برهانيات كوم
أمّا عَنِ الأورادِ عِنْدَ الصُّوفِيَّةِ : فلقدْ قالَ فِيهَا سَيِّدِي أحمدُ زروقٌ - رضي الله عنه - : وبالجملةِ .. فأحزابُ المشايخِ صفةُ حالِهمْ ونكتةُ مقالِهمْ وميراثُ علومِهمْ وأعمالِهمْ ، وبذلكَ جَرَوْا في كُلِّ أمورِهمْ لا بالهوى ، فلِذلكَ قُبِلَ كلامُهمْ ، وربّمَا جاءَ - بَعْدُ - مَنْ أرادَ محاولةَ ذلكَ بنَفْسِهِ لِنَفْسِهِ فعادَ ما تَوَجَّهَ لهُ عَلَيْهِ بعكسِهِ ؛ وما هوَ إلاَّ كَمَا يُحْكَى عَنِ النَّحلةِ أنَّها عَلَّمَتِ الزنبورَ طريقةَ النسجِ فنَسَجَ على منوالِهَا ووضعَ بيتاً على مثالِهَا ثُمَّ ادَّعَى أنَّ لهُ مِنَ الفضيلةِ ما لَها ، فقالَتْ لهُ :" هذَا البيتُ ، وأينَ العسلُ ؟! " ، فإنَّمَا السِّرُّ في السُّكّانِ لا في المنزلِ ، فأحوالُهمْ مؤيَّدةٌ بعلومِهمْ مُسَدَّدةٌ بإلهاماتِهمْ مصحوبةٌ بكراماتِهمْ (2) .
* ويَقُولُ العلاّمةُ الصّاويُّ : أورادُ العارفينَ لا تخلو مِنْ كونِها مِنَ الكتابِ أوِ السُّنَّةِ أوِ الفتحِ الإلهيِّ ؛ ولِذلكَ تُقَدَّمُ على غَيْرِها (3) .
__________
(1) 6- رواه مسلم .
(2) 1- شرح حزب البحر لِسَيِّدِي أحمد زرّوق .
(3) 2- حاشية الصّاوي على الشّرح الصّغير .
* والوردُ إجمالاً هوَ : إقامةُ الطاعاتِ في الأوقات (1) .
ومسكُ الختامِ .. قولُ سَيِّدِي فَخْرِ الدِّينِ - رضي الله عنه - عِنْدَمَا سُئِلَ : هلْ أورادُ العارفينَ على غَيْرِ مَا وَرَدَ نصّاً في السُّنَّةِ المطهّرةِ مقبولةٌ شرعاً ؟ أو هلْ هناكَ ما يفيدُ بأنَّ ما وَرَدَ عَنِ العارفينَ مِنْ أورادٍ لمْ تُدَوَّنْ في كتبِ السُّنَّةِ مقبولٌ ومعتمَدٌ في الدينِ ؟
فأجابَ - رضي الله عنه - بِمَا يفيدُ : أنَّهَا معتمَدةٌ ومقبولةٌ ؛ لأنَّها إجماعٌ ، وإجماعُ الناسِ على الخبيرِ مِنَ الصالحينَ الذاكرينَ فيهِ الكفايةُ على الاتِّباعِ ؛ لِقولِهِ تعالى {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرا} (2) .
تعليقات: 0
إرسال تعليق