-->
إغلاق القائمة
إغلاق القائمة
404
نعتذر فقد تم نقل الموضوع ; الرجاء زيارة الارشيف! الأرشيف

الجمعة، 8 سبتمبر 2017

شرح معنى : لَهُ مَا فِى السَّمَوَتِ وَمَا فِى الأَرْض

شرح معنى : لَهُ مَا فِى السَّمَوَتِ وَمَا فِى الأَرْض

برهانيات كوم 

 {لَهُ مَا فِى السَّمَوَتِ وَمَا فِى الأَرْض} كُلُّهُم {مَن ذَا الَّذِى يَشْفَعُ عِندَهُ إِلا بِإِذْنِه} مَنْ

يَتَقَدَّمُ لِلَّهِ شافعاً لأيِّ عاصٍ لاَ بُدَّ وأنْ يَكونَ لهُ عِلْمٌ سابقٌ مِنَ الدُّنْيَا عَنْ يَوْمِ المَحْشَرِ ومَا سَيَكُونُ فيهِ ، والشّفاعةُ كُلُّهَا مضافةٌ لِشفاعةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - : شفاعةُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - شفاعةُ السَّيِّدةِ فاطمةَ الزّهراءِ - شفاعةُ أهْلِ البَيْتِ - شفاعةُ الصّحابةِ - شفاعةُ جميعِ الأولياءِ ..

يَقُولُ سَيِّدِي فَخْرُ الدِّينِ - رضي الله عنه - :


أَهِيَ الشَّفَاعَةُ أَمْ تُرَاهَا رَحْمَةً ... إِنَّ الشَّفِيعَ يَؤُمُّهُ الرُّحَمَاءُ


ويَقُولُ - رضي الله عنه - :


وَأَشْفَعُ فِي أَهْلِ الزَّمَانِ وَإِنْ بَدَتْ ... شَقَاوَتُهُمْ إِلاَّ بِحَقِّ الطَّرِيقَةِ

يَقُولُ اللهُ سُبْحَانَهُ وتعالى {لِيَغْفِرَ لَك} (1) ومَعْنَاهُ : لأجْلِكَ ؛ لأنَّ الشّفاعةَ كُلَّهَا عِنْدَكَ ومُضافةٌ إلَيْكَ ، ويُضافُ إلى شفاعتِكَ هؤلاءِ الشّفعاءُ الذينَ سيشفعُونَ سواءٌ مِنَ الأنبياءِ أوْ مِنَ الصّحابةِ أوْ مِنَ الأولياءِ ؛ فكُلُّهُمْ مضافُونَ إلى شفاعةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حَيْثُ جاءَهُمُ السّلامُ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - باطنيّاً في قولِهِ تعالى {سَلَمٌ قَوْلا مّن رَّبٍّ رَّحِيم} (2) حَيْثُ هو ( رَبٌّ رَحِيمٌ رَبُّهُ سَمَّاهُ ) كَمَا قالَ سَيِّدِي فَخْرُ الدِّينِ - رضي الله عنه - ، فجاءَهمُ السَّلامُ مِنْ قِبَلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وهوَ لاَ يَزَالُ نُوراً صِرْفاً لاَ جسداً ، فَعَبَّرَ عَنْ ذلكَ رَبُّ العِزَّةِ قائلا {سَلَمٌ عَلَى نُوحٍ فِى الْعَلَمِين} (3) {سَلَمٌ عَلَى إِبْرَهِيم} (4) {سَلَمٌ عَلَى مُوسَى وَهَرُون} (5) {سَلَمٌ عَلَى إِلْ يَاسِين} (6) .

تحقيق :

هذَا كُلُّهُ يُؤَيِّدُ ذاتيّةَ التَّجَلِّي في آيةِ الكُرْسِيِّ ، وهوَ سِرُّ عظمةِ هذهِ الآيةِ فإلقاءُ السّلامِ مِنَ الرَّبِّ الرَّحيمِ على العبدِ الصّالحِ الذي هوَ غايةُ الغاياتِ فبِهَا يَكونُ قَدْرُهُ طيّاً في قَدْرِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - التي عَبَّرَتْ عَنْهُ سورةُ القَدْرِ وتَأَوَّلَها نظماً سَيِّدِي فَخْرُ الدِّينِ - رضي الله عنه - فقالَ :


وَغَيْبَةُ قَدْرِ الْمُصْطَفَى عَنْ عُلُومِنَا ... بِهَا نَزَلَ الْقُرْآنُ إِنْ شِئْتَ فَاصْمُتِ

فَأُنزِلَهُ فِي غَيْبِهِ كَتَنَزُّلٍ ... سَلاَمٌ هِيَ سِينُ السَّلاَمِ بِقَبْضَةِ

__________

(1) 1- سورة الفتح : 2

(2) 2- سورة يس : 58

(3) 3- سورة الصّافّات : 79

(4) 4- سورة الصّافّات : 109

(5) 5- سورة الصّافّات : 120

(6) 6- سورة الصّافّات : 130

(1/189)

________________________________________

انْظُرْ قَوْلَهُ - رضي الله عنه - ( وَغَيْبَةُ ... ) إشارةً إلى الهويّةِ التي عَبَّرَتْ عَنْهَا آيةُ الكُرْسِيِّ ، وكذلكَ الضَّمِيرُ في أوَّلِ سورةِ القَدْرِ في قَوْلِهِ تعالى {إِنَّا أَنزَلْنَه} فالهويّةُ - كَمَا قالَ الشَّيْخُ - رضي الله عنه - مِنْ شأنِهَا الغيبيّةُ والاستتارُ معَ الوجودِ التّامّ .

انْظُرْ قَوْلَهُ - رضي الله عنه - ( قَدْرِ الْمُصْطَفَى ) إشارةً إلى أنَّ مَعْنَى القَدْرِ في السُّورةِ بَلِ اسمُ السُّورةِ ذاتُهُ فيهِ الإشارةُ إلى قَدْرِ المصطفى - صلى الله عليه وسلم - .

انْظُرْ قَوْلَهُ - رضي الله عنه - ( بِهَا نَزَلَ الْقُرْآنُ ) فيهِ الإشارةُ إلى أنَّ القرآنَ المُنْزَلَ في هذهِ اللَّيْلَةِ إنَّمَا هوَ تَرْجَمَةٌ كاملةٌ لِلأخلاقِ التي جُمِعَتْ في شَخْصِ الرَّسولِ الكريمِ - صلى الله عليه وسلم - ، وفِي ذلكَ حديثُ السَّيِّدةِ عائشةَ رضيَ اللهُ عَنْهَا :" كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآن " ، والرِّوايةُ التي قالَتْ فِيهَا :" كَانَ قُرْآناً يَمْشِي بَيْنَ النَّاس " أوْ كَمَا قالَتْ .

انْظُرْ قَوْلَهُ - رضي الله عنه - ( سَلاَمٌ هِيَ سِينُ السَّلاَمِ بِقَبْضَةِ ) وهوَ تأويلٌ كاملٌ لِقَوْلِهِ تعالى في سورةِ القَدْر {سَلَمٌ هِىَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْر} (1) حَيْثُ الفَجْرُ هوَ قَبْضَةُ النُّورِ النَّبَوِيِّ التي ذَكَرَهَا في آخِرِ البيتِ ، واسْمُهُ - صلى الله عليه وسلم - " يس " هوَ السِّينُ مسبوقةً بالنِّداءِ ..

ووضَّحَها سَيِّدِي فَخْرُ الدِّينِ - رضي الله عنه - في مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ نَظْمِهِ حَيْثُ قالَ :


وَهُوَ الْمُكَنَّى غَائِباً ... بِالسِّينِ يَسْبِقُهَا النِّدَا


وقالَ - رضي الله عنه - :


هُوَ السِّينُ وَهُوَ الْهُو كَذَا الْهَاءُ وَالأَنَا ... هُوَ الْقِدَمُ الْمَشْهُودُ وَالْغَيْبُ سَائِرُ

__________

(1) 1- سورة القَدْر : 5

(1/190)

________________________________________

ثُمَّ يُعلمُ اللهُ الشّفاعةَ مَنْ علمَهُ ، وهؤلاءِ الشّفعاءُ الكبارُ معَ أنَّهُمْ في مقامِ القُرْبِ مِنَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ ، وهؤلاءِ معَ ذلك {لا يُحِيطُونَ بِشَىْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاء} الله ، {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَتِ وَالأَرْض} ومَا أرادَهُ وَضَعَهُ في الكُرْسِيِّ ، والكُرْسِيُّ بِمَا فيهِ مِنَ السّماواتِ السَّبْعِ والأرضِينَ السَّبْعِ بمساحاتِهِمُ الشّاسعةِ الواسعةِ التي لاَ يُدْرِكُهَا العقلُ البَشَرِيُّ ولاَ تَعْرِفُهَا مقاييسُهُ إذَا وَضَعْتَهُمْ جَنْباً إلى جَنْبٍ فلاَ يُدْرَكُ عَرْضُ الكُرْسِيِّ فضلاً عَنْ طُولِه .

تحقيق :

وفيهِ أَثَرٌ : قالَ الضَّحّاكُ عَنْ سَيِّدِنَا عَبْدِ اللهِ بنِ العبّاسِ رضيَ اللهُ عَنْهُمَا : لَوْ أَنَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ وَالأَرَضِينَ السَّبْعَ بُسِطْنَ ثُمَّ وُصِلْنَ بَعْضُهُنَّ إِلَى بَعْضٍ مَا كُنَّ فِي سَعَةِ الْكُرْسِيِّ إِلاَّ بِمَنْزِلَةِ الْحَلْقَةِ فِي الْمَفَازَة (1) .

- {وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا} أيْ أنَّ العِلْمَ البسيطَ الذي حازَتْهُ السّماواتُ والأرضُونَ ومَا فِيهنَّ لاَ يُمْكِنُهُمْ أنْ يَحْفَظُوهُ على أنْفُسِهِمْ ، بَلِ اللهُ هوَ القادرُ على أنْ يَحْفَظَهُ عَلَيْهِم {وَهُوَ الْعَلِىُّ الْعَظِيم} ، وبَعْدَ تَمَامِ الآيةِ خَرَجَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلى الصّحابةِ وقالَ لَهُمْ أنَّ الكُرْسِيَّ بالنِّسْبَةِ لِلعَرْشِ كحلقةٍ في فلاةٍ ..

تحقيق :

وفيهِ خَبَرٌ : رُوِيَ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال { مَا الْكُرْسِيُّ فِي الْعَرْشِ إِلاَّ كَحَلْقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ أُلْقِيَتْ بَيْنَ ظَهْرَانِيِّ فَلاَةٍ مِنَ الأَرْض } (2) .

المُرَاقَبةُ

__________

(1) 1- رواه ابن جرير الطّبريّ وابن أبي حاتم .

(2) 1- رواه ابن جرير الطّبريّ وابن أبي حاتم عَنْ سَيِّدِنَا أبي ذَرّ - رضي الله عنه - .





مشاركة المقال
mohamed fares
@كاتب المقاله
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع برهانيات كوم .

مقالات متعلقة



Seoplus جميع الحقوق محفوظة ل برهانيات كوم