شرح مضمون و مدلول شعار الحولية 2018 رَفَعَ اللَّه لِلْمُتَيَّمِ قَدْراً إعداد: عبد الحميد بابكر

شرح مضمون و مدلول شعار الحولية 2018
رَفَعَ اللَّه لِلْمُتَيَّمِ قَدْراً
إعداد: عبد الحميد بابكر

• ماكتبه الاخ محمد علي ابو عامر فى شعار الحولية 2018 : رفع الله للمتيم قدرا
• ما كتبه الدكتور بهاء الدين ماهر فى شرح : رفع الله للمتيم قدرا - شعار الحولية 2018
• شرح ومعنى : ألا أن داء الحب للصب علة ولكنها تشفى عضال الأعلة

التهنئة و الهدف:

بادئ ذى يدء, أهنئ قائد ركبنا سيدي و مولاي الشيخ محمد الشيخ إبراهيم الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني و سائر أهل بيته, و كافة أبناء الطريقة البرهانية الدسوقية الشاذلية في العالم, و كل المؤمنين و المحبين من أمة سيدنا محمد صلي الله عليه و سلم, بمناسبة احتفالات الذكري السنوية لشيخينا, الموافقة الذكري الخامسة و الثلاثين لسيدي فخر الدين الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني و الخامسة عشر لسيدي الشيخ إبراهيم الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني, و التي تعارفنا عليها اختصاراً ب (الحولية). و يطيب لي هنا أن أتناول شرح و مدلولات شعار الحولية, آملاً أن أقترف بذلك حُسني بها في حانها. إذ في هذا المقام لا يجب أن نقف عند فهم معني بيت الشعار و لكن المدلول الناتج عن كونه شعاراً لهذا العام, حتي نفيد من مغزي ذلك الاختيار الشريف المبارك.

الشرح و المدلول:

و لنصل لذلك نقول أن الشعار يتمثل و كما جري الأمر في العادة من شطر بيت (صدره أو عجزه) و هو هنا هذا العام صدر البيت رقم الرابع عشر من القصيدة الثّالِثَة والأَرْبَعُين من ديوان شراب الوصل لسيدي فخر الدين الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني, و مطلعها: ( كَيْفَ نُفْشِي الْخَبِيَّ إِنَّا كِرَامٌ )

"""" رَفَعَ اللَّه لِلْمُتَيَّمِ قَدْراً """"

الْقَصِيدَة الثّالِثَة والأَرْبَعُون : ( كَيْفَ نُفْشِي الْخَبِيَّ إِنَّا كِرَامٌ ), جاءت تردّ علي تساؤلات أعقبت ورود الْقَصِيدَة الثّانِيَة والأَرْبَعُين : ( أُمِيطُ الْيَوْمَ عَنْ قَوْلِي لِثَاماً ), فظُنّ أن الشيخ سوف يكشف بالتحديد البيّن عن المفسدين الذين عتاهم في القصيدة قبلها, الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والأَرْبَعُون : ( وَلاَ يَسْتَنْكِفُ الأَحْبَابُ نُصْحِي ). هذا من حيث سبب النزول. 

ما هي رسالة الْقَصِيدَة الثّالِثَة والأَرْبَعُين : ( كَيْفَ نُفْشِي الْخَبِيَّ إِنَّا كِرَامٌ )؟

رسالة الفصيدة أو موضوع القصيدة هي الإشارة إلي منظومة الطريقة متكاملة, المتمثلة في:

• صاحب الديوان سيدي فخر الدين
• خلفائه
• آل بيته
• أبناء الطريقة
• شراب الوصل (الذي فيه الوصايا التي هي دستور أهل الطريقة)

و ليتم فهم قدر كلّ كما ينبغي, و علاقة ذلك بشعار الحولية, كان لا بد من الانتباه لعظمة شراب الوصل, إذ أصل رسالته, أي: شراب الوصل, هي تمييز الكلّ ليعرف المريد السالك المخاطب أين يقف و ما هو المطلوب لكي يسلم و يغنم. 

و عندما يكون الحديث بلسان الجمع كما في هذه القصيدة (كيف نفشي ... إنّا كرام) يعني أن الجمع المتحدث هو سيدي فخر الدين و حضرة ورثته الخلفاء الغُرّ الميامين:

فَأَسْلِمُوا إِنَّ إِبْرَاهِيمَ بَيْنَكُم *** وَلِي يَمِينٌ مِنَ الْغُرِّ الْمَيَامِينِ (28 ق 37)

إذن, فالقصيدة كاملة جاءت لمعالجة قضية الالتزام بشراب الوصل و عدم خلطه بآخر سيء, حتي لا يزاغ قلب مريد عن مراد الشيخ:

وَلَسْتُ بِنَاءٍ عَنْ مُرِيدِيَ لَحْظَةً *** وَإِنَّ مُريدِي مَنْ أَرَادَ إِرَادَتِي (266 ق 1)

و القصيدة أولاً أوضحت خصوصية سيدي فخر الدين التي نالها هبة من الله بشراب الوصل الذي يشرب منه الأكابر بمن فيهم الأنبياء, إذ قال في البيت رقم 13 الذي يسبق بيت الشعار:

يَهَبُ اللَّه مِنْ لَدُنْهُ عُلُوماً *** وَشَرَاباً يَؤُمُّهُ الأَنْبِيَاءُ

و من الإيجاز البلاغي, قال (يَهَبُ) و حذف الأداة التي تشير إلي المفعول, أي: لِي, فالهبة من الله له رضي الله عنه. لتعلم عظمة شراب الوصل, و لابد أنّ من أُعطاها عظيمٌ أيضاً, و لذا قال رضي الله عنه في بيت الشعار:

رَفَعَ اللَّه لِلْمُتَيَّمِ قَدْراً *** فَبَدَا فِيهِ يَرْكُضُ الأَوْلِيَاءُ

و لم يكن بحاجة لأن يقول رفع الله لي (أنا) المتيم, لأن ذلك واضح من سياق الحديث. فإن أردت الفهم فاقرأ الأمر متصلاً.

 و الْمُتَيَّمِ هنا هو سيدي فخر الدين, هو المتحدث نفسه, و التتيم هنا في حبِّ الله, صاحب الهِبة. إذ ذكر التتيم صفةً له في مواطن أخري كذلك, مرة مقروناً بسيدنا رسول الله صلي الله عليه و سلم, فقال:

وَهُوَ الَّذِي لَوْلاَهُ مَا *** رَاحَ الْمُتَيَّمُ أَوْ غَدَا (10 ق 11)

و مرة مقروناً بمولانا الإمام الحسين رضي الله عنه فقال:

رِيحُ الصَّبَا نَفَثَتْ بِرُوْعِ مُتَيَّمٍ *** عَجَباً لِرَاحٍ رِيحُهَا لَفَّاحُ (25 ق 25)

ثم ترك الباب مفتوحا للسالكين حيث حلّوا بمراتب السير, فقال:

وَالْوَجْدُ يُلْقِي فِي الْقُلُوبِ وَدَاعَةٌ *** رُوحُ الْمُتَيَّمِ تَصْطَلى بِهُيَامِي (24 ق 15)

ذلك أن التتَيُّمَ هو أعلي درجات الحُبّ. و هو عند أهل الأدب و اللغة الجنون بالحُبّ, و ليس بعد الجنون ما يُقال, و لذا كان صفة قيس مجنون ليلي و أضرابه, و لكنّه عند أهل الحقيقة هو البقاء بعد الفناء في المحبوب. بمعني أن المحبّ في هذه الدرجة لا يري المحبوب إلا هو:

إنما هذا حبيبي حاضرٌ *** و أنا يا ليت شِعري من أنا

و الوارث هو الوارث للحقائق و الأحوال. و لذلك هو المتيم رفيع القدر عند الله, فالأمر واحد و اثنان بعد الالتفات.

إذن, نقف عند عبارة الشعار " رَفَعَ اللَّه لِلْمُتَيَّمِ قَدْراً " مرة أخري, لنري أن البيت يتحدث عن مكنونات الوراثة المحمدية الكاملة, حيث قال تعالي لنبيّه صلي الله عليه و سلم في سورة القدر: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ), و القدر هو المنزلة و المكانة, فهو رضي الله عنه قد خص بمكانة مخصوصة, عبر عنها في قوله, رضي الله عنه, مشيراً إلي مكانته و ما أُعطاه متمثلاً في شراب الوصل, في القصيدة (23) البيتين 21 و 22:

أَخُصُّكُمْ بِالَّذِي تُمْلِيهِ مَنْزِلَةٌ *** بِهَا تَقَلَّبْتُ فِي مَخْصُوصِ أَطْوَارِي
مَكَانَةٌ لَمْ يَكُنْ غَيْرِي بِهَا ثَمِلاً *** رَحِيقُهَا كُلهُ تُعْطَاهُ أَزْهَارِي 

و هنا ننتبه للتنويه من الشيخ لمكانته و رفع قدره, إنما لإيصال حقيقة أن قصائد شراب الوصل, عالية المقام و لا يجوز الخوض فيها, حيث من يروم الخوض فيها إنما يرمي بنقصٍ في العطاء الأكمل, و من ثمّ يريد هزّ أهمّ الثوابت التي أحكمت في القصائد و هي اتباع الخليفة القائم بالأمر. فكان الهدف هو أن يأتي الجميع طوعاً لصاحب الأمر القائم القوّام به, رضي الله عنه, حتي يتم الفلاح, كما يشير البيت رقم 22 من قصيدة الشعار نفسها, حيث قال:

رُفِعَ الذِكْرُ للْحَبِيبِ وَآلٍ *** وَكَذَا الإِصْرُ عَنْكُمُ وَالْبَلاَءُ

و هنا الحبيب هو أيضاً سيدي فخر الدين رضي الله عنه, حيث رفع الذكر له و لآل بيته رضي الله عنهم, ثم لم يترك قبل أن يطمئن المريدين برفع الإصر و البلاء عنهم, قال تعالي: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) 157:الأعراف, و إنما استحق المؤمنون رفع الإصر و الأغلال عنهم, باتباعهم و مؤازرتهم لإمامهم, و الإشارة واضحة هنا تُستفاد.

و رفع الذكر هو أن يُشار في النّاس أن فلاناً عالي المقام و له من المكارم و الأمجاد كذا و كذا.

و من هنا نفهم كذلك:

أن شيخ الطريقة و من ثم الطريقة هو و قومه رُفع ذكرهم, فأصبحوا كالشمس يُشار إليها, و ما الفتحُ المٌبينُ إلا ذلك.

قال سيدي جعفر الصادق رضي الله عنه مبشراً برسوخ دولة آل البيت التي تمثلها طريقة سيدي أبي العينين في آخر الزمان:

لَنَا دَوْلَةٌ فِي آخِرِ الدَّهْرِ تَظْهرُ *** و تَظْهَرُ مِثْلَ الشَّمْسِ لَا تَتَسَتَّرُ

""" و كُلُّ عامٍ و أنتم بخيرٍ """"

• كتابات الاحباب فى شعار الحولية 2018 : رفع الله للمتيم قدرا
• تدارس شعار الحولية 2018 : رفع الله للمتيم قدرا
• تدارس و شرح شعار الحولية 2018 " رفع الله للمتيم قدرا "
• شرح بالارقام للقصيدة الرابعة والأربعون في ذلك النثر اليسير كمين سر مُخْمِدٌ