-->
إغلاق القائمة
إغلاق القائمة
404
نعتذر فقد تم نقل الموضوع ; الرجاء زيارة الارشيف! الأرشيف

الاثنين، 4 سبتمبر 2017

شرح الأوراد : مسألةٌ : هلْ هناكَ مِنَ العلماءِ الأفذاذِ المشاهيرِ مَنْ سلكَ طريقَ الصُّوفِيَّةِ الأخيارِ ؟

شرح الأوراد : مسألةٌ : هلْ هناكَ مِنَ العلماءِ الأفذاذِ المشاهيرِ مَنْ سلكَ طريقَ الصُّوفِيَّةِ الأخيارِ ؟
=

برهانيات كوم 

مسألةٌ : هلْ هناكَ مِنَ العلماءِ الأفذاذِ المشاهيرِ مَنْ سلكَ طريقَ الصُّوفِيَّةِ الأخيارِ ؟


والجوابُ : إنَّ مشكلةَ عصرِنَا تكمنُ في المستوى الذي وصلَ إليْهِ النّاسُ بلْ وطلاّبُ العلمِ في هذهِ المسألةِ ، فمجملُ النّاسِ يَرَوْنَ أنَّ أكابرَ العلماءِ مِنَ السّلفِ الصّالحِ لا يمكنُ أنْ يَكونُوا مِنَ الصُّوفيَّةِ ، وهذَا دليلٌ على الجهلِ بتراجمِهمْ أصلاً فضلاً عَنِ الجهلِ بمذهبِ الصُّوفيَّةِ ..

ويكفي لِلإجابةِ على هذَا السُّؤالِ وببساطةٍ شديدةٍ : أنْ تَذْكُرَ مجموعةً مِنَ السَّلَفِ الصّالحِ الذينَ اعْتَمَدَتْهُمْ جُمُوعُ المُسْلِمِينَ فكانُوا أئمَّتَهُمْ ثُمَّ تَبْحَثَ في سِيَرِهِمْ ؛ فَهُمْ ولاَ شكَّ مِمَّنْ سلكَ طريقَ الصُّوفيَّةِ - رضي الله عنهم - أجمعينَ أوْ مِمَّنْ أَقَرُّوا لِلصُّوفِيَّةِ بالفضلِ والمعرفةِ والولايةِ ..

وإلاَّ فمَا ظنُّكَ بأئمَّةِ المذاهبِ الأربعةِ : أبِي حنيفةَ ومالكٍ والشّافعيِّ وأحمدَ ؟!

ومَا ظنُّكَ بسلطانِ العلماءِ سَيِّدِي عزِّ الدينِ بنِ عَبْدِ السّلامِ ، وبمحتسِبِ العلماءِ والأولياءِ سَيِّدِي أحمدَ زروقٍ ، وسَيِّدِي كمالِ الدينِ الْقِسْطَلاّنِيِّ المالكيِّ ، وسَيِّدِي أبي عَبْدِ اللهِ الشّاطبيِّ صاحبِ " الشّاطبيّةِ " في القراءاتِ وسَيِّدِي قطبِ الدِّينِ القسطلاّنيِّ ، وسَيِّدِي عَبْدِ اللهِ بنِ أبي جمرةَ صاحبِ " بهجةِ النُّفُوسِ " في شرحِ مختصرِ البخاريِّ ، وسَيِّدِي ابنِ دقيقِ العيدِ الذي كانَ أُمَّةً في مصطلَحِ الحديثِ وغَيْرِهِ ، والإمامِ النّوويِّ صاحبِ شرحِ صحيحِ مسلمٍ و" الأذكارِ " و" رياضِ الصّالحينَ " وغَيْرِهَا ، والإمامِ الحَسَنِ البصريِّ أحدِ أعلامِ التّابعينَ ، والإمامِ الجنيدِ إمامِ الطّائفةِ الذي كانَ عَلَماً مِنْ أعلامِ الشّريعةِ والحقيقةِ ، وسَيِّدِي أبي البركاتِ الدّرديرِ صاحبِ شروحِ فِقْهِ المالكيّةِ ، والإمام السّيوطيِّ صاحبِ المؤلَّفاتِ العجيبةِ ، والإمامِ الصّاويِّ الخلوتيِّ المالكيِّ ، والإمامِ ابنِ حَجَرٍ العسقلانيِّ ، وابنِ حَجَرٍ الهيتميِّ المكِّيِّ والإمامِ الشّعرانيِّ الذي كانَ عَلَماً مِنْ أعلامِ الأزهرِ الشّريف ؟!
ومَا قَوْلُكَ في المعاصرينَ مِنْ أمثالِ الدّكتورِ عبدِ الحليمِ محمود ، والشَّيْخِ الجليلِ مُحَمَّدِ متولي الشّعراويِّ ، ومَنْ سَبَقَهُمْ مِنْ أمثالِ الشَّيْخِ مخلوفٍ الكبيرِ صاحبِ الكتابِ البديعِ " شجرةِ النُّورِ الزَّكِيَّةِ في طبقاتِ المالكيّة " ؟!
والحشدُ الهائلُ مِنَ العلماءِ والأولياءِ المشاهيرِ المعتمَدينَ لا يستطيعُ القولُ أنْ يَستوفِيَ عددَهمْ ومَددَهمْ ، وسنذكرُ بعضَ أقوالِ بعضِهمْ ؛ وذلكَ لِلتدليلِ على ما ذكرْناهُ آنفاً مِنِ اضمحلالِ مستوى الثّقافةِ الدِّينيَّةِ عِنْدَ مَنْ يَنْتَسِبُونَ لِلدِّينِ أنْفُسِهِمْ ..
وهاكَ واحدٌ مِنْ أئمّةِ عِلْمِ مصطلَحِ الحديثِ ، صاحِبُ " المقدمةِ " ، العالِمُ الجليلُ الذي تَتَلْمَذَ على كُتُبِهِ كُلُّ مَنْ أرادَ هذَا العِلْمَ - وهوَ العلمُ الذي يُدقِّقُ في الحديثِ روايةً ورجالاً ومتناً وإسناداً - وهوَ كَمَا قالَ عَنْهُ سَيِّدِي عِزُّ الدِّينِ بنُ عَبْدِ السَّلامِ [ إمامُ الشّافعيّةِ والمحدِّثينَ في عصرِهِ ] : الإمامُ الحافظُ الشَّيْخُ تقيُّ الدِّينِ بنُ الصّلاح ..
1- الشَّيْخُ ابنُ الصّلاحِ :
قالَ عَنْ خرقةِ الصُّوفِيَّةِ :" لبْسُ الخرقةِ مِنَ الْقُرَبِ [ أيْ خرقةِ الصُّوفِيَّةِ
وهيَ مِنْ خصائصِهِمْ ] ، وقدِ استخرجَ لهَا بعضُ المشايخِ أصلاً مِنْ سُنَّةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - : وهوَ حديثُ أمِّ خالدٍ بنتِ خالدِ بنِ سعيدِ بنِ العاصِ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أتى بكسوةٍ فيهَا خميصةٌ فقال { مَنْ تَرَوْنَ أَحَقَّ بِهَذِه } فسكتَ القومُ ، فقال { ائْتُونِي بِأُمِّ خَالِد } فأُتِيَ بها فأَلْبَسَها إيّاها ثمَّ قال { أَبْلِي وَأَخْلِقِي } مرّتَيْنِ (1) .
وقالَ أيضاً : ولِي في لبسِ الخرقةِ إسنادٌ عالٍ جيِّد .
وكلمةُ " إسنادٍ عالٍ " هيَ مِنْ مصطلحاتِ الحديثِ الشريفِ ، ثمَّ ذكرَ الإسنادَ بطولِهِ إلى سَيِّدِي الحسنِ البصريِّ - رضي الله عنه - الذي أَخَذَها مِنْ سَيِّدِنَا عليٍّ كَرَّمَ اللهُ وجهَهُ ، وهوَ أَخَذَهَا مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، وهذَا يزيدُ الأمرَ كُلَّهُ قوَّةً وتمكيناً .
__________
(1) 1- أخرجه البخاري .

ولقدْ حكمَ الحافظُ ضياءُ الدِّينِ المقدسيُّ بصحَّةِ سماعِ سَيِّدِنَا الحَسَنِ البصريِّ مِنْ سَيِّدِنَا عليٍّ - كرَّمَ اللهُ وجهَهُ - لِتصريحِهِ بنَفْسِهِ بهِ ؛ حَيْثُ قالَ - رضي الله عنه - : سمعْتُ عليّاً يقول : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - { مَثَلُ أُمَّتِي مَثَلُ الْمَطَرِ لاَ يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَمْ آخِرُه } (1) .
ومرادُنَا هُنَا مِنْ ذِكْرِ كلامِهِ - رضي الله عنه - إثباتُ سماعِ الإمامِ الحَسَنِ البصريِّ - سَيِّدِ التّابعِينَ - مِنْ سَيِّدِنَا الإمامِ عليٍّ كرَّمَ اللهُ وجْهَهُ ، فإذَا مَا ثَبَتَ ذلكَ ثَبَتَ ما قرَّرَهُ ابنُ الصّلاحِ مِنْ إسنادِ لبْسِ الخرقةِ الصُّوفِيَّةِ وتحرَّرَ هذَا المصطلحُ المتضمِّنُ لِلَفْظِ " الصُّوفِيَّةِ " ضمناً بالإسنادِ العالي المتصِلِ إلى سيدِ التابعِينَ الإمامِ البصريِّ - رضي الله عنه - عَنْ إمامِ المتقِينَ الإمامِ عليٍّ - كرَّمَ اللهُ وجْهَهُ - عَنْ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ، لا نقولُ " لفْظَ الصُّوفِيَّةِ " ، وإنَّمَا الأصلُ الثابتُ الذي استُخْرِجَتْ مِنْهُ خِرْقَةُ الصُّوفِيَّةِ التي تَناوَلَهَا القومُ في اصطلاحِهِمْ على أساسٍ مِنَ القاعدةِ الأصوليةِ الشهيرةِ أنَّهُ " لاَ مشاحةَ في الاصطلاحَ " ، واللهُ أَعْلَى وأَعْلَم .
2- الإمام أبو حنيفة (2) :
__________
(1) 2- والحديث رجاله ثقات .
(2) 1- تُوُفِّي في سَنَة 150 هـ .

نقلَ الفقيهُ الحنفيُّ الحصفكيُّ - صاحبُ " الدُّرِّ المختارِ " - أنَّ أبَا عليٍّ الدقاقَ - رحمَهُ اللهُ تعالى - قالَ : أنَا أخذْتُ هذهِ الطريقةَ مِنْ أبِي القاسمِ النصرآباذيِّ ، وقالَ أبو القاسمِ : أنَا أخذْتُهَا مِنَ الشبليِّ ، وهوَ مِنَ السريِّ السقطيِّ ، وهوَ مِنْ معروفٍ الكرخيِّ ، وهوَ مِنْ داودَ الطائيِّ ، وهوَ أخذَ العلمَ والطريقةَ مِنْ أبِي حنيفةَ - رضي الله عنه - ، وكُلٌّ مِنْهُمْ أَثْنَى عَلَيْهِ وأقَرَّ بفضلِه ...
ثُمَّ قالَ صاحِبُ " الدُّرِّ " معلِّقاً : فيَا عَجَباً لكَ يا أخِي ! ألَمْ يَكُنْ لكَ أسوةٌ حسنةٌ في هؤلاءِ الساداتِ الكبارِ ؟! أكانُوا متَّهَمِينَ في هذَا الإقرارِ والافتخارِ وهُمْ أئمةُ هذِهِ الطريقةِ وأربابُ الشريعةِ والطريقةِ ، ومَنْ بَعْدَهُمْ في هذَا الأمرِ فلَهُمْ تَبَعٌ ، وكُلُّ مَنْ خالَفَ ما اعتمَدُوهُ مردودٌ مبتدِع .
لعلَّكَ تَستغربُ عندَمَا تَسْمَعُ أنَّ الإمامَ الكبيرَ أبَا حنيفةَ النعمانَ - رضي الله عنه - يعطِي الطريقةَ لأمثالِ هؤلاءِ الأكابرِ مِنَ الأولياءِ والصالحِينَ مِنَ الصُّوفِيَّةِ !
يَقُولُ ابنُ عابدينَ في حاشيتِهِ متحدثاً عَنْ أبِي حنيفةَ تعليقاً على كلامِ صاحبِ " الدُّرِّ " الآنفِ الذِّكْرِ :" هوَ فارسُ هذَا الميدانِ ؛ فإنَّ مَبْنَى عِلْمِ الحقيقةِ على العلمِ والعملِ وتصفيةِ النفسِ ، وقدْ وصَفَهُ بذلكَ عامَّةُ السلفِ ..
فقالَ أحمدُ بنُ حنبلٍ - رحمَهُ اللهُ تعالى - في حقِّهِ : إنَّهُ كانَ مِنَ العلمِ والورعِ والزهدِ وإيثارِ الآخرةِ بمحلٍّ لا يدركُهُ أحدٌ ، ولقدْ ضُرِبَ بالسياطِ لِيَلِيَ القضاءَ فلَمْ يَفْعَلْ .

وقالَ عَبْدُ اللهِ بنُ المباركِ رحمَهُ اللهُ تعالى : ليسَ أحدٌ أحقَّ مِنْ أنْيُقْتَدَى بهِ مْنْ أبي حنيفةَ ؛ لأنَّهُ كانَ إماماً تقيّاً نقيّاً ورِعاً عالِماً فقيهاً ، كشفَ العلمَ كشفاً لَمْ يَكشفْهُ أحدٌ ببصرٍ وفهمٍ وفطنةٍ وتُقَى .
وقالَ الثوريُّ لِمَنْ قالَ لهُ :" جئتُ مِنْ عِنْدِ أبي حنيفةَ " : لقدْ جئتَ مِنْ عِنْدِ أعبدِ أهلِ الأرض .
ومِنْ هذَا نَعلمُ أنَّ الأئمةَ المجتهدِينَ والعلماءَ العاملِينَ هُمُ الصُّوفيّةُ حقيقةً .
3- الإمامُ الشافعيُّ :
قالَ الإمامُ الشافعيُّ - رضي الله عنه - : صحبْتُ الصُّوفِيَّةَ فلَمْ أَسْتَفِدْ مِنْهُمْ سِوَى حَرْفَيْنِ [ وفِي روايةٍ : سِوَى ثلاثِ كلماتٍ ] :
قولُهُمْ : الوقتُ سَيْفٌ إنْ لَمْ تَقْطَعْهُ قَطَعَكَ .
وقولُهُمْ : نَفْسُكْ إنْ لَمْ تَشْغَلْهَا بالحقِّ شغلَتْكَ بالباطل .
وقولُهُمْ : العدمُ عصمة (1) .
وقالَ - رضي الله عنه - أيضاً: حُبِّبَ إليَّ مِنْ دنياكُمْ ثلاثٌ : تَرْكُ التكلفِ ، وعشرةُ الخَلْقِ بالتلطفِ ، والاقتداءُ بطريقِ أهلِ التصوف (2) .
قُلْتُ : انْظُرْ - رعَاكَ اللهُ - إلى قولِ الإمامِ الشّافعيِّ - رضي الله عنه - :" صَحِبْتُ الصُّوفيّةَ " ، واعْجَبْ ممَّنْ يَقُولُونَ إنَّ اللفظَ ذاتَهُ غَيْرُ عربيٍّ ، واعْجَبْ أَكْثَرَ عندَمَا تتذكرُ أنَّ الشّافعيَّ عربيٌّ قُرَشِيّ .
4- الشَّيْخُ تاجُ الدينِ السبكيُّ :
مِنْ أقوالِهِ - رضي الله عنه - : الصُّوفِيَّةُ حَيَّاهُمُ اللهُ وبَيَّاهُمْ وجَمَعَنَا في الجنَّةِ نَحْنُ وإيّاهمْ ، وقدْ تشعبَتِ الأقوالُ فيهمْ تَشَعُّباً ناشئاً عَنِ الجهلِ بحقيقتِهمْ لِكثرةِظ

المبتلِينَ به .
5- الإمامُ أحمدُ بنُ حنبل :
__________
(1) 1- راجِعْ تأييد الحقيقة العليَّة لِلإمام جلال الدِّين السّيوطيّ .
(2) 2- راجِعْ كشف الخفاء ومزيل الالتباس عَمَّا اشتهر من الأحاديث على ألسنة النّاس" للإمام العجلونيّ .

حكى ابنُ أيمنَ في رسالتِهِ عَنِ الإمامِ أحمدَ - رضي الله عنه - أنَّهُ كانَ في أولِ أمرِهِ يَنْهَى ولدَهُ عَنْ مجالسةِ الصُّوفِيَّةِ ، حتَّى نَزَلَ عَلَيْهِ جماعةٌ مِنْهُمْ في الليلِ مِنَ الهواءِ فسألوهُ عَنْ مسائلَ في الشريعةِ حتَّى أَعْجَزُوهُ ثُمَّ صعدُوا في الهواءِ ، فمِنْ ذلكَ الوقتِ كانَ يَقُولُ لِولدِهِ :" عَلَيْكَ بمجالَسةِ الصُّوفِيَّةِ ؛ فإنَّهُمْ أَدْرَكُوا مِنْ خشيةِ اللهِ وأسرارِ الشريعةِ ما لَمْ نُدْرِكْه .
وجاءَ في " تنويرِ القلوبِ " لِلشيخِ مُحَمَّدِ أمينِ الكرديِّ : إنَّ الإمامَ أحمدَ - رضي الله عنه - بَعْدَ أنِ اجتمعَ معَ أبِي حمزةَ البغداديَّ الصُّوفيَّ قال لِولدِهِ : يَا ولدِي .. عَلَيْكَ بمجالَسةِ هؤلاءِ القومِ فإنَّهُمْ زادُوا عَلَيْنَا بكثرةِ العلمِ والمراقبةِ والخشيةِ والزهدِ وعلوِّ الهمَّة (1) .
وقالَ العلاّمةُ مُحَمَّدٌ السّفارينيُّ الحنبليُّ عَنْ إبراهيمَ بنِ عَبْدِ اللهِ القلانسيِّ أنَّ الامامَ أحمدَ - رحمَهُمُ اللهُ تعالى - قالَ عَنِ الصُّوفيَّةِ :" لاَ أَعْلَمُ قوماً أَفْضَلَ مِنْهُمْ " ، قيلَ :" إنَّهُمْ يَستمعُونَ ويَتواجدُونَ ؟! " قالَ : دَعُوهُمْ يَفرحُوا معَ اللهِ ساعة (2) .
6- الإمامُ الغزاليُّ :
قالَ - رضي الله عنه - في سيرتِهِ الذاتيةِ في كتابِهِ " المنقِذِ مِنَ الضلالِ " : ثُمَّ إنِّي لَمَّا فرغْتُ مِنْ هذهِ العلومِ أَقْبَلْتُ بِهِمَّتِي على طريقِ الصُّوفِيَّةِ ، وعلمْتُ أنَّ طريقتَهمْ إنَّمَا تَتِمُّ بعلمٍ وعملٍ ؛ وكانَ حاصلُ عملِهمْ قَطْعَ عقباتِ النفوسِ والتنزهَ عَنْ أخلاقِهَا المذمومةِ وصفاتِهَا الخبيثةِ حتَّى يتوصلَ بِهَا إلى تخليةِ القلبِ عَنْ غَيْرِ اللهِ وتحليتِهِ بذكرِ الله .

__________
(1) 1- وانْظُر النُّجوم الزّاهرة /4 ، 5
(2) 2- راجِعْ غذاء الألباب شرح منظومة الآداب .

7- سلطانُ العلماءِ عزُّ الدينِ بنُ عبدِ السلامِ :

كانَ - رضي الله عنه - يَقُولُ : كُلُّ الناسِ قَعَدُوا على رسومِ الشريعةِ [ أيْ صورِهَا ] وقَعَدَ الصُّوفِيَّةُ على قواعدِهَا التي لاَ تتزلزلُ ..
ويؤيِّدُ ذلكَ : ما يقعُ على أيديهمْ مِنَ الكراماتِ والخوارقِ ، ولا يقعُ ذلكَ على يدِ عالِمٍ ولوْ بلغَ في العلمِ ما بلغَ إلاَّ إنْ سلكَ طريقَهمْ (1) .
8- الإمامُ مالكٍ :
كانَ - رضي الله عنه - يَقُولُ :" مَنْ تَشَرَّعَ ولَمْ يَتحقَّقْ فقدْ تَفَسَّقَ ، ومَنْ تَحَقَّقَ ولَمْ يَتَشَرَّعْ فقدْ تَزَنْدَقَ ، ومَنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فقدْ تَحَقَّقَ.
وهوَ قولٌ مرويٌّ بالأسانيدِ الصحيحةِ المتواترةِ عَنِ الإمامِ مالكٍ - رضي الله عنه - .
قالَ صاحبُ " المعتمدِ في أصولِ الفقهِ " :

وقيلَ إنَّ كُلَّ مَنْ تَحقَّقَا ... مِنْ غَيْرِ شَرْعٍ إنَّمَا تَزَنْدَقَا
وكُلُّ مَنْ بالشَّرعِ قَدْ تَعَمَّقَا ... بِلاَ تَحَقُّقٍ فذَا تَفَسَّقَا

وقالَ شارحُهُ : يشيرُ إلى القولِ المشهورِ " مَنْ تَشَرَّعَ ولَمْ يَتَحَقَّقْ فقدْ تَفَسَّقَ ، ومَنْ تَحَقَّقَ ولَمْ يَتَشَرَّعْ فقدْ تَزَنْدَقَ " ، ومَعْنَى ذَلِكَ أنَّ مَنْ كَثُرَ عِلْمُهُ بالشرعِ ولَمْ يَتَحَقَّقْ بالعملِ والالتزامِ بمضمونِ الشرعِ في سلوكِهِ فقدْ فَسَقَ ؛ إذْ لَمْ يَعملْ بِمَا عَلِمَ ، ومَنِ اشتغَلَ برعايةِ باطنِهِ وعَظُمَتْ عبادتُهُ وظَهَرَتْ مكاشفاتُهُ مِنْ غَيْرِ أنْ يَعرفَ الشّرعَ ويُمَيِّزَ مَا يَحِلُّ مِمَّا يَحْرُمُ فإنَّهُ يُخْشَى عَلَيْهِ خَطَرُ الانحرافِ والوقوعِ في الزَّنْدَقَة .
تحقيق :
__________
(1) 1- انْظُرْ : أئمّة الفقه التّسعة لِعبد الرَّحمن الشّرقاويّ وزبد خلاصة التَّصَوُّف لِلعزّ بن عَبْد السّلام .

وَرَدَ في حاشيةِ العلاّمةِ عليٍّ العدويِّ على شرحِ الإمامِ الزرقانيِّ على مَتْنِ العزيةِ في الفقهِ المالكيِّ وشرحِ عيْنِ العلمِ وزَيْنِ الحلمِ للإمامِ مُلاَّ عليٍّ القاريِّ ما نَصُّهُ : يَقُولُ الإمامُ مالكٌ رحمَهُ اللهُ تعالى : مَنْ تَفَقَّهَ ولَمْ يَتَصَوَّفْ فقدْ تَفَسَّقَ ، ومَنْ تَصَوَّفَ ولَمْ يَتَفَقَّهْ فقدْ تَزَنْدَقَ ، ومَنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فقدْ تَحَقَّق .



مشاركة المقال
mohamed fares
@كاتب المقاله
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع برهانيات كوم .

مقالات متعلقة

إرسال تعليق



Seoplus جميع الحقوق محفوظة ل برهانيات كوم