شرح ديوان شراب الوصل شرح القصيدة الرابعة والأربعون
- شرح شراب الوصل شرح : كن راحما فالخير للرحماء
- عبارات واشارات سيدى فخر الدين الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى فى شراب الوصل
- الذكر عين الحماية و الذاكرون الله هم أحياء على الحقيقة
- ضمان محبة الله تعالى للعبد هى تمام محبة رسوله
بسم الله الرحمن الرحيم
عندما أراد مولانا سيدى فخر الدين أن يبلغنا مراده من معانى ما يقوله فى هذه القصيدة التى يبتديها بقوله رضي الله عنه فى أول أبياتها :-
أولاً : أراد أن يوضح ما أشارت اليه كلمة (ذلك) التى فيها إشارة لكل ما سبق من معانى ربما من بداية حديثه فى ديوان شراب الوصل , أو من بداية الجزء الثالث من الديوان الذى نصح فيه الأحباب من أهل الطريقة لوجه الله مأمول الجناب سبحانه وتعالى عندما قال رضى الله عنه :
ولايستنكف الأحبـاب نصحى *** لوجه الله إنـى قد نصحت
ومن يعمل بنصحى فى أمـان *** ومن يعدل فإنى قد أجرت
أرى ما لاترون فلا تصــروا *** على إثم فذا عنـــه إنتهيت
نظمت القول إعجازاً فخضتم *** فكيف الحال لو أنى نثرت
يكون النثر منظــــوماً عجيباً *** كنظم النثر فى قولى ألست
ويوم النثر يعجب كــــل عبد *** يروم العـــلم مما قد علمت
وسابقاً قال رضى الله عنه فى القصيدة (9) :
كلت مبانى ما أقول عن الذى *** أرمى الى معـناه أو إثباته
قلت المعانى فى عظيم بنائها *** كل يرى قولى على مرآته
ثم يعود الى هذه القصيدة قائلاً :
لى المبنى لى المعنى وإنـــى *** برىء والحقائق ما نطقت
ثانياً : يقول رضى الله عنه أنه طالع فى علم الله القديم الذى أورثه إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم , الذى يقول عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم " علمنى ربى علماً أمرنى بتبليغه وهو الإسلام , وعلماً خيرنى فيه وهو الايمان . وعلماً أمرنى بكتمه وهو الإحسان " فالعلم الأخير الذى أمر فيه بالكتم وهو الإحسان , هو الذى ورثنى إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم , حيث يقول : ورثت عن المحبوب بعضاً وجملة , ويقول أيضاً : فجدى من ورث العلوم جميعها , ومما يوضح قوله رضى الله عنه قول الحق تبارك وتعالى فى الآية (82) من سورة يس " إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون " فعندما أراد الحق جل وعلا أن يخلق مخلوقاً (خليفة) يستعمر الأرض ويحمل الأمانة (الخلافة) قال سبحانه وتعالى { وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعل فى الأرض خليفة } من الآية 30 سورة البقرة , وقال أيضاً فى سورة الأحزاب الآية (72) {إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً} وبما أن سيدنا آدم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام أول رقائق الخلافة المحمدية فى بداية الزمن فكان أول الخلفاء وأول الأنبياء وهو من أخذ نبوته من الخليفة الأصل حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم (أول الأنبياء على الإطلاق وخاتم الأنبياء والمرسلين) , وإنى أحد رقائق هذه الخلافة المحمدية , الذين كلفهم الحق جل وعلا بحمل هذه الأمانة , فهذه هى الخلافة التى أشار اليها سيدى فخر الدين بقوله رضى الله عنه وقد حبيناها قبل الماء والطين :
فعلمنا فى خـــــــدور لانفتقها *** وقد حبيناه قبل الماء والطين 35/37
لقد كفينا من التقتير وإكتمـلت *** عطية الله قبـل الماء والطين 6/90
وقال إن الحق جعل لكل رسول رسالة مؤيدة بكتاب أو صحيفة مثل ما جعل لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاباً وهو القرآن الكريم فقد كلفنى بخلافة الشق الثانى , وهو الشق الولائى من الحقيقة المحمدية , وأيدنى بكتاب (شراب الوصل) وهو أبيات منظومة على غرار آيات القرآن الكريم , وكلمات تتلى فى صورة قصائد وهذه .. آيتى التى منها يستقى أرباب حظوتنا وعطية الكريم بفرد الأربع الحرم التى يقول فيها فى القصيدة (40) :
من آيتى يستقى أرباب حظوتنا *** عذب الحديث ومنها طيب الكلم
عطية من كريم عندما ظـفرت *** به السماء بفـــرد الأربع الحرم
أى إنه يقول أن علوم الديوان التى تتحدث عن هذه الخلافة , عطية من كريم طاب مانحها تطيب لي والمثاني أشهدت نعمي , ولم يقل نعمتى , وهذا يثبت أن علوم القصائد نعمة من النعم التى أشهدها المثانى , وكان ذلك ضمن رحلته الروحية برفقة جده المصطفى صلى الله عليه وسلم , فهذه هى خلافة الآرض التى يقول عنها الحق تبارك وتعالى فى سورة البقرة من الآية 30 ( وإذ قال ربك للملائكة انى جاعل فى الارض خليفة ) التى جاءت عقب النبوة التي سبقت خلق سيدنا آدم عليه السلام , وهى الحقيقة التى قال عنها سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم ( كنت نبيا وآدم قبل الماء والطين ) , فعندما خلق الله سبحانه وتعالى الأرض وأراد أن يستعمرها فخلق سيدنا آدم عليه السلام ليكون أول رقيقة للخلافة خليفة للإسم ( الله ) ليستعمر الأرض ويتصرف فيها بباقى الأسماءالإلهية فكان هوالمظهر الأول للخلافة التى هى ( للنبي الخاتم صلي الله عليه وسلم ) الذى قال ( كنت نبيا وآدم قبل الماء والطين ) وكونه خليفة الله في الأرض أي أن الله سبحانه وتعالي علم سيدنا آدم الأسماء الإلهية ، عندما قال سبحانه فى الآية 31 من سورة البقرة ( وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة ) , وأسماء الله الحسنى تسعاً وتسعون إسماً علمها الحق لسيدنا آدم بتصاريفها , عندما قال سبحانه له ( يا آدم أنبئهم بأسمائهم , فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إنى أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون ) فأنبأهم بها , وفى ذلك الوقت بدأت النبوة بسيدنا آدم عليه السلام ثم انتقلت من نبي إلي نبي حتي رجعت إليه صلى الله عليه وسلم , وحدثنا عنها الحق تبارك وتعالى فى القرآن الكريم الذى فيه تفصيل كل سابق ولاحق , فبعد أن انتهت رسالات الأنبياء والرسل (للنبوة) , كان من المحتم أن تبدأ الرسالات الخاصة بخلافة الآرض (للولاية) التى بدأت مصاحبة لنبوة سيدنا آدم عليه السلام ( فكان ولياً نبياً ) وإستمرت حتى زمن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وما زال إرث الولاية مستمراً , خليفة يلى خليفة إلي يوم أن يرث الله الأرض ومن عليها , بعد ظهور الخليفة الوارث في آخر الزمان سيدنا المهدي المنتظر الذى يوافق اسمه واسم ابيه إسم خاتم الأنبياء سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم وإسم أبيه .
وهنا يقف مولانا سيدي فخر الدين رضي الله عنه ليعلن هذه ( الحقيقة ) قائلاً :
ما الإختلاف وما الخلافة ما النبا *** قد جئت بالإخبار فى بنإيتى 319/1
وقال أيضا:
ومن الخلافـــــــة فيـــــــــــهم *** تربــــــوا علي كل الربــــــــا 2/11
كما قال أيضا :
ولى فى إبن آمة وصــية وارث *** وفينا يكون الإختلاف تعاقب 4/27
بمعني: أننا تعرفنا على هذه الحقيقة عندما ظفرت بنا السماوات حال عروجنا بصحبة حضرة النبي صلي الله عليه وسلم فى رحلته الى الملأ الأعلى ( رحلة الإسراء والمعراج ) , وهى أن للحقيقة المحمدية لحضرة النبى صلى الله عليه وسلم شق آخر وهو الولاية , التى ورثها أيضاً سيدنا آدم عليه السلام كأول خليفة لإستعمار الأرض وهذه حقيقة خلافة (الولاية) التى يقول عنها سيدى فخر الدين فى القصيدة الثلاثون :
يطيب لأهل فضلى ذكر قولى *** ولوجهلوا المراد الأولى
علا فوق الفهــوم مراد ربى *** خلافته من البشر الســوى
فأول قبلـــة السجـــــاد طين *** عليه أشعة النــــور العـلى
تولته العنــــــــاية بعد جهل *** على علم فأنعــــم من ولى
وقد ظهرت مصاحبة لشق النبوة بظهور (خاتم الأنبياء) , سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حضرة النبى الذى ختم الله به النبوة , بحقيقته الذاتية المحمدية في أرض مكة , فكان هو الحى القيوم عليها بحقيقته المحمدية الذاتية , حيث إستمر صلى الله عليه وسلم فى نشر دعوته الى أن حقق الله سبحانه وتعالى على يديه النصر الذى يبدأ بعده الفتح وذلك فى سورة النصر {إذا جاء نصر الله والفتح} والعلاقة التى بين النصر والفتح , هو نصرالله لدعوة النبوة والفتح بالتبشير ببدء حقيقة زمن (ختم الولاية) عن طريق رسل الهداية , أولياء الله من عباده الصالحين , ويشير الحق جل وعلا الى هذه الحقيقة الجلية فى سائر كتابه القرآن الكريم وبالأخص فى آخر جزء منه منوها بقوله عز وجل فى سورة النبأ {عم يتساءلون , عن النبأ العظيم , الذى هم فيه مختلفون , كلا سيعلمون , ثم كلا سيعلمون } فكان ذلك هو النبأ العظيم الذى هم فيه مختلفون وفى سورة ص الآيتين 67و68{قل هونبأ عظيم , أنتم عنه معرضون} وهوالذى فيه ختم الولاية , وهو اليوم الذى ألبسه الله الليل ساتراً عن مشاهدته فى قول عز وجل فى الآية 10{وجعلنا الليل لباساً} وجعل نهاره معاشاً للعيان يتماعشون فية وذلك فى قوله عز وجل فى الآية 11{وجعلنا النهار معاشاً} وأشار الى بداية زمن ظهوره معلناً بأن هذا الظهور هو الفتح الذى أظهره الحق تبارك وتعالى على الدين كله فى السورة (110) المسماة بسورة النصر ورقم ترتيبها فى المصحف الشريف هو حصيلة ضرب الرقم 10 × 11 والذى يقول فيها سبحانه وتعالى {إذا جاء نصر الله والفتح , ورأيت الناس يدخلون فى دين الله أفواجاً , فسبح بحمد ربك وإستغفره إنه كان تواباً} فالنصر كان نصر الله لنبيه صلى الله عليه وسلم فى نهاية دعوته , ونعمته التى أتمها عليه ربه , وأخرج البخارى عن ذلك المعنى فى قول سيدنا عبد الله ابن عباس : أن السورة نعيت له نفسه .
هذا وقد إنتقل (خاتم الأنبياء) سيدنا رسول الله صلى عليه وسلم بعدها وذلك فى العام الحادى عشر من الهجرة , ثم مرت حقبة من الزمان تساوى 1392 عاماً , وفى هذا الرقم إشارة الى الزمن الذى يظهر فيه (خاتم الأولياء) , الولى الذى بدأت به ومنه وعنده نهاية ختم الولاية , وتشير اليه السورة رقم 48 التى عدد آياتها 29 آية , وإسمها سورة ( الفتـــــح ) وفى الإشارة بشارة بزمن الولاية , فبضرب رقم السورة × عدد آياتها يعنى : 48×29 = 1392 . وبتحقيق وتدقيق وبحساب هذا الرقم وجد انه يوافق العام 1403 من الهجرة . وهذا هو ميعاد إنتقال مولانا سيدى فخر الدين المنتقل فى عام 1983 ميلادى الموافق 1403 هجرى . وفيه بداية استلام إبنه وخليفته رضى الله عنه مولانا الشيخ ابراهيم الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى , وهو بداية زمن ( الفتح ) فكانت إشارة النصر (لخاتم الأنبياء) وإشارة الفتح (لخاتم الأولياء) الفتح التى إشارة اليه فى سورة النصر { إذا جاء نصرالله والفتح } والتى قال عنها سيدنا عبد الله بن العباس عندما سأل سيدنا عمر بن الخطاب عن معنى قوله تعالى {إذا جاء نصر الله والفتح} فقال : أجل , أو مَثَل ضُرب لمحمد صلى الله عليه وسلم , نعيت له نفسه . فعندما نزلت هذه السورة حزن سيدى بن عباس حزناً على فراق الحبيب قليلاً . لكنه فرح كثيراً (بالفتح) لعلمه أن النصر فيه إشارة الى نهاية زمن (نبوة) سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم الانبياء , وقدوم زمن (ولاية) خاتم الاولياء , والذى تشير اليه سورة الفتح , فهذا الفتح يبشربزمن الولاية والتى يتم بها الإصلاح الذى يؤدى الى الفلاح .
فبالنظر الى سورة الفتح : نجد رقمها 48 وعدد آياتها 29 وبضرب رقم السورة × فى عددالابيات يعنى 48×29=1392 وسورة الفتح يقول فيها الحق تبارك وتعالى {إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً , ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطاً مستقيماً , وينصرك الله نصراً عزيزاً} بمعنى أنه بعد الفتح يأتى النصرة من الله للولى المشار اليه بختم الولاية , المخاطب بكاف الخطاب فى الزمن .
والرقم (1392) هوعدد السنين بداية من إنتقال (خاتم الأنبياء) الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم الى بداية زمن إستلام (خاتم الأولياء) المقصود بجدى المصطفى , إمام الجمع , صاحب السرالمضمر فى طى سروة الأولياء الذى قال عنه سيدى فخر الدين :
وجدى المصطفى للجمع يقدمهم *** وسره مضمر فى طى سروتنا 28/35
فالخطاب بالكاف هنا للخليفة صاحب الوقت , والكاف للمخاطب والمخاطب على العموم هو حضرة النبى صلى الله عليه وسلم , وذلك مثل { ألم نشرح لك صدرك , ووضعنا عنك وزرك , الذى انقض ظهرك , ورفعنا لك ذكرك } جاء فى هذا المعنى فى كتاب البحر المديد فى تفسير القرآن المجيد المجلد السادس للإمام بن عجيبة : ما قيل للرسول صلى الله عليه وسلم من تعديد النعم عليه واستقراره بها , يُقال ( لخليفته ) العارف الداعى الى الله حرفاً بحرف . وبذلك يفهــم أن ( خاتم الأولياء ) هو خليفة ( خاتم الأنبياء ) كما يفهم أن (حرف الكاف ) كاف الخطاب الظاهرة فى سورة الفتح هى خطاب للخليفة خاتم الأولياء مثل ما إستخدمت لـ ( خاتم الأنبياء ) سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
• ما بين انتقال (خاتم الأنبياء) الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فى العام الحادى عشر من الهجرة النبويه الشريفة , الى {انتقال مولانا سيدى فخر الدين , وإستلام مولانا الشيخ ( ابراهيم ) الحبيب الذى لا يخيب رجاءه والذى به منه فيه (ختم الولاية )} والذى يقال عنه أورثته ســـراً عليه لثــــام , فى العام ألف وأربعمائة وثلاثة من الهجرة النبوية الشريفة , هو (1392) عام .
• والرقم (1392) فيه إشارة الى العدد الحسابى لحروف إسم الحبيب الشريف الذى به منه فيه (ختم الأولياء) الشيخ (إبراهيم محمد عثمان عبده البرهانى ) والعدد الحسابى بالأرقام هو: ابراهيم (259) محمد (92) عثمان (661) عبده (81) البرهانى (299) والناتج = 1392 .
• إذن عدد الأعوام من إنتقال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الرفيق الأعلى الى إنتقال سيدى فخر الدين يشير الى الخليفة (خاتم الاولياء) الذى العدد الحسابى لإسمه = 1392 مولانا الشيخ ( ابراهيم محمد عثمان عبده البرهانى ) .
لما أراد الحق تبارك وتعالى إبانة وإظهار التجلى الذاتى الإلهى فى الحقيقة المحمدية برأسيها وشقيها النبوى والولائى فعنده أن ذات النبوة واحدة والأنبياء والمرسلون عليهم الصلاة والسلام رقائق هذه الذات الواحدة وهى ذات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وكل رقيقة نبوية بدءاً من سيدنا آدم عليه السلام حتى كلمة الله سيدنا عيسى عليه السلام ما هى إلا وجه نائب فى الزمن المراد مما سبق عن حضرته صلى الله عليه وسلم ونفس هذه الذات المحمدية هى بعينها ذات الولاية , فالأولياء جميعاً فى كل زمان ومكان وجوه محمدية , لأن النبى محمد صلى الله عليه وسلم حوى فى حقيقته مع (ذات النبوة ذات الولاية) التى تتمثل فى ختم الولاية . فكما كان سيدنا محمد ختماً للنبوة فالولى الختم هو الذى (ختم الولاية فى شقها الثانى من ذاته) التى تمثلت حقيقة منفردة فى الولى الختم الصديق الأعظم الذى منه الإمام المهدى فإذا كانت حقيقة ( ختم النبوة ) ثابتة للنبى بقوله صلى الله عليه وسلم ( كنت نبياً وآدم قبل الماء والطين ) . {من مقدمة كتاب عنقاء مغرب لسيدى محى الدين بن عربى ص4}
فحقيقة ( ختم الولاية ) هو الشق الثانى من ذاته المحمدية صلى الله عليه وسلم , والتى يقول عنها مولانا سيدى فخر الدين رضى الله عنه :
فعلمنا فى خـــــــدور لانفتقها *** وقد حبيناه قبل الماء والطين 35/37
لقد كفينا من التقتير وإكتمـلت *** عطية الله قبـل الماء والطين 6/90
ويقول أيضاً لقد أعلمنا الحق تبارك وتعالي بأن خلافة ختم الولاية ستكون بفضل الله سبحانه وتعالي ( فينا ) وهذه هى إرادة الحق سبحانه وتعالى المتمثلة فى قوله :
ما الإختلاف وما الخلافة ما النبا *** قد جئت بالإخبار فى نبإيتى 319/1
ومن الخلافــــــــــة فيــــــــــــهم *** تربــــــوا على كل الربـــــا 2/11
نكرع التوحـــــيد إمدادا وفضلا *** والخلافة إن أردت الحق فينا 11/62
ويقول أن المراد من حديثه عن هذه الحقيقة :
علا فوق الفهوم مـــــــراد ربي *** خلافته من البشــــر الســوى 2/30
فعندما شاءت إرادة الحق بأن أتحدث عن هذه الخلافة التي أرادها الحق سبحانه وتعالي أن تكون فينا فقد أعلمنى من هو الذى ختم هذه الولاية ( الخليفة البشر السوى ) الذي منه مبدئي وفيه معادى والذى تتعاقب فيه الخلافة الموضحة بالصورة التى أرادها الحق على مقتضى علمه وإرادته حيث تجلى بنوره الذاتى وجعل هذا التجلى فى المجلى الإنسانى محمداً صلى الله عليه وسلم فثم فتق رتق هذا التجلى الذى ضرب عليه حجاب المقتضيات وأسماه ( حمداً ) ومجلاه ( محمداً ) عليه الصلاة والسلام , فأوجد من هذا الرتق جميع أنماط الوجود الكلى كثافة ولطافة , نورانياً وظلمانياً , وسرد الحقائق على ذات الولاية الكلية , التى عين ومركز دائرتها فى النسخة المحمدية من حيث وجه ذات الولاية ( الولى الختم )الذى يأتى فى آخر الزمان . وما أردت من هذه المقدمة إلا لأسهل على القارئ المحمدى حتى لا تغطى سحب الهوى صفاء سما روحه .
وفى هذا الولى الختم , النبأ العظيم المذكور في سورة النبأ {عم يتساءلون عن النبأ العظيم } اليوم الذي علا الأيام , وهذا اليوم ( ليله لباساً ونهاره معاشاً ) وتشير إليه الآية (10) (وجعلنا الليل لباساً) و (11) (وجعلنا النهار معاشاً) ثم نضرب رقم الآية 10 في رقم الآية 11 تساوي 110 والنظر إلي رقم السورة (110) نجدها سورة النصر (إذا جاء نصر الله والفتح) التي تشتمل على إشارة النصر فالنصر حققه المصطفي صلي الله عليه وسلم ويعقبه إشارة الفتح التي يحققها المشار إليه بالنبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون والذين هم عنه معرضون فهو البشر السوى الذى تبدأ منه وتنتهى عنده ختم الولاية وهو الذي من أجله يتحدث عنه سيدي فخر الدين رضي الله عنه ذاكراً إسمه الشريف قائلا في القصيدة (15):
من أجل إبراهيـــم بعد رجاءه *** هذا الحديث ومنحتى وكلامى
فهو الحبيب ولا يخيب رجاؤه *** أورثته ســــــراً عليه لثـــسام
ما غير إبراهيــم عبد ذوحمى *** هو مجتبى حـتى يقـوم مقامى
فأراد سيدى فخر الدين أن يوضح الحديث عن هذا (النبأ العظيم) الذي هم فيه (مختلفون) أى يختلف في معرفته الكثيرين , وهناك معنى آخر أن (الخلافة فيه تتعاقب) وآله الذى هم فيه مختلفون , وذلك يتضح من قوله رضى الله عنه (ومن الخلافة فيهم ) تربوا على كل الربا , فمن أجله وبعد رجاءه رضى الله عنه أنشأ ديوانا سماه (شراب الوصل) يشير فيه الى حقيقته .
فالحديث السابق تشير اليه كلمة ( ذلك ) من البيت الأول { فى ذلك النثر اليسير سر كمين مُخْمدُ } وهذا السر هو الرمز الذى حار الكل فى كنه معرفة حقيقته , إمام فى كتاب الله رمز , هو الذى أخمد نيران جده ابراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم عندما تم إلقاؤه فى النيران وجده صاحب الإسم الشريف إبراهيم الدسوقى القائل :
أنا كنت ملقاً والخليل بناره *** وما بردت النيران إلا بدعوتى
فأهل الحضرة الإلهية هم المؤمنون الذين يطلبون الغوث والمد من الله الواحد المهيمن ربهم المنعم المتفضل صاحب نعمة الإيجاد والإمداد بالمعرفة بحقيقة المشار اليه بالسر الكمين المخمد , يقول سيدى فخر الدين عنه :
هو ذا النور يامريد تجلى *** هو ذا الغيث يا أهيل ودادى 44/39
والوصول الى هذه المعرفة لا يتم الا بالترحل فى السير (حال الذكر) بقوله رضى الله عنه :
سيعلوا ذكر قوم دون قوم *** وماء الغيث تشهده الروابي 14/74
وأهل الإيمان هم الذين طالبهم ربهم سبحانه بالسير بالذكر للوصول الى تلك المعرفة .
ومعنى كلمة الذكر: هو ترديد إسم المحبوب دون طلب لمنفعة أو دفع لمضرة .
ويقول سيدى فخر الدين فى القصيدة (20) :
وإذكر إسم الحبيب ما رمت وصلاً *** وتبتل بذكــــــــره تبتيـــــلاً
ثم يقول (إنى) التى فى (أنا) هذا الحبيب بقوله رضى الله عنه :
إنى جليس الذاكــــــريـ *** ن كذا سمـــــير المنتدا 24/11
وعن صاحب الذكر الرحيم الحبيب الذى لا يخيب رجاءه فى القصيدة (19) :
هو صاحب الذكر الرحيم وإنه *** سر التناجى ربه رباه 6/19
أما قوله رضى الله عنه عن الأحباب (الذين تم وصلهم) بنعمة الذكر , وهم المذكورين فى الملأ الأعلى :
وقلوب يسر الذكر لها *** هى آيات فهل من مدكر 38/13
وكنا ذاكرين وقد ذكرنا *** وهذه نعمة أخرى نراها 42/29
وعن المعنيين بهذا الذكرومنازله يقول أيضاً:
أما الرجال الذين عنيت من ذكروا *** وذكرهم غاية فالله غايتنا 11/35
منازل قدرت للذكر أجمعه *** وبعدها نصطفى هذى بدايتنا 12/35
فصاحب هذا السر الكمين هو من اليه غاية الوصل صاحب الذكر ( الرحيم ) .
فصاحب السر هو صاحب المقام الإبراهيمى الذى رزقنا منه المد والإرفاد بالعلوم الغيبية عن الحقيقة التى إنفطرت من سماء عالم الغيب وإنشقت وأذنت لربها وحقت وبها الأرض مدت وألقت مافيها أى أخرجت بأمر ربها وتخلت عن كل ما فيها حتى أصبحت تحدث أخبارها , الأسرار الكامنة فيها التى حان الوقت والزمان الذى تتحدث فيه عن الحقائق الغيبية عند ظهور(الحقيقة) كشمس العرفان التى غطت الأكوان كما قال سيدى المرسى أبو العباس منشداً :
فلوعاينت عينـــاك يــوم تزلزلت *** أرض النفوس ودكت الأجبال
لرأيت شمس الحق تسطع نورها *** يــــوم تزلزل والرجال رجال
فقال الانسان مالها , يومئذ تحدث أخبارها , بأن ربك أوحى لها , بإبراز هذه الحقيقة (حقيقة المتحدث عنه المشار اليه بالسر الكمين المخمد) ذات الذى هو أول الخلق (نور النبى معلم القرآن) الحقيقة التى يشير إليها سيدى فخر الدين فى القصيدة التائية بقوله :
وتزلزلت أرض العقول بيا أنا *** ماذا أفدتــــم بعد من تائيتى 309 /1
والأرض لما أخرجت أثقالــها *** ماذا جنيتم من جنى نونيتى 310/1
يوضح لنا سيدى فخر الدين رضى الله عنه بعد كل ما أتى به من العلوم فى صورة در منظوم ولؤلؤ منثور عن حقيقة الرحيق المختوم فى ديوان (شراب الوصل) للوصول بنا الى المعرفة , التى لا يتأتى إلا بالسيرلأعلى مراتب الذكر التى تبين حقيقة صاحب الذكر الرحيم { الحقيقة التى خلقها سبحانه أولاً (نورالنبى معلم القرآن) } المشار اليه فى كل الديوان وخصوصاً فى القصائد التالية ( التائية ـ النونية ـ المهدية ـ البائية ـ الهمزية ـ الوصية ـ الذادية ـ الأحدية ـ الهائية ـ الكافية ـ النبائية ـ العطية ـ القمرية ـ الصرحية ـ الرجية ـ العهدية ) وإنتثرت معانيها مثل نجوم علوم الرسوم التى إنتثرت فى باقى الديوان على هيئة معانى مستخرجة من داخل الأوانى , يقول بعدها لم يبقي غير أن نخرق العادات ونأتى بالكرامات التى مثل المعجزات ونضرب الأرض بعصاة سيدنا موسى عليه السلام التى هى من بقية ميراث تركته , ونبطل ما تأفكون , ويحى من حى عن بينة لمصداقاً لقول الحق {ليهلك من هلك عن بينة ويحى من حى عن بينة} من الآية 42 الانفال , ويقوم ليحدث أخبار هذه الحقيقة ويعلنها مدوية ويقول للأعراب والمنكرين والمعرضين ممن قست قلوبهم وماتت , ويقول أنتم عن الايمان بها فى استفهام , ويصدق ذلك قوله رضى الله عنه :
ويرقب موسى والعصا بيمينه *** ويشهد فلقاً ظـــاهراً بيقينه 10/66
ويشهد ميقات الأحبة إذ دنــوا *** وكيف أتم الأربعين بعشره 11/66
ثم يتحدث سيدى فخر الدين رضى الله عنه عن مقام الـ( أنا ) الذى هو مقام العبودة ( وإنى فى أنا ) الذى فيه مقامه :
ولى كتب الأبرار أشهد ما بها *** وإنى عبد والعباد رعيتى 47/1
ومن عبث بخس الحقيقة أهلها *** لأنى عبد فى مقام العبودة 72/1
وأراد سيدى الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى أن يعلم كل من على وجه الأرض بأنه هو(عبده) عبد البرهانى الذى يجود عطاؤه :
ليعلم أهل الأرض أنى عبد من *** يجود عطاءاً فى سخاء ورأفة 374/1
ما غير إبراهـــيم عبد ذو حمى *** هو مجتبى حتى يقــوم مقامى 3/15
هو ذا ســــيد وأول عـــــــــــبد *** وبه بدأ غـــــــــــــــاية العباد 17/22
فهو السيد الذى به بدأ غاية العباد { لما أراد الحق أن يخلق الخلق على مقتضى علمه وإرادته تجلى بنور ذاته وجعل هذا التجلى فى المجلى الإنسان محمداً ثم فتق رتق هذا التجلى الذى ضرب عليه حجاب المقتضيات وأسماه حمداً ومجلاه محمداً عليه الصلاة والسلام فأوجد منه جميع أنماط الوجود الكلى كثافة ولطافة , دنيوياً وبرزخياً وأخروياً }
والعبد الذى جهلتم قدره ومقامه هو المشار اليه فى سورة النبأ (النبأ العظيم ) الذى هم فيه مختلفون , وفى سورة ص ( قل هو نبأ عظيم , أنتم عنه معرضون ) والمشار اليه فى القصيدة النبائية عندما جاء الإخبار عنه لمعرفة حقيقته فنبذتموها وراء ظهوركم , فهذا المقام الذى جهلتموه يرتجى أهل حضرة جمع الجمع معرفته والتشرف بجواره , فهو المستجارالذى يقول عنه الشيخ :
ولى بالمستجار جوار عز *** فأنعم جيرة ولى الجوار 20/31
فلى جـار لديه جوار عز *** ومعبـــود يعظــمه العبيد 12/42
ويقول مولانا جاءتنى إشارة من كريم المولدين صاحب الجوارالحبيب الذى ظهرت حقيقة جماله من ميمه الاولى وبطنت فى ميمه الثانية عند خروجها من بين حدها , ودلت داله على انه وارث خير الخلق المسمى " حمداً " بعد فتق رتق تجليه الذى رسمت حقيقة مجلاة الاسم (مـ حـ مـ د) وهو الذى :
عاينته نــوراً وســراً سارياً *** وشهدت طلعــته وأنى لا أرى 5/34
وأطل قــدرى عندما عاينته *** بكماله من فوق هامات الذرى 6/34
من فوق ما لا تعلمون رأيته *** إنى رأيت وصدق ذاك ألم تر 7/34
ألم تر{ ألم تر الى ربك كيف مد الظل ولوشاء لجعله ساكناً ثم جعلنا الشمس عليه دليلاً } الآية 45 سورة ص .
ويقول الشيخ إن مقام العبد الذى يرتجيه الغرقد , مقام يجاور مقام صاحب القدر الجليل السامى المشار اليه فى أول سورة البقرة { ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه } أى أن ( كتاب الألف ) الذى تشير اليه ذلك من بين الكتب الثلاثة (ا ل م ) التى تحمل معنى هذه الحقيقة , وكتاب اللام هو الذى لم حقيقة الألف الحقيقة الأحمدية على حقيقة الميم (الحقيقة المحمدية), أى أن حقيقة اللام تعلقت بحقيقة الألف الحقيقة الأحمدية حتى صارت (مزاجاً) حقيقة واحدة , كما تعلق بالزيتونة الزيت , وأصبحت بهذه السورة (لا) التى يقول عنها سيدى فخر الدين رضى الله عنه :
والتفت الساق بالساقى و(لا) عجب *** إنسان عين وللأرواح قد ربى
وبتعلقى بصاحب القدر الجليل السامى صاحب الحقيقة الأحمدية المشار اليه بألف أول الخلق فى إطلاقه فأصبح قدرى الذى تعلق بقدره لا يرى فكان هُو الـ( هُو هُو ) وفى ذلك يقول رضى الله عنه :
وبقيع أصحاب الهداية مسكنى *** ولى الجوار وإن قدرى لا يرى 3/34
لذا مقامى فسيح يتسع لجوار لأهل الحضرة , كالبقيع الغرقد مسكنى يجاور مقام حضرة النبى صلى الله عليه وسلم بالمدينة الذى يتسع لأهل الهداية من كبار الصحابة خدام دين النبى الذين يلتمسون جوارة فى الآخرة كما كانوا بجواره فى الدنيا .
وهذا هو مقام الرشد الابراهيمى محل الإرشاد الذى يقول عنه الحق جل وعلا فى الآية 51من سورة الأنبياء (ولقد آتينا ابراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين) , وعرفه سيدى فخر الدين رضى الله عنه بقوله :
وآتيت ابراهــيم من قبـل رشــــــده *** فماهـــــو إلا فلـذتى وعطيتى 4/1
هلا عرفـــتم بعــــــض قـــدر للذى *** أعطيت إبراهيم وهو عطيتى 320/1
من كمال العطاء من فيض وهـــب *** أيها الناس جــــــاءكم إبراهيم 1/12
فهو : إمامى فى العطايا خير معطى *** ندى الكـف فى وجهيه حسن 14/52
فهو صاحب المقام الإبراهيمى الذى عطاياه وفت فوق حاجتنا :
وحـــزنا من عطايــــاه جـــــزيلاً *** ولى من سرها جمع الشــتات 5/39
شمائلى كملت من فيض حكمـــته *** ومن عطاياه إنا كاشــفوا النقم 17/40
ويجزل فى الشهر الحرام عطاءه *** ويعظم عندى من لطائف سره 4/66
فهذا هو العطاء الذى لا ينفذ ومن أجلى يدوم ويخلد . عطاء الرب الرحيم الذى من كفه العطا ينساب .
ليعلم الجميع من أهل الحضرة أن جوارى للحبيب رضى الله عنه يتسع ويسمح باستقبال كل من يطلب الإستجارة , فلى حبيب لديه جوار عز (المصطفى) , العزيز الذى يقول , فمن جاءنى فهو العزيز بعزتى , الذى كل من جاءه قاصداً حماه يصير عزيزاً بعزه , فغاية القصد حسن القصد لا عوج ,وأصطفى منكم وأختار وانتقى كل من يصلح للسير باغياً الوصول الى معرفة صاحب الحقيقة فى موطن المشاهدة الذى يتم فيه الشهود وبالتالى يتم فيه السجود للرب المعبود :
وسجدت لما لم أجد غيرا له *** يا نعم وجه بالمحاسن أسفر 13/34
لذا أقول :
إنى فوق سماء تعـــــــــلو *** فوق الملأ الأعلى فإنظــــــر 6/51
يقول سيدى فخر الدين (إنى) على فى سماء تعلو فوق سماء فوق الملأ الأعلى موطن الهو والـ( أنا ) أى أن مقامى بجوار المقام الابراهيمى , مقام ابراهيم ملجأ الشفعاء صاحب سجدة يوم الزحام فهو الذى لا يخيب رجاءه عالى القدر الجليل السامى ولا يصل اليه إلا من أطلعهم ربهم على سموات عالم الغيب وأصبح لهم فى سماوات الغيوب مناقب , وهذه المناقب يصل اليها أصحاب الأرواح , لأنها جلت عن أفهام أرباب الفهوم , فهذا هو مقامه الذى لما بدا بقلوبنا حضرت قلوب أهل الحضرة ركوعاً سجداً وهم الأهلة الذين سجدت قلوبهم وأرواحهم عندما شاهدوا مقامه الذى شأنه الخفاء الذى يقول عنه :
عيان بيانى ظاهراً شأنه الخفا *** وإنى بدر فى سماء الأهلة 271/1
رفع الله للمــــــــــــــــتيم قدراً *** فبدا فيه يركض الأولــياء 14/43
يقول سيدى فخر الدين : إن الله المهيمن رفع للعبد المتيم بحبه قدراً فأصبح قدره رفيعاً ومقاماً فيه ساد السيد العبد والانسان , فلما ظهر قدره للعيان فكان بحراً لجياً يسبح فيه الأولياء للوصول لمعرفة حقيقة النشأة ويقول عنه رضى الله عنه :
نزلنا بحرهو كالسابحات *** وأيقنـــــــا بأن الوصل آت
سبحنا والغياهب تحتوينا *** وكنا كالجـــوارى المنشآت
فغيبنا به حتى غرقنــــــا *** يقيناً فى العطـــايا والهبات
ومازلنا به حتى عرفـــا *** على التحقيق أسرار النبات
وهذا المقام هو المقام المحمود الذى قيل فيه أنه لا ينبغى لأحد غيره وهوالمقام الذى قال فيه سيدنا أويس القرنى ( اللهم آت محمد الوسيلة والفضيلة والدرجة العاليه الرفيعة وأبعثه اللهم المقام المحمود الذى وعدته ) وهو المقام الذى ذكر فيه المصطفى صلى الله عليه وسلم بأعلى محامد الحمد وقال صلى الله عليه وسلم إنى حمدت الله بما لم أحمده بها من قبل , واشار سيدى فخر الدين الى هذا المقام الرفيع بقوله إنى رفيع فى المقام الذى فيه ساد السيد المقصود بمحمود المقام (جدى الأصل متقدم الجماعة يوم الجمع وهو أول كاتب )
وذلك عندما قال فى القصيدة التائية :
وجدى محمود المقام وشافعى *** وان بنى الزهراء أهلى وعصبتى 53/1
إنا بجمع الجمع كنــــا عصبة *** وإمـــــام هذا الجمــــع أول كاتب 1/54
فهو مقام السيادة الأحمدى الذى منه ساد الأحمد , وعليه ساد به يسود السيد المشار اليه فى الصلاة المطلسمة ( كنز عين إنسان الأزل ) فصلى اللهم به منه فيه عليه وسلم , ويقول سيدى فخر الدين أن هذا المقام (الإبراهيمى) والحقيقة الأحمدية كمنزلة لسيادة أحمد نورها منشى حقيقتنا , وطالبها يهتدى إليه بنورها , وهو موطن وراثتنا :
وليس بهادى العمى إن ضل سعيهم *** فذاك يقيناً وارث الراحــــمية 423/1
فكلنـــــا وارث من جده ســـــــــمة *** ونحن أهل العلا تمت وراثتنا 60/35
لكن إبراهــــــــــيم حقـــــــاً وارث *** أو ليس هــــــذا سيد من أسود 15/76
منه أنــــــــــا وأنــــــــــــــــا بــــه *** المصــــــــطفى والمقـــــــتدا 19/11
كما يقول مولانا الشيخ رضى الله عنه أنه موطن صاحب نعمه الإيجاد والإمداد الله الواجد :
فهو الذى أعطى العبيد زمامها *** كرماً ويعلم مبدئى ونهايتى 334/1
وتحير كمـــــا السوابق حاروا *** فله مبدئى وفيـــــه معــادى 6/22
كما أنه مقام التجلى النبوى الذى منه التجلى النبوى على العباد الذى يقول عنه الشيخ رضى الله عنه فى القصيدة (36) :
تجلى إمـــــام الكائنــات بنــــوره *** لقلب عبيد لا علــــى بيت بنى
تجلى بما يشفى الصدور كرامــة *** فقلت يســيراً والمعيب يعيبنى
تجلى فأردى الجاهلين عطـــاؤه *** وأومض عند البارقين يصيبنى
تجلى فقال الجمع ما فوق الذرى *** فقلت ولا أدرى تــــراه يريدنى
يقول سيدى فخر الدين رضى الله عنه إنى إذا صليت صلى أحمد ومحمد :
أنا الذى فى أنا إنى كمنزلة *** لأحمد نورها منشى حقيقتنا 2/35
لكل من أراد الحقيقة عليه أن يعرف إن شعاع منزلتى من نور منزلة أحمد التى هى (حضرة الإنشاء) فهى التى نورها منشى حقيقتنا ,
ويوضح ذلك سيدى فخر الدين رضى الله عنه :
لذا فبقائى من قديم بقــــــــائة *** كذلك نورى من عظيم الأشعة 253/1
أشعة نـــــور من سنا فيض نوره *** يقابلها عبــد فنى عن بقية 398/1
وما أنا إلا واحد من أشعة نورها *** وما أنا إلا من غياهبها بها 32/80
بمعنى : إن الحقيقة (المحمدية) إذا إتصلت بالحقيقة (الأحمدية) أى وجود الحقيقتين معاً فى حالة الإثنينية إنما هو (الشفع) فهذا هو المقام المشاراليه فى القصيدة التائية (وجدى محمود المقام وشافعى ـ وإن مقامى لا يماط لثامه) وهذا المقام المحمود الذي لم يصل إليه كل متحقق ولا يستطيع أحد أن يرفع عنه الستار ,وهو موطن إتصال الحقيقة المحمدية بالحقيقة الأحمدية وجمع الحقيقتين والوتر فى الحقيقة الواحدية وهى واحدية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (فالفردية اشارة الى الحقيقة الأحمدية , والوترية اشارة الى الحقيقة المحمدية) . تبرئة الذمة صـ (8)
ثم يقول إن فى هذا المقام , المقام (الإبراهيمى) الذى فيه الحماية والأمان الذى يحتمى به الرعية فهو الملجأ والملاذ لكل ( أبناء الطريقة البرهانية ) :
ما غير ابراهيم عبد ذو حمى *** هو مجتبى حتى يقوم مقامى 3/15
وله رجــاء عنـــــدنا ومكانة *** وبه يلوذ المحتمى والرامى 4/15
وذلك هروباً من الشياطين ( الذئاب ) فصاحب المقام إبراهيم هو الذى إليه الملجأ والملاذ , فالذئاب إذا اقشعرت لا تفترس إلا الذى يفر من مقام الحمى الذى به يلوذ المحتمى والرامى ( فإن الذئب لا يأكل من الغنم إلا القاصية ) .
يقول سيدى فخر الدين رضى الله عنه إن في الكلمات ( القصائد ) التى تقدمت سر عظيم خفى لو رآه أهل القيد ذوى العقول المغلولة ما ضل عنهم فى سماء عالم الغيب جمع مفرد , أى لا يطلع على هذا السر العظيم إلا الأحباب من أهل وصلها الذين كشف لهم كل مغيب عندما قال :
وأكشف للأحبــاب عن علمى الذى *** جواهره فى كل صدر كمينة 146/1
هو من أضاء الغيب فإنكشف الخبا *** حتى غـــــدوت مغيباً بضياه 17/19
وإحتـــــــويتم محـــبكم بوصــــال *** إن ترد كشفه يحــــار الوجود 9/81
وهذا الجمع المفرد هو الذي يقول عنه الشيخ في القصيدة التائية:
سما فتسمى فى الحضيرات بإسمها *** لذى أضحى واحد الواحدية 408/1
ويجعله القرآن جمعــــــاً مفرقــــــاً *** ويجعـل منه واحد الأكثرية 420/1
ثم يقول:
وكلنا واحـــــــــــد فى واحديته *** وإنما فرق التوحــــــــيد رتبتنا 49/35
كما يقول:
فى حضرة التقــريب كنا ثلاثة *** لدى واحــــد التوكـيد إنى وإنها 9/80
فهو القائل عنه: إنه كتاب الله ـ جمعنا : كتاب الله حضرة :
ما كتاب الله إلا جمــعنا *** إنما الأحبــــــــــاب آيات به
ما كتاب الله إلا حضرة *** قاب قوسيها الهدى لا ينتهى
فهذه الحضرة الأحدية التى بها ومنها الواحدية بحقائقها الثلاثة وهم ( الحقيقة الأحمدية والحقيقة المحمدية والذات الأحمدى ) وهؤلاء الثلاثة لدى واحد التوكيد , الذى يقول إنى واحد من أشعة نورها .
أى إعلم يا مريدى أن صاحب السر الكمين المخمد هو الشيخ الواصل الواحد الذى حبا شيخك فيا مريدى إنى أعيذك أن يثنى الواحد , أى إستعذ بالله من التثنية ( وقل هو الله أحد ) . وصلى اللهم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ,
(( القصيدة الرابعة والأربعون ))الاثنين 15 رمضان 1405 هــ - عدد الأبيات 16 - 3 يونيو 1985 م
عندما أراد مولانا سيدى فخر الدين أن يبلغنا مراده من معانى ما يقوله فى هذه القصيدة التى يبتديها بقوله رضي الله عنه فى أول أبياتها :-
1- في ذلك النثر اليسيـــ *** ـر كمين ســــر مُخْمِدٌ
أولاً : أراد أن يوضح ما أشارت اليه كلمة (ذلك) التى فيها إشارة لكل ما سبق من معانى ربما من بداية حديثه فى ديوان شراب الوصل , أو من بداية الجزء الثالث من الديوان الذى نصح فيه الأحباب من أهل الطريقة لوجه الله مأمول الجناب سبحانه وتعالى عندما قال رضى الله عنه :
ولايستنكف الأحبـاب نصحى *** لوجه الله إنـى قد نصحت
ومن يعمل بنصحى فى أمـان *** ومن يعدل فإنى قد أجرت
أرى ما لاترون فلا تصــروا *** على إثم فذا عنـــه إنتهيت
نظمت القول إعجازاً فخضتم *** فكيف الحال لو أنى نثرت
يكون النثر منظــــوماً عجيباً *** كنظم النثر فى قولى ألست
ويوم النثر يعجب كــــل عبد *** يروم العـــلم مما قد علمت
وسابقاً قال رضى الله عنه فى القصيدة (9) :
كلت مبانى ما أقول عن الذى *** أرمى الى معـناه أو إثباته
قلت المعانى فى عظيم بنائها *** كل يرى قولى على مرآته
ثم يعود الى هذه القصيدة قائلاً :
لى المبنى لى المعنى وإنـــى *** برىء والحقائق ما نطقت
ثانياً : يقول رضى الله عنه أنه طالع فى علم الله القديم الذى أورثه إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم , الذى يقول عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم " علمنى ربى علماً أمرنى بتبليغه وهو الإسلام , وعلماً خيرنى فيه وهو الايمان . وعلماً أمرنى بكتمه وهو الإحسان " فالعلم الأخير الذى أمر فيه بالكتم وهو الإحسان , هو الذى ورثنى إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم , حيث يقول : ورثت عن المحبوب بعضاً وجملة , ويقول أيضاً : فجدى من ورث العلوم جميعها , ومما يوضح قوله رضى الله عنه قول الحق تبارك وتعالى فى الآية (82) من سورة يس " إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون " فعندما أراد الحق جل وعلا أن يخلق مخلوقاً (خليفة) يستعمر الأرض ويحمل الأمانة (الخلافة) قال سبحانه وتعالى { وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعل فى الأرض خليفة } من الآية 30 سورة البقرة , وقال أيضاً فى سورة الأحزاب الآية (72) {إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً} وبما أن سيدنا آدم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام أول رقائق الخلافة المحمدية فى بداية الزمن فكان أول الخلفاء وأول الأنبياء وهو من أخذ نبوته من الخليفة الأصل حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم (أول الأنبياء على الإطلاق وخاتم الأنبياء والمرسلين) , وإنى أحد رقائق هذه الخلافة المحمدية , الذين كلفهم الحق جل وعلا بحمل هذه الأمانة , فهذه هى الخلافة التى أشار اليها سيدى فخر الدين بقوله رضى الله عنه وقد حبيناها قبل الماء والطين :
فعلمنا فى خـــــــدور لانفتقها *** وقد حبيناه قبل الماء والطين 35/37
لقد كفينا من التقتير وإكتمـلت *** عطية الله قبـل الماء والطين 6/90
وقال إن الحق جعل لكل رسول رسالة مؤيدة بكتاب أو صحيفة مثل ما جعل لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاباً وهو القرآن الكريم فقد كلفنى بخلافة الشق الثانى , وهو الشق الولائى من الحقيقة المحمدية , وأيدنى بكتاب (شراب الوصل) وهو أبيات منظومة على غرار آيات القرآن الكريم , وكلمات تتلى فى صورة قصائد وهذه .. آيتى التى منها يستقى أرباب حظوتنا وعطية الكريم بفرد الأربع الحرم التى يقول فيها فى القصيدة (40) :
من آيتى يستقى أرباب حظوتنا *** عذب الحديث ومنها طيب الكلم
عطية من كريم عندما ظـفرت *** به السماء بفـــرد الأربع الحرم
أى إنه يقول أن علوم الديوان التى تتحدث عن هذه الخلافة , عطية من كريم طاب مانحها تطيب لي والمثاني أشهدت نعمي , ولم يقل نعمتى , وهذا يثبت أن علوم القصائد نعمة من النعم التى أشهدها المثانى , وكان ذلك ضمن رحلته الروحية برفقة جده المصطفى صلى الله عليه وسلم , فهذه هى خلافة الآرض التى يقول عنها الحق تبارك وتعالى فى سورة البقرة من الآية 30 ( وإذ قال ربك للملائكة انى جاعل فى الارض خليفة ) التى جاءت عقب النبوة التي سبقت خلق سيدنا آدم عليه السلام , وهى الحقيقة التى قال عنها سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم ( كنت نبيا وآدم قبل الماء والطين ) , فعندما خلق الله سبحانه وتعالى الأرض وأراد أن يستعمرها فخلق سيدنا آدم عليه السلام ليكون أول رقيقة للخلافة خليفة للإسم ( الله ) ليستعمر الأرض ويتصرف فيها بباقى الأسماءالإلهية فكان هوالمظهر الأول للخلافة التى هى ( للنبي الخاتم صلي الله عليه وسلم ) الذى قال ( كنت نبيا وآدم قبل الماء والطين ) وكونه خليفة الله في الأرض أي أن الله سبحانه وتعالي علم سيدنا آدم الأسماء الإلهية ، عندما قال سبحانه فى الآية 31 من سورة البقرة ( وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة ) , وأسماء الله الحسنى تسعاً وتسعون إسماً علمها الحق لسيدنا آدم بتصاريفها , عندما قال سبحانه له ( يا آدم أنبئهم بأسمائهم , فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إنى أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون ) فأنبأهم بها , وفى ذلك الوقت بدأت النبوة بسيدنا آدم عليه السلام ثم انتقلت من نبي إلي نبي حتي رجعت إليه صلى الله عليه وسلم , وحدثنا عنها الحق تبارك وتعالى فى القرآن الكريم الذى فيه تفصيل كل سابق ولاحق , فبعد أن انتهت رسالات الأنبياء والرسل (للنبوة) , كان من المحتم أن تبدأ الرسالات الخاصة بخلافة الآرض (للولاية) التى بدأت مصاحبة لنبوة سيدنا آدم عليه السلام ( فكان ولياً نبياً ) وإستمرت حتى زمن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وما زال إرث الولاية مستمراً , خليفة يلى خليفة إلي يوم أن يرث الله الأرض ومن عليها , بعد ظهور الخليفة الوارث في آخر الزمان سيدنا المهدي المنتظر الذى يوافق اسمه واسم ابيه إسم خاتم الأنبياء سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم وإسم أبيه .
وهنا يقف مولانا سيدي فخر الدين رضي الله عنه ليعلن هذه ( الحقيقة ) قائلاً :
ما الإختلاف وما الخلافة ما النبا *** قد جئت بالإخبار فى بنإيتى 319/1
وقال أيضا:
ومن الخلافـــــــة فيـــــــــــهم *** تربــــــوا علي كل الربــــــــا 2/11
كما قال أيضا :
ولى فى إبن آمة وصــية وارث *** وفينا يكون الإختلاف تعاقب 4/27
بمعني: أننا تعرفنا على هذه الحقيقة عندما ظفرت بنا السماوات حال عروجنا بصحبة حضرة النبي صلي الله عليه وسلم فى رحلته الى الملأ الأعلى ( رحلة الإسراء والمعراج ) , وهى أن للحقيقة المحمدية لحضرة النبى صلى الله عليه وسلم شق آخر وهو الولاية , التى ورثها أيضاً سيدنا آدم عليه السلام كأول خليفة لإستعمار الأرض وهذه حقيقة خلافة (الولاية) التى يقول عنها سيدى فخر الدين فى القصيدة الثلاثون :
يطيب لأهل فضلى ذكر قولى *** ولوجهلوا المراد الأولى
علا فوق الفهــوم مراد ربى *** خلافته من البشر الســوى
فأول قبلـــة السجـــــاد طين *** عليه أشعة النــــور العـلى
تولته العنــــــــاية بعد جهل *** على علم فأنعــــم من ولى
وقد ظهرت مصاحبة لشق النبوة بظهور (خاتم الأنبياء) , سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حضرة النبى الذى ختم الله به النبوة , بحقيقته الذاتية المحمدية في أرض مكة , فكان هو الحى القيوم عليها بحقيقته المحمدية الذاتية , حيث إستمر صلى الله عليه وسلم فى نشر دعوته الى أن حقق الله سبحانه وتعالى على يديه النصر الذى يبدأ بعده الفتح وذلك فى سورة النصر {إذا جاء نصر الله والفتح} والعلاقة التى بين النصر والفتح , هو نصرالله لدعوة النبوة والفتح بالتبشير ببدء حقيقة زمن (ختم الولاية) عن طريق رسل الهداية , أولياء الله من عباده الصالحين , ويشير الحق جل وعلا الى هذه الحقيقة الجلية فى سائر كتابه القرآن الكريم وبالأخص فى آخر جزء منه منوها بقوله عز وجل فى سورة النبأ {عم يتساءلون , عن النبأ العظيم , الذى هم فيه مختلفون , كلا سيعلمون , ثم كلا سيعلمون } فكان ذلك هو النبأ العظيم الذى هم فيه مختلفون وفى سورة ص الآيتين 67و68{قل هونبأ عظيم , أنتم عنه معرضون} وهوالذى فيه ختم الولاية , وهو اليوم الذى ألبسه الله الليل ساتراً عن مشاهدته فى قول عز وجل فى الآية 10{وجعلنا الليل لباساً} وجعل نهاره معاشاً للعيان يتماعشون فية وذلك فى قوله عز وجل فى الآية 11{وجعلنا النهار معاشاً} وأشار الى بداية زمن ظهوره معلناً بأن هذا الظهور هو الفتح الذى أظهره الحق تبارك وتعالى على الدين كله فى السورة (110) المسماة بسورة النصر ورقم ترتيبها فى المصحف الشريف هو حصيلة ضرب الرقم 10 × 11 والذى يقول فيها سبحانه وتعالى {إذا جاء نصر الله والفتح , ورأيت الناس يدخلون فى دين الله أفواجاً , فسبح بحمد ربك وإستغفره إنه كان تواباً} فالنصر كان نصر الله لنبيه صلى الله عليه وسلم فى نهاية دعوته , ونعمته التى أتمها عليه ربه , وأخرج البخارى عن ذلك المعنى فى قول سيدنا عبد الله ابن عباس : أن السورة نعيت له نفسه .
هذا وقد إنتقل (خاتم الأنبياء) سيدنا رسول الله صلى عليه وسلم بعدها وذلك فى العام الحادى عشر من الهجرة , ثم مرت حقبة من الزمان تساوى 1392 عاماً , وفى هذا الرقم إشارة الى الزمن الذى يظهر فيه (خاتم الأولياء) , الولى الذى بدأت به ومنه وعنده نهاية ختم الولاية , وتشير اليه السورة رقم 48 التى عدد آياتها 29 آية , وإسمها سورة ( الفتـــــح ) وفى الإشارة بشارة بزمن الولاية , فبضرب رقم السورة × عدد آياتها يعنى : 48×29 = 1392 . وبتحقيق وتدقيق وبحساب هذا الرقم وجد انه يوافق العام 1403 من الهجرة . وهذا هو ميعاد إنتقال مولانا سيدى فخر الدين المنتقل فى عام 1983 ميلادى الموافق 1403 هجرى . وفيه بداية استلام إبنه وخليفته رضى الله عنه مولانا الشيخ ابراهيم الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى , وهو بداية زمن ( الفتح ) فكانت إشارة النصر (لخاتم الأنبياء) وإشارة الفتح (لخاتم الأولياء) الفتح التى إشارة اليه فى سورة النصر { إذا جاء نصرالله والفتح } والتى قال عنها سيدنا عبد الله بن العباس عندما سأل سيدنا عمر بن الخطاب عن معنى قوله تعالى {إذا جاء نصر الله والفتح} فقال : أجل , أو مَثَل ضُرب لمحمد صلى الله عليه وسلم , نعيت له نفسه . فعندما نزلت هذه السورة حزن سيدى بن عباس حزناً على فراق الحبيب قليلاً . لكنه فرح كثيراً (بالفتح) لعلمه أن النصر فيه إشارة الى نهاية زمن (نبوة) سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم الانبياء , وقدوم زمن (ولاية) خاتم الاولياء , والذى تشير اليه سورة الفتح , فهذا الفتح يبشربزمن الولاية والتى يتم بها الإصلاح الذى يؤدى الى الفلاح .
فبالنظر الى سورة الفتح : نجد رقمها 48 وعدد آياتها 29 وبضرب رقم السورة × فى عددالابيات يعنى 48×29=1392 وسورة الفتح يقول فيها الحق تبارك وتعالى {إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً , ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطاً مستقيماً , وينصرك الله نصراً عزيزاً} بمعنى أنه بعد الفتح يأتى النصرة من الله للولى المشار اليه بختم الولاية , المخاطب بكاف الخطاب فى الزمن .
والرقم (1392) هوعدد السنين بداية من إنتقال (خاتم الأنبياء) الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم الى بداية زمن إستلام (خاتم الأولياء) المقصود بجدى المصطفى , إمام الجمع , صاحب السرالمضمر فى طى سروة الأولياء الذى قال عنه سيدى فخر الدين :
وجدى المصطفى للجمع يقدمهم *** وسره مضمر فى طى سروتنا 28/35
فالخطاب بالكاف هنا للخليفة صاحب الوقت , والكاف للمخاطب والمخاطب على العموم هو حضرة النبى صلى الله عليه وسلم , وذلك مثل { ألم نشرح لك صدرك , ووضعنا عنك وزرك , الذى انقض ظهرك , ورفعنا لك ذكرك } جاء فى هذا المعنى فى كتاب البحر المديد فى تفسير القرآن المجيد المجلد السادس للإمام بن عجيبة : ما قيل للرسول صلى الله عليه وسلم من تعديد النعم عليه واستقراره بها , يُقال ( لخليفته ) العارف الداعى الى الله حرفاً بحرف . وبذلك يفهــم أن ( خاتم الأولياء ) هو خليفة ( خاتم الأنبياء ) كما يفهم أن (حرف الكاف ) كاف الخطاب الظاهرة فى سورة الفتح هى خطاب للخليفة خاتم الأولياء مثل ما إستخدمت لـ ( خاتم الأنبياء ) سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فإذا دققنا النظر لوجدنا الآتى :
• ما بين انتقال (خاتم الأنبياء) الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فى العام الحادى عشر من الهجرة النبويه الشريفة , الى {انتقال مولانا سيدى فخر الدين , وإستلام مولانا الشيخ ( ابراهيم ) الحبيب الذى لا يخيب رجاءه والذى به منه فيه (ختم الولاية )} والذى يقال عنه أورثته ســـراً عليه لثــــام , فى العام ألف وأربعمائة وثلاثة من الهجرة النبوية الشريفة , هو (1392) عام .
• والرقم (1392) فيه إشارة الى العدد الحسابى لحروف إسم الحبيب الشريف الذى به منه فيه (ختم الأولياء) الشيخ (إبراهيم محمد عثمان عبده البرهانى ) والعدد الحسابى بالأرقام هو: ابراهيم (259) محمد (92) عثمان (661) عبده (81) البرهانى (299) والناتج = 1392 .
• إذن عدد الأعوام من إنتقال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الرفيق الأعلى الى إنتقال سيدى فخر الدين يشير الى الخليفة (خاتم الاولياء) الذى العدد الحسابى لإسمه = 1392 مولانا الشيخ ( ابراهيم محمد عثمان عبده البرهانى ) .
لما أراد الحق تبارك وتعالى إبانة وإظهار التجلى الذاتى الإلهى فى الحقيقة المحمدية برأسيها وشقيها النبوى والولائى فعنده أن ذات النبوة واحدة والأنبياء والمرسلون عليهم الصلاة والسلام رقائق هذه الذات الواحدة وهى ذات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وكل رقيقة نبوية بدءاً من سيدنا آدم عليه السلام حتى كلمة الله سيدنا عيسى عليه السلام ما هى إلا وجه نائب فى الزمن المراد مما سبق عن حضرته صلى الله عليه وسلم ونفس هذه الذات المحمدية هى بعينها ذات الولاية , فالأولياء جميعاً فى كل زمان ومكان وجوه محمدية , لأن النبى محمد صلى الله عليه وسلم حوى فى حقيقته مع (ذات النبوة ذات الولاية) التى تتمثل فى ختم الولاية . فكما كان سيدنا محمد ختماً للنبوة فالولى الختم هو الذى (ختم الولاية فى شقها الثانى من ذاته) التى تمثلت حقيقة منفردة فى الولى الختم الصديق الأعظم الذى منه الإمام المهدى فإذا كانت حقيقة ( ختم النبوة ) ثابتة للنبى بقوله صلى الله عليه وسلم ( كنت نبياً وآدم قبل الماء والطين ) . {من مقدمة كتاب عنقاء مغرب لسيدى محى الدين بن عربى ص4}
فحقيقة ( ختم الولاية ) هو الشق الثانى من ذاته المحمدية صلى الله عليه وسلم , والتى يقول عنها مولانا سيدى فخر الدين رضى الله عنه :
فعلمنا فى خـــــــدور لانفتقها *** وقد حبيناه قبل الماء والطين 35/37
لقد كفينا من التقتير وإكتمـلت *** عطية الله قبـل الماء والطين 6/90
ويقول أيضاً لقد أعلمنا الحق تبارك وتعالي بأن خلافة ختم الولاية ستكون بفضل الله سبحانه وتعالي ( فينا ) وهذه هى إرادة الحق سبحانه وتعالى المتمثلة فى قوله :
ما الإختلاف وما الخلافة ما النبا *** قد جئت بالإخبار فى نبإيتى 319/1
ومن الخلافــــــــــة فيــــــــــــهم *** تربــــــوا على كل الربـــــا 2/11
نكرع التوحـــــيد إمدادا وفضلا *** والخلافة إن أردت الحق فينا 11/62
ويقول أن المراد من حديثه عن هذه الحقيقة :
علا فوق الفهوم مـــــــراد ربي *** خلافته من البشــــر الســوى 2/30
فعندما شاءت إرادة الحق بأن أتحدث عن هذه الخلافة التي أرادها الحق سبحانه وتعالي أن تكون فينا فقد أعلمنى من هو الذى ختم هذه الولاية ( الخليفة البشر السوى ) الذي منه مبدئي وفيه معادى والذى تتعاقب فيه الخلافة الموضحة بالصورة التى أرادها الحق على مقتضى علمه وإرادته حيث تجلى بنوره الذاتى وجعل هذا التجلى فى المجلى الإنسانى محمداً صلى الله عليه وسلم فثم فتق رتق هذا التجلى الذى ضرب عليه حجاب المقتضيات وأسماه ( حمداً ) ومجلاه ( محمداً ) عليه الصلاة والسلام , فأوجد من هذا الرتق جميع أنماط الوجود الكلى كثافة ولطافة , نورانياً وظلمانياً , وسرد الحقائق على ذات الولاية الكلية , التى عين ومركز دائرتها فى النسخة المحمدية من حيث وجه ذات الولاية ( الولى الختم )الذى يأتى فى آخر الزمان . وما أردت من هذه المقدمة إلا لأسهل على القارئ المحمدى حتى لا تغطى سحب الهوى صفاء سما روحه .
وفى هذا الولى الختم , النبأ العظيم المذكور في سورة النبأ {عم يتساءلون عن النبأ العظيم } اليوم الذي علا الأيام , وهذا اليوم ( ليله لباساً ونهاره معاشاً ) وتشير إليه الآية (10) (وجعلنا الليل لباساً) و (11) (وجعلنا النهار معاشاً) ثم نضرب رقم الآية 10 في رقم الآية 11 تساوي 110 والنظر إلي رقم السورة (110) نجدها سورة النصر (إذا جاء نصر الله والفتح) التي تشتمل على إشارة النصر فالنصر حققه المصطفي صلي الله عليه وسلم ويعقبه إشارة الفتح التي يحققها المشار إليه بالنبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون والذين هم عنه معرضون فهو البشر السوى الذى تبدأ منه وتنتهى عنده ختم الولاية وهو الذي من أجله يتحدث عنه سيدي فخر الدين رضي الله عنه ذاكراً إسمه الشريف قائلا في القصيدة (15):
من أجل إبراهيـــم بعد رجاءه *** هذا الحديث ومنحتى وكلامى
فهو الحبيب ولا يخيب رجاؤه *** أورثته ســــــراً عليه لثـــسام
ما غير إبراهيــم عبد ذوحمى *** هو مجتبى حـتى يقـوم مقامى
فأراد سيدى فخر الدين أن يوضح الحديث عن هذا (النبأ العظيم) الذي هم فيه (مختلفون) أى يختلف في معرفته الكثيرين , وهناك معنى آخر أن (الخلافة فيه تتعاقب) وآله الذى هم فيه مختلفون , وذلك يتضح من قوله رضى الله عنه (ومن الخلافة فيهم ) تربوا على كل الربا , فمن أجله وبعد رجاءه رضى الله عنه أنشأ ديوانا سماه (شراب الوصل) يشير فيه الى حقيقته .
فالحديث السابق تشير اليه كلمة ( ذلك ) من البيت الأول { فى ذلك النثر اليسير سر كمين مُخْمدُ } وهذا السر هو الرمز الذى حار الكل فى كنه معرفة حقيقته , إمام فى كتاب الله رمز , هو الذى أخمد نيران جده ابراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم عندما تم إلقاؤه فى النيران وجده صاحب الإسم الشريف إبراهيم الدسوقى القائل :
أنا كنت ملقاً والخليل بناره *** وما بردت النيران إلا بدعوتى
2- إذ يستغيث المؤمـــنون *** الله وهـــــــــــو الأوحــــــــــد
فأهل الحضرة الإلهية هم المؤمنون الذين يطلبون الغوث والمد من الله الواحد المهيمن ربهم المنعم المتفضل صاحب نعمة الإيجاد والإمداد بالمعرفة بحقيقة المشار اليه بالسر الكمين المخمد , يقول سيدى فخر الدين عنه :
هو ذا النور يامريد تجلى *** هو ذا الغيث يا أهيل ودادى 44/39
والوصول الى هذه المعرفة لا يتم الا بالترحل فى السير (حال الذكر) بقوله رضى الله عنه :
سيعلوا ذكر قوم دون قوم *** وماء الغيث تشهده الروابي 14/74
وأهل الإيمان هم الذين طالبهم ربهم سبحانه بالسير بالذكر للوصول الى تلك المعرفة .
ومعنى كلمة الذكر: هو ترديد إسم المحبوب دون طلب لمنفعة أو دفع لمضرة .
ويقول سيدى فخر الدين فى القصيدة (20) :
وإذكر إسم الحبيب ما رمت وصلاً *** وتبتل بذكــــــــره تبتيـــــلاً
ثم يقول (إنى) التى فى (أنا) هذا الحبيب بقوله رضى الله عنه :
إنى جليس الذاكــــــريـ *** ن كذا سمـــــير المنتدا 24/11
وعن صاحب الذكر الرحيم الحبيب الذى لا يخيب رجاءه فى القصيدة (19) :
هو صاحب الذكر الرحيم وإنه *** سر التناجى ربه رباه 6/19
أما قوله رضى الله عنه عن الأحباب (الذين تم وصلهم) بنعمة الذكر , وهم المذكورين فى الملأ الأعلى :
وقلوب يسر الذكر لها *** هى آيات فهل من مدكر 38/13
وكنا ذاكرين وقد ذكرنا *** وهذه نعمة أخرى نراها 42/29
وعن المعنيين بهذا الذكرومنازله يقول أيضاً:
أما الرجال الذين عنيت من ذكروا *** وذكرهم غاية فالله غايتنا 11/35
منازل قدرت للذكر أجمعه *** وبعدها نصطفى هذى بدايتنا 12/35
فصاحب هذا السر الكمين هو من اليه غاية الوصل صاحب الذكر ( الرحيم ) .
3 ـ هو ذا يجيب ويستجيب *** وفضــــله لا ينفـــــــــد
فصاحب السر هو صاحب المقام الإبراهيمى الذى رزقنا منه المد والإرفاد بالعلوم الغيبية عن الحقيقة التى إنفطرت من سماء عالم الغيب وإنشقت وأذنت لربها وحقت وبها الأرض مدت وألقت مافيها أى أخرجت بأمر ربها وتخلت عن كل ما فيها حتى أصبحت تحدث أخبارها , الأسرار الكامنة فيها التى حان الوقت والزمان الذى تتحدث فيه عن الحقائق الغيبية عند ظهور(الحقيقة) كشمس العرفان التى غطت الأكوان كما قال سيدى المرسى أبو العباس منشداً :
فلوعاينت عينـــاك يــوم تزلزلت *** أرض النفوس ودكت الأجبال
لرأيت شمس الحق تسطع نورها *** يــــوم تزلزل والرجال رجال
فقال الانسان مالها , يومئذ تحدث أخبارها , بأن ربك أوحى لها , بإبراز هذه الحقيقة (حقيقة المتحدث عنه المشار اليه بالسر الكمين المخمد) ذات الذى هو أول الخلق (نور النبى معلم القرآن) الحقيقة التى يشير إليها سيدى فخر الدين فى القصيدة التائية بقوله :
وتزلزلت أرض العقول بيا أنا *** ماذا أفدتــــم بعد من تائيتى 309 /1
والأرض لما أخرجت أثقالــها *** ماذا جنيتم من جنى نونيتى 310/1
4- لم يبقي إلا أن تميـــــــــــ *** ــــــــد الأرض عمــن يرقد
يوضح لنا سيدى فخر الدين رضى الله عنه بعد كل ما أتى به من العلوم فى صورة در منظوم ولؤلؤ منثور عن حقيقة الرحيق المختوم فى ديوان (شراب الوصل) للوصول بنا الى المعرفة , التى لا يتأتى إلا بالسيرلأعلى مراتب الذكر التى تبين حقيقة صاحب الذكر الرحيم { الحقيقة التى خلقها سبحانه أولاً (نورالنبى معلم القرآن) } المشار اليه فى كل الديوان وخصوصاً فى القصائد التالية ( التائية ـ النونية ـ المهدية ـ البائية ـ الهمزية ـ الوصية ـ الذادية ـ الأحدية ـ الهائية ـ الكافية ـ النبائية ـ العطية ـ القمرية ـ الصرحية ـ الرجية ـ العهدية ) وإنتثرت معانيها مثل نجوم علوم الرسوم التى إنتثرت فى باقى الديوان على هيئة معانى مستخرجة من داخل الأوانى , يقول بعدها لم يبقي غير أن نخرق العادات ونأتى بالكرامات التى مثل المعجزات ونضرب الأرض بعصاة سيدنا موسى عليه السلام التى هى من بقية ميراث تركته , ونبطل ما تأفكون , ويحى من حى عن بينة لمصداقاً لقول الحق {ليهلك من هلك عن بينة ويحى من حى عن بينة} من الآية 42 الانفال , ويقوم ليحدث أخبار هذه الحقيقة ويعلنها مدوية ويقول للأعراب والمنكرين والمعرضين ممن قست قلوبهم وماتت , ويقول أنتم عن الايمان بها فى استفهام , ويصدق ذلك قوله رضى الله عنه :
ويرقب موسى والعصا بيمينه *** ويشهد فلقاً ظـــاهراً بيقينه 10/66
ويشهد ميقات الأحبة إذ دنــوا *** وكيف أتم الأربعين بعشره 11/66
5- ومقام عبد قد جهلـــــــــ *** ــــتم يرتجــــيه الغرقــــــد
ثم يتحدث سيدى فخر الدين رضى الله عنه عن مقام الـ( أنا ) الذى هو مقام العبودة ( وإنى فى أنا ) الذى فيه مقامه :
ولى كتب الأبرار أشهد ما بها *** وإنى عبد والعباد رعيتى 47/1
ومن عبث بخس الحقيقة أهلها *** لأنى عبد فى مقام العبودة 72/1
وأراد سيدى الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى أن يعلم كل من على وجه الأرض بأنه هو(عبده) عبد البرهانى الذى يجود عطاؤه :
ليعلم أهل الأرض أنى عبد من *** يجود عطاءاً فى سخاء ورأفة 374/1
ما غير إبراهـــيم عبد ذو حمى *** هو مجتبى حتى يقــوم مقامى 3/15
هو ذا ســــيد وأول عـــــــــــبد *** وبه بدأ غـــــــــــــــاية العباد 17/22
فهو السيد الذى به بدأ غاية العباد { لما أراد الحق أن يخلق الخلق على مقتضى علمه وإرادته تجلى بنور ذاته وجعل هذا التجلى فى المجلى الإنسان محمداً ثم فتق رتق هذا التجلى الذى ضرب عليه حجاب المقتضيات وأسماه حمداً ومجلاه محمداً عليه الصلاة والسلام فأوجد منه جميع أنماط الوجود الكلى كثافة ولطافة , دنيوياً وبرزخياً وأخروياً }
والعبد الذى جهلتم قدره ومقامه هو المشار اليه فى سورة النبأ (النبأ العظيم ) الذى هم فيه مختلفون , وفى سورة ص ( قل هو نبأ عظيم , أنتم عنه معرضون ) والمشار اليه فى القصيدة النبائية عندما جاء الإخبار عنه لمعرفة حقيقته فنبذتموها وراء ظهوركم , فهذا المقام الذى جهلتموه يرتجى أهل حضرة جمع الجمع معرفته والتشرف بجواره , فهو المستجارالذى يقول عنه الشيخ :
ولى بالمستجار جوار عز *** فأنعم جيرة ولى الجوار 20/31
فلى جـار لديه جوار عز *** ومعبـــود يعظــمه العبيد 12/42
ويقول مولانا جاءتنى إشارة من كريم المولدين صاحب الجوارالحبيب الذى ظهرت حقيقة جماله من ميمه الاولى وبطنت فى ميمه الثانية عند خروجها من بين حدها , ودلت داله على انه وارث خير الخلق المسمى " حمداً " بعد فتق رتق تجليه الذى رسمت حقيقة مجلاة الاسم (مـ حـ مـ د) وهو الذى :
عاينته نــوراً وســراً سارياً *** وشهدت طلعــته وأنى لا أرى 5/34
وأطل قــدرى عندما عاينته *** بكماله من فوق هامات الذرى 6/34
من فوق ما لا تعلمون رأيته *** إنى رأيت وصدق ذاك ألم تر 7/34
ألم تر{ ألم تر الى ربك كيف مد الظل ولوشاء لجعله ساكناً ثم جعلنا الشمس عليه دليلاً } الآية 45 سورة ص .
ويقول الشيخ إن مقام العبد الذى يرتجيه الغرقد , مقام يجاور مقام صاحب القدر الجليل السامى المشار اليه فى أول سورة البقرة { ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه } أى أن ( كتاب الألف ) الذى تشير اليه ذلك من بين الكتب الثلاثة (ا ل م ) التى تحمل معنى هذه الحقيقة , وكتاب اللام هو الذى لم حقيقة الألف الحقيقة الأحمدية على حقيقة الميم (الحقيقة المحمدية), أى أن حقيقة اللام تعلقت بحقيقة الألف الحقيقة الأحمدية حتى صارت (مزاجاً) حقيقة واحدة , كما تعلق بالزيتونة الزيت , وأصبحت بهذه السورة (لا) التى يقول عنها سيدى فخر الدين رضى الله عنه :
والتفت الساق بالساقى و(لا) عجب *** إنسان عين وللأرواح قد ربى
وبتعلقى بصاحب القدر الجليل السامى صاحب الحقيقة الأحمدية المشار اليه بألف أول الخلق فى إطلاقه فأصبح قدرى الذى تعلق بقدره لا يرى فكان هُو الـ( هُو هُو ) وفى ذلك يقول رضى الله عنه :
وبقيع أصحاب الهداية مسكنى *** ولى الجوار وإن قدرى لا يرى 3/34
لذا مقامى فسيح يتسع لجوار لأهل الحضرة , كالبقيع الغرقد مسكنى يجاور مقام حضرة النبى صلى الله عليه وسلم بالمدينة الذى يتسع لأهل الهداية من كبار الصحابة خدام دين النبى الذين يلتمسون جوارة فى الآخرة كما كانوا بجواره فى الدنيا .
6- والسرمدى من العطـــــا *** يا لى يــــدوم ويخــــــلد
وهذا هو مقام الرشد الابراهيمى محل الإرشاد الذى يقول عنه الحق جل وعلا فى الآية 51من سورة الأنبياء (ولقد آتينا ابراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين) , وعرفه سيدى فخر الدين رضى الله عنه بقوله :
وآتيت ابراهــيم من قبـل رشــــــده *** فماهـــــو إلا فلـذتى وعطيتى 4/1
هلا عرفـــتم بعــــــض قـــدر للذى *** أعطيت إبراهيم وهو عطيتى 320/1
من كمال العطاء من فيض وهـــب *** أيها الناس جــــــاءكم إبراهيم 1/12
فهو : إمامى فى العطايا خير معطى *** ندى الكـف فى وجهيه حسن 14/52
فهو صاحب المقام الإبراهيمى الذى عطاياه وفت فوق حاجتنا :
وحـــزنا من عطايــــاه جـــــزيلاً *** ولى من سرها جمع الشــتات 5/39
شمائلى كملت من فيض حكمـــته *** ومن عطاياه إنا كاشــفوا النقم 17/40
ويجزل فى الشهر الحرام عطاءه *** ويعظم عندى من لطائف سره 4/66
فهذا هو العطاء الذى لا ينفذ ومن أجلى يدوم ويخلد . عطاء الرب الرحيم الذى من كفه العطا ينساب .
7 ـ إنى أجــير وأستجـــير *** وأســــتخير وأســــــجد
ليعلم الجميع من أهل الحضرة أن جوارى للحبيب رضى الله عنه يتسع ويسمح باستقبال كل من يطلب الإستجارة , فلى حبيب لديه جوار عز (المصطفى) , العزيز الذى يقول , فمن جاءنى فهو العزيز بعزتى , الذى كل من جاءه قاصداً حماه يصير عزيزاً بعزه , فغاية القصد حسن القصد لا عوج ,وأصطفى منكم وأختار وانتقى كل من يصلح للسير باغياً الوصول الى معرفة صاحب الحقيقة فى موطن المشاهدة الذى يتم فيه الشهود وبالتالى يتم فيه السجود للرب المعبود :
وسجدت لما لم أجد غيرا له *** يا نعم وجه بالمحاسن أسفر 13/34
لذا أقول :
8- إنى على فى سمـــــــا *** ء فيـــه قــــــوم ســـــــــــجد
إنى فوق سماء تعـــــــــلو *** فوق الملأ الأعلى فإنظــــــر 6/51
يقول سيدى فخر الدين (إنى) على فى سماء تعلو فوق سماء فوق الملأ الأعلى موطن الهو والـ( أنا ) أى أن مقامى بجوار المقام الابراهيمى , مقام ابراهيم ملجأ الشفعاء صاحب سجدة يوم الزحام فهو الذى لا يخيب رجاءه عالى القدر الجليل السامى ولا يصل اليه إلا من أطلعهم ربهم على سموات عالم الغيب وأصبح لهم فى سماوات الغيوب مناقب , وهذه المناقب يصل اليها أصحاب الأرواح , لأنها جلت عن أفهام أرباب الفهوم , فهذا هو مقامه الذى لما بدا بقلوبنا حضرت قلوب أهل الحضرة ركوعاً سجداً وهم الأهلة الذين سجدت قلوبهم وأرواحهم عندما شاهدوا مقامه الذى شأنه الخفاء الذى يقول عنه :
عيان بيانى ظاهراً شأنه الخفا *** وإنى بدر فى سماء الأهلة 271/1
9- إنى رفيــــــع فى مقــــــــا *** م فيه ســـــــــــاد الســـيد
رفع الله للمــــــــــــــــتيم قدراً *** فبدا فيه يركض الأولــياء 14/43
يقول سيدى فخر الدين : إن الله المهيمن رفع للعبد المتيم بحبه قدراً فأصبح قدره رفيعاً ومقاماً فيه ساد السيد العبد والانسان , فلما ظهر قدره للعيان فكان بحراً لجياً يسبح فيه الأولياء للوصول لمعرفة حقيقة النشأة ويقول عنه رضى الله عنه :
نزلنا بحرهو كالسابحات *** وأيقنـــــــا بأن الوصل آت
سبحنا والغياهب تحتوينا *** وكنا كالجـــوارى المنشآت
فغيبنا به حتى غرقنــــــا *** يقيناً فى العطـــايا والهبات
ومازلنا به حتى عرفـــا *** على التحقيق أسرار النبات
وهذا المقام هو المقام المحمود الذى قيل فيه أنه لا ينبغى لأحد غيره وهوالمقام الذى قال فيه سيدنا أويس القرنى ( اللهم آت محمد الوسيلة والفضيلة والدرجة العاليه الرفيعة وأبعثه اللهم المقام المحمود الذى وعدته ) وهو المقام الذى ذكر فيه المصطفى صلى الله عليه وسلم بأعلى محامد الحمد وقال صلى الله عليه وسلم إنى حمدت الله بما لم أحمده بها من قبل , واشار سيدى فخر الدين الى هذا المقام الرفيع بقوله إنى رفيع فى المقام الذى فيه ساد السيد المقصود بمحمود المقام (جدى الأصل متقدم الجماعة يوم الجمع وهو أول كاتب )
وذلك عندما قال فى القصيدة التائية :
وجدى محمود المقام وشافعى *** وان بنى الزهراء أهلى وعصبتى 53/1
إنا بجمع الجمع كنــــا عصبة *** وإمـــــام هذا الجمــــع أول كاتب 1/54
10 - وعليه ساد به يســــو *** د ومنـــــــه ســـــــاد الأحمـــــــــد11 - بل فيه يبدئ مــا يعيـ *** ــــد الله وهـــــــــــــــو الواجـــــــد
فهو مقام السيادة الأحمدى الذى منه ساد الأحمد , وعليه ساد به يسود السيد المشار اليه فى الصلاة المطلسمة ( كنز عين إنسان الأزل ) فصلى اللهم به منه فيه عليه وسلم , ويقول سيدى فخر الدين أن هذا المقام (الإبراهيمى) والحقيقة الأحمدية كمنزلة لسيادة أحمد نورها منشى حقيقتنا , وطالبها يهتدى إليه بنورها , وهو موطن وراثتنا :
وليس بهادى العمى إن ضل سعيهم *** فذاك يقيناً وارث الراحــــمية 423/1
فكلنـــــا وارث من جده ســـــــــمة *** ونحن أهل العلا تمت وراثتنا 60/35
لكن إبراهــــــــــيم حقـــــــاً وارث *** أو ليس هــــــذا سيد من أسود 15/76
منه أنــــــــــا وأنــــــــــــــــا بــــه *** المصــــــــطفى والمقـــــــتدا 19/11
كما يقول مولانا الشيخ رضى الله عنه أنه موطن صاحب نعمه الإيجاد والإمداد الله الواجد :
فهو الذى أعطى العبيد زمامها *** كرماً ويعلم مبدئى ونهايتى 334/1
وتحير كمـــــا السوابق حاروا *** فله مبدئى وفيـــــه معــادى 6/22
كما أنه مقام التجلى النبوى الذى منه التجلى النبوى على العباد الذى يقول عنه الشيخ رضى الله عنه فى القصيدة (36) :
تجلى إمـــــام الكائنــات بنــــوره *** لقلب عبيد لا علــــى بيت بنى
تجلى بما يشفى الصدور كرامــة *** فقلت يســيراً والمعيب يعيبنى
تجلى فأردى الجاهلين عطـــاؤه *** وأومض عند البارقين يصيبنى
تجلى فقال الجمع ما فوق الذرى *** فقلت ولا أدرى تــــراه يريدنى
12- إنـي إذا صـــــليت صـــــــ *** ــــلي أحمــــــــــد ومحـــــــمد
يقول سيدى فخر الدين رضى الله عنه إنى إذا صليت صلى أحمد ومحمد :
أنا الذى فى أنا إنى كمنزلة *** لأحمد نورها منشى حقيقتنا 2/35
لكل من أراد الحقيقة عليه أن يعرف إن شعاع منزلتى من نور منزلة أحمد التى هى (حضرة الإنشاء) فهى التى نورها منشى حقيقتنا ,
ويوضح ذلك سيدى فخر الدين رضى الله عنه :
لذا فبقائى من قديم بقــــــــائة *** كذلك نورى من عظيم الأشعة 253/1
أشعة نـــــور من سنا فيض نوره *** يقابلها عبــد فنى عن بقية 398/1
وما أنا إلا واحد من أشعة نورها *** وما أنا إلا من غياهبها بها 32/80
بمعنى : إن الحقيقة (المحمدية) إذا إتصلت بالحقيقة (الأحمدية) أى وجود الحقيقتين معاً فى حالة الإثنينية إنما هو (الشفع) فهذا هو المقام المشاراليه فى القصيدة التائية (وجدى محمود المقام وشافعى ـ وإن مقامى لا يماط لثامه) وهذا المقام المحمود الذي لم يصل إليه كل متحقق ولا يستطيع أحد أن يرفع عنه الستار ,وهو موطن إتصال الحقيقة المحمدية بالحقيقة الأحمدية وجمع الحقيقتين والوتر فى الحقيقة الواحدية وهى واحدية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (فالفردية اشارة الى الحقيقة الأحمدية , والوترية اشارة الى الحقيقة المحمدية) . تبرئة الذمة صـ (8)
13- إن الذئاب إذا إقشعـــ *** ـــرت فالفقــــــــــــيد الفرقـــد
ثم يقول إن فى هذا المقام , المقام (الإبراهيمى) الذى فيه الحماية والأمان الذى يحتمى به الرعية فهو الملجأ والملاذ لكل ( أبناء الطريقة البرهانية ) :
ما غير ابراهيم عبد ذو حمى *** هو مجتبى حتى يقوم مقامى 3/15
وله رجــاء عنـــــدنا ومكانة *** وبه يلوذ المحتمى والرامى 4/15
وذلك هروباً من الشياطين ( الذئاب ) فصاحب المقام إبراهيم هو الذى إليه الملجأ والملاذ , فالذئاب إذا اقشعرت لا تفترس إلا الذى يفر من مقام الحمى الذى به يلوذ المحتمى والرامى ( فإن الذئب لا يأكل من الغنم إلا القاصية ) .
14- في هذه الكلمـــــات ســــ *** ـر لـــــــو رآه الصـفــد15- ما ضل عنــــهم في سما *** ء الغيب جمــــع مفــرد
يقول سيدى فخر الدين رضى الله عنه إن في الكلمات ( القصائد ) التى تقدمت سر عظيم خفى لو رآه أهل القيد ذوى العقول المغلولة ما ضل عنهم فى سماء عالم الغيب جمع مفرد , أى لا يطلع على هذا السر العظيم إلا الأحباب من أهل وصلها الذين كشف لهم كل مغيب عندما قال :
وأكشف للأحبــاب عن علمى الذى *** جواهره فى كل صدر كمينة 146/1
هو من أضاء الغيب فإنكشف الخبا *** حتى غـــــدوت مغيباً بضياه 17/19
وإحتـــــــويتم محـــبكم بوصــــال *** إن ترد كشفه يحــــار الوجود 9/81
وهذا الجمع المفرد هو الذي يقول عنه الشيخ في القصيدة التائية:
سما فتسمى فى الحضيرات بإسمها *** لذى أضحى واحد الواحدية 408/1
ويجعله القرآن جمعــــــاً مفرقــــــاً *** ويجعـل منه واحد الأكثرية 420/1
ثم يقول:
وكلنا واحـــــــــــد فى واحديته *** وإنما فرق التوحــــــــيد رتبتنا 49/35
كما يقول:
فى حضرة التقــريب كنا ثلاثة *** لدى واحــــد التوكـيد إنى وإنها 9/80
فهو القائل عنه: إنه كتاب الله ـ جمعنا : كتاب الله حضرة :
ما كتاب الله إلا جمــعنا *** إنما الأحبــــــــــاب آيات به
ما كتاب الله إلا حضرة *** قاب قوسيها الهدى لا ينتهى
فهذه الحضرة الأحدية التى بها ومنها الواحدية بحقائقها الثلاثة وهم ( الحقيقة الأحمدية والحقيقة المحمدية والذات الأحمدى ) وهؤلاء الثلاثة لدى واحد التوكيد , الذى يقول إنى واحد من أشعة نورها .
16 ـ إنى أعيذك يا مريـــــ *** ـدى أن يثنى الواحـــــــــد
أى إعلم يا مريدى أن صاحب السر الكمين المخمد هو الشيخ الواصل الواحد الذى حبا شيخك فيا مريدى إنى أعيذك أن يثنى الواحد , أى إستعذ بالله من التثنية ( وقل هو الله أحد ) . وصلى اللهم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ,
- شرح وفهرس ديوان شراب الوصل لسيدى فخر الدين الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني
- شرح ديوان شراب الوصل شرح الْقَصِيدَة الْخَمْسُون : ( قَسَمُ الضُّحَى فِي الآيِ ذِكْرٌ عَالِي )
- شرح ديوان شراب الوصل شرح الْقَصِيدَة التّاسِعَة والأَرْبَعُون : ( كَمَالُ الدِّينِ فِي الأَرْكَانِ حَجٌّ )
- شرح ديوان شراب الوصل شرح الْقَصِيدَة الثّامِنَة والأَرْبَعُون : ( سَيِّداً لَمْ تَزَلْ وَغَيْرُكَ زَالُوا )
تعليقات: 0
إرسال تعليق