يحاول بعض الناس إما عمداً أو جهلاً أن يخدعوا أنظار المسلمين عما كان عليه السلف الصالح، ويَدّعون معرفتهم، ويتسببون فى حيرة الناس، حتى أنهم ليتسائلون:
هل طلب الشفاعة من النبى ضلال وشرك؟
هل طلب الشفاعة من النبى ضلال وشرك؟
- انواع القواطع والحجب عن الله وطرق التخلص منها والانتصار عليها
- شرح حديث الموبقات السبع وشرهم والنجاة منهم
- هل كل الناس واردون على النار؟
- خدعة العصر الحديث ( التصوف بوابة التشيع ) بقلم وليد ابراهيم
نقول وبالله التوفيق: إن قول طلب الشفاعة من النبى فى الدنيا شرك وضلال هو ذات الضلال بعينه، ولكن القائل الضال دائماً ما يستدل بقول الله تعالى ﴿قُلْ للهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ النّحل 53، هذا الاستدلال مردود عليه والآية نفسها تقول: ﴿لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ ولكن المولى تبارك وتعالى يقول فى آية أخرى: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِى الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ آل عمران 26، فيكون المعنى أنه صاحب المُلك وصاحب الأمر والنهى ولكنه يعطى المُلك من يشاء وبنزع المُلك ممن يشاء فهو المُهيمن على كل شىء, فهل عندما يؤتى الملك من يشاء يكون بذلك قد أشرك غيره معه فى ملكه؟ حاشا لله هذا فهم خاطىء وفاسد وباطل ولا يقول به إلا صاحب عقل مختل وقلب أعمى.
والله لا أعرف كيف يفسرون كلام الله تعالى، فليعطوا لنا مفسراً واحداً يقول بما يدعونه فى تفسيرهم للآية، فقول الإمام ابن كثير الآتى: ﴿قُلْ للهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ الزمر 44، قل: أى يامحمد لهؤلاء الزاعمين أن ما اتخذوه شفعاء لهم عند الله، أخبرهم أن الشفاعة لا تنفع عند الله إلا لمن ارتضاه وأذن له، فمرجعها كلها إليه، ﴿مَنْ ذَا الَّذِى يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ﴾ البقرة 255، فما ظنكم أيها المؤمنون فى الحبيب المصطفى الذى يشفع للخلق كله يوم القيامة بعد أن يذهبوا إلى الأنبياء والرسل ويقرون فى هذا الموقف بأنهم ليسوا لها وإنما اذهبوا إلى الحبيب فهو لها فيقول الحبيب (أنا لها، أنا لها)، وذلك فى الشفاعة لبدء الحساب، ويقول الامام الطبرى فى هذه الآية: فإن الشفاعة جميعاً له، لا يشفع عنده إلا من أذن له، ورضى له قولاً وأنتم متى أخلصتم له العبادة فدعوتموه وشفعكم ﴿لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ﴾.
ولكى نفهم أكثر ألم تقرأوا قوله تعالى ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا﴾ فاطر 10، ثم يقول فى آية أخرى ﴿وَللهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾ المنافقون 8، فالذى يقول لله العزة جميعاً ولا يقر بالآية الأخيرة بأن الله يعطى العزة لرسوله وللمؤمنين فهو من المنافقين الذين لا يعلمون وهذا بنص الآية.
آية أخرى: ﴿لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا﴾ مريم 87، يقول الامام الطبرى: لا يملك هؤلاء الكافرون بربهم يامحمد، يوم يحشر الله المتقين إليه وفداً الشفاعة، حين يشفع أهل الإيمان بعضهم لبعض عند الله، فيشفع بعضهم لبعض ﴿إِلا مَنِ اتَّخَذَ مِنْهُمْ عِنْدَ الرَّحْمَنِ﴾ فى الدنيا ﴿عَهْدًا﴾ بالإيمان به، وتصديق رسوله، والإقرار بما جاء به، والعمل بما أمر به. والاستثناء هنا واضح فما ظنكم بحبيب الله والمطلوب التصديق به.
وإذا كان هذا علو شأنه فى الدار الآخرة يوم الحساب، فهل يستكثرون عليه ذلك فى دار الدنيا التى لا تساوى عند الله جناح بعوضة ألم يقرأوا قول الله عز وجل ﴿ومَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ الأنبياء 107، فإذا كان الحبيب المصطفى مبعوث رحمة للعالمين قاطبة فى الدنيا والآخرة.
وفى الاشارة لابن عجيبة: قال الشيخ أبو العباس المرسى : الأنبياء خُلقوا من الرحمة، ونبينا هو عين الرحمة، قال تعالى: ﴿وما أرسلناك إِلا رحمة للعالمين﴾ أ هـ. وقال أيضًا: الأنبياء لأممهم صدقة، ونبينا لنا هدية. قال (وأنا النعمة المهداة)، فالصدقة للفقراء، والهدية للكبراء.
إنّ قدر رسول الله لا يعلمه إلا الله وهؤلاء لا يريدون أن يتعرفوا على ذرة من قدر رسول الله قد صرح بها المولى تبارك وتعالى فى كتابه العزيز.
وان شئت اقرأ معى هذا الحديث الذى أورده البيهقى رحمه الله فى السنن الكبرى: أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن الحسن عن عمران بن الحصين عن ابن مسعود قال: أكثرنا الحديث عند رسول الله ذات ليلة، ثم غدونا فقال: عرضت على الأنبياء الليلة بأممها، فجعل النبى يمر ومعه الثلاثة، والنبى ومعه العصابة، والنبى ومعه النفر، والنبى وليس معه أحد، حتى مر على موسى ومعه كبكبة من بنى إسرائيل فأعجبونى، فقلت: من هؤلاء؟ فقيل: هذا أخوك موسى ومعه بنو إسرائيل، قال: قلت: فأين أمتى؟ قال: فقيل: انظر عن يمينك، فنظرت فإذا الظراب قد سد بوجوه الرجال ثم قيل لى: انظر عن يسارك، فنظرت فإذا الأفق قد سد بوجوه الرجال فقيل لى: أرضيت؟ فقلت: رضيت يارب! رضيت يارب! قال: فقيل لى: مع هؤلاء سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب، قال النبى (فداكم أبى وأمى! إن استطعتم أن تكونوا من السبعين ألفاً فافعلوا، فإن قصرتم فكونوا من أهل الظراب، فإن قصرتم فكونوا من أهل الأفق، فإنى رأيت ثم ناساً يتهاوشون)، قال: فقام عكاشة بن محصن الأسدى، فقال: ادع الله لى يارسول الله! أن يجعلنى من السبعين، قال: فدعا له، قال: فقام رجل آخر، فقال: ادع الله لى يارسول الله! أن يجعلنى منهم، قال: قد سبقك بها عكاشة، قال: ثم تحدثنا، فقلنا: من ترون هؤلاء السبعين الألف، قوم ولدوا فى الإسلام، لم يشركوا بالله شيئاً حتى ماتوا، فبلغ ذلك النبى فقال: هم الذين لا يكتوون، ولا يسترقون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون.
لا يا أخى والله إنه حى بيننا ويسمعنا وندعوا الله أن ينال شفاعته فى الدنيا كل من صدق بها آمين. وصلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحابته أجمعين.
محمد مقبول
والله لا أعرف كيف يفسرون كلام الله تعالى، فليعطوا لنا مفسراً واحداً يقول بما يدعونه فى تفسيرهم للآية، فقول الإمام ابن كثير الآتى: ﴿قُلْ للهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ الزمر 44، قل: أى يامحمد لهؤلاء الزاعمين أن ما اتخذوه شفعاء لهم عند الله، أخبرهم أن الشفاعة لا تنفع عند الله إلا لمن ارتضاه وأذن له، فمرجعها كلها إليه، ﴿مَنْ ذَا الَّذِى يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ﴾ البقرة 255، فما ظنكم أيها المؤمنون فى الحبيب المصطفى الذى يشفع للخلق كله يوم القيامة بعد أن يذهبوا إلى الأنبياء والرسل ويقرون فى هذا الموقف بأنهم ليسوا لها وإنما اذهبوا إلى الحبيب فهو لها فيقول الحبيب (أنا لها، أنا لها)، وذلك فى الشفاعة لبدء الحساب، ويقول الامام الطبرى فى هذه الآية: فإن الشفاعة جميعاً له، لا يشفع عنده إلا من أذن له، ورضى له قولاً وأنتم متى أخلصتم له العبادة فدعوتموه وشفعكم ﴿لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ﴾.
ولكى نفهم أكثر ألم تقرأوا قوله تعالى ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا﴾ فاطر 10، ثم يقول فى آية أخرى ﴿وَللهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾ المنافقون 8، فالذى يقول لله العزة جميعاً ولا يقر بالآية الأخيرة بأن الله يعطى العزة لرسوله وللمؤمنين فهو من المنافقين الذين لا يعلمون وهذا بنص الآية.
آية أخرى: ﴿لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا﴾ مريم 87، يقول الامام الطبرى: لا يملك هؤلاء الكافرون بربهم يامحمد، يوم يحشر الله المتقين إليه وفداً الشفاعة، حين يشفع أهل الإيمان بعضهم لبعض عند الله، فيشفع بعضهم لبعض ﴿إِلا مَنِ اتَّخَذَ مِنْهُمْ عِنْدَ الرَّحْمَنِ﴾ فى الدنيا ﴿عَهْدًا﴾ بالإيمان به، وتصديق رسوله، والإقرار بما جاء به، والعمل بما أمر به. والاستثناء هنا واضح فما ظنكم بحبيب الله والمطلوب التصديق به.
وإذا كان هذا علو شأنه فى الدار الآخرة يوم الحساب، فهل يستكثرون عليه ذلك فى دار الدنيا التى لا تساوى عند الله جناح بعوضة ألم يقرأوا قول الله عز وجل ﴿ومَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ الأنبياء 107، فإذا كان الحبيب المصطفى مبعوث رحمة للعالمين قاطبة فى الدنيا والآخرة.
وفى الاشارة لابن عجيبة: قال الشيخ أبو العباس المرسى : الأنبياء خُلقوا من الرحمة، ونبينا هو عين الرحمة، قال تعالى: ﴿وما أرسلناك إِلا رحمة للعالمين﴾ أ هـ. وقال أيضًا: الأنبياء لأممهم صدقة، ونبينا لنا هدية. قال (وأنا النعمة المهداة)، فالصدقة للفقراء، والهدية للكبراء.
إنّ قدر رسول الله لا يعلمه إلا الله وهؤلاء لا يريدون أن يتعرفوا على ذرة من قدر رسول الله قد صرح بها المولى تبارك وتعالى فى كتابه العزيز.
وان شئت اقرأ معى هذا الحديث الذى أورده البيهقى رحمه الله فى السنن الكبرى: أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن الحسن عن عمران بن الحصين عن ابن مسعود قال: أكثرنا الحديث عند رسول الله ذات ليلة، ثم غدونا فقال: عرضت على الأنبياء الليلة بأممها، فجعل النبى يمر ومعه الثلاثة، والنبى ومعه العصابة، والنبى ومعه النفر، والنبى وليس معه أحد، حتى مر على موسى ومعه كبكبة من بنى إسرائيل فأعجبونى، فقلت: من هؤلاء؟ فقيل: هذا أخوك موسى ومعه بنو إسرائيل، قال: قلت: فأين أمتى؟ قال: فقيل: انظر عن يمينك، فنظرت فإذا الظراب قد سد بوجوه الرجال ثم قيل لى: انظر عن يسارك، فنظرت فإذا الأفق قد سد بوجوه الرجال فقيل لى: أرضيت؟ فقلت: رضيت يارب! رضيت يارب! قال: فقيل لى: مع هؤلاء سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب، قال النبى (فداكم أبى وأمى! إن استطعتم أن تكونوا من السبعين ألفاً فافعلوا، فإن قصرتم فكونوا من أهل الظراب، فإن قصرتم فكونوا من أهل الأفق، فإنى رأيت ثم ناساً يتهاوشون)، قال: فقام عكاشة بن محصن الأسدى، فقال: ادع الله لى يارسول الله! أن يجعلنى من السبعين، قال: فدعا له، قال: فقام رجل آخر، فقال: ادع الله لى يارسول الله! أن يجعلنى منهم، قال: قد سبقك بها عكاشة، قال: ثم تحدثنا، فقلنا: من ترون هؤلاء السبعين الألف، قوم ولدوا فى الإسلام، لم يشركوا بالله شيئاً حتى ماتوا، فبلغ ذلك النبى فقال: هم الذين لا يكتوون، ولا يسترقون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون.
أليس هذا الحديث يؤكد لنا شفاعته فى الدنيا؟
لا يا أخى والله إنه حى بيننا ويسمعنا وندعوا الله أن ينال شفاعته فى الدنيا كل من صدق بها آمين. وصلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحابته أجمعين.
محمد مقبول
- قضية الشباب والتدين وفق الدين الإسلامي
- الشرح الصحيح لاقسام الدين فى منظور الصوفية
- بقلم وليد ابراهيم : الإسلام هو حب أهل البيت
- هل يغلق القلب عن قبول الهداية والحقيقة وما هو السبب؟
تعليقات: 0
إرسال تعليق