حدث في الستينيات: صاحبي و أحد دفعتي في الدراسة و في الطريقة - دخلنا في وقت واحد. صاحبي هذا والده في طريقة أخري و رجل أوراد و متمكن. فرح الأب عندما علم أن ابنه أخذ الطريقة البرهانية. و كان الأب يعرف حزب السيف و يقرأه من ضمن أوراد طريقته.
سأل الأب يوماً الإبن عن الأوراد التي يقرأها في الطريقة البرهانية. و اتضح له أن ابنه الصغير هذا يقرأ حزب السيف و كمان 9 مرات في اليوم, و معروف أن من يقرأون حزب السيف في الطرق الأخري قليلون و ليس لديهم إذن بهذا العدد.
أسرّ الأبّ أمراً في نفسه و أعطي ابنه مبلغاً طالباً منه أن يحجز تذكرتين قي الباص الذاهب من تلك المدينة في شمال السودان إلي الخرطوم (مسافة 700 كلم) غداً لهم الإثنين. و فعل الإبن ذلك و هو في غبطة لا تعادلها غبطة لأن معني ذلك ان هذه فرصة لرؤية مولانا الشيخ محمد عثمان رضي الله عنه و زيارته.
دخل الإثنان علي مولانا و سلما عليه و وجد صاحبي حينئذٍ أنه أسعد إنسان في الدنيا.
تحدث الأب إلي مولانا الشيخ بشأن ولده, ذاكراً أنّه سعيد بأن يكون ولده من أتباع الطريقة و من تلاميذ سيدي الشيخ رضي الله عنه. و لكن لديه طلب بسيط, و هو أن هذه الأوراد التي أعطيت لإبنه كثيرة خاصةً أنه ما زال حديث السن. و طلب من الشيخ أن يلغي من اوراد الإبن كذا و كذا و من أول ذلك حزب السيفي إلي أن تركه علي خاتم الصلوات و الأساس. و كان رد مولانا الشيخ بالموافقة علي كل ذلك.
و خرج الإثنان من عند مولانا و ذهبا إلي أم درمان. و في أم درمان اكتشف الإبن أنه فقد سبحته. فأخبر والده بذلك و طلب منه الإذن بأن يرجع حيث ربما وقعت في موقف لمواصلات في الخرطوم.
و افق الأب.
و رجع الإبن من حيث أتي و بالفعل وجد السبحة في يد أول سائق تاكسي في الخط يلوح بها في يده, فأخبره أن تلك مسبحته فأعطاها إياه.
و كان التاكسي في الخط الذي يذهب من وسط الخرطوم مروراً بالخرطوم (3) حيث منزل مولانا. فركب صاحبي في ذلك التاكسي.
وصل مرة أخري إلي منزل مولانا و دخل علي مولانا و سلّم عليه مرة أخري. و حينها أخذ في البكاء و يقول لمولانا إن أبي جرّدني من كل أورادي في الطريقة و إنت وافقت ليه ... فربت مولانا علي كتفه و قال له: إنت صدقت ! أقرأ أورادك كما هي, أنا كنت عاوز أجبر خاطر أبوك فقط, أما الآن واصل أورادك زي ما هي, فعادت الفرحة إلي صديقي و عاد باحمد عودة و هو الآن من الشخصيات التي لها مكانة في الطريقة لما تميز به من همة و غيرة و محبة, ربنا يزيده.
تعليقات: 0
إرسال تعليق