موسوعة رشفات من دقائق شراب الوصل للشيخ عبد الحميد بابكر
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والتِّسْعُون : ( بِأَحْمَدَ حَيْثُ الأَحْمَدِيَّةُ يَهْتَدِي ) التّاريخ : الخميس 27 ربيع أول 1408 هـ = 19 نوفمبر 1987 معَدَد الأبيات : 22
22- يُقَالُ لأَهْلِ الدِّينِ هَذَا إِمَامُكُمْ *** وَذَلِكَ عَبْدٌ جَاءَنَا وَهْوَ نَائِبُ
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والتِّسْعُون : ( بِأَحْمَدَ حَيْثُ الأَحْمَدِيَّةُ يَهْتَدِي ) – بيت رقم 1: بِأَحْمَدَ حَيْثُ الأَحْمَدِيَّةُ يَهْتَدِي *** إِلَيْهِ بِنُورِ الأَحْمَدِيَّةِ طَالِبُ
المعني:
بِأَحْمَدَ: الباء ظرفية بمعني في, أي: في أحمد, إشارة إلي تخلّي أهل الحضرة الأَحْمَدِيَّةُ عن أسمائهم و الكُني, و دخول الحضرة باسمها, فيُسمي حينها (أحمَد), كما قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
فَإِنْ هُوَ نَاجَى الأَحْمَدِيَّةَ أَحْمَدٌ *** كَذَا هُوَ هَاءٌ فِي تَنَاجِي الْهُوِيَّةِ (409 ق 1)
حَيْثُ الأَحْمَدِيَّةُ: حَيْثُ: ظرف مكان, الأَحْمَدِيَّةُ: الحضرة الأَحْمَدِيَّةُ, هي حضرة القُرب وفي قوله تعالي: (وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ) 1-3 الْفَجْر, الإشارة للحضرة (الحقيقة) الأَحْمَدِيَّةُ و هي حضرة التعيين الثاني, بالشفع (حالة الاثنينية لوجود الحقيقة الأَحْمَدِيَّةُ في الحقيقة المُحْمَّدِيَّةُ), مُشار كذلك للحُجب العشر بليالٍ العشر, و هي المراتب التي تنزّل فيه النور المحمدي من قبضة النور لبلوغ الحقيقة الأَحْمَدِيَّةُ, و الْفَجْر هو حالة قبضة النور, و الوتر هو جمع الحقيقتين في واحديّة النبي صلي الله عليه و سلم, و هي الحضرة التي منها شهود الذّات, و هي حضرة القُرب, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
هُوَ أَحْمَدٌ فِي قَابِ قَوْسَيْنِ انْجَلَى *** وَلَهُ لِوَاءُ الْحَمْدِ مَا أَسْمَاهُ (10 ق 19)
و قال رضي الله عنه:
فَقُرَّةُ الْحَدِّ لِلأَحْدَاقِ أَحْمَدُهَا *** وَمَطْلَعٌ لِلشُّهُودِ الْحَقِّ مُذْ نَبَّا (5 ق 70))
يَهْتَدِي إِلَيْهِ بِنُورِ الأَحْمَدِيَّةِ: يصل إلي هويّته, من موطن الحيرة, بِنُورِ الأَحْمَدِيَّةِ: بواسطة نُورِ الأَحْمَدِيَّةِ, و هو ما عبّر عنه في الآية بقوله تعالي: (نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء) 35 النور, فالهداية للنور و بالنور, و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
هُوَ مِنْحَةٌ مِنْ نُورِ أَحْمَدَ أَهْلُهَا *** رُزِقُوا بِهَا خَرُّوا إِليَ الأَذْقَانِ (14 ق 60)
طَالِبُ: قاصد الوصول, يعني الذي يقصده يهتدي إليه به فيه, كما قيل:
وَمِنْهُ بِهِ فِيهِ نَغُوصُ لِجَوْهَرٍ *** نَفِيسٍ عَلَي كُلِّ الأَنَامِ مُغَيَّبُ
و قيل:
يَا طَالِباً عِرْفَانَهُ مِنْ غَيْرِهِ *** هَيْهَاتَ ذَا صَدَّتْ بِهِ فُرْسَانُهُ
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والتِّسْعُون : ( بِأَحْمَدَ حَيْثُ الأَحْمَدِيَّةُ يَهْتَدِي ) – بيت رقم 2: وَعِنْدَ فَنَاءِ الوَاصِلِينَ لِعِزَّةٍ *** يَمُنُّ عَلَيْهِمْ فَهُوَ إِذْ ذَاكَ وَاهِب
المعني:
وَعِنْدَ: الواو استئنافية, عِنْدَ: ظرفية
فَنَاءِ الوَاصِلِينَ لَعِزَّةٍ: فَنَاءِ: المحو عن الذّات و التخلّي عن المراتب, الوَاصِلِينَ: الذين أكملوا مراتب السير, لِعِزَّةٍ: لحميً منيعٍ
يَمُنُّ عَلَيْهِمْ: يَمُنُّ: المَنُّ العطاء من غير حساب, يَمُنُّ عَلَيْهِمْ: يعطيهم (أَحْمَدَ) أي: الحقيقة الأَحْمَدِيَّةُ, الآية: (هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) 39 ص, و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
هَذَا مَقَامٌ قِيلَ فِيهِ *** امْنُنْ وَلاَ تَسْتَكُثِرِ (12 ق 53)
فَهُوَ إِذْ ذَاكَ: فَهُوَ: الفاء السببية, هُوَ: إشارة إلي الهويّة النبوية المتدلية في موطن القُرب, و هي الحقيقة الأَحْمَدِيَّةُ, إِذْ: ظرفية بمعني حين, ذَاكَ: اسم إشارة للغائيب البعيد, أي: في ذاك الحين, أي: بعد الفناء
وَاهِب: يقوم بفعل الوَهب, العطاء من غير مقابل, الوهّاب اسم يدلّ علي صفة, يهِبُ العلوم العالية من الاسم الوهّاب, قال رضي الله عنه:
إِذَا هُوَ قَدْ أَعْطَى فَرَبٌّ لِعَبْدِهِ *** كَذَا هُوَ وَهَّابُ الْعُلُومِ الْعَلِيَّةِ (397 ق 1)
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والتِّسْعُون : ( بِأَحْمَدَ حَيْثُ الأَحْمَدِيَّةُ يَهْتَدِي ) – بيت رقم 3: وَلَيْسَ لَهُمْ بَعْدَ الْفَنَاءِ بقِيَّةٌ *** وَلَيْسَ لَدَيْهِمْ فِي الْبَقَاءِ مَطَالِبُ
المعني:
وَلَيْسَ لَهُمْ: وَلَيْسَ: واو العطف, لَيْسَ للنفي, لَهُمْ: لام التخصيص, أي: لأهل السير في الحقيقة الأحمديّة
بَعْدَ الْفَنَاءِ بقِيَّةٌ: البقيّة هي ما تبقّي من الشئ, و تعني الحقيقة الخلقية (العبدية) في مقابل الحقيقة الحقيّة (الإلهية), في الفناء في الحقيقة الأحمدية, يكون فناء تام, لا تبقي بعده العبديّة, و يكون بقاء تام بالحقّ, أي: بتجلّي وحدانيته علي صاحب الواصل لهذا الموطن, قال تعالي: (بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ) 86 هود, و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
أَشِعَّةُ نُورٍ مِن سَنَا فَيضِ نُورِهِ *** يقَابِلُهَا عَبْدٌ فَنَى عَنْ بَقِيَّةِ (398 ق 1)
وَلَيْسَ لَدَيْهِمْ: وَلَيْسَ عندهُمْ
فِي الْبَقَاءِ مَطَالِبُ: لا يطلبون (لا يقصدون) البقاء, مَطَالِبُ: يقصد لا يتكرر مطلبهم, رضوا بالبقاء, موطن الرضوان, بحُلة نور الحقيقة الأحمديّة, قال رضي الله عنه:
وَأَفْتَرِشُ التَّأْيِيدَ حَقّاً وَإِنَّنِي *** لأَلْتَحِفُ الرِّضْوَانَ وَالنُّورُ حُلَّتِي (51 ق 1)
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والتِّسْعُون : ( بِأَحْمَدَ حَيْثُ الأَحْمَدِيَّةُ يَهْتَدِي ) – بيت رقم 4: وَلَيْسَ لَدَيْهِمْ فِي الْبَقِيَّة مَأْرَبٌ *** فَإِنَّ لَهُمْ فِيمَا يَرَوْنَ مَآرِبُ
المعني:
وَلَيْسَ لَدَيْهِمْ: وَلَيْسَ: واو العطف, لَيْسَ للنفي, لَهُمْ: لام التخصيص, أي: وَلَيْسَ عندّهُمْ, يعني أهل السير في الحقيقة الأحمديّة
فِي الْبَقِيَّة مَأْرَبٌ: البقيّة هي ما تبقّي من الشئ, و تعني الحقيقة الخلقية (العبدية) في مقابل الحقيقة الحقيّة (الإلهية), و تعني تصريف الشئون, كما أوضحنا في البيت السابق, مَأْرَبٌ: بُغية وحاجة مُلّحة, قال تعالي في قصة سيدنا موسي عليه السلام: (قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى) 18 طه, فِي الْبَقِيَّة: أي في المُلك, في هذا الموطن لا يُريدون الانشغال بغير الواحد, لأنه موطن تعدد الكثرة في الواحد, جمع, و مقام الوراثة المحمديّة
فَإِنَّ لَهُمْ فِيمَا يَرَوْنَ: فَإِنَّ: الفاء سببية, إنَّ: للتأكيد, لَهُمْ: يخصّهم نَيلُ ما يريدون, قال تعالي: (لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ) 57 يس, فِيمَا: في الذي, يَرَوْنَ: يُشاهدون
مَآرِبُ: حاجات أو رغبات ملّحة
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والتِّسْعُون : ( بِأَحْمَدَ حَيْثُ الأَحْمَدِيَّةُ يَهْتَدِي ) – بيت رقم 5: فَإِنْ وَرَدُوهَا فَاصْطِفَاءٌ وَمِنَّةٌ *** فَذَاكَ حِميً كَلَّتْ إِليْهِ رَكَائِبُ
المعني:
فَإِنْ وَرَدُوهَا: فَإِنْ: الفاء استئنافية, إِنْ: شرطية بمعني إذا, وَرَدُوهَا: الضمير يعود علي أهل السير في الحقيقة الأحمديّة, وردوا: من ورود الماء أي طلب الشُرب و السُّقيا, طلبوا علمها و تجلّيها, قال رضي الله عنه:
عَجَائِبُهَا لاَ تَنْقَضِي وَعُدُولُهَا *** إِذَا وَرَدُوهَا مَنْ يُفَارِقُ جَمْعَهَا (18 ق 72)
فَاصْطِفَاءٌ وَمِنَّةٌ: فَاصْطِفَاءٌ: الفاء دالة على السببية كقوله تعالى: ( فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه ), أي: يجدون منها الاصطفاء و المِنّة, اصْطِفَاءٌ: الاصطفاء من التقريب و الاختصاص بالسر, لغة: اصطفاه أخذه صفيا, وصافاك صدقك الإخاء وصفيك الذي يصافيك والصفي الخالص من كل شيء, وَمِنَّةٌ: كرماً, قال رضي الله عنه:
هُوَ مِنْحَةٌ مِنْ نُورِ أَحْمَدَ أَهْلُهَا *** رُزِقُوا بِهَا خَرُّوا إِليَ الأَذْقَانِ (14 ق 60)
فَذَاكَ حِميً: فَذَاكَ: الفاء سببية, ذاك: اسم إشارة للبعيد, حِميً: مكان فيه الحماية و العطاء
كَلَّتْ إِليْهِ رَكَائِبُ: كَلَّتْ: تعبت (في السير), إِليْهِ, إلي حرف لانتهاء غاية مكانية, رَكَائِبُ: الرَكَائِبُ: أصلها ما يُركب من ناقةٍ أو فرسٍ, كناية عن همم السائرين
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والتِّسْعُون : ( بِأَحْمَدَ حَيْثُ الأَحْمَدِيَّةُ يَهْتَدِي ) – بيت رقم 6: كَذَلِكَ حَيْثُ الْوَاحِدِيَّةُ عِنْدَهَا *** تُبَاعُ بِهَا الأَرْواحُ وَهْيَ رَوَاغِبُ
المعني:
كَذَلِكَ: الكاف للتشبيه, ذلك اسم إشارة للبعيد, أي: مثل ما الأمر في الحقيقة الأحمديّة
حَيْثُ الْوَاحِدِيَّةُ: حَيْثُ: ظرف مكان, الْوَاحِدِيَّةُ: الحضرة الواحديّة, واحديّة النبي صلي الله عليه و سلم, و هي الحضرة الوترية التي تجمع الحقيقتين الأحمديّة و المُحمّديّة, و إليها أشار حضرة النبي صلي الله عليه و سلم في الحديث: " إنَّ اللهَ فَرْدٌ يُحبُّ الفًرْدَ و إنَّ اللهَ وِتْرٌ يُحبُّ الوِتْرَ و إنّ اللهَ جَمِيلٌ يُحبُّ الجَّمَالَ), و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
أَحَدِيَّةٌ وَالْوَاحِدِيَّةُ دُونَهَا *** مَا بَيْنَ قَابَيْ حَضْرَةِ التَّقْرِيبِ (1 ق 83)
عِنْدَهَا: في حضرتها
تُبَاعُ بِهَا الأَرْواحُ: أصل البيع في الحقائق استبدال صفات العبد بصفات الحضرة المعنية, فصاحب حضرة الواحدية يبقي اسمه الواحد, و هكذا, قال رضي الله عنه:
سَمَا فَتَسَمَّى فِي الْحُضَيْرَاتِ بِاسْمِهَا *** لِذَلِكَ أَضْحَى وَاحِدَ الْوَاحِدِيَّةِ (408 ق 1)
وَهْيَ رَوَاغِبُ: وَهْيَ رَوَاغِبُ: جمع راغِبة, كقولك راحِلة رواحِل, نائِبة نوائب, صفة الأرواح, حال بيعها, هي راغبةٌ في البيعِ, كما قال رضي الله عنه:
فَيَا نِعْمَ مُبْتَاعٍ وَيَا نِعْمَ مُشْتَريً *** وَيَا عِزَّ مَأْثُورٍ لَدَيْهِ وَجِيَرةِ (188 ق 1)
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والتِّسْعُون : ( بِأَحْمَدَ حَيْثُ الأَحْمَدِيَّةُ يَهْتَدِي ) – بيت رقم 7: فَلاَ رُتَبٌ بَلْ لاَ مَرَاتِبَ عِنْدَهَا *** وَلَكِنْ بِهَا مِنْهَا تَكُونُ المَرَاتِبُ
المعني:
فَلاَ رُتَبٌ: فَلاَ: الفاء الاستئنافية, لا: النافية, أي: لا وجود لُرتب. رُتَبٌ: جمع رُتبة, و الرُتبة هي مجلي ظهور الحقّ في العبد, تقليد العبد رتبة إلهية (مثل: رُتبة عسكرية)
هُنَالِكَ يَفْنَى الْعَبْدُ عَنْ كُلِّ رُتْبَةٍ *** لِذَلِكَ يَبْقَى بَعْدَ إِذْ كَانَ فَانِيَا (2 ق 86)
بَلْ لاَ مَرَاتِبَ: بَلْ: حرف للإضراب أي للانتقال من وصف إلي وصف أدقّ, لاَ: نافية, مَرَاتِبَ: جمع مرتبة و هي الحضرة من حضرات الحقائق التي تستوعب العبد, فَلاَ رُتَبٌ بَلْ لاَ مَرَاتِبَ: تخلّي عن الذّات و عن المراتب
عِنْدَهَا: في حضرتها, أي: الحقيقة الأحمديّة
وَلَكِنْ بِهَا مِنْهَا: وَلَكِنْ: الواو عاطفة, لَكِنْ: للاستدراك و التـاكيد, بِهَا: بواسطتها, مِنْهَا: عطاء منها
تَكُونُ المَرَاتِبُ: تَكُونُ: تحصُل, المَرَاتِبُ: يتم الحصول المراتب أي: الحضرات و المنازل, أصل الحضرات و أم الحضرات, إذا الكُلّ مندرجٌ فيها
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والتِّسْعُون : ( بِأَحْمَدَ حَيْثُ الأَحْمَدِيَّةُ يَهْتَدِي ) – بيت رقم 8: وَلاَ غُرَفٌ إِلاَّ اغْتَرافُ عَطَائِهَا *** وَلاَ حُجُبٌ فِيهَا فَتِلْكَ سَحَائِبُ
المعني:
وَلاَ غُرَفٌ: غُرَف: جمع غُرفة و الغُرْفَةُ: ما غُرِف من الماء وغيره باليد, في الآية: (فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ) 249 البقرة, و الغَرف للشراب, شراب الحضرة
إِلاَّ اغْتَرافُ عَطَائِهَا: إِلاَّ: استثنائية, اغْتَرافُ: الأخذ غَرفاً, عَطَائِهَا: ما تُعطي, أي: الحقيقة الأحمديّة, العطاء الكَرَم, قال رضي الله عنه:
وَعَطَاؤُهُ قَدْ خَصَّنِي *** كَرَماً وَلَيْسَ مُقَيَّدَا (16 ق 11)
وَلاَ حُجُبٌ فِيهَا: وَلاَ: واو العطف, لا النافية, حُجُبٌ: جمع حِجاب, الستر, ما يمنع الرؤية, فِيهَا: في الحضرة, تخطي الحُجب, و هي حُجُب الجلال العشر, قال رضي الله عنه:
خَوَارِقُهَا بَعْدَ الْحَجَابِ عَرَفْتُهَا *** عَوَائِدَ مَعْقُولاَتِهَا جِئْتُ خَرْقَهَا (7 ق 72)
فَتِلْكَ سَحَائِبُ: فَتِلْكَ: الفاء تفسيرية, تِلك: اسم إشارة للبعيد, (جمع مؤنث البعيد) سَحَائِبُ: جمع جمع لكلمة سحابة, سحابة سُحُب سَحَائِبُ, إشارة إلي كثرة العطاء
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والتِّسْعُون : ( بِأَحْمَدَ حَيْثُ الأَحْمَدِيَّةُ يَهْتَدِي ) – بيت رقم 9: فَمَا طَلَعَتْ إِلاَّ وَغَابَ ضِيَاؤُهَا *** وَلاَ غَرَبَتْ عَنَّا وَتلِكَ غَرَائِبُ
المعني:
فَمَا طَلَعَتْ إِلاَّ: فَمَا: الفاء استئنافية, ما النافية, ما النافية و إلا الاستثنائية تفيدان الحصر, طَلَعَتْ: كناية عن طلوع شمس الحقيقة الأحمديّة, أي: ظهورها بطلعتها و هو ما يقابل الرائي من الهيئة
وَغَابَ ضِيَاؤُهَا: واو المعيّة, أي: مع طلعتها, غَابَ ضِيَاؤُهَا: ما يهديك للرؤية, في الآية: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء) 5 يونس, أظلمت, اختفت و فقدوا المشاهدة, اختفاء في الظهور, يقابله ظهور في الاختفاء (وَلاَ غَرَبَتْ عَنَّا), و قد قيل في المعني:
فِي دَيْجُورِي أَشْرَقَتْ شَمْسُ نَهَارِي *** لَوْلَا نُورِي كَتَمَتْنِي ظُلُمَاتِي
وَلاَ غَرَبَتْ عَنَّا: وَلاَ غَرَبَتْ عَنَّا: وَلاَ اِخْتَفَتْ عَنَّا, نفي الاختفاء, يكون الظهور و المشاهدة, الآية: (وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا) 17 الكهف, تدلّ الآية علي أن (الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت) لا تدخل الكهف, بينما (إِذَا غَرَبَت) تدخله من الشمال, فكان الأمر من خوارق العادات
وَتلِكَ غَرَائِبُ: جمع غريبة, و هي غير المُعتاد من الحقائق, قال رضي الله عنه:
غَرَائِبُهَا لاَ تَنْتَهِي وَمِزَاجُهَا *** لِكُلَ فُؤَادٍ صَارَ يَطْعَمُ صِبْغَهَا (19 ق 72)
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والتِّسْعُون : ( بِأَحْمَدَ حَيْثُ الأَحْمَدِيَّةُ يَهْتَدِي ) – بيت رقم 10: فَحَسْبُكَ مَنْهَا أَنْ عَجِبْتَ لأَمْرِهَا *** وَقَوْلِي عَنْهَا: إِنَّ رَبَّكَ غَالِبُ
المعني:
فَحَسْبُكَ مَنْهَا: الفاء سببية, حَسْبُكَ مَنْهَا: يكفيك من المعرفة بحقيقتها, أي: يا مُريدي
أَنْ عَجِبْتَ لأَمْرِهَا: أَنْ: مصدرية, عَجِبْتَ: من العَجَب و هو الشئ غير المُعتاد, قال تعالي: (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا) 9 الكهف, لأَمْرِهَا: لحقيقة غيبها, أي: غيب الحَقيقَة الأحمَدِيَّة
وَقَوْلِي عَنْهَا: , وصفي لها, " إِنَّ رَبَّكَ غَالِبُ" هكذا قال سيدي فخر الدين, أي: لا يغلبه أمرٌ
إِنَّ رَبَّكَ غَالِبُ: إِنَّ: للتأكيد, رَبَّكَ غَالِبُ: لا عَجبٌ من أمر الله, في قصة سيدنا يوسف عليه السلام, قال تعالي: (وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ) 21 يوسف
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والتِّسْعُون : ( بِأَحْمَدَ حَيْثُ الأَحْمَدِيَّةُ يَهْتَدِي ) – بيت رقم 11: فَصَاحِبُ قَلْبٍ أَشَرْقَت فِيهِ طَمْأنَتْ *** وَرَبُّ فُؤَادٍ أَعُرَضَتْ عَنْهُ رَاهِب
المعني:
فَصَاحِبُ قَلْبٍ أَشَرْقَت فِيهِ طَمْأنَتْ: فَصَاحِبُ قَلْبٍ: صاحب أي: الذي يملك القَلْبٍ, (موطن الشهود) موطن التَّلقِّي و التجلّيات, أَشَرْقَت فِيهِ: الشروق بداية ظهور التجلّي, كما هو بداية ظهور الشمس, الفاعل ضمير مستتر يعود علي الحَقيقَة الأحمَدِيَّة, طَمْأنَتْ: الطمأنينة كمال اليقين, قال تعالي: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) 260 البقرة
وَرَبُّ فُؤَادٍ أَعُرَضَتْ عَنْهُ: وَرَبُّ فُؤَادٍ: الذي يمتلك الفؤاد, (في موطن المشاهدة), قال تعالي: (وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا) 10 القصص, أَعُرَضَتْ عَنْهُ: تركته, خفيت عنه, و يوضح رضي الله عنه ما بين القلب و الفؤاد من علاقة في البيت:
حَوَتْنِي قُلُوبٌ تَعْرِفُ الْحُبَّ مَسْلَكاً *** حَوَانِي فُؤَادٌ شَاهِدٌ بِالتَّجِلَّةِ (126 ق 1
رَاهِب: خائف, الآية: (وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا) 80 الأنبياء, و الخوف موطن المعرفة, قال صلي الله عليه و سلم: "أَنَا أَعْرَفُكُم بالله و أَخْوَفُكُم مِنْهُ"
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والتِّسْعُون : ( بِأَحْمَدَ حَيْثُ الأَحْمَدِيَّةُ يَهْتَدِي ) – بيت رقم 12: وَرُبَّ حَظِيٍّ قَدْ جَنَى بَعْضَ طِيبِهَا *** وَرُبَّ وَلِيٍّ قَدْ قَضَى وَهُوَ رَاغِبُ
المعني:
وَرُبَّ حَظِيٍّ: وَرُبَّ: الواو للعطف, رُبَّ: للتقليل, حَظِيٍّ: فاعل من حَظيَ, محظوظ
قَدْ جَنَى بَعْضَ طِيبِهَا: قَدْ: للتأكيد, جَنَى: قَطَفَ أو غَنَمَ, بَعْضَ: جزء من, طِيبِهَا: الطّيب الزّكي الرائحة و الطعم, أعطي إشارات القُرب, قبل:
إنَّ رِيحَ القُرْبِ نَمْ ** و انْتَفَي عَنِّي الزُّكَمْ
فَهْوَ أحْلَي مَا يُشَمْ ** مِنْ أُصَيحَابِ الكَرَمْ
وَرُبَّ وَلِيٍّ: الذي تولته بالعناية
قَدْ قَضَى: قَدْ: للتوكيد, قَضَى: من قضاء الأجل, إشارة إلي الفناء, قال تعالي: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا) 23 الأحزاب
فَإِنْ هُوَ صَلَّى فَصَّلَتْ مِنْهُ فُصّلَتْ *** لأَهْلِ قَضَاءِ النَّحْبِ حُسْنَ الْمَنِيَّةِ (421 ق 1)
وَهُوَ رَاغِبُ: من رَغِبَ الشئ أراده وحرَص عليه وطمِع فيه وأحبَّه, طامعٌ في الفناء, فني وهو يطمع أن يظل أسيراً لدي الحضرة
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والتِّسْعُون : ( بِأَحْمَدَ حَيْثُ الأَحْمَدِيَّةُ يَهْتَدِي ) – بيت رقم 13: وَرُبَّ نَجِيٍّ أَعْمَلَتْ فِيهِ سِرَّهَا *** فَعَايَنَ مِنْهَا مَا بَدَا وَهُوَ ذَاهِبُ
المعني:
وَرُبَّ نَجِيٍّ: وَرُبَّ: الواو للعطف, رُبَّ: للتقليل, نَجِيٍّ: من الفعل نجي, أي: نجي من الأسر, في قصة سيدنا يونس عليه السلام, قال تعالي: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ) 88 الأنبياء
أَعْمَلَتْ فِيهِ سِرَّهَا: أَعْمَلَتْ فِيهِ: تصرّفت فيه بِسِرِّهَا, سِرَّهَا: باطن أمرها الخفيّ
فَعَايَنَ مِنْهَا: فَعَايَنَ: الفاء سببية, عَايَنَ: شاهد رأي العين, مِنْهَا: مِنْ: للبعضية, ال(هَا) تعود علي الحضرة, أي: عاين جزءاً منها
مَا بَدَا: الذي ظهرَ
وَهُوَ ذَاهِبُ: سائر إلي الشهود التام, جاء في قوله تعالي: (وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا) 87 الأنبياء
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والتِّسْعُون : ( بِأَحْمَدَ حَيْثُ الأَحْمَدِيَّةُ يَهْتَدِي ) – بيت رقم 14: عَلاَنَيِةً مِنْهَا تُلَقِّنُ هَدْيَهَا *** إِذَا هِيَ أَخْفَتْ مَا يُلَقَّاهُ كَاتِبُ
المعني:
عَلاَنَيِةً: لغةً: بصورة ظاهرةٍ واضحةٍ ، عكْسها سِرًّا, تلقين كفاحاً, أي: من غير واسطة
مِنْهَا تُلَقِّنُ هَدْيَهَا: مِنْهَا: مِن حرف ابتداء لغاية مكانية, الضمير (ها) يعود علي الحقيقة الأحمديّة, تُلَقِّنُ: تلقي تكراراً علي المتلقي حتى يحفظ و يفهم, هَدْيَهَا: علومها و إرشادها, الجملة جواب شرط إذا (تقدم عليها)
إِذَا هِيَ أَخْفَتْ: إِذَا: ظرفية شرطية, هِيَ: إشارة للحضرة, أَخْفَتْ: سترت و حجَبَت
مَا يُلَقَّاهُ كَاتِبُ: مَا: الذي, يُلَقَّاهُ: يُبلّغ إليه, فعل مبني للمجهول فاعل الإلقاء تقديراً, الحضرة الإلهية, كَاتِبُ: القلَم الذي يكتب, في موطن الإرادة, إذا أخفت علم موطن الإرادة تلقّن مباشرة من موطن الأمر, قال تعالي: (رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ) 15 غافر
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والتِّسْعُون : ( بِأَحْمَدَ حَيْثُ الأَحْمَدِيَّةُ يَهْتَدِي ) – بيت رقم 15: وَحَيْثُ أَشَارَتْ فَامْتِثَالٌ وَطَاعَةٌ *** وَحَيْثُ أَفَاضَتْ كُلَّ مُحْصٍ وَحَاسِبُ
المعني:
وَحَيْثُ أَشَارَتْ: الواو عاطفة, حَيْثُ: ظرف مكان, أَشَارَتْ: الإشارة الرمز, الإلقاء جملة بدون تفضيل أو إيضاح, الفاعل ضمير مستتر تقديره (هِي) يعود علي الحقيقة الأحمديّة, قال رضي الله عنه:
وَأُحْكِمَتِ الآيَاتُ فِي صَدْرِهِ عَلَى *** مُرَادِ مُغَشِّي اللَّيْلِ سِتْرَ الْخَبِيَّةِ (415 ق 1)
فَامْتِثَالٌ وَطَاعَةٌ: الفاء السببية, امْتِثَالٌ: الامْتِثَالٌ, الاحتذاء و الموافقة, وَطَاعَةٌ: الطَّاعَةُ الخُضُوعُ و الانْقِيَادُ, أي: امتثال و طاعة من أهل الحضرة
وَحَيْثُ أَفَاضَتْ: أَفَاضَتْ أسهبت أي: فصّلت تفصيلاً ما كان مجملاً من القول, قال رضي الله عنه:
وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّاتُ بَدْءاً وَخَاتِماً *** وَفُصّلَتِ الآيَاتُ بِالسّرْمَدِيَّةِ (414 ق 1)
كُلَّ مُحْصٍ وَحَاسِبُ: كُلَّ: أي كان كُلَّ, خبر كان, مع حذف كان و اسمها, مُحْصٍ: جامع, وَحَاسِبُ: مفرّق, كان جمعاً و فرقاً, أي: احتواهم جمعها و فرقها
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والتِّسْعُون : ( بِأَحْمَدَ حَيْثُ الأَحْمَدِيَّةُ يَهْتَدِي ) – بيت رقم 16: وَبَيْنَهُمَا تَقْرِيبُ عَبْدٍ لعَابِدٍ *** لِيَشْهَدَ مَعْبُوداً وَمَا ثَمَّ حَاجِبُ
المعني:
وَبَيْنَهُمَا: بين الإشارة و الإفاضة, البيت السابق:
وَحَيْثُ أَشَارَتْ فَامْتِثَالٌ وَطَاعَةٌ *** وَحَيْثُ أَفَاضَتْ كُلَّ مُحْصٍ وَحَاسِبُ
تَقْرِيبُ عَبْدٍ لعَابِدٍ: حضرة التقريب, قاب قوسين, الآية: (فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى) النجم
تَقْرِيبُهَا لِلْعَبْدِ يَبْقَى سَرْمَداً *** بَلْ سَرْمَدِيٌّ رَاحُهَا مِنْ طِيبِ (10 ق 83)
لِيَشْهَدَ مَعْبُوداً: في أو أدني موطن الشهود
وَمَا ثَمَّ حَاجِبُ: وَمَا: الواو واو المعية, ثَمَّ: هُناكَ, حَاجِبُ: الحاجِب يكون من الواقفين علي باب حضرة الشهود, يأذن بالدخول إليها, أي: يكون شهود كفاحاً, قال رضي الله عنه:
وَقَدْ زِيلَتِ الأَسْتَارُ وَالْحُجْبُ عِنْدَمَا *** تَغَيَّرَتِ الأَغْيَارُ بَيْنِي وَبَيْنَهَا (4 ق 80)
الرجوع للاعلى
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والتِّسْعُون : ( بِأَحْمَدَ حَيْثُ الأَحْمَدِيَّةُ يَهْتَدِي ) – بيت رقم 17: يُسَارُ إِلَيْهَا أَوْ تُهَرْوِلُ نَحْوَ مَنْ *** تَشَاءُ فَلاَ فَرْقٌ إِذِ الْجَمْعُ وَاجِبُ
المعني:
يُسَارُ إِلَيْهَا: يُسَارُ: من السير و في صيغة المبني للمجهول, إِلَيْهَا: إلي حرف انتهاء لغاية مكانية, أي: أن أهل الحضرة يسيرون إليها, السير المشي, الضمير (هَا) يعود علي الحقيقة الأحمديّة
أَوْ تُهَرْوِلُ: أَوْ: حرف إضراب: كقولك: كانوا ثمانين أو زادوا ثمانية, تقصد أنهم زادوا ثمانية, تُهَرْوِلُ: الهرولة بين العدو والمشي, الإسراع منها نحوهم, كما في الحديث القُدسي: "وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة"
نَحْوَ مَنْ تَشَاءُ: نَحْوَ: في اتجاه, مَنْ: الذي, تَشَاءُ: تختار
فَلاَ فَرْقٌ: فَلاَ: الفاء سببية, لا النافية, فَرْقٌ: الفرق هو ظهور شؤون الواحد في الكثرة
إِذِ الْجَمْعُ وَاجِبُ: إِذِ الْجَمْعُ: تعدد الكثرة في الواحد, يصبح الواحد يمثل الحضرة كاملةً, وَاجِبُ: أي: هي حضرة جمع لا يوجد فيها فرق, قال رضي الله عنه:
وَيَجْعَلُهُ الْقُرْآنُ جَمْعاً مُفَرَّقاً *** وَيَجْعَلُ مِنْهُ وَاحِدَ الأَكْثَرِيَّةِ (420 ق 1)
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والتِّسْعُون : ( بِأَحْمَدَ حَيْثُ الأَحْمَدِيَّةُ يَهْتَدِي ) – بيت رقم 18: يَعيِشُ لَدَيْهَا الْعَبْدُ وَالْعِزُّ سَرْمَدٌ *** تَحُفُّ بِهِ أَسْرَارُهَا وَالْمَوَاهِبُ
المعني:
يَعيِشُ لَدَيْهَا الْعَبْدُ: يَعيِشُ: العيش هو تمتع الرّوح بالتجلّيات الإلهية, لَدَيْهَا: في حضرتها, أي: الحقيقة الأحمديّة, الْعَبْدُ: ما تحقق بالعبودية, في مقام العُبودة, قال رضي الله عنه:
وَمِنْ عَبثٍ بَخْسُ الْحَقِيقَةِ أَهْلَهَا *** لأَنِّيَ عَبْدٌ فِي مَقَامِ الْعُبُودَةِ (72 ق 1)
وَالْعِزُّ سَرْمَدٌ: الواو واو المعيّة, الْعِزُّ: المِنعة, سَرْمَدٌ: السّرمَد المستقبل في الزمن إلي غير نهاية, قال رضي الله عنه:
وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّاتُ بَدْءاً وَخَاتِماً *** وَفُصّلَتِ الآيَاتُ بِالسّرْمَدِيَّةِ (414 ق 1)
تَحُفُّ بِهِ: تَحُفُّ بِهِ: تلتف حوله من جوانبه, أي: تشمله, الآية: (وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ) 75 الزمر
أَسْرَارُهَا وَالْمَوَاهِبُ: أَسْرَارُهَا: أسرار الحضرة (الحقيقة) الأحمديّة, بطون غيبها, ما تخصّ به خاصتها من شأنها, وَالْمَوَاهِبُ: أي: و مواهِبُها, عطاءها, الوهب و الهِباتُ, العطاء من غير مقابل, قال رضي الله عنه:
وَفَقِهْتُ مِنْ أَسْرَارِهِ مَا لَوْ يَشَا *** سَبْعينَ رَاحِلَةً بِذَاكَ لأَوْقَرَ (8 ق 34)
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والتِّسْعُون : ( بِأَحْمَدَ حَيْثُ الأَحْمَدِيَّةُ يَهْتَدِي ) – بيت رقم 19: هُنَالِكَ يَفْنَى عَنْ صِفَاتٍ وَإِنَّمَا *** يَنَالُ بَقَاءً فَهُوَ إِذْ ذَاكَ صَاحِبُ
المعني:
هُنَالِكَ: هنا اسم إشارة و اللام للبعد, و الكاف للمخاطب, الإشارة إلي موطن الحقيقة الأحمديّة
يَفْنَى: ينمحي, أي: يَفْنَى الْعَبْدُ المشار إليه بالحديث في الأبيات السابقة بدءاً من البيت (16):
وَبَيْنَهُمَا تَقْرِيبُ عَبْدٍ لعَابِدٍ *** لِيَشْهَدَ مَعْبُوداً وَمَا ثَمَّ حَاجِبُ
عَنْ صِفَاتٍ: يَفْنَى عَنْ صِفَاتٍ, تنمحي صفاته
وَإِنَّمَا يَنَالُ بَقَاءً: وَإِنَّمَا: الواو للعطف, إنّما: إنّ و ما المصدرية, تفيد الحصر, يَنَالُ: يحصل علي, بَقَاءً: يبقي بالحضرة, أي: يصير إيّاها
فَهُوَ إِذْ ذَاكَ صَاحِبُ: فَهُوَ: العبد المتحقق, إِذْ: ظرفية بمعني حين, ذَاكَ: اسم إشارة لبعيد, يعني عند البقاء, صَاحِبُ: ملِك, لكونه لا يجد غير ذاته متحققا بوجود الحضرة فيه, قيل:
مَلَكْتَنَا فَمَلَكْنَا مَا مَلَكْتَ وَعَنْ *** ذَوَاتِنَا قَدْ أُمِيطَتْ مِنْكَ أَسْتَارُ
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والتِّسْعُون : ( بِأَحْمَدَ حَيْثُ الأَحْمَدِيَّةُ يَهْتَدِي ) – بيت رقم 20: فَإِنَّ لَدَيْهَا يُسْلَبُ الاِسْمُ وَالكُنَى *** فَتِلْكَ كُؤُوسٌ أَدْهَقَتهَا الْمَشَارِبُ
المعني:
فَإِنَّ لَدَيْهَا: فَإِنَّ: الفاء استئنافية, إنَّ: للتوكيد, لَدَيْهَا: في حضرتها, أي: الحقيقة الأحمديّة
يُسْلَبُ الاِسْمُ وَالكُنَى: يُسْلَبُ: يُنتزع, الاِسْمُ: علم يدلّ علي الذّات, أي: وتُسْلَبُ َالكُنَى, وَالكُنَى: جمع كُنية, و هي ما يعرّف به الشخص من نسبة أو وصف كريم إجلالاً و تقديراً, فناء عن السماء و الصفات و الذات, فناءً تاماً
فَتِلْكَ كُؤُوسٌ: فَتِلْكَ: الفاء سببية, تِلكً: اسم إشارة لجمع مؤنث بعيد, كُؤُوسٌ: أواني الشراب, و هي الأرواح
أَدْهَقَتهَا الْمَشَارِبُ: أدهقت الكأس أي ملأتها, قال تعالي: (وَكَأْسًا دِهَاقًا) 34 الزمر, أَدْهَقَتهَا الْمَشَارِبُ: ملأتها المشارب, جمع مشرَب, و هو ما يُشرب, و يعني: علوم و تجلّيات الحضرة, و إدهاق الكأس دليلٌ علي الكرم
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والتِّسْعُون : ( بِأَحْمَدَ حَيْثُ الأَحْمَدِيَّةُ يَهْتَدِي ) – بيت رقم 21: وَكُلُّ عُلُومٍ كَاللُّقَيْمَاتِ دُونَهَا *** إِذَا هُوَ أَعْطَى فَوْقَهَا فَهُوَ سَاغِبُ
المعني:
وَكُلُّ عُلُومٍ: يعني - وَكُلُّ عُلُومٍ دُونَهَا – التقديم و التأخير ضرورة يقتضيها الوزن في القصيد, أي: و كل علوم ما قبل الحضرة, الحقيقة الأحمديّة
كَاللُّقَيْمَاتِ دُونَهَا: كَاللُّقَيْمَاتِ: الكاف للتشبيه, اللُّقَيْمَاتِ: في الأكل, جمع لُقيمة, التصغير لُقمة لتقليل العدد, ولقمت اللقمة ألقمها لقما إذا أخذتها بفيك, و في الحديث, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه"، يعني بحسبه ما يقيم صُلبه, أي: ما يمدّه بما يكفي لبعث القدرة فيه علي القيام بما يلزم, و الإشارة هنا أن كلّ علوم ما قبل الحضرة, الحقيقة الأحمديّة, تشبه ما يكفي لضرورة الحياة, و لكن ليس فيها التمتّع و النعيم الذي في علوم الحقيقة الأحمديّة
إِذَا هُوَ أَعْطَى فَوْقَهَا: إِذَا: شرطية, هُوَ: العبد, أَعْطَى فَوْقَهَا: فوق علوم الحقائق دون الحقيقة الأحمديّة
فَهُوَ: فَهُوَ: الفاء سببية, هُوَ: إشارة للعبد المذكور في البيت (16):
وَبَيْنَهُمَا تَقْرِيبُ عَبْدٍ لعَابِدٍ *** لِيَشْهَدَ مَعْبُوداً وَمَا ثَمَّ حَاجِبُ
سَاغِبُ: أي: ذو مسغبة و المسغبة الجوع مع التعب, الآية: (أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ) 14 البلد, أي: مادام علم الحقيقة الأحمديّة أعلي مما أعطي
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الْحَادِيَة والتِّسْعُون : ( بِأَحْمَدَ حَيْثُ الأَحْمَدِيَّةُ يَهْتَدِي ) – بيت رقم 22: يُقَالُ لأَهْلِ الدِّينِ هَذَا إِمَامَكُمْ *** وَذَلِكَ عَبْدٌ جاءنَا وَهُوَ نَائِبُ
المعني:
يُقَالُ: فعل القول علي صيغة المبني للمجهول, و هي كما نعلم, أن ذلك أمر إلهي, أي: خطاب من الله عزّ و جلّ, لأهل الحضرة
لأَهْلِ الدِّينِ: الأهل هم ساكنو البيت و المقيمون فيه, أهل الدّين هم أهل الاستقامة علي الدّين, و الدّين يشمل كل الدّين, كما أراده ربّ العالمين, و أهله هم أهل الله, أولياؤه
هَذَا: اسم إشارة للقريب, و القريب هو الإمام الذي سيباشر مهمة رئاسة الدّين, إشارة للعبد المذكور في البيت (16):
وَبَيْنَهُمَا تَقْرِيبُ عَبْدٍ لعَابِدٍ *** لِيَشْهَدَ مَعْبُوداً وَمَا ثَمَّ حَاجِبُ
إِمَامَكُمْ: أي: إمام أهل الدّين (المُخاطبين), الإمام هو الذي يؤتم و يُقتدي به, أي: يقال لأهل حضرة الجمع في الحقيقة الأحمديّة, أعلي الحضرات, أي: يُعتَمد الإمام – رئيس الزمن في هذه الحضرة, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
وَوَفَّيْتُ مَا مِنْهُ الْخَليلُ قَدْ ابْتُلِي *** فَصِرْتُ إِمَاماً ذَا مقَامٍ عَلِيَّةِ (297 ق 1)
و قال رضي الله عنه:
وَلَيْسَ فِينَا إِمَامٌ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ *** إِمَامُنَا الْمُصْطَفَى وَالصَّفْحُ شِيَمُتنَا (18 ق 35)
وَذَلِكَ عَبْدٌ: وَذَلِكَ: الواو للعطف, ذَلِكَ: اسم إشارة للبعيد, عَبْدٌ: تحقق بالعبودية, و ذلك تدلّ علي البُعد من علو المكانة, يقول سيدي إبراهيم الدسوقي رضي الله عنه:
أَنَا ذَلِكَ القُطْبُ المُبَارَكُ أَمْرُهُ *** فِإنَّ مَدَارَ الكُلِّ مِنْ حَوْلِ ذِرْوَتِي
جاءنَا وَهُوَ نَائِبُ: جاءنَا: وصل إلينا, أي: إلي حيث الحقيقة الأحمديّة, وَهُوَ: الواو واو الحال, هُوَ: العبد, نَائِبُ: راجعٌ, ختَم من حيث البداية, قال تعالي: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ) 75 هود
تعليقات: 0
إرسال تعليق