شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّالِثَة والسَّبْعُون : ( إِلَى أَجَلٍ عِنْدِي تَكُونُ عَطِيَّتِي )التّاريخ : الأربعاء 21 ربيع أول 1406 هـ = 4 ديسمبر 1985 م عَدَد الأبيات : 10 لـ سيدى فخر الدين الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني , شيخ الطريقة البرهانية الدسوقية الشاذلية , موسوعة رشفات من دقائق ديوان شراب الوصل ومعانى الكلمات للشيخ عبد الحميد بابكر , يمكنك عرض فهرس شرح كامل الديوان بالضغط هنا , كما يمكنك أخى الكريم التعليق على الشرح فى التعليقات اسفل المقال أو الاشتراك فى المنتدى العام أو المنتدى الخاص بأبناء الطريقة البرهانية , او زيارة صفحة الجروب العام للطريقة البرهانية على الفيسبوك
موسوعة رشفات من دقائق شراب الوصل للشيخ عبد الحميد بابكر
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّالِثَة والسَّبْعُون : ( إِلَى أَجَلٍ عِنْدِي تَكُونُ عَطِيَّتِي )التّاريخ : الأربعاء 21 ربيع أول 1406 هـ = 4 ديسمبر 1985 م عَدَد الأبيات : 10
1- إِلَى أَجَلٍ عِنْدِي تَكُونُ عَطِيَّتِي *** بِطَيِّ خُدُورِ الْمَانِعَاتِ حَفِيظَةً
2- وَذَلِكَ حَتَّى تَنْهَلُوا وَتُقَلِّبُوا *** قُلُوبَكُمُ فِي السَّابِقَاتِ مُمِيطَةً
3- وَتَعْكُفُ مِنْكُمْ أُمَّةٌ لِعُلُومِنَا *** لِتُخْرِجَ مِنْهَا لِلْجَمِيعِ مَخِيطَةً
4- وَتَكْرَعُ مِنْهَا أُمَّةٌ وَيَؤُمُّهَا *** بَنِيَّ وَتَسْعَى كَيْ تَكُونَ مُحِيطَةً
5- يَكُونُ بَلاَغاً بَعْدَ ذَلِكَ عِلْمُهَا *** لأَهْلِ طَرِيقٍ يَنْشُدُونَ طَرِيقَةً
6- وَحَقَّ عَلَيْكُمْ بَعْدَ مَا أَمْلَيْتُهُ *** وُرُودُ صَفِيٍّ تَطْلُبُونَ حَقِيقَةً
7- يَكُونُ لَدَيْكُمْ فِقْهُ مَا أَمْلَيْتُهُ *** وَسِيلَةَ وَصْلِ الْمَانِحَاتِ مُفِيضَةً
8- وَمَنْ يَتَكَبَّرْ فَلْيُفَارِقْ جَمْعَنَا *** وَمَنْ يَتَعَامَى لَنْ يَذُوقَ وَثِيقَةً
9- وَمَنْ يَتَعَالَى كَانَ عِلْمِي فَوْقَهُ *** وَظَلَّ وَضِيعاً لاَ يُفَارِقُ طِينَةً
10- فَمَا لِوَدَاعٍ ذَا وَلَيْسَ إِلَى قِلىً *** وَمَا لِيَ صَدٌّ بَلْ أَوَدُّ رَقِيقَةً
[]
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّالِثَة والسَّبْعُون : ( إِلَى أَجَلٍ عِنْدِي تَكُونُ عَطِيَّتِي ) – بيت رقم 1: إِلَى أَجَلٍ عِنْدِي تَكُونُ عَطِيَّتِي *** بِطَيِّ خُدُورِ الْمَانِعَاتِ حَفِيظَةً
المعني:
إِلَى أَجَلٍ عِنْدِي: إِلَى أَجَلٍ (غير مسمّي) عِنْدِي (احتفظ به), القصيدة هذه إرهاص بأن يتوقف نزول القصائد و لكن إلي أجل, (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ) 2 الأنعام
تَكُونُ عَطِيَّتِي: العطيّة واحدة العطاء, عَطِيَّتِي: التي أُعطيت و خصصت بعطائها, القصائد, قال رضي الله عنه:
عَطِيَّةٌ مِنْ كَرِيمٍ عنْدَمَا ظَفَرتْ *** بِهِ السَّمَاءُ بِفَرْدِ الأَرْبَعِ الْحُرُمِ (2 ق 40)
بِطَيِّ: الباء ظرفية بمعني (في), طَيّ: الطَيّ هو ردف طبقات الثوب علي بعضها, و يعني: بباطن
خُدُورِ الْمَانِعَاتِ: الخدّور: جمع الخِدر: و هو سِتْرٌ يُمَدُّ للجارية (الحسناء) في ناحية البيت حتى لا تُكشف, و هي في شكل قبة (هودج) و الجمع خُدُورِ, و كلّ قصيدة (حسناء) من القصائد وجدت في غيب الأحديّة مكنونة في خِدر يخصّها, و هذا الموطن تُحبس فيه القصائد قبل النزول إلي الأرض, و تُمنع من النزول لحين يريد الشيخ, و لهذا سُميت خُدور المَانِعات, و هي تقابل اللوح المحفوظ عند المقارنة بتدرج نزول القرآن, فالقرآن نزل من اللوح المحفوظ إلي البيت المعمور, ثم إلي الأرض منجّماً بالمناسبات, قال رضي الله عنه:
وَطَوَتْ صُدُورُ الْمَانِعَاتِ مَنَائِحِي *** قَبْلاً لِتَحْيَا مِنْ كَلاَمى أَعْظُمُ (3 ق 77)
و قال رضي الله عنه:
أُلَقّنُ مَا فِي الْمَانِعَاتِ جَعَلْتُهُ *** فَمَا لأُولِي النَّجْوَى خِلاَفُ الْمَظَنَّةِ (395 ق 1)
حَفِيظَةً: صفة لخدور المانعات, من صيغة المفاضلة فاعل أفعل فعيل, فهي علي وزن فعيل و تاء جمع التأنيث, فهي شديدة الحفظ علي القصائد
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّالِثَة والسَّبْعُون : ( إِلَى أَجَلٍ عِنْدِي تَكُونُ عَطِيَّتِي ) – بيت رقم 2: وَذَلِكَ حَتَّى تَنْهَلُوا وَتُقَلِّبُوا *** قُلُوبَكُمُ فِي السَّابِقَاتِ مُمِيطَةً
المعني:
وَذَلِكَ: أي: أن تكون القصائد محبوسة في خدور المانعات إلي أجل
حَتَّى تَنْهَلُوا: حَتَّى: للتَّعليل, تَنْهَلُوا: النَّهْل: أَوَّل الشُّرْب, فهم المعاني
وَتُقَلِّبُوا قُلُوبَكُمُ: قَلَبَ الشيءَ، وقَلَّبه: حَوَّله ظَهْراً لبَطْنٍ, في الآية: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا) 144 البقرة, أي: لتبحث عن الشئ البالغ الأهمية, القبلة, و القصائد, قائمة علي توحيد القبلة و العقيدة, قال رضي الله عنه:
يُقَلِّبُ فِيهَا طَرْفَهُ ثُمَّ قَلْبَهُ *** لِيَنْسِجَ مِنْهَا حُلَّةً تَرْتَدُونَهَا (3 ق 32)
فِي السَّابِقَاتِ مُمِيطَةً: فِي السَّابِقَاتِ: القصائد التي سبق نزولها, مُمِيطَةً: كاشفة الستر عن العلوم و الحقائق, قال رضي الله عنه:
أُمِيطُ الْيَوْمَ عَنْ قَوْلِي لِثَاماً *** لِزَامِيّاً فَقَدْ جَدَّا الْجَدِيدُ (1 ق 43)
و قال رضي الله عنه:
وَأَسْتَارٍ أُمِيطَتْ عَنْ عُلُومٍ *** بِفَضْلِ اللَّهِ لِلإِرْفَادِ حُسْناً (6 ق 56)
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّالِثَة والسَّبْعُون : ( إِلَى أَجَلٍ عِنْدِي تَكُونُ عَطِيَّتِي ) – بيت رقم 3: وَتَعْكُفُ مِنْكُمْ أُمَّةٌ لِعُلُومِنَا *** لِتُخْرِجَ مِنْهَا لِلْجَمِيعِ مَخِيطَةً
المعني:
وَتَعْكُفُ مِنْكُمْ أُمَّةٌ: وَتَعْكُفُ: عَكَف على الشيء يَعْكُفُ ويَعْكِفُ عَكْفاً وعُكوفاً: أَقبل عليه مُواظِباً لا يَصْرِفُ عنه وجهه، مِنْكُمْ: مِنْ للبعضية, أي: بعضٌ منكم, أُمَّةٌ: الصِنْف من الناس يتحدثون لغة مشتركة، أراد مجموعة متعاونة و متفاهمة تستطيع أن تصل إلي هدف واحد, بلغة العصر: فريق عمل متجانس, و لا حدود لعدد, مجموعة تُلمّ بأدوات التدارس, و في الآية: (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَافَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) 122 التوبة, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
وَالْعَاكِفُونَ لَدَيَّ فِيكَ وَمَنْ بَدَا *** فِي ذِمَّتِي وَالْكُلُّ فِيهِ سَوَاءُ (23 ق 47)
لِعُلُومِنَا: اللام للتخصيص, تتخصص و تتفرغ, عُلُومِنَا: عُلُومِ شراب الوصل
لِتُخْرِجَ مِنْهَا لِلْجَمِيعِ مَخِيطَةً: لِتُخْرِجَ: اللام للتعليل, تُخْرِجَ: تُنتج مُخرجاً بما لديها من أدوات, مِنْهَا: أي: من العطيّة, القصائد, لِلْجَمِيعِ: جميع أبناء الطريقة, أصلها جَمَعَ الشيءَ عن تَفْرِقة يَجْمَعُه جَمْعاً, مَخِيطَةً: من وخاطَ الثوبَ يَخِيطُه خَيْطاً وخِياطةً، وهو مَخْيوطٌ ومَخِيطٌ، أو للحُلة بالتأنيث: مَخِيطَة, و المخيطة فيها الوقاية و الستر و الجمال و الهيبة, تتزيّا بشراب الوصل, بأخلاق الشيخ و ورثته, قال رضي الله عنه في (2-3 ق 32):
فَمَنْ هُوَ فِي شَوْقٍ يَبِيتُ لِوَصْلِهَا *** لأَصْبَحَ يَجْنِي سِرَّهَا مِنْ بِطُونِهَا
يُقَلِّبُ فِيهَا طَرْفَهُ ثُمَّ قَلْبَهُ *** لِيَنْسِجَ مِنْهَا حُلَّةً تَرْتَدُونَهَا
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّالِثَة والسَّبْعُون : ( إِلَى أَجَلٍ عِنْدِي تَكُونُ عَطِيَّتِي ) – بيت رقم 4: وَتَكْرَعُ مِنْهَا أُمَّةٌ وَيَؤُمُّهَا *** بَنِيَّ وَتَسْعَي كَيْ تَكُونَ مُحِيطَةً
المعني:
وَتَكْرَعُ مِنْهَا أُمَّةٌ: وَتَكْرَعُ: وكَرَعَ في الماء: تناوله بِفِيه من موضعه من غير أَن يشرب بِكَفَّيْه ولا بإِناء، تشرب مباشرة من القصائد, مِنْهَا: من القصائد, أُمَّةٌ: مجموعة تتعامل بلغة واحدة, و هذه مجموعة أخري, مهمتها عشق القصائد و الشراب المباشر منها, قال رضي الله عنه:
إِذَا لَقِيَتْ صَرْعَى لِنَيْلِ عَطَائِهَا *** لَطَافَ عَلَيْهِمْ طَائِفٌ مِنْ فُنُونِها (14 ق 32)
وَيَؤُمُّهَا بَنِيَّ: وَيَؤُمُّهَا: يقصدها, بَنِيَّ: أبناء الطريقة, قال رضي الله عنه:
مَنْ أَمَّ يَنْبُوعَ الْمَحَبَّةِ شَارِباً *** فَلْيَعْشَقِ التَّبْذِيَر والإِسْرافَ (6 ق 61)
وَتَسْعَي: تنتشر بين الناس, قال تعالي: (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) 12 الحديد, يقول الإمام الجنيد رضي الله عنه: "لو وجدتُ علماً يُقربني إلي الله تعالي أكثر من علمنا هذا لسعيت إليه حبواً"
كَيْ تَكُونَ مُحِيطَةً: كَيْ: للتعليل, تَكُونَ مُحِيطَةً: تأخذ من كلّ الجوانب, تحيط بكل العلوم لدي أهل الطريقة
[]
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّالِثَة والسَّبْعُون : ( إِلَى أَجَلٍ عِنْدِي تَكُونُ عَطِيَّتِي ) – بيت رقم 5: يَكُونُ بَلاَغاً بَعْدَ ذَلِكَ عِلْمُهَا *** لأَهْلِ طَرِيقٍ يَنْشُدُونَ طَرِيقَةً
المعني:
يَكُونُ بَلاَغاً بَعْدَ ذَلِكَ: يَكُونُ بَلاَغاً: يُبلَّغ – بكافة الوسائل, قال تعالي: (فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ) 20 آل عمران, بَعْدَ ذَلِكَ: بعد النهل من القصائد و العكوف عليها و إخراج العلوم من القصائد و بعد الشرب المباشر منها, كما جاء في الأبيات السابقة:
وَذَلِكَ حَتَّى تَنْهَلُوا وَتُقَلِّبُوا *** قُلُوبَكُمُ فِي السَّابِقَاتِ مُمِيطَةً
وَتَعْكُفُ مِنْكُمْ أُمَّةٌ لِعُلُومِنَا *** لِتُخْرِجَ مِنْهَا لِلْجَمِيعِ مَخِيطَةً
وَتَكْرَعُ مِنْهَا أُمَّةٌ وَيَؤُمُّهَا *** بَنِيَّ وَتَسْعَي كَيْ تَكُونَ مُحِيطَةً
عِلْمُهَا: علم القصائد
لأَهْلِ طَرِيقٍ: تحققوا بأهلية الطريق, و شروطه
يَنْشُدُونَ طَرِيقَةً: يَنْشُدُونَ: يبحثون عن, و يريدون طَرِيقَةً, قصدهم خالص, دخلوا الطريقة ليتزكّوا و يتعلّموا, و خالين من العلائق و الأغراض مثل حبّ الدنيا و الرئاسة و خلافه, الآية: (وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا) 16 الجن
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّالِثَة والسَّبْعُون : ( إِلَى أَجَلٍ عِنْدِي تَكُونُ عَطِيَّتِي ) – بيت رقم 6: وَحَقَّ عَلَيْكُمْ بَعْدَمَا أَمْلَيْتُهُ *** وُرُودَ صَفِيٍّ تَطْلُبوُنَ حَقِيقَةً
المعني:
وَحَقَّ عَلَيْكُمْ: وجبَ عليكم, قال تعالي: (حَقِيقٌ عَلَىٰ أَن لَّا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ) 105 الأعراف, أي: واجبٌ عليَّ
بَعْدَمَا أَمْلَيْتُهُ: بَعْدَمَا: بعد الذي, أَمْلَيْتُهُ: الإملاء أن تقرأ علي الشخص و هو يكتب, إملاؤه رضي الله عنه للقصائد
وُرُودَ صَفِيٍّ: وُرُودَ: الورود أصله ورود الماء للشرب, و القصائد شرب للأرواح, صَفِيٍّ: غير مخلوط بشائبة, قال رضي الله عنه:
مَاذَا عَلَيْكُمْ لَوْ وَرَدْتُمْ مَشْرَبِي *** وَهُوَ الصَّفِيُّ بِتَجَلُّدٍ وَتَثَبُّتِ (305 ق 1)
و قال رضي الله عنه:
مَا غَيْرُ مَوْرُودِي فُرَاتٌ يُحْتَسَى *** إِنِّي لَبَحْرٌ جَلَ عَنْ عُوَّامِي (37 ق 15)
تَطْلُبوُنَ حَقِيقَةً: تَطْلُبوُنَ: الطَّلَبُ: مُحاوَلَةُ وِجْدانِ الشَّيءِ وأَخْذِه, حَقِيقَةً: لا وهماً و لا خيالاً, علوم حقّية, من حقّ اليقين, قال رضي الله عنه في (4-6 ق 4):
لَوْ كَانَ مِنْ عِلْمِ الْيَقِينِ *** فَكُلُّ عِلْمٍ يُغْلَبُ
أَوْ كَانَ مِنْ عَيْنِ الْيَقِينِ *** فَكُلُّ عَيْنٍ تُحْجَبُ
إِذْ كَانَ مِنْ حَقِّ الْيَقِينِ *** فَمَا أَجَلَّ الْمَأْربُ
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّالِثَة والسَّبْعُون : ( إِلَى أَجَلٍ عِنْدِي تَكُونُ عَطِيَّتِي ) – بيت رقم 7: يَكُوُن لَدَيْكُمْ فِقْهُ مَا أَمْلَيْتُهُ *** وَسِيلَةَ وَصْلِ الْمَانِحَاتِ مُفِيضَةً
المعني:
يَكُوُن لَدَيْكُمْ فِقْهُ: فِقْهُ: الفِقْهُ: العلم بالشيء والفهمُ له، ودعا سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، لسيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنه فقال: "اللهم عَلِّمْه الدِّينَ وفَقِّهْه في التأْويل" أَي فَهِّمْه تأْويلَه ومعناه, أي:: تفهموا القصائد و باطن معناها (التأويل)
مَا أَمْلَيْتُهُ: الذي أَمْلَيْتُهُ من القصائد
وَسِيلَةَ وَصْلِ: للتوسّل بها للمانحات حتى يتم وصلكم بها و تنزل قصائد أخري
الْمَانِحَاتِ: موطن إفراج القصائد من خدور المانعات, حيث تُحبس, تنزل القصيدة في المانحات لتنزل إلي أهل الأرض (من: منع و منح)
مُفِيضَةً: أي متدفّقة بالمدد و الكرم, قال رضي الله عنه:
بُيُوتُ الْفَيْضِ فِي الْعَلْيَاءِ مَلأَى *** حَدِيدَ الْقَلْبِ بِالتَّقْويَ أَلَنَّا (4 ق 56)
و قال رضي الله عنه في (2-3 ق 50):
إِنِّي سَأَمْنَحُ فِي الْقَرَيبِ غَرَائِباً *** مِنْ طِيبِ نَظْمِي أَوْ فَريدِ مَقَالِي
وَسَأُغْدِقُ الإِرْفَادَ مِنِّي مِنَّةً *** حَتَّى تَمَلُّوا أَعْذَبَ الأَقْوَالِ
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّالِثَة والسَّبْعُون : ( إِلَى أَجَلٍ عِنْدِي تَكُونُ عَطِيَّتِي ) – بيت رقم 8: وَمَنْ يَتَكَبَّرْ فَلْيُفَارِقْ جَمْعَنَا *** وَمَنْ يَتَعَامَي لَنْ يَذُوقَ وَثِيقَةً
المعني:
وَمَنْ يَتَكَبَّرْ: وَمَنْ: والذي, يَتَكَبَّرْ: الكِبْرُ هو الامتناع عن قبول الحق مُعاندة, قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِن من كان في قلبه مِثْقالُ ذَرَّة من كِبْرٍ لم يدخل الجنة"
فَلْيُفَارِقْ جَمْعَنَا: فَلْيُفَارِقْ: الفاء سببية, أي: بسبب كِبَرهِ, اللام للتأكيد, يُفَارِقْ جَمْعَنَا: يترك طريقتنا, لأن من شروط الطريقة الطاعة و التواضع, أي: لا يجتمع الكِبْرُ مع أن تكون ابن طريقة
وَمَنْ يَتَعَامَي: يَتَعَامَي قبل أن يكون أعمًي, يتعمّد العمى, لا يُريد أن يري الحقّ, قال تعالي في الآية: (لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا ) 179 الأعراف, و في الدعاء الماثور عن مدينة الحقّ سيدنا عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا إتّباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه", و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
وَالنٌّورُ فِيِ عَمَدِ السَّمَا وَبُرُوجِهَا *** لاَ يَنْفَعُ الأَعْمَى وَلاَ الْمُتَعَامِي (42 ق 15)
لَنْ يَذُوقَ وَثِيقَةً: لَنْ يَذُوقَ: الذّوق أول الشرب, و من ثمّ لن يشرب, و يعني: لن ينال و لا يُتنظر أن ينال وَثِيقَةً, و وَثِيقَةً: تعني: العَهْد, أي: يبرأ الشيخ (العروة الوثقى) من العهد معه, قال رضي الله عنه:
وَإِنَّ طَرِيقِي فِي هُدَى اللَّهِ عُرْوَةٌ *** وَمَا بَدَأَتْ يَوْماً بِفَضِّ التَّعَاقُدِ (23 ق 14)
[]
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّالِثَة والسَّبْعُون : ( إِلَى أَجَلٍ عِنْدِي تَكُونُ عَطِيَّتِي ) – بيت رقم 9: وَمَنْ يَتَعَالَى كَانَ عِلْمِي فَوْقَهُ *** وَظَلَّ وَضِيعاً لاَ يُفَارِقَ طِينَةً
المعني:
وَمَنْ يَتَعَالَى: وَالذي يَتَعَالَى: يضع نفسه في موضع أعلي من الحقيقة, ما حدث لإبليس عند عدم السجود لسيدنا آدم, قال تعالي: (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ) 75 ص, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
يَا مَنِ اسْتَعْلَى بِعِلْمٍ *** كُلُّ عِلْمِ النَّاسِ وَهْمُ (20 ق 18)
و قيل:
عِلْمُ إبليس َكَانَ عِلْمُ يَقِينٍ *** عَنْهُ عَيْنُ اليَقِينِ أخفَتْ سَنَاهَا
كَانَ عِلْمِي فَوْقَهُ: علم حق يقين أعلي من علم اليقين
وَظَلَّ وَضِيعاً: وَظَلَّ (مَنْ يَتَعَالَى): دام وبَقِيَ, وَضِيعاً: دنيئاً محطوطَ القدر
لاَ يُفَارِقَ طِينَةً: لاَ يُفَارِقَ: طِينَةً: حبيس الأنفس, إبليس و النفس و الهوى, في الآية: و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
فَكُلُّ وَضِيعٍ لَوْ رَبَا فَوْقَ رَبْوَةٍ *** فَمَا هُوَ إِلاَّ مُمْعِنٌ فِي الْوَضَاعَةِ (286 ق 1)
و بمقارنة بين (يُفَارِقَ) في البيت السابق أي (وَمَنْ يَتَكَبَّرْ فَلْيُفَارِقْ جَمْعَنَا *** وَمَنْ يَتَعَامَي لَنْ يَذُوقَ وَثِيقَةً) و بين (لاَ يُفَارِقَ) في هذا البيت, نجد أسلوب بلاغي متميّز, (يفارق جمعنا) حيث السمو الروحي و الأدب العالي, و (لاَ يُفَارِقَ) موطن الوضاعة و الركون للأنفس حيث الطينة الجسدية بكل رعوناتها
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّالِثَة والسَّبْعُون : ( إِلَى أَجَلٍ عِنْدِي تَكُونُ عَطِيَّتِي ) – بيت رقم 10: فَمَا لِوَادعٍ ذَا وَلَيْسَ إِلَى قِلىً *** وَمَالِيَ صَدٌّ بَلْ أَوَدُّ رَقِيقَةً
المعني:
فَمَا لِوَادعٍ ذَا وَلَيْسَ إِلَى قِلىً: فَمَا: الفاء سببية, ما النافية, لِوَادعٍ: اللام حرف لانتهاء غاية مكانية, وَادعٍ: الوداع الترك, ذَا: أي منع القصائد إلي أجل غير مسمي, وَلَيْسَ: للنفي, إِلَى: حرف لانتهاء غاية مكانية, قِلىً: القِلىً الهجر, الآية: (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى) 3 الضحى, إلي حين تدارسكم للقصائد و استنباط معانيها, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
قَسَمُ الضُّحَى فِي الآيِ ذِكْرٌ عَالِي *** إِنِّي سَأَحْبوُكُمْ وَلَسْتُ بِقَالِ (1 ق 50)
وَمَالِيَ صَدٌّ: وَمَالِيَ: ما النافية, لِي: لا يُنسبُ لي, صَدٌّ: الصَّدّ: الإِعْراضُ
بَلْ: للإضراب
أَوَدُّ رَقِيقَةً: أَوَدُّ: من وَدِدْتُ الشيءَ أَوَدُّ، أريده, رَقِيقَةً: الرقيقة لغةً: الكلمة الخفيفة الوقع, و في الحقيقة: هي القصيدة (هذه) من القصائد, الرقائق المعاني, و سميت رقيقة لأنها تخاطب الروح فترتقي بها و هذا هو المقصود من القصيدة
تعليقات: 0
إرسال تعليق