شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والسَّبْعُون : ( وَهَذَا مَوْعِدُ الأَجَلِ الْمُسَمَّى ) لـ سيدى فخر الدين الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني , شيخ الطريقة البرهانية الدسوقية الشاذلية , موسوعة رشفات من دقائق ديوان شراب الوصل ومعانى الكلمات للشيخ عبد الحميد بابكر , يمكنك عرض فهرس شرح كامل الديوان بالضغط هنا , كما يمكنك أخى الكريم التعليق على الشرح فى التعليقات اسفل المقال أو الاشتراك فى المنتدى العام أو المنتدى الخاص بأبناء الطريقة البرهانية , او زيارة صفحة الجروب العام للطريقة البرهانية على الفيسبوك
موسوعة رشفات من دقائق شراب الوصل للشيخ عبد الحميد بابكر
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والسَّبْعُون : ( وَهَذَا مَوْعِدُ الأَجَلِ الْمُسَمَّى ) التّاريخ : السبت 8 صفر 1407 هـ = 11 أكتوبر 1986 معَدَد الأبيات : 32
1- وَهَذَا مَوْعِدُ الأَجَلِ الْمُسَمَّى *** فَإِنَّ الْبَعْضَ قَدْ لاَ يَذْكُرُونَ
2- إِلَى مَائَتَيْنِ مِنْ أَيَّامِ دَهْرِي *** نُؤَجِّلُكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْجَلُونَ
3- وَلَوْلاَ رَحْمَةٌ سَبَقَتْ إِلَيْكُمْ *** فَلاَ مَالٌ لَدَيْكُمْ أَوْ بَنُونَ
4- فَصَبْرٌ بَلْ وَإِذْعَانٌ وَشُكْرٌ *** عَلَى ذَاكَ الَّذِي لاَ تَرْتَضُونَ
5- نَذِيراً قَدْ جَعَلْنَا قَبْلَ هَذَا *** وَلَكِنْ عَنْ كَلاَمِي تُصْرَفُونَ
6- فَسَلِّمْ يَا بُنَيَّ وَلاَ تُكَابِرْ *** وَإِنَّ الْمُوثَقِينَ لَكَاذِبُونَ
7- أَرَاهُمْ كُلَّمَا خَلَصُوا نَجِيّاً *** وَإِنِّي مُظْهِرٌ مَا يَكْتُمُونَ
8- لأَنَّ الإِفْكَ قَدْ دَرَجُوا عَلَيْهِ *** وَإِنِّي مُبْطِلٌ مَا يَأْفِكُونَ
9- وَيَظْلِمُ بَعْضُهُمْ أَبْنَاءَ عَهْدِي *** وَإِنِّي نَاصِرٌ مَنْ يُظْلَمُونَ
10- فَيَا أَبْنَاءَ عَهْدِي إِنْ سَأَلْتُمْ *** سَلُونِي لَيْتَكُمْ لَوْ تَسْأَلُونَ
11- فَمَنْ يَقْبَلْهُ إِبْرَاهِيمُ مِنْكُمْ *** فَمِنْ كَفَّيْهِ صِرْفاً تَشْرَبُونَ
12- وَمَا يَفْعَلْهُ إِبْرَاهِيمُ قُولُوا *** سَمِعْنَاهُ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
13- وَعَدْلٌ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فِيكُمْ *** وَإِنْ شَاقَقْتُمُوهُ فَاهْجُرُونَا
14- فَلاَ وَاللَّهِ مَا فِي الْحُكْمِ جَوْرٌ *** وَلاَ غَبْنٌ وَلَسْتُمْ تُظْلَمُونَ
15- فَمَا فِي الْكَرْمِ إِلاَّ مَا جَنَيْتُمْ *** وَمَا كُنْتُمْ زَرَعْتُمْ تَحْصُدُونَ
16- إِذَا مَا الأَمْرُ كَانَ عَلَى رِضَانَا *** يَكُونُ كَلاَمُنَا كَافاً وَنُونَا
17- لأَنَّ الأَمْرَ لَيْسَ عَلَى هَوَاكُمْ *** فَإِنَّا قَدْ حَكَمْنَا فَارْتَضُونَا
18- وَإِنِّي لَيْسَ يَنْفَعُنِي رِضَاكُمْ *** وَلَكِنْ عَلَّكُمْ لاَ تُحْرَمُونَ
19- لِسَانِي أَصْبَحَ الرَّاوِي عَلَيْهِ *** أَمِيناً لَيْتَكُمْ لَوْ تَعْقِلُونَ
20- وَسِرِّي آمَنُ الرَّاوِي عَلَيْهِ *** يَقِيناً فَوْقَ مَا تَتَخَيَّلُونَ
21- ( شَرَابُ الْوَصْلِ ) مِمَّا قُلْتُ فِيهِ *** فَهَلْ فِيكُمْ رِجَالٌ يَسْمَعُونَ ؟
22- لَقَدْ حُكِّمْتُ يَوْماً وَهُوَ يَبْكِي *** وَإِنْ بَثَّ الشِّكَايَةَ فَاتَّقُونَا
23- فَلاَ هُوَ طَامِعٌ فِيمَا لَدَيْكُمْ *** وَلاَ هُوَ آمِلٌ مَا تَأْمَلُونَ
24- أُلَقِّنُهُ وَهَذَا الْحِمْلُ يَكْفِي *** فَمَا هُوَ حَامِلٌ مَا تَحْمِلُونَ
25- فَتَلْقِينِي تَنُوءُ بِهِ جِبَالٌ *** وَتَثْبِيتٌ لِقَوْمٍ يَرْهَبُونَ
26- كَلاَمٌ قَالَهُ الرَّاوِي كَلاَمِي *** وَتَلْقِينِي وَأَنْتُمْ تَجْهَلُونَ
27- ضَعِيفٌ كَمْ رَمُوهُ وَكَمْ تَأَذَّى *** وَإِنِّي جَابِرٌ مَا يَكْسِرُونَ
28- وَيَشْفَعُ لِلَّذِينَ عَلَيْهِ جَارُوا *** وَيَأْبَى - إِنْ يَخُونُوا - أَنْ يَخُونَ
29- لِذَا أَلْحَقْتُهُ وَالْفَضْلُ مِنِّي *** وَإِنِّي لَسْتُ أَعْجَزُ أَنْ أَصُونَ
30- فَلاَ تُجْدِي الْقَطِيعَةُ وَالتَّجَافِي *** عَسَاكُمْ بِالْمَوَدَّةِ تَقْتَفُونَ
31- أَلَيْسَ السَّيْرُ أَوْلَى ؟ أَمْ أَبَيْتُمْ ؟ *** وَإِلاَّ مَا عَسَاكُمْ تَبْتَغُونَ
32- إِذَا كَلَّتْ بِكُمْ هِمَمٌ فَأَنْتُمْ *** بِهَا مِنْ بَعْدِ سَبْقٍ تُسْبَقُونَ
[ads1]
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والسَّبْعُون : ( وَهَذَا مَوْعِدُ الأَجَلِ الْمُسَمَّى ) – بيت رقم 1: وَهَذَا مَوْعِدُ الأَجَلِ الْمُسَمَّى *** فَإِنَّ الْبَعْضَ قَدْ لاَ يَذْكُرُونَ
المعني:
وَهَذَا: الواو استئنافية, هَذَا: اليوم و كان ذلك في 8 صفر 1407 هـ الموافق 11 اكتوبر 1986 م
مَوْعِدُ الأَجَلِ الْمُسَمَّى: الموعد الذي تعاهد عليه مع أهل (دعوي الوثيقة), بشهادة الرّاوي, في القصيدة السابقة, قال رضي الله عنه:
دَيْنٌ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً بَيْنَنَا *** بِشَهَادَةِ الرَّاوِي لِيَكْتُبَ عَقْدَهَا (22 ق 78)
فَإِنَّ الْبَعْضَ قَدْ لاَ يَذْكُرُونَ: فَإِنَّ: الفاء تفسيرية, أي: أذكّركم بالموعد, إنّ: للتوكيد, الْبَعْضَ: جزء من الكُلّ, قَدْ: للتقليل, لاَ يَذْكُرُونَ: مَوْعِدُ الأَجَلِ الْمُسَمَّى, المضروب لتوبتهم, قال تعالي: (أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ) 126 التوبة
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والسَّبْعُون : ( وَهَذَا مَوْعِدُ الأَجَلِ الْمُسَمَّى ) – بيت رقم 2: إِلَى مَائَتَيْنِ مِنْ أَيَّامِ دَهْرِي *** نُؤَجّلُكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْجَلُونَ
المعني:
إِلَى مَائَتَيْنِ مِنْ أَيَّامِ دَهْرِي: دهري زمني, ما بين 24 مارس 1986 م تاريخ إبرام العقد إلي 11 اكتوبر 1986 م تاريخ نزول هذه القصيدة, الفرق مائتا يومٍ
نُؤَجّلُكُمْ: كان التأجيل لأجل مسمّي قدره مائتي يوم, قال رضي الله عنه:
دَيْنٌ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً بَيْنَنَا *** بِشَهَادَةِ الرَّاوِي لِيَكْتُبَ عَقْدَهَا (22 ق 78)
وَأَنْتُمْ تَعْجَلُونَ: وَأَنْتُمْ: أهل (دعوي الوثيقة), طرف العقد, تَعْجَلُونَ: يطلبون الحُكم قبل موعده, استخفافاً, قال تعالي: (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلا أَجَلٌ مُّسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُم بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) 35 العنكبوت
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والسَّبْعُون : ( وَهَذَا مَوْعِدُ الأَجَلِ الْمُسَمَّى ) – بيت رقم 3: وَلَوْلاَ رَحْمَةٌ سَبَقَتْ إِلَيْكُمْ *** فَلاَ مَالٌ لَديْكُمْ أَوْ بَنُونَ
المعني:
وَلَوْلاَ: الواو للتأكيد, لولا حرف امتناع لوجود
رَحْمَةٌ سَبَقَتْ: رَحْمَةٌ: هي العطف و هي الرّحمة الرّحيمية (من الاسم الرّحيم) الامتنانية الصرفة النبويّة المحمّدية من الوارث المحمّدي, سيدي فخر الدين, سَبَقَتْ: عطاء مسبقاً, و في الحديث عَنْ سيدنا أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : سَبَقَتْ رَحْمَتِي غَضَبِي", و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
أَمَّا جَمَالُ الدِّينِ فَهُوَ بِرَحْمَتِي *** سَبَقَ الْحَدِيثُ إِلَيْهِ غَيْرُ مُفَنَّدِ (16 ق 76)
إِلَيْكُمْ: إلي أهل دعوي الوثيقة
فَلاَ مَالٌ لَديْكُمْ أَوْ بَنُونَ: فَلاَ: الفاء السببية, لا النافية, لا مَالٌ لَديْكُمْ أَوْ بَنُونَ, لم يكن ينفعكم مَالٌ لَديْكُمْ أَوْ بَنُونَ, أي: و لا كان ينفعكم اجتهادكم (مال) و لا بنوكم (الواردات المتولّدة عن اجتهادكم), قال تعالي: (يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ) 88 الشعراء , لولا رحمة سبقت
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والسَّبْعُون : ( وَهَذَا مَوْعِدُ الأَجَلِ الْمُسَمَّى ) – بيت رقم 4: فَصَبْرٌ بَلْ وَإِذْعَانٌ وَشُكْرٌ *** عَلَى ذَاكَ الَّذِي لاَ تَرْتَضُونَ
المعني:
فَصَبْرٌ: إعرابها: الفاء عاطفة, صَبْرٌ خبر لمبتدأ محذوف وجوبا تقديره أمركم أو شأنكم, قال تعالي في الآية: (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ) 18 يوسف, صَبْرٌ عَلَى: الصبر علي الشئ الذي لا تقبله النفس, و هو نقِيض الجَزَع
بَلْ: بَلْ: حرف إضراب, للانتقال إلي ما هو أهم و أكبر, و الإذعان و الشكر أكبر من الصبر علي ما لا تقبله النفس
وَإِذْعَانٌ وَشُكْرٌ: الواو عاطفة, إِذْعَانٌ: الإِذْعَانٌ التسليم و الانقياد مع السرعة, قال تعالي: (وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ) 94 النور, الواو عاطفة, شُكْرٌ (علي): الشُّكر يكون علي حُسن الصنيع و النعمة
عَلَى ذَاكَ الَّذِي لاَ تَرْتَضُونَ: لا تَرْتَضُونَ أي: لا تقبلون, يعني: أوصيكم بالصبر علي الذي لا ترتضون و هو "الحُكم النهائي" لأن مدة العقد المتفق عليها و هي مائتا يوم انتهت و لم ينفذوا (أهل دعوي الوثيقة) ما وعدوا به من توبة, ذَاكَ: لأنه سيأتي بعد هذا الكلام, و لكن الأفضل لكم من الصبر الإذعان و الأفضل لكم من الإذعان الشّكر, لأن هذا الحكم نعمة و ليس نغمة
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والسَّبْعُون : ( وَهَذَا مَوْعِدُ الأَجَلِ الْمُسَمَّى ) – بيت رقم 5: نَذِيراً قَدْ جَعَلْنَا قَبْلَ هَذَا *** وَلَكِنْ عَنْ كَلاَمِي تُصْرَفُونَ
المعني:
نَذِيراً: النّذير التخويف و التحذير, النّذير كان في القصيدة رقم (13) و النّذير هو نذير من اللقاء, و اللقاء هو يوم المواجهة و الحرب, و قال تعالي: (فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ) 16 القمر, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
حَسْرَةٌ يَوْمَ الِّلقَا فِي سَاحَتِي *** وَنَذِيرٌ يَوْمَ لاَ تُغْنِي النُّذُرْ (22 ق 13)
قَدْ جَعَلْنَا قَبْلَ هَذَا: قَدْ: للتأكيد, جَعَلْنَا: أنشأنا و أبرزنا, الحديث بلسان الجمع إشارة إلي سيدي فخر الدين و أهل جمعه ورثته, قَبْلَ هَذَا: قَبْلَ هَذَا اليوم, يوم الحُكم النهائي بانقضاء المدّة التي اتفق عليها في العقد و هي مائتي يومٍ
وَلَكِنْ عَنْ كَلاَمِي تُصْرَفُونَ: لَكِنْ: للاستدراك و التأكيد, تُصْرَفُونَ عَنْ كَلاَمِي: تديرون وجهكم عنه, كَلاَمِي: شراب الوصل, قصائد الشيخ جملةً تُسمّي كلام, و تديرون وجهكم لغيرها "الوثيقة المنسوبة زوراً للشيخ من أهل الدعوي", و الخطاب هنا موجّه لأهل دعوي الوثيقة, قال تعالي: (فَذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ) 32 يونس
[ads2]
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والسَّبْعُون : ( وَهَذَا مَوْعِدُ الأَجَلِ الْمُسَمَّى ) – بيت رقم 6: فَسَلِّمْ يَا بُنَيَّ وَلاَ تُكَابِرْ *** وَإِنَّ الْمُوثَقِينَ لَكَاذِبُونَ
المعني:
فَسَلِّمْ يَا بُنَيَّ: الفاء سببية, سَلِّمْ: لا تعاند, يَا: حرف نداء للقريب و البعيد, بُنَيَّ: تصغير لكلمة إبْنِى, و هو التصغير الذي يحمل العطف و الشفقة, و المعني به القّيم, المسئول, لأنه إذا سلّم, سلِم و سلِم من وراءه
وَلاَ تُكَابِرْ: لاَ: الناهية, تُكَابِرْ: تُعانِدْ, أي: لاَ تُعانِدْ أمرَ الخليفة الوارث
وَإِنَّ الْمُوثَقِينَ: الواو عاطفة, إِنَّ: للتأكيد, الْمُوثَقِينَ: من وثَقه يوثِقُه فهو مُوثَق, أي: مقيّد و مكبّل و أوثَقْتُه إيثاقاً ووَثاقاً، والحبل أو الشيء الذي يُوثَق به وِثاقٌ، والجمع الوُثُقُ بمنزلة الرِّباطِ والرُّبُطِ, وأَوْثَقهُ في الوَثاقِ أي شده, ربطه ربطاً شديداً لا ينطلق منه, قال تعالي: (وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ) 26 الفجر, و المقصود أهل (دعوي الوثيقة), مُوثَقُونَ بوثيقة الإفك, التي نسبوها زوراً للشيخ, قال رضي الله عنه:
خَاطَبْتُ فِيهَا الْمُوثَقِينَ بِفَعْلَةٍ *** مَأْزُورَةٍ كَانَتْ تُكَذّبُ نَفْسَهَا (16 ق 78)
لَكَاذِبُونَ: اللام للتأكيد, كَاذِبُونَ: غير صادقين في أنّهم يريدون التّوبة عن فعلتهم, الآية: (بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُوا يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) 28 الأنعام
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والسَّبْعُون : ( وَهَذَا مَوْعِدُ الأَجَلِ الْمُسَمَّى ) – بيت رقم 7: أَرَاهُمْ كُلَّمَا خَلَصُوا نَجِيّاً *** وَإِنِّي مُظْهِرٌ مَا يَكْتُمُونَ
المعني:
أَرَاهُمْ: أَرَي: رأي العين, الضمير (هُمْ) يعود علي أهل دعوي الوثيقة, و هي الوثيقة التي زعموا أن الشيخ أملاها علي شخص منهم, قصدهم تحقيق مآرب تخصّهم
كُلَّمَا: كلّ: حرف يفيد الاستيعاب, مع ما المصدرية الظرفية تفيد الشرطية ، كقوله تعالى (كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله) 64 المائدة
خَلَصُوا نَجِيّاً: (أي: أهل دعوي الوثيقة), يقول بعضهم لبعض يتناجون خالصين من أن يختلط بهم غيرهم, قال تعالي: (فَلَمَّا اسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيًّا قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُواْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُم مَّوْثِقًا مِّنَ اللَّهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّىَ يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ) 80 يوسف
وَإِنِّي مُظْهِرٌ مَا يَكْتُمُونَ: وَإِنِّي: الواو للعطف, إنّ للتوكيد مع ياء المتكلم, إنّي ترمز للباطن, مُظْهِرٌ: أظهر الشئ كشفه للعيان, مَا: الشئ الذي, يَكْتُمُونَ: الكِتْمانُ: نَقِيض الإعْلانِ، إخفاءهم الأمر, قال رضي الله عنه في (27-28 ق 2):
قُلْنَا لَقَدْ أَمَرَ الكَرِيمُ بِذَبْحِهَا *** فَتَهَامَسُوا وَ وَشَوْا بِكُلِّ لِسَانِ
فَادَّارَؤُا فِيهَا فَخَابَ رَجَاؤُهُمْ *** أَنَا مُظْهِرٌ مَا كَانَ فِي الْكِتْمَانِ
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والسَّبْعُون : ( وَهَذَا مَوْعِدُ الأَجَلِ الْمُسَمَّى ) – بيت رقم 8: لأَنَّ الإِفْكَ قَدْ دّرّجُوا عَلَيْهِ *** وَإِنِّي مُبْطِلٌ مَا يَأْفِكُونَ
المعني:
لأَنَّ: اللام للتعليل, أنَّ: للتأكيد, تعليل كشفه لهم (وَإِنِّي مُظْهِرٌ مَا يَكْتُمُونَ) الذي أشار إليه في البيت السابق
الإِفْكَ: الكذِب و الحديث بالباطل
قَدْ دّرّجُوا عَلَيْهِ: قَدْ: للتوكيد, دّرّجُوا عَلَيْهِ: دَرَجَ علي الفعل تعّوده, أي: تعّودوا عي الإفك, يعني أهل دعوي الوثيقة
وَإِنِّي مُبْطِلٌ مَا يَأْفِكُونَ: وَإِنِّي: وَإِنِّي: الواو للعطف, إنّ للتوكيد مع ياء المتكلم, إنّي ترمز للباطن, مُبْطِلٌ مَا يَأْفِكُونَ: و الإفك و السّحر بمعني واحد و هو خديعة الناس بالباطل, و لذا قال: وَإِنِّي مُبْطِلٌ: من بَطَل الشيءُ يَبْطُله بُطْلاً بُطْلاناً: ذهب ضيَاعاً وخُسْراً، فهو باطل، وأَبْطَله هو, قال تعالي: (فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ) 81 يونس, و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
وَبَاطِلُ مُوسَى السَّامِرِيِّ بِنَفْحَةٍ *** يَصِيرُ هَبَاءً كَيْ تَسِيرَ مَسِيَرتِي (202 ق 1)
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والسَّبْعُون : ( وَهَذَا مَوْعِدُ الأَجَلِ الْمُسَمَّى ) – بيت رقم 9: وَيَظْلِمُ بَعْضُهُمْ أَبْنَاءَ عَهْدِي *** وَإِنِّي نَاصِرٌ مَنْ يُظْلَمُونَ
المعني:
وَيَظْلِمُ بَعْضُهُمْ: وَيَظْلِمُ: يتعدّي علي, بَعْضُهُمْ: أي: بعض (جزء من) أهل دعوي الوثيقة
أَبْنَاءَ عَهْدِي: أبناء الطريقة, الطريقة هي عهد (ميثاق و بيعة) بين الشيخ (و عليه التربية و الحماية) و بين المريد (و عليه السمع و الطاعة), قال رضي الله عنه:
إِنْ أَمِنْتُمْ فِي جَنَابِي *** آلَ عَهْدِي فَاطْمَئِنُّوا (5 ق 18)
وَإِنِّي: الواو للعطف, إنّ للتوكيد مع ياء المتكلم, إنّي ترمز للباطن
نَاصِرٌ مَنْ يُظْلَمُونَ: نَاصِرٌ: النَّصر: إِعانة المظلوم و الإعانة على العدوّ, (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) 39 الحج, قال رضي الله عنه:
وَإِنِّي حِينَ الْبَأْسِ لِلْحِبِّ نَاصِرٌ *** عَلَى كُلِّ ذِي بَطْشٍ شَدِيدٍ مُعَانِدِ (13 ق 14)
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والسَّبْعُون : ( وَهَذَا مَوْعِدُ الأَجَلِ الْمُسَمَّى ) – بيت رقم 10: فَيَا أَبْنَاءَ عَهْدِي إِنْ سَأَلْتُمْ *** سَلُونِي لَيْتَكُمْ لَوْ تَسْأَلُونَ
المعني:
فَيَا: الفاء استئنافية, يا: لنداء البعيد و القريب
أَبْنَاءَ عَهْدِي: أبناء الطريقة, الطريقة هي عهد (ميثاق و بيعة) بين الشيخ (و عليه التربية و الحماية) و بين المريد (و عليه السمع و الطاعة), و حيث أهل (دعوي) الوثيقة, قال رضي الله عنه:
أَبْنَاءَ عَهْدِي بِمِصْرَ الْخَيْرِ إِنَّكُمُ *** قَدِ اصْطَفُيْتُمْ بِإِرْفَادِي وَتَلْقِينِي (3 ق 37)
إِنْ سَأَلْتُمْ سَلُونِي: إِنْ: شرطية, سَأَلْت: شرطها, سَلُونِي: جواب شرطها, سَأَلْتُمْ: طلبتم شيئاً, سَلُونِي: أطلبوا منّي
لَيْتَكُمْ لَوْ تَسْأَلُونَ: لَيْتَكُمْ: لَيْتَ: للتمنّي, مع كاف مع المخاطب و ميم الجمع, أي: جمع أبناء الطريقة, لَوْ: حرف عرض وتمني, تَسْأَلُونَ: تطلبون, قال في (23-24 ق 41:
كَأَنِّي غِبْتُ عَنْكُمْ أَوْ كَأَنِّي *** عَلَى زُورٍ وَبُهْتَانٍ حَلَفْتُ
كَأَنَّ الْحَقَّ أَلاَّ تَسْأَلُونِي *** وَلَكِنْ لَوْ سُئِلْتُ لَمَا أَجَبْتُ
[ads3]
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والسَّبْعُون : ( وَهَذَا مَوْعِدُ الأَجَلِ الْمُسَمَّى ) – بيت رقم 11: فَمَنْ يَقْبَلْهُ إِبْرَاهِيمُ مِنْكُمْ *** فَمِنْ كَفَّيْهِ صِرْفاً تَشْرَبُونَ
المعني:
فَمَنْ: الفاء تفسيرية, مَنْ: اسم موصول بمعنى الذي
يَقْبَلْهُ: يرتضيه, مسئولاً في مهمة الإرشاد في الطريقة
إِبْرَاهِيمُ: الخليفة الوارث, شيخ الطريقة
مِنْكُمْ: مِنْ: للبعضية, كُمْ: لمخاطبة الجمع, أي: أبناء الطريقة, قال رضي الله عنه:
فَمَنْ وَصَلْنَاهُ موْصُولٌ وَلاَ جَدَلٌ *** وَفِي أَمَانِي وَمَنْ آذَاهُ يُؤْذِينِي (17 37)
فَمِنْ كَفَّيْهِ: الفاء سببية, مِنْ: حرف ابتداء لغاية مكانية, كَفَّيْهِ: الكفّين إشارة للعطاء
صِرْفاً تَشْرَبُونَ: صِرْفاً: الصِرف الشراب الذي لم يختلط بغيره, شراب الرّوح. عِلم و مدد سير, تَشْرَبُونَ: الشراب بالرّوح, و في هذا لفتة لإتباع المرشد المعتمد من شيخ الطريقة, قال رضي الله عنه في (7-9 ق 1):
شَرَابِيَ عَذْبٌ سَلْسَبِيلٌ مَذَاقُهُ *** وَعِلْمِيَ كَنْزٌ فِي قُلُوبِ أَحبَّتِي
سَقَيْتُ مُرِيدِي مِنْ شَرَابٍ مُعَتَّقٍ *** وَكَفِّيَ كَأْسٌ وَالْخَفَاءُ مَزِيَّتِي
وَبَعْضُ شَرَابِي أَغْرَقَ الكُلَّ فِي الْهَوَى *** وَمَنْهَجِيَ الْقُرْآنُ وَاللَّهُ وَجْهَتِي
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والسَّبْعُون : ( وَهَذَا مَوْعِدُ الأَجَلِ الْمُسَمَّى ) – بيت رقم 12: وَمَا يَفْعَلْهُ إِبْرَاهِيمُ قُولُوا *** سَمِعْنَاهُ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
المعني:
وَمَا يَفْعَلْهُ: ما اسم موصول للشئ أي: الذي, يَفْعَلْهُ: الفعل في موطن القدرة, من قوله (كُن)
إِبْرَاهِيمُ: الخليفة الوارث, شيخ الطريقة
قُولُوا سَمِعْنَاهُ: قُولُوا: استجيبوا, سَمِعْنَا (هُ): أي: أطعنا و الضمير المتصل (هُ) إشارة لموطن الإرادة, أي: بقلوبكم, قال تعالي: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) 51 النور, و قال سيدي فخر الدين قال رضي الله عنه:
قَوَامُ طَرِيقِ الْقَوْمِ حُبٌّ وَطَاعَةٌ *** وَكُلُّ مَقَامٍ قَامَ بِالاِسْتِقَامَةِ (375 ق 1)
وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ: مذعنون, أسلموا أمركم و قيادكم إليه, قال رضي الله عنه:
فَأَسْلِمُوا إِنَّ إِبْرَاهِيمَ بَيْنَكُم *** وَلِي يَمِينٌ مِنَ الْغُرِّ الْمَيَامِينِ (28 ق 37)
و قال رضي الله عنه:
فَطَاعَةُ إِبْرَاهِيمَ إِنْ رُمْتُمُ الْهُدَى *** كَمَالُ عَطَائِيَ بَلْ نَجَاحُ الْمَقَاصِدِ (24 ق 14)
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والسَّبْعُون : ( وَهَذَا مَوْعِدُ الأَجَلِ الْمُسَمَّى ) – بيت رقم 13: وَعَدْلٌ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فِيكُمْ *** وَإِنْ شَاقَقْتُمُوهُ فَاهْجُرُونَا
المعني:
وَعَدْلٌ قَالَ: الواو استئنافية, عَدْلٌ: إعطاء كل ذي حقّ حقّه, قَالَ: حَكَم به, القول الفصل, الحُكم النهائي
إِبْرَاهِيمُ: الخليفة الوارث, شيخ الطريقة
فِيكُمْ: حكمه فيكم, أي: أهل دعوي الوثيقة
وَإِنْ شَاقَقْتُمُوهُ: وَإِنْ: الواو عاطفة, إِنْ: شرطية بمعني إذا, شَاقَقْتُمُوهُ: من يُشَاقِقِ: يخالف, قال تعالي: (ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ, وَمَن يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) 12 الأنفال, و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
سَلاَمٌ وَإِبْرَاهِيمُ مِنكُمُ يَسْتَقِي *** وَكُلُّ طَرِيدٍ مَنْ أَتَى لِيُشَاقِقِ (8 ق 16)
فَاهْجُرُونَا: الفاء رابطة لجواب الشرط, اهْجُرُونَا: اتركونا, اذهبوا عنّا, قال رضي الله عنه:
قَدْ سَخِرْتُمْ أَهْلَ هَجْرِي *** أَنْتُمُ الْيَوْمَ بُكِيَّا (53 ق 17)
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والسَّبْعُون : ( وَهَذَا مَوْعِدُ الأَجَلِ الْمُسَمَّى ) – بيت رقم 14: فَلاَ وَاللَّهِ مَا فِي الْحُكْمِ جَوْرٌ *** وَلاَ غَبْنٌ وَلَسْتُمْ تُظْلَمُونَ
المعني:
فَلاَ وَاللَّهِ: فَلاَ: الفاء للتأكيد, لا: نافية, وَاللَّهِ: الواو واو القسَم, أقسم باسمه تعالي, و القسَم منه دائماً يأتي لمحو الشكّ فيمن في قلبه شكّ
مَا فِي الْحُكْمِ جَوْرٌ: مَا: نافية, فِي: تفاصيل و باطن الحكم, الْحُكْمِ: القضاء, الذي حكم به الخليفة الوارث رضي الله عنه, جَوْرٌ: ظُلم
وَلاَ غَبْنٌ: وَلاَ: واو العطف, لا: النافية, غَبْنٌ: الغَبْنُ: من غَبَنَه يَغْبِنُه غَبْناً: أَي خدَعه، وقد غُبِنَ فهو مَغْبُونٌ: مخدوع
وَلَسْتُمْ تُظْلَمُونَ: وَلَسْتُمْ: الواو عاطفة, لست من ليس للنفي, مع تاء المخاطبة و ميم الجمع, أي: أهل الدعوي, تُظْلَمُونَ: الظُلم إنقاص الحقّ, قال رضي الله عنه في 31-34 ق 30):
وَإِنَّ الْعُرْوَةَ الْوُثْقَى لِعَبْدٍ *** سَلِيمِ الْوَجْهِ لاَ عَبْدٍ عَصِيّ
هُنَا قِسْطَاسُ رَبَّى مُسْتَقِيمٌ *** وَقَوْلُ اللَّهِ لاَ ظُلْمُ لَدَيّ
وَمِنْ حُكْمِ الْعَلِيمِ يَكُونُ عَدْلِي *** إِذَا رَدُّوا تَنَازُعَهُمْ إِلَيّ
فَلاَ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ بظُلمٍ *** ولوْ ناحُوا كَمَا نَاحَ النَّجِيّ
[ads4]
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والسَّبْعُون : ( وَهَذَا مَوْعِدُ الأَجَلِ الْمُسَمَّى ) – بيت رقم 15: فَمَا فِي الْكَرْمِ إِلاَّ مَا جَنَيْتُمْ *** وَمَا كُنْتُمْ زَرَعْتُمْ تَحْصُدُونَ
المعني:
فَمَا فِي الْكَرْمِ: فَمَا: الفاء للتأكيد, ما النافية, فِي الْكَرْمِ: الْكَرْمِ شجر العِنَب واحدته كَرْمَة, و يمثل ظاهر الشريعة, قيل:
و لا تَدْفِنُونِي تَحْتَ كَرْمٍ و إنّمَا *** عَلي جَبَلٍ عَالٍ و عَيْنِي تَراكُمُ
إِلاَّ مَا جَنَيْتُمْ, إِلاَّ: حرف استثناء, و عندما تسبقها ما النافية تعني الحصر, مَا: الذي, جَنَيْتُمْ: الثّمار, أي: ليس هناك حُكم في ظاهر الأمر إلا الحُكم الذي جنيتم
وَمَا كُنْتُمْ زَرَعْتُمْ تَحْصُدُونَ: وَمَا: الواو للعطف, ما: اسم موصول بمعني الذي, كُنْتُمْ: سبق وقوعه في حيّز الأفعال منكم, زَرَعْتُمْ: بذرتم بذرته, تَحْصُدُونَ: تجنون نتيجته, أي: بما اكتسبت أيديكم, قال تعالي: (ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ) 51 الأنفال, و في الحديث: "وهل يكبّ الناس على مناخرهم في النار إِلاَّ حصائد أَلسنتهم", قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
وَأَلْسُنُ أَهْلِ الْقِيلِ وَالْقَالِ إِنَّمَا *** تَكُبُّ عَلَى الِنّيَرانِ بِئْسَ الْحَصَائِدِ (22 ق 14)
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والسَّبْعُون : ( وَهَذَا مَوْعِدُ الأَجَلِ الْمُسَمَّى ) – بيت رقم 16: إِذَا مَا الأَمْرُ كَانَ عَلَى رِضَانَا *** يَكُونُ كَلاَمُنَا كَافاً وَنُونَا
المعني:
إِذَا مَا: إِذَا: ظرف لما يستقبل من الزمان ، متضمنة معنى الشرط غير, مَا: زائدة (للتفخيم)
الأَمْرُ: الشأن, و الأمر هو صورة الفعل قبل أن ينشأ, يتنزّل الفعل من موطن الأمر إلي موطن الإرادة فالمشيئة فموطن القدرة (الأفعال), و هو موطن تصرّف القطب الفرد الجامع الكبير
كَانَ: وقع في موطن الأمر
عَلَى رِضَانَا: تنزّل علي وفقاً لإرادتنا, أهل جمع سيدي فخر الدين و ورثته
يَكُونُ: فصار إلي موطن المشيئة
كَلاَمُنَا كَافاً وَنُونَا: كَلاَمُنَا: ما نقول, كَافاً وَنُونَا: ينفذ إلي موطن القدرة, قال تعالي: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ) 82 يس, يقول السادة الأقطاب رضي الله عنهم:
وَأمْرِي بِأمْرِ الله إِنْ قُلْتُ كُنْ يَكُنْ *** وَكُلّ بِأمْرِ الله أَحْكُمْ بِقُدْرتي
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والسَّبْعُون : ( وَهَذَا مَوْعِدُ الأَجَلِ الْمُسَمَّى ) – بيت رقم 17: لأَنَّ الأَمْرَ لَيْسَ عَلَى هَوَاكُمْ *** فَإِنَّا قَدْ حَكَمْنَا فَارْتَضُونَا
المعني:
لأَنَّ: اللام للتعليل, أنَّ: للتوكيد
الأَمْرَ: الشأن
لَيْسَ عَلَى هَوَاكُمْ: لَيْسَ: للنفي, عَلَى هَوَاكُمْ: الهوى الناشئ من عند أنفسكم, إرادتكم
فَإِنَّا: الفاء للتأكيد, إنَّ للتأكيد, مع نا جمع المتكلم, سيدي فخر الدين و ورثته
قَدْ حَكَمْنَا: قَدْ: للتأكيد, حَكَمْنَا: فعل ماضي, تمّ الحُكم
فَارْتَضُونَا: الفاء السببية, ارْتَضُونَا: اقبلونا حَكَماً, لأن حكمنا عدلٌ, يخاطب أهل دعوي الوثيقة, قال رضي الله عنه:
وَأَيُّمَا ظَالِمٌ لاَ يُرْتَضَى حَكَماً *** وَيَرْتَضِي الْحِبُّ مِنْهَاجاً شَرِيَعتَنَا (46 ق 35)
و قال رضي الله عنه:
يَرْضَى الْمُحِبُّ بِمَا قَضَيْتُ وَلَوْ أَتَى *** عَدْلِي بِمَا مِنْهُ اشْتَكَى وَيُعَانِي (37 ق 2)
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والسَّبْعُون : ( وَهَذَا مَوْعِدُ الأَجَلِ الْمُسَمَّى ) – بيت رقم 18: وَإِنِّي لَيْسَ يَنْفَعُنِي رِضَاكُمْ *** وَلَكِنْ عَلَّكُمْ لاَ تُحْرَمُونَ
المعني:
وَإِنِّي: الواو عاطفة, إنّ للتوكيد مع ياء المتكلم, إشارة للباطن
لَيْسَ يَنْفَعُنِي رِضَاكُمْ: لَيْسَ يَنْفَعُنِي: لا أحتاج له, رِضَاكُمْ: الرّضا القبول, و الكاف و الميم لجمع المخاطب, المريدين, لأن الشيخ أعطي من مقام الرضوان, فلا يحتاج لرضي الخلق
وَلَكِنْ: لكن للاستدراك و التأكيد
عَلَّكُمْ لاَ تُحْرَمُونَ: عَلَّكُمْ: علّ: للأمل و الترجّي, لاَ: للنفي, تُحْرَمُونَ: لا تُحْرَمُونَ رِضانا, قيل في صحبة الشيخ:
و استغنم الوقت و احضر دائما معهم *** و اعلم بأن الرضاء يخص من حضرا
ففي رضاه رضي الباري وطاعته *** يرضى عليك فكن من تركه حذرا
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والسَّبْعُون : ( وَهَذَا مَوْعِدُ الأَجَلِ الْمُسَمَّى ) – بيت رقم 19: لِسَانِي أَصْبَحَ الرَّاوِي عَلَيْهِ *** أَمِيناً لَيْتَكُمْ لَوْ تَعْقِلُونَ
المعني:
لِسَانِي: أداة الكلام, و يعني تلقين شراب الوصل, قال تعالي: (فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدّاً) 79 مريم
أَصْبَحَ الرَّاوِي: أَصْبَحَ: الصُبح أول النّهار و إشراق ضوء الشمس, أي: صار واضحاَ و جليّاً, و أصبح فعلٌ ماض يفيد تمام الأمر قبل وقت الإخبار به, الرَّاوِي: الذي يروي الحديث من سماعٍ عن قائله, و هو راوي شراب الوصل عن سيدي فخر الدين رضي الله عنه
عَلَيْهِ أَمِيناً: عَلَيْهِ: أي: علي تلقين شراب الوصل, أَمِيناً: يحفظه كما أراد صاحبه, فلا يضيف و لا يحذف منه شئ, و هذا من ناحية ظاهر نصّه, أي: أن نصّ شراب الوصل رواه الرّاوي كما سمعه من سيدي فخر الدين, قال رضي الله عنه:
فَخُذُوا كِتَابِي مِثْلَمَا الرَّاوِي رَوَى *** عُضُّوا عَلَيْهِ تُلَقَّنُوا الإِلْهَامَ (17 ق 68)
لَيْتَكُمْ لَوْ تَعْقِلُونَ: لَيْتَكُمْ: لَيْتَ: للتمنّي, مع كاف و ميم المُخاطب الجمع, أي: أبناء الطريقة, لَوْ: للتمني نحو : لو تأتينا فتحدثنا ، ومنه قوله تعالى (فلو أن لنا كرة فنكون) 167 البقرة, تَعْقِلُونَ: العَقل من عقَل البعير إذا قيّده فمنعه من الانطلاق, أي: تقيدون فهمكم بهذا
[ads5]
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والسَّبْعُون : ( وَهَذَا مَوْعِدُ الأَجَلِ الْمُسَمَّى ) – بيت رقم 20: وَسِرِّي آمَنُ الرَّاوِي عَلَيْهِ *** يَقِيناً فَوْقَ مَا تَتَخَيَّلُونَ
المعني:
وَسِرِّي: السّر هو باطن الأمر, و شراب الوصل في باطنه سرّ الشيخ, قال رضي الله عنه:
لَهَا الإِنْشَاءُ بَلْ وَلَهَا الْجَوَارِي *** وَسِرُّ السّرِّ أُوِدعَ فِي حَشَاهَا (15 ق 2)
آمَنُ الرَّاوِي عَلَيْهِ: آمَنُ الرَّاوِي عَلَيْهِ: أأتمنه عليه فلا خوف من إفشائه
يَقِيناً: اليقين هو التحقيق الأعلى بشهادة حقّ اليقين
فَوْقَ مَا تَتَخَيَّلُونَ: فَوْقَ: بدرجة أعلي من الذي تَتَخَيَّلُونَ: و لا خطر علي قلوبكم, و الخيال لا يغني عن الحقيقة لأنه مبني علي الظّن
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والسَّبْعُون : ( وَهَذَا مَوْعِدُ الأَجَلِ الْمُسَمَّى ) – بيت رقم 21: ( شَرَابُ الْوَصْلِ ) مِمَّا قُلْتُ فِيهِ *** فَهَلْ فِيكُمْ رِجَالٌ يَسْمَعُونَ ؟
المعني:
( شَرَابُ الْوَصْلِ ): شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة السّادِسَة والْخَمْسُون : ( شَرَابُ الْوَصْلِ مَخْتُومٌ وَسِرِّي ), و مطلعها:
شَرَابُ الْوَصْلِ مَخْتُومٌ وَسِرِّي *** شِفَاءٌ لاَ شَرِبْتُمْ غَيْرَ مِنَّا (1 ق 56)
مِمَّا قُلْتُ فِيهِ: مِمَّا: مِن: للبعضية و ما: بمعني الذي, من الذي, قُلْتُ فِيهِ: تحدثت عنه, أي: الرّاوي, واصفاً له
فَهَلْ فِيكُمْ رِجَالٌ يَسْمَعُونَ ؟: فَهَلْ: الفاء استئنافية, هل: للاستفهام, فِيكُمْ: من بينكم, رِجَالٌ: الرّجال هم أهل درجة الإحسان, يَسْمَعُونَ أي: يسمعون لهذا القول فيتبعونه, قال رضي الله عنه:
مُرَادِي إِنْ سَمِعْتُمْ أَنْ تَقُولُوا *** أَطَعْنَا جَاهِرِينَ وَلاَ تَظُنُّوا (11 ق 52)
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والسَّبْعُون : ( وَهَذَا مَوْعِدُ الأَجَلِ الْمُسَمَّى ) – بيت رقم 22: لَقَدْ حُكِّمْتُ يَوْماً وَهُوَ يَبْكِي *** وَإِنْ بَثَّ الشّكَايَةُ فَاتَّقُونَا
المعني:
لَقَدْ حُكِّمْتُ يَوْماً: لَقَدْ: اللام و قد للتوكيد, حُكِّمْتُ: طُلبَ مني أن أحكم بين طرفين: الرّاوي و آخرين أذوه, يَوْماً: زمن سبق
وَهُوَ يَبْكِي: الواو واو الحال, يَبْكِي: من شدة الأذى, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه في قصيدة ( شَرَابُ الْوَصْلِ ):
أَلَمْ تَعْلَمْ بِأَنَّ الْعِلْمَ عِنْدِي ؟ *** فَمَا يُبْكِيكَ مِنْ قَالُوا وَقُلْنَ (15 ق 56)
وَإِنْ بَثَّ الشّكَايَةُ: إِنْ: شرطية بمعني إذا, بَثَّ: البثّ الإعلان عن الحُزن و الألم, الشّكَايَةُ: أن يشكو لنا منكم, الآية: (قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) 86 يوسف
فَاتَّقُونَا: الفاء رابطة لجواب الشرط, اتَّقُونَا: احذرونا, أي: نحن ندافع عنه
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والسَّبْعُون : ( وَهَذَا مَوْعِدُ الأَجَلِ الْمُسَمَّى ) – بيت رقم 23: فَلاَ هُوَ طَامِعٌ فِيمَا لَدَيْكُمْ *** وَلاَ هَوَ آمِلٌ مَا تَأْمَلُونَ
المعني:
فَلاَ هُوَ طَامِعٌ فِيمَا لَدَيْكُمْ: فَلاَ هُوَ: الرّاوي, طَامِعٌ: الطَّمَعُ: ضِدُّ اليَأْسِ. قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: تعلمن أَنَّ الطَّمَعَ فَقْرٌ وأَنَّ اليَأْسَ غِنًى, فِيمَا لَدَيْكُمْ: الذي لديكم من متاع الدنيا
وَلاَ هَوَ آمِلٌ مَا تَأْمَلُونَ: مَا تَأْمَلُونَ: منتظر أو راجٍ ما ترجون من جاه, و المخاطب هم أهل دعوي الوثيقة, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
يَا مَنِ اسْتَغَنَى بِدُنْيَا *** إِنَّ مَيْتَ الشَّاةِ شَحْمُ (21 ق 18)
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والسَّبْعُون : ( وَهَذَا مَوْعِدُ الأَجَلِ الْمُسَمَّى ) – بيت رقم 24: أُلَقِّنُهُ وَهَذَا الْحِمْلُ يَكْفِي *** فَمَا هُوَ حَامِلٌ مَا تَحْمِلُونَ
المعني:
أُلَقِّنُهُ: التلقين هو تكرار القول علي المتلقّي حتى يحفظه و يفهمه, الضمير ه راجع للرّاوي, في حديث متصل من البيت 20
وَهَذَا الْحِمْلُ يَكْفِي: وَهَذَا: اسم إشارة للقريب, الْحِمْلُ: ما يحمله الرّواى من بأس التجلّي كفاحاً و تلقّي القصائد, يَكْفِي: كَفَى يَكْفِي كِفايةً إِذا قام بالأَمر فلا يحتاج لغيره, يكفي أن يتحمّل هذا الحمل, فلا يُزاد عليه جمل آخر
فَمَا هُوَ حَامِلٌ مَا تَحْمِلُونَ: فَمَا: الفاء سببية, ما النافية, هُوَ: الرّاوي, حَامِلٌ مَا تَحْمِلُونَ: لا يضاف لحمله الحِمل الذي تحملونه أنتم وِزر (دعوي الوثيقة) و الخطاب لأهل الدعوي
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والسَّبْعُون : ( وَهَذَا مَوْعِدُ الأَجَلِ الْمُسَمَّى ) – بيت رقم 25: فَتَلْقِينِي تَنُوءُ بِهِ جِبَالٌ *** وَتَثْبِيتٌ لِقَوْمٍ يَرْهَبُونَ
المعني:
فَتَلْقِينِي: الفاء استئنافية, تلقيني, إلقائي قصائد شراب الوصل علي الرّاوي
تَنُوءُ بِهِ جِبَالٌ: تَنُوءُ بِهِ: أي بالتلقين, ناءَ بالحِمْلِ، إذا نهض به مُثْقَلاً؛ وناءَ به الحِمْلُ، إذا أثْقَله, قال تعالي في شأن مال قارون, الآية: (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ ...) 76 القصص, جِبَالٌ: جبال في الإشارات الأولياء, أي: لا تتحمله أولياء, قال تعالي: (لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) 21 الحشر
وَتَثْبِيتٌ لِقَوْمٍ يَرْهَبُونَ: الواو عاطفة, تَثْبِيتٌ (أي: تَلْقِينِي), تَثْبِيتٌ لإيمانهم و عقيدتهم, لِقَوْمٍ: اللام للتخصيص, قوم: القوم هم من جمعهم شأن واحد, أي: أبناء الطريقة الذين يَرْهَبُونَ: أي: يخافون, من الجلال فطمأنهم بالجمال, قال تعالي: (وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ) 154 الأعراف, قال رضي الله عنه في (268-269 ق 1):
وَلَوْلاَ مُرَادِي أَن تَكْونَ مَعَارِفِي *** بِبَعْضِ قُلُوبٍ لِلْجَمَالِ اطْمَأَنَّتِ
لَحَارَتْ أَدِلَّةُ طَالبِيَّ بِغَيْهَبِي *** وَلَوْ أَنَفَقَتْ أَعْمَارَهَا مَا اسْتَدَلَّتِ
[ads1]
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والسَّبْعُون : ( وَهَذَا مَوْعِدُ الأَجَلِ الْمُسَمَّى ) – بيت رقم 26: كَلاَمٌ قَالَهُ الرَّاوِي كَلاَمِي *** وَتَلْقِينِي وَأَنْتُمْ تَجْهَلُونَ
المعني:
كَلاَمٌ قَالَهُ الرَّاوِي: الكلام هو جملة ما يأتي من قول من المتكلم, و لهذا يسمي القرآن الكريم "كلام الله" لأنه كل ما حكي الله سبحانه و تعالي ما يريد من قول لرسوله الكريم ليبينه للناس, الرَّاوِي: هو الذي يروي أي يسرد الحديث كما سمعه عن قائله, و هنا يعني راوي قصائد شراب الوصل
كَلاَمِي: جملة ما قلت, و كلام سيدي فخر الدين هو "شراب الوصل", و هو ديوان القصائد, تسمي كل قصيدة حديث أو مرسلة (من المرسلات) أو نعمة من النعم (المثاني أشهدت نِعمي) و تقسم القصيدة لأبيات أو آيات (هي الآيات أبيات), و البيت يسمي قول و الأبيات "أقوال" و البيت يقسم إلي صدر و عجز و كلمات و الكلمات إلي حروف و كل حرف و كلمة و بيت و قصيدة فالديوان بأكمله فيه سرّ عجيب, أودعه صاحب الديوان رضي الله عنه, و يعني: أن أي كلام لم يقله الرّاوي ليس كلامي, و هذا عني به من زعموا, زعماً باطلاً, بأن الشيخ أملي عليهم قصائد
وَتَلْقِينِي: أي لقّنته (أنا) شريعةً بحضوري للرّاوي و إلقاء كلامي عليه و تحفيظه له و تفهيمه له ليبلّغه للناس
وَأَنْتُمْ تَجْهَلُونَ: وَأَنْتُمْ (أهل دعوي الوثيقة), تَجْهَلُونَ: تتعمدون الجهل عليّ و عليه
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والسَّبْعُون : ( وَهَذَا مَوْعِدُ الأَجَلِ الْمُسَمَّى ) – بيت رقم 27: ضَعِيفٌ كَمْ رَمَوهُ وَكَمْ تَأَذَّى *** وَإِنِّي جَابِرٌ مَا يَكْسِروُنَ
المعني:
ضَعِيفٌ: (أي: الرّاوي), ضَعِيفٌ أي: هيّنٌ ليّن, لا يقاويهم, من صفات المؤمنين, و في الحديث الشريف قال رسول الله صلي الله عليه و سلم: " المؤمن هين، لين", وفي حديث سيدنا عمر رضي اللّه عنه: "غَلَبني أَهل الكوفة، أَسْتَعْمِلُ عليهم المؤمنَ فيُضَعَّفُ، وأَستعمل عليهم القَوِيَّ فيُفَجَّر"
كَمْ رَمَوهُ وَكَمْ تَأَذَّى: كَمْ: لكثرة تكرار المرات, رَمَوهُ: اتّهموه, ورَمَى فلان يَرْمِي إذا ظَنَّ ظَنّاً غيرَ مُصيب, وَكَمْ تَأَذَّى: كَمْ تلقّي من الأذى و الأذى ما يؤلم, قال الله تعالي مخاطباً الرسول الكريم صلي الله عليه و سلم: (وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا) 48 الأحزاب
وَإِنِّي جَابِرٌ مَا يَكْسِروُنَ: وَإِنِّي: إنّ للتأكيد مع ياء المتكلم, إشارة للباطن (الأنا للظاهر), جَابِرٌ مَا يَكْسِروُنَ: جبر الكسر هو لأم ما انكسر و إعادته في مكانه, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
وَهَا أَنَا ذَا أَشْفِي السَّقِيمَ مِنَ الضَّنَى *** وَأَجْبُرُ مَكْسُورَ الْقُلُوبِ بِنَظْرَتِي (12 ق 1)
و قال رضي الله عنه:
هُوَ الْجَبْرُ فِي كَسْرِ الْقُلُوبِ وَإِنَّهُ *** لَمِنْ سِرِّهِ تَغْشَى الْكَسِيرَ جَبَائِرُ (11 ق 21)
و قال رضي الله عنه:
يَجْبُرُ اللَّهُ الْكَسِيرَ إِذَا تَبَدَّى *** يَعْلَمُ اللَّهُ الْهُدَاةَ الصَّادِقيِنَ (3 ق 62)
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والسَّبْعُون : ( وَهَذَا مَوْعِدُ الأَجَلِ الْمُسَمَّى ) – بيت رقم 28: وَيَشْفَعُ لِلَّذِينَ عَلَيْهِ جَارُوا *** وَيَأْبَى – إِنْ يَخُونُوا – أَنْ يَخُونَ
المعني:
وَيَشْفَعُ: الواو للعطف, استمراراً لحديثه عن الرّاوي - الشفاعة كلام الشَّفِيعِ - ذو حظوة - لِلْمَلِكِ في حاجة يسأَلُها لغيره, يشفع الرّاوي لدي سيدي فخر الدين بأن يسامحهم, أي: أهل الدعوي
لِلَّذِينَ عَلَيْهِ جَارُوا: الذين ظلموه, من الجور الظُلم
وَيَأْبَى – إِنْ يَخُونُوا – أَنْ يَخُونَ: وَيَأْبَى: يرفض, إِنْ يَخُونُوا: إِنْ شرطية بمعني إذا, يَخُونُوا: من المَخانَةُ: خَوْنُ النُّصْحِ وخَوْنُ الوُدِّ، أَنْ يَخُونَ: لا يبادلهم الخيانة, أي: (إِنْ يَخُونُوا) من كذبهم و نفاقهم, وَ (يَأْبَى – إِنْ يَخُونُوا) لإيمانه, وفي الحديث قال صلي الله عليه و سلم: "المُؤْمِنُ يُطْبَع على كلِّ خُلُقٍ إلا الخِيانَةَ والكَذِب"
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والسَّبْعُون : ( وَهَذَا مَوْعِدُ الأَجَلِ الْمُسَمَّى ) – بيت رقم 29: لِذَا أَلْحَقْتًهُ وَالْفَضْلُ مِنَى *** وَإِنِّي لَسْتُ أَعْجَزُ أَنْ أَصُونَ
المعني:
لِذَا أَلْحَقْتًهُ وَالْفَضْلُ مِنَى: لِذَا: لهذه الخصال, أَلْحَقْتًهُ: بنسبي (اللهمَّ ألحقْنِي بنسبِهِ، وحقِّقْنِي بحسَبِهِ), وَالْفَضْلُ مِنَى: كرماً منّي و تفضّلاً , ليس استحقاقاً, قال رضي الله عنه:
وَأَلْحَقْنَاكَ تَكْرِيماً وَفَضْلاً *** أَمَا يَكْفِيكَ أَنَّا مَا أَلَتْنَا ؟ (22 ق 56)
وَإِنِّي لَسْتُ أَعْجَزُ أَنْ أَصُونَ: أَصُونَ: أحفظ, أي: وَإِنِّي لَسْتُ أَعْجَزُ أَنْ أحفظ منحة القصائد
[ads2]
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والسَّبْعُون : ( وَهَذَا مَوْعِدُ الأَجَلِ الْمُسَمَّى ) – بيت رقم 30: فَلاَ تُجْدِي الْقَطِيعَةُ وَالتَّجَافِي *** عَسَاكُمْ بِالْمُوَدَّةِ تَقْتَفُونَ
المعني:
فَلاَ تُجْدِي: فَلاَ: الفاء استئنافية, لا النافية, تُجْدِي: تنفع, أي: لا تنفع
الْقَطِيعَةُ: ضد الوصل, الترك, قال رضي الله عنه:
وَالْحِلْمُ يُغْرِي الْجَاهِلِينَ فَيَقْطَعُوا *** بَحْرَ الْقَطِيعَةِ رَاكِبِي الأَحْلاَمِ (27 ق 15)
وَالتَّجَافِي: البُعد, و في الآية: (تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ) 16 السجدة, و في هذا البيت إشارة, حيث قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه, مخاطباً الرّاوي في القصيدة 90, (بعد ذلك):
فَإِنْ أَمَالُوكَ فَاعْلَمْ أَنَّ مِنْحتَنَا *** لَهَا حَفِظْنَا وَحَاذِرْ أَنْ تُجَافِينِي (23 ق 90)
عَسَاكُمْ بِالْمُوَدَّةِ تَقْتَفُونَ: عَسَاكُمْ: عسي للأمل و الرجاء, بِالْمُوَدَّةِ: الباء للوسيلة, أي: بواسطة المودة, و المودة الحُبّ مع جلب المنفعة لمن تُحبّ (أقلّ المنفعة كفّ الأذى), تَقْتَفُونَ: اقتفاه أتي علي أثره, أي: تتبعون بعد هذا بالمودة, و هذا الأمر يتطلب عدم أمن مكر الله, قال سيدنا أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه: " لو أن إحدى قدمي في الجنة، والأخرى خارجها ما أمنت مكر الله"
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والسَّبْعُون : ( وَهَذَا مَوْعِدُ الأَجَلِ الْمُسَمَّى ) – بيت رقم 31: أَليْسَ السَّيْرُ أَوْلَى ؟ أَمْ أَبَيْتُمْ ؟ *** وَإِلاَّ مَا عَسَاكُمْ تَبْتَغُونَ
المعني:
أَليْسَ: الهمزة للاستفهام التقريريّ, ليْسَ: للنفي
السَّيْرُ أَوْلَى ؟: السَّيْرُ: الطريقة للسير إلي الله ثم السير في الله, أوراد و محبة و طاعة, إتبّاع الشيخ العمّ المربّي, أَوْلَى: من التعطّل بمخالفة الشيخ, و الابتداع
أَمْ أَبَيْتُمْ ؟: أَمْ: حرف عطف لطلب التعيين (مثال: محمد أم أحمد) وتسمى (أَمْ) المعادلة نحو قوله تعالى (قل أأنتم أعلم أم الله) 140 البقرة, أَبَيْتُمْ: رفضتم, في الحديث الشريف, قال صلي الله عليه و سلم: قال: (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى). قيل: يا رسول الله من يأبى؟ قال: (من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى)
وَإِلاَّ مَا عَسَاكُمْ تَبْتَغُونَ: وَإِلاَّ: إذا كان غير ذلك, مَا: استفهامية, عَسَاكُمْ: تفيد الاستفهام, تَبْتَغُونَ: تطلبون, ماذا تريدون إذا لم تكونوا تريدون السير
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والسَّبْعُون : ( وَهَذَا مَوْعِدُ الأَجَلِ الْمُسَمَّى ) – بيت رقم 32: إِذَا كَلَّتْ بِكُمْ هِمَمٌ فَأَنْتُمْ *** بِهَا مِنْ بَعْدِ سَبْقٍ تُسْبَقُونَ
المعني:
إِذَا كَلَّتْ بِكُمْ هِمَمٌ: إِذَا: شرطية, كَلَّتْ: أعيت و تعبت, بِكُمْ: بمعني فيكم, هِمَمٌ: جمعة هِمّة, قيل في تعريفها: الهمة : وهي عبارة عن غلبة الانبعاث إلى حصول الأمل خالصة من شوائب الالتفات لغيرها ، ترقى بصاحبها عن طلب الأعراض واعتبار الدرجات ، فتنفي الرضا عن الأدنى دون الأعلى, و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
أَيَا هِمَمٌ كَلَّتْ عَنِ السَّيْرِ فِي الضُّحَى *** يَخِيِبُ بِهَا مَن يَرْتَضِي بِرُقَادِكِ ) 1 ق 10)
فَأَنْتُمْ: الفاء للتأكيد, أنتم: المخاطبين بشراب الوصل, أبناء الطريقة
بِهَا: الباء للوسيلة أي: بواسطتها, أي: الهِمم, و الها إشارة للعلو بالهمم في الحضرات العليّة
مِنْ بَعْدِ سَبْقٍ: بعد أن كنتم سابقين
تُسْبَقُونَ: يسبقكم غيركم, بسبب كلل هممكم, قال تعالي: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) 54 المائدة, و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
أَهْلُ سَبْقٍ فِي الإِجَابَةِ لَوْ دُعِيْتُمْ *** كُفّرَتْ زَلاَّتُهُمْ دُنْيَا وَدِينَا (12 ق 62)
تعليقات: 0
إرسال تعليق