جاء تفسير العلم بالكنز فـي قوله تعالى {وكان تحته كنزٌ لهما} قال ابن عباس رضي الله عنهما: كان علماً فـي صحفٍ مدفونة. وعنه أيضا: كان لوحاً من ذهب مكتوبا فيه بسم الله الرحمن الرحيم، عجبتُ لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن، عجبتُ لمن يؤمن بالرزق كيف يتعب، عجبتُ لمن يؤمن بالموت كيف يفرح، عجبتُ لمن يؤمن بالحساب كيف يغفل، عجبتُ لمن يؤمن بالدنيا وتقلُّبها بأهلها كيف يطمئنُ لها، لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله.والعلم اللدني موطنه القلب وإنَّما أراد الشيخ بالصدر القلب {فإنَّها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي فـي الصدور} ومنه قوله صلى لله عليه وسلم: (إنَّ من العلم كهيئة المكنون لا يعلمه إلا أهل ا لمعرفة بالله ولا يعترض عليه إلا أهل الاغترار بالله فلا تحقِّروا عالما آتاه الله علماً فإنَّ الله لم يحقره إذ آتاه إياه). وشبِّهت العلوم بالدر والكنوز قال القوم: يغوص غوَّاص الفكر على درر المعاني فـي بحر القلب فيخرجها إلى ساحل الصدر فيقذفها إلى ترجمان اللسان وقولهم:
كشفوا الرموز عن الكنوز الخافية فتلألأت دررُ المـعاني الصافية
هي إشارة إلى علوم الحقيقة.
وقول الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني (وبغيره تبدو الصدور قفارا) والقلب الخالي من العلم اللدني كالأرض القفر التي ليس فيها ماءٌ ولا نبات، فقد شبَّه القوم علوم الحقيقة أيضاً بالماء كما فـي قولهم:
لوقطرةٌ ممـا شربتُ تدَّفقـت فوق الجبالِ الشمِّ ذابت غالية
وقولهم:
سَقَوني وقالوا لا تغنِ ولو سَقَوا جبالَ شرورى ما سُقيتُ لغنَّتِ
وقول الشيخ رضي الله عنه:
واشربْ بماءٍ من منابعِ سرِّنا إذ كلُّ ماءٍ ليس بالماءِ المهينْ
وقد شبَّه رسول الله صلى الله عليه وسلَّم الهدى والعلم الذي جاء به بالماء أخرج أحمد والبخاري ومسلم والنسائي عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير، أصاب أرضا فكانت منها بقية قبلت الماء، فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء، فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه فـي دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم، ومثل من لم ينفع بذلك رأسا، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به).
تعليقات: 0
إرسال تعليق