التصوف بكل لغات العالم :
الصنف الثالث
من المغرورين أرباب الأموال وفرقهم
الفرقة الأولى
فرقة منهم يحرصون على بناء المساجد والمدارس والرباطات والصهاريج للماء.. وما يظهر للناس.. ويكتبون أسماءهم بالآجر عليه.. ليتخلده ذكرهم، ويبقى بعد الموت أثرهم.. وهم يظنون أنهم استحقوا المغفرة بذلك.. وقد اغتروا فيه من وجهين..
أحدهما: أنهم قد اكتسبوها من الظلم والشبهات والرشا والجهات المحظورة.. وهم قد تعرضوا لسخط الله فى كسبها.. فإذن قد عصوا الله فى كسبها.. فالواجب عليهم فى التوبة ردها إلى ملاكها إن كانوا أحياء أو إلى ورثتهم.. فإن لم يبق منهم أحد وانقرضوا فالواجب صرفها فى أهم المصالح.. وربما يكون الأهم التفرقة على المساكين.. وأى فائدة فى بنيان يستغنى عنه ويتركه ويموت.. وإنما غلب على هؤلاء الرياء والشهرة ولذة الذكر..
والوجه الثانى: أنهم يظنون بأنفسهم الإخلاص وقصد الخير فى الانفاق.. وعلو الأبنية.. ولو كلف أحد منهم أن ينفق دينارا على مسكين لم تسمح نفسه بذلك.. لأن حب المدح مستكن فى باطنه.
الفرقة الثانية
وفرقة أخرى ربما اكتسبوا الحلال.. واجتنبوا الحرام وأنفقوه على المساجد، وهى أيضا مغرورة من وجهين: أحدهما: الرياء وطلب السمعة والثناء.. فإنه ربما يكون فى جواره أو بلده فقراء، وصرف المال إليهم أهم.. فإن المساجد كثيرة والغرض منها الجامع وحده فيجزئ عن غيره.. وليس الغرض بناء المسجد فى كل سكة وفى كل درب والمساكين والفقراء محتاجون.
وإنما خف عليهم دفع المال فى بناء المساجد لظهور ذلك بين الناس.. ولما يسمع من الثناء عليه من الخلق، فيظن أنه يعمل لله وهو يعمل لغير الله.. والله أعلم بذلك.. وإنما نيته عليه غضب.. وإنما قال: قصدت أنه لله تعالى.
والثانى: أنه يصرف ذلك فى زخرفة المساجد وتزيينها بالنقوش المنهى عنها.. الشاغلة قلوب المصلين لأنهم ينظرون إليها وتشغلهم عن الخشوع فى الصلاة.. وعن حضور القلب.. وهو المقصود..
وكلما طرأ على المصلين فى صلاتهم وفى غير صلاتهم فهو فى رقبة البانى للمسجد.. إذ لا يحل تزيين المسجد بوجه..
قال الحسن رضى الله عنه: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لما أراد أن يبنى مسجده بالمدينة أتاه جبريل فقال له: (ابنه سبعة أذرع طولاً فى السماء لا تزخرفه ولا تنقشه).
وغرور هؤلاء أنهم رأوا المنكر معروفا فاتكلوا عليه.
الفرقة الثالثة
وفرقة أخرى ينفقون الأموال فى الصدقات على الفقراء والمساكين.. ويطلبون بها المحافل الجامعة.. ومن الفقراء من عادته الشكر..والإفشاء للمعروف.. ويكرهون التصدق فى السر.. ويرون إخفاء الصدقة للفقير لما يأخذه منهم خيانة عليهم.. وكفرانا..وربما تركوا جيرانهم جائعين.. ولذلك قال ابن عباس رضى الله عنهما: (فى آخر الزمان يكثر الحاج بلا سبب.. يهوى لهم السفر.. ويبسط لهم فى الرزق ويرجعون مجرمين مسلوبين.. يهوى بأحدهم بعيره بين القفار والرمال.. وجاره مأسور إلى جنبه فلا يواسيه.. ولا يتفقده)..
الفرقة الرابعة
وفرقة أخرى من أرباب الأموال.. يحفظون الأموال.. ويمسكونها بحكم البخل ويشتغلون بالعبادات الدينية التى لا يحتاجون فيها إلى نفقة.. كصيام النهار.. وقيام الليل.. وختم القرآن.. وهؤلاء مغرورن.. لأن البخل المهلك قد استولى على باطنهم.. فهم محتاجون إلى قمعه بإخراج المال.. فاشتغلوا بطلب فضائل وهم مشتغلون عنها.. ومثالهم مثال من دخلت فى ثوبه حية.. وقد أشرف على الهلاك.. وهم مشغول عنها بطلب السكنجبين ليسكن به الصفراء.. ومن لدغته الحية كيف يحتاج إلى ذلك؟!.. ولذلك قيل لبشر الحافى: إن فلانا كثير الصوم والصلاة.. فقال: المسكين ترك حاله.. ودخل فى حال غيره.. وإنما حال هذا إطعام الطعام للجائع.. والإنفاق على المساكين.. فهو أفضل له من تجويع نفسه.. ومن صلاته.. مع جمعه للدنيا ومنعه للفقراء..
الفرقة الخامسة
وفرقة أخرى غلب عليهم البخل.. فلا تسمح نفوسهم إلا بأداء الزكاة فقط.. ثم إنهم يخرجونها من المال الخبيث الردئ الذى يرغبون عن.. ويطلبون من الفقراء من يخدمهم.. ويتردد فى حاجاتهم.. أو من يحتاج إليه فى المستقبل للاستئجار لهم فى الخدمة.. ومن لهم فيه غرض.. ويسلمونها إلى شخص بعينه واحد من الكبار.. ممن يستظهر بخشيته.. لينال بذلك عنده منزلة.. فيقوم بحاجته.. وكل ذلك مفسد للنية.. ومحبط للعمل.. وصاحبه مغرور.. يظن أنه مطيع لله تعالى.. وهو فاجر.. إذا يطلب بعبادة الله تعالى عوضا من غيره.. فهذا وغيره وأمثاله مغرورون بالأموال..
الفرقة السادسة
وفرقة أخرى من عوام الخلق وأرباب والأموال والفقراء.. اغتروا بحضور مجالس الذكر.. واعتقدوا أن ذلك يغنيهم ويكفيهم.. فاتخذوا ذلك عادة ويظنون أن لهم على مجرد سماع الوعظ دون العمل.. ودون الاتعاظ أجرا.. وهم مغرورن لأن فضل مجالس الذكر لكونها رغبة فى الخير.. وإذا لم تهج الرغبة فلا خير فيها.. والرغبة محمودة.. لأنها تبعث على العمل.. وإن لم تبعث على العمل فلا خير فيها.. وربما يغتر بما يسمعه من الوعظ.. وإنما يداخله رقه كرقة النساء فيبكى!.. وربما يسمع كلاما مخوفا فلا يزال يصفر بين يديه ويقول: يا سلام سلم!.. ونعوذ بالله!.. والحمد لله.. وحسبى الله ولا حول ولا قوة إلا بالله!.. ويظن أنه قد أتى بالخير كله.. وهو مغرور.. ومثاله مثال المريض.. الذى يحضر إلى مجالس الأطباء.. ويسمع ما يصفونه من الأدوية ولا يعقلها.. ولا يشتغل بها ويظن أنه يجد الراحة بذلك. والجائع الذى يحضر عنده من يصف له الأطعمة اللذيذة..
فكل وعظ لا يغير منك صفة تغير بدونها أفعالك.. حتى تقبل على الله وتعرض عن الدنيا.. وتقبل إقبالاً قويا.. وإن لم تفعل فذلك الوعظ زيادة حجة عليك.. فإذا رأيته وسيلة لك كنت مغرورا.
الصنف الثالث
من المغرورين أرباب الأموال وفرقهم
الفرقة الأولى
فرقة منهم يحرصون على بناء المساجد والمدارس والرباطات والصهاريج للماء.. وما يظهر للناس.. ويكتبون أسماءهم بالآجر عليه.. ليتخلده ذكرهم، ويبقى بعد الموت أثرهم.. وهم يظنون أنهم استحقوا المغفرة بذلك.. وقد اغتروا فيه من وجهين..
أحدهما: أنهم قد اكتسبوها من الظلم والشبهات والرشا والجهات المحظورة.. وهم قد تعرضوا لسخط الله فى كسبها.. فإذن قد عصوا الله فى كسبها.. فالواجب عليهم فى التوبة ردها إلى ملاكها إن كانوا أحياء أو إلى ورثتهم.. فإن لم يبق منهم أحد وانقرضوا فالواجب صرفها فى أهم المصالح.. وربما يكون الأهم التفرقة على المساكين.. وأى فائدة فى بنيان يستغنى عنه ويتركه ويموت.. وإنما غلب على هؤلاء الرياء والشهرة ولذة الذكر..
والوجه الثانى: أنهم يظنون بأنفسهم الإخلاص وقصد الخير فى الانفاق.. وعلو الأبنية.. ولو كلف أحد منهم أن ينفق دينارا على مسكين لم تسمح نفسه بذلك.. لأن حب المدح مستكن فى باطنه.
الفرقة الثانية
وفرقة أخرى ربما اكتسبوا الحلال.. واجتنبوا الحرام وأنفقوه على المساجد، وهى أيضا مغرورة من وجهين: أحدهما: الرياء وطلب السمعة والثناء.. فإنه ربما يكون فى جواره أو بلده فقراء، وصرف المال إليهم أهم.. فإن المساجد كثيرة والغرض منها الجامع وحده فيجزئ عن غيره.. وليس الغرض بناء المسجد فى كل سكة وفى كل درب والمساكين والفقراء محتاجون.
وإنما خف عليهم دفع المال فى بناء المساجد لظهور ذلك بين الناس.. ولما يسمع من الثناء عليه من الخلق، فيظن أنه يعمل لله وهو يعمل لغير الله.. والله أعلم بذلك.. وإنما نيته عليه غضب.. وإنما قال: قصدت أنه لله تعالى.
والثانى: أنه يصرف ذلك فى زخرفة المساجد وتزيينها بالنقوش المنهى عنها.. الشاغلة قلوب المصلين لأنهم ينظرون إليها وتشغلهم عن الخشوع فى الصلاة.. وعن حضور القلب.. وهو المقصود..
وكلما طرأ على المصلين فى صلاتهم وفى غير صلاتهم فهو فى رقبة البانى للمسجد.. إذ لا يحل تزيين المسجد بوجه..
قال الحسن رضى الله عنه: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لما أراد أن يبنى مسجده بالمدينة أتاه جبريل فقال له: (ابنه سبعة أذرع طولاً فى السماء لا تزخرفه ولا تنقشه).
وغرور هؤلاء أنهم رأوا المنكر معروفا فاتكلوا عليه.
الفرقة الثالثة
وفرقة أخرى ينفقون الأموال فى الصدقات على الفقراء والمساكين.. ويطلبون بها المحافل الجامعة.. ومن الفقراء من عادته الشكر..والإفشاء للمعروف.. ويكرهون التصدق فى السر.. ويرون إخفاء الصدقة للفقير لما يأخذه منهم خيانة عليهم.. وكفرانا..وربما تركوا جيرانهم جائعين.. ولذلك قال ابن عباس رضى الله عنهما: (فى آخر الزمان يكثر الحاج بلا سبب.. يهوى لهم السفر.. ويبسط لهم فى الرزق ويرجعون مجرمين مسلوبين.. يهوى بأحدهم بعيره بين القفار والرمال.. وجاره مأسور إلى جنبه فلا يواسيه.. ولا يتفقده)..
الفرقة الرابعة
وفرقة أخرى من أرباب الأموال.. يحفظون الأموال.. ويمسكونها بحكم البخل ويشتغلون بالعبادات الدينية التى لا يحتاجون فيها إلى نفقة.. كصيام النهار.. وقيام الليل.. وختم القرآن.. وهؤلاء مغرورن.. لأن البخل المهلك قد استولى على باطنهم.. فهم محتاجون إلى قمعه بإخراج المال.. فاشتغلوا بطلب فضائل وهم مشتغلون عنها.. ومثالهم مثال من دخلت فى ثوبه حية.. وقد أشرف على الهلاك.. وهم مشغول عنها بطلب السكنجبين ليسكن به الصفراء.. ومن لدغته الحية كيف يحتاج إلى ذلك؟!.. ولذلك قيل لبشر الحافى: إن فلانا كثير الصوم والصلاة.. فقال: المسكين ترك حاله.. ودخل فى حال غيره.. وإنما حال هذا إطعام الطعام للجائع.. والإنفاق على المساكين.. فهو أفضل له من تجويع نفسه.. ومن صلاته.. مع جمعه للدنيا ومنعه للفقراء..
الفرقة الخامسة
وفرقة أخرى غلب عليهم البخل.. فلا تسمح نفوسهم إلا بأداء الزكاة فقط.. ثم إنهم يخرجونها من المال الخبيث الردئ الذى يرغبون عن.. ويطلبون من الفقراء من يخدمهم.. ويتردد فى حاجاتهم.. أو من يحتاج إليه فى المستقبل للاستئجار لهم فى الخدمة.. ومن لهم فيه غرض.. ويسلمونها إلى شخص بعينه واحد من الكبار.. ممن يستظهر بخشيته.. لينال بذلك عنده منزلة.. فيقوم بحاجته.. وكل ذلك مفسد للنية.. ومحبط للعمل.. وصاحبه مغرور.. يظن أنه مطيع لله تعالى.. وهو فاجر.. إذا يطلب بعبادة الله تعالى عوضا من غيره.. فهذا وغيره وأمثاله مغرورون بالأموال..
الفرقة السادسة
وفرقة أخرى من عوام الخلق وأرباب والأموال والفقراء.. اغتروا بحضور مجالس الذكر.. واعتقدوا أن ذلك يغنيهم ويكفيهم.. فاتخذوا ذلك عادة ويظنون أن لهم على مجرد سماع الوعظ دون العمل.. ودون الاتعاظ أجرا.. وهم مغرورن لأن فضل مجالس الذكر لكونها رغبة فى الخير.. وإذا لم تهج الرغبة فلا خير فيها.. والرغبة محمودة.. لأنها تبعث على العمل.. وإن لم تبعث على العمل فلا خير فيها.. وربما يغتر بما يسمعه من الوعظ.. وإنما يداخله رقه كرقة النساء فيبكى!.. وربما يسمع كلاما مخوفا فلا يزال يصفر بين يديه ويقول: يا سلام سلم!.. ونعوذ بالله!.. والحمد لله.. وحسبى الله ولا حول ولا قوة إلا بالله!.. ويظن أنه قد أتى بالخير كله.. وهو مغرور.. ومثاله مثال المريض.. الذى يحضر إلى مجالس الأطباء.. ويسمع ما يصفونه من الأدوية ولا يعقلها.. ولا يشتغل بها ويظن أنه يجد الراحة بذلك. والجائع الذى يحضر عنده من يصف له الأطعمة اللذيذة..
فكل وعظ لا يغير منك صفة تغير بدونها أفعالك.. حتى تقبل على الله وتعرض عن الدنيا.. وتقبل إقبالاً قويا.. وإن لم تفعل فذلك الوعظ زيادة حجة عليك.. فإذا رأيته وسيلة لك كنت مغرورا.