-->
إغلاق القائمة
إغلاق القائمة
404
نعتذر فقد تم نقل الموضوع ; الرجاء زيارة الارشيف! الأرشيف

الجمعة، 8 سبتمبر 2017

شرح الأوراد : المراقبة 2

شرح الأوراد : المراقبة 2

برهانيات كوم 

المعروفُ أنَّ رَبَّنَا مجهولُ النَّعْتِ والكيفيَّةِ ، فيَسْتَحِيلُ تشخيصُهُ أوْ تجسيمُهُ ، فكَيْفَ نُرَاقِبُهُ والقاعدةُ عِنْدَ العلماءِ بالتَّوْحِيد : كُلُّ ما خَطَرَ بِبالِكَ فاللهُ غَيْرُ ذلكَ ؟!!

فإذَا انْتَهَيْنَا إلى استحالةِ مُرَاقَبَةِ اللهِ قيلَ :" راقِبِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - " فهَلِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بالهَيِّنِ ؟!! إنَّ إدراكَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بصورتِهِ البَشَرِيَّةِ أوِ النُّورانِيَّةِ هوَ مِنْ غايةِ الغاياتِ ، فإذَا مَنَّ اللهُ بِهَذَا فذلكَ الأمْرُ بَلْ وذلكَ المرادُ ، وإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فلاَ بُدَّ مِنْ شَيْخٍ تُرَاقِبُهُ ، فكانَ الحاجُّ إبراهيمُ [ يَعْنِي سَيِّدِي إبراهيمَ الدّسوقيَّ - رضي الله عنه - ] ، فإنِ اسْتَطَعْتَ ذلكَ فَبِهَا ونِعْمَتْ ، وإلاَّ فَتَدَرَّجْ حَتَّى يَصِلَ الأمرُ إلى حَدِّهِ الشَّرْعِيِّ ، وهوَ المضمونُ عِنْدَ الصُّوفيَّةِ جميعاً ، وهوَ العَمُّ المُرْشِدُ بِمَعْنَى الشَّيْخِ الحيِّ المُرَبِّي الخَبِيرِ ، أيْ : فتَكُونُ المُرَاقَبَةُ لِمَوْلاَنَا الشَّيْخِ مُحَمَّدِ إبراهيمَ - رضي الله عنه - ؛ فهوَ وارِثُ كمالاتِ أهْلِ السِّلْسِلَةِ إلى جَدِّهِ المُصْطَفَى - صلى الله عليه وسلم - ، وقَدْ قالَ فيهِ مَوْلاَنَا الإمامُ فَخْرُ الدِّينِ - رضي الله عنه - :


وَذَا بُنَيَّ الَّذِي تَمَّتْ عَطِيَّتُهُ ... قَدِ اصْطَفَيْنَاهُ مِنْ صَافِي عَطِيَّتِنَا

لِيَجْمَعَ الشَّمْلَ إِمْدَاداً وَمَرْحَمَةً ... وَيَحْمِلَ الْكَلَّ مَمْدُوداً بِهِمَّتِنَا

وَيُصْبِحُ الْكُلُّ حَشْداً تَحْتَ رَايَتِهِ ... بِلاَ جَفَاءٍ لِمَنْ يَسْعَى بِذِمَّتِنَا

فتُرَاقِبُ العَمَّ المُرْشِدَ المباشِرَ ، فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فانْتَبِهْ لِلتِّلاوةِ التي أنْتَ بِصَدَدِهَا ؛ لأنَّ القلبَ مِنْ طَبْعِهِ التَّقَلُّبُ [ سُمِّيَ " قلباً " لِسرعةِ تَقَلُّبِهِ ] ، والمجاهَدةُ في ذلكَ أنْ تُرَجِّعَهُ مِنَ الخواطرِ فيَتَفَرَّغَ القلبُ مِنْهَا شَيْئاً فشَيْئاً حَتَّى إذَا فَرَغَ مِنَ الأغيارِ حَصَلَتِ الغيرةُ الإلهيّةُ فيَمتلئُ القلبُ بالنُّورِ الإلهيِّ لأنَّ صاحِبَهُ قَدْ تَخَلَّصَ مِمَّا سِوَى اللهِ في قَلْبِهِ فملأَهُ اللهُ لهُ بالنُّورِ المُبِينِ ، والمقصودُ في الوجودِ كُلِّهِ هوَ النُّورُ المُبِينُ ولَيْسَ كُلَّ الأنوارِ ، والنُّورُ المُبِينُ هوَ الذي يُبِينُ نَفْسَهُ ويُبِينُ لكَ مَا تُرِيدُهُ ، أمَّا باقي الأنوارِ ففِيهَا مَا يُمْكِنُ أنْ يَضُرَّ : مِثْلَ أنْ يَخطفَ البَصَرَ أوْ يُعْمِيَهُ أوْ يُحْرِقَ ... إلخ ..

وفِي ذلكَ يَقُولُ مَوْلاَنَا الشَّيْخُ - رضي الله عنه - :


نُورِي مِنَ النّورِ الْمُبِيـ ... ـنِ وَنُورُ جَدِّي الأَغْلَبُ


ويَقُولُ :


احْفَظْ فُؤَادَكَ لاَ تُحَقِّرْ عَالِماً ... فِي صَدْرِهِ قَبَسٌ مِنَ النُّورِ الْمُبِينْ


ويَقُولُ - رضي الله عنه - :


وَمِنْ قَبَسِ النُّورِ الْمُبِينِ بِقَبْضَتِي ... يُضَاءُ سَبِيلُ السَّيْرِ مِنْ كُلِّ حَالِكِ

ولأجْلِ مَا ذَكَرْنَاهُ سابقاً كانَتْ أهمِّيَّةُ المُرَاقَبَةِ كأَهَمِّ شَرْطٍ عِنْدَ السّالكِينَ ، فإذَا جَمَعَ المُرِيدُ أصنافَ السَّيْرِ الأربعةَ سُمِّيَ هذَا النَّوْعُ الفريدُ ( السَّيْرَ الأَقْرَبَ ) ، وهوَ الظّاهرُ في قَوْلِهِ تعالى {فَفِرُّوا إِلَى اللَّه} (1) ، وهوَ السَّيْرُ الكاملُ ، وهوَ الأقربُ ، ولِهذَا كانَتْ أهمِّيَّةُ المُرَاقَبَةِ ؛ لأنَّهَا مِفْتَاحُ الكُلِّ بِمَعْنَى : لوْ كانَ التَّصَوُّفُ – مَثَلاً - ألْفَ أدبٍ والمُرَاقَبَةُ واحداً مِنَ الألْفِ أدبٍ فمَنْ تَرَكَ 999 واجْتَهَدَ في المُرَاقَبَةِ وَحْدَهَا كانَ مِنَ الفائزِينَ ، وذلكَ الذي فَعَلَ 999 أدبٍ مِنَ " الْخَيْبَانِينَ " والعِيَاذُ بالله .

- ولَيْسَ لِلمُرَاقَبَةِ مَوْعِدٌ ؛ فهِيَ جائزةٌ في الصَّبَاحِ وفِي الظُّهْرِ وفِي العَصْرِ وفِي المَغْرِبِ وهكذَا ، ولكنَّ المُهِمَّ أنْ يكونَ لِلمريدِ وقتٌ خالصٌ معَ اللهِ في كُلِّ يَوْم .

تدقيق :

__________

(1) 1- سورة الذّاريات : 50





مشاركة المقال
mohamed fares
@كاتب المقاله
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع برهانيات كوم .

مقالات متعلقة



Seoplus جميع الحقوق محفوظة ل برهانيات كوم