برهانيات كوم
قصة سيدنا عيسي عليه السلام وتلامذته :
سيدنا عيسى عليه السلام مرَّ في سياحته ومعه طائفة من الحواريين بذهب مصبوب في الأرض، فوقف عليه ثمَّ قال: هذا القاتول فاحذروه، ثمَّ عبر وأصحابه، وتخلَّف ثلاثة لأجل الذهب، فقام اثنان ودفعا إلى واحد شيئا منه ليشتري لهم من الطيبات من أقرب الأمصارإليهم، فوسوس إليهما العدو: أترضيان أن يكون هذا المال بينكم أثلاثا، اقتلوا هذا فيكون المال بينكم نصفين.فأجمعا على قتله إذا رجع إليهما. قال: وجاء الشيطان إلى الثالث فوسوس إليه: أرضيت أن تأخذ ثلث المال اقتلهما فيكونُ المال كلُّه لك. قال: فاشترى سمَّاً فجعله في الطعام، فلما جاءهما به وثبا عليه فقتلاه، ثم جلسا يأكلان الطعام فلما فرغا ماتا، فرجع عيسى عليه السلام من سياحته فنظر إليهم حول الذهب صرعى والذهب بحاله، فعجب أصحابه وقالوا: ما شأن هؤلاء ؟ فأخبرهم بهذه القصة.
قصة عن الشعراء :
مِنَ الشعراء منْ كانَ يحبُّ رمضان لشرابه وطعامه لا لصيامه وقيامه،
وقال أبو الحسين الجزَّار المصري في الكُنافة وقد امتنعتْ عليه:
وما لي أرى وجهً الكُنافةِ مُغضبا ولولا رِضاها لم أُرِدْ رَمَضَانها
عجبتُ لها من رقةٍ كيف أظهرت عليَّ جفاً قد صدَّ عني جفانها
تُرى اتهمتني بالقطائفِ فاغتدت تصُدُّ اعتقاداً أنَّ قلبي خانها
وقد قاطعتني ما سمعتُ كلامَها لأنَّ لساني لم يخالطْ لسانها
من شرح النابلسي على ابن الفارض رضي الله عنهما:
في هَواكُمْ رمَضَانٌ عُمرُه ينْقَضِي ما بينَ إحياءِ وطَيْ
المعنى: قل أيها السائق تركتُ الصبَّ في حال كون عمره كلِّه صار رمضان بسبب هواكم فهو منقضٍ ما بين إحياء ليلٍ وطيِّ صومٍ ولا يلزم من الطيِّ الوصالُ المُحرَّم لاحتمالِ أنَّ المرادَ قلَّة الأ كل وذلك لا ينافى الإفطار ولو على الماء، على أنَّ المُرادَ طيُّ الصَّوم عن السِّوي يعني أنَّه صائمٌ في عمرِه كلِّه عن رؤية ألا غيار اشتغالا بتلقي فيض التجلِّيات علي قلبه ببدائع الأسرار ففي ليلِ غفلته إذا دخل عليه سهرٌ في الطاعة وفي نهار يقظته إذا أظلَّه طَوىً فلم يأكل ولم يشرب وإنما يطعمه ربُّه ويسقيه كمن آكل ناسيا وهو صائم فقد قال صلى الله عليه وسلم أنَّه أطعمه ربُّه وسقاه وهذا أولى من الناسي في ذلك.
قصة سيدنا آدم واكله من الشجرة :
آدم عليه السلام لمَّا أكل من الشجرة تطايرت الحُلَلُ عن جسده وبدت عورته قال: فاستحيا التاج والإكليل من وجهه أن يرتفعا عنه ، فجاء جبريل عليه السلام فأخذ التاج عن رأسه، وحلَّ ميكائيل الإكليل عن جبينه، ونوديا من فوق العرش: اهبطا من جواري فإنه لا يجاورني من عصاني، فالتفت آدم إلى حوَّاء باكيا وقال: هذا أوَّل شؤم المعصية أخرجنا من جوار الحبيب. (قوت القلوب) فما كان همُّه الجنة وما حوت بل كان همُّه جوار الله
قصة عن حاتم الطائى :
كان لحاتم الطائي ولدين هما سفانة وعدي وكان ولده عدي يعادي النبي صلى الله عليه وسلم فبعث النبي صلى الله عليه وسلم عليا الى طيء ، فهرب عدي بأهله وولده ولحق بالشام ، وخلف أخته سفانة ، فأسرتها خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلما أتى بها الى النبي صلى الله عليه وسلم قالت : يا محمد هلك الوالد وغاب الرافض ، فان رأيت ان تخلي عني ، ولا تشمت بي أحياء العرب . فان أبي كان سيد قومه يفك العاني ويقتل الجاني ، ويحفظ الجار ويحمي الذمار ويفرج عن المكروب ، ويطعم الطعام ويفشي السلام ، ويحمل الكل ، ويعين على نوائب الدهر. وما آتاه أحد في حاجة فرده خائبا أنا بنت حاتم الطائي . فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم يا جارية هذه صفات المؤمنين حقا ، لو كان أبوك مسلما لترحمنا عليه خلوا عنها ، فان أباها كان يحب مكارم الأخلاق. وقال فيها : ارحموا عزيزا ذل ، وغنيا افتقر ، وعالما ضاع بين جهال. فأطلقها ومن عليها فاستأذنته في الدعاء له فأذن لها وقال لأصحابه : اسمعوا وعوا . فقالت : أصاب الله ببرك مواقعه ، ولا جعل لك الى لئيم حاجة ، ولا سلب نعمة عن كريم قوم الا وجعلك سببا في ردها عليه. فلما أطلقها صلى الله عليه وسلم رجعت الى قومها فأتت أخاها عديا، وهو بدومة الجندل فقالت له : يا أخي ائت هذا الرجل قبل ان تعلقك حبائله ، فاني قد رأيت هديا ورأيا سيغلب أهل الغلبة ، رأيت خصالا تعجبني ، رأيته يحب الفقير ، يفك الأسير ، ويرحم الصغير ، ويعرف قدر الكبير ، وما رأيت أجود ولا اكرم منه صلى الله عليه وسلم، واني أرى ان تلحق به فان يك نبيا فللسابق فضله ، وان يك ملكا فلنذل في عز اليمن . فقدم عدي الى النبي صلى الله عليه وسلم فألق له وسادة محشوة ليفا ، وجلس النبي صلى الله عليه وسلم على الأرض فأسلم عدي بن حاتم ، وأسلمت أخته سفانة بنت حاتم .ا
قصة عن ابراهيم بن أدهم :
إبراهيم بن أدهم أنَّه قال: كنت أنتظر مدةً من الزمان أن يخلو المطاف، فكانت ليلة ظلماء فيها مطر شديد، فدخلتُ وكنتُ أقول فيه: اللهمَّ اعصمني، اللهمَّ اعصمني، فسمعت هاتفاً يقول لي: أنت تسألني العصمة وكلُّ الناس يسألونني العصمة، فإن عصمتكم فمن أرحم؟
قصة مثيرة فى البلاغة:
البادية قحطت في أيام هشام فقدمت عليه العرب ، فهابوا ان يكلموه ، وكان فيهم درواس بن حبيب ، وهو ابن ست عشرة سنة ، له ذؤابة وعليه شملتان فوقعت عليه عن هشام ، فقال لحاجبه : ما شاء أحد ان يدخل علي إلا دخل حتى الصبيان ، فوثب درواس حتى وقف بين يديه مطرقا ، فقال : يا أمير المؤمنين ان للكلام نشرا وطيا ، وانه لا يعرف ما في طيه إلا بنشره فإن أذن لي أمير المؤمنين ان انشره نشرته ، فأعجبه كلامه وقال له : انشره لله درك. فقال : يا أمير المؤمنين انه أصابتنا سنون ثلاث ، سنة أذابت الشحم ، وسنة أكلت اللحم ، وسنة دقت العظم ، وفي أيديكم فضول مال ، فان كانت لله ففرقوها على عباده ، وان كانت لهم ، فعلام تحبسونها عنهم ، وان كانت لكم فتصدقوا بها لهم ، فان الله يجزي المتصدقين، فقال هشام : ما ترك الغلام لنا في واحدة من الثلاث عذرا فأمر للبوادي بمائه ألف دينار ، وله بمائة ألف درهم ، ثم قال له : الك حاجة؟ قال: ما لي حاجة في خاصة نفسي دون عامة المسلمين فخرج من عنده وهو من اجل القوم .
قصة القاضي يحي بن اكثم :
القاضي يحي بن اكثم قال : كنت نائما ذات ليلة عند المأمون فعطش، فامتنع ان يصيح بغلام يسقيه وأنا نائم فينغص علي نومي فرايته وقد قام يمشي على أطراف أصابعه حتى أتى موضع الماء وبينه وبين المكان الذي فيه الكيزان ، نحو من ثلثمائة خطوة ، فاخذ منها كوزا فشرب. ثم رجع يمشي على أطراف أصابعه حتى قرب من الفراش الذي انا عليه فخطا خطوات خائف لئلا ينبهني حتى صار الى فراشه. ثم رايته آخر الليل قام يبول وكان يقوم في أول الليل وآخره فقعد طويلا يحاول ان أتحرك فيصيح بالغلام ، فلما تحركت وثب قائما وصاح : يا غلام ، تأهب للصلاة ، ثم جاءني فقال لي : كيف أصبحت يا أبا محمد، وكيف كان مبيتك ؟ قلت خير مبيت جعلني الله فداك يا أمير المؤمنين . قال : لقد استيقظت للصلاة فكرهت ان أصيح بالغلام فأزعجك . فقلت : يا أمير المؤمنين قد خصك الله تعالى بأخلاق الأنبياء ، واحب لك سيرتهم فهنأك الله بهذه النعمة وأتمها عليك . فأمر لي بألف دينار فأخذتها وانصرفت . قال : وبت عنده ذات ليلة فانتبه وقد عرض له السعال فجعلت ارمقه وهو يحشو فمه بكم قميصه يدفع به السعال حتى غلبه فسعل، واكب على الأرض لئلا يعلو صوته فانتبه .
قصة عن عمر بن عبد العزيز :
عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه كتب إلى سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب: اكتب إليَّ بسيرة عمر رضي الله عنه، فإني أحبُّ أن أسير بها، فكتب إليه: أما بعد فإنَّك لست في زمان عمر ولا لك رجال كرجال عمر؛ فإن عملت في زمانك هذا ورجالك هؤلاء بسيرة عمر فأنت أفضل من عمر !
قصة عن حاتم الاصم :
قال حاتمٌ الأصم من دخل في مذهبنا هذا فليجعل في نفسه أربع خصال من الموت: موت أبيض وموت أسود وموت أحمر وموت أخضر:فالموت الأبيض الجوع والموت الأسود احتمال أذى الناس والموت الأحمر مخالفة النفس والموت الأخضر طرح الرقاع بعضها على بعض.
نكته عن المتشبهين بالسلف :
نظر رجل من الصالحين إلى بعض المتشبِّهين بالسلف وقد قصَّروا الجلابيب وأرخوا العذبات، فقال لهم: ما أشبهكم بأصحاب محمد ففرحوا، فقال: نعم رؤوسكم ولحاكم كما قال الشاعر:
أمَّا الخيام فإنها كخيامهم وأرى نساء الحيِّ غير نسائها
فالسنَّة مظهر وجوهر.
قصة السلف مع المسجع فى دعائه :
مرَّ بعض السلف برجلٍ يدعو الله ويسجع في دعائه ويدعو بلسان طلق ويتعمَّق فقال له: ويحك أعلى الله تبالغ! والله لقد رأيت حبيباً العجمي يدعو ولا يزيد على قوله: اللهم اجعلنا جيِّدين، اللهمَّ لا تفضحنا يوم القيامة، اللهمَّ وفقنا للخير، والناس يبكون من كلِّ ناحية وهم يعرفون أنه مُستجاب الدعوة، وكان أبو يزيد البسطامي يقول: سلهُ بلسان الحاجة لا بلسان الحكمة، وقال الحسن: ادع بلسان الاستكانة والافتقار لا بلسان الفصاحة والانطلاق.
قصة صدوف وحمران بن الأقرع
كانت صدوف امرأة من أشرف نساء العرب ذات حسب ومال وجمال، فخطبها كثير من الرجال ولكنها ردَّتهم وقالت: لا أتزوَّج إلا رجلا يجيبني بكلام على حدِّه لا يجاوزه، فسمع بها حُمران بن الأقرع وكان داهية من دواهي العرب، فرحل حتى وصل إلى ديارها فدخل وسلَّم وظلَّ واقفاً ولم يجلس وكان لا يأتيها خاطبٌ إلا جلس قبل إذنها فقالت له: ما يمنعك من الجلوس ؟ قال: حتى يؤذنَ لي. قالت: وهل عليك أمير ؟ قال: ربُّ البيتِ أحقُّ بفنائِهِ وربُّ الماء أحقُّ بسقائِهِ وكلٌّ له ما في وعائِهِ. قالت: ما أتى بك؟ قال: حاجةٌ ولم آتك لحاجة.قالت: ما حاجتك ؟ قال: أمرها بيِّنٌ وقضاؤها هيِّنٌ وأنت بها أبصر وبنجحها أخبر.قالت: تُسرُّ أم تعلن ؟ قال: تُسرُّ وتعلن. قالت: فما هي ؟ قال: قد عرَّضتُ وإن شئتِ بيَّنت ! قالت: فمن أنت ؟ قال: أنا بشرٌ ولدتُ صغيراً ونشأتُ كبيراً ورأيتُ كثيرا. قال: فما اسمُك ؟ قال: من شاء أحدث اسماً وقال ظلماً ولم يكن الاسم عليه حتما. قالت: فممن أنت؟ قال: من بشرٍ كثيرٍ عدده قليلٍ سعده يفنيه أبده.قالت: فمن قومك؟ قال: الذين أنتمي إليهم وأجني عليهم وولدت لديهم. قالت: فمن أبوك ؟ قال: الذي ولدني ووالده جدي ولم يعش بعدي. قالت: فما ورَّثك أبوك عن أوَّليه ؟ قال: حسن الهمم. قالت: فأين تنزل؟ قال: في بساطٍ واسع في بلدٍ واسع قريبُه بعيدٌ وبعيدُه قريب. قالت: فما مالُك ؟ قال: أقلُّه ورثتُه وأكثرُه اكتسبتُه. قالت: فهل لكَ امرأة ؟ قال: لو كانت لي امرأةٌ لم اطلبْ غيرَها ولم أضيِّع خيرَها. قالت: كأنك ليست لك حاجة ؟ قال: لو لم تكن لي حاجةٌ لم أُنِخْ ببابِك وأتعلَّقْ بأسبابِكِ واطلبْ جوابَك. قالت: إنك لحمران بن الأقرع. قال: هكذا اسمع الناس يقولون. فأعجبها كلامه وأنكحته نفسه
قصة المجنون والحجاج
زعموا أن الحجاج لما فرغ من قتال سيدنا عبد الله بن الزبير وصَلَبَه بمكة دخل المدينة متنَكراً ليستطلع حال أهلها، فلقيه شيخٌ من أهل المدينة فقال له الحجاج: كيف حال أهل المدينة؟ قال: شرُّ حال، قُتِلَ ابنُ حواريِّ رسول الله صلى الله عليه وسلَّم. قال الحجَّاج: ومن قتله؟ قال: قتله الفاجر اللعين، قليل المراقبة لله تعالى الحجَّاج بن يوسف، عليه لعائن الله ورسله. فاغتاظ الحجَّاج غيظاً شديداً وقال له: يا شيخ هل تعرف الحجَّاج إذا رأيته؟ قال: نعم أعرفه، لا عرَّفه الله خيراً ولا وقاه ضيراً. فحسر اللثام عن وجهه وقال له: أنا الحجاج. ولما تبيَّن للشيخ أنه الحجَّاج أيقن بالهلاك فقال له: يا حجَّاج أتعرف من أنا؟ قال: لا. قال:أنا مجنون بني فلان اصرع كلَّ يومٍ مرتين، فقال له الحجاج: اذهب لا عافاك الله، قيل ومن العجب خُلوصه من يد الحجَّاج، لما عُرِفَ به من شدَّة البطش.
قصة خطوبة سيدنا بلال :
خطب سيدنا بلال امرأة من قريش لأخيه خالد رضي الله عهما فقال في الخطبة: نحن من قد عرفتم، كنا عبدين فأعتقنا الله، وكنا ضالين فهدانا الله، وفقيرين فأغنانا الله، وأنا أخطب فلانة لأخي خالد فإن تزوِّجوه فالحمد لله وإن تردّوه فالله أكبر. فأقبل بعضهم على بعض فقالوا: هو بلال ومثله لا يردُّ فزوِّجوه. فلما انصرفا قال خالد لبلال: هلا كنت ذكرت سوابقنا ومشاهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلَّم. قال بلال: صدقتُ فزوَّجك الصدق.
قصة الاعرابي المسلم :
أسلم أعرابي فجاء إلى رجل من المسلمين ليعلِّمه الصلاة فبيَّن له أوقات الصلاة وعدد ركعاتها فلم يفهم، وكرَّرها له فلم يفهم أيضا، فقال في نفسه إن الأعراب أحفظُ شيء للشعر فقال له:
إنَّ الصلاة أربع فأربعُ ثمَّ ثلاثٌ بعدهنَّ أربعُ
ثمَّ صلاة الفجر لا تضيّع فانطلق الأعرابي وقد فهم
اصل عبارة الحد جاوز الحد
كانت القاهرة معروفةً بإقبال الناس على شرب الخمر فيها في أيام المماليك، ولما تولَّى الظاهر بيبرس رحمه الله الحكم منع الخمر، وجعل عقوبتَها الصلب بدلا من الجَلد تخويفاً للناس، فدخل رجلان إلى القاهرة وهما مُولعان بشربِ الخمرِ فرأيا رجلا مصلوبا، فسألا عن سبب صلبه، فقيل لهما إنه صلب بسبب شربه للخمر.فقال أحدهما:
لقد كانَ حدُّ الخمر من قبلِ صلبِه خفيفَ الأذى إذ كانَ في شرعِنا جلدا
فلمَّا بدا المصلوبُ قلتُ لصاحبي ألا تب فإن الحد قد جاوز الحدا
قصة سيدنا على واصحابه :
قال الإمام علي كرم الله وجهه لأصحابه عندما تنكروا له بعد مقتل سيدنا عثمان رضي الله عنه: إنما أكلت يوم أكل الثور الأبيض، ثم قص عليهم القصة وهي أن أسداً صادقه ثلاثة ثيران؛ ثورٌ أبيض وثورٌ أسود وثورٌ أحمر فأعطاهم الأمان، وعاشوا معاً في الغابة لا يفترقون وقد تعاهدوا على الود والوفاء، ولما كبر الأسد وأسن وعجز عن الصيد طمع في أكل واحد من الثيران، فاجتمع بالثور الأسود والثور الأحمر وقال لهما: إن هذا الثور الأبيض لونه مخالف لألواننا وأخاف أن يدل علينا الأعداء لبياض لونه فأذنا لي في أكله حتى نسلم جميعاً، فوافقاه وأذنا له في أكله فانقض عليه فأكله، ثم مكث مدة وأصابه الجوع مرة أخى فاجتمع بالثور الأحمر وقال له: إن لوني يشبه لونك فمن رآك ظنك أسداً مثلي وهذا الثور الأسود لونه مخالف لألواننا فأذن لي في أكله، فوافقه وأذن له فأكله، ثم مكث مدة فأقبل على الثور الأحمر فعلم الثور الأحمر بأنه يريد أن يأكله، فقال له: لا أستطيع أن أمنعك من أكلي ولكن إئذن لي أن أصعد على هذه الربوة لأقول شيئاً، فأذن له فصعد الربوة وصاح بأعلى صوته: إنما أكلت يوم أكلَ الثورُ الأبيض.
قصة رجل كسري
كان رجلٌ على عهد كسرى أنو شروان يقول: من يشتري منِّي ثلاث كلماتٍ بألف دينار؟
فسمع به كسرى فأمر فجيءَ به فقال: هات الأولى. فقال: ليس في الناس كلِّهم خير. قال: صدقت ثمَّ ماذا؟ قال: ولا بدَّ منهم.قال صدقتَ ثمَّ ماذا؟ قال فالبسهم على قدرِ ذلك. قال كسرى قد استوجبتَ المال فخذه، قال: لا حاجة لي به وإنَّما أردتَ أن أعلم من يشتري الحكمة بالمال.
قصة الصياد والعصفور :
صاد رجلٌ قبَّرة، فقالت له: ما تريد أن تصنع بي؟ قال: أذبحُك وآكلك. قالت: والله ما أشفي من نهمٍ ولا أغني من جوع ولكنِّي أعلِّمك ثلاث خصالٍ هي خيرٌ لك من أكلي، أما الأولى فأعلِّمك إياها وأنا في يدك، والثانيةَ إذا صرتُ على الشجرة، والثالثةُ إذا صرتُ على الجبل، فقال: هاتي الأولى؟ فقالت: لا تتحسَّر على ما فاتك. فلمَّا اطلقها وصارت على الشجرة قال: هاتي الثانية؟ قالت:لا تصدَّق بما لا يكون أنه يكون. ثمَّ طارت فصارت على الجبل فقالت: يا شقيُّ لو ذبحتني لأخرجتَ من حوصلتي جوهرة زنتها عشرون مثقالاً. فعضَّ الرجل على شفتيه وتحسَّر على إطلاق سراحها ثمَّ قال: هاتي الثالثة؟ فقالت له: أنت قد نسيتَ الاثنتين فكيفَ أعلِّمك الثالثة؟ ألم أقلْ لك: لا تتحسَّر على ما فات، فقد تحسَّرتَ عليَّ فقلت لك: لا تصدِّق بما لا يكون أنه يكون فصدَّقت أنَّ في حوصلتي جوهرة وزنها عشرون مثقالا وأنا وعظمي ور