-->
إغلاق القائمة
إغلاق القائمة
404
نعتذر فقد تم نقل الموضوع ; الرجاء زيارة الارشيف! الأرشيف

الأربعاء، 27 مارس 2019

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّانِيَة والثَّمَانُون : ( أُرِحْنَا بِرَاحٍ مِنْ حِمَى الْغَيْبِ سِرُّهَا )

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّانِيَة والثَّمَانُون : ( أُرِحْنَا بِرَاحٍ مِنْ حِمَى الْغَيْبِ سِرُّهَا )
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّانِيَة والثَّمَانُون : ( أُرِحْنَا بِرَاحٍ مِنْ حِمَى الْغَيْبِ سِرُّهَا )


موسوعة رشفات من دقائق شراب الوصل للشيخ عبد الحميد بابكر

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّانِيَة والثَّمَانُون : ( أُرِحْنَا بِرَاحٍ مِنْ حِمَى الْغَيْبِ سِرُّهَا )التّاريخ : الاثنين 12 جمادى الأولى 1407 هـ = 12 يناير 1987 معَدَد الأبيات : 19


1- أُرِحْنَا بِرَاحٍ مِنْ حِمَى الْغَيْبِ سِرُّهَا *** وَصَرْصَرُهَا فِينَا الرِّيَاحُ اللَّوَاقِحُ
2- إِذَا مَا تَغَشَّانَا الْمَلِيكُ تَعُمُّنَا *** لَوَافِحُ صِرٍّ دُونَهُنَّ الْمَنَائِحُ
3- وَتَلْفَحُ نَارُ الْقُرْبِ وَجْهاً مُقَرَّباً *** وَتَزْكُمُهُ عَنْ غَيْرِهِنَّ الرَّوَائِحُ
4- إِذَا مَا تَجَلَّيْنَا عَلَى طُورِ حِبِّنَا *** يَبِيتُ وَقَدْ لاَحَتْ عَلَيْهِ اللَّوَائِحُ
5- يَجُوبُ حُضَيْرَاتِ الأَحِبَّةِ زَائِراً *** وَيَطْرُقُ أَبْوَاباً لَهَا اللَّهُ فَاتِحُ
6- مُرِيدِيَ فِي كُلِّ الْمَوَاطِنِ إِنْ تُرِدْ *** لِدِينِكَ إِنْصَافاً إِذِ الْحَقُّ رَابِحُ
7- فَخَلِّ سَبِيلَ الْمُسْتَبِيحِينَ مَذْهَبِي *** وَلُذْ بِحِمَانَا إِنْ ثَنَى الْعِطْفَ كَاشِحُ
8- وَإِلاَّ فَجَاهِرْ فَالْمَحَبَّةُ طَاعَةٌ *** وَقَلْبُكَ - إِنْ تُضْمِرْ - عَلَى فِيكَ نَاضِحُ
9- عَفَا اللَّهُ إِنْ تَابَ الَّذِينَ تَجَاوَزُوا *** بِغَيْرِ شِقَاقٍ مَا لِسِتْرَيَّ فَاضِحُ
10- أُولَئِكَ مِمَّنْ بَايَعُوا ثُمَّ خُلِّفُوا *** وَأَدْمُعُ أَوَّابٍ بِكَفَّيَّ مَاسِحُ
11- فَإِنِّي وَإِبْرَاهِيمُ فِي الأَصْلِ وَاحِدٌ *** إِذَا طَلَبُوا صَفْحاً فَلاَ شَكَّ صَافِحُ
12- وَمَنْ شَرِبَ التَّفْرِيقَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ *** هُنَالِكَ لاَ تُجْدِي الرُّقَى وَالْمَسَابِحُ
13- وَرَبُّكَ إِبْرَاهِيمُ لِلذَّنْبِ غَافِراً *** وَلَكِنَّهُ غَيْبٌ لَدَيْهِ الْمَفَاتِحُ
14- وَمَنْ هُوَ مَغْبُونٌ أَرَاهُ وَقَدْ غَوَى *** فَلاَ هُوَ فِي صَمْتٍ وَلاَ هُوَ صَائِحُ
15- فَدَيْدَنُ أَهْلِ الزَّيْغِ فِي كُلِّ مِلَّةٍ *** عُيُونُهُمُ غَانَتْ عَلَيْهَا الْقَرَائِحُ
16- فَيَظْهَرُ مَا لاَ يُبْطِنُونَ بِزَعْمِهِمْ *** لِذَاكَ فَلاَ صَفْحٌ إِذَا مَا تَصَافَحُوا
17- وَإِنَّ قُلُوباً كَبَّلَ الْوَهْمُ سَيْرَهَا *** إِذَا غَبِنَتْ مَاذَا تُفِيدُ النَّصَائِحُ
18- لَعَمْرُكَ مَا صَنَعَ الْخَوَارِجُ غَيْرَهَا *** فَقَدْ وَرَدُوا التَّحْكِيمَ وَالْحُكْمُ وَاضِحُ
19- وَمَا لِيَ إِلاَّ مِثْلَ مَا قِيلَ سَابِقاً *** كَقَوْلِ شُعَيْبٍ أَوْ كَمَا قَالَ صَالِحُ

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّانِيَة والثَّمَانُون : ( أُرِحْنَا بِرَاحٍ مِنْ حِمَى الْغَيْبِ سِرُّهَا ) – بيت رقم 1: أُرِحْنَا بِرَاحٍ مِنْ حِمَى الْغَيْبِ سِرُّهَا *** وَصَرْصَرُهَا فِينَا الرِّيَاحُ اللَّوَاقِحُ

المعني:
أُرِحْنَا بِرَاحٍ: أُرِحْنَا: ضمير المتكلم الجمع لأن الخطاب بلسان حضرة جمع الجمع, و راحَ يَراحُ رَيْحاً إِذا اشتدّت رِيحُه, راحَ الشيءَ يَراحُه ويَرِيحُه إِذا وجَدَ رِيحَه، بِرَاحٍ: والرَّاحُ: الخمرُ، يعني: أول ما يبدر من مجالي حضرة الشهود هو السكر في حضرة جمع الجمع (حضرة القرب) بالمشاهدة, و هو غياب الأرواح و الفناء في المحبوب, و لذلك كان لي الله عليه و سلم يطلب القرب بالصلاة فيقول لسيدنا بلال رضي الله عنه كما جاء في الحديث: "أَرِحْنا بها", أَي أَذّن للصلاة فتشملنا راحة القرب بها, و أُرِحْنَا بِرَاحٍ: تعبير عن تجلّي جمال
مِنْ حِمَى الْغَيْبِ: مِنْ: حرف ابتداء لغاية مكانية, حِمَى: الحِمى هو الحصن المنيع الذي لا يُرام, الْغَيْبِ: غيب الذّات, المنون به في حضرة الشهود
سِرُّهَا: باطن أمرها و قوامها الذي تقوم به
وَصَرْصَرُهَا فِينَا: وَصَرْصَرُهَا: رِيحٌ صَرْصَرٌ: شديدة البَرْدِ، وقيل: شديدة الصَّوْت, الآية: (وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ) 6 الحاقة, فِينَا: أي باطن التجلّي عبارة عن تجلّي جلال
الرِّيَاحُ اللَّوَاقِحُ: اللَّواقِحُ من الرياح: التي تَحْمِلُ النَّدَى ثم تَمُجُّه في السحاب، فإِذا اجتمع في السحاب صار مطراً, (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ) 22 الحِجر, أي: لواقح بالعلوم, أي: تجلّي الجلال من حضرة القرب, يعطيهم علوم حضرة الشهود

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّانِيَة والثَّمَانُون : ( أُرِحْنَا بِرَاحٍ مِنْ حِمَى الْغَيْبِ سِرُّهَا ) – بيت رقم 2: إِذَا مَا تَغَشَّانَا الْمَلِيكُ تَعُمُّنَا *** لَوَافِحُ صِرٍّ دُونَهُنَّ الْمَنَائِحُ

المعني:
إِذَا مَا: إِذَا: تسمي إِذَا الفجائية الظرفية, مَا (زائدة) تعمل لتفخيم الفعل
تَغَشَّانَا الْمَلِيكُ: تَغَشَّانَا: (أي: أهل حضرة جمع الجمع), بمعني: الستر و التغطية, و هو خلعة النبي صلي الله عليه و سلم للوقاية من شدة التجلّي الإلهي, الْمَلِيكُ: مليك حضرة جمع الجمع و هو سيدنا رسول الله صلي الله عليه و سلم, في الآية: (ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا) 54 الأعراف
تَعُمُّنَا لَوَافِحُ صِرٍّ: تَعُمُّنَا: تشمل أهل الحضرة, لَوَافِحُ: لَفَحَتْه النارُ تَلْفَحُه لَفْحاً ولَفَحاناً: أَصابت وجهه, وأَصابه لَفْحٌ من سَمُوم وحَرُورٍ و رياح لافحةٌ و جمعها لوافحٌ، في الآية: (تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ) 104 المؤمنون, الصِّرُّ: شدَّة البَرْدِ، في الحديث: قال صلي الله عليه و سلم: "إن لله سبعين حجابا من نور وظلمة لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه كل ما أدرك بصره ", الرهبة من شدة التجلّي, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
رِيحُ الصَّبَا نَفَثَتْ بِرُوْعِ مُتَيَّمٍ *** عَجَباً لِرَاحٍ رِيحُهَا لَفَّاحُ (25 ق 15)
دُونَهُنَّ الْمَنَائِحُ: دُونَهُنَّ: دون اللوافح, دون بمعني أمام, أي: بعد اللوافح تأتي, الْمَنَائِحُ: من المَنح و هو العطاء من غير مقابل, منح المصطفي صلي الله عليه و سلم, حيث أصل حضرة القرب هو الكرم, قال رضي الله عنه:
مِنْحَةٌ دُونَهَا الْمَنَائِحُ جَمْعاً *** مَا الْجَوَادُ الْكَرِيمُ يُعْطِي قَلِيلاَ (8 ق 20)

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّانِيَة والثَّمَانُون : ( أُرِحْنَا بِرَاحٍ مِنْ حِمَى الْغَيْبِ سِرُّهَا ) – بيت رقم 3: وَتَلْفَحُ نَارُ الْقُرْبِ وَجْهاً مُقَرَّباً *** وَتَزْكُمُهُ عَنْ غَيْرِهِنَّ الرَّوَائِحُ

المعني:
وَتَلْفَحُ نَارُ الْقُرْبِ: وَتَلْفَحُ: لَفَحَتْه النارُ تَلْفَحُه لَفْحاً ولَفَحاناً: أَصابت وجهه, نَارُ الْقُرْبِ: تجلي جلال, في موطن المشاهدة, حضرة القرب, تلفح تستغرق بالحضور, و النّارُ هنا كناية عن شدة الاصطلام بالمحبّة
وَجْهاً مُقَرَّباً: أي: مقرّب من حضرة القرب دون غيره, و هو سيدي فخر الدين رضي الله عنه
وَتَزْكُمُهُ عَنْ غَيْرِهِنَّ: الزُّكامُ، داء رطوبة الأنف يمنع إحساس الشمّ, أي: روائح حضرة القرب, و هي مبادئ التجلّي الذّاتي, َتَزْكُمُ (وَجْهاً مُقَرَّباً) عَنْ غَيْرِهِنَّ: فلا يلتفت لغيرية, قال رضي الله عنه:
قُلْ لِمَزْكُوِم الْمَعَانِي *** عِنْدَنَا تَلْقَى شَذِيَّا (35 ق 17)
الرَّوَائِحُ: أي: روائح حضرة القرب, قال السادة الأكابر رضي الله عنهم:
إنَّ رِيحَ القُرْبِ نَمْ *** و انتَفَيَ عَنِّي الزُّكَمْ
فَهوَ أحْلَي مَا يُشَمْ *** مِنْ أُصَيحًابِ الكَرَمْ

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّانِيَة والثَّمَانُون : ( أُرِحْنَا بِرَاحٍ مِنْ حِمَى الْغَيْبِ سِرُّهَا ) – بيت رقم 4: إِذَا مَا تَجَلَّيْنَا عَلَى طُورِ حِبّنَا *** يَبِيتُ وَقَدْ لاَحَتْ عَلَيْهِ اللَّوَائِحُ

المعني:
إِذَا مَا: إِذَا: تسمي إِذَا الفجائية الظرفية, مَا (زائدة) تعمل لتفخيم الفعل, نقل المشهد إلي ما يلقاه المريد من تجليات
تَجَلَّيْنَا: (أي: نحن أهل حضرة الجمع من سيدي فخر الدين و ورثته), تَجَلَّيْنَا: التجلّي الظهور, صرنا نحن باطنه
عَلَى طُورِ حِبّنَا: عَلَى: من الاستعلاء, أي: فوق, طُورِ: الطّور الجبل, في الآية: (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا) 143 الأعراف, المراد بالجّبل: القلب, من كلام سيدي إبراهيم علي لسان الإمام النابلسي: (تجلت علينا تنجلي فوق طورنا), حِبّنَا: الذي نُحبّه و يُحبُّنا
يَبِيتُ: يبت يعني يقضي الليلة بالمكان, أي: يصير باطنه
وَقَدْ لاَحَتْ عَلَيْهِ: الواو واو الحال, قَدْ: للتأكيد, لاَحَتْ عَلَيْهِ: أومضت و أشرقت عليه بوادر أنوار التجلّي
اللَّوَائِحُ: البروق, أنوار الحضرات, قال رضي الله عنه:
تَجَلَّى فَأَرْدَى الْجَاهِلِينَ عَطَاؤُهُ *** وَأوْمَضَ عِنْدَ الْبَارِقَيْن يُصْيبُنِي (3 ق 36)

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّانِيَة والثَّمَانُون : ( أُرِحْنَا بِرَاحٍ مِنْ حِمَى الْغَيْبِ سِرُّهَا ) – بيت رقم 5: يَجُوبُ حُضَيْرَاتِ الأَحِبَّةِ زَائِراً *** وَيَطْرُقُ أَبْواباً لَهَا اللَّهُ فَاتِحُ

المعني:
يَجُوبُ: من جُبتُ الأَرضَ إِذ قَطَعْتَها بالسير، يعني: يتنقل في السير بين الحضرات
حُضَيْرَاتِ الأَحِبَّةِ: حُضَيْرَاتِ: جمع حُضيرة, و هي الحضرة التي لا تطول الإقامة فيها, تكون للاستعداد لحضرة قادمة, الأَحِبَّةِ: السادة الأكابر و الأقطاب, يقول سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
تِلْكَ الْحُضَيْرَةُ يَا بُنَيَّ مِزَاجُهَا *** عِنْدِي وَهَذَا مَا أَسَرَّ حَبِيبِي (2 ق 83)
زَائِراً: الزائر الذي يقيم في المكان ثم يبارحه لغيره, التنقّل بين الحضيرات
وَيَطْرُقُ أَبْواباً: يَطْرُقُ: يدّق علي الباب استئذاناً بالدخول, أَبْواباً: أبواب المراتب, قال تعالي: (وَالسَّمَاء وَالطَّارِقِ) 1 الطَّارِقِ
لَهَا اللَّهُ فَاتِحُ: لَهَا: اللام للتعدية, اللَّهُ: أي: الذكر بالاسم "الله", فَاتِحُ: آذن بالدخول, الفتح للسالك, قال تعالي: (مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا) 2 فاطر

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّانِيَة والثَّمَانُون : ( أُرِحْنَا بِرَاحٍ مِنْ حِمَى الْغَيْبِ سِرُّهَا ) – بيت رقم 6: مُرِيدِيَ فِي كُلِّ الْمَوَاطِنِ إِنْ تُرِدْ *** لِدِينِكَ إِنْصَافاً إِذِ الْحَقُّ رَابِحُ

المعني:
مُرِيدِيَ: أي: يا مريدي, حذف ياء النداء, مُرِيدِيَ: أي: المريد المنتسب لي أو المضاف لي, المريد هو الطالب المتعلّق بالمُراد و آت علي إرادته, و في صفة الشيخ له, قال رضي الله عنه:
وَلَسْتُ بِنَاءٍ عَنْ مُرِيدِيَ لَحْظَةً *** وَإِنَّ مُريدِي مَنْ أَرَادَ إِرَادَتِي (266 ق 1)
فِي كُلِّ الْمَوَاطِنِ إِنْ تُرِدْ: (أي: إِنْ تُرِدْ فِي كُلِّ الْمَوَاطِنِ), فِي: ظرفية, كُلِّ: حرف لاستيعاب أفراد العدد (لا استثناء), الْمَوَاطِنِ: جمع الْمَوَطِنِ, و هو اتخاذ المكان والمَوْطِنُ المَشْهَدُ من مَشَاهد الحرب, قال تعالي: (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ) 25 التوبة, أي: أن المواطن هي المواقف حيث اختبار الثبات و نُصرة مع الحقّ, إِنْ: شرطية بمعني إذا, إِنْ تُرِدْ: إِنْ تختار, جواب شرطها في البيت التالي
لِدِينِكَ إِنْصَافاً: (أي: إِنْصَافاً لِدِينِكَ), إِنْصَافاً: الإنْصاف: إعطاء الحق، لِدِينِكَ: أي: أن تعطي دينك حقّه المُستَحَق عليك, و الدِّيِنُ أصله من الدَّيْنِ المستحقِّ سداده
إِذِ الْحَقُّ رَابِحُ: إِذِ: ظرفية للدلالة على الزمن المستقبل, الْحَقُّ: خلاف الباطل, رَابِحُ: غير خاسر, أي: الحقّ هو الذي يكسب, و الحقّ يعلو و لا يُعلي عليه, و في الآية: (وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا) 81 الإسراء, و جملة - إِذِ الْحَقُّ رَابِحُ – جملة اعتراضية للتوضيح و التحضيض

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّانِيَة والثَّمَانُون : ( أُرِحْنَا بِرَاحٍ مِنْ حِمَى الْغَيْبِ سِرُّهَا ) – بيت رقم 7: فَخَلِّ سَبِيلَ الْمُسْتَبِيحِينَ مَذْهَبِي *** وَلُذْ بِحِمَانَا إِنْ ثَنَى الْعِطْفَ كَاشِحُ

المعني:
فَخَلِّ: (أي: يا مريدي), الفاء لربط جواب الشرط و الجملة في مكان جواب الشرط, خَلِّ: أترك
سَبِيلَ الْمُسْتَبِيحِينَ: سَبِيلَ: الطريق التي يسلكونها, النهج, الْمُسْتَبِيحِينَ: جمع مستبيح, صفة لقومٍ, و هي من الإِباحةُ: شِبْهُ النُّهْبَى, وقد استباحه أَي انْتَهَبَه، و لم يبالي بحُرمته, مَذْهَبِي: مكان ذهابي, أي: طريق السير, أي: طريقتي, قال رضي الله عنه:
أُوصِيكَ مَا أَوْصَى الْكَلِيُم مَخِلفاً *** أَقْسِطْ وَلاَ تَتْبَعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِين (7 ق 7)
وَلُذْ بِحِمَانَا: الواو عاطفة, لُذْ: فعل أمر, من اللَّوْذُ بالمكانِ: الاسْتتارُ، والاحْتصانُ به, جواب شرط إِنْ التالية
إِنْ: شرطية بمعني إذا
ثَنَى الْعِطْفَ كَاشِحُ: الْعِطْفَ: الجانب, ثَنَى الْعِطْفَ: أعرض, كَاشِحُ: الكاشح العدوّ الباطنُ العداوة كأَنه يطويها في كَشْحه، أَو كأَنه يُوَلِّيك كَشْحَه ويُعْرِض عنك بوجهه، قال تعالي: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُّنِيرٍ * ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ) 8-9 الحج

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّانِيَة والثَّمَانُون : ( أُرِحْنَا بِرَاحٍ مِنْ حِمَى الْغَيْبِ سِرُّهَا ) – بيت رقم 8: وَإِلاَّ فَجَاهِرْ فَالْمَحَبَّةُ طَاعَةٌ *** وَقَلْبُكَ – إِنْ تُضْمِرْ – عَلَى فِيكَ نَاضِحُ

المعني:
وَإِلاَّ: الواو للعطف, إِلاَّ: مركبة من حرفين (إن) الشرطية بمعني إذا, و (لا) النافية, أي: و إذا لم يكن الأمر كذلك, أي: إذا لم تخلّ سبيل المستبحين
فَجَاهِرْ: الفاء رابطة لجواب الشرط, و جملة جاهِر في مكان جواب الشرط, جَاهِرْ: أعلن و كُن واضحاً, من الجَّهرَ خِلاف السّر
فَالْمَحَبَّةُ طَاعَةٌ: الفاء للتفسير, المحبّة تعني الطّاعة, و المعني: طاعة الخليفة الوارث شيخ الطريقة, قال تعالي: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) 21 آل عمران, و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
قَوَامُ طَرِيقِ الْقَوْمِ حُبٌّ وَطَاعَةٌ *** وَكُلُّ مَقَامٍ قَامَ بِالاِسْتِقَامَةِ (375 ق 1)
و قيل كذلك:
تَعْصِي الإِله وَأنْتَ تُظْهِرُ حُبَّهُ *** هذا محالٌ في القياس بديعُ
لَوْ كانَ حُبُّكَ صَادِقاً لأَطَعْتَهُ *** إنَّ الْمُحِبَّ لِمَنْ يُحِبُّ مُطِيعُ
وَقَلْبُكَ – إِنْ تُضْمِرْ – عَلَى فِيكَ نَاضِحُ: وَقَلْبُكَ – إِنْ تُضْمِرْ: (أي: أيها المريد), ما تُضمِر في قلبك, ما تُسرّه, عَلَى فِيكَ: علي منطقك الفم الذي تنطق به, نَاضِحُ: النّضح ما يرشح مما في الإناء من شراب أو سائل كالماء, و لذا قيل في المثل: " كلّ إناءٍ بما فيهِ يَنضَحُ", (أي: لا معني لأن تُبطن خِلاف ما تُظهر, أي: لا داعي للنِّفاق لأن ذلك سيظهر علي منطقك), فالأجدر أن تكون واضحاً

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّانِيَة والثَّمَانُون : ( أُرِحْنَا بِرَاحٍ مِنْ حِمَى الْغَيْبِ سِرُّهَا ) – بيت رقم 9: عَفَا اللَّهُ إِنْ تَابَ الَّذِينَ تَجَاوَزُوا *** بِغَيْرِ شِقَاقٍ مَا لِسِتْرَيَّ فَاضِحُ

المعني:
عَفَا اللَّهُ: العَفْوِ هو التَّجاوُزُ عن الذنب وتَرْكُ العِقابِ عليه، وأَصلُه المَحْوُ والطَّمْس، (إلغاء العقوبة و الإدانة بلغة القانون), و ذلك من عَفَتِ وعَفَتِ الريحُ الأَثر إذا مسحته, و العَفُوُّ في أَسماءِ الله تعالى
إِنْ تَابَ الَّذِينَ تَجَاوَزُوا: إِنْ: شرطية بمعني إذا, تَابَ: رجع عن الذّنب, و شروط التوبة ثلاث: الندم علي ما فات, و عدم الرجوع في الذّنب, و إصلاح ما نتج من فساد بسبب الذّنب, الَّذِينَ تَجَاوَزُوا: تجاوزَ من جازَ تدلّ علي الإمعان في الإتيان بالفعل, و هو تخطيّ القَدر و حسبانه أقلّ مما هو عليه, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
عَفَا اللَّهُ عَمَّنْ جَاوَرَ الْقَدْرَ نَاسِياً *** إِذَا كَانَ مَحْفُوفاً بِحُسْنِ الطَّوِيَّةِ (235 ق 1)
بِغَيْرِ شِقَاقٍ: بِغَيْرِ: الباء حرف جر للإلصاق, غَير: نفي, شِقَاقٍ: الشّقاق: غلبة العداوةِ والخلاف، قال تعالي: (وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) 115 النساء
مَا لِسِتْرَيَّ فَاضِحُ: مَا: نافية, حذف الفاعل المقدر ب (أنا), أي: ما أنا لِسِتْرَيَّ فَاضِحُ, لِسِتْرَيَّ: اللام للتخصيص, سِتْرَيَّ: الغطاء, أي: لا أفضحُ ما سَترتُ, فَاضِحُ: من فضَحَ الشيءَ يَفْضَحُه فَضْحاً فافْتَضَح إِذا انكشفت مساويه, الصفح الجميل, قال رضي الله عنه:
فَحَيَّا اللَّهُ عَبْداً ظَنَّ خَيْراً *** فَبِالصَّفْحِ الْجَمِيلِ قَدِ اشْتَهَرْتُ (48 ق 41)

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّانِيَة والثَّمَانُون : ( أُرِحْنَا بِرَاحٍ مِنْ حِمَى الْغَيْبِ سِرُّهَا ) – بيت رقم 10: أُولَئِكَ مِمَّنْ بَايَعُوا ثُمَّ خُلِّفُوا *** وَأَدْمُعُ أَوَّابٍ بِكَفَّيَّ مَاسِحُ

المعني:
أُولَئِكَ: اسم إشارة للجمع البعيد, يعني من ذكرهم في البيت السابق:
عَفَا اللَّهُ إِنْ تَابَ الَّذِينَ تَجَاوَزُوا *** بِغَيْرِ شِقَاقٍ مَا لِسِتْرَيَّ فَاضِحُ
مِمَّنْ بَايَعُوا: مِمَّنْ: من: للبعضية, مَن: اسم موصول, أي: الذين, بَايَعُوا: بايعوا الخليفة الوارث, الطريق بيعة و عهد و ميثاق, و كل الدّين يقوم علي ذلك, قال تعالي: (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) 10 الفتح, و قال سيدي فخر الدين رضي الله عن:
يُبَايِعُ إِبْرَاهِيمَ مَنْ كَانَ وَاثِقاً *** بِأَنَّ أَبَا الْعَيْنَيْنِ يَجْلُو بِخَلْوَتِي (41 ق 1)
ثُمَّ خُلِّفُوا: ثُمَّ: حرف عطف يفيد التّراخي, أي: بعد بيعتهم بوقت, خُلِّفُوا: (وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) 118 التوبة, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
خُلفَ الأَعْرابُ شُغْلاً بِالدَّنَايَا *** مَنْ يَصِلْهُمْ إِنْ قَطَعْنَا تَارِكِينَ ؟ (8 ق 62)
وَأَدْمُعُ أَوَّابٍ: الأوّاب, الشديد الرجوع من الذنب, وَأَدْمُعُ أَوَّابٍ: كناية عن الندم, و الندم أول ركن من أركان التوبة, قال رضي الله عنه:
وَإِنِّي لِلأْوَّابِ حِصْنٌ وَمَلْجَأٌ *** وَأَحْفَظُهِ مِنْ كُلِّ قَاصٍ وَشَارِدِ (16 ق 14)
بِكَفَّيَّ مَاسِحُ: بِكَفَّيَّ: الباء للوسيلة أو الواسطة, أي بواسطة كَفَّيَّ: الكّفّ تُمدّ بالعطاء و الخير, الياء يا النسبة للمتكلّم – سيدي فخر الدين رضي الله عنه – و كَفَّيَّ أي: اليدين الاثنين, كناية, عن الظاهر و الباطن, و الياء كذلك إشارة إلي تنزّل الأمر إلي الخليفة الوارث, مَاسِحُ: مسح الأدمع, كناية عن إذهاب الألم و الحُزن, و كناية عن الرّحمة بالتائب, قال رضي الله عنه:
وَإِذَا بَسَطْتُمْ كَفَّ صَفْحٍ فَامْسَحُوا *** دَمْعَ الْمُسِيءِ وَدُونَ مَا إِيلاَمِ (46 ق 15)

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّانِيَة والثَّمَانُون : ( أُرِحْنَا بِرَاحٍ مِنْ حِمَى الْغَيْبِ سِرُّهَا ) – بيت رقم 11: فَإِنِّي وَإِبْرَاهِيمَ فِي الأَصْلِ وَاحِدٌ *** إِذَا طَلَبُوا صَفْحاً فَلاَ شَكَّ صَافِحُ

المعني:
فَإِنِّي وَإِبْرَاهِيمَ: فَإِنِّي: الفاء للتأكيد, إنَّ: للتأكيد, مع ياء المتكلم, أي: حقيقة ذاتي, وَإِبْرَاهِيمَ: الواو واو العطف, إِبْرَاهِيمَ: الخليفة الوارث, رضي الله عنه, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
فَإِبْرَاهِيمُ عِنْدِي مَنْ يَرِثْنِي *** عَلَى الأَيَّامِ مِمَّنْ قَدْ وَصَلْتُ (13 ق 41)
فِي الأَصْلِ وَاحِدٌ: فِي الأَصْلِ: أصل الشئ ما يقوم عليه, الخلافة, وَاحِدٌ: مقام الواحدية, من تعدد الكثرة في الواحد, و هو حضرة المصطفي صلي الله عليه و سلم باعتبار وجوده في حضرة التعيين الأول, قال رضي الله عنه:
وَإِنَّ حِبَالَ الْوَصْلِ بِالأَصْلِ أُوصِلَتْ *** وَإِنَّى حَبْلُ اللَّهِ وَالْوَصْلُ فَيْئَتِي (133 ق 1)
إِذَا طَلَبُوا صَفْحاً: إِذَا: شرطية, طَلَبُوا: يعني: المخطئين, الطَّلَبُ: مُحاوَلَةُ وِجْدانِ الشَّيءِ وأَخْذِه, صَفْحاً: الصفح هو الإعراض عن ذنب المُذنب, يعني: إِذَا طَلَبُوا صَفْحاً من الشيخ إبراهيم, أي: الخليفة الوارث (مُطلقاً)
فَلاَ شَكَّ صَافِحُ: فَلاَ شَكَّ: فإنّي لا شكَّ, لا شكّ أنا أصفح عنهم, (لأنّي و الشيخ إِبْرَاهِيمَ في الأصل واحد), صَافِحُ: الفاعل للصفح, قال رضي الله عنه:
صَفْحاً إِذَا آبَ الْمُسِيءُ بِتَوبَةٍ *** بَيْنَ الرِجَالِ عُرفِتُ بِالصَّفَحَاتِ (25 ق 26)
و قال رضي الله عنه:
أَلاَ إِنَّ مَوْلاَنَا الْحُسَيْنَ لَشَاهِدٌ *** شُهُودَ عَيَانٍ كَمْ أَجُودُ بِصَفْحَتِي (208 ق 1)

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّانِيَة والثَّمَانُون : ( أُرِحْنَا بِرَاحٍ مِنْ حِمَى الْغَيْبِ سِرُّهَا ) – بيت رقم 12: وَمَنْ شَرِبَ التَّفْرِيقَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ *** هُنَالِكَ لاَ تُجْدِي الرُّقَى وَالْمَسابِحُ

المعني:
وَمَنْ شَرِبَ: وَمَنْ: و الذي, شَرِبَ: الشراب الانسياق في تناول الماء و غيره, و يعني: استمرأ الأمر, أمعن في الخطأ
التَّفْرِيقَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ: جعل فارق و مسافة بيننا, التفريق بين سيدي فخر الدين و الخليفة, وَمَنْ شَرِبَ التَّفْرِيقَ خالف وجوب النظر إلي أنّ الخليفة هو في حقيقته سيدي فخر الدين, و هو حبل الوصل, قال تعالي في الآية: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ 103 آل عمران, قال رضي الله عنه:
مَنْ رَآنِي لَدَيْهِ فَازَ بِسِرّى *** فِي جَنَى جَنَّتَيْهِ سِرٌّ كَتِيمُ (13 ق 12)
هُنَالِكَ: ظرف مكان أصلها هُناكَ و لحقتها لام البعد وكاف الخطاب, يريد صعوبة المورد مورد التفريق و خطورة الوقوع فيه, فكأنما يصعب إخراج الواقع في ذلك المكان
لاَ تُجْدِي: لاَ: نافية, تُجْدِي: تنفع, لا تنفع
الرُّقَى وَالْمَسابِحُ: الرُّقَى: أن يُرقي علي المريض للشفاء, وَالْمَسابِحُ: التي يُسبّح بها بذكر الله, فلا ينفع الواقع في هذه المصيبة ان يُقرأ له أو يقرأ هو أوراد, لفساد العقيدة, الذي يُحبط كلّ عمل

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّانِيَة والثَّمَانُون : ( أُرِحْنَا بِرَاحٍ مِنْ حِمَى الْغَيْبِ سِرُّهَا ) – بيت رقم 13: وَرَبُّكَ إِبْرَاهِيمُ لِلذَّنْبِ غَافِراً *** وَلَكِنَّهُ غَيْبٌ لَدَيْهِ الْمَفَاتِحُ

المعني:
وَرَبُّكَ: الواو واو استئنافية, رَبُّ: الربُّ هو القائم بالتربية, قال تعالي, في معرض قصة مراودة امرأة العزيز لسيدنا يوسف عليه السلام: (قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ) 23 يوسف, كاف المُخاطب تعود علي المريد, أي: و ربُّكَ, الشيخُ المُربّي, لك يا مُريدي, و تقع بدل في الإعرب
إِبْرَاهِيمُ: و تقع مُبدل منه في الإعراب, أي: الخليفة الوارث
لِلذَّنْبِ غَافِراً: لِلذَّنْبِ: اللام للتخصيص, الذَّنْبِ: الخطأ المُرتَكب, من العناد و الإفك بقولٍ لم يقله الشيخ, غَافِراً: تقع حال من حيث الإعراب, و غَافِر اسم للفعل غَفرَ, وأَصل الغَفْرِ التغطية والستر, غَفَرَ ذنبه أَي ستره, أي: أنّ الشيخ المُربّي, الخليفة الوارث, حاله المغفرة للمُذنب
وَلَكِنَّهُ غَيْبٌ: الواو عاطفة, لكنّ: للاستدراك و التأكيد, الضمير المتصل (هُ) يعود لربُّ, أي: للخليفة الوارث, و هو غيبّ: أي: خفاءٌ
لَدَيْهِ الْمَفَاتِحُ: لَدَيْهِ: أي: عنده, الضمير يعود علي (إِبْرَاهِيم), الخليفة, الْمَفَاتِحُ, مفاتح الغيب و هي الأسماء الإلهية, قال تعالي في الآية: (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ) 95 الأنعام, إذ الخليفة متصرف بالأسماء الإلهية, كما هو معلومٌ من قصة سدنا آدم عليه السلام في قوله تعالي: (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ 31 البقرة

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّانِيَة والثَّمَانُون : ( أُرِحْنَا بِرَاحٍ مِنْ حِمَى الْغَيْبِ سِرُّهَا ) – بيت رقم 14: وَمَنْ هُوَ مَغْبُونٌ أَرَاهُ وَقَدْ غَوَى *** فَلاَ هُوَ فِي صَمْتٍ وَلاَ هُوَ صَائِحُ

المعني:
وَمَنْ هُوَ مَغْبُونٌ: وَمَنْ هُوَ: الذي هو, مَغْبُونٌ: مخدوع
أَرَاهُ وَقَدْ غَوَى: أَرَاهُ: رأي العين, الفاعل ضمير مستتر تقديره (أنا), أي: المتكلم سيدي فخر الدين, وَقَدْ: الواو واو الحال, قَدْ: للتأكيد, غَوَى: ضلّ, من الغيّ الضلال, قال تعالي: (قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) 39-40 الحِجر
فَلاَ هُوَ فِي صَمْتٍ وَلاَ هُوَ صَائِحُ: فَلاَ: الفاء سببية, أي: بسبب غيّه, لا: النافية, هُوَ: تعود علي المغبون, فِي: ظرفية, صَمْتٍ: الصّمت عدم النطق, وَلاَ: واو العطف و لا النافية, هُوَ صَائِحُ: الصِّياحُ: صوتُ كل شيء إِذا اشتدّ, بمعني: النفاق, غير واضح, لا مسلّماً للأمر و لا مُعلناً لما في داخل نفسه

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّانِيَة والثَّمَانُون : ( أُرِحْنَا بِرَاحٍ مِنْ حِمَى الْغَيْبِ سِرُّهَا ) – بيت رقم 15: فَدَيْدَنُ أَهْلِ الزَّيْغِ فِي كُلِّ مِلَّةٍ *** عُيُونُهُمُ غَانَتْ عَلَيْهَا الْقَرَائِحُ

المعني:
فَدَيْدَنُ: الدَّيْدنُ الدأْب والعادة
أَهْلِ الزَّيْغِ: أَهْلِ: أهل المكان هم ما أقام فيه, الزَّيْغِ: الميل, أي: طبيعتهم الميل و الفجور
فِي كُلِّ مِلَّةٍ: فِي كُلِّ: حرف لاستيعاب أفراد العدد, مِلَّةٍ: المِلة في اللغة السُنَّة و الطريقة, قال تعالي في الآية: (وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ) 38 يوسف
عُيُونُهُمُ غَانَتْ عَلَيْهَا: عُيُونُهُمُ: بصائرهم, غَانَتْ عَلَيْهَا: غُشيت بغشاوة فمنعتها التمييز بين الحقّ و الباطل, من غانَتِ السماءُ غَيْناً وغِينَتْ غَيْناً: طَبَّقَها الغَيمُ
الْقَرَائِحُ: جمع قَرِيحةُ: و قَرِيحةُ الإِنسانِ: طَبِيعَتُه التي جُبِلَ عليها، لأَنها أَول خِلْقَتِه, والقَرِيحة والقُرْحُ أَوّل ما يظهر من الشئ, كقوله تعالي: (وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الأَوَّلِينَ) 184 الشعراء, اتّباع هوي النفس و طبائعها الطينية, قال رضي الله عنه:
وَمَنْ يَتَعَالَى كَانَ عِلْمِي فَوْقَهُ *** وَظَلَّ وَضِيعاً لاَ يُفَارِقَ طِينَةً (9 ق 73)

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّانِيَة والثَّمَانُون : ( أُرِحْنَا بِرَاحٍ مِنْ حِمَى الْغَيْبِ سِرُّهَا ) – بيت رقم 16: فَيَظْهَرُ مَا لاَ يُبْطِنُونَ بِزَعْمِهِمْ *** لِذَاكَ فَلاَ صَفْحٌ إِذَا مَا تَصَافَحُوا

المعني:
فَيَظْهَرُ: الفاء تفسيرية, يَظْهَرُ: يبدو للمستمع و الناظر من ظاهر الأمر, من كلام و سلوك
مَا لاَ يُبْطِنُونَ: مَا: الذي, لاَ: نفي, مَا لاَ يُبْطِنُونَ: مَا لاَ يكنّون في قلوبهم, إشارة لأهل الزيغ الذين ذكرهم في البيت (15) السابق:
فَدَيْدَنُ أَهْلِ الزَّيْغِ فِي كُلِّ مِلَّةٍ *** عُيُونُهُمُ غَانَتْ عَلَيْهَا الْقَرَائِحُ
بِزَعْمِهِمْ: الباء حرف جر لاصق, زَعْمِهِمْ: الزَّعم: القول الكذِب, قال تعالي: (وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَٰذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَٰذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَىٰ شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) 136 الأنعام
لِذَاكَ: اللام للتعليل, ذاك: اسم إشارة للبعيد, أي: بسبب سلوكهم المذكور
فَلاَ صَفْحٌ إِذَا مَا تَصَافَحُوا: فَلاَ: الفاء سببية, لا: النافية, صَفْحٌ: الصَّفح الإعراض عن الذّنب و الخطأ, إِذَا مَا: إِذَا: تسمي إِذَا الفجائية الظرفية, مَا (زائدة) تعمل لتفخيم الفعل, تَصَافَحُوا: فعل المُصافَحَةُ: الأَخْذُ باليَدِ، قال تعالي في الآية: (يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ) 11 الفتح, و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
تَصَافَحْتُمْ وَلاَ صَفْحٌ لَدَيْكُمْ *** تَوَاصَيْتُم نَقَائِضَ مَا أَرَدْتُّ (39 ق 41)

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّانِيَة والثَّمَانُون : ( أُرِحْنَا بِرَاحٍ مِنْ حِمَى الْغَيْبِ سِرُّهَا ) – بيت رقم 17: وَإِنَّ قُلُوباً كَبَّلَ الْوَهْمُ سَيْرَهَا *** إِذَا غَبِنَتْ مَاذَا تُفِيدُ النَّصَائِحُ

المعني:
وَإِنَّ:
قُلُوباً كَبَّلَ: قُلُوباً كَبَّلَ: من الكَبْل: قَيْد ضخم من أَيّ شيء كان، و كَبَله حَبسه في سجن أَو غيره، قُلُوباً حُبسها الوهم و منعها من السير, قال رضي الله عنه:
وَسَوْفَ يَكُونُ الإِنْفراجُ بِفَضْلِهَا *** فَإِنَّ قُلُوباً كُبّلَتْ فِي سُجُونِهَا (17 ق 32)
الْوَهْمُ سَيْرَهَا: الْوَهْمُ: الظنّ و الخيال و ما خالف الحقيقة, سَيْرَهَا: ترقّيها في مدارج السير
إِذَا غَبِنَتْ: إِذَا: شرطية, غَبِنَتْ: خَدعت نفسها, إشارة إلي أصحاب القلوب, أهل الزيغ, في البيت (15):
فَدَيْدَنُ أَهْلِ الزَّيْغِ فِي كُلِّ مِلَّةٍ *** عُيُونُهُمُ غَانَتْ عَلَيْهَا الْقَرَائِحُ
مَاذَا تُفِيدُ النَّصَائِحُ: مَاذَا: استفهام استنكاري, تُفِيدُ النَّصَائِحُ: النَّصَائِحُ جمع نصيحة, و النّصيحة من نَصَحَ الشيءُ: خَلَصَ و هي نقيض الغِشّ, و هي القول من شخص يبصّر الآخر بالحقّ و الصواب, قال تعالي: (أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) 62 الأعراف, وفي الحديث: "إِن الدِّينَ النصيحةُ لله ولرسوله ولكتابه ولأَئمة المسلمين وعامّتهم", أي: هذه القلوب التي مردت علي الخداع لا تفيدها النصائح

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّانِيَة والثَّمَانُون : ( أُرِحْنَا بِرَاحٍ مِنْ حِمَى الْغَيْبِ سِرُّهَا ) – بيت رقم 18: لَعَمْرُكَ مَا صَنَعَ الْخَوَارِجُ غَيْرَهَا *** فَقَدْ وَرَدُوا التَّحْكِيمُ والحُكْمُ وَاضِحُ

المعني:
لَعَمْرُكَ: أداة قسم مؤلفة من لام الابتداء، و (عَمْرُ) الذي يعرب مبتدأ، وكاف المُخاطب, قال تعالي: (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) 72 الحِجر, و عَمْر و عُمْر واحدٌ, و هو الحياة, و المُخاطب المُريد
مَا صَنَعَ الْخَوَارِجُ: مَا: نافية, صَنَعَ: فعل, الْخَوَارِجُ: الفئة التي تخرج علي الجّماعة, و معروفً ذكرهم في التاريخ حين خرجوا علي مولانا الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه, إبّان خلافته, و موجز مفادها أنّه عند قيام الفتنة الكبري بين سيدنا الإمام علي و سيدنا معاوية بن أبي سفيان و بعد ان كتب الطرفان وثيقة الصلح ، ووقَّعا عليها قام من سمي فيما بعد بهذا الاسم برفع راية تقول: لا حُكم إلاّ لله، يا علي لا حُكم لك، لا نرضى بأن يحكم الرجال في دين اللـه، إن اللـه قد أمضى حكمه في معاوية وأصحابه أن يقتلوا أو يدخلوا في حكمنا عليهم, وكلما نصحهم الإمام وذكَّرهم بان العهد لاينقض وقد جعلوا اللـه عليه وكيلاً، أبوا إلا الحرب ثمّ لما جاء الإمام علي رأيهم, خزلوه, و فيهم قال الإمام قولته الشهيرة: "كلِمَةُ حقٍّ أُريدَ بِها باطِلٌ"
غَيْرَهَا: غير فعلة من نحي نحو الخوارج اليوم و سعي سعيهم
فَقَدْ وَرَدُوا التَّحْكِيمُ: فَقَدْ: الفاء تفسيرية, قد: للتأكيد, وَرَدُوا: طلبوا, التَّحْكِيمُ: أن يكون هناك حَكم يُحتكم إليه, أن يأتيهم سيدي فخر الدين بقصيدة تحوي الحُكم نصّاً
والحُكْمُ وَاضِحُ: وَاضِحُ لأنّه موجود في العهد و الموثق, و عهد الطريقة, إتّباع الشيخ العمّ المربّي, الخليفة الوارث, و الخليفة الوارث قوله يجب أن يطاع و يُسمع, لأن العهد: سمعٌ و طاعة من المريد و تربية و حماية من الشيخ

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّانِيَة والثَّمَانُون : ( أُرِحْنَا بِرَاحٍ مِنْ حِمَى الْغَيْبِ سِرُّهَا ) – بيت رقم 19: وَمَا لِيَ إِلاَّ مِثْلَ مَا قِيلَ سَابِقاً *** كَقَوْلِ شُعْيبٍ أَوْ كَمَا قَالَ صَالِحُ

المعني:
وَمَا لِيَ إِلاَّ: الواو استئنافية, مَا: النافية, لِيَ: أي: تبقي لي قول أقوله, إِلاَّ: استثناء, و ما النافية و إلا الاستثنائية معاً تفيدان الحصر
مِثْلَ مَا قِيلَ سَابِقاً: مِثْلَ: كلمةُ تَسْوِيَةٍ. يقال: هذا مِثْله ومَثَله كما يقال شِبْهه وشَبَهُه, مَا قِيلَ: الذي قِيلَ, سَابِقاً: في زمانٍ سبق زمان المتكّلم
كَقَوْلِ شُعْيبٍ: كَقَوْلِ: الكاف للتشبيه, قَوْلِ: ما قاله و نطق به, شُعْيبٍ: سيدنا شُعْيبٌ عليه السلام, قال لقومه بعد أن جادلوه و عاندوا أمره, ما جاء في الآية: (إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ) 177 الشعراء, سؤال استنكاري
أَوْ: للعطف مع عدم اشتراط الترتيب
كَمَا قَالَ صَالِحُ: كَمَا: الكاف للتشبيه, ما اسم موصول: أي: كالقول الذي, قَالَ صَالِحُ: سيدنا صَالِحٌ عليه السلام, قال لقومه بعد أن جادلوه و عاندوا أمره, ما جاء في الآية: (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ) 142 الشعراء, نفس السؤال الاستنكاري

مشاركة المقال
mohamed fares
@كاتب المقاله
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع برهانيات كوم .

مقالات متعلقة

إرسال تعليق



Seoplus جميع الحقوق محفوظة ل برهانيات كوم