-->
إغلاق القائمة
إغلاق القائمة
404
نعتذر فقد تم نقل الموضوع ; الرجاء زيارة الارشيف! الأرشيف

الاثنين، 25 مارس 2019

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الرّابِعَة والتِّسْعُون ( لِلَّهِ قَوْمٌ خُوطِبُوا فِي قَوْلِهِ )

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الرّابِعَة والتِّسْعُون ( لِلَّهِ قَوْمٌ خُوطِبُوا فِي قَوْلِهِ )
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الرّابِعَة والتِّسْعُون ( لِلَّهِ قَوْمٌ خُوطِبُوا فِي قَوْلِهِ )


موسوعة رشفات من دقائق شراب الوصل للشيخ عبد الحميد بابكر

شرح شراب الوصل شرح معانى كلمات الْقَصِيدَة الرّابِعَة والتِّسْعُون : ( لِلَّهِ قَوْمٌ خُوطِبُوا فِي قَوْلِهِ ) التّاريخ : الأحد 6 جمادى الأولى 1408 هـ = 27 ديسمبر 1987 معَدَد الأبيات : 13


13- وَانْظُرْ لأَيُّوبٍ غَدَا أَوَّابَهَا *** أَرْكُضْ بِرِجْلِكَ صَيَّرَتْهُ سَلِيمَا
 

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة  الرّابِعَة والتِّسْعُون : ( لِلَّهِ قَوْمٌ خُوطِبُوا فِي قَوْلِهِ ) – بيت رقم 1: لِلَّهِ قَوْمٌ خُوطِبُوا فِي قَوْلِهِ *** صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلمِوُا تَسْلِيمَا

المعني:
لِلَّهِ: تُقال للتعجُب, إذا أعجبك شئ, ومنه قول سيدنا عمرو بن العاص عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنهم "لله در ابن حنتمة أيَّ رجل كان !!" و ما ورد عن العرب قولهم "لله أنت من رجل", و من ذلك قول سيدي إبراهيم الدسوقي رضي الله عنه:
لِلهِ قَوْمٌ شَرَوا بالدِّينِ أَنْفُسَهُمْ *** وَ أتْعَبُوهَا بِذِكْرِ اللهِ أَزْمَانَا
قَوْمٌ: القوم هم من اجتمعوا علي شأن واحد قلّوا أو كثروا, و منه تقول: قَوْمُ نُوح, قَوْمُ موسَي ... و أهل المذهب و الطريقة قَوْمٌ, لذا قيل: "الشيخُ في قومِهِ كالنّبيّ في أمّتِه", و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه مستشفعاً لسيدنا رسول الله صلي الله عليه و سلم:
رَسُولَ اللَّهِ هُمْ أُولاَءِ قَوْمِي *** أَحِبَّائِي فَأَنْعِمْ بِالصَّلاَتِ (66 ق 39)
خُوطِبُوا فِي قَوْلِهِ: أي: خاطبهم الله تعالي, في قَوْلِهِ, و القَوْلُ من القرآن الآية الواحدة و من القصائد البيت الواحد, قَوْلِهِ:
صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلمِوُا تَسْلِيمَا: أي في الآية: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) 56 الأحزاب, و الخطاب بعبارة "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا", و هي تعني أهل مرتبة الإيمان, و هي هنا إشارة إلي أهل معيته و صحبته صلي الله عليه و سلم الرؤساء من الأنبياء و الأقطاب و الأكابر من أولياء الله تعالي, و صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلمِوُا تَسْلِيمَا: إنما هي الطاعة و الاتباع له صلي الله عليه و سلم الذي جعل صلاة الملائكة عليه طاعته صلي الله عليه و سلم, و التسليم الإذعان لأمره, و تسليماً للتشديد علي وصولهم غاية التسليم

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة  الرّابِعَة والتِّسْعُون : ( لِلَّهِ قَوْمٌ خُوطِبُوا فِي قَوْلِهِ ) – بيت رقم 2: فَلَهُمْ عَلَى التَّسْليِمِ إِنْ جُمِعُوا بِهِ *** دَارُ السَّلاَمِ هُدُوا لَهَا تَكْرِيمَا

المعني:
فَلَهُمْ: الفاء رابطة لجواب شرط إِنْ (اللاحقة) و الجواب عبارة "لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ", لَهُمْ: اللام للتخصيص, و الضمير يعود علي أهل حضرة الجمع
عَلَى التَّسْليِمِ: أي ما يلحقهم من أجر علي التسليم, الإذعان له صلي الله عليه و سلم
إِنْ جُمِعُوا بِهِ: إِنْ: ظرفية متضمنة الشرط, جُمِعُوا بِهِ: الحقوا بحضرته صلي الله عليه و سلم, و هي جمع الجمع
دَارُ السَّلاَمِ: دار السلام هي الحضرة الرئيسة, الأحمديّة, حيث لا فناء و السلام سلامة العارفين أهل وصلها, السادة الرؤساء من الأنبياء و الأقطاب و الأكابر من أوليائه تعالي, قال تعالي: (لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) 127 الأنعام
هُدُوا لَهَا تَكْرِيمَا: هُدُوا: من بعد الضلال (الحيرة) في موطن الهويّة, قال تعالي: (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى) 7 الضحي, لَهَا: للوصول إليها, أي: الحضرة, تَكْرِيمَا: التكريم هو  بذل مظاهر الشرف و الاحتفاء بالشخص

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة  الرّابِعَة والتِّسْعُون : ( لِلَّهِ قَوْمٌ خُوطِبُوا فِي قَوْلِهِ ) – بيت رقم 3: قَوْمٌ إِذَا مَا أَبْطَأَتْ أَعْمَالُهُمْ *** فَالْغَيْثُ مَدٌّ زَادَهُمْ تَنْعِيمَا 

المعني:
قَوْمٌ: القوم هم من جمعهم شأن واحد, فمنه قوم كل نبي, و قوم الشيخ أهل طريقته, و قوم الحضرة, وهنا أهل حضرة الرؤساء
إِذَا مَا: إذا شرطية فجائية, و ما للتفخيم
أَبْطَأَتْ أَعْمَالُهُمْ: تعبير مجازي فكأن العمل هو مطيّة يركبها السالك لبلوغ غاية الوصول, و الإبطاء هو السير الذي لم يبلغ به الغاية, و قد جاءت العبارة في الحديث: "مَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ", و الإشارة هنا إلي ما يلي من اصطفاء للواصلين, فهم في موطن اصطفاء لا اجتهاد, قال تعالي: (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ) 95 النمل
فَالْغَيْثُ مَدٌّ: فَالْغَيْثُ: الفاء رابطة لجواب الشرط, الْغَيْثُ: ما يغيث و يساعد, مَدٌّ: مدد و زيادة
زَادَهُمْ تَنْعِيمَا: تَنْعِيمَا: التنعيم هو اسباغ النعمة و هو الدعة و العيش الرغيد

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة  الرّابِعَة والتِّسْعُون : ( لِلَّهِ قَوْمٌ خُوطِبُوا فِي قَوْلِهِ ) – بيت رقم 4: إِنَّ الْبِدَايَةِ فِي رُمُوزٍ أُجْمِلَتْ *** بَاءُ الْبِدَايَةِ خَصَّهُمْ تَعْظِيمَا

المعني:
إِنَّ الْبِدَايَةِ: إِنَّ: للتأكيد, الْبِدَايَةِ: بداية الأمر أول ما يظهر منه, بداية الوجود
فِي رُمُوزٍ أُجْمِلَتْ: الرموز هي ما تشير إلي الحقائق الكاملة, حقائق الوجود, أُجْمِلَتْ: كلّها في بَاءُ الْبِدَايَةِ, أي: في نوره صلي الله عليه و سلم, المسمي بالحقيقة المحمديّة الجامعة لكل الحقائق, و يعني موطن تعدد الكثرة في الواحد
بَاءُ الْبِدَايَةِ: الباء: إشارة لأول مرتبة في بداية الوجود و هي موطن قبضة النور الإلهي, و لها رتبة العقل الأول و الخلق الأول, قال تعالي: (أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ) 15 ق, و الباء لها المرتبة الثانية بعد الألف المعبر عن حضرة الوحدانية و و لهذا الموطن أشار صلي الله عليه و سلم بقوله: "أول ما خلق الله نوري ومن نوري خلق كل شيء,  قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
بِدَايَةُ فَتْقِ الْمُرْتَقَاتِ وَفَصْلِهَا *** عَطِيَّةُ رَبِّ الْجُودِ وَالْبَدْءِ وَالْبَهَا ( 2 ق 72)
خَصَّهُمْ: خَصَّهُمْ: خصّ جعلها خاصة لهم دون غيرهم, أي: الرؤساء من الأنبياء و الأقطاب و الأكابر, أهل جمع الجمع
تَعْظِيمَا: جعل لهم المكانة العظيمة و العظمة تعني الرئاسة و المُلك, إذ كان صلي الله عليه و سلم حين يكتب للملوك يبدأ بعبارة "من محمدٍ رسول الله إلي كسري عظيم فارس ..... أو إلي قيصر عظيم الروم ..... و هكذا", أي: الملك و الرئيس و الزعيم, و من ذلك يُقال للسيدة فاطمة رضي الله عنها: عظيمة آل البيت, و هو صلي الله عليه و سلم عظيم العظماء, قال سيدي فخر الدين في مدحه صلي الله عليه و سلم:
وَكَرِيماً وَرَحْمَةً وَإِمَاماً *** وَعَظِيماً وَلَيْسَ فِيكَ يُقَالُ (2 ق 48)

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة  الرّابِعَة والتِّسْعُون : ( لِلَّهِ قَوْمٌ خُوطِبُوا فِي قَوْلِهِ ) – بيت رقم 5: تِلْكَ التَّوَابِعُ مِنْ نَوَابِعِ جُودِهَا *** خَمْرٌ يَكُونُ مِزَاجُهَا تَسْنِيمَا 

المعني:
تِلْكَ التَّوَابِعُ: تِلْكَ: إشارة للبعيد, التَّوَابِعُ: هي الكائنات, توابع بداية المنازل, قال تعالي: (فَمَنْ تَبِعَني فَإِنَّهُ مِنّي) 36 إبراهيم, يقول سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
تَوَابِعُهَا فِي غَيْبِ أَوْصَافِهَا الَّتى *** يُغَيِّبُ مُنْشِيهَا إِذَا شَاءَ نَعْتَهَا (3 ق 72)
مِنْ نَوَابِعِ جُودِهَا: مِنْ: حرف ابتداء لغاية مكانية, أي: مصدرها, نَوَابِعِ: جمع نابع, أي: ما ينبع و هو من نبع الماء إذا جرى من العين, و هو العطاء المتدفّق من ذاته, من حضرة الجُود
جُودِهَا: الجُود هو أن يعطي من غير سؤال, يبادر بالعطاء, و لذا قيل: "أبرز الوجود من حضرة الجود", و هي حضرة غيب الأحدية, قال رضي الله عنه:
يَجُودُ كَرِيمٌ حَيْثُ عَمَّ عَطَاؤُهُ *** وَلَكِنَّهُ يَخْتَصُّ أَهْلَ الْبَقِيَّةِ (396 ق 1)
خَمْرٌ: شرابٌ, إشارة لعلوم الحقائق الإلهية
يَكُونُ مِزَاجُهَا تَسْنِيمَا: يَكُونُ مِزَاجُهَا: المزاج الخليط, تَسْنِيمَا: الملء فوق المستوي, من سنم الإناء إذا ملأه حتى صار فوقه كالسنام, قال تعالي: (وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ) 27 المطففين, كناية عن العطاء الزائد

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة  الرّابِعَة والتِّسْعُون : ( لِلَّهِ قَوْمٌ خُوطِبُوا فِي قَوْلِهِ ) – بيت رقم 6: أَمَّا الثَّوَابِتُ فَالنَّوابِتُ دُونَهَا *** وَهِيَ ابْتِدَاءً قُدِّمَتْ تَقْدِيمَا

المعني:
أَمَّا الثَّوَابِتُ: أَمَّا: للاستئنااف, الثَّوَابِتُ: ثَوَابِتُهَا: الثَّوابت, هي ما لا يتغير, و هي أرواح الأئمة, الآية: (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) 71 الإسراء, و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
ثَوَابِتُهَا جَلَّتْ لَدَى كُلِّ مُحْكَمٍ *** وَمُجْمَلُ مَا فِي اللَّوْحِ بَثَّتْهُ بَثَّهَا (4 ق 72)
فَالنَّوابِتُ دُونَهَا: فَالنَّوابِتُ: جمع نابِتة, أصلها كل ما ينبت في الأرض من نبات, و هو كذلك الإنشاء, و منه قال تعالي: (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً) 37 آل عمران¸ أي: أحسن نشأتها, ونبتت لهم نابتة إذا نشأ لهم نشء صغار و جمعها النوابت, دُونَهَا: أمامُها, قبلها, و يعني بالنوابت: تنزّل النور المحمدي متفرقاً في أرواح الأئمة, ظهور الواحد في الكثرة
وَهِيَ ابْتِدَاءً: وهي حضرة غيب الأحديّة, ابْتِدَاءً: أول بدء الخلق, قال صلي الله عليه و سلم في ردّه علي سؤال سيدنا جابر رضي الله عنه: ما أول ما خلق الله, قال: "أولُ ما خلق الله نور نبيّك يا جابر"
قُدِّمَتْ تَقْدِيمَا: قُدِّمَتْ: وضعت في السبق لكل ما سواها, تَقْدِيمَا: تأكيد, و قد قيل:
تَقَدَّمَ كُلَّ الكَائِنَاتِ حَدِيثُهَا *** قَدِيمَاً وَلَا شَكْلٌ هُنَاكَ وَلَا رَسْمُ
وَقامَتْ بِهَا الأشْيَاءُ ثَمّ لحِكْمَة ٍ *** بِهَا احْتَجَبَتْ عَنْ كُلِّ مَنْ لَالهُ فَهْمُ

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة  الرّابِعَة والتِّسْعُون : ( لِلَّهِ قَوْمٌ خُوطِبُوا فِي قَوْلِهِ ) – بيت رقم 7: وَإِذَا تَدَلَّتْ فِي الْمَرَاتِبِ عِنْدَهَا *** جُمِعَتْ لَدَيْهَا مَا الْجَوَامِعُ ؟ فِيمَ ؟ 

المعني:
وَإِذَا تَدَلَّتْ: الواو للعطف, إِذَا: ظرفية تتضمن معني الشرط, تَدَلَّتْ: أي: حضرة الهويّة, تَدَلَّتْ: تَدَلَّى نزل من علو (ثُمَّ دَنا فَتَدَلّى) 8 النجم, وفي الحقائق يكون التدلّي ترقّي, وهو  التلدلي في الحضرات (المراتب) حتي الحضرة الواحدية
فِي الْمَرَاتِبِ عِنْدَهَا: الحضرات, لديها, لأنها جامعة للحضرات
جُمِعَتْ لَدَيْهَا: (أي: المراتب: الحضرات), احتوت الحضرات, أم الحضرات و أم المدائن, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
وَمَدِينَتِي أُمُّ الْمَدَائِنِ كُلهَا *** وَمَلِيكُهَا جَدِّي أَمَانٌ لِلْوَرَى (2 ق 34)
مَا الْجَوَامِعُ ؟ مَا: استفهام, الْجَوَامِعُ: جمع جامِعة, و هي كل حضرة جمع جمعت قوماً, حضيرات, قال رضي الله عنه:
وَيَجْمَعُ فِيهِ الْحَقُّ مَا كَانً فَرْقُهُ *** بِكُلِّ كِتَابٍ قَدْ هَدَى أَهْلَ مِلَّةِ (400 ق 1)
و قال رضي الله عنه:
جَوَامِعُهَا فَرْقِيَّةٌ وَرُمُوزُهَا *** مُفَتَّقَةٌ وَالْوَصْفُ يُجْمِلُ لُجَّهَا (5 ق 72)
فِيمَ ؟: استفهام عن العلّة, لفناء الجميع فيها, قيل:
الكُلُّ مِنْهُ و فِيهِ كَانَ و عِنْدَهُ *** تَفْنَي الدُّهُورُ وَ لَمْ تَزَلْ أَزْمَانُهُ

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة  الرّابِعَة والتِّسْعُون : ( لِلَّهِ قَوْمٌ خُوطِبُوا فِي قَوْلِهِ ) – بيت رقم 8: عِنْدَ الْحَوالِكِ مِنْ هُدَى تَوْحِيدِهَا *** فِي مَفْرِقِ التَّوْحِيدِ كُنْتُ مُقِيمَا 

المعني:
عِنْدَ الْحَوالِكِ: عِنْدَ: ظرفية, الْحَوالِكِ: هي كُلّ الوجود, حَوَالِك جمع حالكة العالم من عوالم الوجود, أي: شديدة الظُلمة, مواطن الحيرة, قال رضي الله عنه:
وَعِنْدَ كَمَالِ الْعِلَمِ بِاللَّهِ يَنْمَحِي *** عَنِ الْفَلَكِ الدَّوَّارِ غَيْبُ الْحَوَالِكِ (10 ق 10)
و قال رضي الله عنه:
حَوَالِكُهَا تِلْكَ الْمُضَاءَةُ ظُلْمَةٌ *** بِهَا وَكَتِابُ اللَّهِ سَطَّرَ لَوْحَهَا (6 ق 72)
مِنْ هُدَى تَوْحِيدِهَا: مِنْ: حرف ابتداء لغاية مكانية, هُدَى: ما يهدي و يدِلّ, تَوْحِيدِهَا: توحيد الصفات, في موطن الهويّة الإلهية
فِي مَفْرِقِ التَّوْحِيدِ: فِي مَفْرِقِ: المَفْرِق: من الفرق موطن تبيين الشئ من غيره, كمفرق الرأس و مفرق الطريق, مَفْرِقِ التَّوْحِيدِ: موطن التوحيد البيّن الواضح, توحيد الذّات, بعد كلّ رُتَب التوحيد, وهو موطن البرزخية و الوارثية, قال رضي الله عنه:
وَفِي مَفْرِقَ التَّوْحِيدِ مَا كُنْتُ حَائِداً *** وَلَمْ أَجْنِ إِلاَّ مَا تَدَلَّى بِرُكْنِهَا (13 ق 80)
كُنْتُ مُقِيمَا: الاقامة في موطن الشهود, خلاف أن يزور و يتنحي, قال رضي الله عنه:
وَغَيْرِي إِنْ حَازَ الْعِنَايَةَ إِنَّمَا *** يَزُورُ وَلاَ تُعْطِيهِ حُسْنَ مَآبِهَا (26 ق 80)

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة  الرّابِعَة والتِّسْعُون : ( لِلَّهِ قَوْمٌ خُوطِبُوا فِي قَوْلِهِ ) – بيت رقم 9: بَدَتِ الْخَوَارِقُ بَعْدَ كَشْفِ سِتَارِهَا *** بَعْدَ الْحِجَابِ وَرَدْتُهَا تَحْكِيَما 

المعني:
بَدَتِ الْخَوَارِقُ: بَدَتِ: ظهرت, الْخَوَارِقُ: جمع الخارقة, خرق للعادة, و معناه النفاذ لما يخالف العادة أو الطبيعة, و هي العلوم الخقائق الإلهية غير التي يتحملها العقل, من ذلك خلق سيدنا آدم عليه السلام من غير أم و لا أب و خلق سيدنا عيسي عليه السلام من أم و من غير أب و إحيائه الموتي و هكذا, قال رضي الله عنه:
خَوَارِقُهَا بَعْدَ الْحَجَابِ عَرَفْتُهَا *** عَوَائِدَ مَعْقُولاَتِهَا جِئْتُ خَرْقَهَا (7 ق 72)
بَعْدَ كَشْفِ سِتَارِهَا: تجليّها, ظهورها, قيل:
بَدَتِ الحَقِيقَةُ مِنْ خِلَالِ سُتُورِهَا *** وَاسْتَأنَسَتْ مِنْ بَعْدِ طُولِ نُفُورِهَا
بَعْدَ الْحِجَابِ: بَعْدَ: ظرف مكان, الْحِجَابِ: ما يحجِب أي يستُر, وهو حجاب العزّة, في صلاة بن بشيش "واجعلْ الحِجابَ الأعظمَ حياةَ رُوحي، ورُوحَهُ سِرَّ حقيقتي، وحقيقَتَهُ جامعَ عَوالمي", أي: بعد الهويّة, حيث الشهود الذّاتي
وَرَدْتُهَا تَحْكِيَما: وَرَدْتُهَا: أي وصلت إليها أطلب الشُرب, من ورود الماء, تَحْكِيَما: تحكيم الشئ مُحكماً, أي: للرسوخ في هذا الموطن

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة  الرّابِعَة والتِّسْعُون : ( لِلَّهِ قَوْمٌ خُوطِبُوا فِي قَوْلِهِ ) – بيت رقم 10: دَقَّتْ دَقَائِقُهَا وَرَاقَ شَرَابُهَا *** فَتَبَارَكَتْ أَسْمَاؤُهَا تَعْمِيمَا

المعني:
دَقَّتْ دَقَائِقُهَا: دَقَّتْ: دَقَّ: صار دقيقاً صغار الأنْقاء, دَقَائِقُهَا: دَقَائِقُ جمع دقيقة, و هي الإشارات, تحمل في باطنها المعاني, أي: إشارات حضرة الهويّة الإلهية, قال رضي الله عنه:
دَقَائِقُهَا دَقَّتْ وَحُسْنُ بَيَانِهَا *** يَجِلُّ عَنِ التِّبْيَانِ مَنْ حَدَّ حَدَّهَا ؟ (8 ق 72)
وَرَاقَ شَرَابُهَا: وَرَاقَ: رَاقَ الشراب طاب و أعجب شاربه, و قرن الدقائق بالرقائق, لما تحتويه تلك من هذي, شَرَابُهَا: شراب الحضرة, علومها و تجليّاتها, تشربها الأرواح, قال رضي الله عنه:
وَرَاقَ شَرَابِي مُذْ تَشَعْشَعَ خَمْرُهَا *** لِذَاكَ تَبَادَلْنَا كُؤُوسَ الْمَوَدَّةِ (256 ق 1)
فَتَبَارَكَتْ أَسْمَاؤُهَا: الفاء سببية, تَبَارَكَتْ: من البركة النماء و الزيادة, تباركت أفاضت مدداً, أي: زيادةً, أَسْمَاؤُهَا: أسماء الذّات, علوم الأسماء, الآية: (ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) 64 غافر, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
تَبَاركَ اللَّهُ ذَاتاً واسْمُهُ صِفَةٌ *** وَأَحْمَدُ الْحَامِدِينَ الْوَصْلَ يُولِينَا (30 ق 28)
تَعْمِيمَا: ضد تخصيصا, أي عامة الأسماء, كلّها

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة  الرّابِعَة والتِّسْعُون : ( لِلَّهِ قَوْمٌ خُوطِبُوا فِي قَوْلِهِ ) – بيت رقم 11: إِذْ أَنَّ يُونُسَ لَمْ يَكُنْ فِي سَبْحِهَا *** إِلاَّ لِيُنْبَذَ فِي الْعَرَاءِ سَقِيمَا 

المعني:
إِذْ أَنَّ يُونُسَ: إِذْ: تعليلية, أَنَّ: للتوكيد, يُونُسَ: سيدنا يُونُسُ بن متّي جاء ما بين سيدنا سليمان و سيدنا عيسى عليهم السلام, و سيدنا سليمان جدّه الثالث, و لقبه ذو النون, حضرة الرؤساء في موطن القرب من الأنبياء و أكابر الأولياء
لَمْ يَكُنْ فِي سَبْحِهَا: لَمْ: للنفي, يَكُنْ: حدوث الفعل, فِي سَبْحِهَا: السّبح العوم في البحر, و هو بحر الظلمات الظاهرة في بطن الحوت, كناية عن ظلمات الهويّة, قال تعالي: (وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لّا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) 87 الأنبياء, و هو أنّه لما كان من شأن المشاهد أن يكون خطابه للذّات بعبارة " أَنتَ", دلّت الآية علي أن سيدنا يونس كان إذ ذاك في موطن المشاهدة, و قال تعالي:  (فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ) 143 الصافات قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
نَزَلْنَا بَحْرَ هُو كَالسَّابِحَاتِ *** وَأَيْقَنَّا بِأَنَّ الْوَصْلَ آتِ (1 ق 39)
إِلاَّ لِيُنْبَذَ فِي الْعَرَاءِ سَقِيمَا: إِلاَّ: استثنائة سبقتها أداة نفي تفيد الحصر, لِيُنْبَذَ: اللام للتعليل, يُنْبَذَ: النبذ طرحك الشيء من يدك أمامك أو وراءك نبذت الشيء أنبذه نبذا إذا ألقيته من يدك ونبذت الشيء أيضا إذا رميته وأبعدته, فِي الْعَرَاءِ: هو المكان الفضاء لا يستتر فيه شيء أو الأرض الواسعة, سَقِيمَا: مريضا, و في الآية قال الله تعالي: (فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاء وَهُوَ سَقِيمٌ) 145 الصافات, و تعليل تسبيح سيدنا يونس عليه السلام في الظُلمات بأن يُنبذ في العراء سقيما, ذلك كناية عن التجريد لله سبحانه و تعالي, كي يأخذ به في شهود ذاته, لأن موطن المشاهدة (الهويّة) موطن تقلب في سبحات نار القُرب, قال رضي الله عنه:
وَمَا السُّبُحَاتُ إِلاَّ مَحْضُ نُورٍ *** كَنَارٍ كَانَ مِنْهَا الْبَيِّنَاتُ (3 ق 93)

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة  الرّابِعَة والتِّسْعُون : ( لِلَّهِ قَوْمٌ خُوطِبُوا فِي قَوْلِهِ ) – بيت رقم 12: مَا كَانَ يَحْييَ غَيْرَ عَبْدٍ سَوَّدَتْ *** كَرَماً لِيَحْيَا بَعْدَ ذَاكَ كَرِيمَا

المعني:
مَا كَانَ يَحْييَ: مَا كَانَ: ما النافية تليها غَيْر الاستثنائية, تفيد الحصر, يَحْييَ: سيدنا يحي بن سيدنا زكريا عليهما السلام, حضرة الرؤساء في موطن القرب من الأنبياء و أكابر الأولياء
غَيْرَ عَبْدٍ سَوَّدَتْ: عَبْدٍ: من أهل التحقق بالعبادة, سَوَّدَتْ: (أي: الحضرة الإلهية) جعلته سيّداً, و سيداً زعيماً و رئيساً, أي: خليفة من الخلفاء القبليين, قبل مجئ سيدنا رسول الله صلي الله عليه و سلم, جاء في قوله تعالي: (فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ) 39 آل عمران
كَرَماً: الكرم العطاء من غير نظرٍ لاستحقاق
لِيَحْيَا بَعْدَ ذَاكَ: لِيَحْيَا: اللم للتعليل, يَحْيَا: يعيش في ديمومية الحياة, من موطن الشهود الذّاتي, بَعْدَ ذَاكَ: بعد أن أعطي الخلافة, قال رضي الله عنه:
عَلَى التَّحْقِيقِ - لاَ عِلْماً - سَمِعْنَا *** رَأَيْنَا مَا تَدُومُ بِهِ الْحَيَاةُ (5 ق 93)
كَرِيمَا: من أهل العطاء, يُعطي من الكرم المحض

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة  الرّابِعَة والتِّسْعُون : ( لِلَّهِ قَوْمٌ خُوطِبُوا فِي قَوْلِهِ ) – بيت رقم 13: وَانْظُرْ لأَيُّوبٍ غَدَا أَوَّابَهَا *** أَرْكُضْ بِرِجْلِكَ صَيَّرَتْهُ سَلِيمَا

المعني:
وَانْظُرْ لأَيُّوبٍ: وَانْظُرْ له: أرقب و افهم قصته, أَيُّوبٍ: هو نبي الله سيدنا أيّوب بن موص من الروم جدّه الرابع سيدنا اسحق عليهم جميعاً السلام, حضرة الرؤساء في موطن القرب من الأنبياء و أكابر الأولياء
غَدَا أَوَّابَهَا: غَدَا: من الغدو و هو وقت سطوع شمس النهار, أي: دخل في التجلّي الظاهر, أَوَّابَهَا: من الأوب الرجوع, أي: يعود إلي موطن تجلّي الشهود بين تقلبه في عذاب موطن الهويّة في انتظار الشهود, قال تعالي: (وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ) 40 ص
أَرْكُضْ بِرِجْلِكَ: أَرْكُضْ: من ركض الدابة يركضها ركضا ضرب جنبيها برجله, إذا أراد الاسراع بها, بِرِجْلِكَ: كناية عن الجدّ في السعي للوصول إلي حضرة الشهود, قال تعالي: (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) 44 ص
صَيَّرَتْهُ سَلِيمَا: صَيَّرَتْهُ: نقلته من حال إلي حال, سَلِيمَا: معافيّ من العيوب, حتي يدخل حضرة الشهود

مشاركة المقال
mohamed fares
@كاتب المقاله
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع برهانيات كوم .

مقالات متعلقة

إرسال تعليق



Seoplus جميع الحقوق محفوظة ل برهانيات كوم