نقاط ومختصر من خطاب مولانا حولية 2018
- خطاب مولانا الشيخ محمد الحولية البرهانية 2018
- خطاب مولانا الشيخ محمد حولية 2017
- خطاب مولانا الشيخ محمد حولية 2016
1- من اخلاق سيد الخلق صلى الله عليه وسلم :
انزال الناس منازلهم / مارد سائلا قط / جاد بالقليل والكثير/ العفو عند المقدرة/ لم يعتب ولم يطلب التبرير/
2- رفعة الفرد في الدنيا والآخرة تكون بالعلم والعمل الصالح / والاخلاق الحميدة/والترفع عن صغائر الامور/ صاحب الخلق تخلد ذكراهم/
3- من كريم الاخلاق التي نستقيها من المعلم الاول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قوله(ازهد في الدنيا يحبك الله ، وازهد فيما ايدي الناس يحبك الناس). وقل ابن عطاء الله السكندري في الحكم(انت حر مما أنت عنه آيس ،وعبد لما أنت فيه طامع)
4- تقدم الامم بوحدتها وترابطها وتماسكها ، اما نشر الاكاذيب والشائعات يفرقها ويضعفها
5- لذا فإن بناء الفرد اهم بنية لبناء المجتمع وتبدأ تهيئتها منذ النشء وهم اطفالنا لحمايتهم من تأثير الآخرين وتربيتهم تربية صالحة وتزويدهم بالعلم المفيد كي يكون فردا نافعا لأسرته ومجتمعه وصلاح دينه ودنياه
6- من يؤثرون في مجتمعهم لهم ذكر بحمود السيرة ومكان في التاريخ بمقدار ما حققوا من تقدم علمي العلم شأني والمعلم قدوتي
7- لنا في الصحابة رضي الله عنهم القدوة وعلو الهمة في (العلم والاخاء والعفو والتسامح واتباع الحبيب ص وآثاره) وقال فيهم المصطفى ص لو كان الدين بالثريا لناله رجال من هؤلاء. والرفعة وسمو المقام عند الحق وبين الخلق ياتي بالهمم العالية ومن رقى في درجات الهمم عظم في عيون الامم ومن علو الهمة اتقاء الشبهات والصفح فالقيم والمبادئ والاخلاق الرفيعة والتربية من اسباب الرفعة
8- من الترقي ما لا يأتي بالعبادة أو الانفاق وانما بخدمة الاخوان قال ص (من مشى في حاجة اخيه كان خيرا له من اعتكاف عشر سنين ،ومن اعتكف يوما ابتغاء وجه الله جعل الله بينه وبين النار ثلاث خنادق، كل خندق ابعد مما بين الخافقين).الطبراني في الاوسط.
9- اما التدني وسوء الخلق واتباع الهوى والشهوات تجلب على صاحبها مالا يحمد عقباه فالهوى يهوي بصاحبه.
10- ابغض الناس من كان همه بطنه وفرجه ولما سيل النبي صلى الله عليه وسلم عن الراسخين في العلم فقال(من برت يمينه وصدق لسانه واستقام قلبه وعف بطنه وفرجه فذلك من الراسخين في العلم)الحافظ السيوطي في الجامع الكبير( فأول الشهوة طلب وآخرها عطب)
11- رسم الشيخين الجليلين المسار الصحيح لترقي المسلم فيبدا بالعلم والادب ، والأدب مع الحبيب نواة لكل الآداب - فعن العلم يقول جل شانه( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ(11 المجادلة ، وقال صلى الله عليه وسلم (من طلب علما فوجده كان له كفلان من الاجر فإن لم يدركه كان له كفل من الأجر)السنن الكبرى للبيهقي بالعلم تظهر معادن الناس كما اخبرنا ص بقوله(الناس معادن في الخير والشر، خياركم في الجاهلية خياركم في الاسلام ،إذا فقهوا) مسند الإمام أحمد
يقول الامام فخر الدين العلم غث او سميــ ن للقلوب بخضب
وأخذ منه رضي الله عنه، اصح الروايات واسمى العبارات في النصح والارشاد لوجه الله لما تكلم في الحديث والتفسير والطب والفلك والسيرة وغيرهم وكان علمه هو العلم الموصول حيث قال (علمت ولي علم بعلم معلمي)
12- فالعلم يحفظ دين المسلم ودنياه اذا دخل باب العلم فتح له باب العمل كما قيل(فمن عمل بما علم فتح الله له ما لا يعلم ، وأعلم الناس من عمل بما يعلم وافضل الناس اخشعهم لله عز وجل)
13- فالعلم يؤدي إلى العمل ، والعمل يدخله إلى المعاملات يقول صلى الله عليه وسلم (إن للمسلم على أخيه المسلم من المعروف ستا: يسلم عليه إذا لقيه، ويعوده إذا مرض، ويُشمته إذا عطس، ويشهدُه إذا مات، ويجيبه إذا دعاه، ويحب له ما يحب لنفسه، ويكره له ما يكره لنفسه)سنن الترمذي.
14- فتنقل المسلم من العلم إلى العمل ثم المعاملات ، تأتي الطريقة لتبني فوق هذا البناء صرحا أساسه حميد الأخلاق، وكريم الخصال، ويسطع نجم هذا الأمر عند دخول المؤمن إلى مقام( التوفيق ) بحثا عن إصلاح نفسه ، ويكون صلاحه باتباع الحبيب صلى الله عليه وسلم كما أمر المسلمين ان ينظروا إلى صلاته فقال (صلوا كما رأيتموني أصلي) صحيح ابن حبان
15- فأَولى بالمؤمنين أن يتخلقوا بـ ( أخلاقه ) صلى الله عليه وسلم وأن يلتحقوا بها، فخُلق رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أولى الأخلاق التى يوفق المرء معها أخلاقه، وقد وصفه الحق فىِ محكم التنزيل بقوله ( وَإنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظيمٍ ) 4 القلم
- وكان الخُلق الحسن شطر وصيته صلى الله عليه وسلم لسيدنا مُعَاذ بن جَبَلٍ رضى الله تعالى عنه عندما قَالَ : ﴿ قُلتُ يَا رَسُولَ الِلّه أَوصنى ، قَالَ: اتَّق الِلَّهَ حَيثُمَا كُنتَ، وخَالق النَّاسَ بخُلُقٍ حَسَنٍ ﴾ مسند الإمام أحمد
- ومظهر الأخلاق الكريمة أي ـ الآداب ـ الذى نجده علامة للمستقدمين، كما أخبرنا مولاي فخر الدين:
فَعَلاَمَةُ الْمُسْتَقْدِمِيـ * نَ مَعَ الْكِرَامِ تَأَدُّبُ
16- ومن أوكد الآداب هو الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمر الذى أفرد له الحق فِى الكتاب العزيز العديد من الآيات، وها هي سورة الحجرات خير شاهد.
17- التحذير من أهل الزيغ : - ولأن ديدن أهل الزيغ فِى كل عصر الالتواء والالتفاف بالنصوص ليحققوا بها مُرادهم، فتجدهم بدعوى إقامة أمر من أوامر الحق أو سُنَّة من سنن الحبيب صلى الله عليه وسلم يلبثون الحق بالباطل، فقديما تجرؤوا ونادوا بحرمة السيادة لغير ( الله ) حتى للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، فلما اصطدموا بتوافر نصوص الكتاب والسنة، علت أصواتهم بالسيادة،
- ولكنهم جنحوا إلى مَنحَنى آخر فآخر، قد لا يطول الانتظار وتشهِدونه، يأمرون الناس بكثرة الذكر على الحبيب صلى الله عليه وسلم وتعظيم آل بيته فقط يطلقون عليها الشيء الشرعي كما هو ديدنهم.
18- ونجد نجوم الهداية دائما ما ينيرون لنا الطريق، فعندما أشار مولاي الإمام فخر الدين رضى الله عنه إلى ( السَّيدُ العَبدُ وَالإنسَانُ ) مُناديا فيه (الرَحمَة والقُدوَة ) بعد أن همس قائلا ( يَا سَيدى ) أنت ( للسّيَادَة رَبُّ ) فقد قلت ( وَقَولُكَ هَدىٌ ) بأن الذخيرة متمثلة فى عترة الخلفاء حاملين فيهم عطاء وهدى سيد الأنبياء ( فَكُن يَا مُريدى للكرَام مُقَلدا ) فحقا ( السَّادَةُ الأَقطَابُ فينَا أَنجُمٌ ).
فالانتباه لهذا الأمر واجب حتمى، فمن ذكر اسم الحبيب صلى الله عليه وسلم مُجردا من السيادة، فلينتبه لأن ﴿ الدَّالُّ عَلَى ا لخير كَفَاعله ﴾ مسند الإمام أحمد، واحذر قول الحبيب المحبوب عليه أفضل الصلوات وأزكى السلام ﴿...وَمَن سَنَّ سُنَّة سَيئَة كَانَ عَلَيه وزرُهَا...﴾ سنن ابن ماجه، فانظر فىِ أى الفريقين تضع نفسك.
19- ولعلنا نجد من يقول فى هذا الزمان: هل هذا الأمر جوهرى لكى نعوّل عليه فِى تلك الفترة من حياتنا؟ وفِي ظل كل الصعوبات التى تواجه الناس فِى أمور حياتهم؟
نقول لهم إذا عدّدنا الآداب وقلنا بالمفهوم السابق، فتركناها لوجود ما هو أهم منها، لأصبح الناس أمام مجتمع فوضوى لا أخلاق فيه، فأدبك مع الحبيب صلى الله عليه وسلم إنما هو ركيزة ونواة لباقى الآداب، فيفتح لك أبواب آدابك مع والديك، وأدبك فىِ الحوار، حتى ينتهى أدبك إلى الحيوان أى الرفق به، ونجد سيدى ابن المبارك يقول: ( طلبنا الأدب حينَ فاتنا المؤدّبون ) وقيل: ثَلاث خصال لَيسَ معهن غربة: مجانبة أهل الريَب، وحُسنُ الأدب، وكف الأذى وقيل فِي المعنى:
يزينُ الغريبَ إذا ما اغتربْ
ثلاثٌ ؛ فمنهنّ حسنُ الأدب
وثانيةٌ حســــ نُ أخلاقِه
وثالثةٌ اجتنا بُ الرِّيَب
ولما دَخَلَ أَبُو حفص بغداد، قَالَ لَه الإمام الجنيد: لَقَد أدّبت أَصحَابك آداب السلاطين،
فَقَالَ أَبُو حفص: حُسنُ الأدب فى الظاهر عنوان حُسن الأدب فِ الباطن.
20- توحيد الأمة نوع من الرقى والرفعة، لإظهار سماحة الدين وعدالته
21- بدلا من اتّهام الآخرين بالكفر والإلحاد علينا إظهار محاسن ومكارم الأخلق المتمثلة فى أقوال وأفعال وإشارات سيد الأكوان ( أَحمَدُ مَن حمَد ) الذى أثنى كل الخير على الأنبياء والرسل السابقين، وخير دليل تذييل سورة البقرة بأن الحبيب آمن بما ( أُنزلَ إلَيه من رَبه ) وكذا المؤمنون ( كُل آمَنَ بالِلّه وَمَلاَئكَته وَكُتُبه وَرُسُله ) والكل لا يفرقون ( بَينَ أَحَدٍ من رُسُله ).
22- فلن يأتى الصلاح من تلقاء نفسه، بل من مجاهدة النفس ومحاسبتها، وتبدأ بإصلاح القلب وبصلاحه يصلح سائر الجسد وذلك بالسير إلى الله تعالى بالأوراد والطاعات لتزكية النفس
وقال الإمام النابلسى رضى الله عنه ( إلى الذات سيرى فى مراتب أسماء ) فيدخل المريد فى مبادىء الإحصاء ، من بعد التعب والعناء، ليهنأ بالتقريب والعيش الرغيد.
ما ذكرناه هو حال السائرين ترتفع وتنخفض درجاتهم بحسب ما اجتهدوا للوصول إليه من عزم قوى وهمة عالية ومجاهدة النفس والدنيا والشيِطان والهوى، وشتان بين المحب والحبيب، وبين المريد والمرُاد:
فَأَيْنَ مُحِبٌّ مِنْ حَبِيبٍ وَمُوصَلٍ * وَأَيْنَ مُرِيدٌ مِنْ مُرَادٍ وَثَابِتٍ
فحال السائرين المكابدة والمجاهدة لنوال حسن المآب،
23 - وحال المصطفين كما أخبر عنهم الحق سبحانه ( أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (*) وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ ) 46 ، 47 ص، لا بسابق أمر قدّموه أو بقديم فعل أتوه، بل لسابقتهم الأزلية عند الحق، قال مولاي رضى الله عنه:
وَيُمْنَحُ قَدْراً لاَ بِجَهْدٍ وَهِمَّةٍ * لِيُصْبِحَ مَأْمُولَ الْقُلُوبِ الْحَظِيَّةِ
فكانت نهاية منازل الذاكرين هى مضاجع أحوال المصُطفين وبداياتهم:
مَنَازِلٌ قُدِّرَتْ لِلذِّكْرِ أَجْمَعِهِ * وَبَعْدَهَا نُصْطَفَى هَذِي بِدَايَتُنَا
24- معنى(اللَّهُ مِنْ بَعْدِ الزِّيَادَةِ زَادَنِي ) عندما قال الإمام فخر الدين رضى الله عنه ( اللَّهُ مِنْ بَعْدِ الزِّيَادَةِ زَادَنِي ) زعم البعض زورا وبهتانا أن معنى الزيادة هنا ( زيادة تتم النقص ) فصحح فهمهم ( وَلاَ زَعْمٌ بِأَنِّي زِيدَ قَدْرِي ) فكانت الزيادة المقصودة هنا زيادة ( المعارف الإلهية والمعانى الربانية ) التى لا تنتهى، من باب قوله تعالى ( وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَىٰ ) سورة الضحى، فكشفِ عن الفهم الراقى لترقى خلفاء الحبيب صلى الله عليه وسلم ، فحقا :
وَأَعْرِفُ أَقْدَارَ الرِّجَالِ جَمِيعِهِمْ * وَلَكِنَّهُمْ ضَلُّوا ابْتِدَاءَ مَكَانَتِي
وحذّر من فتح هذا الباب فقال:
وَعَنْ مَنَازِلنَا أَمْسِكْ فَإِنَّ لَهَا * صَحَائِفٌ أُودِعَتْ أَيْدِي أَئِمَّتِنَا
فحديثه رضى الله عنه دواء لكل داء، وهادى لكل باغٍ، وإرشاد لكل ضال، فكان حقاً علينا أن نُعَلم عنه، لإنه من رجال جدهم هادى الهداة الكاملين.
25- اجتماع مناسبات الاحتفال في وقت واحد: تعانق حولية الإمامين الجليلين مع مولد إنسان العين، ديَّار الرضا، حلاَّل العُقَد، حُجة التوحيد، عال القدر، قطب الأقطاب، العارف بالله سيدى إبراهيم القرشى الدسوقى رضى الله تعالى عنه وقد أوجز الإمام سيدى فخر الدين رضى الله عنه بصريح العبارة التى تحمل فىِ طيّاتها مكنون الإشارة حين قال عنه ( إنَّهُ السَّائرُ بى نحوَ الرَّشَد ).
ويزداد الحُسن زهوا وبريقا بأرواح رقصت وغرّدت حين ازداد العناق وتشابكت نفحات الدهر بمولد صاحب الرمحين مع منحة ( الإسراء ) التى اجتمعت بفرد الأربع الحُرُم، لتزدان أيام دهر الزمان، الذى كان فيه جزيل العطاء، وزاده من الرفعة والتكريم بأن حملت فيه السيدة آمنة بسيد الأولين والآخرين، وتكتمل الصورة حُسنا على أهل السموات العال برؤية مرآة ذات الحُسن، فنالوا من الشرِف بهذه الرؤية ما نالوه، قال مولاي رضى الله عنه:
الْقَدْرُ فِيهِ لِكُلِّ ذِي قَدْرٍ إِذَا * سَكَتَ الرَّعِيَّةُ عَنْهُ وَالأُمَرَاءُ
26- إن الماء العذب كثير الورود، فإن لم يكن ماؤنا من مائه وكذا، لما سرينا ولا سرنا ولا علمت عنا الروابى، فالماء غزير، والوارد كثير، فهل شمّرتم عن سواعدكم وتزاحمتم ووقفتم على أعتاب أبواب الفضل لتكونوا مرآة حُسن للناظرين، ليرفع الله قدرَكم، ويُحط عنكم أثقالكم، حال أن تكونوا سفراء للطريق ..
27- من وصايا مولاي كمال الدين الشيخ إبراهيم رضى الله عنه أن نكون سفراء خير، فمن وصاياه رضى الله عنه أنه قال: أعظم ما يقدمه كل برهانى للطريق، التفوق فىِ الآداب والتعامل مع الآخرين وبالأخص، أبناء العموم، والتفوق فِى العمل والدراسة وشئون البيت، وفى معاملتك مع والديك والزوجة والأبناء، والتفوق أيضا فىِ احترام الكبير وفى تربية الصغير.
- والتفوق فىِ أورادك ومحبتك وأدبك مع شيخك وتواصلك مع أبناء الطريق، والفهم الراقى لآداب وسماحة الطريق، حيث أنك تُمثّل الطريق فى مجتمع العمل والأسرة والحى، وبالتالي تصبح سفيرا للطريق، لذلك كان لزاما عليك أن تكون متفوقا فى أدبك وتعاملك وكلامك، فالتفوق يأتى بالعزم والمواظبة على الأوراد وطاعة أولى الأمر وبذلك تكون أُشعلت فى داخلك نار المحبة.
28- ومازلنا مع ما تهواه النفوس وترتاح له القلوب وهو الحديث عن سماحة سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، فآيات محبته وإيثاره وصبره على أذى الخَلق تغزو القلوب والأرواح، فنستفيد من هذه الدروس وتكون نبراسا لنا فى ديننَا ودنيانا.
29- شرح للشعار رفع الله للمتيم قدرا: وكما أن المصائب تجمعن المصابين، فطريق الحب يجُمع المحبين، وإذا استحكم الوجد بالقلب اصطَلَت الروح:
وَالْوَجْدُ يُلْقِي فِي الْقُلُوبِ وَدَاعَةً * رُوحُ الْمُتَيَّمِ تَصْطَلِي بِهُيَامِي
- فطريق الحب طويل ومراتبه كثيرة ( وَمَا هُوَ إِلاَّ الْحُبُّ بُغْيةَ قانِتِ ) فبداية الخلق بالحب، وبداية الدعوة إلى الله بالحب، وأساس الدين أيضا مبنى على الحب، فيترحل المرء من مراتب الحب إلى أن يَستَقلَّ بقلبه، ليصل به إلى منتهى الأمر بين الخلق، فيصله الحق بحبه وإرادته،
- ووضح مولاي الإمام فخر الدين رضى الله عنه بالتمسك بدستور الطريق، فجاء من إشاراته في إحدى فرائده ( كُلّ مَنْ جاء بِقَوْل غَيْر نَظْمِى فَهُو رَدّ ) ونتعلم من هذا أن الأمر ليس للعلوم فقط، فالطريق محفوظ من الغير والأغيار، ورشاد الأمة فى الوصول إلى الفهم الراقى للطريق وعلومه، ليتوج العمل بتاج حُسن الختام، والسير فى خطى ثابتة بكل جدٍ وجَدٍ نحو علَّم الغيوب فِ حضرة المحبوب.
وكالحال وكل عام لنا شعار لذكرى الإمامين الجليلين، فيقول مولاي سيدى فخر الدين رضى الله عنه فِ نظمه الفريد:
رَفَعَ اللَّهُ لِلْمُتَيَّمِ قَدْراً
فبدا فِى هذا القدر يركض الأولياء حتى الفناء، فأولهم باغٍ وآخرهم فنا
وصلّ الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
وكل عام وأنتم بخير
-
انزال الناس منازلهم / مارد سائلا قط / جاد بالقليل والكثير/ العفو عند المقدرة/ لم يعتب ولم يطلب التبرير/
2- رفعة الفرد في الدنيا والآخرة تكون بالعلم والعمل الصالح / والاخلاق الحميدة/والترفع عن صغائر الامور/ صاحب الخلق تخلد ذكراهم/
3- من كريم الاخلاق التي نستقيها من المعلم الاول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قوله(ازهد في الدنيا يحبك الله ، وازهد فيما ايدي الناس يحبك الناس). وقل ابن عطاء الله السكندري في الحكم(انت حر مما أنت عنه آيس ،وعبد لما أنت فيه طامع)
4- تقدم الامم بوحدتها وترابطها وتماسكها ، اما نشر الاكاذيب والشائعات يفرقها ويضعفها
5- لذا فإن بناء الفرد اهم بنية لبناء المجتمع وتبدأ تهيئتها منذ النشء وهم اطفالنا لحمايتهم من تأثير الآخرين وتربيتهم تربية صالحة وتزويدهم بالعلم المفيد كي يكون فردا نافعا لأسرته ومجتمعه وصلاح دينه ودنياه
6- من يؤثرون في مجتمعهم لهم ذكر بحمود السيرة ومكان في التاريخ بمقدار ما حققوا من تقدم علمي العلم شأني والمعلم قدوتي
7- لنا في الصحابة رضي الله عنهم القدوة وعلو الهمة في (العلم والاخاء والعفو والتسامح واتباع الحبيب ص وآثاره) وقال فيهم المصطفى ص لو كان الدين بالثريا لناله رجال من هؤلاء. والرفعة وسمو المقام عند الحق وبين الخلق ياتي بالهمم العالية ومن رقى في درجات الهمم عظم في عيون الامم ومن علو الهمة اتقاء الشبهات والصفح فالقيم والمبادئ والاخلاق الرفيعة والتربية من اسباب الرفعة
8- من الترقي ما لا يأتي بالعبادة أو الانفاق وانما بخدمة الاخوان قال ص (من مشى في حاجة اخيه كان خيرا له من اعتكاف عشر سنين ،ومن اعتكف يوما ابتغاء وجه الله جعل الله بينه وبين النار ثلاث خنادق، كل خندق ابعد مما بين الخافقين).الطبراني في الاوسط.
9- اما التدني وسوء الخلق واتباع الهوى والشهوات تجلب على صاحبها مالا يحمد عقباه فالهوى يهوي بصاحبه.
10- ابغض الناس من كان همه بطنه وفرجه ولما سيل النبي صلى الله عليه وسلم عن الراسخين في العلم فقال(من برت يمينه وصدق لسانه واستقام قلبه وعف بطنه وفرجه فذلك من الراسخين في العلم)الحافظ السيوطي في الجامع الكبير( فأول الشهوة طلب وآخرها عطب)
11- رسم الشيخين الجليلين المسار الصحيح لترقي المسلم فيبدا بالعلم والادب ، والأدب مع الحبيب نواة لكل الآداب - فعن العلم يقول جل شانه( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ(11 المجادلة ، وقال صلى الله عليه وسلم (من طلب علما فوجده كان له كفلان من الاجر فإن لم يدركه كان له كفل من الأجر)السنن الكبرى للبيهقي بالعلم تظهر معادن الناس كما اخبرنا ص بقوله(الناس معادن في الخير والشر، خياركم في الجاهلية خياركم في الاسلام ،إذا فقهوا) مسند الإمام أحمد
يقول الامام فخر الدين العلم غث او سميــ ن للقلوب بخضب
وأخذ منه رضي الله عنه، اصح الروايات واسمى العبارات في النصح والارشاد لوجه الله لما تكلم في الحديث والتفسير والطب والفلك والسيرة وغيرهم وكان علمه هو العلم الموصول حيث قال (علمت ولي علم بعلم معلمي)
12- فالعلم يحفظ دين المسلم ودنياه اذا دخل باب العلم فتح له باب العمل كما قيل(فمن عمل بما علم فتح الله له ما لا يعلم ، وأعلم الناس من عمل بما يعلم وافضل الناس اخشعهم لله عز وجل)
13- فالعلم يؤدي إلى العمل ، والعمل يدخله إلى المعاملات يقول صلى الله عليه وسلم (إن للمسلم على أخيه المسلم من المعروف ستا: يسلم عليه إذا لقيه، ويعوده إذا مرض، ويُشمته إذا عطس، ويشهدُه إذا مات، ويجيبه إذا دعاه، ويحب له ما يحب لنفسه، ويكره له ما يكره لنفسه)سنن الترمذي.
14- فتنقل المسلم من العلم إلى العمل ثم المعاملات ، تأتي الطريقة لتبني فوق هذا البناء صرحا أساسه حميد الأخلاق، وكريم الخصال، ويسطع نجم هذا الأمر عند دخول المؤمن إلى مقام( التوفيق ) بحثا عن إصلاح نفسه ، ويكون صلاحه باتباع الحبيب صلى الله عليه وسلم كما أمر المسلمين ان ينظروا إلى صلاته فقال (صلوا كما رأيتموني أصلي) صحيح ابن حبان
15- فأَولى بالمؤمنين أن يتخلقوا بـ ( أخلاقه ) صلى الله عليه وسلم وأن يلتحقوا بها، فخُلق رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أولى الأخلاق التى يوفق المرء معها أخلاقه، وقد وصفه الحق فىِ محكم التنزيل بقوله ( وَإنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظيمٍ ) 4 القلم
- وكان الخُلق الحسن شطر وصيته صلى الله عليه وسلم لسيدنا مُعَاذ بن جَبَلٍ رضى الله تعالى عنه عندما قَالَ : ﴿ قُلتُ يَا رَسُولَ الِلّه أَوصنى ، قَالَ: اتَّق الِلَّهَ حَيثُمَا كُنتَ، وخَالق النَّاسَ بخُلُقٍ حَسَنٍ ﴾ مسند الإمام أحمد
- ومظهر الأخلاق الكريمة أي ـ الآداب ـ الذى نجده علامة للمستقدمين، كما أخبرنا مولاي فخر الدين:
فَعَلاَمَةُ الْمُسْتَقْدِمِيـ * نَ مَعَ الْكِرَامِ تَأَدُّبُ
16- ومن أوكد الآداب هو الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمر الذى أفرد له الحق فِى الكتاب العزيز العديد من الآيات، وها هي سورة الحجرات خير شاهد.
17- التحذير من أهل الزيغ : - ولأن ديدن أهل الزيغ فِى كل عصر الالتواء والالتفاف بالنصوص ليحققوا بها مُرادهم، فتجدهم بدعوى إقامة أمر من أوامر الحق أو سُنَّة من سنن الحبيب صلى الله عليه وسلم يلبثون الحق بالباطل، فقديما تجرؤوا ونادوا بحرمة السيادة لغير ( الله ) حتى للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، فلما اصطدموا بتوافر نصوص الكتاب والسنة، علت أصواتهم بالسيادة،
- ولكنهم جنحوا إلى مَنحَنى آخر فآخر، قد لا يطول الانتظار وتشهِدونه، يأمرون الناس بكثرة الذكر على الحبيب صلى الله عليه وسلم وتعظيم آل بيته فقط يطلقون عليها الشيء الشرعي كما هو ديدنهم.
18- ونجد نجوم الهداية دائما ما ينيرون لنا الطريق، فعندما أشار مولاي الإمام فخر الدين رضى الله عنه إلى ( السَّيدُ العَبدُ وَالإنسَانُ ) مُناديا فيه (الرَحمَة والقُدوَة ) بعد أن همس قائلا ( يَا سَيدى ) أنت ( للسّيَادَة رَبُّ ) فقد قلت ( وَقَولُكَ هَدىٌ ) بأن الذخيرة متمثلة فى عترة الخلفاء حاملين فيهم عطاء وهدى سيد الأنبياء ( فَكُن يَا مُريدى للكرَام مُقَلدا ) فحقا ( السَّادَةُ الأَقطَابُ فينَا أَنجُمٌ ).
فالانتباه لهذا الأمر واجب حتمى، فمن ذكر اسم الحبيب صلى الله عليه وسلم مُجردا من السيادة، فلينتبه لأن ﴿ الدَّالُّ عَلَى ا لخير كَفَاعله ﴾ مسند الإمام أحمد، واحذر قول الحبيب المحبوب عليه أفضل الصلوات وأزكى السلام ﴿...وَمَن سَنَّ سُنَّة سَيئَة كَانَ عَلَيه وزرُهَا...﴾ سنن ابن ماجه، فانظر فىِ أى الفريقين تضع نفسك.
19- ولعلنا نجد من يقول فى هذا الزمان: هل هذا الأمر جوهرى لكى نعوّل عليه فِى تلك الفترة من حياتنا؟ وفِي ظل كل الصعوبات التى تواجه الناس فِى أمور حياتهم؟
نقول لهم إذا عدّدنا الآداب وقلنا بالمفهوم السابق، فتركناها لوجود ما هو أهم منها، لأصبح الناس أمام مجتمع فوضوى لا أخلاق فيه، فأدبك مع الحبيب صلى الله عليه وسلم إنما هو ركيزة ونواة لباقى الآداب، فيفتح لك أبواب آدابك مع والديك، وأدبك فىِ الحوار، حتى ينتهى أدبك إلى الحيوان أى الرفق به، ونجد سيدى ابن المبارك يقول: ( طلبنا الأدب حينَ فاتنا المؤدّبون ) وقيل: ثَلاث خصال لَيسَ معهن غربة: مجانبة أهل الريَب، وحُسنُ الأدب، وكف الأذى وقيل فِي المعنى:
يزينُ الغريبَ إذا ما اغتربْ
ثلاثٌ ؛ فمنهنّ حسنُ الأدب
وثانيةٌ حســــ نُ أخلاقِه
وثالثةٌ اجتنا بُ الرِّيَب
ولما دَخَلَ أَبُو حفص بغداد، قَالَ لَه الإمام الجنيد: لَقَد أدّبت أَصحَابك آداب السلاطين،
فَقَالَ أَبُو حفص: حُسنُ الأدب فى الظاهر عنوان حُسن الأدب فِ الباطن.
20- توحيد الأمة نوع من الرقى والرفعة، لإظهار سماحة الدين وعدالته
21- بدلا من اتّهام الآخرين بالكفر والإلحاد علينا إظهار محاسن ومكارم الأخلق المتمثلة فى أقوال وأفعال وإشارات سيد الأكوان ( أَحمَدُ مَن حمَد ) الذى أثنى كل الخير على الأنبياء والرسل السابقين، وخير دليل تذييل سورة البقرة بأن الحبيب آمن بما ( أُنزلَ إلَيه من رَبه ) وكذا المؤمنون ( كُل آمَنَ بالِلّه وَمَلاَئكَته وَكُتُبه وَرُسُله ) والكل لا يفرقون ( بَينَ أَحَدٍ من رُسُله ).
22- فلن يأتى الصلاح من تلقاء نفسه، بل من مجاهدة النفس ومحاسبتها، وتبدأ بإصلاح القلب وبصلاحه يصلح سائر الجسد وذلك بالسير إلى الله تعالى بالأوراد والطاعات لتزكية النفس
وقال الإمام النابلسى رضى الله عنه ( إلى الذات سيرى فى مراتب أسماء ) فيدخل المريد فى مبادىء الإحصاء ، من بعد التعب والعناء، ليهنأ بالتقريب والعيش الرغيد.
ما ذكرناه هو حال السائرين ترتفع وتنخفض درجاتهم بحسب ما اجتهدوا للوصول إليه من عزم قوى وهمة عالية ومجاهدة النفس والدنيا والشيِطان والهوى، وشتان بين المحب والحبيب، وبين المريد والمرُاد:
فَأَيْنَ مُحِبٌّ مِنْ حَبِيبٍ وَمُوصَلٍ * وَأَيْنَ مُرِيدٌ مِنْ مُرَادٍ وَثَابِتٍ
فحال السائرين المكابدة والمجاهدة لنوال حسن المآب،
23 - وحال المصطفين كما أخبر عنهم الحق سبحانه ( أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (*) وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ ) 46 ، 47 ص، لا بسابق أمر قدّموه أو بقديم فعل أتوه، بل لسابقتهم الأزلية عند الحق، قال مولاي رضى الله عنه:
وَيُمْنَحُ قَدْراً لاَ بِجَهْدٍ وَهِمَّةٍ * لِيُصْبِحَ مَأْمُولَ الْقُلُوبِ الْحَظِيَّةِ
فكانت نهاية منازل الذاكرين هى مضاجع أحوال المصُطفين وبداياتهم:
مَنَازِلٌ قُدِّرَتْ لِلذِّكْرِ أَجْمَعِهِ * وَبَعْدَهَا نُصْطَفَى هَذِي بِدَايَتُنَا
24- معنى(اللَّهُ مِنْ بَعْدِ الزِّيَادَةِ زَادَنِي ) عندما قال الإمام فخر الدين رضى الله عنه ( اللَّهُ مِنْ بَعْدِ الزِّيَادَةِ زَادَنِي ) زعم البعض زورا وبهتانا أن معنى الزيادة هنا ( زيادة تتم النقص ) فصحح فهمهم ( وَلاَ زَعْمٌ بِأَنِّي زِيدَ قَدْرِي ) فكانت الزيادة المقصودة هنا زيادة ( المعارف الإلهية والمعانى الربانية ) التى لا تنتهى، من باب قوله تعالى ( وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَىٰ ) سورة الضحى، فكشفِ عن الفهم الراقى لترقى خلفاء الحبيب صلى الله عليه وسلم ، فحقا :
وَأَعْرِفُ أَقْدَارَ الرِّجَالِ جَمِيعِهِمْ * وَلَكِنَّهُمْ ضَلُّوا ابْتِدَاءَ مَكَانَتِي
وحذّر من فتح هذا الباب فقال:
وَعَنْ مَنَازِلنَا أَمْسِكْ فَإِنَّ لَهَا * صَحَائِفٌ أُودِعَتْ أَيْدِي أَئِمَّتِنَا
فحديثه رضى الله عنه دواء لكل داء، وهادى لكل باغٍ، وإرشاد لكل ضال، فكان حقاً علينا أن نُعَلم عنه، لإنه من رجال جدهم هادى الهداة الكاملين.
25- اجتماع مناسبات الاحتفال في وقت واحد: تعانق حولية الإمامين الجليلين مع مولد إنسان العين، ديَّار الرضا، حلاَّل العُقَد، حُجة التوحيد، عال القدر، قطب الأقطاب، العارف بالله سيدى إبراهيم القرشى الدسوقى رضى الله تعالى عنه وقد أوجز الإمام سيدى فخر الدين رضى الله عنه بصريح العبارة التى تحمل فىِ طيّاتها مكنون الإشارة حين قال عنه ( إنَّهُ السَّائرُ بى نحوَ الرَّشَد ).
ويزداد الحُسن زهوا وبريقا بأرواح رقصت وغرّدت حين ازداد العناق وتشابكت نفحات الدهر بمولد صاحب الرمحين مع منحة ( الإسراء ) التى اجتمعت بفرد الأربع الحُرُم، لتزدان أيام دهر الزمان، الذى كان فيه جزيل العطاء، وزاده من الرفعة والتكريم بأن حملت فيه السيدة آمنة بسيد الأولين والآخرين، وتكتمل الصورة حُسنا على أهل السموات العال برؤية مرآة ذات الحُسن، فنالوا من الشرِف بهذه الرؤية ما نالوه، قال مولاي رضى الله عنه:
الْقَدْرُ فِيهِ لِكُلِّ ذِي قَدْرٍ إِذَا * سَكَتَ الرَّعِيَّةُ عَنْهُ وَالأُمَرَاءُ
26- إن الماء العذب كثير الورود، فإن لم يكن ماؤنا من مائه وكذا، لما سرينا ولا سرنا ولا علمت عنا الروابى، فالماء غزير، والوارد كثير، فهل شمّرتم عن سواعدكم وتزاحمتم ووقفتم على أعتاب أبواب الفضل لتكونوا مرآة حُسن للناظرين، ليرفع الله قدرَكم، ويُحط عنكم أثقالكم، حال أن تكونوا سفراء للطريق ..
27- من وصايا مولاي كمال الدين الشيخ إبراهيم رضى الله عنه أن نكون سفراء خير، فمن وصاياه رضى الله عنه أنه قال: أعظم ما يقدمه كل برهانى للطريق، التفوق فىِ الآداب والتعامل مع الآخرين وبالأخص، أبناء العموم، والتفوق فِى العمل والدراسة وشئون البيت، وفى معاملتك مع والديك والزوجة والأبناء، والتفوق أيضا فىِ احترام الكبير وفى تربية الصغير.
- والتفوق فىِ أورادك ومحبتك وأدبك مع شيخك وتواصلك مع أبناء الطريق، والفهم الراقى لآداب وسماحة الطريق، حيث أنك تُمثّل الطريق فى مجتمع العمل والأسرة والحى، وبالتالي تصبح سفيرا للطريق، لذلك كان لزاما عليك أن تكون متفوقا فى أدبك وتعاملك وكلامك، فالتفوق يأتى بالعزم والمواظبة على الأوراد وطاعة أولى الأمر وبذلك تكون أُشعلت فى داخلك نار المحبة.
28- ومازلنا مع ما تهواه النفوس وترتاح له القلوب وهو الحديث عن سماحة سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، فآيات محبته وإيثاره وصبره على أذى الخَلق تغزو القلوب والأرواح، فنستفيد من هذه الدروس وتكون نبراسا لنا فى ديننَا ودنيانا.
29- شرح للشعار رفع الله للمتيم قدرا: وكما أن المصائب تجمعن المصابين، فطريق الحب يجُمع المحبين، وإذا استحكم الوجد بالقلب اصطَلَت الروح:
وَالْوَجْدُ يُلْقِي فِي الْقُلُوبِ وَدَاعَةً * رُوحُ الْمُتَيَّمِ تَصْطَلِي بِهُيَامِي
- فطريق الحب طويل ومراتبه كثيرة ( وَمَا هُوَ إِلاَّ الْحُبُّ بُغْيةَ قانِتِ ) فبداية الخلق بالحب، وبداية الدعوة إلى الله بالحب، وأساس الدين أيضا مبنى على الحب، فيترحل المرء من مراتب الحب إلى أن يَستَقلَّ بقلبه، ليصل به إلى منتهى الأمر بين الخلق، فيصله الحق بحبه وإرادته،
- ووضح مولاي الإمام فخر الدين رضى الله عنه بالتمسك بدستور الطريق، فجاء من إشاراته في إحدى فرائده ( كُلّ مَنْ جاء بِقَوْل غَيْر نَظْمِى فَهُو رَدّ ) ونتعلم من هذا أن الأمر ليس للعلوم فقط، فالطريق محفوظ من الغير والأغيار، ورشاد الأمة فى الوصول إلى الفهم الراقى للطريق وعلومه، ليتوج العمل بتاج حُسن الختام، والسير فى خطى ثابتة بكل جدٍ وجَدٍ نحو علَّم الغيوب فِ حضرة المحبوب.
وكالحال وكل عام لنا شعار لذكرى الإمامين الجليلين، فيقول مولاي سيدى فخر الدين رضى الله عنه فِ نظمه الفريد:
رَفَعَ اللَّهُ لِلْمُتَيَّمِ قَدْراً
فبدا فِى هذا القدر يركض الأولياء حتى الفناء، فأولهم باغٍ وآخرهم فنا
وصلّ الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
وكل عام وأنتم بخير
-
- خطاب مولانا الشيخ محمد الحولية 2015
- خطاب مولانا الشيخ محمد حولية 2014
- خطبة مولانا الشيخ محمد فى عيد الفطرالمبارك 1434 هـ - 2013 م فى ألمانيــــــا
تعليقات: 0
إرسال تعليق