-->
إغلاق القائمة
إغلاق القائمة
404
نعتذر فقد تم نقل الموضوع ; الرجاء زيارة الارشيف! الأرشيف

الثلاثاء، 26 مارس 2019

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والثَّمَانُون : ( فَأَمَّا عَنْ حُلُولٍ وَاتِّحَادٍ )

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والثَّمَانُون : ( فَأَمَّا عَنْ حُلُولٍ وَاتِّحَادٍ )
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والثَّمَانُون : ( فَأَمَّا عَنْ حُلُولٍ وَاتِّحَادٍ )


موسوعة رشفات من دقائق شراب الوصل للشيخ عبد الحميد بابكر

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والثَّمَانُون : ( فَأَمَّا عَنْ حُلُولٍ وَاتِّحَادٍ ) التّاريخ : الأحد 20 محرم 1408 هـ = 13 سبتمبر 1987 معَدَد الأبيات : 20


1- فَأَمَّا عَنْ حُلُولٍ وَاتِّحَادٍ *** بِهِ يَرْمُونَنَا جَهْلاً عَيَانَا
 
2- تَنَزَّهَ ذُو الْجَلاَلِ وَذُو الْجَمَالِ *** وَنَزَّهَنَا وَطَهَّرَ مُبْتَدَانَا
 
3- فَلَوْ أَنَّا - مَعَاذَ اللَّهِ - قُلْنَا *** بِمَا قَالُوهُ لاَنْفَصَمَتْ عُرَانَا
 
4- وَلَكِنَّا - بِفَضْلِ اللَّهِ - قَوْمٌ *** عَلَى التَّوْحِيدِ نَشْهَدُهُ عَيَانَا
 
5- لَقَدْ غُمَّتْ عَلَى قَوْمٍ عُلُومٌ *** شَهِدْنَاهَا يَقِيناً فِي اسْتِوَانَا
 
6- يَظُنُّ الْبَعْضُ بَلْ ظَنُّوا جَمِيعاً *** وَإِنَّ الظَّنَّ لَيْسَ بِهِ غِنَانَا
 
7- وَخَاضَ الْبَعْضُ بَلْ خَاضُوا جَمِيعاً *** فَعَنْ خُوَّاضِهِمْ أَعْرِضْ تَرَانَا
 
8- تَبَوَّأَ بَعْضُهَمْ فِي الْجَهْلِ دَرَكاً *** وَفِي تَحْصِيلِهِمْ حَتَّى أَغَانَ
 
9- وَإِنَّ الظَّنَّ وَالْخَوْضَ افْتِرَاءٌ *** وَأَوْلَى أَنْ يَبُوءَ بِهِ سِوَانَا
 
10- وَأَحْرَى أَنْ يَحِلَّ بِهِمْ وَفِيهِمْ *** شَرِيكٌ لَوْ دَعَاهُمْ مَا دَعَانَا
 
11- إِذَا مَا ضَلَّ أَبْنَاءُ النَّبِيِّ *** تُرَى مَنْ لِلْهِدَايَةِ بَعْدُ كَانَ ؟
 
12- فَهَلْ أَبْنَاءُ طَهَ غَيْرُ قَوْمٍ *** يُطَهِّرُنَا الَّذِي كَانَ اصْطَفَانَا
 
13- لِيُذْهِبَ كُلَّ رِجْسٍ أَيَّ رِجْسٍ *** فَهَلْ تَكْفِيرُنَا يُرْضِي أَبَانَا ؟
 
14- بِنَا أَوْصَى وَقَالَ : الْحَوْضُ حَوْضِي *** وَفِي الْقُرْآنِ يُرْضِيهِ رِضَانَا
 
15- حُمِينَا بَلْ كُفِينَا بَلْ وَإِنَّا *** - وَإِنْ كَرِهُوا - اصْطُفِينَا لاَ عِدَانَا
 
16- هُدِينَا بَلْ حُبِينَا بَلْ وَإِنَّا *** بِمَا جَاءَ النَّبِيُّ غَدَا هَوَانَا
 
17- وَرِثْنَا عَنْهُ حَتَّى مَا رَمَوْهُ *** لِذَلِكَ مَنْ كَفَاهُ فَقَدْ كَفَانَا
 
18- إِذَا حُمَّ الْقَضَاءُ وَكَانَ أَمْرٌ *** هُنَالِكَ لاَ حِمىً إِلاَّ حِمَانَا
 
19- فَمِنْ حَوْضِ الشَّفِيعِ قَدِ ارْتَوَيْنَا *** جَمِيعاً قَدْ جُمِعْنَا حَيْثُ كَانَ
 
20- قَدِيماً قُلْتُهَا وَلَقَدْ سَمِعْتُمْ *** ( أَضَلَّهُمُ الَّذِي هُوَ قَدْ هَدَانَا )
 

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والثَّمَانُون : ( فَأَمَّا عَنْ حُلُولٍ وَاتِّحَادٍ ) – بيت رقم 1: فَأَمَّا عَنْ حُلُولٍ وَاتِّحَادٍ *** بِهِ يَرْمُونَنَا جَهْلاً عَيَانَا

المعني:
فَأَمَّا: الفاء استئنافية, أَمَّا: حرف استفتاح
عَنْ: حرف جرّ, لتعيين موضوع الحديث, و سيأتي تفصيل الحديث في الأبيات التالية
حُلُولٍ: الحُلول أن يحلّ جسم في آخر, كالمحلول, فلا يتمايزا, و مَذْهَبْ الحلول مذهب يقول بأن الله حال في كل شيء, و هو من ابتداع الفلاسفة, و يفسّر أهل الإنكار, قول السادة الصوفية بأن الكون ما هو إلا مظهر تجلّيات الاسم الله, علي أنّه هو مذهب الحلول و هو أن يتصور أن يقال : إن الرب تبارك وتعالى حل في العبد ، أو العبد حل في الرب, و هذا خطأ
وَاتِّحَادٍ: الاتحاد أن يتحد جسماً فيكونا جسما واحداً, مثلاً: أجزاء مختلفة تجتمع لتكون جسماً واحداً, و يخلطون بينه و بين مفهوم الاتحاد عند السادة الصوفية والذي يعني الفناء في الله ثم البقاء به, و هو غاية التوحيد, قال رضي الله عنه:
فَاشْهَدْ وَنَزِّهْ عَنْ حُلُولٍ بَاطِلٍ *** وَعَنِ الْمَكَانِ فَمَا لِكَانَ يَكُونُ (6 ق 67)
و قال رضي الله عنه في (22-23 ق 67):
لاَ عَنْ حُلُولٍ وَاتِّحَادٍ إِنَّمَا *** دَعْوَى الْحُلُولِ وَالاِتِّحَادِ طَعُونُ
فَالْعَبْدُ وَالْمَعْبُودَ لاَ يَتَشَاكَلاَ *** مُتَجَانِسَيْنِ وَيَصْعُبُ التَّخْمينُ
بِهِ يَرْمُونَنَا: أو قُل: يَرْمُونَنَا بِهِ, يرمى بالقول, يتهم الشخص بما ليس فيه, أي: اتهام المنكرين و الملاحدة لأهل التصوف بالباطل, قال رضي الله عنه:
وَلاَ تَقُلْ بِاتّحَادٍ لاَ نَقُولُ بِهِ *** فَإِنَّمَا الْبَعْضُ قَدْ صَارُوا بِهِ نِحَلاَ (19 ق 92)
جَهْلاً عَيَانَا: جَهْلاً: بغير علمٍ, عَيَانَا: واضحاً لا تخطئه العين, قال رضي الله عنه:
مَا خَلاَ خِلَّتِي خَلَتْ كُلُّ أَرْضٍ *** مِنْ سِوَى جَاهِلٍ يُجِيدُ التَّعَدِّي (12 ق 3)

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والثَّمَانُون : ( فَأَمَّا عَنْ حُلُولٍ وَاتِّحَادٍ ) – بيت رقم 2: تَنَزَّهَ ذُو الْجَلاَلِ وَذُو الْجَمَالِ *** وَنَزَّهَنَا وَطَهَّرَ مُبْتَدَانَا

المعني:
تَنَزَّهَ: يتنَزَّهُ عن الشيء إذا تباعد عنه
ذُو الْجَلاَلِ وَذُو الْجَمَالِ: ذُو: للملكية بمعني صاحب, و الْجَلاَلِ و الْجَمَالِ تشملان جميع الصفات الإلهية فهي إمّا صفات جَلاَلِ أو صفات جَمَالِ, الْجَلاَلِ: من قولك جَلَّ الأمر: عظم, و هوصفات القهر و العظمة من الحضرة الإلهية بإسمه الجليل, مثل: كونه تعالي المميت, القابض, الضّار وأمثال ذلك, قال تعالي: (تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذي الْجَلالِ والْأِكْرامِ) 78 الرحمن, الجمال : هو صفات الرحمة والألطاف من الحضرة الإلهية بإسمه الجميل، مثل: الرحمة وصفة العلم وصفة اللطف والنعم وصفة الجود والرزاقية والخلاقية وصفة النفع وأمثال ذلك, قال صلي الله عليه و سلم: "إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ", و من ثمّ فإنَّ كون التنزيه لذات المتصف بصفات الجلال و الكمال, لأن ذلك يشمل تنزيهه تعالي في كلّ صفاته و أسمائه
وَنَزَّهَنَا: باعد بيننا و بين أن نقول بعقيدة الاتحاد و الحلول التي يقول بها الملاحدة و أهل الفلسفة
وَطَهَّرَ مُبْتَدَانَا: وَطَهَّرَ: التَّطَهُّرُ التنزُّه والكَفُّ عن الإِثم وما لا يَجْمُل, مُبْتَدَانَا: من حضرة التعيين الأول, تخلّقوا من نور حضرة النبي صلي الله عليه و سلم, في الآية: (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ) 104 الأنبياء, مبتداهم الظاهر من حيث انتسابهم - آل البيت - إليه صلي الله عليه و سلم, القائل: "انتقلتُ من صُلبٍ طَاهِرٍ إلي رَحِمٍ طَيبٍ من لدُن آدم إلي أن ولِدَني أبي و أمّي ولم يُصبني من سِفاح الجاهليةِ شَئ", و قال حاكياً عن نفسه صلي الله عليه و سلم و عن سيدنا الإمام عليّ بن طالب كرّم الله وجهه: "كُنّا نورين بين يدي القديم الأزلي و لم نزل نتنقل من صلبٍ طاهرٍ إلي رَحمٍ طيب حتى ظهر عليّ في أبي طالب و ظهرتُ في عبد الله"

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والثَّمَانُون : ( فَأَمَّا عَنْ حُلُولٍ وَاتِّحَادٍ ) – بيت رقم 3: فَلَوْ أَنَّا - مَعَاذَ اللَّهِ - قُلْنَا *** بِمَا قَالُوهُ لاَنْفَصَمَتْ عُرَانَا

المعني:
فَلَوْ أَنَّا: فَلَوْ: الفاء استئنافية, لَوْ: حرف امتناع لامتناع, أَنَّا: أنَّ: للتوكيد. مع نا المتكلّم الجمع, أي: آل البيت, أهل الجمع
- مَعَاذَ اللَّهِ -: ألجأ إلي الله و أعتصِمُ بالله
قُلْنَا بِمَا قَالُوهُ: اعتقدنا اعتقادهم, أي: المتهمين للسادة الصوفية بالقول بالحلول و الاتحاد
لاَنْفَصَمَتْ عُرَانَا: لاَنْفَصَمَتْ: اللام للتأكيد, اَنْفَصَمَتْ عُرَانَا: العروة هي المقبض الذي يقبض به الكوز أو الدلو, انفصمت: الفَصْم: الكسر من غير بينونة, لانكسر ما يمسّكنا بدين الله, أي: عقيدة التوحيد, قال تعالي: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) 256 البقرة, في حين أنه في حاصل الأمر أنّ السادة الصوفية الأكثر و الأصح عقيدة و توحيدا و انشغالا بالله لا غيره

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والثَّمَانُون : ( فَأَمَّا عَنْ حُلُولٍ وَاتِّحَادٍ ) – بيت رقم 4: وَلَكِنَّا - بِفَضْلِ اللَّهِ - قَوْمٌ *** عَلَى التَّوْحِيدِ نَشْهدُهُ عَيَانَا

المعني:
وَلَكِنَّا: الواو للعطف, لَكِنَّ: حرف للاستدراك و التأكيد
- بِفَضْلِ اللَّهِ -: الباء للوسيلة و الواسطة, أي: بواسطة فَضْلِ اللَّهِ, كرمه و منه
قَوْمٌ: القوم هم الجمع من الناس الذين يجمعهم شأن واجد كثروا أو قلّوا, و الشأن هو شأن التصوف آل البيت
عَلَى التَّوْحِيدِ: أي: علي عقيدة التوحيد, إثبات الواحديّة لله سبحانه و تعالي, بلا شريك له, و هذا ينقض اتهامهم لنا بالحلول و الاتحاد
نَشْهدُهُ عَيَانَا: نراه رأي العين, تحقيق, حقّ يقين و هو التوحيد الأعلى, كما قال رضي الله عنه:
أَمَّا عَنِ التَّوْحِيدِ فَاعْلَمْ أَنَّهُ *** خَتْمُ الْمَرَاتِبِ خَصَّةُ الإِنْسَانِ (15 ق 60)
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والثَّمَانُون : ( فَأَمَّا عَنْ حُلُولٍ وَاتِّحَادٍ ) – بيت رقم 5: لَقَدْ غُمَّتْ عَلَى قَوْمٍ عُلُومٌ *** شَهِدْنَاهَا يَقِيناً فِي اسْتِوَانَا
المعني:
لَقَدْ غُمَّتْ عَلَى: لَقَدْ: اللام للتأكيد, قَد: للتأكيد, غُمَّتْ عَلَى: حُجبت عنهم, من الغمام يحجب الرؤية, قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلاثِينَ", و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
أُشَاهِدُ مَحْبُوبِي وَأَشْهَدُ فَضْلَهُ *** وَغُمَّ عَلَى غَيَرِي بِغَيْبِ الْغَمَامَةِ (273 ق 1)
قَوْمٍ: القوم هم من يجمعهم شأن واحد كثروا أو قلّوا, و معني بهم القوم المنكرين
عُلُومٌ شَهِدْنَاهَا يَقِيناً: علوم شَهِدْنَاهَا, عين يقين
فِي اسْتِوَانَا: في استقامتنا عند شهود الحقّ

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والثَّمَانُون : ( فَأَمَّا عَنْ حُلُولٍ وَاتِّحَادٍ ) – بيت رقم 6: يَظُنُّ الْبَعْضُ بَلْ ظَنُّوا جَمِيعاً *** وَإِنَّ الظَّنَّ لَيْسَ بِهِ غِنَانَا

المعني:
يَظُنُّ الْبَعْضُ: يَظُنُّ: الظنّ ما وقع من تخمين في ذهن الشخص من غير تثبّت, قال تعالي: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ) 12 الحجرات,الْبَعْضُ: الجزء من الكُلّ, أي الجزء من المتهمين للسادة الصوفية بالحلول و الاتحاد
بَلْ ظَنُّوا جَمِيعاً: بَلْ: حرف للإضراب أي: الانتقال من معني إلي معني أدقّ, ظَنُّوا جَمِيعاً: شمل الظنّ جميع المتهمين للسادة الصوفية, المشار إليهم بعبارة (بِهِ يَرْمُونَنَا) في البيت الأول:
فَأَمَّا عَنْ حُلُولٍ وَاتِّحَادٍ *** بِهِ يَرْمُونَنَا جَهْلاً عَيَانَا
وَإِنَّ الظَّنَّ لَيْسَ بِهِ غِنَانَا: أي: أن الظنّ عندنا – أهل التصوف – لا يُغني عن الحقّ, كما قال تعالي: (وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ 36 يونس

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والثَّمَانُون : ( فَأَمَّا عَنْ حُلُولٍ وَاتِّحَادٍ ) – بيت رقم 7: وَخَاضَ الْبَعْضُ بَلْ خَاضُوا جَمِيعاً *** فَعَنْ خُوَّاضِهِمْ أَعْرِضْ تَرَانَا

المعني:
وَخَاضَ الْبَعْضُ: الواو للعطف, خَاضَ: الخَوض الكلام في الأمر بغير عِلمٍ, الْبَعْضُ: الجزء من الكُلّ
بَلْ خَاضُوا جَمِيعاً: بَلْ: حرف للإضراب أي: الانتقال من معني إلي معني أدقّ, خَاضُوا جَمِيعاً: شمل الخَوض جميع المتهمين للسادة الصوفية, المشار إليهم بعبارة (بِهِ يَرْمُونَنَا) في البيت الأول:
فَأَمَّا عَنْ حُلُولٍ وَاتِّحَادٍ *** بِهِ يَرْمُونَنَا جَهْلاً عَيَانَا
فَعَنْ خُوَّاضِهِمْ أَعْرِضْ: فَعَنْ: الفاء سببية, أي: بسبب خوضهم, أَعْرِضْ عَنْ: أهجر و اترك, خُوَّاضِهِمْ: كثير الخوض, أي: الكلام في ما يجهل, قال تعالي: (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغًا) 63 النساء, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
فَمَنْ كَانَ خَوَّاضاً فَيَا بِئْسَ مَا أَتَى *** فَتِلْكَ فِعَالٌ دُونَهُنَّ الْكَبَائِرُ (14 ق 21)
تَرَانَا: أي: تَرَانَا نحنُ أهل التصوف, من الرأي بالعين, أي: تتحقق من حقيقتنا, بالابتعاد عن أهل الإنكار المحجوبون عن رؤية الحقّ, بالغيم و الغشاوة علي قلوبهم

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والثَّمَانُون : ( فَأَمَّا عَنْ حُلُولٍ وَاتِّحَادٍ ) – بيت رقم 8: تَبَوَّأَ بَعْضُهَمْ فِي الْجَهْلِ دَرْكاً *** وَفِي تَحْصِيلهِمْ حَتَّى أَغَانَ

المعني:
تَبَوَّأَ بَعْضُهَمْ: تَبَوَّأَ: استقر علي مكان, بَعْضُهَمْ: الجزء منهم, أي: المتهِمين للسادة الصوفية بالحلول و الاتحاد, المشار إليهم بعبارة (بِهِ يَرْمُونَنَا) في البيت الأول:
فَأَمَّا عَنْ حُلُولٍ وَاتِّحَادٍ *** بِهِ يَرْمُونَنَا جَهْلاً عَيَانَا
فِي الْجَهْلِ دَرْكاً: الدَرْك : أسْفَلُ كُلِّ شيءٍ ذي عُمْقٍ كالبئر أو أقصى قَعْره, قال تعالي: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا) 145 النساء
وَفِي تَحْصِيلهِمْ: التّحصيل الفهم, وقع في قاع سحيق من الجهل, بسبب فهمهم
حَتَّى أَغَانَ: حَتَّى: حرف للغاية, أَغَانَ: غطّي, من غطاء القلب بالغشاوة, مثل كلمة رَانَ, قال تعالي: (كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ) 14 المطففين

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والثَّمَانُون : ( فَأَمَّا عَنْ حُلُولٍ وَاتِّحَادٍ ) – بيت رقم 9: وَإِنَّ الظَّنَّ وَالْخَوْضَ افْتِرَاءٌ *** وَأَوْلَى أَنْ يَبُوءَ بِهِ سِوَانَا

المعني:
وَإِنَّ الظَّنَّ وَالْخَوْضَ افْتِرَاءٌ: وَإِنَّ: الواو استئنافية, إِنَّ: للتوكيد, الظَّنَّ: التخمين ما توسوس به النفس من غير تحقق, وَالْخَوْضَ: الحديث في أمر بغير علم, افْتِرَاءٌ: الافتراء الكذب و الباطل, أي: كِلا الظَّنِّ وَالْخَوْضِ كَذِبٌ و بَاطِلٌ, تقريراً علي ما ذكره في الأبيات السابقة من ظنّهم و خوضهم
وَأَوْلَى: علي صيغة أَفعل تفضيل بمعنى الأَحقِّ والأَجدرِ والأَقرب, الآية: (أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى) 34 القيامة, تهديد ووعيد أكيد
أَنْ يَبُوءَ بِهِ سِوَانَا: أَنْ: مصدرية, يَبُوءَ بِهِ: يتحمّله, الآية: (إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ ) 2 المائدة, يَبُوءَ بِهِ: أي بالافتراء, الكذب و الباطل, سِوَانَا: غيرنا, أي: غير أهل التصوف, آل البيت, لأننا نأخذ بالتحقيق و هم يأخذون بالظن, قال تعالي: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ 12 الحجرات, قال رضي الله عنه:
دَعُوا كُلَّ خَوَّاضٍ يَنُوءُ بِحِمْلِهِ *** فَإِن إِشَارَاتِي أَدَقُّ الدَّقَائِقِ (10 ق 17)

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والثَّمَانُون : ( فَأَمَّا عَنْ حُلُولٍ وَاتِّحَادٍ ) – بيت رقم 10: وَأَحْرَى أَنْ يَحِلَّ بِهِمْ وَفِيهِمْ *** شَرِيكٌ لَوْ دَعَاهُمْ مَا دَعَانَا

المعني:
وَأَحْرَى: الواو للعطف, أَحْرَى: أجدر وأولى وأحقّ
أَنْ يَحِلَّ بِهِمْ وَفِيهِمْ شَرِيكٌ: أَنْ: مصدرية, يَحِلَّ بِهِمْ: ينزل بهم, نزول البلاء, وَفِيهِمْ: أي: وَ يَحِلَّ فِيهِمْ: ينزل في دواخلهم, شَرِيكٌ الشّرك الخفي: قال تعالي: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا رَّجُلا فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلا سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) 29 الزمر
لَوْ دَعَاهُمْ مَا دَعَانَا: لَوْ: شرطية بمعني إذا, لَوْ دَعَاهُمْ مَا دَعَانَا: ابتلاء العزم, قال تعالي: (وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) 10 يونس, و قيل في المعني:
أَمْ أَنْتَ تُهْدِي العُمْىَّ عَنْ *** ذُلِّ الضَّلَالَةِ والهَوَانِ
أَتُرِيدُ تُرْشِدُ عُصْبَةً *** لِشُجَاعِهِمْ قَلْبُ الجَّبَانِ
خُذُ مَا صَفَا لَكَ بَيْنَهُمْ *** وَاتْرُكْ لَهُمْ كَدَرَ الأَوَانِي
وَانزلْ إِليْهِمْ لَا تُكَلِّفْهُمْ *** إِلَى أَعْلَى المَكَانِ
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والثَّمَانُون : ( فَأَمَّا عَنْ حُلُولٍ وَاتِّحَادٍ ) – بيت رقم 11: إِذَا مَا ضَلَّ أَبْنَاءُ النَّبِيِّ *** تُرَى مَنْ لِلْهِدَايَةِ بَعْدُ كَانَ ؟
المعني:
إِذَا مَا ضَلَّ: إِذَا: شرطية, مَا: مصدرية, ضَلَّ: الضلال ضدّ الهُدي, عدم الاستدلال علي الطريق الصحيح
أَبْنَاءُ النَّبِيِّ: ذريته من سيدنا الإمام علي و السيدة فاطمة رضي الله عنهم, قال صلي الله عليه و سلم: "كل الأنبياء أولادهم من أصلابهم إلا أنا فأولادى من صلب علىّ"
تُرَى مَنْ لِلْهِدَايَةِ: تُرَى: استفسار ب (هل) مقدرة (هل تُرَى), أي: هل تظُن أو تعتقد, مَنْ: استفسار, لِلْهِدَايَةِ: اللام للتخصيص, من يختص بهداية الناس, أي: دلّهم علي الحقّ و الطريق الصحيح, تَركتُ فِيكم الثَّقلين، ما إن تمسَّكتُم بهما، لن تضلُّوا: كِتابَ اللهِ، وعِترتي أهلَ بيتي", فمثّلهم رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بالنجوم في هداية الناس, قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ: "النُّجُومُ أَمَانٌ لأَهْلِ السَّمَاءِ، وَأَهْلُ بَيْتِي أَمَانٌ لأَهْلِ الأَرْضِ، فَإِذَا ذَهَبَ أَهْلُ بَيْتِي أَتَاهُمْ مَا يُوعَدُونَ", و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
فَالشَّمْسُ ذَاتٌ وَالْمُنِيرُ مُحَمَّدٌ *** وَالنَّجْمُ آلُ الْبَيْتِ فِي الْفُرْقَانِ (47 ق 2)
بَعْدُ كَانَ ؟: بَعْدُ: حُذف مُضافه و تقديره (هُم), أي: من بعدُهم كان (في موطن) الهداية

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والثَّمَانُون : ( فَأَمَّا عَنْ حُلُولٍ وَاتِّحَادٍ ) – بيت رقم 12: فَهَلْ أَبْنَاءُ طَهَ غَيْرُ قَوْمٍ *** يُطَهِّرُنَا الَّذِي كَانَ اصْطفَانَا

المعني:
فَهَلْ: الفاء استئنافية, هَلْ: للاستفهام التصديقي
أَبْنَاءُ طَهَ: طَهَ, من أسمائه صلي الله عليه و سلم, جاء في قوله تعالي: (طه * ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى) 1-2 طه, جاء في تفسيرها عن سيدي جعفر الصادق رضي الله عنه, قال: "قسمٌ بطهارة أهل البيت وهدايتهم", و هذا المعني يأتي في السياق العام للقصيدة
غَيْرُ قَوْمٍ: القوم هم من جمعهم شأن واحد, غير قومٍ, استثناء لهم من غيرهم من الأقوام
يُطَهِّرُنَا: الطهارة عند السادة الصوفية: عصمة الله من المخالفات, يُطَهِّرُنَا: أي يزكينا و يعصمنا من الضلال
الَّذِي كَانَ اصْطفَانَا: الَّذِي كَانَ: الذي حصل منه قديماً, اصْطفَانَا: الاصطفاء الاختيار للقرب و المحبوبية و وضع السرّ, اصطفاء من الله العليّ القدير في الأزل, و هنا يتحدث مولانا بلسان جمع آل البيت, قال تعالي: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) 33 الأحزاب

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والثَّمَانُون : ( فَأَمَّا عَنْ حُلُولٍ وَاتِّحَادٍ ) – بيت رقم 13: لِيُذْهِبَ كُلَّ رِجْسٍ أَيَّ رِجْسٍ *** فَهَلْ تَكْفِيُرنَا يُرْضِي أَبَانَا ؟

المعني:
لِيُذْهِبَ كُلَّ رِجْسٍ: لِيُذْهِبَ: اللام حرف لبلوغ غاية مكانية, يُذْهِبَ: من أذهبَ يُذهب ، إذْهابًا, يُصرِف, كُلَّ: حرف للاستيعاب, رِجْسٍ: العَمَل الدَّنَيء أو القَذِر أو القَبيح, الآية: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) 33 الأحزاب
أَيَّ رِجْسٍ: أَيَّ: تدلّ علي العموم
فَهَلْ: الفاء سببية, هَلْ: استفسار استنكاري
تَكْفِيُرنَا يُرْضِي أَبَانَا ؟: تَكْفِيُرنَا: التّكفير, نعتُ الشخص بأنّه كافرٌ, قال صلى الله عليه وسلم: "إذا كَفَّرَ الرِّجُلُ أِخَاهُ فَقَد بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمِا", يُرْضِي أَبَانَا ؟: هل يقبله صلى الله عليه وسلم, الإجابة, لا و حاشا و هو لا يرضي أن يُكفّر أيّ مُسلم, فما بالك بأبنائه, عليهم سنا الرضوان في كُل لحظة

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والثَّمَانُون : ( فَأَمَّا عَنْ حُلُولٍ وَاتِّحَادٍ ) – بيت رقم 14: بِنَا أَوْصَى وَقَالَ : الْحَوْضُ حَوْضِي *** وَفِي الْقُرْآنِ يُرْضِيهِ رِضَانَا

المعني:
بِنَا أَوْصَى: بِنَا: الباء حرف جر لاصق كقولك أمسكت بالحبل, مع نا المتكلم الجمع, أي: بنا نحنُ آلِ البيتِ, الباء تفيد الوصية بالتمسك بهم و مودّتهم رضوان الله عليهم, أَوْصَى: تَرَكَ وَصِيَّةً, و جاء في ذلك خطبته صلي الله عليه و سلم بماء خما بين مكة والمدينة, قال صلي الله عليه و سلم: "وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي"
وَقَالَ: الْحَوْضُ حَوْضِي: وَقَالَ: الْحَوْضُ حَوْضِي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَوْعِدُكُمْ حَوْضِي، عَرْضُهُ مِثْلُ طُولِهِ، وَهُوَ أَبْعَدُ مَا بَيْنَ أَيْلَةَ إِلَى مَكَّةَ، وَذَلِكَ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، فِيهِ أَبَارِيقُ أَمْثَالُ الْكَوَاكِبِ، مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ الْفِضَّةِ، مَنْ وَرَدَ فَشَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَدًا", و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل وعترتي أهل بيتي، ألا وهما الخليفتان من بعدي، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض"
وَفِي الْقُرْآنِ يُرْضِيهِ رِضَانَا: وردت آية, توضح أنه صلي الله عليه و سلم, يُرْضِيهِ رِضَانَا, أي: يرضيه الذي يرضينا, نحنُ آل البيت, قال تعالي: (ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُل لّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ) 23 الشوري, و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
إِلاَّ الْمَوَدَّةَ مَا سَأَلْنَا حِبَّنَا *** إِنَّ الْمَوَدّةَ رِفْعَةٌ وَرَشَادُ (10 ق 46)
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والثَّمَانُون : ( فَأَمَّا عَنْ حُلُولٍ وَاتِّحَادٍ ) – بيت رقم 15: حُمِينَا بَلْ كُفِينَا بَلْ وَإِنَّا *** وَإِنْ كَرِهُوا - اصْطُفِينَا لاَ عِدَانَا
المعني:
حُمِينَا بَلْ كُفِينَا: و نا المتكلم الجمع, كلام سيدي فخر الدين بلسان مع آل البيت رضي الله عنهم أجمعين, و حين ينسب الفعل لضمير الفاعل الغائب, فإن لك إشارة إلي الذّات الإلهية, حُمِينَا: أي: أُعطينا الحماية الإلهية,, للانتقال من وصف إلي وصف أدقّ, كُفِينَا: أي: كفانا الله تعالي, أي: قام بأمرنا مقامنا فلم نحتاج لغيره, و أورد إشارة ذلك سيدي إبراهيم الدسوقي رضي الله عنه في وِرد الحِزب الصغير: علي النحو التالي:- حُمِينَا إشارة إلي: (حمعسق حمايتنا) و هي تشمل الحواميم السبعة و رؤسائهم (حميثا), كُفِينَا إشارة إلي: (كهيعص كفايتنا), و هي إشارة إلي طلاسم النبي صلى الله عليه وسلم (طَمِيثاً), قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه في (20-21 ق 45):
أَحْمَى حَمِيثاً فِي الشَّدَائِدِ مَلْجَأُ *** الْعَطْشَى وَفِيهِ مَوْرِدٌ وَشَرَابُ
أَطْمَى طَمِيثاً عِنْدَنَا تِرْيَاقُنَا *** وَالْقَوْلُ فِيهَا جَوْهَرٌ وَلُبَابُ
بَلْ وَإِنَّا وَإِنْ كَرِهُوا – اصْطُفِينَا: بَلْ, لللإضراب, وَإِنَّا: الواو للعطف, إِنَّا: إِنَّ للتوكيد مع نا المتكلم الجمع, وَإِنْ كَرِهُوا: - جملة اعتراضية, إِنْ: شرطية, كَرِهُوا: إشارة للمتهمين لآل البيت أئمة التصوف بالحلول و الاتحاد, كما جاء في أول القصيدة, كَرِهُوا: من كَرِهَ الشيءَ : مقتَه، ولم يحبّه، أبغضه، نفَر منه, الآية: (يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) 32 التوبة, – اصْطُفِينَا: اصطفاء (اختيار) إلهي, قال صلى الله عليه وسلم : "إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم", الاصطفاء المحبة لمن يُصطفي و تقريبه و وضع السرّ فيه
لاَ عِدَانَا: لاَ: نافية, عِدَانَا: عدا: أداة استثناء, مع نا المتكلم الجمع, آل البيت, بلسان سيدي فخر الدين رضي الله عنهم أجمعين, أي: لا اصطفاء لعدَانا, غيرنا, قال تعالي: (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ) 59 النمل, جعل منهم رؤساء السبع المثاني, سيدنا الإمام الحسن و سيدنا الإمام الحسين و سيدنا الإمام محمد بن عبد الله المهدي المنتظر, رضوان الله عليهم

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والثَّمَانُون : ( فَأَمَّا عَنْ حُلُولٍ وَاتِّحَادٍ ) – بيت رقم 16: هُدِينَا بَلْ حُبِينا بَلْ وَإِنَّا *** بِمَا جَاءَ النَّبِيُّ غَدَا هَوَانَا

المعني:
هُدِينَا: إلي التوحيد الخالص, فهم خلفاؤه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, خلافة الباطن البعدية, و المعنيين بقولهَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ بَعْدِي عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ", يقول سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
وَهُدِيتُ للِتَّوحِيدِ إِرْثاً خَالِصاً *** وَشَهِدْتُ مَحْبُوبِي وَخَابَ سُوَاعُ (15 ق 23)
بَلْ حُبِينا: بَلْ: حرف للإضراب أي: الانتقال من وصف إلي وصف أدقّ, حُبِينا: الحَبو هو كثرة العطاء
بَلْ وَإِنَّا: وَإِنَّا: واو العطف, إِنَّا: إِنَّ للتوكيد مع نا المتكلم الجمع, بلسان سيدي فخر الدين رضي الله عنه
بِمَا جَاءَ النَّبِيُّ غَدَا هَوَانَا: بِمَا جَاءَ النَّبِيُّ: بالهدي الذي جاء به حضرة النبي صلي الله عليه و سلم, غَدَا: الغدو تمكن شمس النهار و وضوحها, أي: تمكّن فينا هديه صلي الله عليه و سلم, هَوَانَا: الهوى ميزان الاختيار في النفس, فإذا مُلكت النفس كان إتّباع الرسول صلي الله عليه و سلم في كلّ ما جاء به من الدّين, و ذلك إشارة للحديث عن سيدنا عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به"

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والثَّمَانُون : ( فَأَمَّا عَنْ حُلُولٍ وَاتِّحَادٍ ) – بيت رقم 17: وَرَثْنَا عَنْهُ حَتَّى مَا رَمَوْهُ *** لِذَلِكَ مَنْ كَفَاهُ فَقَدْ كَفَانَا

المعني:
وَرَثْنَا عَنْهُ: أي: نحنُ آل البيت, وَرَثْنَا عَنْ جدِّنا المصطفي صلي الله عليه و سلم, قال رضي الله عنه:
فَكُلُّنَا وَارِثٌ مِنْ جَدِّهِ سِمَةٌ *** وَنَحْنُ أَهْلُ الْعُلاَ تَمَّتْ وِرَاثَتُنَا (60 ق 35)
حَتَّى مَا رَمَوْهُ: حَتَّى: حرف لبلوغ غاية, أي: غاية استكمال الوراثة عنه صلي الله عليه و سلم, وراثة نبوية محمّدية كاملة, لغاية أننّا رمينا من المنكرين بمَا رَمَوْهُ هو صلي الله عليه و سلم, بما اتهموه به, و في مثل ذلك يقول رضي الله عنه:
عَلَى قَدَمِ الصَّفُوحِ وَفِي يَدَيْهِ *** وَإِنْ مَاجَتْ بِحَارٌ مَا سَئِمْنَا (13 ق 56)
لِذَلِكَ: اللام للتعليل, ذَلِكَ: اسم إشارة, لأمر الوراثة الكاملة
مَنْ كَفَاهُ فَقَدْ كَفَانَا: مَنْ كَفَاهُ: الذي كفاه, الله تعالي, الآية: (فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) 137 البقرة, فَقَدْ: الفاء السببية, قد: للتوكيد, كَفَانَا: كَفَانَا نحنُ آلَ البيت الله تعالي, أي: قام بأمرنا فلم نحتاج إلي غيره

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والثَّمَانُون : ( فَأَمَّا عَنْ حُلُولٍ وَاتِّحَادٍ ) – بيت رقم 18: إِذَا حُمَّ الْقَضَاءُ وَكَانَ أَمْرٌ *** هُنَالِكَ لا حِمىً إِلاَّ حِمَانَا

المعني:
إِذَا حُمَّ الْقَضَاءُ: الْقَضَاءُ: إِذَا: شرطية, الحُكم, حُمَّ الْقَضَاءُ: قُضِيَ الحُكم
وَكَانَ أَمْرٌ: وَكَانَ: و نزل فعل القضاء منزل التنفيذ, أَمْرٌ: ما كان في موطن الأمر الإلهي, قال تعالي: (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ) 117 البقرة
هُنَالِكَ: هُنَالِكَ: هُنا اسم إشارة, اللام للبعد, مع كاف المُخاطب
لا حِمىً إِلاَّ حِمَانَا: لا النافية و إِلاَّ الاستثنائية تفيدان الحصر, حِمىً: الحمى هو مكان الاحتماء, إِلاَّ حِمَانَا: إِلاَّ حِمَي آل البيت رضي الله عنهم, في الحديث قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ: "مَثَلُ أَهْلِ بَيْتِي كَمَثَلِ سَفِينَةِ نُوحٍ, مَنْ رَكِبَ فِيهَا نَجَا, وَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا غَرِقَ", قال رضي الله عنه:
وَبِي يَهْتَدِي لِلْقَصْدِ مِنْ جَاءَ قَاصِداً *** حِمَايَ وَإِنْ حُمَّ الْقَضَا بِالْحَمِيَّةِ (134 ق 1)

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والثَّمَانُون : ( فَأَمَّا عَنْ حُلُولٍ وَاتِّحَادٍ ) – بيت رقم 19: فَمِنْ حَوْضِ الشَّفِيعِ قَدِ ارْتَوَيْنَا *** جَمِيعاً قَدْ جُمِعْنَا حَيْثُ كَانَ

المعني:
فَمِنْ حَوْضِ الشَّفِيعِ: فَمِنْ: الفاء استئنافية, حَوْضِ الشَّفِيعِ: الشَّفِيعِ الكثير الشفاعة, و الشفاعة لغةً: أن يتوسل أحدٌ للملك في حاجة آخر, قال تعالي في آية الكرسي, الآية 255 البقرة: (مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ ), و الشَّفِيعِ هو صاحب الشفاعة الكبرى, في الحديث عَنْ سيدنا أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَا أَوَّلُ شَافِعٍ ، وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ" و عن سيدنا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أُعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نُصرت بالرعب مسيرة شهر, وجُعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً ، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصلِّ, وأُحلّت لي الغنائم، ولم تُحلّ لأحد قبلي, وأعطيت الشفاعة, وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامّة", حَوْضِ الشَّفِيعِ: الكوثر, قال تعالي: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) 1 الْكَوْثَر, في الحديث قال صلى الله عليه وسلم: "إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي اهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض"
قَدِ ارْتَوَيْنَا: قَدِ: للتوكيد, ارْتَوَيْنَا: تقولُ اِرْتَوَى مِنَ الْمَاءِ بَعْدَ عَطَشٍ: أي: شَرِبَ إِلَى أَنْ أَزَالَ عَطَشَهُ, نا المتكلم الجمع, بلسان سيدي فخر الدين (فردي جمعٌ), أي: نحنُ آل البيت, أي: نلنا كفايتنا من الشفاعة, وبها نشفعُ, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
وَأَشْفَعُ فِي أَهْلِ الزَّمَانِ وَإِنْ بَدَتْ *** شَقَاوِتُهُمْ إِلاَّ بِحَقِّ الطَّرِيقَةِ (37 ق 1)
و قال رضي الله عنه في (18-19 ق 45):
رُدُّوا إِلَى الرَّبِّ الرَّحِيمِ وَعَبْدِهِ *** إِنَّ الْعَطَا مِنْ كَفّهِ يَنْسَابُ
بُثُّوا إِلَيْهِ وَآلِ أَحْمَدَ مَا بِكُمْ *** هُوَ مَنْ لَدَيْهِ شَفَاعةٌ وَجَنَابُ
جَمِيعاً قَدْ جُمِعْنَا: قَدْ: للتوكيد, جَمِيعاً جُمِعْنَا: جمع الجمع, في الحضرة النبوية, قال رضي الله عنه:
جَمْعاً إِلَى فَرْدِهِ الْمَجْمُوعُ فِي حُجُبٍ *** وَالْكُلُّ حَشْداً يُقَرّبُنَا ويُدْنِينَا (11 ق 28)
حَيْثُ كَانَ: حَيْثُ: ظرف مكان, كَانَ: مكانه, أي: في موطن قبضة النور, حضرة التعيين الأول, يقول سيدي إبراهيم الدسوقي رضي الله عنه:
عَلَي الدُّرَّةِ البَيْضَاءِ كَانَ اجْتِمَاعُنَا *** وَ مِنْ قَبْلِ خَلْقِ الخَلْقِ وَ العَرْشِ قَدْ كُنَّا

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة التّاسِعَة والثَّمَانُون : ( فَأَمَّا عَنْ حُلُولٍ وَاتِّحَادٍ ) – بيت رقم 20: قَدِيماً قُلْتُهَا وَلَقَدْ سَمِعْتهُمْ *** أَضَلَّهُمُ الَّذِي هُوَ قَدْ هَدَانَا

المعني:
قَدِيماً: القديم غير الحادث و غير المستقبل, فهو إبّان وجوده رضي الله عنه في الدّار الدنيا, الحادث البرزخ, و المستقبل الأخرى
قُلْتُهَا: أي: قلتها لكم و أنا حينها نعكم في الدنيا, قُلْتُهَا: أي كلماتٍ قُلْتُهَا
وَلَقَدْ سَمِعْتهُمْ: وَلَقَدْ: الواو و اللام و قد كلها تقع في موضع التأكيد, سَمِعْتهُمْ: أنا قُلت و أنتم سمعتم (مؤكداً) – و أنا الشارح أشهدُ أنّي سمعتُ
أَضَلَّهُمُ الَّذِي هُوَ قَدْ هَدَانَا: أَضَلَّهُمُ: الضمير إشارة للمنكرين الجاحدين المتهمين لآل البيت أئمة الدين بالحلول و الاتحاد, الَّذِي هُوَ قَدْ هَدَانَا: الَّذِي هُوَ: أي: الله تعالي, قَدْ هَدَانَا: تأكيد هدايته لنا من الذهاب في طريق الضلال, قال تعالي: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) 4 إبراهيم

مشاركة المقال
mohamed fares
@كاتب المقاله
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع برهانيات كوم .

مقالات متعلقة

إرسال تعليق



Seoplus جميع الحقوق محفوظة ل برهانيات كوم