والدّالُ كنايةٌ أوْ إشارةٌ إلى ذِكْرِ الموجوداتِ في هذَا العالَمِ مِنْ حَيْثُ ما هيَ شيئيّاتٌ تندرِجُ تَحْتَ قولِهِ تعالى {وَإِن مِّن شَىْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِن لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُم} (1) ، ولَمَّا كانَ تسبيحُهَا غَيْرَ مفهومٍ لَدَيْنَا فهوَ ذِكْرٌ مُدَنْدَنٌ أوِ اسمهُ " الدَّنْدَنَة " ..
وفيهِ آثارٌ مرويّةٌ في معظَمِ كتبِ الحديثِ بلْ وفي بابِ الصلاةِ :
فقدْ رُوِي أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - لِرجل { كَيْفَ تَقُولُ فِي الصَّلاَة } قال :" أَتَشَهَّدُ وَأَقُولُ " اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ " أَمَا إِنِّي لاَ أُحْسِنُ دَنْدَنَتَكَ وَلاَ دَنْدَنَةَ مُعَاذ " فقالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - { حَوْلَهَا نُدَنْدِن } (2) .
__________
(1) 2- سورة الإسراء : 44
(2) 1- رواه أبو داود وابن ماجة .
________________________________________
ورُوِي أنَّ رجلاً مِنْ بَنِى سلمةَ يُقالُ لهُ " سُلَيْمُ " أَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال :" يَا رَسُولَ اللَّهِ .. إِنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ يَأْتِينَا بَعْدَمَا نَنَامُ وَنَكُونُ فِي أَعْمَالِنَا بِالنَّهَارِ فَيُنَادِي بِالصَّلاَةِ فَنَخْرُجُ إِلَيْهِ فَيَطُولُ عَلَيْنَا " فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - { يَا مُعَاذَ ابْنَ جَبَلٍ .. لاَ تَكُنْ فَتَّاناً ، إِمَّا أَنْ تُصَلِّيَ مَعِي وَإِمَّا أَنْ تُخَفِّفَ عَلَى قَوْمِك } ثُمَّ قال { يَا سُلَيْمُ .. مَاذَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآن } قال :" إِنِّي أَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ وَأَعُوذُ بِهِ مِنَ النَّارِ ، وَاللَّهِ مَا أُحْسِنُ دَنْدَنَتَكَ وَلاَ دَنْدَنَةَ مُعَاذ " فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - { وَهَلْ تَصِيرُ دَنْدَنَتِي وَدَنْدَنَةُ مُعَاذٍ إِلاَّ أَنْ نَسْأَلَ اللَّهَ الْجَنَّةَ وَنَعُوذَ بِهِ مِنَ النَّار } ، ثُمَّ قالَ سُلَيْم :" سَتَرَوْنَ غَداً إِذَا الْتَقَى الْقَوْمُ إِنْ شَاءَ اللَّه " قال : وَالنَّاسُ يَتَجَهَّزُونَ إِلَى أُحُدٍ ، فَخَرَجَ وَكَانَ فِي الشُّهَدَاءِ ، رَحْمَةُ اللَّهِ وَرِضْوَانُهُ عَلَيْه (1) .
وإقرارُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لِلَفْظ " دَنْدَنَتَك " ولَفْظ " دَنْدَنَتِي " وعدمُ التعقيبِ عَلَيْهِ بِمَا يَنفيهِ أوْ يُنْكِرُهُ بَلْ وتكرارُهُ بتصريفٍ آخَرَ مِنْ تصاريفِ اشتقاقِهِ يَدُلُّ على أنَّ الأمرَ قائمٌ : وهوَ وجودُ ألفاظٍ غَيْرِ مفهومةٍ لِعَوَامِّ الصحابةِ - رضي الله عنهم - عِنْدَ النَّبِيِّ الشارعِ - صلى الله عليه وسلم - ، فالخيرُ فيهِ - صلى الله عليه وسلم - وفِي أُمَّتِهِ إلى يومِ القيامةِ .
تعليقات: 0
إرسال تعليق