دراسة فنية في ديوان (شراب الوصل)
للشيخ محمد عثمان عبده البرهانى
مقدمة بواسطة / الوسيلة إبراهيم محمد درار
للشيخ محمد عثمان عبده البرهانى
مقدمة بواسطة / الوسيلة إبراهيم محمد درار
- ديوان شراب الوصل : التمكن من الحرف كتابة ولفظا
- شرح ومعنى من كان في هذا المقام يرى معي صديق هذا النور فوق الحاجب
- شرح معنى ألا إنما يسرى المريد على يدى مرقعتى فيض ولست بحـائك
نبذة عن البحث
جاء هذا البحث بعنوان دراسة فنية في ديوان شراب الوصل للشيخ محمد عثمان عبده البرهاني وقد اتضح في الفصل الأول – حياة الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني - الذي جاء في خمسة مباحث أن النسب من الأهمية ؛ إذ به يكون التعارف وبه توصل الأرحام وبه تعرف الحقوق بل هو فرض على الكفاية .
وثبت أن نسب الشيخ محمد عثمان عبده ينتهى من جهة جدته لأبيه إلى الامام الحسين ابن السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الطريقة البرهانية الدسوقية الشاذلية هى واحدة من طرق الأصول وتعود تسميتها إلى الشيخين : إبراهيم الدسوقي الملقب ببرهان الملة والدين وابي الحسن على عبد الله الشاذلي وكان أول من مزج بين الطريقتين (البرهانية الدسوقية الشاذلية ) هو أبو المواهب الشاذلي حفيد لابي الحسن الشاذلي أطلق على الطريقة البرهانية (الممزوجة) البرهامية الدسوقية وسمتها المخابرات طريقة الطباخين وقد تبين أنه من الخطأ إطلاق البرهامية على البرهانية ان الطريقة البرهانية من أوائل الطرق التي دخلت السودان ولكنها لم تنتشر إلا مؤخراً وقد دخلت عن طريقين : طريق المغرب بواسطة أحمد زروق (الشاذلي) وطريق وادى حلفا باسم الطريقة البرهانية بواسطة الشيخ عبد الرحمن مليك والشيخ عباد والشيخ (الحاج) فضل انتقلت الطريقة الى الشيخ محمد عثمان عبده عن طريق أجداده وكان شيخه الذي أخذ عليه عهد الطريقة البرهانية عمه عثمان حامد عبد الباقي أن الشيخ محمد عثمان عبده بدا نشر الطريقة البرهانية الدسوقية الشاذلية في وادى حلفا ثم عطبرة ثم الخرطوم وفي مصر أثناء زياراته المتكررة اليها .
وانتشرت في الدول العربية والأجنبية بواسطة ابناء الطريقة وذلك لمنهج الشيخ محمد عثمان عبده واذنه لكل مريد بأن يعطى الطريقة لمن يرغب تبين أن حياة الشيخ محمد عثمان عبده – منذ صغره- لم تكن كحياة غيره ؛ فقد تنبأ – بعلو مكانته- الشيخ المكاشفى والشيخ قريب الله وكان ممن ساعد في تربيته جدته الصالحة (آسيا) وقد طلب العلم منذ صغره في المساجد وغيرها وكان مجتهداً في عبادته في غار بجبل اولياء وغيره وكان متمسكا بالطريقة .
كما قام بجولات وزار كثيراً من مشايخ الصوفية وقد أطلق عليه الشيخ المكاشفي لقب (فقير البحر) وكان الشيخ على دراية بالانشاد وكان ذا أخلاق رفيعة وعلى معرفة بالقرآن وما يتصل به وانه كان قوى الحجة نافذها وقد خلف علوما كثيرة وله من آثاره " انتصار أولياء الرحمن على أولياء الشيطان" و "تبرئة الذمة في نصح الأمة وتذكرة أولى الألباب للسير إلى الصواب" "وقبس من نور " و"سلسلة علموا عنى" و "ديوان شراب الوصل" الذي هو وعاء لما تحتويه مؤلفاته أما الفصل الثاني – وقد جاء في مبحثين – فقد تبين فيه ضرورة البيان من تشبيه واستعارة وكناية للكشف عن أبعاد شخصية الشيخ محمد عثمان عبده ومدى تأثرها بالقرآن وأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم والبيئة المحيطة من خلال ديوانه ففي المبحث الاول : أتضح ان للاستعارة مزيه وفضل على التشبيه .
وقد وضع الشيخ محمد عثمان عبده (قصائده) – عن طريق التشبيه والاستعارة – في صور كثيرة تبين أهميتها ؛ فهى تشبه الآيات لما تحمله من معانى الآيات أو لاقتباس الآيات فيها ؛ وهي تشبيه الثمار لما بها من نفع ويقتبس ذلك من القرآن ؛ وهي تشبه الماء والسحاب في كثرة العطاء ، وألفاظ قصائده تشبه الدر في تناسقها وارتباطها ببعضها البعض وتشبه معانيها الجواهر في نفاستها وندرتها وقصائده حسناء ليست بعاقر وليست بميتة ترجو الرثاء من الآخرين وكان (العلم) من المباحث التى أكثر الشيخ محمد عثمان عبده من ذكرها في ديوانه فقد جعله خضابا للقلوب وجعل القلوب مستودعاً له ووضعه – عن طريق التشبيه والاستعارة – في صور مختلفة ؛ فالعلم كنز في القلوب وبغيره تبدو الصدور قفارا وهو كالنخل في النفع والعلم كالماء في الكثرة وفي الحاجة اليه وهو كالخمر المرموز بها لعلم الأحوال والمحبة وكانت (الطريقة) من قضاياه التى تناولها في ديوانه بكثرة وقد وضعها في صور مختلفة منها : أنها كالزرع الذي ينبت حتى في الجرداء وهي–في قداستها- كناقة ثمود وهي كسفينة نوح في كونها وسيلة للنجاة وهي كسيدنا يوسف عليه السلام في كونها كانت سراً وفي جمالها اما المبحث الثاني وهو الكناية والتى تبين أنها أبلغ من التصريح – فقد كانت معظم الكنايات التى وردت في ديوانه هى الكناية المراد بها صفة وكانت عبارة عن كنايات كثر دورانها أو تداولها عند الخاصة والعامة لأنها وردت بنصها في القرآن أو كلام العرب ؛ وكنايات ابتدعها وانفرد بها الشيخ محمد عثمان عبده وقد اتضح من خلالها ذوقه وحسه ؛ إذ أن الكناية من الفنون التى تحتاج الى حس لغوى مرهف وفي الفصل الثالث الذي بعنوان المحسنات البديعية فقد جاء في ثلاثة مباحث
المبحث الأول :
رد العجز عل الصدر وقد اخترعه ابن المعتز وله بلاغة في المنظوم والمنثور وقد ورد في ديوان الشيخ محمد عثمان عبده بثلاثة الأقسام : تصدير التقفية وتصدير الطرفين وتصدير الحشو وعند استقصائي له وجدته كثيراً وقد جاء على أنواع وجاءت بعض الأنواع على نماذج مختلفة .
وورد في ديوانه بالاضافة لصوره المعروفة – بصورة أخرى لم ترد عند البلاغيين كاجتماع أكثر من قسم مثل اجتماع تصدير التقفية وتصدير الطرفين واجتماع تصدير التقفية وتصدير الحشو
المبحث الثاني :
الطباق وتأتى روعته من قدرة الناظم على الجمع بين ضدين يفصح كل ضد عن الآخر وهو من أكثر المحسنات البديعية شيوعاً ودوراناً في ديوانه لاسيما طباق الايجاب وقد اتضح من خلال الأمثلة التى أوردتها قدرة الشيخ محمد عثمان عبده وتمكنه من هذا المحسن البديعي .
ولم يكن هناك ثمة تكلف واضح .
المبحث الثالث :
الاقتباس ، وقد حصرته في الاقتباس القرآني واتضح أن ما في ديوانه إما عقداً للقرآن أو اقتباساً منه .
وقد جاء الاقتباس بنوعيه :
الاقتباس الذي لم ينقل فيه المقتبس من معناه الأصلي – هو الأكثر – وهو نوعان ، والاقتباس الذي نقل فيه المقتبس من معناه الأصلي وقد جاء على نوع واحد – هو قليل- تبين الاقتباس : منه ما هو مقبول وما هو مباح وما هو مردود وقد ورد من الاقتباس في ديوان شراب الوصل ما ظاهره مردود وقد خرج بكونه عقداً أو تضميناً ؛ إذ أنه ينافي الحقيقة تصدرت المصطلحات الصوفية عنوان الفصل الرابع التى بها تتبين شخصية الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني وتأثره بالمد الصوفي في كونه صوفياً وقد جاء في خمسة مباحث وجاء الفناء أول مباحثه لأنه مدار الأمر ؛ إذ به ترتبط كثير من مصطلحات الصوفية واتضح انه التصوف نفسه ولذا لا نجد صوفياً إلا قد أتي بذكر له ، وبه يمكن تفسير معظم شطحات الصوفية وقد ثبت ذلك من خلال ديوان شراب الوصل ايضاً واتضح ان الفناء على ثلاثة أوجه : فناء في الأفعال ، فناء في الصفات ، وفناء في الذات .
وقد أورد الشيخ محمد عثمان عبده الفناء بذات المعاني الصوفية؛ فقد ذكر الفناء عن البقية وهو الفناء عن كل الأشياء شغلاً عما فنى فيه وذكر الفناء على الصفات وهو الفناء عن صفاته والبقاء بصفات الربط وذلك بتجلى الرب عليه بالصفات وتبع مصطلح الفناء مصطلحات أخرى – وردت ايضاً في ديوانه – مثل السحق وهو فناء فيه بقية والمحق وهو فناء وجود العبد في ذات الحق والطمس وهو فناء صفاته بصفات الحق ، والمحو وهو فناء أفعاله في فعل الحق والجمع وهو عين الفناء بالله ، وفناء الفناء وهو ان يفنى حتى عن الفناء نفسه
أما المبحث الثاني :
التجلى ، فقد تجلى فيه – من خلال اقوال الصوفية – أن الله تعالى يتجلى على عبده باسم او صفة وأن التجلى يورث الفناء ، والتجلى هو ما ينكشف للقلوب من أنوار الغيوب .
وذكر الشيخ محمد عثمان عبده أن للتجلي شراباً وهو غير محتمل مصطلحات أخرى قريبة لمعناه : كالشرب ، والذوق والري تبين ان السكر يسبق الفناء .
وقد ذكر الشيخ محمد عثمان عبده السكر وغيره بذات المعاني ويقترن بذكر السكر مصطلح الصحو وهو الرجوع للاحساس بعد الغيبة وهو نوعان .
المبحث الرابع :
الحال والمقام ، أما الحال – وسمى حالاً لتحوله – فهو ما يرد على القلب من غير تعمل ولا اجتلاب كالسكر والمحو والغيبة والرضى أو كونك باقيا او فانياً أو صاحياً ... وقد ثبت ذلك من خلال ديوان شراب الوصل .
وصرح الشيخ محمد عثمان عبده ان للحال مراتب وأنه ممن يملكون الأحوال ، وأن البعض ينكر الحال أما المقام – وسمى مقاماً لثبوته – فهو كل صفة يجب الرسوخ فيها ولا يصح التنقل عنها عند الشيخ محمد عثمان عبده : كسب ببذل الهمم وهو عمل وهبة .
وقد ذكر الشيخ محمد عثمان عبده أن النبي صلى الله عليه وسلم صاحب مقام محمود وأنه صاحب مقام العبد ووصف مقامه بأنه خفي وأنه مقام على وأنه مقام عبودة .
وقد تبين أن الشئ بعينه قد يكون حالاً ثم يصير مقاماً وأن المقام لا يستقر إلا بنازل الحال الذي هو بعده
المبحث الخامس :
الحلول والاتحاد ، وضح أن الحلول أو اتحاد الجسمين بحيث تكون الإشارة إلى أحدهما إشارة إلى الآخر وثبت – كما في التفاسير وعند كبار المتصوفة – أن مذهب الحلول والاتحاد هو مذهب النصارى وقد انكر الصوفية عامة – ناثرهم وناظمهم – الحلول والاتحاد بتلك المعانى وأن تنسب اليهم وكان الشيخ محمد عثمان عبده – من خلال نصوصه – ممن انكر تلك المعاني ونزه الله تعالى عن المكان وعن الحلول والاتحاد وأمر الآخرين بأن لا يقولوا به وصرح بأن المنكرين للتصوف إنما يقولونه رمياً للصوفية ودعوى باطلة وطعناً لا أساس له
تعليقات: 0
إرسال تعليق