-->
إغلاق القائمة
إغلاق القائمة
404
نعتذر فقد تم نقل الموضوع ; الرجاء زيارة الارشيف! الأرشيف

الثلاثاء، 26 مارس 2019

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّّامِنَة والثَّمَانُون : ( مَا الْبَدَايَاتُ وَالْخَوَاتِمُ سَلْنِي )

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّّامِنَة والثَّمَانُون : ( مَا الْبَدَايَاتُ وَالْخَوَاتِمُ سَلْنِي )
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّّامِنَة والثَّمَانُون : ( مَا الْبَدَايَاتُ وَالْخَوَاتِمُ سَلْنِي )


موسوعة رشفات من دقائق شراب الوصل للشيخ عبد الحميد بابكر

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّّامِنَة والثَّمَانُون : ( مَا الْبَدَايَاتُ وَالْخَوَاتِمُ سَلْنِي )التّاريخ : الاثنين 8 ذو الحجة 1407 هـ = 3 أغسطس 1987 معَدَد الأبيات : 23


1- مَا الْبِدَايَاتُ وَالْخَوَاتِمُ سَلْنِي *** أَوْ فَأَمْسِكْ فَكُلُّهُنَّ ابْتِدَاءُ
2- عِنْدَمَا كَانَ فِي الْبِدَايَةِ بَدْءٌ *** حِينَهَا كَانَ مَا يَكُونُ انْتِهَاءُ
3- فَاسْتَوَى الْبَدْءُ وَالنِّهَايَةُ فِيهَا *** وَاسْتَوَى أَمْرُهَا وَذَا الاِسْتِوَاءُ
4- ذِي سَمَاءٌ بِهَا الْحَقَائِقُ تُطْوَى *** بَاؤُهَا يَاؤُهَا وَذَا الاِنْطِوَاءُ
5- فَرْقُهَا وَاحِدٌ تَوَسَّطَ جَمْعاً *** بَلْ لَهُمْ حُلَّةٌ وَفِيهَا احْتِوَاءُ
6- أَمْرُهَا وَاحِدٌ وَثَمَّ الْتِفَاتٌ *** دُونَهُ شُبْهَةٌ وَلَيْسَ الْتِوَاءُ
7- إِنَّ فِي الأَمْرِ بَعْدَ ذَلِكَ سِرّاً *** حَارَ فِيهَا دُعَاتُهَا وَالدُّعَاءُ
8- كُلَّمَا جِيءَ بِالْمُفَصَّلِ مِنْهَا *** جِيءَ مِنْهَا بِهَا وَغَابَ الْوِعَاءُ
9- إِنَّهَا تَكْلأُ الصُّدُورَ جَمِيعاً *** يُسْتَقَى غَيْثُهَا وَيُسْقَى الرِّعَاءُ
10- وَالسَّمَوَاتُ فِي الْمَرَاتِبِ أَمْرٌ *** مَا إِلَى غَيْرِهِ تُشِيرُ السَّمَاءُ
11- لَوْ تَجَلَّتْ لأَسْقَمَتْ نَاظِرِيهَا *** إِنَّهَا عِلَّةٌ وَمِنْهَا الشِّفَاءُ
12- الثَّنِيَّاتُ قَبْلَهَا ثُمَّ فِيهَا *** مَحْتِدُ الْفَضْلِ بَلْ عَلَيْهَا الثَّنَاءُ
13- حَيْثُ وَفَّى خَلِيلُهَا مَا عَلَيْهِ *** كَانَ فِيهَا الْقِرَى وَمِنْهَا الْوَفَاءُ
14- صَاحِبُ الْعَزْمِ وَاحِدٌ لاَ بِعَزْمٍ *** مَا إِلَى غَيْرِهَا يَجُوزُ انْثِنَاءُ
15- أَبْطَنَتْ عِلْمَهَا لَدَى كُلِّ خَاوٍ *** مَا خَلاَ زَادَهَا يَكُونُ الْخُوَاءُ
16- إِنَّ فِيهَا سَناً وَإِنَّ لَدَيْهَا *** يَنْتَهِي الْمُنْتَهَى وَثَمَّ الْتِقَاءُ
17- كُلُّ قُطْبٍ وَإِنْ تَعَلَّمَ شَيْئاً *** فَالْهُدَى عَيْنُهَا وَمِنْهَا النَّقَاءُ
18- كَشْفُ مَا شَاهَدَ الْكِرَامُ مُحَالٌ *** إِنْ يَكُنْ مُمْكِناً فَثَمَّ الْحَيَاءُ
19- ( كَانَ رَبِّي ) وَذَاكَ قَوْلُ حَكِيمٍ *** ( فِي عَمَاءٍ ) نَعَمْ فَمَاذَا الْعَمَاءُ ؟
20- عِلْمُهَا كُلُّهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ *** إِنْ رَمَزْنَا لَهُ فَذَاكَ الْسَّخَاءُ
21- يَعْلَمُ الْوَاصِلُونَ مَا تِلْكَ إِلاَّ *** غَايَةٌ قَبْلَهَا يَكُونُ الْفَنَاءُ
22- غَيْثُهَا وَابِلٌ وَمَا ذَاكَ إِلاَّ *** مِنَّةٌ عِنْدَهَا يُصَبُّ الْعَطَاءُ
23- وَابِلٌ صَيِّبٌ عَلَى حَرْثِ قَوْمٍ *** أَهْلَكَتْ أَنْبَتَتَ فَذَاكَ النَّمَاءُ

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّامِنَة والثَّمَانُون : ( مَا الْبَدَايَاتُ وَالْخَوَاتِمُ سَلْنِي ) – بيت رقم 1: مَا الْبَدَايَاتُ وَالْخَوَاتِمُ سَلْنِي *** أَوْ فَأَمْسِكْ فَكُلهُنَّ ابْتِدَاءُ

المعني:
مَا الْبَدَايَاتُ وَالْخَوَاتِمُ: مَا: استفهامية, و استهلال للقصيدة, الْبَدَايَاتُ: حيث يبدأ التكوين وَالْخَوَاتِمُ: حيث ينتهي, قال صلي الله عليه و سلم: "أَلَا إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ", إشارة إلي يوم ولادته صلي الله عليه و سلم, و ذكرُ الْبَدَايَاتِ وَالْخَوَاتِمِ هنا إشارة لما جاء في القصيدة السابقة من ذكرهما, قال رضي الله عنه:
كُلهُمْ فِيهَا جَلِيسٌ وَاحِدٌ *** فِي اسْتِوَاءٍ خَتْمُهُ فِي بَدْئِهِ (1 ق 87)
سَلْنِي: فعل أمر من سأل, أصله اسْأَل, والعرب تحذف الهمز منه في الأَمر فتقول سَلْ، فإِذا وصلوا بالفاء أَو الواو هَمَزوا كقولك فاسْأَلْ واسْأَلْ, و النون نون الوقاية, و الياء ضمير المتكلم (سيدي فخر الدين) و المُخاطب المُريد, المتلقّي, و السؤال مفتاح العلم, كما قال سيدي الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه: " إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ عَلَيْهِ قُفْلٌ وَ مِفْتَاحُهُ الْمَسْأَلَةُ", و لهذا درج سيدي فخر الدين في دروسه حضّ الجالسين علي السؤال, و من ذلك أيضاً حضّه للرّاوي أو المُريد السؤال في قصيدة مراتب الدين, قال رضي الله عنه:
سَلْنِي أُمِدُّكَ يَا بُنَيَّ بِعِلْمِنَا *** إِنْ شِئْتَ فَاسْأَلْنِي عَنِ الإِيمَان (1 ق 60)
أَوْ فَأَمْسِكْ: أي: اسأل أَوْ فَأَمْسِكْ, أو حرف عطف للتخيير, الفاء شبيهة بالفاء الواقعة في جواب الشرط نحو قوله تعالي: (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ) 9 الضحى, أي: إذا عجزت (شرط العجز), أَمْسِكْ عن السؤال, و الإمساك عن الكلام السُكوت
فَكُلهُنَّ ابْتِدَاءُ: فَكُلهُنَّ: الفاء سببية, كُلّ: حرف لاستيعاب أفراد العدد, هُنَّ: اسم إشارة لجمع المؤنث, البدايات و الخواتم, ابْتِدَاءُ: أي: أنّ كُلَّ البدايات و الخواتم ابْتِدَاءُ

 شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّامِنَة والثَّمَانُون : ( مَا الْبَدَايَاتُ وَالْخَوَاتِمُ سَلْنِي ) – بيت رقم 2: عِنْدَمَا كَانَ فِي الْبِدَايَةِ بَدْءٌ *** حِينَهَا كَانَ مَا يَكُونُ إِنِتهَاءُ

المعني:
عِنْدَمَا: كلمة مركبة من (عند) الظرفية، و (ما) المصدرية, تفيد تعيين زمان وقوع الحدث, استهلّ بها الإجابة علي السؤال عن ماهية (الْبَدَايَاتُ وَالْخَوَاتِمُ)
كَانَ فِي الْبِدَايَةِ بَدْءٌ: كَانَ: حصل في الماضي, فِي: ظرفية, الْبِدَايَةِ: أول الشئ, مقابل النهاية نهاية الشئ, بَدْءٌ: الإنشاء من قوله تعالي: (أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ 19 العنكبوت
حِينَهَا: حين ظرف زمان, و يُقال عليه ظرف زمان مُبهم
كَانَ مَا يَكُونُ إِنِتهَاءُ: كَانَ مَا يَكُونُ: أي: كان الذي يحصل في أمر البداية, إِنِتهَاءُ: مقابل البدء, بداية – نهاية, بدء-انتهاء, ختم الشئ أو الأمر, أي: البدء و الانتهاء, أو البداية و الختم في حضرة الألف, الذي من استمدّ الخلق التكوين, حضرة اللاتعيين (العماء), منه انبثقت حضرة التعيين الأول (الأحديّة), فحضرة التعيين الثاني (الأحمديّة)

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّامِنَة والثَّمَانُون : ( مَا الْبَدَايَاتُ وَالْخَوَاتِمُ سَلْنِي ) – بيت رقم 3: فَاسْتَوَى الْبَدْءُ وَالِنّهَايَةُ فِيهَا *** وَاسْتَويَ أَمْرُهَا وَذَا الإِسْتِوَاءُ

المعني:
فَاسْتَوَى الْبَدْءُ وَالِنّهَايَةُ فِيهَا: فَاسْتَوَى: الفاء استئنافية, اسْتَوَى: من تساوي أي تماثل و تشابه, الْبَدْءُ: الإنشاء, و تمثله الباء, أول الكائنات, التعيين الأول, وَالِنّهَايَةُ: الكمال, و تمثلها (الياء) وسطيته صلي الله عليه و سلم, المتجلّي به علي الخليقة, فِيهَا: في حضرة العماء (كتاب الألف), قال رضي الله عنه:
إِنَّ الْبِدَايَةِ فِي رُمُوزٍ أُجْمِلَتْ *** بَاءُ الْبِدَايَةِ خَصَّهُمْ تَعْظِيمَا (4 ق 94)
وَاسْتَويَ أَمْرُهَا: واو العطف, اسْتَويَ: تمّ و كَمُلَ, أَمْرُهَا: أمر, حضرة كنز العماء, كتاب الألف, الأمر مرتبة اللاتعيين
وَذَا الإِسْتِوَاءُ: وَذَا: حرف إشارة للقريب, الإِسْتِوَاءُ: الاستواء الإلهي: (غير استواء العرش فذلك للاسم الرّحمن), و هو تجلي الحق على المثال الإنساني، و منه نشأت الوسطية, قال رضي الله عنه:
فَفَوْقَ الإِسْتِوَا قَلَّبْتُ وَجْهِي *** فَعَايَنْتُ السَّمَاءَ وَمَا بَنَاهَا (31 ق 29)
و قال رضي الله عنه:
وَمَاتَ الْخَوْفُ عَنَّا حَيْثُ ( إِنَّا ) *** شَهِدْنَا الْبَاءَ وَالْيَاءَ اسْتِوَاءَا (12 ق 55)

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّامِنَة والثَّمَانُون : ( مَا الْبَدَايَاتُ وَالْخَوَاتِمُ سَلْنِي ) – بيت رقم 4: ذِي سَمَاءٌ بِهَا الْحَقَائِقُ تُطْوَى *** بَاؤُهَا يَاؤُهَا وَذَا الإِنْطِوَاءُ

المعني:
ذِي سَمَاءٌ: ذِي: اسم إشارة للقريب, سَمَاءٌ: السماوات إشارة للمراتب
بِهَا الْحَقَائِقُ تُطْوَى: بِهَا: الباء ظرفية بمعني في, أي: فيها, الْحَقَائِقُ: ذوات المراتب, تُطْوَى: الطي لغةً: هو ثني الثوب بعضه فوق بعض, أي: تكون الْحَقَائِقُ في باطن هذه المرتبة
بَاؤُهَا: الباء: مرتبة العقل الأول و هي المرتبة الثانية لحركة صورة الألف، وهو أول معلوم ظهر من حضرة الوحدانية الألفية, ولهذا تجلى فيها بما لم يتجلَّ به في غيرها: و هي رمز إلى حقيقة الحقائق التي ظهر بها الوجود استناداً إلى الحديث : "أول ما خلق الله نوري ومن نوري خلق كل شيء
يَاؤُهَا: الياء : هي اسم الخلق, وإن إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى كما جاء في قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً) 45 الفرقان، حيث أن مد الظل عبارة عن انبساط النقطة الوجودية وتعينها بتعينات الحروف الإلهية والكونية
وَذَا الإِنْطِوَاءُ: أي: أن كلّ المراتب انطوت في نقطة الباء, النقطة هي أو تكوين الباء من الألف, و إلي المعني أشار سيدنا الإمام علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه, بقوله:
وَ تَزْعَمُ أَنَّكَ جُرْمٌ صَغِيرٌ *** وَفِيكَ انْطوَى العَالَمُ الأكْبَرُ

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّامِنَة والثَّمَانُون : ( مَا الْبَدَايَاتُ وَالْخَوَاتِمُ سَلْنِي ) – بيت رقم 5: فَرْقُهَا وَاحِدٌ تَوَسَّطَ جَمْعاً *** بَلْ لَهُمْ حُلَّةٌ وَفِيهَا احْتِوَاءُ

المعني:
فَرْقُهَا وَاحِدٌ: فَرْقُهَا: جمع جمع حضرة الألف, الحقيقة الأحمدية, وَاحِدٌ: يراد به ظهور الواحد في الكثرة، فيرى كثيراً فلهذا صارت رؤية الكثرة تفرق الجمع
تَوَسَّطَ جَمْعاً: تَوَسَّطَ: التوسط: هو البرزخية أي المكانة الوسط بين مكانين, و هي وسطيته صلي الله عليه و سلم المشار إليها في قوله تعالي: (إِنَّ الَّذينَ يُبايِعونَكَ إِنَّما يُبايِعونَ اللَّهَ) 10 الفتح, كوسطية الباء بين الألف و باقي الحروف, جَمْعاً: جمع حضرة الرؤساء, كتاب الألف, توسّط الجمع قطب دائرته, و لهذا قيلَ القطب من الحروف: هو الألف ، وذلك لأنه سارٍ في الحروف سريان القطب في العالم
بَلْ لَهُمْ حُلَّةٌ: بَلْ: حرف للإضراب أي: الانتقال من وصف إلي وصف أدقّ, لَهُمْ: اللام للتخصيص, الضمير يعود علي أهل جمع حضرة كتاب الألف (عالم الأمر) حُلَّةٌ: خلعة, و هي حُلة التّوحيد, قال رضي الله عنه:
وَلَسْتُ نِدّاً لأَقْطَابٍ وَلاَ رُسُلٍ *** وَإِنَّما حُلَّةُ التَّوْحِيدِ حُلَّتُنَا (3 ق 35)
وَفِيهَا احْتِوَاءُ: وَفِيهَا: أي في الحُلّة, احْتِوَاءُ: تعدد الكثرة في الواحد, وحدة الوجود, قال رضي الله عنه:
هُوَ السَّنَدُ الَّذِي صِرْنَا إِلْيهِ *** هُوَ النُّورُ الْمُعَظَّمُ يَحْتَوِينَا (2 ق 57)

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّامِنَة والثَّمَانُون : ( مَا الْبَدَايَاتُ وَالْخَوَاتِمُ سَلْنِي ) – بيت رقم 6: أَمْرُهَا وَاحِدٌ وَثَمَّ الْتِفَاتٌ *** دُونَهُ شُبْهَةٌ وَلَيْسَ إِلْتِوَاءُ

المعني:
أَمْرُهَا وَاحِدٌ: أَمْرُهَا: أي: أمر الحضرة, شأنها, وَاحِدٌ: أي حضرة في التوحيد الأعلى, توحيد الذّات, و واحد لأنها في موطن الواحد من الأعداد, و الذي يمثله الألف من الحروف, فالكلّ مندرج في ذلك الواحد
وَثَمَّ الْتِفَاتٌ: وَثَمَّ: الواو للعطف, ثَمَّ: اسم إشارة يشار به إلى المكان البعيد بمعنى (هناك), الْتِفَاتٌ: الالْتِفَاتُ رؤية الغير, قيل في المعني:
هُوَ أمْرٌ وَاحِدٌ *** وَ اثْنَانِ بَعْدَ الالْتِفَاتٌ
دُونَهُ شُبْهَةٌ: دُونَهُ: يقع في المنزلة الأدني منه, شُبْهَةٌ: الشُّبْهةُ الالتباسُ, فيكون الالتفات في ذلك المقام أعلي من الشّبهة, أي: حرام, قال صلي الله عليه و سلم: " صلى الله عليه وسلم اتقوا الشبهات فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه", قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
إِذَا مَا مَرَّةً طَلَعَتْ عَلَيْنَا *** يُغَيِّبُنَا الْحَيَاءُ فَلاَ الْتِفَاتُ (14 ق 92)
وَلَيْسَ إِلْتِوَاءُ: وَ لَيْسَ: للنفي, إِلْتِوَاءُ: الإلتواء الإنثناء, و منه يُقال لَوَى عليهم إِذا عطَف عليهم وتَحَبَّس, ويقال: ما تَلْوِي على أَحد, قال تعالي في الآية: (وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) 135 النساء, و في حديث أَبِي قَتَادَةَ في موضوع قضاء الصلاة الفائتة، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "إِنَّكُمْ تَسِيرُونَ عَشِيَّتَكُمْ وَلَيْلَتَكُمْ ، وَتَأْتُونَ الْمَاءَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ غَدًا ، فَانْطَلَقَ النَّاسُ ، لَا يَلْوِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ", و الالتواء من علامات الالتفات, إذ من غير إنثناء لا يكون التفات, و لذلك اعتبر ما هو أقلّ منه شُبهة

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّامِنَة والثَّمَانُون : ( مَا الْبَدَايَاتُ وَالْخَوَاتِمُ سَلْنِي ) – بيت رقم 7: إِنَّ فِي الأَمْرِ بَعْدَ ذَلِكَ سِرّاً *** حَارَ فِيهَا دُعَاتُهَا وَالدُّعَاءُ

المعني:
إِنَّ فِي الأَمْرِ: إِنَّ: للتوكيد, فِي الأَمْرِ: في الشأن
بَعْدَ ذَلِكَ: بَعْدَ: ظرف مكان, ذَلِكَ: اسم إشارة للبعيد ارتقاء إلي مرحلة أعلي, أي: بعد الإِسْتِوَاءُ
سِرّاً: السِرّ باطنَ الأمر
حَارَ فِيهَا: حَارَ: ضلّ, فِيهَا: في حضرة كتاب الألف, قال السادة الأكابر رضي اله عنهم في هذا الموطن:
سَرَيْتُ وَلَا رَدٌّ هُنَاكَ وَلَا مَنْعُ *** إِلَى أَنْ تَسَاوَى عِنْدِيَ الأَصْلُ وَالْفَرْعُ
وَإِنِّي لحَيْرَانٌ وَفَرْقِي هُوَ الجَّمْعُ *** إِذَا قُلْتُ يَا اللهُ قَالَ لِمَنْ تَدْعُو
وَإِنْ أَنَا لَا أَدْعُو يَقُولُ أَلَا تَدْعُو
دُعَاتُهَا وَالدُّعَاءُ: جمع داع, من يدعُون لها, الواو للعطف, الدُّعَاءُ: الاستغاثة و الطلب. حَارَ فِيهَا دُعَاتُهَا وَالدُّعَاءُ: بمعني التباس الأمر, لكونهم يمثلون صورة الذّات, (إن الله خَلق آدمَ علي صورته), الحديث, و قد قيل في المعني:
دَعَوتَني فَضَمِنْتُ مَا أُسَّرُ بِهِ *** إِنَّ الهُوُيَّةَ فِي المَدْعُوِّ وَ الدَّاعِي

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّامِنَة والثَّمَانُون : ( مَا الْبَدَايَاتُ وَالْخَوَاتِمُ سَلْنِي ) – بيت رقم 8: كُلَّمَا جِيءَ بِالْمُفَصَّلِ مِنْهَا *** جِيءَ مِنهَا بِهَا وَغَابَ الوِعَاءُ

المعني:
كُلَّمَا: ظرفية مركبة من (كل) و (ما) المصدرية ، تعرب أداة شرط غير جازمة في محل نصب ظرف زمان متعلقة بجوابها
جِيءَ بِالْمُفَصَّلِ مِنْهَا: جِيءَ بِالْمُفَصَّلِ مِنْهَا: الْمُفَصَّلِ: الآيات المفصّلة, أعضاء الحضرة من الرؤساء, ظهور الواحد في الكثرة, قال تعالي: (الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) 1 هود
وَيَمْنَحُهُ تَفْصِيلَ مَا كَانَ مُجْمَلاً *** وَيُسْمِعُهُ فَضْلاً حِوَارَ الأَجِنَّةِ (401 ق 1)
جِيءَ مِنهَا بِهَا: جِيءَ مِنهَا بِهَا: جِيءَ مِنهَا بالواحد, الذي هو عينها, تعدد الكثرة في الواحد, فردُها جمعُها
وَغَابَ الوِعَاءُ: الوِعَاءُ: ما يعي الشئ أي يستوعبه, و هو اللّب (القلب) وعاء التوحيد: لقوله تعالى : (لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ) 190 آل عمران, وَغَابَ الوِعَاءُ: أي غاب عن حسّه, من فرط عظمة التجلّي, علي قول أحد الأئمة الكرام: (إن غبتُ بدا و إن بدا غيّبني), يقول سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
غَدَا اللُّبُّ فِي سَفَرٍ يُقِيمُ بِحُسْنِهِ *** وَقَدْ عَزَّتِ الأَسْفَارُ وَالْوَجْهُ سَافِرُ (21 ق 21)

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّامِنَة والثَّمَانُون : ( مَا الْبَدَايَاتُ وَالْخَوَاتِمُ سَلْنِي ) – بيت رقم 9: إِنَّهَا تَكْلأُ الصُّدُورَ جَمِيعاً *** يُسْتَقَى غَيْثُهَا وَيَسْقِي الرّعَاءُ

المعني:
إِنَّهَا تَكْلأُ: إِنَّ: للتوكيد, الضمير (هَا) يعود علي الحضرة, حضرة الرؤساء, كتاب الألف, تَكْلأُ: من كَلأَه يَكْلَؤُه: حَرَسَه وحَفِظَه, ومنها قوله تعالي: (قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَٰنِ بَلْ هُمْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِم مُّعْرِضُونَ) 42 الأنبياء, أي: إِنَّهَا الحضرة, تحفظ
الصُّدُورَ جَمِيعاً: الصُّدُورَ: أوعية الحفظ في الحقائق المختلفة, قال السادة الأكابر ما معناه: لمّا كان الإنسان وحده على الصورة الإلهية، وقد جعل الله له صدراً فما بين الحق والإنسان الذي له الآخرية وللحق الأولية صدور لا يعلم عددها إلا الله ... إن الصدر في الرتبة الثانية من كل صورة, جَمِيعاً: كل أصنافها يقول سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
الْعِلْمُ كَنْزٌ وَالصُّدُورُ مَنَازِلٌ *** وَبِغَيْرِه تَبْدَو الصُّدُورُ قِفَارَا (1 ق 64)
و مما ذكر منها سيدي فخر الدين الصدر الذي يحوي العلم اللدنّي, قال رضي الله عنه:
صَدْرٌ حَوَيَ عِلْمَا لَدُنَّيَّا بِهِ *** بَعْضُ الْعَطَايا يَصْدُقُ الإِخْبَارَا (4 ق 64)
يُسْتَقَى غَيْثُهَا: يُسْتَقَى غَيْثُهَا: تُطلب السقاية من غَيْثِهَا, و الغيث هو المدد الإلهي, قال رضي الله عنه:
قَوْمٌ إِذَا مَا أَبْطَأَتْ أَعْمَالُهُمْ *** فَالْغَيْثُ مَدٌّ زَادَهُمْ تَنْعِيمَا (3 ق 94)
وَيَسْقِي الرّعَاءُ: وَيَسْقِي: يُعطي الشراب من العلم للشاربين الذين يراعهم, الرّعَاءُ: جمع راعي, و الرّاعي من الرّعاة هو المُرشد للقوم, شيخ الطريقة, و يشير القوم للمدد بسقيا ماء مدين, استقاء من قوله تعالي: (وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ) 23 القصص, قال رضي الله عنه:
إِنَّا رُعَاةٌ وَلَكنْ حِينَ صُحْبَتِهِ *** يُقَلَّبُ الْكُلُّ فِي عَيْنٍ تُرَاعِينَا (15 ق 28)

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّامِنَة والثَّمَانُون : ( مَا الْبَدَايَاتُ وَالْخَوَاتِمُ سَلْنِي ) – بيت رقم 10: وَالسَّمَاوَاتُ فِي الْمَرَاتِبِ أَمْرٌ مَا *** إِلَى غَيْرِهِ تُشِيرُ السَّمَاءُ

المعني:
وَالسَّمَاوَاتُ فِي الْمَرَاتِبِ: وَالسَّمَاوَاتُ: جمع سماء و هي من السموّ أي العلوّ أو الصعود, فهي درجات الصعود في الْمَرَاتِبِ: و التي هي المنازل أو المقامات, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه, في (1-2 ق 27):
أُكَنَّى بِفَخْرِ الدِّينِ بَيْنَ أَحِبَّتِي *** وَلِي فِي سَمَاوَاتِ الْغُيوُبِ مَنَاقِبُ
وَلِي مِنْ تَجَلَى الْوَاحِديَّةِ حُلَّةٌ *** دَنَتْ لِي بِهَا فَوْقَ الطّبَاقِ مَرَاتِبُ
أَمْرٌ: صورة الْمَرَاتِبِ. الأمر أصلاً هو الخيال
مَا إِلَى غَيْرِهِ تُشِيرُ السَّمَاءُ: مَا: نافية. إِلَى: حرف انتهاء لغاية مكانية, غَيْرِهِ: مَا إِلَى غَيْرِهِ, استثناء حصري, غَيْرِهِ, ال(هِ) الضمير المتصل إشارة إلي الحقيقة المحمدية, تُشِيرُ السَّمَاءُ: الإشارة – الرمز - بقوله تعالي "إِلَى السَّمَاء", كما ورد في الآية: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) 29 البقرة

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّامِنَة والثَّمَانُون : ( مَا الْبَدَايَاتُ وَالْخَوَاتِمُ سَلْنِي ) – بيت رقم 11: لَوْ تَجَلَّتْ لأَسْقَمَتْ نَاظِريَها *** إِنَّهَا عِلَّةٌ وَمِنْهَا الشّفَاءُ

المعني:
لَوْ تَجَلَّتْ: لَوْ: شرطية بمعني إذا, تَجَلَّتْ: ظهرت, الجليّ الظاهر الواضح, الفاعل ضمير مستتر تقديره (هِي) إشارة إلي الحقيقة المحمديّة
لأَسْقَمَتْ نَاظِريَها: لأَسْقَمَتْ: اللام للتأكيد, أَسْقَمَتْ: أعيت, نَاظِريَها: النظر هو الإبصار بالعين, أي: الشهود, نَاظِريَها أي: أهل شهودها, الضمير (هَا) يعود إلي حضرة الرؤساء, كتاب الألف
إِنَّهَا عِلَّةٌ: إِنَّهَا: تأكيد, الضمير (هَ) إشارة إلي الحقيقة المحمديّة, المعبّر عنها بالباء, عِلَّةٌ: معروفة, المرض أو الداء, و تعني الأخذ, قيل في المعني:
يَا أَخِلَّائِي دَؤاكُمْ دَائِي *** فِي الرَّشَا النَّائِي إِنَّني رَائِي
أَصْلُ بَلْوَائِي نُقْطَةُ الْبَاءِ *** حَيْثُ فِي مَائِي رَمْزْ إِيمَائِي
وَمِنْهَا الشّفَاءُ: وَمِنْهَا: الواو واو المعيّة, ما أشير إليه في قوله صلي الله عليه و سلم: "مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً ", الشّفَاءُ: البرء من المرض, و يعني العطاء, قال تعالي: (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) 80 الشعراء, إذن الشفاء كامن في سرّ الحقيقة المحمديّة, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
تَجَلَّى بَمِا يَشْفِي الصّدُورَ كَرَامَةً *** فَقُلْتُ يَسِيراً وَالْمِعَيبُ يَعِيبُنِي (2 ق 36)

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّامِنَة والثَّمَانُون : ( مَا الْبَدَايَاتُ وَالْخَوَاتِمُ سَلْنِي ) – بيت رقم 12: الثَّنِيَّاتُ قَبْلَهَا ثُمَّ فِيهَا *** مَحْتِدُ الْفَضْلِ بَلْ عَلَيْهَا الثَّنَاءُ

المعني:
الثَّنِيَّاتُ: جمع ثَنْي و الثِّنْي واحد أَثْناء الشيء أَي تضاعيفه, و الثَّنْيُ الإِخْفاءُ, و هي البطون, أي: بطون الهُويّة
قَبْلَهَا ثُمَّ فِيهَا: قَبْلَهَا: قبل الحقيقة المحمديّة, ثُمَّ: حرف عطف علي التّراخي, يبين بعد المسافة بين مرتبة الحقيقة المحمديّة, كتاب الألف, و ما قبلها, فِيهَا: أي: في باطن الحقيقة المحمديّة
مَحْتِدُ الْفَضْلِ: أصلُ الْفَضْلِ, العطاء, و الْفَضْل: هو رسول الله صلي الله عليه و سلم, (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) 32 فاطر, و قد قِيل:
الكُلُّ مِنْهُ و فِيهِ كَانَ و عِنْدَهُ *** تَفنَي الدُّهُورُ و لَمْ تَزَلْ أزْمَانُهُ
بَلْ عَلَيْهَا الثَّنَاءُ: بَلْ: حرف للإضراب أي: الانتقال من وصف إلي وصف أدقّ, عَلَيْهَا: علي الحضرة, الثَّنَاءُ: الشّكر, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
صَلاَةُ اللَّهِ فِي خَتْمٍ وَبَدْءٍ *** عَلَي عَبْدٍ عَلَيْهِ الْحَقُّ أَثْنَى (30 ق 85)

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّامِنَة والثَّمَانُون : ( مَا الْبَدَايَاتُ وَالْخَوَاتِمُ سَلْنِي ) – بيت رقم 13: حَيْثُ وَفَّى خَلِيلُهَا مَا عَلَيْهِ *** كَانَ فِيهَا الْقِرَى وَمِنْهَا الْوَفَاءُ

المعني:
حَيْثُ: ظرف مكان
وَفَّى خَلِيلُهَا: وَفَّى: أتمّ, خَلِيلُهَا: صاحب مرتبة الخِلَّة, قال تعالي: (وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى) 37 النجم, قال رضي الله عنه:
أَوصِيكَهَا مِنْ خِلَّتي فِي حِينِهَا *** فَلَقَدْ دَعَوْتُ لَكُمْ بِمْوتٍ مُسْلِمِينْ (5 ق 7)
مَا عَلَيْهِ: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) 124 البقرة, قال رضي الله عنه:
وَوَفَّيْتُ مَا مِنْهُ الْخَليلُ قَدْ ابْتُلِي *** فَصِرْتُ إِمَاماً ذَا مقَامٍ عَلِيَّةِ (297 ق 1)
كَانَ فِيهَا الْقِرَى: كَانَ: حَصل, فِيهَا: في الحضرة, الحقيقة المحمدية, كتاب الألف, الْقِرَى: الكَرم الذي يقدم للضيف
وَمِنْهَا الْوَفَاءُ: وَمِنْهَا: واو العطف, مِنْ: حرف ابتداء لغاية مكانية, الضمير (هَا) إشارة إلي الحضرة, الْوَفَاءُ: من الوفاء بالعهد, قال تعالي في الآية: (وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ) 111 التوبة, إيتاء حقّه كاملاً,قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
أَنَا الْعُصَارَةُ لَكِنَّ الْوَفَا سِمَتِي *** لِتَنْهَلُوا مِنْ مَعِينِي حَيْثُ وَفَّيْتُ (3 ق 69)

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّامِنَة والثَّمَانُون : ( مَا الْبَدَايَاتُ وَالْخَوَاتِمُ سَلْنِي ) – بيت رقم 14: صَاحِبُ الْعَزْمِ وَاحِدٌ لاَ بِعَزْمٍ *** مَا إِلَى غَيْرِهَا يَجُوزُ انْثِنَاءُ

المعني:
صَاحِبُ الْعَزْمِ: العَزْمُ ما عَقَد عليه قَلْبُك من أَمْرٍ أَنَّكَ فاعِلُه, صَاحِبُ الْعَزْمِ: مالك الْعَزْمِ, الذي يمتلك الْعَزْم, قال تعالي في الآية: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) 35 الأحقاف
وَاحِدٌ: لا يتكرر بل يظهر في الكثرة, و هو سيدي فخر الدين رضي الله عنه, قال رضي الله عنه:
سَمَا فَتَسَمَّى فِي الْحُضَيْرَاتِ بِاسْمِهَا *** لِذَلِكَ أَضْحَى وَاحِدَ الْوَاحِدِيَّةِ (408 ق 1)
لاَ بِعَزْمٍ: لاَ تعمل عمل ليس النافية هنا, و خبرها محذوف, تقديره, صاحِباً, و اسمها محذوف تقديره (هو), دلّ عليه متعلقه (لاَ بِعَزْمٍ), أي: ليس هو صاحِباً بِعَزْمٍ, و معناه, بل هو صاحب العزم ذات نفسه, قال رضي الله عنه:
وَأَضْرِبُ أَكْبَادَ الْعَزَائِم سَابِحاً *** وَفِي لُجَجِ الأَنْوَارِ تَكْمُنُ سَبْحَتِي (109 ق 1)
مَا إِلَى غَيْرِهَا: مَا: نافية, إِلَى: حرف انتهاء لغاية مكانية, غَيْرِهَا: لا غيرية و لا التفات لغيرها, الضمير (هَا) يعود علي الحقيقة المحمديّة, حضرة كتاب الألف, كنز العماء
يَجُوزُ انْثِنَاءُ: مَا يَجُوزُ انْثِنَاءُ: ما يجوز التفات, و نذكر بيتاً من قصائد القوم, يحب سيدي فخر الدين ترديده في الإنشاد, يطرب له, و هو يمثل حاله, كما هو الأمر دائما في اختياراته من قصائد القوم, يقول:
لَا يَرَانِي الحِبُّ مُنْثَنِيَاً *** بَعْدَمَا لَاحَتْ لِيَ الخِيَمُ

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّامِنَة والثَّمَانُون : ( مَا الْبَدَايَاتُ وَالْخَوَاتِمُ سَلْنِي ) – بيت رقم 15: أَبْطَنَتْ عِلْمَهَا لَدَى كُلِّ خَاوٍ *** مَا خَلاَ زَادَهَا يَكُونُ الْخُوَاءُ

المعني:
أَبْطَنَتْ عِلْمَهَا: أَبْطَنَتْ: أَبْطَنْتُ الرجلَ إذا جَعَلْتَه من خَواصِّك, أي: خصّت, بعِلْمِهَا, علم الهويّة
لَدَى كُلِّ خَاوٍ: لَدَى: عِند, كُلِّ: حرف لاستيعاب أفراد العدد, خَاوٍ: فانٍ عن ذاته, أَرضٌ خاويةٌ: خالِيةٌ من أَهلها, كُلِّ خَاوٍ أي من أهل الحضرة
مَا خَلاَ زَادَهَا: مَا: المصدرية, خَلاَ: للاستثناء, زَادَهَا: الزّاد الطّعام, و هو ما يقيت من العلوم لأهل الحضرة, و في نسق مشابه, قال رضي الله عنه:
مَا خَلاَ خِلَّتِي خَلَتْ كُلُّ أَرْضٍ *** مِنْ سِوَى جَاهِلٍ يُجِيدُ التَّعَدِّي (12 ق 3)
يَكُونُ الْخُوَاءُ: يَكُونُ: يحصُل, الْخُوَاءُ: خُلُوُّ الجَوْفِ من الطعام، إشارة إلي خلو القلوب, أي: أي علمٍ غير علمها فهو عدم

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّامِنَة والثَّمَانُون : ( مَا الْبَدَايَاتُ وَالْخَوَاتِمُ سَلْنِي ) – بيت رقم 16: إِنَّ فِيهَا سَناً وَإِنَّ لَدَيْهَا *** يَنْتَهِي الْمُنْتَهَى وَثَمَّ إِلْتِقَاءُ

المعني:
إِنَّ فِيهَا سَناً: إِنَّ: للتوكيد, فِيهَا: في الحقيقة المحمديّة, كتاب الألف, سَناً: السّناء الضياء العالي, السَّنا، مقصورٌ، حَدُّ مُنْتَهى ضوْءِ البرْقِ, قال تعالي: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاء وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاء يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ) 43 النور, و السنا أو البرق هو إشراق الطلعة من ذات المتجلّي
وَإِنَّ لَدَيْهَا: الواو للاستئناف, إِنَّ: للتوكيد, لَدَيْهَا: عندها, أي: في حضرتها
يَنْتَهِي الْمُنْتَهَى: يَنْتَهِي: يصل إلي غايته القصوى, الْمُنْتَهَى: مكان الوصول, غاية الوصل, الوصل الأعظم, قيل في ذلك:
يَا مُنْتَـهَى المُنْتَـهَى فِي كُلِّ مَرْتَبَـة *** الذَّاتُ وَالْوَصْفُ وَالأَسْـمَاءُ وَالْفِـعْلُ
وَثَمَّ إِلْتِقَاءُ: وَثَمَّ: الواو للعطف, ثَمَّ: اسم إشارة يشار به إلى المكان البعيد بمعنى (هناك), إِلْتِقَاءُ: ضدّ الحجاب, سفور التجلّي, قال رضي الله عنه:
وَالْتَقَى فِيكَ يَا مُؤَمَّلُ قَوْمٌ *** كُلَّمَا عَايَنُوكَ غَارَ الْوُجُودُ (3 ق 81)

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّامِنَة والثَّمَانُون : ( مَا الْبَدَايَاتُ وَالْخَوَاتِمُ سَلْنِي ) – بيت رقم 17: كُلُّ قُطْبٍ وَإِنْ تَعَلَّمَ شَيْئاً *** فَالْهُدَى عَيْنُهَا وَمِنْهَا الْنَّقَاءُ

المعني:
كُلُّ قُطْبٍ: كُلُّ: حرف لاستيعاب أفراد العدد, قُطْبٍ: خليفة
وَإِنْ تَعَلَّمَ شَيْئاً: وَإِنْ: واو المعية, إن: شرطية, أي: حتى إذا, تَعَلَّمَ شَيْئاً: الشئ هو كل ما عدا الذّات, إشارة لعلوم الأسماء, إشارة إلي قوله تعالي: (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) 31 البقرة
فَالْهُدَى عَيْنُهَا: فَالْهُدَى: الفاء رابطة لجواب الشرط, الْهُدَى: ما يدلّ عليها, عَيْنُهَا: عين حضرة الألوهية: وهو الإنسان الكامل المتحقق بحقيقة البرزخية الكبرى, صلي الله عليه و سلم, قال تعالي: (الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ) 1-2 البقرة
وَمِنْهَا الْنَّقَاءُ: وَمِنْهَا: من الحقيقة المحمّدية, الْنَّقَاءُ: من نَقِيَ الشيءُ، بالكسر، يَنْقَى نَقاوةً، بالفتح، ونَقاءً فهو نَقِيٌّ أَي نظيف، و النقاء: كناية عن مقام المحمدي الذي تتبين الأحوال فيه لصاحبه, خالٍ من الغيرية

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّامِنَة والثَّمَانُون : ( مَا الْبَدَايَاتُ وَالْخَوَاتِمُ سَلْنِي ) – بيت رقم 18: كَشْفُ مَا شَاهَدَ الْكِرَامُ مُحَالٌ *** إِنْ يَكُنْ مُمْكِناً فَثَمَّ الْحَيَاءُ

المعني:
كَشْفُ: الكشف إزالة الغطاء, قال سيدنا الإمام علي كرّم الله وجهه: "لَوْ كُشِفَ الغِطَاءُ مَا ازْدَدْتُ يَقِينَاً"
مَا شَاهَدَ الْكِرَامُ: مَا: الذي, شَاهَدَ: شهود عيان, رؤية من رأي يري بعينه, الْكِرَامُ: أهل مقام الكرم و هو الحقيقة المحمدية
مُحَالٌ: المُحال الكلام لغير شيء، المستحيل, لا تعين عليه الحيلة
إِنْ يَكُنْ مُمْكِناً: إِنْ: شرطية بمعنى إذا, يَكُنْ: يقع في حيز الفعل, مُمْكِناً: مقدوراً عليه
فَثَمَّ الْحَيَاءُ: فَثَمَّ: الفاء سببية, ثَمَّ: اسم إشارة يشار به إلى المكان البعيد بمعنى (هناك), الْحَيَاءُ: الاحْتِشام وعن النبي صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: "الحَياءُ شُعْبةٌ من الإيمان", و قال صلى الله عليه وسلم: "أَنَا مَدِينَةُ الْحَيَاءِ وَ عُثْمَانُ بَابُهَا", و هو الموطن الذي يقف عليه سيدنا عثمان رضي الله عنه

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّامِنَة والثَّمَانُون : ( مَا الْبَدَايَاتُ وَالْخَوَاتِمُ سَلْنِي ) – بيت رقم 19: ( كَانَ رَبِّي ) وَذَاكَ قَوْلُ حَكِيمٍ *** ( فِي عَمَاءٍ ) نَعَمْ فَمَاذَا الْعَمَاءُ ؟

المعني:
( كَانَ رَبِّي ): إشارة إلي حديث أَبِي رَزِينٍ, قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ خَلْقَهُ ؟ قَالَ: " كَانَ فِي عَمَاءٍ مَا تَحْتَهُ هَوَاءٌ وَمَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ، ثُمَّ خَلَقَ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ"
وَذَاكَ قَوْلُ حَكِيمٍ: وَذَاكَ: الواو واو عطف, ذَاكَ: اسم إشارة للبعيد, قَوْلُ: حديث, حَكِيمٍ: كثير الحِكمة, و الحِكمة فقه التبيين و التوضيح, قال تعالي: (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) 269 البقرة, و ذلك ما أوتي صلي الله عليه و سلم لتبيين القرآن الكريم, قال صلي الله عليه و سلم: "ألا إني أوتيتُ القُرآنَ ومِثلَه مَعه"
( فِي عَمَاءٍ ): العماء إشارة لموطن غيب الهُويّة الإلهيّة, كتاب الألف, قال تعالي في سورة الإخلاص: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ), فقدّم الهويّة علي الألوهية و الأحديّة, أي: حضرة الهُو سابقة و هُو إشارة لكنز العماء, و هو موطن قبضة النّور التي خُلق منها النّور النبوي, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
يَا نِعْمَ مَا طَلَعَ الْجَمَالُ مِنَ الْعَمَى *** نِعْمَ الظُّهُورُ وَجَلَّ مَنْ يَغْشَاهُ (1 ق 19)
نَعَمْ: حرف جواب للإثبات و لكن إذا وقعت في صدر الكلام - كما هو الحال هنا - كانت للتوكيد، كقول جميل بن معمر:
نعم صدق الواشون أنت كريمة *** عليَّ وإن لم تصف منك الخلائق
فَمَاذَا الْعَمَاءُ ؟: الفاء: مَاذَا: كلمة مؤلفة من (ما) الاستفهامية واسم الإشارة (ذا), سأل ليوضح, يريد صعوبة وصف حضرة العماء

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّامِنَة والثَّمَانُون : ( مَا الْبَدَايَاتُ وَالْخَوَاتِمُ سَلْنِي ) – بيت رقم 20: عِلْمُهَا كُلُّهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ *** إِنْ رَمَزْناً لَهُ فَذَاكَ الْسَّخَاءُ

المعني:
عِلْمُهَا كُلُّهُ: علم الحضرة, حضرة كتاب الألف, كُلّ: حرف للاستيعاب, الضمير (هُ) يعود لعلم الحضرة, حضرة كتاب الألف, موطن العماء
عَلَى كُلِّ حَالٍ: مهما كان الحال
إِنْ رَمَزْناً لَهُ: إِنْ: شرطية, رَمَزْناً: الرَّمْزُ الإشارة, و في اللغة كل ما أَشرت إِليه مما يُبانُ بلفظ بأَي شيءٍ أَشرت إِليه بيد أَو بعين، ورَمَزَ يَرْمُزُ ويَرْمِزُ رَمْزاً, وفي التنزيل العزيز في قصة سيدنا زكريا عليه السلام, قال تعالي: (قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّيَ آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزًا وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ) 41 آل عمران, رَمَزْناً: نا جمع المتكلم, أهل الحضرة, لَهُ: اللام حرف انتهاء لغاية مكانية, الضمير, إشارة إلي علم الحضرة
فَذَاكَ الْسَّخَاءُ: فَذَاكَ: الفاء لربط جواب الشرط, ذَاكَ: اسم إشارة للبعيد, الْسَّخَاءُ: كثرة العطاء, أي: الإشارة لعلمها, تكون بمكانة العلم الكثير

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّامِنَة والثَّمَانُون : ( مَا الْبَدَايَاتُ وَالْخَوَاتِمُ سَلْنِي ) – بيت رقم 21: يَعْلَمُ الْوَاصِلُونَ مَا تِلْكَ إِلاَّ *** غَايَةٌ قَبْلَهَا يَكُونُ الْفَنَاءُ

المعني:
يَعْلَمُ الْوَاصِلُونَ: يَعْلَمُ: (مضارع) علم مستمر, الْوَاصِلُونَ: أهل الوصل الأعظم, شهود الذّات
مَا تِلْكَ إِلاَّ غَايَةٌ: مَا تِلْكَ إِلاَّ: مَا النافية مقرونة بإِلاَّ الاستثنائية تفيدان الحصر, تِلْكَ: اسم إشارة للبعيد المؤنث, و هي حضرة كنز العماء, غَايَةٌ: الغايَةُ أَقْصى النهاية, وفي الحديث: "لَيْسَ وَرَاءَ اللهِ مَرْمىً"
قَبْلَهَا يَكُونُ الْفَنَاءُ: قَبْلَهَا: قبل الوصول إلي الغاية, الشهود, يَكُونُ: يحصُل, الْفَنَاءُ: محو الذّات

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّامِنَة والثَّمَانُون : ( مَا الْبَدَايَاتُ وَالْخَوَاتِمُ سَلْنِي ) – بيت رقم 22: غَيْثُهَا وَابِلٌ وَمَا ذَاكَ إِلاَّ *** مِنَّةٌ عِنْدَهَا يُصَبُّ الْعَطَاءُ

المعني:
غَيْثُهَا وَابِلٌ: غَيْثُهَا: الغَيْثُ: المطر, إشارة للعطاء الإلهي, الضمير (هَا) يعود لعلم الحضرة, حضرة كتاب الألف, موطن العماء, وَابِلٌ: الوابِلُ: المطر الشديد الضَّخْم القطْرِ, كناية عن كثرة العطاء و قوته, قال تعالي: (وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) 256 البقرة
وَمَا ذَاكَ إِلاَّ: الواو للتوكيد, مَا النافية مقرونة مع إِلاَّ الاستثنائية تفيدان الحصر, ذَاكَ: اسم إشارة للبعيد, إشارة للفناء المطلوب قبل العطاء
مِنَّةٌ: فضلٌ, و كرَم
عِنْدَهَا يُصَبُّ الْعَطَاءُ: عِنْدَهَا: عند الفناء, يُصَبُّ: صبّ الماء سكبه و إراقته, إشارة للعطاء من غير حساب, الْعَطَاءُ: المناولة, إشارة للكرَم

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّامِنَة والثَّمَانُون : ( مَا الْبَدَايَاتُ وَالْخَوَاتِمُ سَلْنِي ) – بيت رقم 23: وَابِلٌ صَيِّبٌ عَلَى حَرْثِ قَوْمٍ *** أَهْلَكَتْ أَنْبَتَتَ فَذَاكَ الْنَّمَاءُ

المعني:
وَابِلٌ صَيِّبٌ: وَابِلٌ: الوابِلُ: المطر الشديد الضَّخْم القطْرِ, إشارة لكثرة العطاء من حضرة الحضرات, العماء, كتاب الألف, الحقيقة المحمديّة, صَيِّبٌ: حال صبّ المطر, يسمي مطرٌ صَيِّبٌ, قال تعالي: (أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاء فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ) 19 البقرة, و في هذا استئناف لما ذكر في البيت السابق:
غَيْثُهَا وَابِلٌ وَمَا ذَاكَ إِلاَّ *** مِنَّةٌ عِنْدَهَا يُصَبُّ الْعَطَاءُ
عَلَى حَرْثِ قَوْمٍ: عَلَى: حرف للاستعلاء, حَرْثِ: الحَرْثُ قَذْفُكَ الحَبَّ في الأَرض لازْدِراعٍ، والحَرْثُ: الزَّرْع, إشارة إلي ذواتهم, قَوْمٍ: القوم هم من جمعهم شأن واحد كثروا أو قلّوا, و هم هنا الرؤساء, أهل حضرة كتاب الألف, الحقيقة المحمديّة, قال تعالي: (مَثَلُ مَا يُنفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) 117 آل عمران
أَهْلَكَتْ: أفنت, الفناء, الهلاك, قيل:
ﺩَﺍﺭُ ﺳَﻠْﻤَﻲ ﻣَﺎﺩَﺍﺭَ ﻓِﻴﻬَﺎ ﻣُﺤِﺐٌّ *** ﻗَﻂُّ إِﻻَّ ﺫَﺍﻕَ ﺍﻟﻔَﻨَﺎ ﻭَﺍﻟﻬَﻼَﻙَ
أَنْبَتَتَ: فعل الإنبات نفسه, من أنبت الزرع, نما و ازدهر و خرج للرائي, إشارة لإبقاء الحضرة لهم بعد الفناء, و الفاعل ضمير مستتر تقديره (هِيَ) يعود للحضرة, قال تعالي: (وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) 5 الحج
فَذَاكَ الْنَّمَاءُ: فَذَاكَ: الفاء سببية, ذَاك: اسم إشارة للبعيد, الْنَّمَاءُ: الزيادة, قال تعالي: (لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) 26 يونس, و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
اللَّهُ مِنْ بَعْدِ الزِّيَادَةِ زَادَنِي *** فَهْوَ الْقَديرُ وَمَنْ لَدَيْهِ قَديرُ (1 ق 5)

مشاركة المقال
mohamed fares
@كاتب المقاله
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع برهانيات كوم .

مقالات متعلقة

إرسال تعليق



Seoplus جميع الحقوق محفوظة ل برهانيات كوم