-->
إغلاق القائمة
إغلاق القائمة
404
نعتذر فقد تم نقل الموضوع ; الرجاء زيارة الارشيف! الأرشيف

الاثنين، 4 سبتمبر 2017

شرح الأوراد : مسألةٌ : فإنْ قالَ قائلٌ : ومِنْ أينَ جاءَ لفظُ التصوفِ ؟ وما اشتقاقُهُ ؟

شرح الأوراد : مسألةٌ : فإنْ قالَ قائلٌ : ومِنْ أينَ جاءَ لفظُ التصوفِ ؟ وما اشتقاقُهُ ؟
=

برهانيات كوم 

مسألةٌ : فإنْ قالَ قائلٌ : ومِنْ أينَ جاءَ لفظُ التصوفِ ؟ وما اشتقاقُهُ ؟

فالجوابُ : إنَّكَ أوّلاً افترضْتَ جدلاً ومِنْ غَيْرِ قَصْدٍ مِنْكَ أنَّ العلومَ التي انتهيْتَ إلَيْهَا وبمُسمّياتِهَا معلومةٌ كذلكَ في زمانِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وصحابتِهِ ، والأمرُ ليسَ كذلكَ ؛ فَفِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ العِلْمُ إجمالاً وهوَ مِنْ معاني لفظِ ( القرآنِ ) أمّا تفصيلاتُ العلومِ وأسماؤُها فقدِ استحدَثَها الناسُ كلٌّ في زمانِهِ وفي مكانِهِ ..

ولا عجبَ في ذلكَ ؛ ففي زمنِ الصحابةِ لمْ يعرفِ الناسُ علومَ النحوِ والبلاغةِ والبيانِ والبديعِ والصرفِ والنقدِ والفلكِ والكيمياءِ والكومبيوتر ، بلْ وعلومَ الفقهِ وأصولَهُ ، وإنَّمَا دَعَتْ أحوالُ الناسِ إلى ظهورِ هذهِ الأسماءِ على أيدي علماءَ حفظَ اللهُ بهمْ كتابَهُ الجامعَ لِكُلِّ علومِ الدنيا والآخرةِ ، وما لفظُ التصوفِ إلاّ اسمٌ لِعلمٍ نشأَ عِنْدَمَا دعَتِ الحاجةُ إلى تخصيصِهِ باسمِهِ ورسمِهِ ..
وفي ذلكَ يَقُولُ سَيِّدِي أحمدُ زروقٌ - رضي الله عنه - : قدْ حُدَّ التصوفُ ورُسِمَ وفُسِّرَ بوجوهٍ تبلغُ الألفَيْنِ ترجعُ كلُّها لِصدقِ التوجهِ إلى اللهِ تعالى .
وأَحْسَنَ أحدُهمْ حينَ قالَ :

تنازَعَ الناسُ في الصوفيِّ واختلَفوا ... وظَنَّهُ البعضُ مشتقّاً مِنَ الصوفِ
ولسْتُ أمنحُ هذَا الاسمَ غَيْرَ فتىً ... صافى فصُوفِيَ حَتَّى سُمِّيَ الصوفي

فهوَ إذَنْ مشتقٌّ مِنَ الصفاءِ ، ولا عجبَ في ذلكَ ؛ فقدْ وردَ عَنْ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - { آلُ مُحَمَّدٍ آلُ الصَّفَا وَالْوَفَا } ، ومَنْ يكونُ الصُّوفِيَّةُ إلاَّ آلَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - ؟!!
وهوَ اشتقاقٌ عربيٌّ خالصٌ فيهِ ما يدلُّ أيضاً على أنَّهُمُ اسْتَصْفَوْا أمْرَهُمْ كُلَّهُ للهِ ؛ أيْ صارَ أمرُهُمْ كُلُّهُ للهِ ..
قالَ ابنُ منظورٍ : واسْتَصْفَيْتُ الشَّيءَ : إذَا اسْتَخْلَصْتُه .
ومَنْ قرأ {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافِى} بالياءِ (1) فَتفسيرُهُ : أَنَّهَا خالصَةٌ للهِ تعالى ، يذْهَب بِهَا إلى جَمْعٍ " صافيةٍ " ، ومِنْهُ قيلَ للضِّيَاع التي يَسْتَخْلِصُهَا السلطانُ لخاصَّتِهِ : الصَّوَافِي .
__________
(1) 1- وهُمْ : الحَسَن والأعرج ومجاهد وزيْد بن أسلم وأبو موسى الأشعري - رضي الله عنهم - .. راجع في ذلك تفسير الآية عند الإمام القرطبي .

قُلْتُ : وللشيخِ الطوسيِّ في كتابِهِ " اللُّمَعِ " تحقيقٌ بديعٌ في هذَا البابِ ، فليَرجعْ إلَيْهِ مَنْ أرادَ الزيادة .
ولا يفوتُنَا في هذَا المقامِ أنْ نَذْكُرَ جوهرةً مِنْ جواهرِ الإمامِ فَخْرِ الدِّينِ في تعريفِهِ للصُّوفِيَّةِ ؛ حَيْثُ خَرَجَ - رضي الله عنه - عَنْ خِلاَفِ مَنِ اختلَفُوا في التعريفِ فقالَ : إنَّ الصُّوفِيَّةَ عندَنَا هُمْ : أهلُ اللهِ ، أيْ أهلُ الاشتغالِ باللهِ ؛ فَهُمْ دائماً مشتغِلُونَ باللهِ على جميعِ أحيانِهِمْ ، وفيهِ إشارةٌ إلى قولِهِ - صلى الله عليه وسلم - { إِنَّ لِلَّهِ تَعَالَى أَهْلِينَ مِنَ النَّاسِ : أَهْلُ الْقُرْآنِ هُمْ أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُه } (1) ..
قُلْتُ : وهوَ جمعٌ لطيفٌ بَيْنَ قَوْلَيْهِ - صلى الله عليه وسلم - في تعريفِ أهلِ القرآنِ وأهلِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - .
__________
(1) 2- رواه أحمد في مسنده والنسائي وابن ماجة والحاكم في المستدرك عن أنس - رضي الله عنه - ، وصححه السيوطي .




مشاركة المقال
mohamed fares
@كاتب المقاله
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع برهانيات كوم .

مقالات متعلقة

إرسال تعليق



Seoplus جميع الحقوق محفوظة ل برهانيات كوم