-->
إغلاق القائمة
إغلاق القائمة
404
نعتذر فقد تم نقل الموضوع ; الرجاء زيارة الارشيف! الأرشيف

الأربعاء، 27 مارس 2019

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والثَّمَانُون : ( حَيْثُ عَزَّ الشُّهُودُ طَابَ شُهُودِي )

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والثَّمَانُون : ( حَيْثُ عَزَّ الشُّهُودُ طَابَ شُهُودِي )
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والثَّمَانُون : ( حَيْثُ عَزَّ الشُّهُودُ طَابَ شُهُودِي )


موسوعة رشفات من دقائق شراب الوصل للشيخ عبد الحميد بابكر

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والثَّمَانُون : ( حَيْثُ عَزَّ الشُّهُودُ طَابَ شُهُودِي ) التّاريخ : الاثنين 15 ربيع أول 1407 هـ = 17 نوفمبر 1986 معَدَد الأبيات : 22


1- حَيْثُ عَزَّ الشُّهُودُ طَابَ شُهُودِي *** يَا عَلِيَّ الْجَنَابِ صَحَّ الشُّهُودُ
2- يَا مَنِ الأَمْرُ حَوْلَ جِيدِكَ عِقْدٌ *** وَبِكَ الأَنْبِيَاءُ تُعْطَى الْعُقُودُ
3- وَالْتَقَى فِيكَ يَا مُؤَمَّلُ قَوْمٌ *** كُلَّمَا عَايَنُوكَ غَارَ الْوُجُودُ
4- وَاصِلٌ سَالِكٌ مُقِيمٌ مُجِدٌّ *** مُبْتَغٍ نَائِلٌ حَلِيمٌ وَدُودُ
5- كُلُّنَا عَاجِزٌ وَمَا أَنْتَ إِلاَّ *** غَايَةُ الْمُنْتَهَى وَعَبْدٌ يَسُودُ
6- أَوَّلٌ آخِرٌ وَلَكِنْ بِبَدْءٍ *** أَنْتَ لِلأَوَّلِيَّاتِ ظِلٌّ وَعُودُ
7- وَالرُّقَى فِيكَ وَالْقُعُودُ سَوَاءٌ *** مَاءُ غَيْبٍ بَدَا وَنَحْنُ الْوُرُودُ
8- أُضْرِمَتْ فِي حَشَا مُحِبِّكَ نَارٌ *** نِعْمَتِ النَّارُ بَلْ وَنِعْمَ الْوَقُودُ
9- وَاحْتَوَيْتُمْ مُحِبَّكُمْ بِوِصَالٍ *** إِنْ تُرِدْ كَشْفَهُ يَحَارُ الْوُجُودُ
10- الثَّنَا يَرْهَبُ الثَّنَاءَ عَلَيْكُمْ *** وَالْعَنَا يَنْجَلِي وَيُخْزَى الْجَحُودُ
11- وَالْفَنَا فِيكَ يَا مُؤَيَّدُ جَمْعٌ *** وَالَّذِي يُصْطَفَى لَدَيْهِ السُّعُودُ
12- وَاجْتِمَاعُ الْجَمِيعِ جَمْعاً لِجَمْعٍ *** يَبْتَغُونَ الْقِرَى إِذَا هُمْ قُعُودُ
13- وَالنَّبِيُّونَ فِي مَفَازَةِ عِزٍّ *** نَخْلُهُمْ بَاسِقٌ وَطَلْعٌ نَضِيدُ
14- لَيْسَ إِلاَّ وِصَالُكُمْ نَبْتَغِيهِ *** جَمْعُكُمْ سَيِّدٌ وَجَمْعِي مَسُودُ
15- قُلْتَ يَا سَيِّدِي وَقَوْلُكَ هَدْيٌ *** وَبِهِ صَارَ كُلُّ هَادٍ يَهُودُ
16- عِتْرَتِي ذُخْرُكُمْ وَفِيهِمْ عَطَائِي *** وَإِذَا مَا رُمُوا تُقَامُ الْحُدُودُ
17- لاَمَ أَهْلَ الْغَرَامِ كُلُّ جَهُولٍ *** فَانْبَرَى جَاهِلٌ وَخَاضَ الْحَسُودُ
18- أَجْعَلُ الْقَوْلَ وَالْبَيَانَ يَسِيراً *** كُلَّمَا غَلَّتِ الْعُقُولَ قُيُودُ
19- كُلَّمَا صُفِّدَتْ عُقُولٌ بِوَهْمٍ *** عَادَهُمْ عَادُهُمْ وَعَادَتْ ثَمُودُ
20- مَرًّةً بِالْكُنَى أُكَنِّي وَأُخْرَى *** بِالْعِبَارَاتِ عَنْ عُلُومِي أَذُودُ
21- يَا عَظِيمَ الْجَنَابِ إِنِّي فَقِيرٌ *** طَامِعٌ فِي الْقِرَى وَأَنْتُمْ تَجُودُ
22- يَا وَلِيِّي إِذَا الْجَمِيعُ تَوَلَّوْا *** إِنَّ فِي هَذِهِ يَتِمُّ الشُّهُودُ

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والثَّمَانُون : ( حَيْثُ عَزَّ الشُّهُودُ طَابَ شُهُودِي ) – بيت رقم 1: حَيْثُ عَزَّ الشُّهُودُ طَابَ شُهُودِي *** يَا عَلِيَّ الْجَنَابِ صَحَّ الشُّهُودُ

المعني:
حَيْثُ: ظرف مكان
عَزَّ الشُّهُودُ: عَزَّ: امتنع و صعُب بلوغه, الشُّهُودُ: من شهِد إذا رأي رأى العين, حَيْثُ عَزَّ الشُّهُودُ: موطن التّجلّي الذّاتي الإلهي, موطن أو أدني حيث شهود التجلّي الإلهي, وحيث أشار تعالي بقوله: (وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ) الآية 28 آل عمران, ومشيراً إلي تميّزه بالعبادة في هذا الموطن, يقول سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
فَأَعْبُدُ مَنْ لاَ يَعْبُدُ النَّاسُ عِنْدَمَا *** يَكُونُ إِلَهُ النَّاسِ خَوْفَ الْحَنِيَّةِ (277 ق 1)
طَابَ شُهُودِي: طَابَ: لَذَّ وَزَكَا، شُهُودِي: الشهود هو رأي العين, مع ياء النسبة, أي: الشهود الذي خصّني
يَا عَلِيَّ الْجَنَابِ: يَا: للنداء, عَلِيَّ: صيغة المبالغة من علا يعلو فهو عال و أعلي و عليّ, علي وزن فاعل و أفعل و فعيل, الْجَنَابِ: القُرب و الكَنَف, فهو صلي الله عليه و سلم أعلي الخلق في القرب إلي الله تعالي, قال تعالي: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) 13 الحجرات, أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ: هو حضرة النبي صلي الله عليه و سلم, و عبارة "يَا عَلِيَّ الْجَنَابِ" تنبئ بالتوقير و التبجيل, تُقال للملوك و السادة
صَحَّ الشُّهُودُ: صَحَّ: سلِم من النقص, أي: الشهود الكامل, تجلّي جمال و جلال, قال تعالي: (مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى) 17 النجم

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والثَّمَانُون : ( حَيْثُ عَزَّ الشُّهُودُ طَابَ شُهُودِي ) – بيت رقم 2: يَا مَنِ الأَمْرُ حَوْلَ جِيدِكَ عِقْدٌ *** وَبِكَ الأَنِبْيَاءُ تُعْطَى الْعُقُودُ

المعني:
يَا مَنِ: يَا: حرف نداء, مَنْ : اسم موصول، أي: الذي, وجملة النداء (يَا مَنِ) استئنافية, و المخاطب ضمير مستتر تقديره أنت, يريد الكناية بالصفة عنه صلي الله عليه و سلم لعلو منزلته صلي الله عليه و سلم
الأَمْرُ: غيب الذّات, و هو موطن الصورة و الخيال الذي يسبق الأشياء, و المشار إليه في قوله تعالي: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) 82 يس
حَوْلَ جِيدِكَ عِقْدٌ: الجيد: العنق, العِقد الخيط ينظم فيه الخرز، وجمعه عُقود, و حَوْلَ جِيدِكَ: أي: موشح بالأمر, أي: أُعطي التفويض الإلهي بالتصرّف من موطن الأمر
وَبِكَ الأَنِبْيَاءُ تُعْطَى الْعُقُودُ: وَبِكَ: الباء للوسيلة أو الواسطة, أي: بواسطتك, لأنه صلي الله عليه و سلم هو الواسطة بين الله تعالي و خلقه, الأَنِبْيَاءُ: جميع أنبياء الله المخصصون بالنبوّة, تُعْطَى الْعُقُودُ: الْعُقُودُ: جمع عَقد و هو العهد و الميثاق, فكان أن أخذ الله ميثاق النبيين بواسطته صلي الله عليه و سلم, فهو الوحيد الذي خوطب بعبارة "يا أيّها الرّسول", و كلّ نبي أقرّ في العقد بأنّه لو حضر سيدنا رسول الله لاتبعه, هذا هو الميثاق, قال تعالي: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ) 81 آل عمران, قد قيل في مدحه صلي الله عليه و سلم:
نَبِيُّ جَمِيعِ الأنبِيَاءِ مُحًمَّدٌ *** نَعَم و لِكُلِّ المُرسَلِينَ رَسولُ

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والثَّمَانُون : ( حَيْثُ عَزَّ الشُّهُودُ طَابَ شُهُودِي ) – بيت رقم 3: وَالْتَقَى فِيكَ يَا مُؤَمَّلُ قَوْمٌ *** كُلَّمَا عَايَنُوكَ غَارَ الْوُجُودُ

المعني:
وَالْتَقَى فِيكَ: وَالْتَقَى: الواو استئنافية, اللِّقاء: نقيض الحِجاب, شهود الحضرة النبويّة, تجلّي نبوي, فِيكَ: بمعني عندك, أي: في حضرتك
يَا مُؤَمَّلُ: يا النداء لنداء القريب من حيث شهود المتكلم – سيدي فخر الدين - لحضرته صلي الله عليه و سلم, و نداء البعيد من حيث علوّ مكانته صلي الله عليه و سلم, مُؤَمَّلُ: من الأمل الرجاء و الانتظار, كلّهم في انتظار تجلّيه عليهم
قَوْمٌ: القوم هم من جمعهم شأن واحد كثر عددهم أو قلّ, جمعهم شهود التجلّي النبوي
كُلَّمَا عَايَنُوكَ: كُلَّمَا: ظرفية مركبة من (كل) و (ما) المصدرية و تتضمن الشرط, عَايَنُوكَ: عَايَنُوكَ: من عاين من رأي رأي العين أي: شهود التجلّي الذّاتي النبوي الصِرف, مع واو الجماعة, و كاف المُخاطب, و الكاف : اعتبار الذات من حيث التعين والتعدد, فهي للتعين في مرتبة الواحديّة, قيل:
يَا وَحِيدَ الوُجُودِ نَحْنُ حَيَارىَ *** فِيكَ فَارفِقْ بِعُصبةٍ حَيْرَانَه
أيْنَمَا اقبَلُوا رَأوْكَ جِهَارا *** والتَقَىَ مِنْ شُهُودِهِمْ والأَمَانَة
غَارَ الْوُجُودُ: غَارَ: من الغيرة عدم الرّضا عن شهود الغير, الْوُجُودُ: كلّ الأكوان مجتمعة, باعتبار شهودهم للوجود قائم و ينزوي عند شهود حضرته صلي الله عليه و سلم, و قيل:
كُلُّ شَمْسٍ إنْ رأتهُمْ كَسَفَتْ *** كُلُّ بَدْرٍ مِنْ سَنَاهُمْ يَأفُلُ

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والثَّمَانُون : ( حَيْثُ عَزَّ الشُّهُودُ طَابَ شُهُودِي ) – بيت رقم 4: وَاصِلٌ سَالِكٌ مُقِيمٌ مُجِدٌّ *** مُبْتَغٍ نَائِلٌ حَلِيمٌ وَدُودُ

المعني:
في هذا البيت تصنيف للقوم المشار إليهم في البيت السابق:
وَالْتَقَى فِيكَ يَا مُؤَمَّلُ قَوْمٌ *** كُلَّمَا عَايَنُوكَ غَارَ الْوُجُودُ
و يأتي التصنيف علي نحو الإيجاز البلاغي, و الإيجاز في اللغة العربية هو أداء المعنى الكثير باللفظ القليل، و قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أوتيت جوامع الكلم), و المعني أن يقول عن القوم: فمنهم وَاصِلٌ ومنهم سَالِكٌ .. إلي آخره, و لكنه حذف كلمات تدّل عليها القرائن, و هذا منهج في القرآن الكريم و في الحديث الشريف كما ذّكر, قال رضي الله عنه:
وَاصِلٌ: وهو من أكمل مراتب السير و فنا عن وجوده و بقي بالمحبوب, و غاية الوصول هو حضرة الذّات الإلهية, يقول سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
يَعْلَمُ الْوَاصِلُونَ مَا تِلْكَ إِلاَّ *** غَايَةٌ قَبْلَهَا يَكُونُ الْفَنَاءُ (21 ق 88)
سَالِكٌ: وهو المتنقل بين مراتب السير و هو دون مقام الاستقامة, يقول رضي الله عنه:
أَيُّهَا السَّالِكُونَ مَا الْحُبُّ سَهْلٌ *** قَدْ هُدِيتُمْ صِرَاطَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا (7 ق 12)
مُقِيمٌ: فهو من أقام في موطن الشهود و لم يبرحه, يقول رضي الله عنه:
أَقِيُم صَلاَتِي حَيْثُ طَابَ مَقَامُهَا *** فَلاَ حِوَلٌ عَنْهَا وَحَاشَا تَلَفُّتِي (264 ق 1)
مُجِدٌّ: من الجِدّ و هو العزيمة و الاجتهاد للوصول إلي غاية السير, يقول سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
وَارْكَبُوا عَزْمِي وَجِدُّوا *** السَّيْرَ نَحْوِي لاَ تَمَنَّوا (8 ق 18)
مُبْتَغٍ: المبتغي هو الطالب, طالب الوصول, يقول سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
لَوْ جَاءَنِي بَاغِي الْوُصُولِ مُسَافِراً *** أَنْعِمْ بِهِ سَفَرٌ وَجَلَّ سَفِيرُ (18 ق 5)
نَائِلٌ: النائل هو المتلقي الحائز للعطاء, يقول رضي الله عنه:
وَمِمَّا نِلْتُهُ مِنْهَا عُلُوماً *** وَأَحْكَاماً أُلَقّنُهَا بِذَاتِي (13 ق 39)
حَلِيمٌ: يبادل الأذى بالعطاء, المتقلّب في نار القُرب, قال تعالي: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ) 75 هود
وَدُودُ: صيغة المبالغة من ودّ, أي: الكثير الحُبّ الفاني في المحبوب بذاته, فأقصي ما يبذله للمحبوب (وهذا معني الودّ) أن يفني فيه فلا يترك من ذاته و صفاته شيئاً, قال تعالي: (لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) 92 آل عمران
و في هذا الضرب يقول بعض السادة الأكابر رضي الله عنهم:
ليس من نوه بالوصل له *** كالذى سير به حتى وصل
لا ولا الواصل عندى كالذى *** طرق الباب وللدار دخل
لا ولا الداخل عندى كالذى *** اجلسوه عندهم فى المستهل
لا ولا من اجلسوه عندهم كالذى *** سارروه فهو للسر محل
لا ولا من سارروه كالذى *** صار إيّاهم فدع ذاك الكلل

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والثَّمَانُون : ( حَيْثُ عَزَّ الشُّهُودُ طَابَ شُهُودِي ) – بيت رقم 5: كُلنَا عَاجِزٌ وَمَا أَنْتَ إِلاَّ *** غَايَةُ الْمُنْتَهَى وَعَبْدٌ يَسُودُ

المعني:
كُلنَا: كُلّ حرف لاستيعاب أفراد العدد, أهل حضرة جمع الجمع, الحضرة النبويّة
عَاجِزٌ: العاجز الذي يقعد به الضعف عن بلوغ الغاية, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه, و الإقرار بالعجز في حضرة الكبير, استعطاف مبطّن و طلب للعطاء, في (62-63 ق 39):
رَسُولَ اللَّهِ وَالزَّهْرَاءِ مَالِي *** لَدَيْكُمْ غَيْرُ عَجْزِ السَّائِلاَتِ
وَمَا عَجْزِي لَدَيْكُمْ غَيْرُ عِزٍّ *** كَمَا يُعْطَى الْفَقِيرُ الْمُغْنَيَاتِ
وَمَا أَنْتَ إِلاَّ غَايَةُ الْمُنْتَهَى: وَمَا أَنْتَ إِلاَّ: الواو للتأكيد, ما النافية و تتبعها إلا للاستثناء تفيد الحصر, غَايَةُ الْمُنْتَهَى: الغاية هي النهاية و يكون المعني أنك مُنتهي المُنتهي, و هو الذي لا يبلغ معرفته أحد من الكائنات, لا بشر و لا ملائكة, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
لاَ يَبْلُغُ الطُّلاَّبُ مِنْهُ بِدَايَةً *** أَوْ تَفْقَهُ الأَمْلاَكُ مَا نَجْوَاهُ (4 ق 19)
و قيل في المعني:
يَا مُنْتَهَى المُنْتَهَى فِى كُلِّ مَرْتَبةٍ *** الذَّاتُ والوَصْفُ والأسْمَاءُ والفِعْلُ
وَعَبْدٌ: الواو عاطفة, عَبْدٌ: العبد بالأصالة لله سبحانه و تعالي, قال تعالي: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) 1 الإسراء, و قال تعالي: (قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ) 81 الزخرف, و يقول سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
هُوَ ذَا سَيّدٌ وَأَوَّلُ عَبْدٍ *** وَبِهِ بَدْءُ غَايَةِ الْعُبَّادِ (17 ق 22)
يَسُودُ: له السّيادة و هي زعامة القوم و تقدّمهم في المكانة و الجاه و الشرف, أي: علي جميع خلق الله تعالي, جاء في الحديث الشريف عن سيدنا أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, قَالَ: "أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلا فَخْرَ ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ وَلا فَخْرَ ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يَأْخُذُ بِحَلَقَةِ بَابِ الْجَنَّةِ وَلا فَخْرَ ، وَلِوَاءُ الْحَمْدِ بِيَدِي وَلا فَخْرَ", قال سيدي فخر الدين في (9-10 ق 44):
إِنِّي رَفِيعٌ فِي مَقَا *** مٍ فِيهِ سَادَ السَّيّدُ
وَعَلَيْهِ سَادَ بِهِ يُسو *** دُ وَمِنْهُ سَادَ الأَحْمَدُ

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والثَّمَانُون : ( حَيْثُ عَزَّ الشُّهُودُ طَابَ شُهُودِي ) – بيت رقم 6: أَوَّلٌ آخِرٌ وَلَكِنْ بِبَدْءٍ *** أَنْتَ لِلأَوَّلِيَّاتِ ظِلٌّ وَعُودُ

المعني:
أَوَّلٌ: الأول : لغةً: المتقدم على ما عداه, قال تعالي: (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ) 3 الحديد, و أوليّته صلي الله عليه و سلم, ففي حديث سيدنا جابر حين سأله عن أول ما خلق الله, قال صلي الله عليه و سلم: "أول ما خلق الله روح نبيّك يا جابر", فهو العقل الأول و أول مخلوق لله تعالي, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
يَا أَوَّلَ الْخَلْقِ فِي إِطْلاَقِهِ أَلِفاً *** بِهِ التَّآلُفُ يَا قَابَ الْهِدَايَاتِ (7 ق 71)
آخِرٌ: آخر الأنبياء زمناً, فهو خاتم المرسلين, عليه و عليهم الصلاة و السلام, قال تعالي: (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا) 40 الأحزاب, قال سيدي رضي الله عنه:
وَإِنَّهُ الأَصْلُ وَالآبَاءُ عِتْرَتُهُ *** وَإِنَّهُ السّرُّ فِي أُخْرَى الْبُنَيَّاتِ (16 ق 71)
وَلَكِنْ بِبَدْءٍ: وَلَكِنْ: الواو عاطفة, لَكِنْ: للاستدراك و التأكيد, بِبَدْءٍ: الباء ظرفية بمعني (في), بَدْءٍ: البَدْء فِعْلُ الشيءِ أَوَّلُ, الآية: (قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) 20 العنكبوت
أَنْتَ لِلأَوَّلِيَّاتِ: الأولية : القِدَم, إن أول ما ظهر بعد فتق العمى هو سيدنا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاستحق بذلك الأولية للأوليات ، فهو أبو الروحانيات كلها كما كان آدم عليه السلام أبا الجسمانيات كلها, قال سيدي رضي الله عنه:
وَسِيقَ إِلَيْهِ الْعِلْمُ مِنْ كُلِّ طَارِقٍ *** وَجِيءَ بِهِ شَاهِدِي الأَوَّلِيَّةِ (416 ق 1)
ظِلٌّ: ظِلٌّ: الظِلُّ لغة: كلُّ موضع يكون فيه الشمس فتزول عنه, أي: هو التعين الثاني، لأنه أول قابل للكثرة التي هي صور وظلال وشؤون الوحدة, الذي قال فيه تعالي: (أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ) 15 ق, فهو الخلق الجديد, موطن وحدة الوجود أو تعدد الكثرة في الواحد, قال تعالي: (أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلا) 25 الفرقان, و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
أَلْفَتْ عَلَى الْخَلْقِ الْجَدِيدِ ظِلاَلَهَا *** وَلَدَى مَراقِيهَا تُرَى بِعُيوُنِهَا (12 ق 95)
وَعُودُ: العُود: الأصل, و تعني الشجرة التي يستمد منها الظّل, و هو موطن تنزّل نوره صلي الله عليه و سلم في الحقيقة الأحمديّة من حضرة غيب الأحديّة, قال رضي الله عنه:
فَفَالِقُ الْحَبِّ وَالإِصْبَاحِ بَارِؤُنَا *** وَأَحْمَدٌ عِنْدَهُ أَصْلُ الْبَرِيَّاتِ (14 ق 71)

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والثَّمَانُون : ( حَيْثُ عَزَّ الشُّهُودُ طَابَ شُهُودِي ) – بيت رقم 7: وَالرُّقَى فِيكَ وَالْقُعُودُ سَوَاءٌ *** مَاءُ غَيْبٍ بَدَا وَنَحْنُ الْوُروُدُ

المعني:
وَالرُّقَى: التدرج في مراتب الكمال للوصول إلى التحقق بالفناء التام
فِيكَ: أي في باطنك, مخاطباً حضرة النبي صلي الله عليه و سلم, في: ظرفية و الكاف: ضمير المُخاطب, لاعتبار الذات من حيث التعين والتعدد, إشارة إلي كونه صلي الله عليه و سلم المحتوي الموجودات
وَالْقُعُودُ: العجز عن الرُّقي, قال رضي الله عنه:
لاَ يَبْلُغُ الطُّلاَّبُ مِنْهُ بِدَايَةً *** أَوْ تَفْقَهُ الأَمْلاَكُ مَا نَجْوَاهُ (4 ق 19)
سَوَاءٌ: سواءٌ من حيث ألا بلوغ لحدّ معرفته صلي الله عليه و سلم
مَاءُ غَيْبٍ: مَاءُ غَيْبٍ: يعني: (أنتَ) مَاءُ غَيْبٍ, الماء كناية عن الرّوح, قال تعالي: (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ) 30 الأنبياء, غَيْبٍ: من غيب الذّات, و يعني الحقيقة المحمّدية, قال رضي الله عنه:
ظَنَنَّا أَنَّ مَاءَ الْغَيْبِ مِلْحٌ *** وَجَدْنَا الْغَيْبَ طِيبَ الطَّيِّبَاتِ (57 ق 39)
بَدَا: تجلّي و ظهرَ
وَنَحْنُ: الواو واو المعية, نَحنُ: بلسان الجمع أي: أهل الحضرة النبوية, جمع الجمع
الْوُروُدُ: من ورد إذا حضر مكان شُرب الماء أو السُقيا, الْوُروُدُ: من وَرَدَ الماءَ وغيره وَرْداً و وُرُوداً: أَشرَفَ عليه، أي: حُضورٌ لدي مكان الشُرب, ماء الغيب: الحقيقة المحمّدية

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والثَّمَانُون : ( حَيْثُ عَزَّ الشُّهُودُ طَابَ شُهُودِي ) – بيت رقم 8: أُضْرِمَتْ فِي حَشَا مُحِبّكَ نَارٌ *** نِعْمَتِ النَّارُ بَلْ وَنِعْمَ الْوَقُودُ

المعني:
أُضْرِمَتْ: من ضَرِمَت النارُ وتَضَرَّمَتْ واضْطَرَمَت: اشْتَعَلَتْ والْتَهَبَتْ، و أُضْرِمَتْ: هو إتيان فعل الإضرام نفسه
فِي حَشَا مُحِبّكَ نَارٌ: فِي: ظرفية كناية عن البواطن, حَشَا: الحَشَى: ما دُون الحِجابِ مما في البَطْن, و هي مكان لواعج الحُبّ, أي: الحُب وصل درجة الغرام الذي تصطلي الحشا بناره, كناية عن شدّته لدرجة العذاب به, مُحِبّكَ: الذي يُحبّك, كناية عن كنّي عن نفسه - بصفة محبّته له صلي الله عليه و سلم - و لم يُصرّح, سيدي فخر الدين رضي الله عنه, نَارٌ: شدّة الحُب الذي وصل حدّ الغرام, قال رضي الله عنه:
إِنَّ الْغَرَامَ إِذَا أَلَمَّ بِعَاشِقٍ *** أَحمَى حَمِيثاً للِحَشَا يَجْتَاحُ (9 ق 25)
و قيل في المعني:
هَيَّ بِي يَا مُحِبَّهُمْ نَحوَهُمْ هَيْ *** لاَ تُمَوِّه بِزَيْنَبٍ لاَ وَ لاَ مَيْ
نَارُهُمْ فِي الحَشَا بَدَتْ و كَوَتْ كَيْ *** فَتَأمَّلْتُهَا وَ فِكْرِي مِنَ البَينِ
عَلِيلٌ و لَحظُ عَينِي كَلِيلُ
نِعْمَتِ النَّارُ: نِعْمَتِ: فعل للمدح, نِعْمَ للمذكّر و نِعْمت للمؤنّث, و النّار مؤنّث, النَّارُ: أي: مدح لمحبّته و الغرام به صلي الله عليه و سلم
بَلْ وَنِعْمَ الْوَقُودُ: بَلْ: للإضراب أي: للانتقال لوصف أدقّ و أجّل, وَنِعْمَ: الواو للعطف, نِعْمَ: للمدح, الْوَقُودُ: ما توقد به النّار و تُذكي فلا ينطفئ أوارها, و الوقود كناية عن الفناء في محبّته, و هنا أشبه المقارنة بما ورد عَنِ سيدنا عبدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه، قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَامِل الْحَسَنَ عَلَى عَاتِقِهِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا غُلامُ, نِعْمَ الْمَرْكَبُ رَكِبْتَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَنِعْمَ الرَّاكِبُ هُوَ", و الوقود هو فناء سيدي فخر الدين رضي الله عنه في محبّته صلي الله عليه و سلم التي لا يُعلم مداها, و التي وصفها رضي الله عنه بقوله:
هُوَ مَنْ عَلَيْهِ اللَّهُ صَلَّى قَدْرَ مَا *** لاَ تَعْلَمُ الأَكْوَانُ كَمْ أَهْوَاهُ (18 ق 19)

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والثَّمَانُون : ( حَيْثُ عَزَّ الشُّهُودُ طَابَ شُهُودِي ) – بيت رقم 9: وَاحْتَويْتَمْ مُحِبَّكُمْ بِوِصَالٍ *** إِنْ تُرِدْ كَشْفَهُ يَحَارُ الْوُجُودُ

المعني:
وَاحْتَويْتَمْ: أي: وَاحْتَويْتَمْ أنتم يا سيدي يا رسول الله – صلي الله عليك و سلم,
مُحِبَّكُمْ: سيدي فخر الدين رضي الله عنه, يُكنّي عن نفسه بصفة محبّته له صلي الله عليه و سلم, وحَوَى الشيءَ يحوِيه واحْتَواهُ: جمَعَه وأَحرزه, و الاحتواء يعني الحفظ فلا يبتعد عنك الشئ, الخطاب بصيغة الجمع إذ يخاطب حضرة النبي صلي الله عليه و سلم في جميع مراتب التكوين, و هي: المرتبة اللاتعينية (كنز العما), المرتبة التعينية (تنزّله من قبضة النور في غيب الأحديّة), اللاتسمية (تنزّله في حجب الجلال العشر إلي الحضرة الأحمديّة), التسمية (ظهوره بكلّ حقائقه في أرض مكة, و المعروف بالحقيقة المحمّدية)
بِوِصَالٍ: الباء حرف جر لاصق كقولك أمسكتُ بالحبلِ, وِصَالٍ: الوصال لقاء المحبوب و زوال الفرق بينك و بينه و مداومة الأنس و المشاهدة معه
إِنْ تُرِدْ كَشْفَهُ: إِنْ تُرِدْ: إِنْ شرطية بمعني إذا, أي: إِنْ تختار, كَشْفَهُ: كشف الوصال الذي بيني و بينكم, و الكشف إزالة الستر و الحجاب, أي: أن يصبح مشهوداً للغير بعد أن كان غائباً عنهم, و إِنْ تُرِدْ: من موطن الإرادة, فما بالك إذا كشفته بالفعل
يَحَارُ الْوُجُودُ: يَحَارُ من حارَ حَيْرَةً أَي تَحَيَّرَ في أَمره و ضلّ و لم يهتدي, الْوُجُودُ: كلّ الأكوان مجتمعة, أي: يحار الوجود عند شهود ما احتويتني به - يا سيدي يا رسول الله, صلي الله عليك و سلم - من وصال

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والثَّمَانُون : ( حَيْثُ عَزَّ الشُّهُودُ طَابَ شُهُودِي ) – بيت رقم 10: الثَّنَا يَرْهَبُ الثَّنَاءَ عَلَيْكُمْ *** وَالْعَنَا يَنْجَلِي وَيُخْزَى الْجَحُودُ

المعني:
الثَّنَا يَرْهَبُ الثَّنَاءَ عَلَيْكُمْ: الثَّنَا: الثَّناءُ: ما تصف به الإنسانَ من مَدْح, يَرْهَبُ: يخافُ, الثَّنَاءَ عَلَيْكُمْ: مدحكم, أي: أن مدحكم - يا سيدي يا رسول الله – أمرٌ عظيمٌ, يستعصى علي المدح نفسه إذا ما أجمع أمره علي ذلك, و مثال ذلك, قال رضي الله عنه في (7-8 ق 19):
هُوَ مِنْ ثَنِيَّاتِ الْكَمَالِ وَإِنَّهُ *** يَأْبَى ثَنَاءً وَالثَّنَا يَأْبَاهُ
يَخْشَى مُجَانَبَةَ الصَّوَابِ وَيَتَّقِي *** عَثَراتِ خَوْضٍ لَوْ أُمِيطَ غِشَاهُ
وَالْعَنَا يَنْجَلِي: الواو عاطفة, الْعَنَا: العَناء الحَبْس في شدة وذُلٍّ, يَنْجَلِي (أي: يَنْجَلِي بِكُم), يَنْجَلِي عَنَّا, من أَجْلَي عنه الهمَّ إِذا فرَّجه عنه، وانّجَلت عنه الهموم كما تنْجَلي الظلمة, ينزاح و ينكشف العناء, الخطاب بصيغة الجمع إذ يخاطب حضرة النبي صلي الله عليه و سلم في جميع مراتب التكوين, و هي: المرتبة اللاتعينية (كنز العما), المرتبة التعينية (تنزّله من قبضة النور في غيب الأحديّة), اللاتسمية (تنزّله في حجب الجلال العشر إلي الحضرة الأحمديّة), التسمية (ظهوره بكلّ حقائقه في أرض مكة, و المعروف بالحقيقة المحمّدية), قال رضي الله عنه, متحدثاً عن السادة آل البيت رضوان الله عليهم:
بِهِمُ اسْتَبَانَ الْحَقُّ حَقّاً وَانْجَلَتْ *** عَنْ كُلِّ مَكْرُوبٍ هُمُومُ الْعَانِي (17 ق 2)
وَيُخْزَى الْجَحُودُ: يُخْزَى: خَزِيَ الرجلُ يَخْزَى خِزْياً وخَزىً: وقع في بَلِيَّة وشَرٍّ وشُهْرةٍ فذَلَّ بذلك وهانَ (أي: يُخْزَى بِكُم), , الْجَحُودُ (بفتح الجيم) فة عي صيغة فَعُول, للمبالغة, من الجُحودُ (بضم الجيم) و هو الإِنكار مع العلم, أي: الذي يُنكر علي سيدي فخر الدين رضي الله عنه, و يجحد نِعَمه, يقول رضي الله عنه:
حَرَامٌ عَلَى قَوْمٍ أَكُونُ إِمَامَهُمْ *** وِلاَيَةُ قَوْمٍ جَاحِدينَ لِنِعْمَتِي (19 ق 1)

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والثَّمَانُون : ( حَيْثُ عَزَّ الشُّهُودُ طَابَ شُهُودِي ) – بيت رقم 11: وَالْفَنَا فِيكَ يَا مُؤَيَّدُ جَمْعٌ *** وَالَّذِي يُصْطَفَى لَدَيْهِ السُّعُودُ

المعني:
وَالْفَنَا فِيكَ: الواو استئنافية, الْفَنَا: التخلّي عن الذّات و امتزاج الرّوح في المحبوب, فِيكَ: في: كناية عن الباطن, أي: في باطن حضرته صلي الله عليه و سلم, المشار إليها بكاف المخاطب, لاعتبار الذات من حيث التعين والتعدد
يَا مُؤَيَّدُ: يَا: للنداء, تعظيماً, مُؤَيَّدُ: التأييد هو السند و الدعم, و هو صلي الله عليه و سلم المُؤَيَّدُ بالوحي, قال تعالي: (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) 102 النحل
جَمْعٌ: هو الحضرة الحقيّة المحضة, بلا خلق, حضرة الفناء
جَمْعاً إِلَى فَرْدِهِ الْمَجْمُوعُ فِي حُجُبٍ *** وَالْكُلُّ حَشْداً يُقَرّبُنَا ويُدْنِينَا (11 ق 28)
وَالَّذِي يُصْطَفَى: يُصْطَفَى, يُختار لموطن الوسطية قابلية الجمع بين الحقيقة الحقيّة المحضة و الحقيقة الخلقية فيرد حضرة جمع الجمع التي تجمع بين الحقيقتين
لَدَيْهِ السُّعُودُ: لَدَيْهِ: عنده, السُّعُودُ: البقاء في حضرة التقريب, موطن المشاهدة الإلهية

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والثَّمَانُون : ( حَيْثُ عَزَّ الشُّهُودُ طَابَ شُهُودِي ) – بيت رقم 12: وَاجْتَماعُ الْجَمِيعِ جَمْعاً لِجمْعٍ *** يَبْتَغُونَ الْقِرَى إِذَا هُمْ قُعُودُ

المعني:
وَاجْتَماعُ الْجَمِيعِ: واو العطف, اجْتَماعُ: انتقال الأفراد من مكان كلّ واحد إلي مكانٍ واحدٍ لأمر جامعٍ, الْجَمِيعِ: مجموع أفراد أهل الحضرة
جَمْعاً لِجمْعٍ: أي: إضافة الصفة الخلقيّة علي الحقيّة, فيصيروا في حضرة جمع الجمع: وهي درجة الوحدة المحضة التي يفنى فيها من كان باقياً في الجمع، ويبقى من كان فانياً
يَبْتَغُونَ الْقِرَى: يَبْتَغُونَ: يطلبون, أي: الأولياء أهل حضرة جمع الجمع, الْقِرَى: ما يُعطي للضيف من الكَرَم, و أصل الكرم هو حضرة جمع الجمع, غيب الأحديّة, و لمّا كانت الإشارة إليها بِحِراء, فقد قيل (مما أنشد سيدي فخر الدين):
الْقِرَى لاَ مِراء *** يَا مُرِيد بِغَارِ حِرَاء
إِذَا هُمْ قُعُودُ: إِذَا: ظرفية بمعني حين, هُمْ: إشارة لأهل الحضرة, قُعُودُ: في انتظار القيام, و هو حالة المشاهدة, السجود (الشهود) و القيام (المشاهدة)

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والثَّمَانُون : ( حَيْثُ عَزَّ الشُّهُودُ طَابَ شُهُودِي ) – بيت رقم 13: وَالنَّبِيُّونَ فِي مَفَازَة عِزٍّ *** نَخْلُهُمْ بَاسِقٌ وَطَلْعٌ نَضِيدٌ

المعني:
وَالنَّبِيُّونَ: الواو واو العطف’ للاستمرار في تعديد شمائله صلي الله عليه و سلم, و في هذا البيت يتحدث عن عطائه للأنبياء, النَّبِيُّونَ: جمع نبي, أي: حضرة جمع الأنبياء
فِي: ظرفية إشارة للباطن
مَفَازَة عِزٍّ: مَفَازَة: من الفَوْزُ: النَّجاءُ والظَّفَرُ بالأُمْنِيَّة والخيرِ، فازَ به فَوْزاً ومَفازاً ومَفازَةَ, عِزٍّ: العزّ هو الحِمى المنيع الذي لا يُرام, غالي الحصول عليه, الآية: (لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ) 188 آل عمران, أي: بمنجاة من العذاب أو بفوز بالنجاة
نَخْلُهُمْ بَاسِقٌ وَطَلْعٌ نَضِيدٌ: نَخْلُهُمْ: الضمير راجع للنبيين أهل الحضرة النبوية الخاصة, النخل كناية عن الأرواح, بَاسِقٌ: من البُسُوق ارتفاع الشيء وعُلُوُّه, يقال بَسَقَتِ النّخلةُ بُسُوقاً إذا طالَتْ وكَمُلَتْ, أي: علو أرواحهم, وَطَلْعٌ نَضِيدٌ: الواو واو المعيّة, طَلْعٌ: الطَّلْعُ نَوْرُ النخلة ما دامِ في الكافُور، الواحدة طَلْعةٌ, نَضِيدٌ: من نَضَدْتُ المَتاعَ أَنْضِدُه، بالكسر، نَضْداً ونَضَّدْتُه: جَعَلْتُ بعضَه على بعض, أي: متراكم فوق بعضه دليل الغزارة و الكثرة, و هو إشارة لتجليّات و علوم الحقائق الإلهية, الآية: (وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ) 10 ق, و معني ذلك: أنهم – عليهم السلام – في عطاء المصطفي صلي الله عليه و سلم الخاص, من العلوم الإلهية و التجلّيات

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والثَّمَانُون : ( حَيْثُ عَزَّ الشُّهُودُ طَابَ شُهُودِي ) – بيت رقم 14: لَيْسَ إِلاَّ وِصَالُكُمْ نَبْتَغِيهِ *** جَمْعُكُمْ سَيّدٌ وَجَمْعِي مَسُودُ

المعني:
لَيْسَ إِلاَّ: لَيْسَ: تفيد النفي, إِلاَّ: تفيد الاستثناء, و جمعاً تفيدان الحصر و الإثبات
وِصَالُكُمْ: الوصال هو انتفاء الحجاب و البقاء مع المحبوب بكلّ الجوارح, سمع و نظر, و يُخاطب هنا سيدنا رسول الله صلي الله عليه و سلم بصيغة الجمع, لجمع حقائقه صلي الله عليه و سلم كلّها
نَبْتَغِيهِ: نطلبه, أي: نحن أهل حضرة جمعي: سيدي فخر الدين و ورثته رضي الله عنهم
جَمْعُكُمْ سَيّدٌ: جَمْعُكُمْ: حضرة جمع الجمع, و هي جمعه صلي الله عليه و سلم, سَيّدٌ: يعلو و يرأس كل الجُمعات, و أعلاها و أشرفها, قال رضي الله عنه:
سَيِّدِي وَهُوَ لِلسِّيَادَةِ رَبٌّ *** ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا بِفُؤَادِي (1 ق 22)
وَجَمْعِي مَسُودُ: وَجَمْعِي: أنا و ورثتي, مَسُودُ: فالذي يرأسهم سيدي فخر الدين رضي الله عنه, و في العبارة توسّلٌ للعطاء منه صلي الله عليه و سلم لأهل الطريقة, قال رضي الله عنه:
لَكِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَقاً وَارِثٌ *** أَوَ لَيْسَ هَذَا سَيّدٌ مِنْ أَسْوَدِ ؟ (15 ق 76)

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والثَّمَانُون : ( حَيْثُ عَزَّ الشُّهُودُ طَابَ شُهُودِي ) – بيت رقم 15: قُلْتَ يَا سَيّدِي وَقَوْلُكَ هَدْيٌ *** وَبِهِ صَارَ كُلُّ هَادٍ يَهُودُ

المعني:
قُلْتَ يَا سَيّدِي: قُلْتَ: هو الحديث, من الكلام ما اشتمل علي موضوع واحد و بالصنيف هو حديث, أي: في حديث شريف, يَا سَيّدِي: يا النداء للتعظيم, سَيّدِي: تسويده صلي الله عليه و سلم صفة المحبّة و الإيمان, يذكر حديث من أحاديثه صلي الله عليه و سلم, في البيت التالي
وَقَوْلُكَ هَدْيٌ: الواو للتأكيد, قَوْلُكَ: حديثك, أي: كلّ حديثك, هَدْيٌ: إرشاد و دلالة علي طريق الخير
وَبِهِ: بواسطته, بواسطة هديك و إرشادك
صَارَ كُلُّ هَادٍ: صَارَ: انتقل من مكانة إلي مكانة, أي: انتقلوا لموطن الإرشاد و التعليم بما علّمتهم, كُلُّ: حرف لاستيعاب أفراد العدد. هَادٍ: هادي, أي: دليل و مرشد لقومه, من الأنبياء و الأولياء,
يَهُودُ: من الهَوْدُ: التَّوْبَةُ و الرجوع إِلى الحق، أي: يُرجع الناس إلي الحقّ, و الحقّ يرد في الحديث الآتي برعاية مكانة آل البيت رضوان الله عليهم, و سيدي فخر الدين و ورثته هم المعنيين بذلك في هذا الزمان

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والثَّمَانُون : ( حَيْثُ عَزَّ الشُّهُودُ طَابَ شُهُودِي ) – بيت رقم 16: عِتْرَتِي ذُخْرُكُمْ وَفِيهِمْ عَطَائِي *** وَإِذَا مَا رُمُوا تُقَامُ الْحُدوُدُ

المعني:
عِتْرَتِي ذُخْرُكُمْ: عِتْرَتِي: عِتْرةُ الرجل: أَقْرِباؤه من ولدٍ وغيرهِ، أي: آل بيتي, ذُخْرُكُمْ: ذَخَرَ الشيءَ يَذْخُرُه ذُخْراً واذَّخَرَهُ اذِّخاراً: اختاره، أي: هم خِيارُكُم, في حديث خطبته صلي الله عليه و سلم بماء خما بين مكة والمدينة قال صلي الله عليه و سلم: "أما بعد ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي", يقول رضي الله عنه:
إِذَا مَا ضَلَّ أَبْنَاءُ النَّبِيِّ *** تُرَى مَنْ لِلْهِدَايَةِ بَعْدُ كَانَ ؟ (11 ق 89)
وَفِيهِمْ عَطَائِي: فيهم الدّين, و منهم سيدي فخر الدين و ورثته أهل بيته, و فيهم سرّ العطاء النبوي, قال رضي الله عنه:
وَأَهْلِيَ أُولُو الشَّرَفِ الْعَظِيِم وَعِتْرَةُ *** لِخَاتَمِ رُسْلِ اللَّهِ هَادِي الْبَرِيَّةِ (181 ق 1)
و آل بيت سيدي فخر الدين رضي الله عنهم هم ورثة النبي صلي الله عليه و لسم و فيهم سرّه, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
أَيُّهَا الْمَسْؤُلُ عَنِّي *** إِنَّ سِرّى فِي ذَوِيَّا (24 ق 17)
وَإِذَا مَا رُمُوا: الواو للعطف: أي: و كذلك يُشار في الحديث الشريف, لعدم التعرّض بالأذى لآل البيت, إذا: شرطية, و ما المصدرية, رُمُوا: الرمي: هو الاتهام بالباطل, قال رضي الله عنه:
تَعَلَّمُوا مِنْ كَلاَمِي مَا يُسَلمُكُمْ *** فَلاَ تَخُوضُوا بِجَهْلٍ فِي ذَوِي الْقُرْبَى (6 ق 70)
تُقَامُ الْحُدوُدُ: إقامة الحدود هي تنفيذ العقوبات التي أمر بها الله تعالي, قال تعالي في الآية: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) 33 الأحزاب, فيكون اتهام آل البيت بالباطل, مخالفة لمقصد الله تعالي و هديه

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والثَّمَانُون : ( حَيْثُ عَزَّ الشُّهُودُ طَابَ شُهُودِي ) – بيت رقم 17: لاَمَ أَهْلَ الْغَرَامِ كُلُّ جَهُولٍ *** فَانْبَرَى جَاهِلٌ وَخَاضَ الْحَسُودُ

المعني:
لاَمَ: اللّوم هو العذل و التعنيف
أَهْلَ الْغَرَامِ: الغرام شدة المحبة و التعلّق بالمحبوب, أَهْلَ الْغَرَامِ: أهل المكان هم المقيمون فيه, أي: القوم المقيمون في الغرام, و الغرام معني به غرام آل البيت, و محبتهم, و الإشارة هنا لآل بيت سيدي فخر الدين رضي الله عنه, أي: محبيهم المصطلون بحبّهم, و تُعرب عبارة "أَهْلَ الْغَرَامِ": أَهْلَ: مفعولٌ به منصوب بالفتحة الظاهرة, الْغَرَامِ مُضاف و أَهْلَ مضاف إليه, قال رضي الله عنه:
وَإِذَا مَا لاَمَ مَحْرُومُ الْهُدَى *** لأَمِينِي يَصْطَلِي مَسَّ سَقَر (11 ق 13)
كُلُّ جَهُولٍ: كُلُّ: فاعلٌ, جَهُولٍ: جَهُولٍ مُضاف و كُلُّ مضاف إليه, كُلُّ: حرف لاستيعاب أفراد العدد, كُلُّ جَهُولٍ: يعني كُلّ من يصف بشدة الجّهل, من صيغة المبالغة, جاهل , أجهل و جهول
فَانْبَرَى جَاهِلٌ: فَانْبَرَى: الفاء تفسيرية, أي: كيفية اللوم, انْبَرَى: تصدّي للأمر باندفاع و حماسة, جَاهِلٌ: من لا علم له بالشئ, مخدوع
وَخَاضَ الْحَسُودُ: وَخَاضَ: الخوض هو الكلام في الأمر بغير علمٍ, الْحَسُودُ: صيغة المبالغة من حسد فهو حاسد و أكثر حسداً و حسود, و الحسود هو الذي يتمني زوال نعمة الغير إليه, يتمني أن تئول إليه ما لآل البيت من المكانة في قلوب الناس, يهفو إلي الرئاسة

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والثَّمَانُون : ( حَيْثُ عَزَّ الشُّهُودُ طَابَ شُهُودِي ) – بيت رقم 18: أَجْعَلُ الْقَوْلَ وَالْبَيَانَ يَسِيراً *** كُلَّمَا غَلَّتِ الْعُقُولَ قُيُودُ

المعني:
أَجْعَلُ الْقَوْلَ: أي: أنا أجعلُ, لجَعَلَ الشيءَ يَجْعَله جَعْلاً: وَضَعه, الْقَوْلَ: الجزء من الكلام: قصيدة أو بيت, قال رضي الله عنه:
وَقَوْلِيَ حَقٌّ أَوُّلاً ثُمَ آخِراً *** وَمَا كَانَ صَيَّاحُ الأَبَاطِلِ مُسْكِتِي (263 ق 1)
وَالْبَيَانَ: تفصيل القول و شرحه
يَسِيراً: سهلاً, لا يصعب فهمه, قال تعالي: (فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ 58 الدخان
كُلَّمَا: ظرفية مركبة من ( كل ) و ( ما ) المصدرية ، تتضمن معني الشرط
غَلَّتِ الْعُقُولَ قُيُودُ: غَلَّتِ: قَيَّدَت, من الغُلّ و هو القيد, الْعُقُولَ: الأفهام, قُيُودُ: جمع قيد و هو ما يقيد المعني, و يأتي منه أنّها لم تدقق و لم تمعِن في القول, قال رضي الله عنه:
وَلَكَمْ عُقُولٌ مَسَّ طَائِفُ غِرّهَا *** مَا أَمْعَنَتْ بَلْ أَعْرَضَتْ وَتَوَلَّتِ (303 ق 1)
و قال رضي الله عنه:
فَمَا قَوْلُ الْجَهُولِ حَبِيسِ عَقْلٍ *** إِذَا جِئْنَا بِعِلْمٍ بَرْزَخِيّ (28 ق 30)

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والثَّمَانُون : ( حَيْثُ عَزَّ الشُّهُودُ طَابَ شُهُودِي ) – بيت رقم 19: كُلَّمَا صُفِّدَتْ عُقُولٌ بِوَهْمٍ *** عَادَهُمْ عَادُهُمْ وَعَادَتْ ثَمُودُ

المعني:
كُلَّمَا: ظرفية مركبة من ( كل ) و ( ما ) المصدرية ، تتضمن معني الشرط
صُفِّدَتْ عُقُولٌ: صُفِّدَتْ: من صَفَده: أَوْثَقَه وشده وقَيَّده, و هو فعل مبني للمجهول, أي: قُصِد إحكام تقييدها فيصعب انطلاقها من القيد, الآية: (وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ 4 إبراهيم
بِوَهْمٍ: الباء للوسيلة, أي: صفّدت بواسطة, الوَهْمُ: من خَطَراتِ القلب، ما يتبع الظّن
عَادَهُمْ: رجع إليهم الأمر الأول الذي كانوا عليه, و استعملت لجمع مؤنث سالم لشبهه بالمذكر المفرد
عَادُهُمْ: جمع عادَةُ و هي الدَّيْدَنُ يُعادُ إِليه، تقول في الجمع عادٌ و عاداتٌ و عِيدٌ
وَعَادَتْ ثَمُودُ: وَعَادَتْ: و رجعت إلي فعلها و هو التكذيب, ثَمُودُ: إشارة للمعاندين الذي لا يسمعون قول الشيخ, قال تعالي: (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ) 23 القمر, و ثمود أنذروا بعدم قتل الناقة, و المعاندين يحاربون الطريقة, قال رضي الله عنه:
بِأَخْذِ عَزِيزٍ قَادِرٍ سَوْفَ أَحْمِهَا *** إِذَا هَمَّ أَشْقَاهُمْ لِيَعْقُرَ نَاقَتِي (233 ق 1)

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والثَّمَانُون : ( حَيْثُ عَزَّ الشُّهُودُ طَابَ شُهُودِي ) – بيت رقم 20: مَرًّةً بِالْكُنَى أُكَنِّي وَأُخْرَى *** بِالْعِبَارَاتِ عَنْ عُلُومِي أَذُودُ

المعني:
مَرًّةً: المَرًّةُ هي الواحدة من تكرارات فعل الشئ
بِالْكُنَى أُكَنِّي: بِالْكُنَى: بواسطة الْكُنَى: جمع كُنية, من كنّي عن الشئ إِذا تكلم بغيره مما يستدل عليه, و هي الرمز و الإشارة في المصطلح الصوفي, أُكَنِّي: آتي بالكُنية أي الرمز لما أريد معناه, قال رضي الله عنه:
دَعُوا كُلَّ خَوَّاضٍ يَنُوءُ بِحِمْلِهِ *** فَإِن إِشَارَاتِي أَدَقُّ الدَّقَائِقِ (10 ق 16)
وَأُخْرَى: أي: و مَرًّةً أُخْرَى, أي: تتوافر الحالتان, الإشارة و العبارة, حسب مقتضي الحال
بِالْعِبَارَاتِ: أي: بواسطة العبارات, جمع عبارة, و هي من أَعْرَبَ وبيّن وأفصح, بدون كناية, قال بعض العارفين:
أنا النور المبين ولا أكنى *** أنا التنزيل يعرفني ابن فني
عَنْ عُلُومِي أَذُودُ: الذّود الدفاع عن الشئ و الطرد, عُلُومِي: علوم شراب الوصل, يدافع و يسقي من يشاء

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والثَّمَانُون : ( حَيْثُ عَزَّ الشُّهُودُ طَابَ شُهُودِي ) – بيت رقم 21: يَا عَظِيمَ الْجَنَابِ إِنِّي فَقِيرٌ *** طَامِعٌ فِي الْقِرَى وَأَنْتُم تَجُودُ

المعني:
يَا عَظِيمَ الْجَنَابِ: يَا النداء, (مخاطباً سيدنا رسول الله صلي الله عليه و سلم), عَظِيمَ: أوسعه و أكبره, الْجَنَابِ: الكنف و القرب, يا من يسع جنابك للفقير السائل
إِنِّي فَقِيرٌ: إِنِّي: إنّ للتأكيد مع ياء المتكلم, أي: يعني نفسه, سيدي فخر الدين, فَقِيرٌ: الفَقْر: ضد الغِنى، و هو الحاجة للعطاء, و الإقرار بالفقر مدعاة للعطاء, و هو التذلل عند الطلب, و يقول سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
إِنِّي إِلَى جَدِّي فَقِيرٌ عِلْمُهُ *** يَكْفِي جَمِيعَ الْكَوَنِ بَعْضُ فُتَاتِهِ (8 ق 9)
طَامِعٌ: الطَّمَعُ: ضِدُّ اليَأْسِ. قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "تعلمن أَنَّ الطَّمَعَ فَقْرٌ وأَنَّ اليَأْسَ غِنًى"
فِي الْقِرَى: في الكرم الذي يقدم للضيف
وَأَنْتُم تَجُودُ: وَأَنْتُم: الواو للتأكيد, أنتُم: خطاب لحضرة النبي صلي الله عليه و سلم في جميع مراتب التعيين, تَجُودُ: الجود هو العطاء من غير سؤال, في مدحه صلي الله عليه و سلم, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
وَجَزِيلٌ عَطَاؤُكُمْ وَسَخِيٌّ *** وَبُلُوغُ الْكَمَالِ فِيكَ مُحَالُ (5 ق 48)

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والثَّمَانُون : ( حَيْثُ عَزَّ الشُّهُودُ طَابَ شُهُودِي ) – بيت رقم 22: يَا وَلِيِّي إِذَا الْجَمِيعُ تَوَلَّوْا *** إِنَّ فِي هَذِهِ يَتِمُّ الشُّهُودُ

المعني:
يَا وَلِيِّي: يَا: حرف نداء للقريب و البعيد, وَلِيِّي: ولي مع يا النسبة, الولي: هو المحب الناصر المتكفّل بالرعاية, في الآية: (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ) 6 الأحزاب
إِذَا الْجَمِيعُ تَوَلَّوْا: إِذَا: ظرفية بمعني حين, الْجَمِيعُ: كل ممن هم في حضرة الجمع, تَوَلَّوْا: تركوا في مقام عزّ فيه الشُهود, يشير إلي البيت الأول من القصيدة:
حَيْثُ عَزَّ الشُّهُودُ طَابَ شُهُودِي *** يَا عَلِيَّ الْجَنَابِ صَحَّ الشُّهُودُ
إِنَّ: للتأكيد
فِي هَذِهِ: في ولايته صلي الله عليه و سلم للمشاهد في موطن القرب
يَتِمُّ الشُّهُودُ: يتم شهود الذّات, الشهود الكامل, تجلّي الجمال و الجلال, المشار إليه في قوله تعالي: (مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى) 17 النجم, قال رضي الله عنه:
وَتَمَّ لِي مَا أَرَادَ الْمُصْطَفَى صِلَةً *** وَفِيهِ مِتَّعْتُ أَسْمَاعِي وَأَبْصَارِي (23 ق 33)


مشاركة المقال
mohamed fares
@كاتب المقاله
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع برهانيات كوم .

مقالات متعلقة

إرسال تعليق



Seoplus جميع الحقوق محفوظة ل برهانيات كوم