كَما دَخَلْتُ إِلَيْكَ مِنْها:
مَصُونَ السِّرِّ عَنْ النَّظَرِ إِلَيْها،
وَمَرْفُوعَ الهِمَّةِ عَنِ الاِعْتِمادِ عَلَيْها.
إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ.
إِلهِي، هذا ذُلِّي ظاهِرٌ بَيْنَ يَدَيْكَ.
وَهذا حالِي لا يَخْفى عَلَيْكَ.
مِنْكَ أَطْلُبُ الوُصُولَ إِلَيْكَ،
وَبِكَ أَسْتَدِلُّ عَلَيْكَ.
فَاهْدِنِي بِنُورِكَ إِلَيْكَ.
وَأَقِمْنِي بِصِدْقِ العُبُودِيَّةِ بَيْنَ يَدَيْكَ.
إِلهِي،
عَلِّمْنِي مِنْ عِلْمِكَ المَخْزُونِ،
وَصُنِّي بِسِرِّ اسْمِكَ المَصُونِ.
إِلهِي، حَقِّقْنِي بِحَقائِقِ أَهْلِ القُرْبِ.
وَاسْلُكَ بِي مَسَالِكَ أَهْلِ الجَذْبِ.
إِلهِي، أَغْنِنِي بِتَدْبِيرِكَ لِي عَنْ تَدْبِيرِي، وَبِاخْتِيارِكَ عَنْ اخْتِيارِي.
وَأوْقِفْنِي عَلى مَراكِزِ اضْطِرارِي.
إِلهِي،
أَخْرِجْنِي مِنْ ذُلِّ نَفْسِي
وَطَهِّرْنِي مِنْ شَكِّي وَشِرْكِي قَبْلَ حُلُولِ رَمْسِي.
بِكَ أَنْتَصِرُ فَانْصُرْنِي،
وَعَلَيْكَ أَتَوَكَّلُ فَلا تَكِلْنِي،
وَإِيَّاكَ أَسْأَلُ فَلا تُخَيِّبْنِي،
وَفِي فَضْلِكَ أَرْغَبُ فَلا تَحْرِمْنِي،
وَبِجَنابِكَ أَنْتَسِبُ فَلا تُبْعِدْنِي،
وَبِبابِكَ أَقِفُ فَلا تَطْرُدْنِي.
إِلهِي،
تَقَدَّسَ رِضاكَ أَنْ تَكُونَ لَهُ عِلَّةٌ مِنْكَ.
فَكَيْفَ تَكُونُ لَهُ عِلَّةٌ مِنِّي؟!
إِلهِي،
أَنْتَ الغَنِيُّ بِذاتِكَ عَنْ أَنْ يَصِلَ إِلَيْكَ النَّفْعُ مِنْكَ. فَكَيْفَ لا تَكُونُ غَنِيّا عَنِّي؟!
إِلهِي،
إِنَّ القَضاء وَالقَدَرَ غَلَبَني.
وَإِنَّ الهَوى بِوَثائِقِ الشَّهْوَةِ أَسَرَنِي ..
فَكُنْ أَنْتَ النَّصِيرَ لِي
حَتَّى تَنْصُرَنِي وَتَنْصُرَ بِي.
وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ
حَتَّى اسْتَغْنِي بِكَ عَنْ طَلَبِي.
أَنْتَ الَّذِي أَشْرَقْتَ الأنْوارَ فِي قُلُوبِ أَوْلِيائِكَ حَتَّى عَرَفُوكَ وَوَحَّدُوكَ.
وَأَنْتَ الَّذِي أَزَلْتَ الأَغْيارَ عَنْ قُلُوبِ أَحِبَّائِكَ حَتَّى لَمْ يُحِبُّوا سِواكَ.
وَلَمْ يَلْجَأَوا إِلى غَيْرِكَ.
أَنْتَ المُوْنِسُ لَهُمْ حَيْثُ أَوْحَشَتْهُمُ العَوالِمُ. وَأَنْتَ الَّذِي هَدَيْتَهُمْ
حَيْثُ اسْتَبانَتْ لَهُمْ المَعالِمُ.
ماذا وَجَدَ مَنْ فَقَدَكَ
وَما الَّذِي فَقَدَ مَنْ وَجَدَكَ؟!
لَقَدْ خابَ مَنْ رَضِيَ دُونَكَ بَدَلاً،
وَلَقَدْ خَسِرَ مَنْ بَغى عَنْكَ مُتَحَوَّلاً.
كَيْفَ يُرْجى سِواكَ وَأَنْتَ ما قَطَعْتَ الإحْسانَ؟!
وَكَيْفَ يُطْلَبُ مِنْ غَيْرِكَ وَأَنْتَ ما بَدَّلْتَ عادَةَ الاِمْتِنانِ؟!
يا مَنْ أَذاقَ أَحِبّاءَهُ حَلاوَةَ مُؤانَسَتِهِ
فَقامُوا بَيْنَ يَدَيْهِ مُتَمَلِّقِينَ.
وَيا مَنْ أَلْبَسَ أَوْلِياءهُ مَلابِسَ هَيْبَتِهِ
فَقامُوا بِعِزَّتِهِ مُسْتَعِزّينَ.
أَنْتَ الذَّاكِرُ قَبْلَ الذَّاكِرِينَ، وَأَنْتَ البادِيءُ بِالإحْسانِ قَبْلَ تَوَجُّهِ العابِدِينَ،
وَأَنْتَ الجَوادُ بِالعَطاءِ قَبْلَ طَلَبِ الطَّالِبِينَ، وَأَنْتَ الوَهَّابُ، ثُمَّ لِما وَهَبْتَ لَنا مِنَ المُسْتَقْرِضِينَ.
إِلهِي،
اطْلُبْنِي بِرَحْمَتِكَ حَتَّى أَصِلَ إِلَيْكَ.
وَاجْذُبْنِي بِمَنِّكَ حَتَّى أُقْبِلَ عَلَيْكَ.
إِلهِي،
إِنَّ رَجائِي لا يَنْقَطِعُ عَنْكَ وَإِنْ عَصَيْتُكَ.
كَما أَنَّ خَوْفِي لا يُزايِلُنِي وَإِنْ أَطَعْتُكَ.
فَقَدْ دَفَعَتْنِي العَوالِمُ إِلَيْكَ.
وَقَدْ أَوْقَفَنِي عِلْمِي بِكَرَمِكَ عَلَيْكَ.
إِلهِي،
كَيْفَ أَخِيبُ وَأَنْتَ أَمَلِي،
أَمْ كَيْفَ اُهانُ وَعَلَيْكَ مُتَّكَلِي؟!
إِلهِي،
كَيْفَ أسْتَعِزُّ وَفِي الذِّلَّةِ أَرْكَزْتَنِي،
أَمْ كَيْفَ لا أَسْتَعِزُّ وَإِلَيْكَ نَسَبْتَنِي؟!
إِلهِي،
كَيْفَ لا أَفْتَقِرُ
وَأَنْتَ الَّذِي فِي الفَقْرِ أَقَمْتَنِي!
أَمْ كَيفَ أَفْتَقِرُ
وَأَنْتَ الَّذِي بِجُودِكَ أَغْنَيْتَنِي!
وَأَنْتَ الَّذِي لا إِلهَ غَيْرُكَ،
تَعَرَّفْتَ لِكُلِّ شَيءٍ فَما جَهِلَكَ شَيءٌ.
وَأَنْتَ الَّذِي تَعَرَّفْتَ إِلَيَّ فِي كُلِّ شَيءٍ فَرَأَيْتُكَ ظاهِراً فِي كُلِّ شَيءٍ
وَأَنْتَ الظَّاهِرُ لِكُلِّ شَيءٍ .
يا مَنْ اسْتَوى بِرَحْمانِيَّتِه عَلى عَرْشِهِ،
فَصارَ العَرْشُ غَيْباً فِي رَحْمانِيَّتِهِ.
كَما صارَتِ العَوالِمُ غَيْباً في عَرْشِهِ.
مَحَقْتَ الآثارَ بِالآثارِ،
وَمَحَوْتَ الأَغْيارَ بِمُحِيطاتِ أَفْلاكِ الأنْوارِ.
يا مَنْ احْتَجَبَ فِي سُرادِقاتِ عِزِّهِ
عَنْ أَنْ تُدْرِكَهُ الأبْصارُ.
يا مَنْ تَجَلّى بِكَمالِ بَهائِهِ
فَتَحَقَّقَتْ عَظَمَتَهُ الأسْرارُ.
كَيْفَ تَخْفى وَأَنْتَ الظَّاهِرُ؟!
أَمْ كَيْفَ تَغِيبُ وَأَنْتَ الرَّقِيبُ الحاضِرُ؟!
إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيٍْ قَدِيرٌ
وَالحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ.
- الورد اللزومي الكتاني الشريف من أوراد الطريقة الكتانية
- الدعوة الجلجلوتية الكبرى الصحيحة كاملة وشرحها وافتتاحها وزجرها والتعليق عليها
- الدعوة البرهتية الصحيحة كاملة وشرحها وافتتاحها وزجرها والتعليق عليها
- ورد المناجاة للشيخ لسيدى أبي الفيض محمد بن عبد الكبير الكتاني
تعليقات: 0
إرسال تعليق