موسوعة رشفات من دقائق شراب الوصل للشيخ عبد الحميد بابكر
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثَّمَانُون : ( تَوَسَّلْتُ بِالْمَعْصِومِ عِلْماً بِحَضْرَةٍ ) التّاريخ : الخميس 20 صفر 1407 هـ = 13 أكتوبر 1986 معَدَد الأبيات : 33
1- تَوَسَّلْتُ بِالْمَعْصِومِ عِلْماً بِحَضْرَةٍ *** فَصِرْتُ عَلِيماً عِلْمَهَا عِنْدَهَا بِهَا
2- تَوَسَّلْتُ بِالأَحْبَابِ مِنْ أَهْلِ وَصْلِهَا *** وَلاَ سِيَّمَا الزَّهْرَاءُ أُمِّي وَآلِهَا
3- وَفُتِّحَتِ الأَبْوَابُ لَمَّا طَرَقْتُهَا *** وَقَدْ أُلْبِسَ الْحُجَّابُ ثَوْباً مِنَ الْبَهَا
4- وَقَدْ زِيلَتِ الأَسْتَارُ وَالْحُجْبُ عِنْدَمَا *** تَغَيَّرَتِ الأَغْيَارُ بَيْنِي وَبَيْنَهَا
5- شَرِبْتُ بِكَاسِ الوُدِّ مِسْكاً عَرَفْتُهُ *** فَكُنْتُ كَلَيْلٍ فِي غَيَاهِبِهِ الْبَهَا
6- وَقُمْتُ وَقَدْ أُوتِيتُ حُسْنَ بَيَانِهَا *** أُلَقِّنُ مَا جَادَتْ بِهِ لأُولِي النُّهَى
7- وَقُلْتُ وَلَمْ أَنْطِقْ بِغَيْرِ لِسَانِهَا *** تَبَارَكَ مَنْ فِي النَّارِ يَحْفَظُنُا بِهَا
8- خَفِيُّ إِشَارَاتِي يُغَيِّبُ مَا بِهِ *** جَلِيُّ عِبَارَاتٍ إِلَيْهِ الْمُنْتَهَى
9- إِلَى حَضْرَةِ التَّقْرِيبِ كُنَّا ثَلاَثَةً *** لَدَى وَاحِدِ التَّوْكِيدِ إِنِّي وَإِنَّهَا
10- فَيَا حُلَّةَ الأَنْوَارِ يَا صِنْوَ حُلَّتِي *** لَقَدْ كَانَتِ الأَسْرَارُ عِقْداً بِجِيدِهَا
11- وَصَلَّيْتُ فِي خَتْمِ الْمَرَاتِبِ عِنْدَمَا *** تَجَلَّتْ لِعَيْنِ الْجَمْعِ تُؤْتِيهِ أُكْلَهَا
12- نَزَلْتُ بِتِيهِ التِّيهِ كَالْفُلْكِ سَابِحاً *** وَأَيْقَنْتُ أَنَّ التِّيهَ بَثَّ السَّنَا بِهَا
13- وَفِي مَفْرِقِ التَّوْحِيدِ مَا كُنْتُ حَائِداً *** وَلَمْ أَجْنِ إِلاَّ مَا تَدَلَّى بِرُكْنِهَا
14- وَلَوْلاَ مَقَامٌ كَانَ مِنْهَا لِذَاكِرٍ *** لأَظْهَرْتُ مَا أَخْفَيْتُ لَمَّا شَهِدْتُهَا
15- وَلَوْلاَ احْتِجَابِي فِي مَظَاهِرِ كَوْنِهَا *** لأَخْفَيْتُ بِالإِظْهَارِ مِنْهَا بِهَا لَهَا
16- وَلَوْلاَ حِجَابُ الْكَوْنِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ *** لأَشْهَدْتُكُمْ مَا كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا
17- وَلَوْلاَ احْتِرَامُ الْعَقْلِ فَضْلاً وَمِنَّةً *** لأَفْصَحَتِ الأَلْفَاظُ كَشْفاً لِسِتْرِهَا
18- وَهِمْتُ بِهَا فِي حَانِ عَيْنِ تَوَجُّهِي *** إِلَى عَرَفَاتِ الْعِلْمِ أُنْكِرُ غَيْرَهَا
19- وَمِنْ جَمَرَاتِ الرُّوحِ لَمَّا وَصَلْتُهَا *** وَحَيْثُ أَرَتْنِي كُنْتُ أَقْذِفُهَا بِهَا
20- وَكَانَ مَقَامِي بَعْدَ ذَلِكَ بَلْقَعاً *** وَكُلُّ مَقَامٍ غَائِبٌ بِجِرَابِهَا
21- وَكَانَ لِبَاسِي بَعْدَ ذَلِكَ زُخْرُفاً *** وَيَصْعُبُ أَنْ أَحْيَا بِغَيْرِ ثِيَابِهَا
22- وَكَانَ ذَهَابِي فِي الْمَذَاهِبِ آمِناً *** وَظَلَّ كِتَابِي فِي ظِلاَلِ شِعَابِهَا
23- وَكَانَ إِيَابِي فِي مَظَاهِرِهَا الَّتِي *** يَضِلُّ بِهَا رُهْبَانُ أُمِّ كِتَابِهَا
24- وَكَانَ وُلُوجِي عَالَمَ الأَمْرِ خَاتِماً *** لِبَدْءِ شُهُودِي مُثْبِتاً عِلْمَهَا لَهَا
25- وَغَيْرِيَ لَمْ يُعْطَ الْوُلُوجَ كَرَامَةً *** وَأَمْلِكُ حَالِي مِنْ مَفَاتِحِ غَيْبِهَا
26- وَغَيْرِيَ إِنْ حَازَ الْعِنَايَةَ إِنَّمَا *** يَزُورُ وَلاَ تُعْطِيهِ حُسْنَ مَآبِهَا
27- وَكُلُّ قُلُوبٍ فِي الْمَنَائِحِ قُلِّبَتْ *** تَكُونُ بِسَبْقٍ خُضِّبَتْ بِخِضَابِهَا
28- وَكُلُّ نَبِيٍّ مِنْ مَذَاقَتِهَا سُقِي *** وَكُلُّ وَلِيٍّ يَهْتَدِي لِشَرَابِهَا
29- وَكُلُّ إِمَامٍ قَرَّبَتْهُ بِعِزِّهَا *** دَنَا فَتَدَلَّتْ مِنْ قَرَابَةِ قَابِهَا
30- فَلاَ هِيَ عِنْدَ الْوَاصِفِينَ تَنَزَّلَتْ *** وَلاَ هِيَ عِنْدَ النَّاعِتِينَ لِمَا بِهَا
31- وَلاَ هِيَ فِي الإِمْكَانِ فَضُّ خِتَامِهَا *** لأَنَّ هُدَاهَا وَمْضَةٌ بِشِهَابِهَا
32- وَمَا أَنَا إِلاَّ مِنْ أَشِعَّةِ نُورِهَا *** وَمَا أَنَا إِلاَّ مِنْ غَيَاهِبِهَا بِهَا
33- وَغَيْرُ رَسُولِ اللَّهِ يُصْبِحُ عَالِمٌ *** بِهَا كَجَهُولٍ تَائِهٍ بِسَرَابِهَا
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثَّمَانُون : ( تَوَسَّلْتُ بِالْمَعْصِومِ عِلْماً بِحَضْرَةٍ ) – بيت رقم 1: تَوَسَّلْتُ بِالْمَعْصِومِ عِلْماً بِحَضْرَةٍ *** فَصِرْتُ عَلِيماً عِلْمَهَا عِنْدَهَا بِهَا
المعني:
تَوَسَّلْتُ: تَوَسَّلْ: طلب الوَسِيلةُ: المَنْزِلة عند المَلِك و الوُصْلة والقُرْبى، مع تاء المتكلّم, سيدي فخر الدين, الآية: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) 35 المائدة
بِالْمَعْصِومِ: الباء للوسيلة أو الواسطة, أي: بواسطة المعصوم, سيدنا محمد صلي الله عليه و سلم, العصمة هي الحفظ والوقاية للأنبياء, و عصمته صلي الله عليه و سلم هي العصمة المطلقة لما خُصّ به من الشهود الذّاتي المباشر بغير وقاية من أنوار سبحات وجه الله الكريم, و غيره يحتاج لعصمته صلي الله عليه و سلم في هذا الموطن
عِلْماً بِحَضْرَةٍ: طلب رضي الله عنه عِلْماً بِحَضْرَةٍ, كنّي عنها لعظمتها, و هي حضرة الهو الإلهي, موطن الشهود الذّاتي, و يوصل إليها من حضرة جمع الجمع, الهويّة النبوية, حضرة التقريب أو القُرب
فَصِرْتُ: الفاء حرف عطف يفيد الترتيب و التعقيب من غير تراخي, و يفيد سرعة الاستجابة له فيما توسل إليه, و هو علم الحضرة, و صِرتُ ماضي للفعل صارَ, و يعني لُغةً الانتقال من مكان إلي مكان, و في التحقيق: الانتقال من حضرة إلي حضرة
عَلِيماً: هي صيغة المبالغة من عالم علي وزن فعول, و تعني علم في درجة حقّ اليقين
عِلْمَهَا عِنْدَهَا بِهَا: عَلِيماً عِلْمَهَا: أي: علمَها كاملاً, عِنْدَهَا: في حضرة ال(ها), بِهَا: تعلّم علم ال(ها) بال(ها), و هو علم الهُويّة الإلهية, و هذا هو موطن المعرفة الإلهية, قال رضي الله عنه:
وَإِنَّ عُلُومَ اللَّهِ فِي اللَّوْحِ كُلَّهَا *** أُطَالِعُهَا مِنْ قَابِ قَوْسِ الْحَظِيَرةِ (167 ق 1)
و قيل في ذلك:
يَا طَالِبَاً عِرْفَانَهُ مِن غَيْرِه *** هَيْهَاتَ ذَا صَدَّتْ بِهِ فُرْسَانُهُ
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثَّمَانُون : ( تَوَسَّلْتُ بِالْمَعْصِومِ عِلْماً بِحَضْرَةٍ ) – بيت رقم 2: تَوَسَّلْتُ بِالأَحْبَابِ مِنْ أَهْلِ وَصْلِهَا *** وَلاَ سِيَّمَا الزَّهْرَاءُ أُمِّي وَآلِهَا
المعني:
تَوَسَّلْتُ: بعد توسّله بسيدنا رسول الله صلي الله عليه و سلم, توسّل بِالأَحْبَابِ
بِالأَحْبَابِ: أي:الذين أحبّهم و يحبّوني
مِنْ أَهْلِ وَصْلِهَا: مِنْ: للبعضية, أَهْلِ وَصْلِهَا: أهل الحضرة الإلهية في موطن الهو الإلهي, موطن الشهود الذّاتي, الوصل الأعظم
وَلاَ سِيَّمَا الزَّهْرَاءُ: وَلاَ سِيَّمَا: الواو اعتراضية, كلمة مركّبة من ثلاث حروف: لا - سيّ - ما، ومعناها بخاصّة, الزَّهْرَاءُ: مرفوعة حيث جاءت خبر لمبتدأ محذوف تقديره (هيَ), كناية عن الغيبوبية و الاستتار في موطن الهُو لسيدتنا الزَّهْرَاء رضي الله عنها, و هي الرئيسة في موطن الهو الإلهي, و يكني بكنيتها الزَّهْرَاء تعظيماً و توقيرا, عن الإمام جعفر الصادق عن أبيه الإمام محمد الباقر عن أبيه الإمام علي زين العابدين, قال : سالت ابا عبد الله عليه السلام ( أي مولانا الإمام الحسين ) عن فاطمة ، لم سميت الزهراء ؟ فقال : "لأنها كانت إذا قامت في محرابها يزهو نورها لأهل السماء كما يزهو نور الكواكب لأهل الأرض"
أُمِّي: أُمِّي: أصلي و راعيتي, و هي الإضافة التي منحها سيدي فخر الدين لآل البيت, قال رضي الله عنه:
يَا عِزَّ مُنْفَطِمٍ بِفَاطِمَةَ الَّتِي *** فِي حِجِرِهَا مَهْدِي وَطَابَ رِضَاعُ (10 ق 23)
وَآلِهَا: الواو للعطف, أي: توسلت بالزهراء و آل البيت, و هم نسلها الأقربون رضي الله عنهم, قال رضي الله عنه:
إِذِ الطَّيْرُ فِي رَوْضِ الْكَرِيَمةِ أُمّنَا *** عَظِيَمةِ آلِ الْبَيْتِ أَرْوَاحُ إِخْوَتِي (212 ق 1)
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثَّمَانُون : ( تَوَسَّلْتُ بِالْمَعْصِومِ عِلْماً بِحَضْرَةٍ ) – بيت رقم 3: وَفُتِّحَتِ الأَبْوَابُ لَمَّا طَرَقْتُهَا *** وَقَدْ أُلْبِسَ الْحُجَّابُ ثَوْباً مِنَ الْبَهَا
المعني:
وَفُتِّحَتِ الأَبْوَابُ: وَفُتِّحَتِ: بالتشديد لعظمة الفعل و تأكيده, و الذي يفتح هم الحُجّاب, الواقفون علي الأبواب الآذنون بالدخول, الأَبْوَابُ: أبواب المراتب, و لما عرج به صلي الله عليه و سلم من بيت المقدس إلي السماء و معه سيدنا جبريل عليه السلام وصل إلى السماء الدنيا فاستفتح فقيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد أرسل إليه قال نعم قيل مرحباً به فنعم المجيء جاء ففتح له ووجد فيها آدم ... و هكذا كان يستفتح أبواب السموات إلي أن رقي فوقها إلي سدرة المنتهي حيث فارقه جبريل هناك, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
وَلَمْ نَسْتَفْتِحِ الأَبْوَابَ حَتَّى *** رَأَيْنَاهَا تَؤُمُّ الْقَانِتَاتِ (61 ق 39)
لَمَّا طَرَقْتُهَا: لَمَّا: ظرفية بمعنى حين, طَرَقْتُهَا: الطَّرْقِ وهو الدَّق، وسمي الآتي بالليل طَارِقاً لحاجته إلى دَق الباب, قال تعالي: (وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ) 1 الطَّارِقِ, و الطَّرْقِ استنهاض الرّوح للمقام الأعلى, و الفاعل للطرف, ضمير مستتر تقديره "أنا" يعبّر عن ذات سيدي فخر الدين رضي الله عنه, و الضمير المتّصل "ها" يعود علي الأبواب, قال رضي الله عنه:
طَرَقْنَا كُلَّ بَابَ لَمْ نَجِدْهَا *** فَجِئْنَا بَابَ غَيْبِ الْحَافِظَاتِ (60 ق 39)
وَقَدْ أُلْبِسَ الْحُجَّابُ: وَقَدْ: الواو واو الحال, قد: للتأكيد, أُلْبِسَ: خُلع عليهم, الْحُجَّابُ: الواقفون علي أبواب المراتب, بين يدي الحقّ تعالي و هم الرسل و الأقطاب و الأكابر من أهل الحضرات, و هنا: حضرة الشهود الذّاتي
ثَوْباً مِنَ الْبَهَا: ثَوْباً: الثوب هو الخِلعة, مِنَ الْبَهَا: خلعة الجمال وهي النّور المحمّدي, ستر أنوار التجلّي الإلهي
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثَّمَانُون : ( تَوَسَّلْتُ بِالْمَعْصِومِ عِلْماً بِحَضْرَةٍ ) – بيت رقم 4: وَقَدْ زِيلَتِ الأَسْتَارُ وَالْحُجْبُ عِنْدَمَا *** تَغَيَّرَتِ الأَغْيَارُ بَيْنِي وَبَيْنَهَا
المعني:
وَقَدْ زِيلَتِ: قد: للتأكيد, زِيلَتِ: أزيحت فكُشف عمّا تستر خلفها
الأَسْتَارُ وَالْحُجْبُ: في الحديث قال صلي الله عليه و سلم: "إن لله سبعين حجابا من نور وظلمة لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه كل ما أدرك بصره", و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
عُلُومُ الذَّتِ دُونَ السِّتْرِ وَهْمٌ *** لَهَا سُبُحَاتُ وَجْهٍ مُهْلِكَاتِ (1 ق 93)
عِنْدَمَا: ظرفية بمعني حين
تَغَيَّرَتِ الأَغْيَارُ بَيْنِي وَبَيْنَهَا: الغير: تَغَيَّرَتِ: حال التبدّل من البقاء إلي الفناء, الأَغْيَارُ: جمع الغير, و الغير هو كل ما يشغل عن الحضرة ويغير القلب عنها, و هو شهود الأكوان, قيل:
ظهرت في أطواري *** ولحت في أوطاري
وأحرقت أنواري *** بنارها أغياري
بَيْنِي وَبَيْنَهَا: بَيْن: ظرف مكان بمعني وسط, و يا المتكلّم من "بَيْنِي" إشارة إلي الخلعة النبوية, وَبَيْنَهَا: (هَا) كناية عن الحضرة الإلهية, موطن الهويّة, و العبارة كناية عن البرزخية, أي: الوسطية, أي: حدوث الشهود من غير حجاب
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثَّمَانُون : ( تَوَسَّلْتُ بِالْمَعْصِومِ عِلْماً بِحَضْرَةٍ ) – بيت رقم 5: شَرِبْتُ بِكَأسِ الوُدِّ مِسْكاً عَرَفْتُهُ *** فَكُنْتُ كَلَيْلٍ فِي غَيَاهِبِهِ الْبَهَا
المعني:
شَرِبْتُ: الشراب هو ما يٌذهب العطش, الشراب بالروح, تلقي العلوم و الفيوضات الإلهية
بِكَأسِ الوُدِّ: بِكَأسِ: الباء للوسيلة و الواسطة, كَأسِ: الكَأسِ: هي الرّوح, الوُدِّ: لغة: الودُّ الحُبُّ يكون في جميع مَداخِل الخَيْر, و عند أهل الذوق: هو الحُبُّ الممزوج بتبادل العطاء مع المحبوب, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
وَرَاقَ شَرَابِي مُذْ تَشَعْشَعَ خَمْرُهَا *** لِذَاكَ تَبَادَلْنَا كُؤُوسَ الْمَوَدَّةِ (256 ق 1)
مِسْكاً: مِسْكاً: المسك هو الطِيب الزكيّ الرائحة, و هو غاية الشراب و أعلاه, قال تعالي: (يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ * خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ) 25-26 المطففين
عَرَفْتُهُ: صرت من أهله العارفين به, لمداومة الشراب, و ذلك لبقائه في هذا الموطن, قال رضي الله عنه:
لِذَا فَبَقَائِي مِنْ قَدِيِم بَقَائِهِ *** كَذَلِكَ نُورِي مِنْ عَظِيِم الأَشِعَّةِ (253 ق 1)
فَكُنْتُ: الفاء سببية, كُنْتُ: فعلٌ نشأ من الأزل و ما زال مستمراً
كَلَيْلٍ: الكاف للتشبيه, لَيْلٍ: خفيّ, الليل كناية عن السكر بالتجلّي (الغياب) و النهار كناية عن سفور التجلّي, في الآية: (يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا) 54 الأعراف
فِي غَيَاهِبِهِ الْبَهَا: فِي غَيَاهِبِهِ: جمع غَيْهَبُ: شِدَّةُ سَوادِ الليل, أي: في ظُلُماته, الْبَهَا: الجمال, في باطنه تجلّي الجمال, الحُجُب و الستور و من ورائها التجلّي, و قيل:
بدت الحقيقة من خلال ستورها *** واستأنست من بعد طول نفورها
وتلبّست للطارقين على الهوى *** بسواد مقلتها وبيض شعورها
[ads2]
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثَّمَانُون : ( تَوَسَّلْتُ بِالْمَعْصِومِ عِلْماً بِحَضْرَةٍ ) – بيت رقم 6: وَقُمْتُ وَقَدْ أُوتِيتُ حُسْنَ بَيَانِهَا *** أُلَقِّنُ مَا جَادَتْ بِهِ لأُولِي النُّهَى
المعني:
وَقُمْتُ: من القيام : و هو عبارة عن مقام البقاء بعد الفناء, قال تعالي: (الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ) 218 الشعراء
وَقَدْ أُوتِيتُ: وَقَدْ: الواو واو الحال, قَدْ: للتأكيد, أُوتِيتُ: أُعطيتُ, وآتاه الشيءَ أَي أَعطاه إِيَّاه, قال تعالي في قصة بلقيس ملكة سبأ: (وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ) 23 النمل, أي: أُعطِيَت
حُسْنَ بَيَانِهَا: حُسْنَ: جمال, بَيَانِهَا: البيان التفصيل (لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ) 187 آل عمران, الخطاب الإلهي, التحدّث بلسان الحضرة
أُلَقِّنُ مَا جَادَتْ بِهِ: أُلَقِّنُ: التلقين تكرارك القول علي المتلقي فيحفظه و يفهمه, مَا جَادَتْ بِهِ: من موطن الجود و هو العطاء من غير سؤال, ما جادت به من علوم المراتب, و هذه خاصية سيدي فخر الدين رضي الله عنه التي تفرّد بها بين أهل الله, إذا خُصّ بتدريس علوم المراتب لأهلها
لأُولِي النُّهَى: لأُولِي: اللام حرف لبلوغ غاية مكانية, أُولِي: أصحاب, النُّهَى: العقول والأَلباب, في الحديث: "لِيَلِيَنِّي منك أُولو الأَحلام والنُّهَى", و هو تعبير عن المراتب العالية, قال رضي الله عنه:
وَقُمْتُ عَلَى أَهْلِ الْمَرَاتِبِ كُلهِمْ *** أُلَقّنُهُمْ فِقْهَ الْعُلُومِ الِثَّمينَةِ (376 ق 1)
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثَّمَانُون : ( تَوَسَّلْتُ بِالْمَعْصِومِ عِلْماً بِحَضْرَةٍ ) – بيت رقم 7: وَقُلْتُ وَلَمْ أَنْطِقْ بِغَيْرِ لِسَانِهَا *** تَبَارَكَ مَنْ فِي النَّارِ يَحْفَظُنُا بِهَا
المعني:
وَقُلْتُ: القَوْل: الكلام على الترتيب، وهو عند المحقِّق كل لفظ قال به اللسان, أي: تكلّمت في علوم المراتب
وَلَمْ أَنْطِقْ بِغَيْرِ لِسَانِهَا: وَلَمْ: الواو للحال, أَنْطِقْ: أتكلّم, بِغَيْرِ: الباء للواسطة و غير استثناء. لِسَانِهَا: لسان الحضرة الإلهية و هو الحقيقة المحمدية, أي: بالتفويض من حضرة النبي صلي الله عليه و سلم الذي هو لسان الحضرة الإلهية, المعبّر عنها
تَبَارَكَ مَنْ فِي النَّارِ: تَبَارَكَ: علا و زاد في العطاء, مَنْ فِي النَّارِ: الذي في النّار, النّار هي إشارة قرب التجلّي الإلهي, و هي حضرة القُرب, مَنْ فِي النَّارِ: راجعة إلي يحفظنا بها, أي: الذي يحفظنا بها في النّار, قال تعالي: (فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) 8 النمل, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
وَتَلْفَحُ نَارُ الْقُرْبِ وَجْهاً مُقَرَّباً *** وَتَزْكُمُهُ عَنْ غَيْرِهِنَّ الرَّوَائِحُ (3 ق 82)
يَحْفَظُنُا بِهَا: يَحْفَظُنُا: الحفظ للأولياء, مكان العِصمة للأنبياء, و هو الوقاية و السّتر, بِهَا: الباء للوسيلة و الواسطة, أي: بواسطتها, بِ(هَا), يحفظنا بالحضرة الإلهية
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثَّمَانُون : ( تَوَسَّلْتُ بِالْمَعْصِومِ عِلْماً بِحَضْرَةٍ ) – بيت رقم 8: خَفِيُّ إِشَارَاتِي يُغَيِّبُ مَا بِهِ *** جَلِيُّ عِبَارَاتٍ إِلَيْهِ الْمُنْتَهَى
المعني:
خَفِيُّ إِشَارَاتِي: أي: باطنُ إِشَارَاتِي: الإشارة الرّمز و الكناية عن الحقيقة بغير إفصاح عنها, جاء في قوله تعالي: (فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا) 29 مريم, إِشَارَاتِي: ياء المتكلّم راجعة لسيدي فخر الدين رضي الله عنه
يُغَيِّبُ: يُخفي
مَا بِهِ: الذي به, بواسطته
جَلِيُّ عِبَارَاتٍ: جَلِيُّ: واضح, عِبَارَاتٍ: ما عبّر من كلماتٍ عن الحقيقة, عِبَارَاتُ القوم, كلّ ما قيل في الإفصاح عن الحقيقة, بخلاف الرمز و الإشارة, قال رضي الله عنه:
وَلَوْ قَرأُوا رَمْزاً أُمِيطُ سُتُورَهُ *** وَلَوْ جَهِلُوا مَعْنيً يَكُونُ كِنَايَتِي (386 ق 1)
إِلَيْهِ الْمُنْتَهَى: أي: ما توصلت لنهايته العبارات الواضحة, يختفي أمام إشاراتي, لأن إشاراتي أعلي من تلك العبارات, قال رضي الله عنه:
طَيُّ مَا أَحْبُوهُ عِلْمٌ *** فِيهِ يُطْوَى الْكُلُّ طَيَّا (6 ق 17)
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثَّمَانُون : ( تَوَسَّلْتُ بِالْمَعْصِومِ عِلْماً بِحَضْرَةٍ ) – بيت رقم 9: إِلَى حَضْرَةِ التَّقْرِيبِ كُنَّا ثَلاَثَةً *** لَدَى وَاحِدِ التَّوْكِيدِ إِنِّي وَإِنَّهَا
المعني:
إِلَى حَضْرَةِ التَّقْرِيبِ: إِلَى: حرف انتهاء لغاية مكانية, حَضْرَةِ: من الحضور و هي في العموم أي موطن من مواطن القرب والمشاهدة, حَضْرَةِ التَّقْرِيبِ: هي حضرة القاب و القوس, حضرة الهوّية الإلهية التي منها المشاهدة, و بعدها حضرة شهود الذّات, قال تعالي: (فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى) 9 النجم, و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
أَحَدِيَّةٌ وَالْوَاحِدِيَّةُ دُونَهَا *** مَا بَيْنَ قَابَيْ حَضْرَةِ التَّقْرِيبِ (1 ق 83)
و هي : أي: حَضْرَةِ التَّقْرِيبِ: نور الوقاية المحمّدية لأهل الشهود, أي: خلعة النّور المحمّدي, التي من غيرها لا يحتملُ عبدٌ شدة التجلّي الذأتي الإلهي, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
مِنْ أَوَّلِ الْبَدْءِ أَرْوَاحاً إِلَى خَتَمٍ *** فِي حَضْرَةِ الْقُرْبِ مَا أَبْهَى تَلاَقِينَا (10 ق 28)
كُنَّا ثَلاَثَةً: كُنَّا: أي: سبق الأمر بوجود ثَلاَثَةً لدي الحضرة, الواحدية
لَدَى وَاحِدِ التَّوْكِيدِ: لَدَى: عند (أي: في حضرة), وَاحِدِ التَّوْكِيدِ: واحد التوكيد هي واحدية النبي صلي الله عليه و سلم, المعبّر عنها في قوله تعالي: " إِنِّي" قال تعالي: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) 186 البقرة, فكان إنّ للتوكيد, و الياء معبّر بها عن مظهر الحضرة الإلهية و هو رسول الله صلي الله عليه و سلم
إِنِّي: إِنِّي: باطن المصطفي صلي الله عليه و سلم أو قل: الهُو النبوي, المحتوي للأنا الظاهر للمتكلّم, سيدي فخر الدين رضي الله عنه, القائل في مفتتح شراب الوصل:
أَنَا فِي أَنَا إِنِّــي وَإِنِّــيَ فِي أَنَا *** رَحِيقِيَ مَخْتــُومٌ بِمِسْكِ الْحَقِيقَةِ
وَإِنَّهَا: الواو للعطف, واحد منهم (واحد التوكيد) الحقيقة المحمّدية - الوقاية, الثاني, (سيدي فخر الدين) رضي الله عنه من حيث هو في باطن حضرة النبي صلي الله عليه و سلم, و الثالث (إِنَّهَا): أي: إنّ المباشرة للها و هي طلعة حضرة الشهود الذّاتي, قال تعالي في الآية: (لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) 1 الإسراء
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثَّمَانُون : ( تَوَسَّلْتُ بِالْمَعْصِومِ عِلْماً بِحَضْرَةٍ ) – بيت رقم 10: فَيَا حُلَّةَ الأَنْوَارِ يَا صِنْوَ حُلَّتِي *** لَقَدْ كَانَتِ الأَسْرَارُ عِقْداً بِجِيدِهَا
المعني:
فَيَا حُلَّةَ الأَنْوَارِ: فَيَا: الفاء للاستئناف, يَا: حرف نداء يفيد التعجب, حُلَّةَ الأَنْوَارِ: الحُلة, ما يُلبس للزينة, و حُلَّةَ الأَنْوَارِ هي خلعة المصطفي صلي الله عليه و سلم, من الحضرة المحمّدية, حضرة غيب الأحديّة
يَا صِنْوَ: يا للنداء, صِنْوَ: الصِنْوَ: الأخ الشقيق, وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "عمُّ الرجل صِنْوُ أَبيه", قال أَبو عبيد: معناه أَن أَصلهُما واحدٌ
حُلَّتِي: حُلة التوحيد, من حضرة الواحدية
لَقَدْ كَانَتِ: لَقَدْ: اللام للتأكيد, قَدْ: للتأكيد, كَانَتِ: سبق حدوثها الزمان
الأَسْرَارُ: الغيوب: كل الغيوب: غيب الذّات – غيب الإرادة – غيب المشيئة – غيب الأفعال
عِقْداً بِجِيدِهَا: عِقْداً: العِقْد الخيط ينظم فيه الخرز، بِجِيدِهَا: الجِيد هو العُنق, و هو أول ما يتناهي من طلعة المرئي و جمال تجلّيه, أي: أن الأسرار كانت هي أول ما ظهر من طلعة الشهود
[ads3]
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثَّمَانُون : ( تَوَسَّلْتُ بِالْمَعْصِومِ عِلْماً بِحَضْرَةٍ ) – بيت رقم 11: وَصَلَّيْتُ فِي خَتْمِ الْمَرَاتِبِ عِنْدَمَا *** تَجَلَّتْ لِعَيْنِ الْجَمْعِ تُؤْتِيهِ أُكْلَهَا
المعني:
وَصَلَّيْتُ: أي: بلغت منزلتي, قال رضي الله عنه:
وَقَدْ نَزَلْتُ مَقَاماً لاَ يُقَامُ بِهِ *** وَفِيهِ خَتْمُ صَلاَتِي يَوْمَ صَلَّيْتُ (12 ق 69)
فِي خَتْمِ الْمَرَاتِبِ: موطن شهود الذّات, و هو موطن التوحيد الأعلى, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
أَمَّا عَنِ التَّوْحِيدِ فَاعْلَمْ أَنَّهُ *** خَتْمُ الْمَرَاتِبِ خَصَّةُ الإِنْسَانِ (15 ق 60)
عِنْدَمَا: ظرف زمان بمعني حين
تَجَلَّتْ: ظهرت, و الفاعل ضمير مستتر تقديره (هي إشارة إلي حضرة الذّات
لِعَيْنِ الْجَمْعِ: اللام حرف انتهاء لغاية مكانية, عَيْنِ الْجَمْعِ: العَين هي الذّات و هي حضرة الجمع التي ليس للغير فيها عين ولا أثر فهي محل انقطاع الأغيار, و هي المعبّر عنها بالحديث الشريف: "لي ساعة مع ربي لا يسعني فيها ملك مقرب ولا نبي مرسل"
تُؤْتِيهِ أُكْلَهَا: تُؤْتِيهِ: تُعطيه, قال تعالي: (تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) 25 إبراهيم, أي: تُعطِي, أُكْلَهَا: الأُكُل الطعام, ما يستفيد منه النّاس و لأهل الجمع ما يقيت أرواحهم, يهنأ عيشهم (زيادة الروح) به
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثَّمَانُون : ( تَوَسَّلْتُ بِالْمَعْصِومِ عِلْماً بِحَضْرَةٍ ) – بيت رقم 12: نَزَلْتُ بِتِيهِ التِّيهِ كَالْفُلْكِ سَابِحاً *** وَأَيْقَنْتُ أَنَّ التِّيهَ بَثَّ السَّنَا بِهَا
المعني:
نَزَلْتُ بِتِيهِ التِّيهِ: نَزَلْتُ: النزول بالمكان الإقامة فيه, بِتِيهِ التِّيهِ: الباء ظرفية بمعني "في", تِيهِ التِّيهِ: التِّيهِ: لغةً: الأَرض المَضِلَّةُ الواسعة التي لا أَعلام فيها ولا جبال ولا إِكامَ و التي لا يُهْتَدَى فيها, و يعني: موطن الحيرة, تِيهِ التِّيهِ: موطن الهويّة الإلهية, قاب قوسين, حضرة القرب, قُبيل الشهود الذّاتي, و المعبّر عنه بال(هُو هُو)
كَالْفُلْكِ سَابِحاً: الكاف للتشبيه, الْفُلْكِ: السفن, و السفن هم الأولياء, سَابِحاً: من السَبح, هو الجري – السابحات النجوم أو السفن, و هو في موطن القرب عبارة عن الجذبات التي تأخذ أهل الوصل لغايتهم, الآية: (وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا) 3 النازعات, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
سَبَحْنَا وَالْغَيَاهِبُ تَحْتَوِينَا *** وَكُنَّا كَالْجَوَارِي الْمُنْشَآتِ (2 ق 39)
وَأَيْقَنْتُ: غاية العلم الحقّي, حقّ اليقين
أَنَّ التِّيهَ بَثَّ السَّنَا بِهَا: أَنَّ: للتأكيد, التِّيهَ: موطن الحيرة, بَثَّ: أشاع و أعلن, السَّنَا: النور, بِهَا: الباء للوسيلة و الواسطة, أي: بواسطة ال(هَا), حضرة الشهود الذّاتي, و هذا موطن التّداني, الآية: (فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى) 9 النجم
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثَّمَانُون : ( تَوَسَّلْتُ بِالْمَعْصِومِ عِلْماً بِحَضْرَةٍ ) – بيت رقم 13: وَفِي مَفْرِقَ التَّوْحِيدِ مَا كُنْتُ حَائِداً *** وَلَمْ أَجْنِ إِلاَّ مَا تَدَلَّى بِرُكْنِهَا
المعني:
وَفِي مَفْرِقَ التَّوْحِيدِ: وَفِي: أي في موطن, مَفْرِقَ التَّوْحِيدِ: هو السير منه تعالى إلى البرزخية وهو جمع الجمع وهو مرتبة الإرث المحمدي فوق مرتبة العارف, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه, عن مَظْهَرَ الْحَقِّ صلي الله عليه و سلم:
يَا مَظْهَرَ الْحَقِّ يَا رِضْوَانَ بَارِئِنَا *** وَمَفْرِقَ الْجَمْعِ فِي تِيهِ الْفَرِيَّاتِ (2 ق 71)
مَا كُنْتُ حَائِداً: مَا كُنْتُ: ما نافية, ما كنتُ: حَائِداً: الحَيد الزيغ و المَيلان, إثبات عدم الميل, قال تعالي: (مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى) 17 النجم, الاستقامة علي حال المشاهدة
وَلَمْ أَجْنِ إِلاَّ: من جني الثمار, و هي ثمار جنتي المشاهدة و المعرفة, الواردة في قوله تعالي: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) 46 الرحمن, و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
فَذِي سَبْعُ جَنَّاتٍ وَثِنْتَانِ بَعْدَهَا *** فَجَنَّةُ أَعْيَانٍ وَجَنَّةُ قُرْبَةِ (123 ق 1)
مَا تَدَلَّى بِرُكْنِهَا: مَا تَدَلَّى: الذي تدلّي, نزل إلي دون مكانه, قال تعالي: (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى) 8 النجم, بِرُكْنِهَا: الباء ظرفية بمعني في,الرُّكن: من الركون في المكان و عدم مفارقته, الضمير المتصل (هَا) إشارة إلي حضرة الشهود, أي: ديمومية المشاهدة
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثَّمَانُون : ( تَوَسَّلْتُ بِالْمَعْصِومِ عِلْماً بِحَضْرَةٍ ) – بيت رقم 14: وَلَوْلاَ مَقَامٌ كَانَ مِنْهَا لِذَاكِرٍ *** لأَظْهَرْتُ مَا أَخْفَيْتُ لَمَّا شَهِدْتُهَا
المعني:
وَلَوْلاَ: الواو استئنافية, لَوْلاَ: حرف شرط يفيد امتناع الجواب لوجود الشرط
مَقَامٌ كَانَ مِنْهَا لِذَاكِرٍ: مَقَامٌ: منزلة, كَانَ: سبق حدوثه, مِنْهَا: مِنْ: حرف ابتداء لغاية مكانية – (هَا) إشارة إلي حضرة الشهود الإلهية, لِذَاكِرٍ: الذاكر على الحقيقة: هو الذي يذكره بنسيان ما سواه, قال تعالي في الآية: (وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ) 34 الكهف, أي: أن حضرة الشهود أقامت ذاكرها – سيدي فخر الدين رضي الله عنه - منها, مقاماً, و هذا هو مقام الفناء في الذّات, قُبيل مقام البقاء و هو مقام الشهود, يقول سيدي عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه:
كشف الحجب والستور لعيني *** ودعاني لحضرة ومقامِ
فاخترقت الستور جمعاً لحـــــبي *** عند عرش الإله كان مقامــي
لأَظْهَرْتُ مَا أَخْفَيْتُ: و ذلك بسبب الوجهة الحقيّة, أي: مع الله تعالي, طلعة الإشراق, يقول السادة الصوفية رضي الله عنهم:
ذَاتٌ لَهَا فِي نَفْسِهَا وَجهَانِ *** لِلسُفْلِ وَجْهٌ و العُلاَ للثَّانِي
و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
فَذَاتِيَ شَمْسٌ لَوْ تَجَلَّتْ لأَحْرَقَتْ *** وَلكِنْ بِفَضْلِ اللَّهِ أضْحَتْ مُضِيئَتِي (24 ق 1)
لَمَّا شَهِدْتُهَا: لَمَّا:ظرفية بمعني حين, شَهِدْتُهَا: شَهِدْتُ من الشُهود و الشهادة رأي العين, (هَا) الحضرة الإلهية, حضرة الذّات
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثَّمَانُون : ( تَوَسَّلْتُ بِالْمَعْصِومِ عِلْماً بِحَضْرَةٍ ) – بيت رقم 15: وَلَوْلاَ احْتِجَابِي فِي مَظَاهِرِ كَوْنِهَا *** لأَخْفَيْتُ بِالإِظْهَارِ مِنْهَا بِهَا لَهَا
المعني:
وَلَوْلاَ: الواو عاطفة, لَوْلاَ: حرف شرط يفيد امتناع الجواب لوجود الشرط
احْتِجَابِي فِي مَظَاهِرِ كَوْنِهَا: احْتِجَابِي: أي: أنّي سُترتُ, فِي مَظَاهِرِ كَوْنِهَا: كلّ الكائنات هي مظاهر الكون, قال تعالي: (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) 115 البقرة. قد قيل:
هَذَا الوجُودُ وَ إنْ تَعَدَدَ ظَاهِراً *** وَحْيَاتِكُم مَا فِيهِ إلاَّ أنتُمُ
بَلْ أَنتَمُ نَفْسُ الوُجُودِ حَقِيقَةً *** فالذَّاتُ و الأفعَالُ كُلاًّ مِنْكُمُ
لأَخْفَيْتُ بِالإِظْهَارِ:
وَاخْتَفَـى مِنْهـُم عَـلـَى قُــرْبِ مَــرآهُ *** وِمــِـنْ شِـــدَّةِ الـظُّـهُـورِ الـخَـفــَاءُ
مِنْهَا بِهَا لَهَا: بِالإِظْهَارِ مِنْهَا: أي: ظهور تجليّات الحضرة, بِهَا: بواسطة خلعة نورها عليه رضي الله عنه فأمكن رؤية تجلّي الحضرة منها بها, أي: حضرة الهويّة الإلهية, في ذات المتكلّم عبّرت عن ذلك تاء المتكلم من (لأَخْفَيْتُ), لَهَا: برجوع النّور للحضرة, قيل:
رَجَعَ التُّرْبُ إلَي التُّرْبِ فَهَا *** وَسَرَيَ النُّورُ إلَي النُّورِ فَهَيْ
[ads4]
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثَّمَانُون : ( تَوَسَّلْتُ بِالْمَعْصِومِ عِلْماً بِحَضْرَةٍ ) – بيت رقم 16: وَلَوْلاَ حِجَابُ الْكَوْنِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ *** لأَشْهَدْتُكُمْ مَا كَانَ بَيْنِي وَبْيَنَهَا
المعني:
وَلَوْلاَ: الواو عاطفة, لَوْلاَ: حرف شرط يفيد امتناع الجواب لوجود الشرط
حِجَابُ الْكَوْنِ: هو الوجود الحسّي الذي يجري مجري العادة: فهو ما يتمثل في القوة الباصرة مثلاً (والمراد إحدى الحواس من العين، مما لا وجود له خارج العين، فيكون موجوداً في الحس، ويختص به الحاس، ولا يشاركه غيره، وذلك (كالحلم) الذي يشاهده النائم، بل (الخيال) كما يشاهده المريض المتيقظ، إذ قد تتمثل له صورة، ولا وجود لها خارج حسه، حتى يشاهده كما شاهد سائر الموجودات الخارجة عن حسه
بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ: برزخية بين وجوده رضي الله عنه في عالم المشاهدة (بَيْنِي) و وجودنا في عالم الشهادة (وَبَيْنَكُمْ)
لأَشْهَدْتُكُمْ: اللام للتأكيد, أَشْهَدْتُكُمْ: برؤية الأمر شهادة, و ذلك بتعيين البصر بما يمكن من الشهود (و ليس المشاهدة), و ذلك بأن تروا بعيون المرئي, قيل:
فَشَهِدْتَهُم بِعُيونِهمْ وَ بِسَمْعِهم *** و شَرَابُهُمْ لَم يُبْقِ مِنِّيَ بَاقِيَا
مَا كَانَ: الذي كان – سبق اكتمال حدوثه زمان القول
بَيْنِي وَبْيَنَهَا: برزخية المشاهدة بينه رضي الله عنه و بين حضرة الذّات الإلهية, و هي تجلّي الذّات, المشبه بالشمس فما دون ذلك الكون يقع في الظّل فهو محجوب, بحجاب البرزخ, قال رضي الله عنه:
فَيُصْبِحُ مِنْ لاَ شَىءَ نُوراً وَظُلْمَةً *** وَيَجْمَعُ فِيهِ الْحَقُّ ظِلاًّ بِظُلَّةِ (399 ق 1)
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثَّمَانُون : ( تَوَسَّلْتُ بِالْمَعْصِومِ عِلْماً بِحَضْرَةٍ ) – بيت رقم 17: وَلَوْلاَ احْتِرَامُ الْعَقْلِ فَضْلاً وَمِنَّةً *** لأَفْصَحَتِ الأَلْفَاظُ كَشْفاً لِسِتْرِهَا
المعني:
وَلَوْلاَ: الواو عاطفة, لَوْلاَ: حرف شرط يفيد امتناع الجواب لوجود الشرط
احْتِرَامُ الْعَقْلِ: من حيث المخاطبة بما يتحمّله العقل, جاء في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "نحن معاشر الأنبياء أمرنا أن نخاطب الناس على قدر عقولهم", الْعَقْلِ هو القيد, و مرتبة الوجود العقلي هو أن يكون للشيء: روح، وحقيقة، ومعنى, فيتلقى العقل مجرد معناه، دون أن يثبت صورته في خيال، أو حس، أو خارج، كاليد مثلاً فإن لها: صورة محسوسة ومتخيلة.ولها معنى هو حقيقتها، وهي القدرة على البطش.والقدرة على البطش هي اليد العقلية, حجاب العقل : هو وقوفه مع المعاني
فَضْلاً وَمِنَّةً: كرماّ
لأَفْصَحَتِ الأَلْفَاظُ: لأَفْصَحَتِ: اللام للتأكيد, أَفْصَحَتِ: بيّنت و وضّحت, الأَلْفَاظُ: جمع اللفْظُ ولَفَظْتُ بالكلام وتَلَفَّظْتُ به، أي تَكَلَّمْتُ به , لكنت تكلمتُ و أبنت
كَشْفاً لِسِتْرِهَا: كَشْفاً: إزالة الغطاء, قال تعالي: (لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) 22 ق, لِسِتْرِهَا: حجابها, ما يغطيها, أي: ما تبين وراءه ضرة الشهود, قيل:
قصرت محاسنها على عشاقها *** فاشتاق ناظرها إلى منظورها
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثَّمَانُون : ( تَوَسَّلْتُ بِالْمَعْصِومِ عِلْماً بِحَضْرَةٍ ) – بيت رقم 18: وَهِمْتُ بِهَا فِي حَانِ عَيْنِ تَوَجُّهِي *** إِلَى عَرَفَاتِ الْعِلْمِ أُنْكِرُ غَيْرَهَا
المعني:
وَهِمْتُ بِهَا: وَهِمْتُ: هامَت الناقةُ تَهِيم: ذهَبَت على وجِهها لرَعْيٍ، والهُيامُ: المرتبة من مراتب الحُبّ بعد العشق و الغرام, و هو الانشغال بالحبيب عن غيره, بِهَا: الباء حرف جر لاصق, ال(هَا) إشارة إلي حضرة شهود الذّات الإلهية
فِي حَانِ عَيْنِ تَوَجُّهِي: فِي حَانِ: الحَان مكان الشراب, الحضرة, عَيْنِ: العين منبع الماء, و هي هنا شرب المقربين, قال تعالي: (عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ) 28 المطففين, تَوَجُّهِي: التّوَجَّه إلي المكان الذهاب إليه, أي: ذهابي إلي
إِلَى عَرَفَاتِ الْعِلْمِ: أي: تَوَجُّهِي إِلَى عَرَفَاتِ الْعِلْمِ: موطن المعرفة بعلوم الذّات, كناية عن الحجّ الأكبر, قال تعالي: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ) 198 البقرة, و الإشارة إلي الضلال في الآية, أي: انتقل من موطن الحيرة و هو حضرة التقريب, قاب قوسين, إلي موطن الشهود الذّاتي الصِرف
أُنْكِرُ غَيْرَهَا: أجهَلُ غَيْرَهَا, لا التفات لغيرها, أي: حضرة الذّات
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثَّمَانُون : ( تَوَسَّلْتُ بِالْمَعْصِومِ عِلْماً بِحَضْرَةٍ ) – بيت رقم 19: وَمِنْ جَمَرَاتِ الرُّوحِ لَمَّا وَصَلْتُهَا *** وَحَيْثُ أَرَتْنِي كُنْتُ أَقْذِفُهَا بِهَا
المعني:
وَمِنْ جَمَرَاتِ الرُّوحِ: وَمِنْ: الواو عاطفة, مِنْ: حرف ابتداء لغاية مكانية, جَمَرَاتِ: الجمرات هي ختام الحجّ, و هي كناية عن فناء الأنفس, و جَمَرَاتِ الرُّوحِ: هي الصفات السبع
لَمَّا وَصَلْتُهَا: لَمَّا: ظرفية بمعني حين, وَصَلْتُهَا: أي: وصلت حضرة الشهود, و هذا هو الوصل الأعظم
وَحَيْثُ أَرَتْنِي: الواو واو المعية, حَيْثُ: ظرف مكان, أَرَتْنِي: من أَرَيْتُه الشيءَ فرآهُ, إذا مكنّتُه من رؤيته أي: مشاهدته بالعين, و حَيْثُ أَرَتْنِي تعني: أي: في أي موضع منها كان التجلّي, في الآية: (لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا) 1 الإسراء, جاء في حديث سيدنا جابر حين سأل سيدنا رسول الله صلي الله عليه و سلم: كيف رأيت ربّك؟ قال: "نوراً أنّي أراه", و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
مَا نُورُهَا إِلاَّ انْعِكَاسُ أَشِعَّةٍ *** مَنْ عَايَنُوهَا آيَةً يَتْلُونَهَا (5 ق 95)
كُنْتُ أَقْذِفُهَا بِهَا: كما يتبرأ الحاج برمي الجمار من الأنفس في الحج الرّكن, يتبرأ صاحب التجلّي الإلهي من روحه أي من روحه الجزئية ، ويعيد البضاعة إلى صاحبها، فرجم أيضاً الروح بالجمار السبع، أي الصفات الإلهية, و هي التي أشار إليها رضي الله عنه ببلوغ البُغية في قوله:
وَلاَ كُلُّ مَنْ يَرْمِي الْجِمَارَ عَلَى مِنىً *** بِقَاتِلِ نَفسٍ أَوْ مُبَلَّغِ بُغْيَتِي (261 ق 1)
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثَّمَانُون : ( تَوَسَّلْتُ بِالْمَعْصِومِ عِلْماً بِحَضْرَةٍ ) – بيت رقم 20: وَكَانَ مَقَامِي بَعْدَ ذَلِكَ بَلْقَعاً *** وَكُلُّ مَقَامٍ غَائِبٌ بِجِرَابِهَا
المعني:
وَكَانَ مَقَامِي: منزلتي التي نزلت
بَعْدَ ذَلِكَ: بعد التجلّي و التحّلي بالصِفات المُطلقة
بَلْقَعاً: مكان بَلْقَعٌ: خالٍ، لا يقيم فيه أحد, الفناء, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
كَيْفَ التَّجَلِّي وَالْهُوِيَّةُ بَلْقَعٌ *** لَكِنَّ مِثْلِي عَالِمٌ بِفُنُونِهَا (1 ق 95)
و قيل في الشعر العربي:
وقفت على رسم ببيداء بلقع *** خلي من النادي صموت إذا دعي
وَكُلُّ مَقَامٍ غَائِبٌ: وَكُلُّ: الواو للمعية, كُلُّ: حرف لاستيعاب أفراد العدد, مَقَامٍ: منزلة من المنازل, غَائِبٌ: مخفي
بِجِرَابِهَا: جِرابُ البئر: جَوْفُها, أي: بباطنِها, أي: كل مقام مخفي في باطن الهويّة الإلهية, تحتوي كل المقامات, قال رضي الله عنه:
وَاحْتَوَيْنَا ( هُو ) رُمُوزاً لَوْفَتَقْنَا *** مَا رَتَقْنَا لاسْتَحَالَ الْقَوْلُ فِيهِ (8 ق 84)
[ads5]
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثَّمَانُون : ( تَوَسَّلْتُ بِالْمَعْصِومِ عِلْماً بِحَضْرَةٍ ) – بيت رقم 21: وَكَانَ لِبَاسِي بَعْدَ ذَلِكَ زُخْرُفاً *** وَيَصْعُبُ أَنْ أَحْيَا بِغَيْرِ ثِيَابِهَا
المعني:
وَكَانَ لِبَاسِي: لِبَاسِي, الخلعة, التي خلعت عليه في مقام الشهود
بَعْدَ ذَلِكَ: أي: بعد التجلّي و التحّلي بالصِفات المُطلقة, كذلك
زُخْرُفاً: الزُّخْرُفُ: الزِّينةُ وكمالُ حُسْنِ الشيء, تجلّي الجمال, في نهاية الحج الأكبر و هو مقام الشهود, قال رضي الله عنه:
وَإِذْ تَرَدَّيْتُ مَلْبُوسِي بِزُخْرُفِهِ *** أُعَانِقُ الْبَيْتَ لمَّا نِلْتُ أَوطَارِي (15 ق 33)
وَيَصْعُبُ أَنْ أَحْيَا بِغَيْرِ ثِيَابِهَا: الحياة هي نعيم الرّوح بالوصل, و سيدي فخر الدين في ديمومية الحياة, وَيَصْعُبُ أي: لا يحدث أن يكون بِغَيْرِ تجلّي الحضرة عليه بخلعتها, قال تعالي: (عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا) 21 الإنشان, قال رضي الله عنه:
وَإِنَّى فِي أَحْيَا الْحَيَاتَيْنِ مُنْعَمٌ *** عَلَيَّ بِتَكْرِيمٍ وَإِسْبَاغِ نِعْمَةِ (171 ق 1)
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثَّمَانُون : ( تَوَسَّلْتُ بِالْمَعْصِومِ عِلْماً بِحَضْرَةٍ ) – بيت رقم 22: وَكَانَ ذِهَابِي فِي الْمَذَاهِبِ آمِناً *** وَظَلَّ كِتِابِي فِي ظِلاَلِ شِعَابِهَا
المعني:
وَكَانَ ذِهَابِي: الذِهاب كناية عن الفناء
فِي الْمَذَاهِبِ: رتب الفناء, قال تعالي: (وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ) 99 الصافات, الهداية من بعد الذهاب كناية عن البقاء من بعد الفناء, أو الصحو بعد المحو أو الوصل بعد الحيرة
آمِناً: الآية: (وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ) 4 قريش, بعدم الخوف من عدم العودة إلي التجلّي
هُوَ الْجَمْعُ فِي رُتَبِ الْفَنَاءِ وَمَنْ بِهِ *** يُرَى اللَّهُ جَبَّاراً وَللِذَّنْبِ غَافِرُ (9 ق 21)
وَظَلَّ كِتِابِي: ، وَظَلَّ: تفيد الاستمرار, ديمومية المشاهدة, قال رضي الله عنه:
فَأَرْكَعُ تَعْظِيماً وَأَرْفَعُ شَاكِرا *** أُشَاهِدُ مَا أَبْغِيِه فِي رَفْعِ هَامَتِي (251 ق 1)
فِي ظِلاَلِ شِعَابِهَا: جمع شُعبة و هي ما تفرق من الطريق, (انطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ) 30 المرسلات, و هو موطن الحيرة و المشاهدة المشار إليها بالنّار, الآية: (إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى) 10 طه, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
قَامَ فِيهَا مَنْ أظَلَّتْهُ بِمَا *** نَالَ مِنْهَا بِالْهُدَي مِنْ مِثْلِهِ (9 ق 87)
و قيل في المعني:
ما بَينَ ضالِ المُنحَنى وظِلالِهِ *** ضلَّ المتيَّمُ واهتدى بضلالهِ
وبذلكَ الشِّعبُ اليَمانِيُّ مُنية ٌ*** لِلصّبِّ قد بَعُدَتْ على آمالِهِ
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثَّمَانُون : ( تَوَسَّلْتُ بِالْمَعْصِومِ عِلْماً بِحَضْرَةٍ ) – بيت رقم 23: وَكَانَ إِيَابِي فِي مَظَاهِرِهَا الَّتِي *** يَضِلُّ بِهَا رُهْبَانُ أُمِّ كِتَابِهَا
المعني:
وَكَانَ إِيَابِي: البقاء, قال تعالي: (وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مآبٍ) 19 ص, في الحديث عَنِ الْبَرَاءِ ، قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ إِذَا قَفَلَ مِنْ سَفَرٍ قَالَ : "آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ"
فِي مَظَاهِرِهَا: تجليات الحضرة الإلهية في الأكوان
الَّتِي يَضِلُّ بِهَا: يُحار بواسطة مظاهر الهوية الإلهية, قال تعالي يصف سيدنا إبراهيم عليه السلام في هذا الموطن: (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ * فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ * فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ * فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ) 75-78 الأنعام
رُهْبَانُ أُمِّ كِتَابِهَا: رُهْبَانُ جمع راهب: و هو كناية عن خادم الحضرة, أُمِّ كِتَابِهَا: أم الكتاب هي الجامع له, كتاب الحضرة الإلهية, هو حضرة الجمع, يعني: الأغواث, الخلفاء في كل زمان, أم الكتاب: حضرة النبي صلي الله عليه و سلم, حضرة جمع الجمع, أي: خادمي حضرة جمع الجمع, قال رضي الله عنه:
وَإِنِّي فِي أُمِّ الْكِتَابِ مُهَذِّبٌ *** وَإِنِّيَ فَرْعٌ فِي أَصِيلِ الْمَنَابِتِ (82 ق 1)
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثَّمَانُون : ( تَوَسَّلْتُ بِالْمَعْصِومِ عِلْماً بِحَضْرَةٍ ) – بيت رقم 24: وَكَانَ وُلُوجِي عَالَمَ الأَمْرِ خَاتِماً *** لِبَدْءِ شُهُودِي مُثْبِتاً عِلْمَهَا لَهَا
المعني:
وَكَانَ وُلُوجِي: دخولي
عَالَمَ الأَمْرِ: هاء الهُوية, موطن الأمر, و موطن الخيال و النقطة التي بدأ منها كل شئ, قال تعالي: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً) 17 الإسراء, و هو موطن المعرفة الإلهية
خَاتِماً لِبَدْءِ شُهُودِي: خاتما لمراحل الشهود الذّاتي
مُثْبِتاً عِلْمَهَا لَهَا: في قوله تعالي: (وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً) نفي و إثبات – بين (ما) النافية و (إلا) الاستثناء, فهو رضي الله عنه أُعطي له الإثبات في علم الذّات الإلهية, و قال تعالي في الحديث القدسي: "كنت كنزاً مخفيّاً فأردتُ أن أُعرف فخلقتُ الخلقً و تعرّفتُ إليه و بي عرفوني", مُثْبِتاً عِلْمَهَا, لَهَا: أي: أن العلم كلّه علم إلهي
[ads1]
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثَّمَانُون : ( تَوَسَّلْتُ بِالْمَعْصِومِ عِلْماً بِحَضْرَةٍ ) – بيت رقم 25: وَغَيْرِي لَمْ يُعْطَ الْوُلُوجَ كَرَامَةً *** وَأَمْلِكُ حَالِي مِنْ مَفَاتِحِ غَيْبِهَا
المعني:
وَغَيْرِي: من الأولياء
لَمْ يُعْطَ الْوُلُوجَ كَرَامَةً: لَمْ يُعْطَ الْوُلُوجَ كَرَامَةً: لَمْ يُعْطَ دخول موطن عالم الأمر, كَرَامَةً: من باب التشريف, أي: ولو من باب التشريف
وَأَمْلِكُ حَالِي: وَأَمْلِكُ: بيدي مُلك, حَالِي:زماني, أي: رئاسة زمان الطريقة
مِنْ مَفَاتِحِ غَيْبِهَا: مِنْ: حرف ابتداء لغاية مكانية, مَفَاتِحِ غَيْبِهَا: غيب الحضرة الإلهية, مفاتِح الغيب: في الآية: (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ) 59 الأنعام, مفاتيح الغيب : هي الأسماء الإلهية بالتدريج التي أظهرت صور الكائنات من الغيب إلى الشهادة ، فهي مفاتيح لأقفال خزائن الغيوب, أي: يملك الأسماء و بها التصرّف في الكون, قال رضي الله عنه:
وَرَبُّكَ إِبْرَاهِيمُ لِلذَّنْبِ غَافِراً *** وَلَكِنَّهُ غَيْبٌ لَدَيْهِ الْمَفَاتِحُ (13 ق 82)
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثَّمَانُون : ( تَوَسَّلْتُ بِالْمَعْصِومِ عِلْماً بِحَضْرَةٍ ) – بيت رقم 26: وَغَيْرِي إِنْ حَازَ الْعِنَايَةَ إِنَّمَا *** يَزُورُ وَلاَ تُعْطِيهِ حُسْنَ مَآبِهَا
المعني:
وَغَيْرِي: من الأولياء
إِنْ حَازَ الْعِنَايَةَ: إِنْ: شرطية بمعني إذا, حَازَ: حصل علي, و الحيازة لا تقتضي المُلك, فهي أقل درجةً, الْعِنَايَةَ: الرعاية و الاهتمام, و هي في الحقيقة تولّي الله سبحانه و تعالي الولي في مراتب السير و الوصول
إِنَّمَا: من حرفين إنّ للتأكيد و ما المصدرية, تفيد الحصر
يَزُورُ: الزيارة غير الإقامة, و مادتها الإزورار, و هي الميل, بأن تأتي ثم تذهب, معني الزيارة, قال رضي الله عنه:
شَدُّ أَزْرِ الْعَبْدِ مِنَّا مِنْكَ فَضْلٌ *** أَيُّهَا الْفَتَّاحُ مَا جِئْنَاكَ زُورَا (11 ق 63)
وَلاَ تُعْطِيهِ حُسْنَ مَآبِهَا: وَلاَ تُعْطِيهِ: لا تنوّله, حُسْنَ: تجليّ جمال, مَآبِهَا: الرجوع و البقاء, هذا غير حال سيدي فخر الدين فهو أعطي الإقامة في موطن شهود الذّات, قال رضي الله عنه:
فِي الرَّفْرَفِ الأَعْلَى اتَّكَأْتُ مُؤَيَّداً *** وَكِسَائِيَ الْخَضْرَاءُ بِالإِحسَانِ (58 ق 2)
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثَّمَانُون : ( تَوَسَّلْتُ بِالْمَعْصِومِ عِلْماً بِحَضْرَةٍ ) – بيت رقم 27: وَكُلُّ قُلُوبٍ فِي الْمَنَائِحِ قُلِّبَتْ *** تَكُونُ بِسَبْقٍ خُضِّبَتْ بِخِضَابِهَا
المعني:
وَكُلُّ قُلُوبٍ: فائدة القصائد و بشارة لمن يُعني بتدبّرها و فهمها, إضافة كلّ القلوب, و كُلّ حرف لللاستعاب, التي تتقلب في شراب الوصل, لأهل الوصل, قال رضي الله عنه:
وَأَفْطُمُ مِنْكُمْ مَنْ أَتَمَّ رِضَاعَةً *** وَأُورِثُ سِرِّيَ لِلَّذِي فِيهِ صِبْغَتِي (13 ق 1)
فِي الْمَنَائِحِ قُلِّبَتْ: فِي الْمَنَائِحِ: من المنح العطاء, و هي قصائد شراب الوصل, قُلِّبَتْ: قال في (2-3 ق 32):
فَمَنْ فِي شَوْقٍ يَبِيتُ لِوَصْلِهَا *** لأَصْبَحَ يَجْنِي سِرَّهَا مِنْ بِطُونِهَا
يُقَلِّبُ فِيهَا طَرْفَهُ ثُمَّ قَلْبَهُ *** لِيَنْسِجَ مِنْهَا حُلَّةً تَرْتَدُونَهَا
تَكُونُ بِسَبْقٍ: قال تعالي: (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) 10-11 الواقعة, أي: سبقكم للآخرين من أهل السير, لأن القصائد جمعت كلّ وسائل السير: الذكر, المراقبة, القرآن, فكانت هي "السير الأقرب", قال رضي الله عنه:
هُوَ ذَا عَطَاءُ الْمُحِسِنِيـ *** ـنَ وَذَا الْعَطَاءُ الأَقرَبُ (7 ق 4)
و قال رضي الله عنه:
إِذَا كَلَّتْ بِكُمْ هِمَمٌ فَأَنْتُمْ *** بِهَا مِنْ بَعْدِ سَبْقٍ تُسْبَقُونَ (32 ق 79)
خُضِّبَتْ بِخِضَابِهَا: خُضِّبَتْ بِخِضَابِ حضرة الهويّة الإلهية, قال تعالي: (صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ) 138 البقرة, و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
وَقُلْتُ قُلُوبَكُمْ بِالْحَقِّ تُرْوَى *** بِعِلْمٍ بِالتَّرَوِّي كَالْخِضَابِ (10 ق 74)
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثَّمَانُون : ( تَوَسَّلْتُ بِالْمَعْصِومِ عِلْماً بِحَضْرَةٍ ) – بيت رقم 28: وَكُلُّ نَبِيٍّ مِنْ مَذَاقَتِهَا سُقِي *** وَكُلُّ وَلِيٍّ يَهْتَدِي لِشَرَابِهَا
المعني:
وَكُلُّ نَبِيٍّ مِنْ مَذَاقَتِهَا سُقِي: وَكُلُّ نَبِيٍّ, مِنْ: حرف ابتداء لغاية مكانية, مَذَاقَتِهَا: الذّوق أول مراحل الاستطعام أو الشرب, اختبار الطعم, مَذَاقَتِهَا: مَذَاقَة: موطن الذوق, و الضمير (هَا) إشارة إلي حضرة الشهود, مِنْ مَذَاقَتِهَا سُقِي أي: أُعطي الشراب, بالاصطفاء, قال رضي الله عنه:
يَهَبُ اللَّه مِنْ لَدُنْهُ عُلُوماً *** وَشَرَاباً يَؤُمُّهُ الأَنْبِيَاءُ (13 ق 43)
وَكُلُّ وَلِيٍّ يَهْتَدِي لِشَرَابِهَا: وَكُلُّ وَلِيٍّ: من الأولياء, أهل الحضرة الإلهية, يَهْتَدِي: يرشد – أي: يمر بموطن الحيرة, الضلال – ثم يدخل موطن الشراب, لِشَرَابِهَا: اللام حرف انتهاء لغاية مكانية, شَرَابِهَا: شَرَاب الحضرة الإلهية, علومها و تجلّياتها, قال رضي الله عنه:
وَلَمْ تُكْشَفْ وَلَمْ تُعْلَمْ وَلَكِنْ *** تَجَلَّتْ فِي نَبِيٍّ أَوْ وَلِي (7 ق 30)
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثَّمَانُون : ( تَوَسَّلْتُ بِالْمَعْصِومِ عِلْماً بِحَضْرَةٍ ) – بيت رقم 29: وَكُلُّ إِمَامٍ قَرَّبَتْهُ بِعِزِّهَا *** دَنَا فَتَدَلَّتْ مِنْ قَرَابَةِ قَابِهَا
المعني:
وَكُلُّ إِمَامٍ: الإمام من يؤتّم به أي: يُتّبع و يُقتدي به, كل خليفة من الخلفاء منذ سيدنا آدم عليه السلام و حتى نهاية الدنيا, قال تعالي: (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) 71 الإسراء
قَرَّبَتْهُ بِعِزِّهَا: أي: حضرة الشهود, المشار إليها بال(هَا), قَرَّبَتْهُ: في حضرة التقريب, قاب قوسين, بِعِزِّهَا: بحمايتها المنيعة
دَنَا فَتَدَلَّتْ: دَنَا: اقترب منها, فَتَدَلَّتْ: تنزّلت, الآيتين: (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى) 8-9 النجم
مِنْ قَرَابَةِ قَابِهَا: القاب ما بين الـمَقْبِضِ والسِّـيَةِ للسيف أو القوس, والسِّـيَةِ هو ما عُطِفَ من طرفي السيف أو القوس, مِنْ قَرَابَةِ قَابِهَا: المكان الذي منه إطلاق السهم أو التصويب, أي: قربته لموطن الشهود, قال رضي الله عنه:
إِنْ تَدَلَّى عِلْمُهَا مِنْ قَابِهَا *** أَسْكَرَتْنَا فِيهِ سُكْرَ الْمُولَهِ (6 ق 87)
[ads2]
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثَّمَانُون : ( تَوَسَّلْتُ بِالْمَعْصِومِ عِلْماً بِحَضْرَةٍ ) – بيت رقم 30: فَلاَ هِيَ عِنْدَ الْوَاصِفِينَ تَنَزَّلَتْ *** وَلاَ هِيَ عِنْدَ النَّاعِتِينَ لِمَا بِهَا
المعني:
فَلاَ هِيَ: فَلاَ: الفاء للتأكيد, لا للنفي, هِيَ: حضرة الشهود, من حيث تدلّيها
عِنْدَ الْوَاصِفِينَ: أهل الوصف, من يوصفوا مظاهر الحضرة
تَنَزَّلَتْ: لا تتنزّل بالوصف
وَلاَ هِيَ عِنْدَ: و لا هي أي: حضرة الشهود, عِنْدَ, أي: حاضرة لدي
النَّاعِتِينَ لِمَا بِهَا: أي: النَّاعِتِينَ لما بالحضرة, أي: ما فيها, الباء ظرفية بمعني في, النَّاعِتِينَ: من ينعتوا أو يوصفوا كنهها, قال رضي الله عنه:
أَيَّ وَصْفٍ لَهَا وَأَيُّ نُعُوتٍ *** لاَ وَرَبِّ الْهِبَاتِ مَا الْوَصْفُ يُجْدِي (6 ق 3)
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثَّمَانُون : ( تَوَسَّلْتُ بِالْمَعْصِومِ عِلْماً بِحَضْرَةٍ ) – بيت رقم 31: وَلاَ هِيَ فِي الإِمْكَانِ فَضُّ خِتَامِهَا *** لأَنَّ هُدَاهَا وَمْضَةٌ بِشِهَابِهَا
المعني:
وَلاَ هِيَ: وَلاَ: الواو للعطف, لا للنفي, هِيَ: حضرة الشهود, من حيث تدلّيها
فِي الإِمْكَانِ: وَلاَ هِيَ فِي الإِمْكَانِ, صعب و مستحيل
فَضُّ خِتَامِهَا:كشف سرّها, قال رضي الله عنه:
وَمَا فُضَّ الْخِتَامُ لِنَيْلِ عِلْمِي *** لأَلْفَيْ حِقْبَةٍ طَالَ انْتِظَارُ (25 ق 31)
لأَنَّ هُدَاهَا: لأَنَّ ما تعطيه من علوم
وَمْضَةٌ بِشِهَابِهَا: الآية: (إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ) 18 الحجر, الشِّهاب: نارٍ ساطِعَةٌ، الوَمْضَةٌ: لمعة واحدة من شعاع الشهاب, أي: أن ما تعطيه من علوم ما هو إلا القليل من علومها, قال تعالي في الآية: (وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً) 85 الإسراء, , قال رضي الله عنه:
لَوَمْضَةٌ مِنْ ضِيَاهُ فِي مَرَاتِبِنَا *** تُصَيّرُ الْكُلَّ أَقْمَاراً مُنِيَرَاتِ (17 ق 71)
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثَّمَانُون : ( تَوَسَّلْتُ بِالْمَعْصِومِ عِلْماً بِحَضْرَةٍ ) – بيت رقم 32: وَمَا أَنَا إِلاَّ مِنْ أَشِعَّةِ نُورِهَا *** وَمَا أَنَا إِلاَّ مِنْ غَيَاهِبِهَا بِهَا
المعني:
وَمَا أَنَا إِلاَّ: ما النافية و إلا للاستثناء, تفيدان النفي و الإثبات, للحصر و التأكيد, أنَأ: سيدي فخر الدين رضي الله عنه في ذاته الظاهر
مِنْ أَشِعَّةِ نُورِهَا: مِنْ: لتبيين النوع, أَشِعَّةِ: أي: وَمَا أَنَا إِلاَّ شُعاع مِنْ أَشِعَّةِ نُورِهَا: الشّعاع عضو من 124 ألف من أعضاء الحضرة الإلهية, من نور الحضرة الإلهية, قال رضي الله عنه:
سَعَيْتُ إِلَى مَوْلاَيَ مَرْفُــوعَ هَامَةٍ *** وَمَا زِلْتُ لِلدُّنْيَا شُــعَاعَ الْهِدَايَةِ (3 ق 1)
و قال رضي الله عنه:
لِذَا فَبَقَائِي مِنْ قَدِيِم بَقَائِهِ *** كَذَلِكَ نُورِي مِنْ عَظِيِم الأَشِعَّةِ (253 ق 1)
وَمَا أَنَا إِلاَّ: نفس المعني أعلاه
مِنْ غَيَاهِبِهَا بِهَا: مِنْ: لتبيين النوع, غَيَاهِبِهَا: الغيهب هو شدة ظلام الليل, واحد من أهل الخفاء, بِهَا: في الحضرة
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثَّمَانُون : ( تَوَسَّلْتُ بِالْمَعْصِومِ عِلْماً بِحَضْرَةٍ ) – بيت رقم 33: وَغَيْرُ رَسُولِ اللَّهِ يُصْبِحُ عَالِمٌ *** بِهَا كَجَهُولٍ تَائِهٍ بِسَرَابِهَا
المعني:
وَغَيْرُ رَسُولِ اللَّهِ: ما عداه, باستثناء حضرته, صلي الله عليه و سلم, هو المخصوص بعلوم الذّات, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
يَا كَامِلاً مِنْ عُلُومِ اللَّهِ أَجْمَعِهَا *** يَا أَحْمدٌ أَيُّهَا الْمَخْصُوصُ بِالذَّاتِ (4 ق 71)
يُصْبِحُ عَالِمٌ بِهَا: يُصْبِحُ: الصبح أول النهار, و سطوع ضوئه, أي: لا يتعدّي أن يكون في أول درجات العِلم, عَالِمٌ بِهَا: الذي يعلم بعلوم الحضرة, علوم الذّات, قال رضي الله عنه:
عُلُومُ الذَّتِ دُونَ السِّتْرِ وَهْمٌ *** لَهَا سُبُحَاتُ وَجْهٍ مُهْلِكَاتِ (1 ق 83)
كَجَهُولٍ: الكاف للتشبيه, جَهُولٍ: من الجهل, عدم العِلم, و هي من صيغة المبالغة, فاعل, فعّال, فعُول, أي: شديد الجهل
تَائِهٍ بِسَرَابِهَا: تَائِهٍ: ضالٍ, في الحيرة, بِسَرَابِهَا: الباء ظرفية بمعني في, سَرَابِهَا: السَّرابُ الذي يكونُ نِصفَ النهارِ لاطِئاً بالأَرضِ، لاصقاً بها، كأَنه ماءٌ جارٍ, في الآية: (كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا) 39 النور
تعليقات: 0
إرسال تعليق