-->
إغلاق القائمة
إغلاق القائمة
404
نعتذر فقد تم نقل الموضوع ; الرجاء زيارة الارشيف! الأرشيف

الأربعاء، 21 فبراير 2018

العلم والادب : الأدب بغير علم ناقص

العلم والادب : الأدب بغير علم ناقص
لكلِّ علم من العلوم أدب يتصَّل به وأخلاق لازمة لمن يعمل بهذا العلم وقد قيل إنَّ الأدب بغير علم ناقص


العلم والادب : الأدب بغير علم ناقص


الـعـلم والأدب


لكلِّ علم من العلوم أدب يتصَّل به وأخلاق لازمة لمن يعمل بهذا العلم وقد قيل إنَّ الأدب بغير علم ناقص، والعلم بغير أدب لا خير فيه، وقد بيَّن لنا القرآن الكريم ووضَّحت لنا السنة الشريفة الآداب التي يجب أن نراعيها في أداء جميع العبادات والتي يجب أن نتعامل بها مع جميع الخلق مهما كانت مراتبهم بل مع الحيوان الأعجم. 

وكم من عبادة رفيعة أحبطها سوء الأدب قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبيِّ ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون }ـ الحجرات 

وقد اخترنا هذا النص من كلام أمير المؤمنين الإمام عليٍّ كرَّم الله وجهه ينصح عامله الذي أرسله لجمع الزكاة وفي هذا الكلام توضيح للنهج الذي يجب أن يسير عليه جامع الزكاة وبيان للأدب الذي يجب أن يتأدب به وهذا نصُّ وصية الإمام: 

(انطلق على تقوى الله وحده لا شريك له، ولا تروِّعنَّ مسلماً ولا تجتازنَّ عليه كارهاً ولا تأخذنَّ منه أكثر من حقِّ الله في ماله، فإذا قِدمت على الحيِّ فانزل بمائهم من غير أن تخالط أبياتهم، ثمَّ امض إليهم بالسكينة والوقار حتى تقوم بينهم فتسلِّم عليهم ولا تخدج بالتحية لهم، ثمَّ تقول: عباد الله أرسلني إليكم وليُّ الله وخليفته، لآخذ منكم حقَّ الله في أموالكم، فهل لله في أموالكم من حقٍّ فتؤدوه إلى وليِّه؟ فإن قال قائل: لا، فلا تراجعه، وإن أنعم لك منعم فانطلق معه من غير أن تخيفه وتوعده أو تعسفه أو ترهقه، فخذ ما أعطاك من ذهب أو فضة، فإن كان له ماشية أو إبلٌ فلا تدخلها إلا بإذنه فإنَّ أكثرها له، فإذا أتيتها فلا تدخل عليها دخول متسلِّطٍ عليه ولا عنيفٍ به، ولا تنفرَّنَّ بهيمة ولا تفزِّعنَّها ولا تسوءنَّ صاحبها فيها، واصدع المال صدعين ثمَّ خيِّره فإن اختار فلا تعرضنَّ لما اختاره، ثمَّ اصدع الباقي صدعين ثمَّ خيِّره، فإذا اختار فلا تعرضنَّ لما اختاره فلا تزال كذلك حتى يبقى ما فيه وفاءٌ لحقِّ الله في ماله، فاقبض حقَّ الله منه، فإن استقال فأقله، ثمَّ اخلطها ثم اصنع مثل الذي صنعت أولا حتى تأخذ حق الله في ماله، ولا تأخذنَّ عوداً ولا هرمة ولا مكسورة ولا مهلوسة، ولا ذات عوار ولا تأمننَّ عليها إلا من تثق بدينه رافقاً بمال المسلمين حتى يوصله إليه فيقسمه بينهم). 

هذه وصية قيمة تحوي أدباً رفيعاً ومنهجاً هو غاية في العدل.

وقوله (ولا تجتازنَّ عليه كارها) فهو صاحب الأرض ولا يجوز لك أن تمرَّ بأرضه أو تنزل بها إلا بعد أن تستأذنه. 

وقوله (فانزل بمائهم من غير أن تخالط أبياتهم) فقد كانت العرب تنزل قريبا من المياه ويكون الحيُّ على مسافةٍ من الماء وهم معروفون بالغيرة فإذا جاء الغريب ونزل بينهم ربما أثار الغيرة في قلوبهم فأدَّى ذلك إلى ما لا تحمد عقباه، كما أن نزوله بينهم ربما أدى إلى التجسس على أحوالهم والاطلاع على أسرارهم وهذا مذموم. 

وقوله (ثمَّ امض إليهم بالسكينة والوقار) فالمشي بالسكينة تطمئنُّ به القلوب وسرعة المشي تذهب ببهاء المؤمن وعليه ألا يتجه إليهم وهو مسرع في المشي لأن سرعة المشي أيضاً من علامات الشرِّ وسوء القصد.

قوله (ولا تُخدج بالتحيَّة لهم) فالتحية لها آداب ويجب أن يؤديها المُسلِّم على أحسن وجه فليس كلُّ تحية تحية قال تعالى {وإذا حُييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها} ـ النساء 86) وقوله (فإن قال قائل: لا فلا تراجعه.

 أي لا تكذِّبه ولاتتهمه وصدقه فيما قال، أما إذا اعترف لك بأن الزكاة واجبة عليه فانطلق معه ولا تخوِّفه ولا تشدد عليه في المسألة وخذ ما أعطاك من ذهب أو فضة فهو أدرى بما عنده من مال وحسابه على الله فيما كذب فيه.

فإذا كان ماله هذا ماشية فلا تدخل الحظيرة إلا بعد إذنه فإن كان للمسلمين نصيب في هذا المال فإنَّ أكثر المال له و لا يجوز لك أن تطرد بهيمة اعترضت طريقك أو تفزعها فإن هذا يسوء صاحبها)، ويذكِّر هذا بموظفي الجمارك الذين يفتحون حقائب المسافرين ويبعثرون محتوياتها وقد يؤدي هذا إلى إتلاف بعض ما فيها ولا يكلِّفون أنفسهم بإعادة ترتيبها أو الاعتذار لصاحبها ويشددون على المواطنين في تحصيل الجمارك ويحسبونه هيِّنا وهو عند الله عظيم.

وكذلك موظفو الضرائب وما يلجأون إليه من الغش والتدليس والتضييق على المواطنين في تقدير الضرائب وتحصيلها. 

ثمَّ بيَّن رضي الله تعالى عنه طريقة تحصيل الزكاة فأمره أن يجعل الماشية قسمين متساويين ويبدأ صاحب الماشية فيختار النصف الذي يريده، ثم يقسم النصف الآخر ويختار صاحب الماشية القسم الذي يريده وتستمر عملية القسمة إلى أن يبلغ الزكاة المطلوبة وهذا نهج في غاية العدل لا يمكن أن أن يكون هناك نهج أحسن منه ثم يطلب منه بعد ذلك أن يكون صاحب المال راضياً وإذا أراد أن تعاد القسمة فعلى جامع الزكاة أن يخضع له ويعيد القسمة ثم يوصيه بالرفق بالبهائم والحرص على المال حتى يوصله إلى وليِّهم .

ويتَّصل بهذا الحديث حديث آخر للإمام عليِّ كرَّم الله وجهه فقد نهض في السحر وكان معه أحد أصحابه واسمه نوف البكالي، فقال له الإمام عليٌّ كرَّم الله وجهه:أرامق أنت يا نوف أم راقد؟ أي هل أنت مستيقظ أم نائم؟ فقال: بل رامق يا أمير المؤمنين، قال كرَّم الله وجهه: يا نوف إن داؤود عليه السلام قام في هذه الساعة فقال: إنها ساعة لا يدعو فيها عبد إلا استجيب له إلا ان يكون عشَّاراً أو أو عِرِّيفاً أو شرطياً أو صاحب عرطبة. 

والعشَّار جامع الضرائب والعِرِّيف رجل الأمن الذي يتجسس على الناس وصاحب العرطبة عازف العود أو الكمان أو أي آلة موسيقية. 

فالعمل في الضرائب أو الشرطة أو الأمن يتطلَّب من العامل فيها أن يكون شديد الحذر في مراعاة الأمانة والصدق والأدب والبعد عن الظلم وإلا فمثل هذه الوظائف محفوفة بالمخاطر و الفساد فيها كثير و هي باب من ابواب الهلاك.




مشاركة المقال
Unknown
@كاتب المقاله
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع برهانيات كوم .

مقالات متعلقة

إرسال تعليق



Seoplus جميع الحقوق محفوظة ل برهانيات كوم