شرح الأوراد : سُورَةُ الإخلاصِ ( الصَّمَدِيَّة ) سبتمبر 08, 2017 الصفحة الرئيسية شرح الأوراد برهانيات كوم سُورَةُ الإخلاصِ ( الصَّمَدِيَّة ) الصَّمَدِيَّةُ يُقْصَدُ بِهَا سُورَة {قُلْ هُوَ اللَّهِ أَحَد} .. أمَّا مِنْ حَيْثُ أنَّهَا وِرْدٌ : فهِيَ مِنَ الأورادِ الكماليّة . ولَهَا مِنْ حَيْثُ العَدَدِ مَرَاتِبُ ثلاثة . ويَقرأُ الرِّجالُ في الطَّرِيقَةِ مَعَهَا الصَّلاةَ الذّاتيّةَ ؛ وذلكَ لِتلطيفِ أنوارِ تَجَلِّياتِهَا العاليةِ ، أمَّا النِّسَاءُ فلاَ يَقْرَأْنَ مَعَهَا الذّاتيَّةَ ؛ لِزيادةِ لَطَافَتِهِنَّ عَنِ الرِّجَالِ ، وتُسَمَّى بذلكَ عِنْدَهُنَّ " الصَّمَدِيَّةَ الصِرْفَة " . * سَبَبُ نُزُولِهَا - كَمَا رَوَاهُ سَيِّدِي فَخْرُ الدِّينِ - رضي الله عنه - وكَمَا وَرَدَ في كُتُبِ التَّفْسِيرِ والسُّنَّةِ بِرواياتٍ عِدَّةٍ - قالَ الحافظُ أبو يَعْلَى المُوصِليُّ مُعَنْعِناً عَنْ سَيِّدِنَا جابرٍ - رضي الله عنه - أنَّ أعرابيّاً جاءَ إلى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقال :" انْسُبْ لَنَا رَبَّك " فأَنْزَلَ اللهُ تعالى {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد} ، وفِي روايةٍ : سُئِلَ - صلى الله عليه وسلم - :" مَا نَسَبُ رَبِّك ؟ أَمِنْ جَوْهَرٍ ؟ أَمِنْ كَذَا ؟ أَمِنْ كَذَا ؟ " فنَزَلَ قولُهُ تعالى {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد} . - أَخْرَجَ البخاريُّ عَنْ سَيِّدِنَا أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَال ": قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لأَصْحَابِه { أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فِي لَيْلَة } فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَقَالُوا :" أَيُّنَا يُطِيقُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟! " فَقَال { اللَّهُ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ ثُلُثُ الْقُرْآن } (1) . __________ (1) 1- أَخْرَجَه البخاريّ . (1/183) ________________________________________ تحقيق : والتّعريفُ الواردُ عَنْهُ - صلى الله عليه وسلم - مُشْكِلٌ ؛ لأنَّهُ لَيْسَ نَصَّ السُّورةِ ، فَوَجَبَ التّأويلُ ، وهذَا مَا سَيَتَّضِحُ مِنْ قولِ سَيِّدِي فَخْرِ الدِّينِ - رضي الله عنه - مَا يُفِيدُ : {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد} : يَا مُحَمَّدُ .. قُلْ لِهذهِ الجَمَاعَةِ : اللهُ الذي تَسألُونَ عَنْهُ هوَ الأحد . والأحدُ : هوَ الذي لاَ يَقْبَلُ غَيْرَهُ مَعَهُ ، لاَ يَقْبَلُ شريكاً مَعَهُ ، لهُ مَوْطِنٌ مجهولٌ مَوْطِنُهُ ؛ بِمَعْنَى أنَّ جِهَةَ أحديَّتِهِ مجهولة . {اللَّهُ الصَّمَد} : الصَّمَدُ مِنْ بابِ اللغةِ يَعْنِي : المقصودُ بالحوائج .. وقالَ بَعْضُهُمْ :" الذي لاَ جَوْفَ لهُ " ، وهوَ غَيْرُ صحيح . والصَّمَدُ مَعْنَاهُ : هوَ الذي لَيْسَ كمِثْلِهِ شَيْءٌ ، حَتَّى إنَّ سَيِّدَنَا عَلِيّاً - كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ - قال : يَا صَمَدُ مِنْ غَيْرِ شَبِيهٍ ... فَلاَ شَيْءَ كَمِثْلِكَ تدقيق : وذَكَرَ نَحْوَهُ الإمامُ ابنُ كثيرٍ في تفسيرِهِ ، حَيْثُ عَزَاهُ إلى ابنِ أبي حاتمٍ مِنْ حديثِ أبي سعيدٍ مُحَمَّدِ بنِ ميسرٍ ، وكذلكَ التِّرْمِذيُّ عَنْ عَبْدِ بنِ حميدٍ وقالَ فيهِ : أَصَحُّ مِنْ حديثِ أبِي سعيد . {لَمْ يَلِد} : أيِ الذي لاَ وَلَدَ لهُ ، ولَيْسَ ذلكَ فحَسْبُ بَلْ ولاَ يَتَجَزَّأُ مِنْهُ شَيْء . {وَلَمْ يُولَد} : أيِ الذي لاَ أبَ لهُ ولاَ أُمَّ ، ولَيْسَ ذلكَ فحَسْبُ بَلْ ولاَ تَتَوَلَّدُ مَعْرِفَتُهُ بالعقل . {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَد} : على الإطلاقِ ، والأحديَّةُ هُنَا غَيْرُ الأحديَّةِ في الآيةِ الأُولَى ؛ حَيْثُ تَعْنِي هُنَا أحديَّةَ الكثرةِ ، كقولِكَ " جاءَ أحدُهُمْ " أيْ أنَّ أحدَ الكثرةِ لاَ يُمْكِنُ أنْ يَتَشَبَّهَ بِشَيْءٍ إلهيّ .. ثُمَّ قالَ سَيِّدِي فَخْرُ الدِّينِ - رضي الله عنه - : وهذَا هوَ عَرَبِيّ الجاهلِينَ ، وهوَ مفهومُ الاسمِ ومَعْنَاه .
برهانيات كوم سُورَةُ الإخلاصِ ( الصَّمَدِيَّة ) الصَّمَدِيَّةُ يُقْصَدُ بِهَا سُورَة {قُلْ هُوَ اللَّهِ أَحَد} .. أمَّا مِنْ حَيْثُ أنَّهَا وِرْدٌ : فهِيَ مِنَ الأورادِ الكماليّة . ولَهَا مِنْ حَيْثُ العَدَدِ مَرَاتِبُ ثلاثة . ويَقرأُ الرِّجالُ في الطَّرِيقَةِ مَعَهَا الصَّلاةَ الذّاتيّةَ ؛ وذلكَ لِتلطيفِ أنوارِ تَجَلِّياتِهَا العاليةِ ، أمَّا النِّسَاءُ فلاَ يَقْرَأْنَ مَعَهَا الذّاتيَّةَ ؛ لِزيادةِ لَطَافَتِهِنَّ عَنِ الرِّجَالِ ، وتُسَمَّى بذلكَ عِنْدَهُنَّ " الصَّمَدِيَّةَ الصِرْفَة " . * سَبَبُ نُزُولِهَا - كَمَا رَوَاهُ سَيِّدِي فَخْرُ الدِّينِ - رضي الله عنه - وكَمَا وَرَدَ في كُتُبِ التَّفْسِيرِ والسُّنَّةِ بِرواياتٍ عِدَّةٍ - قالَ الحافظُ أبو يَعْلَى المُوصِليُّ مُعَنْعِناً عَنْ سَيِّدِنَا جابرٍ - رضي الله عنه - أنَّ أعرابيّاً جاءَ إلى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقال :" انْسُبْ لَنَا رَبَّك " فأَنْزَلَ اللهُ تعالى {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد} ، وفِي روايةٍ : سُئِلَ - صلى الله عليه وسلم - :" مَا نَسَبُ رَبِّك ؟ أَمِنْ جَوْهَرٍ ؟ أَمِنْ كَذَا ؟ أَمِنْ كَذَا ؟ " فنَزَلَ قولُهُ تعالى {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد} . - أَخْرَجَ البخاريُّ عَنْ سَيِّدِنَا أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَال ": قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لأَصْحَابِه { أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فِي لَيْلَة } فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَقَالُوا :" أَيُّنَا يُطِيقُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟! " فَقَال { اللَّهُ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ ثُلُثُ الْقُرْآن } (1) . __________ (1) 1- أَخْرَجَه البخاريّ . (1/183) ________________________________________ تحقيق : والتّعريفُ الواردُ عَنْهُ - صلى الله عليه وسلم - مُشْكِلٌ ؛ لأنَّهُ لَيْسَ نَصَّ السُّورةِ ، فَوَجَبَ التّأويلُ ، وهذَا مَا سَيَتَّضِحُ مِنْ قولِ سَيِّدِي فَخْرِ الدِّينِ - رضي الله عنه - مَا يُفِيدُ : {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد} : يَا مُحَمَّدُ .. قُلْ لِهذهِ الجَمَاعَةِ : اللهُ الذي تَسألُونَ عَنْهُ هوَ الأحد . والأحدُ : هوَ الذي لاَ يَقْبَلُ غَيْرَهُ مَعَهُ ، لاَ يَقْبَلُ شريكاً مَعَهُ ، لهُ مَوْطِنٌ مجهولٌ مَوْطِنُهُ ؛ بِمَعْنَى أنَّ جِهَةَ أحديَّتِهِ مجهولة . {اللَّهُ الصَّمَد} : الصَّمَدُ مِنْ بابِ اللغةِ يَعْنِي : المقصودُ بالحوائج .. وقالَ بَعْضُهُمْ :" الذي لاَ جَوْفَ لهُ " ، وهوَ غَيْرُ صحيح . والصَّمَدُ مَعْنَاهُ : هوَ الذي لَيْسَ كمِثْلِهِ شَيْءٌ ، حَتَّى إنَّ سَيِّدَنَا عَلِيّاً - كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ - قال : يَا صَمَدُ مِنْ غَيْرِ شَبِيهٍ ... فَلاَ شَيْءَ كَمِثْلِكَ تدقيق : وذَكَرَ نَحْوَهُ الإمامُ ابنُ كثيرٍ في تفسيرِهِ ، حَيْثُ عَزَاهُ إلى ابنِ أبي حاتمٍ مِنْ حديثِ أبي سعيدٍ مُحَمَّدِ بنِ ميسرٍ ، وكذلكَ التِّرْمِذيُّ عَنْ عَبْدِ بنِ حميدٍ وقالَ فيهِ : أَصَحُّ مِنْ حديثِ أبِي سعيد . {لَمْ يَلِد} : أيِ الذي لاَ وَلَدَ لهُ ، ولَيْسَ ذلكَ فحَسْبُ بَلْ ولاَ يَتَجَزَّأُ مِنْهُ شَيْء . {وَلَمْ يُولَد} : أيِ الذي لاَ أبَ لهُ ولاَ أُمَّ ، ولَيْسَ ذلكَ فحَسْبُ بَلْ ولاَ تَتَوَلَّدُ مَعْرِفَتُهُ بالعقل . {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَد} : على الإطلاقِ ، والأحديَّةُ هُنَا غَيْرُ الأحديَّةِ في الآيةِ الأُولَى ؛ حَيْثُ تَعْنِي هُنَا أحديَّةَ الكثرةِ ، كقولِكَ " جاءَ أحدُهُمْ " أيْ أنَّ أحدَ الكثرةِ لاَ يُمْكِنُ أنْ يَتَشَبَّهَ بِشَيْءٍ إلهيّ .. ثُمَّ قالَ سَيِّدِي فَخْرُ الدِّينِ - رضي الله عنه - : وهذَا هوَ عَرَبِيّ الجاهلِينَ ، وهوَ مفهومُ الاسمِ ومَعْنَاه .