حزب التضرع لمولانا محمد بن عبد الكبير الكتاني من اوراد الطريقة الكتانية
- صلاة السر لسيدي محمد بن عبدالكبير الكتاني رضي الله عنه وأرضاه
- الصلاة الكنزية للشيخ المؤسس سيدي محمد بن الشيخ عبد الكبير الكتاني
- الصلاة الأنموذجية من اوراد الطريقة الكتانية لسيدى محمد بن عبد الكبير الكتانى
- حزب البسط لمولانا محمد بن عبد الكبير الكتاني من اوراد الطريقة الكتانية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً
قَالَ مُؤَلِّفُهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِعْلَمْ أَنَّ هَذَا المُوَشَّحَ بِيَوَاقِيتِ عَجَائِبِ العِلْمِ الإِلَهِي، وَغُرَرِ الخَصَائِصِ وَمَآثِرِ المَزَايَا وَالمَنَاقِبِ، فَمَا هُوَ إِلاَّ قُطْبُ العَجَائِبِ وَخَرِيدَةُ الغَرَائِبِ، بَرَزَ مِنْ حَضْرَةِ القَهَّارِ لِيَكُونَ مِنْ حُجَجِ اللَّهِ عَلَى المُرْجِفِينَ، فَمِنْ خَصَائِصِهِ سُرْعَةُ الإِجَابَةِ كَلَمْحِ البَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ، بِشَرْطِ انْطِوَاءِ صَدَفِ الشَّبْحِ عَلَى جَوْهَرَةِ الصِّدْقِ وَالتَّصْدِيقِ خُصُوصاً لِمَنْ تَوَارَدَتْ عَلَيْهِ جُيُوشُ المَعَاصِي، وَأَقْبَلَتْ إِلَيْهِ بِخَيْلِهَا وَرَجْلِهَا، فَيَنِيخُ ركابُ تَذَلُّلِهِ بَيْنَ يَدَيْ خِيَامِ العِزَّةِ وَيَبْسُطُ جَنَاحَ الذُّلِّ وَالاِنْكِسَارِ بِلِسَانِ حِزْبِ التَّضَرُّعِ هَذَا. فَإِنَّهُ يُجَابُ بِتَلْبِيَةِ الإِجَابَةِ عَاجِلاً عَاجِلاً عَاجِلاً، وَمِنْ خِصِّيصَاتِهِ أَنَّ مَنْ مَدَّ أَيْدِي الذِّلَّةِ بِهِ تَصِيرُ دَعْوَتُهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ، وَهَذِهِ الغَنِيمَةُ البَارِدَةُ لِمَنْ عَانَى طَرِيقَةَ التَّسْلِيمِ، وَمِنْ خِصِّيصَاتِهِ أَنَّ قَارِئَهُ مِنْ أَتْبَاعِنَا يُلْبِسُهُ الحَقُّ جَلاَبِيبَ التَّوْبَةِ بِدُونِ شُعُورٍ مِنْهُ بِهِ كَرْهاً مِنْهُ لاَ طَوْعاً، وَمَتَى تَابَ عَلَيْهِ تَابَ، وَإِذَا تَابَ أَحَبَّهُ، وَإِذَا أَحَبَّهُ لَمْ يُعَذِّبْهُ، وَهَذِهِ خِصِّيصَةٌ اقْتَطَفَ الإِكْسِيرُ خَاصِّيَتَهَا مِنْ حِزْبِ التَّضَرُّعِ هَذَا، وَمِنْ خِصِّيصَاتِهِ أَنَّ قَارِئَهُ يَلْبَسُ مِنْهُ حُلُلَ كَرَاهِيَتِهِ لِلْمَعْصِيةِ حَتْماً وَقَهْراً عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ قِرَاءتِهِ لَهُ، بِحَيْثُ لَوْ حَاوَلَ فِعْلَ المَعْصِيَّةِ لَوَجَدَ الحَادِثَ القَوِيَّ مِنْ بَاطِنِهِ يَحْرُسُهُ، وَهَذِهِ المَزَايَا رُبَّمَا لاَ تَجِدُهَا فِي حِزْبٍ، فَاشْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ، وَمَنْ نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ.
يَا بْنَ الكِرَامِ أَلاَ تَدْنُوا فَتُبْصِرُ مَا قَدْ حَدَّثُوكَ فَمَا رَاءٍ كَمَنْ سَمِعَ
وَإِذَا جَاءكَ الذِينَ يُومِنُونَ بِئَايَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنكُمْ سُوءً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ.
أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ .بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. الذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَوةَ لِيَبْلُوَكُمُ أَيُّكُمُ أَحْسَنُ عَمَلاً. وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ. الذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا.
مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَانِ مِن تَفَاوُتٍ. فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ. ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبِ اِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ. اللَّهُمَّ اجْعَلْ قَلْبِي سَمَاوِيّاً لاَ يَأْلَفُ أَرْضَ الكَثَافَاتِ وَالتَّشْكِيكَاتِ
اللَّهُمَّ الرَّفِيقُ الأَعْلَى حَتَّى يَنْقَطِعَ عَنْ سَائِرِ ظِلاَلِ تَطَوُّرَاتِ الكَوْنِيَاتِ مَعَ انْسِلاَخِهِ عَنْ قَالَبِ تَقْيِيدِ الجِسْمَانِيَّاتِ وَانْغِمَارِهِ فِي غَيَابَاتِ جُبِّ تَدَلِّيَّاتِ رَفْرَفِ الإِطْلاَقَاتِ وَإِجْلاَسِهِ عَلَى مِنِصَّةِ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَامَنَهُ.
اللَّهُمَّ جَرِّدْ يَا رَبِّ قَلْبَ قَلْبِي عَنْ قَلْبِي حَتَّى يُنْصَبَ عَلَى سَاقِ التَّقْرِيبِ وَالتَّدَانِي. حَدَّثَنِي رَبِّي عَنْ قَلْبِي. وَأَحْيِنِي بِكَ حَتَّى يَلْقَمَنِي حُوتُ حَدَّثَنِي قَلْبِي عَنْ نَفْسِ نَبِيِّي، وَأَحْيِنِي بِكَ بَعْدَ انْسِلاَخِي عَنِّي حَتَّى أَدْنُوَ مِنْ تَدَلِّياتِ حَدَّثَنِي قَلْبِي عَنْ رُوحِ نَبِيِّي، وأَبْقِنِي بِكَ فِي نَفْسِ مَحْوِي عَنِّي حَتَّى أَنْبَسِطَ فِي سُرَادِقَاتِ حَدَّثَنِي سِرِّي عَنْ سِرِّ نَبِيِّي، وَجَرِّدْ قَلْبِي يَا حَلِيمُ يَا لَطِيفُ يَا سَتَّارُ عَنْ بَسْطِ سَحَابِ أَلْهَيكُمُ التَّكَاثُرُ فِي جَوِّ سَمَاءِ لُطْفِهِ وَقُرْبِهِ، وَغَيِّبْنِي عَنِّي فِي نَفْسِ بَقَاءي فِيكَ، وَاجْذُبْنِي إِلَيْكَ جَذْبَةً إِطْلاَقِيَّةً فِي دَهْرِ الإِطْلاَقِ عِنْدَ مُكَافَحَةِ إِطْلاَقِ الإِطْلاَقِ، حَتَّى لاَ أَلْتَفِتَ لِدَيَاجِي نُقَطِ الغَيْنِ، وَهَيِّمْنِي يَا بَاسِطُ يَا مُغِيثُ يَا أَنِيسُ بِسَطْوَةِ عِزِّ حُسْنِكَ السُّلْطَانِي، وَجَمَالِ نَعْتِكَ الرَّحْمَانِي، حَتَّى أَنَالَ فَوْقَ أُمْنِيَاتِ مَرْغُوبِي وَغَايَةَ مَطَالِبِ مَطْلُوبِي، وَلاَ تُعَامِلْنِي بِعَدْلِ قَهْرِيَاتِ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ. فَتَتْرُكَنِي فِي زَوَايَا الإِهْمَالِ لاَ مَوْلَى لِي وَلاَ نَاصِرَ وَلاَ كَفِيلَ، وَإِلَى مَنْ أَلْتَجِئُ وَأَضْرَعُ عِنْدَ نُزُولِ النَّكَبَاتِ وَالمِحَنِ وَالغُصَصِ، فَإِنْ عَامَلْتَنِي بِالرِّضَى وَالعَفْوِ وَالصَّفْحِ وَالسِّتِرِ وَالغُفْرَانِ وَالتَّجَاوُزِ فَذَاكَ وَصْفُكَ الذِي أَنْتَ بِهِ مَوْصُوفٌ وَأَنْتَ لَهُ أَهْلٌ
وَإِنْ تَوَجَّهْتَ عَلَيَّ بِالعَدْلِ وَالقَهْرِ وَالطَّرْدِ وَالخَيْبَةِ فَأَيُّ شَيْءٍ أَنَا يَا كَرِيمُ يَا غَفُورُ يَا سَتِيرُ فِي حَوَاشِي بَحْرِ كَرَمِكَ الطَّامِّ الفَيَّاضِ حَتَّى تُجَازِينِي بِوَصْفِ أَفْعَالِي الصُّوَرِيَّةِ، وَأَيْنَ أَنَا فِي جَانِبِ فَزَادَنِي رَبِّي ثَلاَثَ حَيَّاتٍ، بَلْ أَيُّ شَيْءٍ أَنَا حَتَّى تَتَوَجَّهَ عَلَيَّ بِالعِقَابِ وَمُجَازَاتِي بِمُقْتَضَى وَصْفِيَ الذِي أَنَا بِهِ مُتَحَلٍّ، فَعَامِلْنِي يَا وَدُودُ بِمَا رَقَمْتَ عَلَيْهِ شَكْلِي وَصُورَتِي، فَأَنْتَ الحَكِيمُ البَدِيعُ المُنَزَّهُ عَنْ فِعْلِ النَّقَائِصِ.
إِلَهِي تَقَطَّعَتْ أَكْبَادُنَا مِمَّا نُقَاسِي مِنْ سُوءِ العَاقِبَةِ فَأَمِّنْ مَكْرَنَا، وَأَجِبْ بِالفَضْلِ طَلَبَتَنَا، وَلاَ تَرُدَّنَا عَلَى أَعْقَابِنَا، فَلاَ رَبٌّ لَنَا سِوَاكَ، وَلاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ. اللَّهُمَّ إِنَّ قُلُوبَنَا وَجَوَارِحَنَا بِيَدِكَ لَمْ تُمَلِّكْنَا مِنْهَا شَيْئاً، فَلاَ وَسْمَ لَنَا وَلاَ رَسْمَ وَأَيُّ حَرَكَةٍ لَنَا إِلاَّ بِتَوَجُّهَاتِ إِرَادَتَكَ، وَقَلُوبُ بَنِي آدَمَ بَيْنَ أُصْبُعَيْ مِنْ أَصَابِعِ، فَلاَ إِرَادَةَ وَلاَ خَاطِرَ وَلاَ هَاجِسَ إِلاَّ بِكَ، مَا مِن دَابَّةٍ اِلاَّ هُوَ ءاخِذٌ بِنَاصِيَّتِهَا، فَتَرَفَّقْ يَا رَفِيقُ يَا شَفِيقُ يَا حَنِينُ يَا رَحِيمُ يَا مُتَفَضِّلُ عَلَى عِبَادِكَ الذِينَ أَذْهَبْتَ عُقُولَهُمْ حَتَّى أَنْفَذْتَ قَضَاءكَ وَقَدَرَكَ فِيهِمْ، وَلاَ يَمْلِكُونَ لأَنفُسِهِمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً وَلاَ يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلاَ حَيَاتاً وَلاَ نُشُوراً.
فَأَنْتَ المُسْتَوِي بِشُؤُونِكَ التَّدْبِيرِيَّةِ عَلَى عَرْشِ رُتَبِ دَوَائِرِ المُكَوَّنَاتِ، وَمَا ظَهَرَتْ مَعْصِيَّةٌ فِي الوُجُودِ إِلاَّ بِإِرَادَتِكَ وَقَضَائِكَ المُحَتَّمِ، وَإِلاَّ وَقَعَ فِي مُلْكِكَ مَا لاَ تُرِيدُ تَعَالَيْتَ وَتَنَزَّهْتَ عَنِ الفَحْشَاءِ. اللَّهُمَّ تَحَنَّنْ وَتَرَأَّفْ يَا قُدُّوسُ يَا سَلاَمُ يَا مُومِنُ يَا مُهَيْمِنُ عَلَى مَنْ لاَ حَوْلَ لَهُمْ عَنْ مَا رَقَمَهُ قَلَمُ تَعَيُّنَاتِكَ، وَلاَ قُوَّةَ لَهُمْ عَلَى دَفْعِ مَا تَوَجَّهَتْ بِهِ حَضْرَةُ إِرَادَتِكَ، فَأَنْتَ المُسْتَبِدُّ بِالتَّدْبِيرِ فِي عَيْنِ أَعْيَانِ مَمْلَكَتِكَ، لاَ لِغَيْرِكَ تَصَرُّفٌ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ فِي سَائِرِ الكُلِّيَاتِ وَالجُزْئِيَّاتِ. إِنَّ اللَّهَ صَانِعُ كُلِّ صَانِعٍ وَصَنْعَتِهِ.
اللَّهُمَّ يَا خَبِيرُ يَا سَمِيعُ يَا بَصِيرُ يَا حَكَمُ أَنْتَ القَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِكَ فِي جَمِيعِ مَا يَنْفَعِلُ عَنْهُمْ مِنْ تَطَوُّرَاتِ الكَثَافَاتِ وَاللَّطَافَاتِ. إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ. فَعَامِلْهُمْ بِمُقْتَضَى وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ. وَابْسُطْ عَلَيْهِمْ جَلاَبِيبَ سِتْرِكَ يَا غَفَّارُ يَا سَتَّارُ يَا عَفُوُّ يَا عَزِيزُ.
اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَمَرْتَنَا بِالعَفْوِ وَالتَّجَاوُزِ وَالصَّفْحِ فَأَنْتَ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنَّا يَا مَنْ بِيَدِهِ خَزَائِنُ الجُودِ.
اللَّهُمَّ إِنَّكَ حَبَّبْتَ إِلَيْنَا الإِغْضَاء عَمَّا يَبْدُوا مِنَ الجَهَالاَتِ، فَعَامِلْنِي بِمُقْتَضَى وَلَوْ أَنَّهُمُ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً. اللَّهُمَّ إِنَّا قَدْ ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا ظُلْماً كَبِيراً وَلاَ مَرْجُوَ سِوَاكَ، وَلَمْ نَمُدَّ أَكُفَّ الرَّجَاءِ إِلاَّ لِحِمَاكَ، وَقَدْ جِئْنَا نَبِيَّكَ الشَّفِيعَ المُشَفَّعَ فَاسْتَغْفَرْنَا اللَّهَ عِنْدَهُ بِلِسَانِ الذِّلَّةِ وَالاِنْكِسَارِ وَالتَّضَرُّعِ وَالاِبْتِهَالِ، حَتَّى حَنَّ لِبُكَائِنَا القَرِيبُ وَالبَعِيدُ وَالعَدُوُّ، وَصَوْتُ أَزْجَالِ تَضَرُّعَاتِنَا قَدْ عَلَتْ وَتَكَثَّرَتْ، وَانْبَسَطَ عَلَيْنَا رَهَبُوتُ الخَوْفِ السُّلْطَانِي حَتَّى تَصَدَّعَتْ قُلُوبُنَا مِنْ أَلَمِ مُخَوِّفَاتِ مَا يَرِدُ مِنْ قِبَلِ قُلِ اِنَ اَرَادَ أَنْ يُّهْلِكَ المَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً لَفَعَلَ وَلاَ رَادَّ لِحُكْمِهِ.
وَتَفَتَّتَتْ أَكْبَادُنَا مِمَّا نُقَاسِي مِنْ شِقَّةِ البِعَادِ وَالطَّرْدِ وَالهَوَانِ، وَتَكَسَّرَتْ زُجَاجَةُ عُقُولِنَا مِنْ سَطْوَةِ قَهْرِيَّاتِ حَرَارَةِ شَمْسِ العِتَابِ وَالزِّجْرِ وَالإِقْمَاعِ إِلَى أَنْ تَصَدَّعَتْ مِنْ شِدَّةِ مَا أَصَابَهَا مِنَ الخَجَلِ، وَذَابَتْ أَجْزَاءُ عُقُولِنَا لَمَّا لَبَّا حَادِي الرَّكْبِ بِصَوْتِ مَيِّتٍ فِي صُورَةِ حَيٍّ شَيَّبَتْنِي هُودٌ وَأَخَوَاتُهَا يَا كَرِيمُ يَا وَهَّابُ، هَبْ لِي جَلاَبِيبَ البَسْطِ مِنْ عِنْدِيَّاتِكَ حَتَّى أَنْبَسِطَ فِي مَيَادِينِ فَوَقَيهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ اليَوْمِ، وَذَهَلَتْ أَرْوَاحُنَا خَلْفَ سَمَاعِ وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَنْ يَّشَاء رَبِّي شَيْئاً، وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً. فَكَيْفَ بِنَا وَقَدْ تَلَطَّخْنَا بِقَاذُورَاتِ الجَرَائِمِ وَالآثَامِ، وَلَمْ نَدَعْ شَاذَّةً وَلاَ فَاذَّةً إِلاَّ ارْتَكَبْنَاهَا، فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ. اللَّهُمَّ إِنَّا قَدْ ضِقْنَا ذَرْعاً مِمَّا التَحَفْنَا بِهِ مِنْ دَوَائِبِ قَهْرِيَّاتِ يَوْماً يَجْعَلُ الوِلْدَانَ شِيباً، فَتَوِّجْنِي بِفَرَائِدِ وَالذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً اَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ، وَمَنْ يَّغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ. يَا وَاسِعَ الجُودِ وَالعَطَاءِ، يَا مَنْ رَحْمَتُهُ عَمَّتِ القَاصِي وَالدَّانِي، فَأَسْمِعْنِي يَاعِبَادِيَ الذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ
إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً، إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ. اللَّهُمَّ يَا عَالِمَ السِّرِّ وَالنَّجْوَى مِنْ إِبْلِيسَ وَمِنَ الهَوَاجِسِ وَمِنَ الخَوَاطِرِ وَمِنَ المَلَكِ وَمِنَ الوَسْوَاسِ الخَنَّاسِ الذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ، تَوَحَّدْتَ يَا مَنْ لَهُ القُوَّةُ وَالبَطْشُ بِالإِيجَادِ وَالإِنْفِرَادِ وَالفِعْلِ وَالإِنْفِعَالِ، لاَ شَرِيكَ وَلاَ نِدَّ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُؤاً اَحَدٌ، العَوَالِمُ كُلُّهَا فِي طَيِّ قَبْضَتِكَ، وَعِنْدَ نَظَرِكَ، وَأَنْتَ المُتُحَكِّمُ وَالمُتَصَرِّفُ فِيهَا بِمُقْتَضَى القَبْضَتَيْنِ، لاَ يَبْرُزُ شَيْءٌ مِنَ الشُّؤُونِ إِلاَّ بِتَكْوِينِ تَفَرُّدَاتِكَ، وَأَنْتَ مُرَبِّي العَالَمِينَ فِي مَهْدِ القِدَمِ، إِخْتَرْتَ قَوَابِلَهُمْ قَبْلَ نَشْرِهِمْ فِي سَاحِلِ بَحْرِ الأَبَدِ، فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ، فَهَاأَنَا بَيْنَ يَدَيْكَ يَا رَبِّ تَفْعَلُ بِي مَا تَشَاءُ وَتَحْكُمُ مَا تُرِيدُ، فَلَيْسَ لِي مِنْ شُؤُونِ نَفْسِي وَلاَ غَيْرِي شَأْنٌ، كُلَّ يَوْمٍ هُوُ فِي شَأْنٍ، فَمَا بَرِحَتِ العَوَالِمُ كُلُّهَا عِنْدَ نَظَرِكَ، إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً. اللَّهُمَّ اجْعَلْ جِسْمِي سَمَاوِيّاً، وَقَلْبِي أَرْضِيّاً، وَجِسْمِي وَقَلْبِي سَمَاوِيَّيْنِ، وَقَلْبِي وَجِسْمِي أَرْضِيَّيْنِ، وَقَلْبِي وَجِسْمِي وَلاَ سَمَاء وَلاَ أَرْضَ وَسَمَاء وَأَرْضَ وَلاَ قَلْبَ وَلاَ جِسْمَ وَلاَ سَمَاء وَلاَ أَرْضَ، قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنَ اَجْرٍ فُهُوَ لَكُم، إِنَ اَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ. يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالمَلاَئِكَةُ صَفّاً لاَّ يَتَكَلُّمُونَ إِلاَّ مَنَ اَذِنَ لَهُ الرَّحْمَانُ وَقَالَ صَوَاباً. رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً، اِنَّكَ أَنتَ الوَهَّابُ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلاَمٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ لِلهِ رَبِّ العَالَمِينَ.
مقدمة حِزْبُ التَّضَرُّع
قَالَ مُؤَلِّفُهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِعْلَمْ أَنَّ هَذَا المُوَشَّحَ بِيَوَاقِيتِ عَجَائِبِ العِلْمِ الإِلَهِي، وَغُرَرِ الخَصَائِصِ وَمَآثِرِ المَزَايَا وَالمَنَاقِبِ، فَمَا هُوَ إِلاَّ قُطْبُ العَجَائِبِ وَخَرِيدَةُ الغَرَائِبِ، بَرَزَ مِنْ حَضْرَةِ القَهَّارِ لِيَكُونَ مِنْ حُجَجِ اللَّهِ عَلَى المُرْجِفِينَ، فَمِنْ خَصَائِصِهِ سُرْعَةُ الإِجَابَةِ كَلَمْحِ البَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ، بِشَرْطِ انْطِوَاءِ صَدَفِ الشَّبْحِ عَلَى جَوْهَرَةِ الصِّدْقِ وَالتَّصْدِيقِ خُصُوصاً لِمَنْ تَوَارَدَتْ عَلَيْهِ جُيُوشُ المَعَاصِي، وَأَقْبَلَتْ إِلَيْهِ بِخَيْلِهَا وَرَجْلِهَا، فَيَنِيخُ ركابُ تَذَلُّلِهِ بَيْنَ يَدَيْ خِيَامِ العِزَّةِ وَيَبْسُطُ جَنَاحَ الذُّلِّ وَالاِنْكِسَارِ بِلِسَانِ حِزْبِ التَّضَرُّعِ هَذَا. فَإِنَّهُ يُجَابُ بِتَلْبِيَةِ الإِجَابَةِ عَاجِلاً عَاجِلاً عَاجِلاً، وَمِنْ خِصِّيصَاتِهِ أَنَّ مَنْ مَدَّ أَيْدِي الذِّلَّةِ بِهِ تَصِيرُ دَعْوَتُهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ، وَهَذِهِ الغَنِيمَةُ البَارِدَةُ لِمَنْ عَانَى طَرِيقَةَ التَّسْلِيمِ، وَمِنْ خِصِّيصَاتِهِ أَنَّ قَارِئَهُ مِنْ أَتْبَاعِنَا يُلْبِسُهُ الحَقُّ جَلاَبِيبَ التَّوْبَةِ بِدُونِ شُعُورٍ مِنْهُ بِهِ كَرْهاً مِنْهُ لاَ طَوْعاً، وَمَتَى تَابَ عَلَيْهِ تَابَ، وَإِذَا تَابَ أَحَبَّهُ، وَإِذَا أَحَبَّهُ لَمْ يُعَذِّبْهُ، وَهَذِهِ خِصِّيصَةٌ اقْتَطَفَ الإِكْسِيرُ خَاصِّيَتَهَا مِنْ حِزْبِ التَّضَرُّعِ هَذَا، وَمِنْ خِصِّيصَاتِهِ أَنَّ قَارِئَهُ يَلْبَسُ مِنْهُ حُلُلَ كَرَاهِيَتِهِ لِلْمَعْصِيةِ حَتْماً وَقَهْراً عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ قِرَاءتِهِ لَهُ، بِحَيْثُ لَوْ حَاوَلَ فِعْلَ المَعْصِيَّةِ لَوَجَدَ الحَادِثَ القَوِيَّ مِنْ بَاطِنِهِ يَحْرُسُهُ، وَهَذِهِ المَزَايَا رُبَّمَا لاَ تَجِدُهَا فِي حِزْبٍ، فَاشْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ، وَمَنْ نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ.
يَا بْنَ الكِرَامِ أَلاَ تَدْنُوا فَتُبْصِرُ مَا قَدْ حَدَّثُوكَ فَمَا رَاءٍ كَمَنْ سَمِعَ
وَإِذَا جَاءكَ الذِينَ يُومِنُونَ بِئَايَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنكُمْ سُوءً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ.
وَهَذَا هُوَ حِزْبُ التَّضَرُّعِ وَنَصُّهُ:
أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ .بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. الذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَوةَ لِيَبْلُوَكُمُ أَيُّكُمُ أَحْسَنُ عَمَلاً. وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ. الذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا.
مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَانِ مِن تَفَاوُتٍ. فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ. ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبِ اِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ. اللَّهُمَّ اجْعَلْ قَلْبِي سَمَاوِيّاً لاَ يَأْلَفُ أَرْضَ الكَثَافَاتِ وَالتَّشْكِيكَاتِ
اللَّهُمَّ الرَّفِيقُ الأَعْلَى حَتَّى يَنْقَطِعَ عَنْ سَائِرِ ظِلاَلِ تَطَوُّرَاتِ الكَوْنِيَاتِ مَعَ انْسِلاَخِهِ عَنْ قَالَبِ تَقْيِيدِ الجِسْمَانِيَّاتِ وَانْغِمَارِهِ فِي غَيَابَاتِ جُبِّ تَدَلِّيَّاتِ رَفْرَفِ الإِطْلاَقَاتِ وَإِجْلاَسِهِ عَلَى مِنِصَّةِ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَامَنَهُ.
اللَّهُمَّ جَرِّدْ يَا رَبِّ قَلْبَ قَلْبِي عَنْ قَلْبِي حَتَّى يُنْصَبَ عَلَى سَاقِ التَّقْرِيبِ وَالتَّدَانِي. حَدَّثَنِي رَبِّي عَنْ قَلْبِي. وَأَحْيِنِي بِكَ حَتَّى يَلْقَمَنِي حُوتُ حَدَّثَنِي قَلْبِي عَنْ نَفْسِ نَبِيِّي، وَأَحْيِنِي بِكَ بَعْدَ انْسِلاَخِي عَنِّي حَتَّى أَدْنُوَ مِنْ تَدَلِّياتِ حَدَّثَنِي قَلْبِي عَنْ رُوحِ نَبِيِّي، وأَبْقِنِي بِكَ فِي نَفْسِ مَحْوِي عَنِّي حَتَّى أَنْبَسِطَ فِي سُرَادِقَاتِ حَدَّثَنِي سِرِّي عَنْ سِرِّ نَبِيِّي، وَجَرِّدْ قَلْبِي يَا حَلِيمُ يَا لَطِيفُ يَا سَتَّارُ عَنْ بَسْطِ سَحَابِ أَلْهَيكُمُ التَّكَاثُرُ فِي جَوِّ سَمَاءِ لُطْفِهِ وَقُرْبِهِ، وَغَيِّبْنِي عَنِّي فِي نَفْسِ بَقَاءي فِيكَ، وَاجْذُبْنِي إِلَيْكَ جَذْبَةً إِطْلاَقِيَّةً فِي دَهْرِ الإِطْلاَقِ عِنْدَ مُكَافَحَةِ إِطْلاَقِ الإِطْلاَقِ، حَتَّى لاَ أَلْتَفِتَ لِدَيَاجِي نُقَطِ الغَيْنِ، وَهَيِّمْنِي يَا بَاسِطُ يَا مُغِيثُ يَا أَنِيسُ بِسَطْوَةِ عِزِّ حُسْنِكَ السُّلْطَانِي، وَجَمَالِ نَعْتِكَ الرَّحْمَانِي، حَتَّى أَنَالَ فَوْقَ أُمْنِيَاتِ مَرْغُوبِي وَغَايَةَ مَطَالِبِ مَطْلُوبِي، وَلاَ تُعَامِلْنِي بِعَدْلِ قَهْرِيَاتِ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ. فَتَتْرُكَنِي فِي زَوَايَا الإِهْمَالِ لاَ مَوْلَى لِي وَلاَ نَاصِرَ وَلاَ كَفِيلَ، وَإِلَى مَنْ أَلْتَجِئُ وَأَضْرَعُ عِنْدَ نُزُولِ النَّكَبَاتِ وَالمِحَنِ وَالغُصَصِ، فَإِنْ عَامَلْتَنِي بِالرِّضَى وَالعَفْوِ وَالصَّفْحِ وَالسِّتِرِ وَالغُفْرَانِ وَالتَّجَاوُزِ فَذَاكَ وَصْفُكَ الذِي أَنْتَ بِهِ مَوْصُوفٌ وَأَنْتَ لَهُ أَهْلٌ
وَإِنْ تَوَجَّهْتَ عَلَيَّ بِالعَدْلِ وَالقَهْرِ وَالطَّرْدِ وَالخَيْبَةِ فَأَيُّ شَيْءٍ أَنَا يَا كَرِيمُ يَا غَفُورُ يَا سَتِيرُ فِي حَوَاشِي بَحْرِ كَرَمِكَ الطَّامِّ الفَيَّاضِ حَتَّى تُجَازِينِي بِوَصْفِ أَفْعَالِي الصُّوَرِيَّةِ، وَأَيْنَ أَنَا فِي جَانِبِ فَزَادَنِي رَبِّي ثَلاَثَ حَيَّاتٍ، بَلْ أَيُّ شَيْءٍ أَنَا حَتَّى تَتَوَجَّهَ عَلَيَّ بِالعِقَابِ وَمُجَازَاتِي بِمُقْتَضَى وَصْفِيَ الذِي أَنَا بِهِ مُتَحَلٍّ، فَعَامِلْنِي يَا وَدُودُ بِمَا رَقَمْتَ عَلَيْهِ شَكْلِي وَصُورَتِي، فَأَنْتَ الحَكِيمُ البَدِيعُ المُنَزَّهُ عَنْ فِعْلِ النَّقَائِصِ.
إِلَهِي تَقَطَّعَتْ أَكْبَادُنَا مِمَّا نُقَاسِي مِنْ سُوءِ العَاقِبَةِ فَأَمِّنْ مَكْرَنَا، وَأَجِبْ بِالفَضْلِ طَلَبَتَنَا، وَلاَ تَرُدَّنَا عَلَى أَعْقَابِنَا، فَلاَ رَبٌّ لَنَا سِوَاكَ، وَلاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ. اللَّهُمَّ إِنَّ قُلُوبَنَا وَجَوَارِحَنَا بِيَدِكَ لَمْ تُمَلِّكْنَا مِنْهَا شَيْئاً، فَلاَ وَسْمَ لَنَا وَلاَ رَسْمَ وَأَيُّ حَرَكَةٍ لَنَا إِلاَّ بِتَوَجُّهَاتِ إِرَادَتَكَ، وَقَلُوبُ بَنِي آدَمَ بَيْنَ أُصْبُعَيْ مِنْ أَصَابِعِ، فَلاَ إِرَادَةَ وَلاَ خَاطِرَ وَلاَ هَاجِسَ إِلاَّ بِكَ، مَا مِن دَابَّةٍ اِلاَّ هُوَ ءاخِذٌ بِنَاصِيَّتِهَا، فَتَرَفَّقْ يَا رَفِيقُ يَا شَفِيقُ يَا حَنِينُ يَا رَحِيمُ يَا مُتَفَضِّلُ عَلَى عِبَادِكَ الذِينَ أَذْهَبْتَ عُقُولَهُمْ حَتَّى أَنْفَذْتَ قَضَاءكَ وَقَدَرَكَ فِيهِمْ، وَلاَ يَمْلِكُونَ لأَنفُسِهِمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً وَلاَ يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلاَ حَيَاتاً وَلاَ نُشُوراً.
فَأَنْتَ المُسْتَوِي بِشُؤُونِكَ التَّدْبِيرِيَّةِ عَلَى عَرْشِ رُتَبِ دَوَائِرِ المُكَوَّنَاتِ، وَمَا ظَهَرَتْ مَعْصِيَّةٌ فِي الوُجُودِ إِلاَّ بِإِرَادَتِكَ وَقَضَائِكَ المُحَتَّمِ، وَإِلاَّ وَقَعَ فِي مُلْكِكَ مَا لاَ تُرِيدُ تَعَالَيْتَ وَتَنَزَّهْتَ عَنِ الفَحْشَاءِ. اللَّهُمَّ تَحَنَّنْ وَتَرَأَّفْ يَا قُدُّوسُ يَا سَلاَمُ يَا مُومِنُ يَا مُهَيْمِنُ عَلَى مَنْ لاَ حَوْلَ لَهُمْ عَنْ مَا رَقَمَهُ قَلَمُ تَعَيُّنَاتِكَ، وَلاَ قُوَّةَ لَهُمْ عَلَى دَفْعِ مَا تَوَجَّهَتْ بِهِ حَضْرَةُ إِرَادَتِكَ، فَأَنْتَ المُسْتَبِدُّ بِالتَّدْبِيرِ فِي عَيْنِ أَعْيَانِ مَمْلَكَتِكَ، لاَ لِغَيْرِكَ تَصَرُّفٌ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ فِي سَائِرِ الكُلِّيَاتِ وَالجُزْئِيَّاتِ. إِنَّ اللَّهَ صَانِعُ كُلِّ صَانِعٍ وَصَنْعَتِهِ.
اللَّهُمَّ يَا خَبِيرُ يَا سَمِيعُ يَا بَصِيرُ يَا حَكَمُ أَنْتَ القَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِكَ فِي جَمِيعِ مَا يَنْفَعِلُ عَنْهُمْ مِنْ تَطَوُّرَاتِ الكَثَافَاتِ وَاللَّطَافَاتِ. إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ. فَعَامِلْهُمْ بِمُقْتَضَى وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ. وَابْسُطْ عَلَيْهِمْ جَلاَبِيبَ سِتْرِكَ يَا غَفَّارُ يَا سَتَّارُ يَا عَفُوُّ يَا عَزِيزُ.
اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَمَرْتَنَا بِالعَفْوِ وَالتَّجَاوُزِ وَالصَّفْحِ فَأَنْتَ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنَّا يَا مَنْ بِيَدِهِ خَزَائِنُ الجُودِ.
اللَّهُمَّ إِنَّكَ حَبَّبْتَ إِلَيْنَا الإِغْضَاء عَمَّا يَبْدُوا مِنَ الجَهَالاَتِ، فَعَامِلْنِي بِمُقْتَضَى وَلَوْ أَنَّهُمُ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً. اللَّهُمَّ إِنَّا قَدْ ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا ظُلْماً كَبِيراً وَلاَ مَرْجُوَ سِوَاكَ، وَلَمْ نَمُدَّ أَكُفَّ الرَّجَاءِ إِلاَّ لِحِمَاكَ، وَقَدْ جِئْنَا نَبِيَّكَ الشَّفِيعَ المُشَفَّعَ فَاسْتَغْفَرْنَا اللَّهَ عِنْدَهُ بِلِسَانِ الذِّلَّةِ وَالاِنْكِسَارِ وَالتَّضَرُّعِ وَالاِبْتِهَالِ، حَتَّى حَنَّ لِبُكَائِنَا القَرِيبُ وَالبَعِيدُ وَالعَدُوُّ، وَصَوْتُ أَزْجَالِ تَضَرُّعَاتِنَا قَدْ عَلَتْ وَتَكَثَّرَتْ، وَانْبَسَطَ عَلَيْنَا رَهَبُوتُ الخَوْفِ السُّلْطَانِي حَتَّى تَصَدَّعَتْ قُلُوبُنَا مِنْ أَلَمِ مُخَوِّفَاتِ مَا يَرِدُ مِنْ قِبَلِ قُلِ اِنَ اَرَادَ أَنْ يُّهْلِكَ المَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً لَفَعَلَ وَلاَ رَادَّ لِحُكْمِهِ.
وَتَفَتَّتَتْ أَكْبَادُنَا مِمَّا نُقَاسِي مِنْ شِقَّةِ البِعَادِ وَالطَّرْدِ وَالهَوَانِ، وَتَكَسَّرَتْ زُجَاجَةُ عُقُولِنَا مِنْ سَطْوَةِ قَهْرِيَّاتِ حَرَارَةِ شَمْسِ العِتَابِ وَالزِّجْرِ وَالإِقْمَاعِ إِلَى أَنْ تَصَدَّعَتْ مِنْ شِدَّةِ مَا أَصَابَهَا مِنَ الخَجَلِ، وَذَابَتْ أَجْزَاءُ عُقُولِنَا لَمَّا لَبَّا حَادِي الرَّكْبِ بِصَوْتِ مَيِّتٍ فِي صُورَةِ حَيٍّ شَيَّبَتْنِي هُودٌ وَأَخَوَاتُهَا يَا كَرِيمُ يَا وَهَّابُ، هَبْ لِي جَلاَبِيبَ البَسْطِ مِنْ عِنْدِيَّاتِكَ حَتَّى أَنْبَسِطَ فِي مَيَادِينِ فَوَقَيهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ اليَوْمِ، وَذَهَلَتْ أَرْوَاحُنَا خَلْفَ سَمَاعِ وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَنْ يَّشَاء رَبِّي شَيْئاً، وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً. فَكَيْفَ بِنَا وَقَدْ تَلَطَّخْنَا بِقَاذُورَاتِ الجَرَائِمِ وَالآثَامِ، وَلَمْ نَدَعْ شَاذَّةً وَلاَ فَاذَّةً إِلاَّ ارْتَكَبْنَاهَا، فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ. اللَّهُمَّ إِنَّا قَدْ ضِقْنَا ذَرْعاً مِمَّا التَحَفْنَا بِهِ مِنْ دَوَائِبِ قَهْرِيَّاتِ يَوْماً يَجْعَلُ الوِلْدَانَ شِيباً، فَتَوِّجْنِي بِفَرَائِدِ وَالذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً اَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ، وَمَنْ يَّغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ. يَا وَاسِعَ الجُودِ وَالعَطَاءِ، يَا مَنْ رَحْمَتُهُ عَمَّتِ القَاصِي وَالدَّانِي، فَأَسْمِعْنِي يَاعِبَادِيَ الذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ
إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً، إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ. اللَّهُمَّ يَا عَالِمَ السِّرِّ وَالنَّجْوَى مِنْ إِبْلِيسَ وَمِنَ الهَوَاجِسِ وَمِنَ الخَوَاطِرِ وَمِنَ المَلَكِ وَمِنَ الوَسْوَاسِ الخَنَّاسِ الذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ، تَوَحَّدْتَ يَا مَنْ لَهُ القُوَّةُ وَالبَطْشُ بِالإِيجَادِ وَالإِنْفِرَادِ وَالفِعْلِ وَالإِنْفِعَالِ، لاَ شَرِيكَ وَلاَ نِدَّ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُؤاً اَحَدٌ، العَوَالِمُ كُلُّهَا فِي طَيِّ قَبْضَتِكَ، وَعِنْدَ نَظَرِكَ، وَأَنْتَ المُتُحَكِّمُ وَالمُتَصَرِّفُ فِيهَا بِمُقْتَضَى القَبْضَتَيْنِ، لاَ يَبْرُزُ شَيْءٌ مِنَ الشُّؤُونِ إِلاَّ بِتَكْوِينِ تَفَرُّدَاتِكَ، وَأَنْتَ مُرَبِّي العَالَمِينَ فِي مَهْدِ القِدَمِ، إِخْتَرْتَ قَوَابِلَهُمْ قَبْلَ نَشْرِهِمْ فِي سَاحِلِ بَحْرِ الأَبَدِ، فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ، فَهَاأَنَا بَيْنَ يَدَيْكَ يَا رَبِّ تَفْعَلُ بِي مَا تَشَاءُ وَتَحْكُمُ مَا تُرِيدُ، فَلَيْسَ لِي مِنْ شُؤُونِ نَفْسِي وَلاَ غَيْرِي شَأْنٌ، كُلَّ يَوْمٍ هُوُ فِي شَأْنٍ، فَمَا بَرِحَتِ العَوَالِمُ كُلُّهَا عِنْدَ نَظَرِكَ، إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً. اللَّهُمَّ اجْعَلْ جِسْمِي سَمَاوِيّاً، وَقَلْبِي أَرْضِيّاً، وَجِسْمِي وَقَلْبِي سَمَاوِيَّيْنِ، وَقَلْبِي وَجِسْمِي أَرْضِيَّيْنِ، وَقَلْبِي وَجِسْمِي وَلاَ سَمَاء وَلاَ أَرْضَ وَسَمَاء وَأَرْضَ وَلاَ قَلْبَ وَلاَ جِسْمَ وَلاَ سَمَاء وَلاَ أَرْضَ، قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنَ اَجْرٍ فُهُوَ لَكُم، إِنَ اَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ. يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالمَلاَئِكَةُ صَفّاً لاَّ يَتَكَلُّمُونَ إِلاَّ مَنَ اَذِنَ لَهُ الرَّحْمَانُ وَقَالَ صَوَاباً. رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً، اِنَّكَ أَنتَ الوَهَّابُ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلاَمٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ لِلهِ رَبِّ العَالَمِينَ.
- اوراد الصلوات من اوراد الطريقة الكتانية
- ورد صلاة العصر من أوراد الطريقة الكتانية
- ورد صلاة المغرب من اوراد الطريقة الكتانية
- الديوان الكامل للشيخ المؤسس سيدي محمد بن الشيخ عبد الكبير الكتاني
تعليقات: 0
إرسال تعليق