نذكر هنا بعض الأبعاد الهامة في نجاح تحقيق أهداف التنظيم و التي يؤدي تجاهلها أو عدم العمل بها إلى العكس تماما و نرجو أن نشير إلى أن هذه الأبعاد يمثل كل منها نظرية إدارية قائمة بذاتهـا ، و سوف نقوم بإدخال الأسانيد الخاصة بالطريقـة كتنظيم خاص للغاية من آيات و أحاديـث للرسـول صـلى الله عليـه و سلم و مشايخنا الكرام رضوان الله عليهـم ، بمـا يـؤدي إلـى تأكيد ليس عملية و منطقية نهج المشايخ و أما نعنى أثبات صحة النظريات التي اعتمدنا عليها في وضع دستور أعمال الطريقة ، و الأبعاد هي:
1 - الامتثال لتحكم مركزي واحد : -
أن الدراسات و البحوث العلمية أثبتت ، بما لا يدع أي مجال للشك أن من أهم أسباب فشل التنظيمـات و المشـروعات فـي العالـم هو ؛ تعدد المديرين و الرؤساء و الآراء في التنظيم الواحد ليصبح أفراد التنظيم مشـتـتين بين أكثـر من رئيس و أكثر من رأى فيضيع الهدف و ينهدم النظام و يفشل التنظيم في أخر الأمر و إذا عدنا إلى الدين الحنيف نجد الآتي : -
أ ) قال تعالى : {{ قل لو كان فيها آلهة لفسدتا }} .
ب ) قـال صلى الله عليه و سلم : {{ إذا كنتم ثلاثة فأّمرو أحدكم }} .
ج ) و قال صلى الله عليه و سلم أيضا : {{ الراعي مسئول عن رعيته }} .
و من خلالها يتضح الأتي : -
* ضرورة التسلسل الهرمي في التنظيم لينتهي في قمته برئيس واحد ، و رئيس لكل مستوى إداري معيـن يكـون مسـئولا عمـن دونه ، و مسئولا عنهم إلى رئيسة المباشر ، و لأن وجود أكثر من رئيس للنظام يؤدي فساد التنظيم .
و إذا كان هذا هو السبب في فشـل مشروعـات ، و تنظيمـات عادية فما بالنا و نحن نتحدث عن أعمال الطريقة ؛ لذا نجد العديد من الأبيات في قصائد سيدي فخر الدين تتحدث عن : أهميـة توحـيد القِبلـة و هي الشـيخ و الامتثال و التسليم له و هو ما يتوافق مع هذه النظرية الإدارية بل الأصح ما يجعل هذه النظرية العلمية تجد السند الإلهي بالتأييد لموافقتها لهذه الأبيات التي جاءت لتؤكد أهمية و خطورة هذا العامل .
من خـلال هذه الأبيات نصل إلى حقيقة هامة للغاية و هي أهمية توحيـد القبلـة كعامل أساسي جوهري و عليه فإن التنظيـم لأعمال الطريقـة عبـر قوانينه و لوائحه و وسائله ، الخ لابد أن يراعى هذا الأمر .
أن تلقي الأوامر لتنظيم أعمال الطريقة في هذه الحالة يجب أن يكون من جهة واحدة فـقط لا غـير ، شـأنها شـأن المؤسـسات و التنظيمات و المشروعات على ذلك فإن التنظيم المقترح لأعمال الطريقة قد راعى ذلك إما : بتلقي الأوامر مباشرة من الشيخ { شيخ الطريقة ، رئيـس التنظيم } ، أو عبر الامتثال للوائـح و القوانين الصادرة بموافقة الشيخ و المذكورة في هذا الكتاب و التي تحدد السلـطـات و الصلاحيات المفوضة منه إلى اللجان المختلفة .
و بما أن التنظيم الجديد للطريقة يشمل اللجنة العليا للطريقة ترعى بموجب تفويض الشيخ لشئونها في كافة بقاع العالم ؛ فإنها في هذه الحالة و عبر قانونها تتحرك بقوة الشيخ ظاهرا و باطنا عبر التفويض الممنوح لها ظاهرا و باطنا ، و هذا يعني بالضرورة أن قـراراتهـا و تصرفاتها في هذه الحالة ، يعني قرارات و تصرفات الشيخ بكل ما تحمل هذه الكلمات من معاني و أن مخالفتها تعد مخالفة لإرادة الشيخ ، و هذا نظام التفويض المتعارف عليه في العالم المتطور الآن ، و هو قبل ذلك شأن التعامل الإلهي مع البشر عبر جهات محددة و هي الرسل و الأنبياء و الأولياء الصالحين رضوان الله عليهم فكانت الحقيقـة هي : وحدانية الله في سـماواته و واحدية خليفتـه فـي الأرض و وجوب طاعته .
و ينطبق هذا التفويض و قوته على لجان الطريقة على مستوى الدول و المدن حيث أن ؛ كل منهم ينطلق وفقا لإستراتيجية مركزية إسـتراتيجية اللجنة العليا المجازة بـواسـطة { شـيخ الطريقة } و أغراض و أهداف و خطط و مـوجهات محددة و إستراتيجية محلية لا تتنافر مع الإستراتيجيـة الأم .
من خلال هذا السرد و من خلال تحديد المسئوليات و الوصف الوظيفي بدقة لكل لجنة و لكل فرد عبر الهيكل التنظيمي الذي ينتهي في قمتـه بمولانا الشـيخ ؛ فـإن صـدور الأوامـر و الـقرارات و التصرفات من كافة أفراد هذا التنظيم تتم بمعرفة الشيخ - باعتبار أن هذا التنظيم ما هو إلا تسلسل لتنظيم مرور أعمال الطريقة عبر بوابـة الرئاسـة و هـي بوابة الشيخ - و التي هي في نهاية الأمر بوابة المصطفى صلى الله عليه و سلم .
عليه فإنه بمثل ما أن الانصياع و التسليم بقرارات و تصرفات هذه اللجان و أفرادها بالكيفية المذكورة يعـني عبر هذا التنظيم الانصيـاع للشيـخ { رئيس التنظيم } أي : الانصياع لهدى المصطفى صلى الله عليه و سلم ، فإن مخالفة تلك القرارات أيضا تعنى بكل الوضوح مخالفة مولانا الشيخ أي مخالفة المصطفى صلى الله عليه و سلم ، و هنا يكمن موطن الفشل و عدم التوفيق ؛ لأن نجاح التنظيم و توفيقه رهين بمدى تحقيقه لإرادة الشيخ ، و نذكر هنا حديث الرسول صلى الله عليه و سلم عند غزوة أحد عندما اختلف المسلمون بين من يرى ملاقاة العدو خارج المدينة و بين من يرى اسـتدراجهم للحرب داخل أزقة المدينة ، و كان هذا الرأي الأخير هـو رأى المصطفـى صلى الله عليه و سلم ، و عند إصرار الصحابة على رأيهـم بالخروج قال صلى الله عليه و سلم : { لقـد دعـوتكم إلى هذا الحديث فأبيتم إلا الخروج فعليكم بتقوى الله و الصبر عند البأس } و لعل نتيجة هذه المخالفة معروفة للجميع .
و لقد وردت الكثير من الأبيات لسيدي فخر الدين : عن الإشراك و الأغيار بالرغم من أنها تعالج أمور أخرى كذلك عالية المعاني إلا أنها تصب في نفس الوعاء الذي نحن بصدده من خطورة إتباع توجيهـات و قرارات جهات أخرى بخلاف الشيخ مهما كان وضعها و مهما كان اتصالها بالطريقة .
و لعل في ذلك إشارة واضحة في أن باب النجاح واحد إلا و هو الانصيـاع لإرادة الشيخ ، كمـا سبـق و ذكرنا .
من هذا المنطلق العلمي المسنود ، فإننا لا نجد العذر لأي فرد من أفراد الطريقة فـي تلقـي الأوامر و التعليمات من أي جهة مهما كانت هذه الجهات ، بخلاف التنظيم المذكور للطريقة عبر هياكله و لجانه و شاغلي وظائفه ؛ باعتباره يمثل أرادة الشيخ في إدارة أعمال طريقته و ما عدا ذلك فهو { الانزلاق و إن بدا الأمر غير ذلك } .
قال سيدي فخر الدين :{ دَعُوا الراعي يَقُودُ إِلى الصَوَابِ }
و ننبـه هنـا إلى أن التعامل مع هذا التنظيم و أفراده علاوة على تعامل شاغلي الوظائف مع وظائفهم ينبغي أن يكون بجدية على قدر مكانة الطريقة و قد لا ينتبه البعض لذلك .
و نقـول لهـم إذا كـان النـاس : يبجلـون و يهتمون و يعظمون مؤسسات مادية من شركات ، حكومات دول منظمات دولية ، الخ ، و يضعون لها اعتبار فإنه من باب أولى أن نضع ألف ألف اعتبار لذلك التنظيم العظيم الذي يرعى دين المصطفى صلى الله عليه و سلم في هذا الكون ، و لرئيس هذا التنظيم شـيخ الطريقة الوارث النبوي الشـريـف و أن يرتفع المسئولـون و شاغلي الوظائف إلى مستوى هذه المكانة بحسبانها من أرقى المنازل ، كما على الإخوان التعامل معهم ؛ باعتبارهـم أشـخاص مفوضـون من الشيخ و يمثلون إرادته ، حتى لا نقع في مزالق المخالفة ، أو كما قال تعالى : - {{ و ما قدرو الله حق قدره }} .
و قال :
{{ يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسـول و أولى الأمر منكم }} .
تعليقات: 0
إرسال تعليق