-->
إغلاق القائمة
إغلاق القائمة
404
نعتذر فقد تم نقل الموضوع ; الرجاء زيارة الارشيف! الأرشيف

الجمعة، 8 سبتمبر 2017

شرح الأوراد : أصنافُ السَّيْرِ إلى اللهِ

شرح الأوراد : أصنافُ السَّيْرِ إلى اللهِ

برهانيات كوم 

وأصنافُ السَّيْرِ إلى اللهِ

قالَ سَيِّدِي فَخْرُ الدِّينِ - رضي الله عنه - في جواهرِ مَنْطِقِهِ مَا يُفِيدُ الآتي :

- السَّيْرُ إلى اللهِ لهُ أصنافٌ بِعَدَدِ أنفاسِ خَلْقِهِ ..

ولكنَّهَا تَنْحَصِرُ في أربعةِ أشياءَ هيَ :

1- السَّيْرُ بالشّريعة :

وهوَ أنْ يَتَخَلَّقَ الإنسانُ بأخلاقِ الشّريعةِ بالضَّبْطِ ، فلاَ يَفْعَلُ أيَّ شَيْءٍ إلاَّ إذَا عَرَفَ حُكْمَ اللهِ فيهِ ، بِمَعْنَى أنْ يَزِنَ أعمالَهُ كُلَّهَا بميزانِ الشَّرِيعَة ..

ومِنْ هذَا يَقُولُ سَيِّدِي فَخْرُ الدِّينِ - رضي الله عنه - :


الْعَيْنُ بِالْعَيْنِ الْقِصَاصُ شَرِيعَةٌ ... أَوَ لَيْسَ مِنْهَا يَسْتَقِي الأَحْبَابُ


2- السَّيْرُ بالْقَسَم :

وهِيَ جَوَاهِرُ ودُرَرٌ اسْتَخْلَصَهَا الأنبياءُ والمرسَلُونَ والصّالحُونَ مِنْ بِحَارِ الأسماءِ الإلهيّةِ بَعْدَ اجتهادِهِمْ في الغَوْصِ في هذهِ البِحَارِ ، وهذهِ الأقسامُ رَوَاهَا الصّحابةُ - رضي الله عنهم - عَنِ الكتبِ السّماويّةِ السّابقةِ بتوجيهٍ مِنْ صاحِبِ الشّريعةِ - صلى الله عليه وسلم - .

3- السَّيْرُ بالاسمِ الإلهيِّ الصِّرْف .

4- السَّيْرُ إلى اللهِ بالمُرَاقَبَةِ الصِّرْفَة .

إشارة :

يشيرُ - رضي الله عنه - إلى السَّيْرِ عموماً فيَقُولُ :


وَمِنْ قَبَسِ النُّورِ الْمُبِينِ بِقَبْضَتِي ... يُضَاءُ سَبِيلُ السَّيْرِ مِنْ كُلِّ حَالِكِ


ويَقُولُ :


أَيَا هِمَمٌ كَلَّتْ عَنِ السَّيْرِ فِي الضُّحَى ... يَخِيبُ بِهَا مَنْ يَرْتَضِي بِرُقَادِكِ


ويَقُولُ :


فَعِنْدَ اللّهِ غَايَةُ كُلِّ بَاغٍ ... وَخَتْمُ السَّيْرِ فِي مَسْعَى السُّعَاةِ


ويَقُولُ :


وَارْكَبُوا عَزْمي وَجِدُّوا الـ ... ـسَّيْرَ نَحْوِي لاَ تَمنُّوا


ولَعَلَّ هذهِ الأبياتِ المذكورةَ إشاراتٌ لأنواعِ السَّيْرِ المذكورةِ على التّرتيبِ ، فتَدَارَسْ ذلكَ تَجِدْهُ عجيباً ..

فلَوْ فَرَضْنَا أنَّ هناكَ أربعةَ أشخاصٍ سارَ كُلُّ واحدٍ مِنْهُمْ خَلْفَ شَيْخِهِ بِنَوْعٍ مِنْ هذهِ الأنواعِ المذكورةِ ، فيَحْصُلُ السَّيْرُ لِكُلِّ واحدٍ حَتَّى يَصِلُوا إلى السّماءِ الأُولَى ، والمُعْتَمَدُ أنَّ فِيهَا محلٌّ لِسَيِّدِنَا يُوسُفَ - عليه السلام - [ بَعْضُهُمْ قالَ أنَّهُ سَيِّدُنَا آدمُ ، ولكنَّ المُعْتَمَدَ سَيِّدُنَا يُوسُفُ - عليه السلام - ] ، فيَنْزِلُ عِنْدَهُ - أيْ عِنْدَ سَيِّدِنَا يُوسُفَ - عليه السلام - صاحِبُ المُرَاقَبَةِ ( أيِ المأذونُ بالمُرَاقَبَة ) في الرُّكْنِ الأوَّلِ ، فهُوَ رئيسُ المُوْطِنِ ، وفِي الرُّكْنِ الثّاني - أيْ في السَّمَاءِ الأُولَى - روقيائيلُ ، ويَنْزِلُ عِنْدَهُ صاحِبُ الاسمِ ، وفِي الرُّكْنِ الثّالثِ فَلَكُ القمرِ ، ويَنْزِلُ فيهِ صاحِبُ الشّريعةِ ، وفِي الرُّكْنِ الرّابعِ برجيسُ - عليه السلام - ، ويَنْزِلُ عِنْدَهُ صاحِبُ الْقَسَمِ ضيوفاً عَلَيْهِمْ جميعاً ، فهؤلاءِ الثّلاثةُ الأخيرُونَ يَتَّفِقُونَ على الحفاوةِ بِضَيْفِ رئيسِهِمْ في المَوْطِنِ وهوَ سَيِّدُنَا يوسفُ - عليه السلام - فيَذْهَبُونَ إلَيْهِ فيَخْلَعُونَ عَلَيْهِ خِلَعَ التّشريفِ التي لَدَيْهِمْ فيُفَاضُ عَلَيْهِمْ ، فيَرْجِعُونَ إلى ضيوفِهِمْ فيَخْدمُ كُلُّ واحدٍ ضَيْفَهُ بِمَا لَقِيَ مِنَ الفيوضَاتِ ، وكذلكَ الحالةُ في السّماءِ الثّانيةِ والثّالثةِ والرّابعةِ حَتَّى يأتُونَ السّماءَ الخامسةَ حَيْثُ هناكَ سَيِّدُنَا هارونُ - عليه السلام - ، وهوَ أوَّلُ مَنْ خَدَمَ الأسماءَ واخْتَرَعَ قوّةَ الأسماءِ ، فيَنْتَهِي إلَيْهِ صاحِبُ الْقَسَمِ ، ولاَ يَسْتَطِيعُ تَجاوُزَ هذَا المَوْطِنِ لأنَّهُ حَدُّ قُوَّتِهِ في السَّيْر ..

وعِنْدَمَا تَرْتَقِي الأرواحُ الباقيةُ إلى السّماءِ السّابعةِ يَجِدُونَ سَيِّدَنَا إبراهيمَ الخليلَ - عليه السلام - ، وهوَ أبُو الدِّينِ ، فيَنْتَهِي عِنْدَهُ صاحِبُ السَّيْرِ بالشّريعةِ ؛ لأنَّ حَدَّهُ في هذَا المَوْطِنِ الذي قِيلَ عَنْه {مِلَّةَ إِبْرَهِيمَ حَنِيفا} (1) .

وعِنْدَمَا تَرْتَقِي الأرواحُ إلى الرَّفْرَفِ الأعلى يَنْتَهِي إلَيْهِ صاحِبُ السَّيْرِ بالاسمِ الصِّرْفِ ؛ لأنَّ هذَا المَوْطِنَ هوَ مَحَطُّ رِحالِ أصحابِ السَّيْرِ بالاسمِ ، ولِذلكَ وَقَفَ عِنْدَهُ سَيِّدُنَا جبريلُ - عليه السلام - لأنَّهُ مخلوقٌ مِنَ الأسماءِ ، والأسماءُ لاَ تَتَعَدَّى هذهِ المَرْتَبَة (2) ..

أمَّا صاحِبُ المُرَاقَبَةِ فيَرْتَقِي في السَّيْرِ إلى مَرْتَبَة ( أَوْ أَدْنَى ) ؛ لأنَّهُ سائرٌ بالفيوضاتِ الإلهيّةِ ، ولِهذَا كانَتْ أهمِّيّةُ المُرَاقَبَةِ وضرورتُهَا .

ويَظْهَرُ وَصْفُ المُرَاقَبَةِ واضحاً في سَيِّدِنَا يُوسُفَ - عليه السلام - حينَ قِيلَ فيه {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّءَا بُرْهَنَ رَبِّه} (3) فكانَ سَيِّدُنَا يعقوبُ - عليه السلام - هوَ ذلكَ البرهانَ الذي رآهُ لِيَدُلَّهُ على طريقِ النّجاةِ كَمَا أَخْبَرَتْ بذلكَ الرّوايات .

__________

(1) 1- سورة الأنعام : 161

(2) 1- انْظُرْ عَلِّمُوا عَنِّي 1/54 - 56

(3) 2- سورة يوسف : 24

(1/194)

________________________________________

- ثُمَّ نَبَّهَ مَوْلاَنَا الشَّيْخُ - رضي الله عنه - قائلاً مَا يفيدُ أنَّهُ وحَتَّى هذَا اليَوْمِ إذَا تَصَادَفَ ومَرَّ المُرِيدُ في أيِّ شارعٍ فوَجَدَ أوْ رأَى امرأةً جميلةً وهَمَّتْ بِهَا نَفْسُهُ ثُمَّ تَذَكَّرَ شَيْخَهُ ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُهُ مِنْ أحوالٍ رَدِيَّةٍ أعاذَنا اللهُ مِنْهَا بفضلِهِمْ وجُودِهِمْ وكَرَمِهِمْ ، ولِذلكَ يَمْدَحُ اللهُ نَبِيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - بالمُرَاقَبَةِ ، فهُوَ أوَّلُ مَنْ عَلَّمَنَا المُرَاقَبَةَ بأنْ قالَ فيهِ رَبُّه {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى} (1) أيْ مَا زاغَ البَصَرُ عَنِ الرُّؤْيَةِ ، ومَا طَغَى أيْ مَا تَعَدَّاهُ لِيَرَى شَيْئاً آخَرَ ، فَحَدُّ مشاهَدةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - نُورُ رَبِّهِ ، فانْظُرْ أيُّهَا المُرِيدُ مَا حَدُّ مشاهَدَتِكَ أوْ رؤيَتِكَ أوْ إدراكِ عَيْنِ بَصَرِكَ أوْ بصيرتِكَ ، والْزَمْ واسْتَقِمْ على ذلكَ ، فلاَ تَطْغَ بالتّجاوزِ إلى رؤيةِ شَيْءٍ آخَرَ غَيْرِ محبوبِك ..

ثُمَّ قالَ - رضي الله عنه - : فالمُرَاقَبَة عِنْد الصّوفيّة مُهِمَّة أَكْتَر مِنْ أيِّ حاجة تانية .. أَكْتَر مِن الأوراد ذاتهَا .

أمرٌ آخَر :

__________

(1) 3- سورة النّجْم : 17





مشاركة المقال
mohamed fares
@كاتب المقاله
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع برهانيات كوم .

مقالات متعلقة



Seoplus جميع الحقوق محفوظة ل برهانيات كوم