-->
إغلاق القائمة
إغلاق القائمة
404
نعتذر فقد تم نقل الموضوع ; الرجاء زيارة الارشيف! الأرشيف

الاثنين، 25 مارس 2019

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّالِثَة والتِّسْعُون : ( عُلُومُ الذَّاتِ دُونَ السِّتْرِ وَهْمٌ )

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّالِثَة والتِّسْعُون : ( عُلُومُ الذَّاتِ دُونَ السِّتْرِ وَهْمٌ )
شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّالِثَة والتِّسْعُون : ( عُلُومُ الذَّاتِ دُونَ السِّتْرِ وَهْمٌ )


موسوعة رشفات من دقائق شراب الوصل للشيخ عبد الحميد بابكر

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّالِثَة والتِّسْعُون : ( عُلُومُ الذَّاتِ دُونَ السِّتْرِ وَهْمٌ )التّاريخ : الخميس 18 ربيع ثاني 1408 هـ = 10 ديسمبر 1987 معَدَد الأبيات : 21 

21- وَلَكِنْ أَنْ تُفَتِّقَ مَا أَكَنَّتْ *** فَإِنَّ الْجَمْعَ مِنَّا لَلشَّتَاتُ

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّالِثَة والتِّسْعُون : ( عُلُومُ الذَّتِ دُونَ السِّتْرِ وَهْمٌ ) – بيت رقم 1: عُلُومُ الذَّاتِ دُونَ السِّتْرِ وَهْمٌ *** لَهَا سُبُحَاتُ وَجْهٍ مُهْلِكَاتُ 

المعني:
عُلُومُ الذَّاتِ: علوم غيب الذّات, الذّات: هي عبارة عن الوجود الصِرف لله سبحانه و تعالي بسقوط جميع الاعتبارات والإضافات والوجوهات, من صفات و أسماء و أفعال, و علوم الذّات يُطّلع عليها من موطن القرب, الهُويّة الإلهية, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
هُوَ الْهُو هُو بِأَسْتَارِ التَّجَلِي *** هُو الْهُو لَيْسَ هُو فَالْغَيْبُ ذَاتِي (53 ق 39)
دُونَ السِّتْرِ: أمام السِّتْرِ, أي بين الذّات و السِّتْر, السِّتْر هو ما يَسترُ أي: ما يحجب, و السِّتْر هو النور النبوي, و يكون أهل الشهود خلف السِّتْر, قال رضي الله عنه:
وِقَايَةٌ خَلْفَ سِتْرِ الْكِبْرِيَا كَرَماً *** كَانَتْ لَنَا فِيهِ أَسْتَاراً تُوَارِينَا (12 ق 28)
وَهْمٌ: الوَهْم الخيال أو الصورة, أي: أن علوم الذّات, غيوب الذّات, يراها أهل الشهود صورة لا يمكن مباشرة حقيقتها أو ذاتها, التي حجبهم عنها السِّتْر
لَهَا: اختصّت ب و تميّزت ب, أي: عُلُومُ الذَّاتِ
سُبُحَاتُ وَجْهٍ: سُبُحَاتُ وَجْهٍ: سبحات وجه الله أنواره, لقوله صلي الله عليه و سلم حين سئل كيف رأيت ربّك؟ قال: "نورٌ أنّي أراه"
مُهْلِكَاتُ: الهلاكُ الفناء, أي: يفني المشاهد عندها و لا يبقي منه شئ, و في الحديث, قال صلي الله عليه و سلم: "إن لله سبعين حجابا من نور وظلمة لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه كل ما أدرك بصره", و هو ما بعد سدرة المنتهي حيث فارق سيدنا جبريل حضرة النبي صلي الله عليه و سلم في ليلة الإسراء و المعراج, قائلاً له: إذا أنت تقدّمت اخترقت وإذا أنا تقدّمت احترقت"

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّالِثَة والتِّسْعُون : ( عُلُومُ الذَّتِ دُونَ السِّتْرِ وَهْمٌ ) – بيت رقم 2: فَمَا لِلذَّاتِ إِنْ حَقَّقْتَ ذَاتٌ *** تُحِيطُ بِمَا لَدَيْهَا فَهَيَ ذَاتُ 

المعني:
فَمَا لِلذَّاتِ إِنْ حَقَّقْتَ ذَاتٌ: فَمَا: الفاء استئنافية, ما النافية, لِلذَّاتِ: الذات: عبارة عن الوجود المطلق و هو الذات الساذج الذي لا ظهور فيه لإسم ولا نعت ولا نسبة ولا إضافة ولا لغير ذلك ، فَمَا لِلذَّاتِ إِنْ حَقَّقْتَ ذَاتٌ: الذات الساذج هو تجليه بذاته في ذاته لذاته عن ذاته، فلا أحدية ولا كثرة ولا وصف ولا اسم, إِنْ حَقَّقْتَ: التحقيق هو البحث عن الحقيقة, و إسنادها لما ثبت من معرفة
تُحِيطُ بِمَا لَدَيْهَا: تُحِيطُ: الاحاطة الاشتمال من كل الجوانب, بِمَا لَدَيْهَا: بالذي في حضرة الذّات, و يعني ذلك الوجود المطلق الذي ليس بعده وجود, (و ليس وراء ذلك مرميً لرامي)
فَهَيَ ذَاتُ: فَهَيَ: الفاء السببية, هيَ: اسم إشارة يدلّ علي الذّات, ذَاتُ: لا تستطيع أن تقول أكثر من أنّها ذات صِرف, لا تقبل الإضافة

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّالِثَة والتِّسْعُون : ( عُلُومُ الذَّتِ دُونَ السِّتْرِ وَهْمٌ ) – بيت رقم 3: وَمَا السُّبُحَاتُ إِلاَّ مَحْضُ نُورٍ *** كَنَارٍ كَانَ مِنْهَا الْبَيِّنَاتُ 

المعني:
وَمَا السُّبُحَاتُ إِلاَّ: الواو استئنافية, مَا النافية و إِلاَّ الاستثنائية تفيدان الحصر, السُّبُحَاتُ: سبحات وجه الله بضم السين والباء أنواره وجلاله وعظمته وقال سيدنا جبريل عليه السلام: "إن لله دون العرش سبعين حجابا لو دنونا من أحدها لأحرقتنا سُبحات وجه ربنا"
مَحْضُ نُورٍ: مَحْضُ: المَحْضُ الخالص الذي لم يخالطه شئ, نُورٍ: نُور صِرف, ذلك في قوله تعالي في الآية: (يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ) 36 النور
كَنَارٍ: الكاف للتشبية, أي: يشبه النّار لجهة كونه شديد البأس, و من ثمّ له خاصية الحرق
كَانَ مِنْهَا: من السُبحات, مِنْ: حرف ابتداء لغاية مكانية, أي: الموطن الذي صدرت منه البيّنات, و هي المشار إليها بالألف, و هي موطن الهُويّة الإلهيّة
الْبَيِّنَاتُ: الحقائق الواضحة المثبتة, و هي ما يُجلي لأهل هذا المقام من الأنبياء و الأولياء من الحقائق, قال تعالي: (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ) 39 العنكبوت, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
كُلهُمْ فِيهَا صُدُورٌ أُودِعَتْ *** مِنْ عُلُومِ اللَّهِ مَا خُصَّتْ بِهِ (22 ق 87)

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّالِثَة والتِّسْعُون : ( عُلُومُ الذَّتِ دُونَ السِّتْرِ وَهْمٌ ) – بيت رقم 4: لَهَا فِي الْخَلْقِ شَأْنٌ أَيُّ شَأْنٍ *** تُوَلِّيهِمْ فَلاَ يَبْقَي الْفُتَاتُ

المعني:
لَهَا: اللام للتخصيص, الضمير (هَا) يعود علي السُبحات
فِي الْخَلْقِ شَأْنٌ: فِي الْخَلْقِ: الخلق الجديد, تعيين أرواح الخلق من النور النبوي, قال تعالي: (أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ) 15 ق, شَأْنٌ: أمر, و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
أَلْقَتْ عَلَى الْخَلْقِ الْجَدِيدِ ظِلاَلَهَا *** وَلَدَى مَراقِيهَا تُرَى بِعُيوُنِهَا (12 ق 95)
أَيُّ شَأْنٍ: أَيُّ: تدل على بلوغ الغاية في المدح, مثال المدح قولهم: محمدٌ رجلٌ أي رجل, شَأْنٍ: أمر, أي: أنّ لها شأن عظيم, قال تعالي:(وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ) 61يونس
تُوَلِّيهِمْ: (أي: حضرة الهويّة الإلهية, موطن القرب), تجعل لهم الولاية النافية للغيرية, قال رضي الله عنه:
وَثَمَّ يُوَلَّى وَالْعِنَايَةُ مَتْنُهُ *** وَيَجْعَلُهُ مَتْنَ الْهُدَى بِالْمَعِيَّةِ (403 ق 1)
فَلاَ يَبْقَي الْفُتَاتُ: الْفُتَاتُ: فت الشيء يفته فتا وفتته دقه و الفت أن تأخذ الشيء بإصبعك فتصيره فتاتا أي دقاقا فهو مفتوت وفتيت والفتات ما تفتت وفتات الشيء ما تكسر منه, فَلاَ يَبْقَي: يفني, فَلاَ يَبْقَي الْفُتَاتُ: الفناء التام, قيل:
فَشَهِدْتُهُمْ بِعُيونِهِم و بِسَمْعِهِم *** و شَرَابُهُم لَمْ يُبْقِ مِنّيَ باقِيَا

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّالِثَة والتِّسْعُون : ( عُلُومُ الذَّتِ دُونَ السِّتْرِ وَهْمٌ ) – بيت رقم 5: عَلَى التَّحْقِيقِ - لاَ عِلْماً - سَمِعْنَا *** رَأَيْنَا مَا تَدُومُ بِهِ الْحَيَاةُ 

المعني:
عَلَى التَّحْقِيقِ: تحققنا منه, بالإثبات و الدليل شهادةً
- لاَ عِلْماً -: (جملة اعتراضية), أي: ما هو علم نُقل إلينا نقلاً
سَمِعْنَا: سمعنا من الحضررة الإلهية, في موطن المشاهدة, سماع الخطاب الإلهي, يمكن الولي من معرفة لغات جميع المخلوقات
رَأَيْنَا: شاهدنا شهود عيان في موطن الشهود, شهود الذّات, يمكن الولي من معرفة سرّ صنعة الله في المخلوقات, قال رضي الله عنه:
وَأَغْرِسُ فِي الْجَنَّاتِ حَمْداً لِرَبِّنَا *** وَفَكُّ رُمُوزِ الْكَائِنَاتِ خَصَاصَتِي (42 ق 1)
مَا تَدُومُ بِهِ الْحَيَاةُ: الدوام السرمدي, رؤية وجه الحق تعالي, قال تعالي: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) 26-27 الرحمن, قال رضي الله عنه:
فَيَلْقَى رَبَّهُ حَيّاً كَمَيْتٍ *** وَأَبْقَى عِنْدَ هُو حَيَّ الرُّفَاتِ (48 ق 39)
و قال رضي الله عنه في (18-19 ق 91):
يَعيِشُ لَدَيْهَا الْعَبْدُ وَالْعِزُّ سَرْمَدٌ *** تَحُفُّ بِهِ أَسْرَارُهَا وَالْمَوَاهِبُ
هُنَالِكَ يَفْنَى عَنْ صِفَاتٍ وَإِنَّمَا *** يَنَالُ بَقَاءً فَهُوَ إِذْ ذَاكَ صَاحِبُ


شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّالِثَة والتِّسْعُون : ( عُلُومُ الذَّتِ دُونَ السِّتْرِ وَهْمٌ ) – بيت رقم 6: شَرِبْنَاهَا كُؤُوساً مُدْهَقَاتٍ *** فَهُنَّ الْمُحْكَمَاتُ الْمُنْزَلاَتُ

المعني:
شَرِبْنَاهَا: شَرِبْنَا (نحن أهل حضرة القرب) الضمير (هَا) يعود علي (كُؤُوساً), و الكؤوس الأرواح تمتلئ بالعلوم و التجلّيات
كُؤُوساً مُدْهَقَاتٍ: كُؤُوساً: الأرواح, مُدْهَقَاتٍ: ملئية, قال تعالي: (وَكَأْسًا دِهَاقًا) 34 النبأ
فَهُنَّ: أي: العلوم
الْمُحْكَمَاتُ الْمُنْزَلاَتُ: الْمُحْكَمَاتُ: التي جمعت و أحكمت فيها المعاني غير المفصّل, الْمُنْزَلاَتُ: التي أنزلت, و هي العلوم التي اختص بها الله تعالي كل عبدٍ من عباده المقربين, قال تعالي: (هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) 7 آل عمران, قال رضي الله عنه:
بَلْ وَمِنْهَا مُحْكَمَاتٌ كُنَّ رَمْزاً *** كَمْ أَكَنَّتْ مِنْ كَنِيٍّ تَصْطَفِيهِ (5 ق 84)
و قال رضي الله عنه:
وَمِمَّا نِلْتُهُ مِنْهَا عُلُوماً *** وَأَحْكَاماً أُلَقّنُهَا بِذَاتِي (13 ق 39)

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّالِثَة والتِّسْعُون : ( عُلُومُ الذَّتِ دُونَ السِّتْرِ وَهْمٌ ) – بيت رقم 7: فَلَوْلاَ أَنَّنَا فِيهَا احْتَمَيْنَا *** لأَفْنَتْ حَيْثُ لاَ تُغْنِي الصِّفَاتُ

المعني:
فَلَوْلاَ: الفاء استئنافية, لولا حرف امتناع لوجود
أَنَّنَا: أنّ للتأكيد مع نا المتكلم الجمع, أهل جمع حضرة الرؤساء, أهل موطن المشاهدة
فِيهَا: في الذّات
احْتَمَيْنَا: وجدنا الحماية في غيب الذّات
لأَفْنَتْ: اللام للتعليل, أفنَت: أي: لكانت أفنتنا, محتنا, و الفاعل متأخر في الجملة و هو (الصِّفَاتُ), أي: كنا فنينا في الصفات
حَيْثُ لاَ تُغْنِي الصِّفَاتُ: حيث لا تغني الصِّفَاتُ عن الذّات, لأن الذّات أعلي, قيل في المعني:
وَ هَذِهِ سَلْمَى لِلصَّبِ دَانِي *** فاتْرُكْ لَهَا الأسْمَاء وامحُ الأَوَاني
فَالذَّاتُ لِي مَرْمَى عَيْنُ العَيَانِ *** واسْتَعْمَلِ الكِتْمَان بَيْنَ العِبَادِ

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّالِثَة والتِّسْعُون : ( عُلُومُ الذَّتِ دُونَ السِّتْرِ وَهْمٌ ) – بيت رقم 8: لِيَبْقَى لِلْعَزِيزِ حِجَابُ عِزٍّ *** فَيَفْنَي الْمُؤْمِنُونَ وَهُمْ سِمَاتُ

المعني:
لِيَبْقَى: اللام للتعليل, و العلّة, السبب: (فَلَوْلاَ أَنَّنَا فِيهَا احْتَمَيْنَا) البيت السابق, يَبْقَى: يدوم
لِلْعَزِيزِ: اللام للتخصيص, العزيز: الملك, المنيع الحمي, الذّات الإلهيّة, قال تعالي في الآية: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) 63 المنافقون
حِجَابُ عِزٍّ: الحِجاب السِّتر, و هو نور النبي صلي الله عليه و سلم, حِجَابُ عِزٍّ: حجاب يكون به العزّ, المِنعة, في صلاة بن بشيش: (اللهمَّ إنّه سرُّكَ الجامعُ الدَّالُّ عليكَ، وحِجابُكَ الأعظمُ القائمُ لكَ بينَ يديكَ)
فَيَفْنَي الْمُؤْمِنُونَ: فَيَفْنَي: الفاء سببية, يَفْنَي: ينمحي عن ذاتهم, الْمُؤْمِنُونَ: أهل الوصل مع حضرة النبي صلي الله عليه و سلم
وَهُمْ سِمَاتُ: وَهُمْ: الواو واو المعيّة, الضمير هُم يعود علي (الْمُؤْمِنُونَ, سِمَاتُ: جمع سِمة و السِّمَةُ العلامة, يدلّون علي الله, يرشدون الخلق إلي الله تعالي, من حديث ابن عباس: (ألا أنبئكم بخياركم) أي بالذين هم من خياركم أيها المؤمنون قالوا: بلى قال: (الذين إذا رؤوا ذكر الله), أي بسمتهم وهيئتهم, و قِيل في المعني:
إذَا رُؤيِ ذُكِرَ المَوْلَى لِرُؤيَتِهِ *** وَفَازَ بِالعِزِّ وَالتَّأيِيدِ رَائِيهِ

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّالِثَة والتِّسْعُون : ( عُلُومُ الذَّتِ دُونَ السِّتْرِ وَهْمٌ ) – بيت رقم 9: فَصِرْنَا بَعْدَ مَا ذُقْنَا صُدَوراً *** تُلَقِّيهَا الُعُلُومَ الْمُلْقِيَاتُ

المعني:
فَصِرْنَا: الفاء سببية, صِرنا ماضي من صار, أي: انتقل من مكان إلي مكان, من منزلةٍ إلي منزلة
بَعْدَ مَا ذُقْنَا: بَعْدَ: ظرفية تفيد التالي من حيث المكان أو الزمان, مَا: الذي, ذُقْنَا: من الذّوق و هو أول استطعام الشراب, أول التجلّيات, و الذّوق هو حق اليقين, فعلم اليقين أن تعلم بالمذاق غير أن تختبره و عين اليقين أن يُري لك غير أن تمسّه و حق اليقين أن تضيف إلي ذلك مباشرتك للشراب و الاحساس بالطعم, و لذلك قيل:
تَنَقَّلْتُ مِنْ عِلمِ اليَقِينِ لِعَيْنِهِ *** إِلَي حَقِّهِ حَيْثُ الحَقِيقَةُ وِجْهَتِي
صُدَوراً: الصدور كناية عن قابليتهم لتلّقي التجلّيات الإلهية في كلّ مرحلة, قال رضي الله عنه:
كُلهُمْ فِيهَا صُدُورٌ أُودِعَتْ *** مِنْ عُلُومِ اللَّهِ مَا خُصَّتْ بِهِ (22 ق 87)
تُلَقِّيهَا الُعُلُومَ: تُلَقِّيهَا: تناولها, تناول الصدور, الُعُلُومَ: مفعول ثاني لتُلقّي, أي: الْمُلْقِيَاتُ تُلَقِّي الصُّدَورَ الُعُلُومَ, الآية: (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ) 6 النمل
الْمُلْقِيَاتُ: مواطن العطاء الإلهي, التي تُلقي, تناول العطاء, الآية: (فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا) 7 المرسلات, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
كَذَا فَالْمُلْقِيَاتُ لِكُلِّ ذِكْرٍ *** بِأَلْوَاحٍ وَأَرْوَاحٍ تَغَارُ (5 ق 31)

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّالِثَة والتِّسْعُون : ( عُلُومُ الذَّتِ دُونَ السِّتْرِ وَهْمٌ ) – بيت رقم 10: رِيَاحٌ تَنْزِعُ الأَغْيَارَ عَنَّا *** أَجَلْ وَالسّتْرَ تُبْقِي النَّازِعَاتُ

المعني:
رِيَاحٌ: الرّياح وصف للهويّة الإلهية, تشير إلي قرب الشهود, و في الآية: (وَهُوَ الَّذي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) 57 الأعراف, و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
عَصَفَتْ رِيَاحُ الْقُرْبِ لَمَّا قَارَبَ *** الْمِيقَاتُ عَانَقَ لُؤْلُؤى مَرْجَانِي (6 ق 2)
تَنْزِعُ الأَغْيَارَ عَنَّا: تَنْزِعُ: تقتلع وتُزيل, و تقول نزَع الشّيءَ عن مكانه و نزَع الشّيءَ من مكانه: بمعني قلعه, و المعني: لا تبقي باقية من الأغيار, الأَغْيَارَ: كلّ ما سوي الله, و هي عدم الالتفات المعبّر عنه في قولهم:
وَلاَ تَلْتَفِتْ لِلغَيْرِ يَوْماً فَكُلّمَا *** سِوَي اللهِ غَيْرٌ فاتَّخِذ ذِكْرَهُ حِصْنَا
أَجَلْ: من حروف الإثبات يأتي للتصديق بخبر, بمعني نعم, غير أن نعم تجاوب علي الاستفهام, و من ذلك قولهم:
يقولونَ لي صفها فأنتَ بوصفها *** خَبيرٌ، أجَلْ! عِندي بأوصافِها عِلْمُ
وَالسّتْرَ تُبْقِي النَّازِعَاتُ: الواو عاطفة, السّتْرَ: الحجاب و الوقاية (مفعول), تُبْقِي: أي: النَّازِعَاتُ تُبْقِي السّتْرَ, النَّازِعَاتُ: التي تنزع, أي: تصفّي من الأغيار, الآية: (وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا) 1 النَّازِعَات, الإغراق الاتيان بالفعل في أقصي درجة ممكنة, يقال: أغرق النازع في القوس إذا بلغ غاية المدى, و هنا لأهل اللغة: نوع من الطِباق الجميل, و الطباق هو تضادّ المعاني, فالنزع و الإبقاء متضادان, و كما قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
وَنَزَّهَتْنَا عَنِ الإِشْرَاكِ أَجْمَعِهِ *** وَكُنْيَةُ الْعَبْدِ تَاجٌ فَوْقَ أَرْؤُسِنَا (5 ق 35)

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّالِثَة والتِّسْعُون : ( عُلُومُ الذَّتِ دُونَ السِّتْرِ وَهْمٌ ) – بيت رقم 11: فَتُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرٍ عَلَيْنَا *** فَنَحْنُ لَهَا الْعُرُوشُ الْبَاقِيَاتُ

المعني:
فَتُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرٍ عَلَيْنَا: فَتُلْقِي: الفاء استئنافية, تُلْقِي عَلَيْنَا: تُبلغنا, (أي: حضرة الهويّة الإلهية), الرُّوحَ: موطن المشاهدة, مِنْ أَمْرٍ: من موطن الأمر, غيب الهويّة, الآية: (رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ) 15 غافر
فَنَحْنُ لَهَا: الفاء للعطف تفيد الترتيب و التعقيب, نَحنُ: جمع أهل حضرة المشاهدة, لَهَا: اللام للتخصيص (للحضرة)
الْعُرُوشُ: العرش هو موطن الاستواء الروحي, القلب, قال تعالي في الحديث القدسي: "مَا وَسِعَنِي أَرْضِي وَلا سَمَائِي، وَلَكِنْ وَسِعَنِي قَلْبُ عَبْدِيَ الْمُؤْمِنِ", و لتعدد العروش بتعدد أهل الإيمان من في معية النبي صلي الله عليه و سلم في موطن الشهود, قيل:
لَا تَقُولُوا بِفَرْدِ عَرْشٍ وَكُرْسِي *** كَمْ عُرُوشٍ لِرَبِّنَا وَكَرَاسِي
الْبَاقِيَاتُ: أي: بقينا بعد الفناء, و لم نهلك, و ذلك مقابل عروش أهلكتها الرّياح, كما في قوله تعالي: (فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ 45 الحج, الرياح التي ذكرها في البيت السابق:
رِيَاحٌ تَنْزِعُ الأَغْيَارَ عَنَّا *** أَجَلْ وَالسّتْرَ تُبْقِي النَّازِعَاتُ


شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّالِثَة والتِّسْعُون : ( عُلُومُ الذَّتِ دُونَ السِّتْرِ وَهْمٌ ) – بيت رقم 12: لِنَحْمِلَ مَا تَحَمَّلْنَا سَخَاءً *** وَنَشْكُرَ حِينَ تُدْرِكُنَا الْهِبَاتُ

المعني:
لِنَحْمِلَ مَا تَحَمَّلْنَا: (الخطاب بلسان أهل جمع حضرة الشهود), اللام لام التعليل بمعني كي و لذا تعرف بلام كي, مربوط بالسبب في البيت السابق, أي: (فَتُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرٍ عَلَيْنَا لِنَحْمِلَ مَا تَحَمَّلْنَا) كي نَحْمِلَ مَا تَحَمَّلْنَا, و ذلك من قوله تعالي: (أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ) 17 الرعد, نَحْمِلَ مَا تَحَمَّلْنَا هو حِملِهم للفيوضات الإلهية, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
لَيَحْمِلُ مَا لاَ تَحْتَمِلْهُ رَوَاسِخٌ *** وَإِنَّ بَنِيِهِ وَاحِدٌ كَالسَّرِيَّةِ (292 ق 1)
سَخَاءً: السّخاء هو العطاء من غير حدود, غاية الكرم, قال رضي الله عنه:
يَجُودُ كَرِيمٌ حَيْثُ عَمَّ عَطَاؤُهُ *** وَلَكِنَّهُ يَخْتَصُّ أَهْلَ الْبَقِيَّةِ (396 ق 1)
وَنَشْكُرَ: (أي: و لِنَشْكُرَ, مع حذف لام كي للإيجاز), الشكر عرفان الإحسان ونشره
حِينَ تُدْرِكُنَا الْهِبَاتُ: حِينَ: ظرف. تُدْرِكُنَا: تَصِل إلينا, الدَّرك من الهويّة الإلهية, لقوله تعالي: (لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) 103 الأنعام, الْهِبَاتُ: جمع الهِبة, الهبة العطية الخالية عن الأعواض والأغراض, من اختصاصات اسمه تعالي الوهّاب, و يقول سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
إِذَا هُوَ قَدْ أَعْطَى فَرَبٌّ لِعَبْدِهِ *** كَذَا هُوَ وَهَّابُ الْعُلُومِ الْعَلِيَّةِ (397 ق 1)

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّالِثَة والتِّسْعُون : ( عُلُومُ الذَّتِ دُونَ السِّتْرِ وَهْمٌ ) – بيت رقم 13: فَإِنَّ الْحَيَّ قَيُّومٌ عَلَيْنَا *** فَلا نَوْمٌ بِذَاكَ وَلاَ سِنَاتُ 

المعني:
فَإِنَّ الْحَيَّ قَيُّومٌ عَلَيْنَا: فَإِنَّ: الفاء استئنافية, إنّ للتوكيد, الْحَيَّ: اسمه تعالي الذي هو اقتضاء الوجود للفعل والإدراك, قَيُّومٌ عَلَيْنَا: وهو الذي يقيم شأنهم, و هي ما ورد في آية الكرسي, قال تعالي: (اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ) 255 البقرة
فَلا نَوْمٌ بِذَاكَ: فَلا: الفاء سببية, نَوْمٌ: النوم : لغةً: هو انحباس الروح عن الظاهر في الباطن, بِذَاكَ: الباء للتعليل وتعرف بباء السببية, بِذَاكَ: أي بسبب قيوميته علينا, فَلا نَوْمٌ (بالنسبة لنا), قال رضي الله عنه:
مَا نِمْتُ فِي دَارِ النِّيَامِ فَهَلْ تُرَى *** دَارُ الْحَيَاةِ بِهَا يَطِيبُ مَنَامِي (38 ق 15)
و قال رضي الله عنه:
مَا طَابَ نَوْماً مَنْ قَدِ اسْتَرْعَيْتَهُ *** مَا لِلْمُشَاهِدِ فِي الْقَرَارِ جُفُونُ (10 ق 67)
وَلاَ سِنَاتُ: جمع سِنة و هي النُعاس, بداية النوم, وَلاَ سِنَاتُ (بالنسبة لنا), نفي الغفلة عنهم, أي: هم في حالة حضور تام يقابله تجلّي دائم من الحضرة الإلهية, قال رضي الله عنه:
أَشِعَّةُ نُورٍ مِن سَنَا فَيضِ نُورِهِ *** يقَابِلُهَا عَبْدٌ فَنَى عَنْ بَقِيَّةِ (398 ق 1)
و نفي عنه الإغفاء في ذكره لقتل الأنفس, قائلاً رضي الله عنه, في (21-22 ق 6):
ذِي سَبْعَةٌ عِنْدِي وَمَا مِنْ ثَامِنٍ *** أَمْلَيْتُهَا وَفَرَغْتُ مِنْ إِمْلاَئِي
لاَ يَسْتَطِيعُ الشَّيْخُ يَقْتُلُ جَمْعَهَا *** أَوْ بَعْضَهَا لَوْ كَانَ ذَا إِغْفَاءِ

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّالِثَة والتِّسْعُون : ( عُلُومُ الذَّتِ دُونَ السِّتْرِ وَهْمٌ ) – بيت رقم 14: إِذَا مَا مَرَّةً طَلَعَتْ عَلَيْنَا *** يُغَيِّبُنَا الْحَيَاءُ فَلاَ الْتِفَاتُ 

المعني:
إِذَا مَا: إِذَا: تسمي إِذَا الفجائية الظرفية, مَا (زائدة) تعمل لتفخيم الفعل
مَرَّةً: واحدة المرِّ, و أصلها مرّ عليه وبه يمرّ مرا أي اجتاز, و تفيد التكرار سلباً أو إيجاباً, أي: أن تطلع مَرَّةً و لا تطلع مَرَّةً و هكذا, مثال قوله تعالي: (الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ) 56 الأنفال
طَلَعَتْ عَلَيْنَا: أقبلت بطلعتها – أي بوجهها - من خبائها, و في الآية: (وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ) 17 الكهف
يُغَيِّبُنَا الْحَيَاءُ: يُغَيِّبُنَا: يُفنينا, الْحَيَاءُ: الخجل, الخوف إجلالاً, قيل:
كَأنَّمَا الطَّيْرُ حَطَّاً فَوْقَ أَرْؤسِهِمْ *** لَاخَوْفَ مَكْرٍ وَلَكِنْ خَوْفُ إِجْلَالِ
فَلاَ الْتِفَاتُ: أصل الالتفات في اللغة أن يستنسخ المتكلم من نفسه شخصاً آخر يخاطبه فيكون هو المتكلم و المُخاطب, كقول الشاعر:
أرَاكَ عَصِيَّ الدّمعِ شِيمَتُكَ الصّبرُ *** أما للهوى نهيٌّ عَليكَ ولا أمرُ ؟
و هو يسأل نفسه في حاصل الأمر, فإذن هو رأي غيراً معه, و هذا معني الالتفات في المصطلح الحقّي, رؤية الغير, و قد قيل:
وهو أمر واحد *** واثنان بعد الالتفات

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّالِثَة والتِّسْعُون : ( عُلُومُ الذَّتِ دُونَ السِّتْرِ وَهْمٌ ) – بيت رقم 15: إِذَا هِيَ أَوْثَقَتْنَا فِي حِمَاهَا *** بِمَحْضِ عَطَائِهَا نَحْنُ الثِّقَاتُ 

المعني:
إِذَا هِيَ: إِذَا: شرطية, هِيَ: اسم إشارة دالّ علي حضرة الإلهية, حضرة الشهود
أَوْثَقَتْنَا: أَوْثَقَه إيثاقًا: جعله وثيقًا, أوْثَقَ الأَسِيرَ: شَدَّهُ بِالوَثَاقِ (الرباط), في الآية: (ولا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ) 26 الفجر, و ذلك إشارة إلي الأسر في حالة الفناء لهم بواسطة حضرة الشهود
فِي حِمَاهَا: الحمي المكان الذي يُحتمي به, حضرة القرب
بِمَحْضِ عَطَائِهَا: بِمَحْضِ: الباء للوسيلة أو الواسطة, أي: بواسطة, مَحْضِ: المَحْض هو الخالص الذي لم يخالطه غيره, عَطَائِهَا: العطاء الكرم
نَحْنُ الثِّقَاتُ: نَحْنُ: أهل جمع حضرة الشهود, الثِّقَاتُ: رَجُلٌ ثِقَةُ: مَوْثُوقُ بِهِ و الجمع ثِقَاتٌ, الثِّقَاتُ, مكان وضع الأسرار و التفويض لهداية الخلق, و من ذلك قال تعالي في حقّ نبيه الكريم صلي الله عليه و سلم, (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا) 7 الحشر, و (نَحْنُ الثِّقَاتُ) جواب شرط إذا, يكون مرادفاً لأسرها لهم أن تعطيهم الثقة و التفويض, قال رضي الله عنه:
وَثَمَّ يُوَلَّى وَالْعِنَايَةُ مَتْنُهُ *** وَيَجْعَلُهُ مَتْنَ الْهُدَى بِالْمَعِيَّةِ (403 ق 1)

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّالِثَة والتِّسْعُون : ( عُلُومُ الذَّتِ دُونَ السِّتْرِ وَهْمٌ ) – بيت رقم 16: إِذَا مَا أَطْلَعَتْنَا فَاجْتِنَاءٌ *** وَإِنْ نَحْنُ اطَّلَعْنَا فَالْفُتَاتُ 

المعني:
إِذَا مَا: إِذَا: ظرفية تتضمن معني الشرط, مَا (زائدة)
أَطْلَعَتْنَا: (أي: جمع أهل حضرة الشهود), أعلمتنا عَلَى غيبها, يكون ذلك عطاء منها (أي: الحضرة), قال تعالي: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاء) 179 آل عمران
فَاجْتِنَاءٌ: الفاء رابطة لجواب الشرط جملة (اجْتِنَاءٌ), اجْتِنَاءٌ: المصدر من جنى الثمرة ونحوها و تجناها كل ذلك تناولها من شجرتها, و الثمرة هي العلوم, قال رضي الله عنه:
يُصَنّفُهُمْ هَدِي لِذَاكَ وَذَ الِذِي *** وَتِلْكَ لِهَذَا فِي اجْتِنَاءِ الْجَنِيَّةِ (418 ق 1)
وَإِنْ نَحْنُ اطَّلَعْنَا: وَإِنْ: الواو للعطف, إِنْ: شرطية, نَحْنُ: الجمع, اطَّلَعْنَا: وهو اجتهادهم في الوصول للعلم, و ذلك يدل علي صعوبة نيل علمها بالاجتهاد, كما قال الله تعالي في الآية: (أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا) 78 مريم
فَالْفُتَاتُ: الغاء رابطة لجواب شرط إِنْ (أي: الْفُتَاتُ), أي تكون النتيجة في هذه الحالة: الْفُتَاتُ, و الْفُتَاتُ: من فت الشيء يفته فتا وفتته دقه أو أن تأخذ الشيء بإصبعك فتصيره فتاتا أي دقاقا فهو مفتوت وفتيت والفتات ما تفتت وفتات الشيء ما تكسر منه, ما يتفتت من الثمر فلا يشبع أو يمتع, أي: القليل من العلوم, يبيّن أن اجتناء العلوم في هذا الموطن, علوم غيب الذّات, يأتي كرماً و عطاء لا بقدر الاجتهاد
وَمَا كُلُّ عِلْمٍ يُسْتَفَادُ دِرَاسَةً *** وَ لَاسِيَّما عِلْمُنَا الزَّاهِرُ الوَهْبِى

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّالِثَة والتِّسْعُون : ( عُلُومُ الذَّتِ دُونَ السِّتْرِ وَهْمٌ ) – بيت رقم 17: إِذَا نَحْنُ إِجْتَهَدْنَا مَا ثَبَتْنَا *** وإِنْ هِيَ ثَبَّتَتْنَا فَالثَّبَاتُ 

المعني:
إِذَا نَحْنُ: إِذَا: ظرفية تتضمن معني الشرط, نَحْنُ: جمع أهل حضرة الشهود
إِجْتَهَدْنَا: بذلنا قصارانا و أقصي طاقتنا, والاجتهاد بذل الوسع, أي: في أن نثبت
مَا ثَبَتْنَا: ثَبَتَ بالمكان: استقر به لا يبرح, و يعني الاستقامة و الاستقرار علي المشهادة, قال تعالي: (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ 143 الأعراف, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه في (8-9 ق 2):
مَنْ شَاهَدَ الْوَجْهَ الْكَرِيَم فَهَلْ لَهُ *** أَنْ يَسْتَسِيغَ الرَّاحَ بِالْقِيعَانِ ؟
أَوْ هَلْ تُرَاهُ لَوْ إِسْتَقَامَ مُشَاهِداً *** أَلاَّ يَهِيمَ بِنَشْوَةِ النَّشْوَانِ ؟
وإِنْ هِيَ ثَبَّتَتْنَا: وإِنْ هِيَ: حضرة الشهود, ثَبَّتَتْنَا: قامت بفعل التثبيت هي, أي: الحضرة, قال تعالي: (وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً) 74 الإسراء
فَالثَّبَاتُ: الفاء رابطة لجواب الشرط, (الثَّبَاتُ), أي: يحصل الثَّبَاتُ, و الثَّبَاتُ: من ثبت في المكان يثبت ثبوتاً و ثباتاً فهو ثابت, إذا أقام به, استقروا في المساهدة,
وَإِذَا اسْتَقَرُّوا عِنْدَ مَالِكَةِ الْقِرَى *** قَرُّوا عُيُوناً بَدْأَةً وَخِتَامَا (3 ق 68)

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّالِثَة والتِّسْعُون : ( عُلُومُ الذَّتِ دُونَ السِّتْرِ وَهْمٌ ) – بيت رقم 18: إِذَا يَوْماً أَطَعْنَا مَا اسْتَطَعْنَا *** وَإِنْ هِيَ طَوَّعَتْنَا فَالنَّجَاةُ 

المعني:
إِذَا يَوْماً: إِذَا: شرطية, يَوْماً: ظرف زمان
أَطَعْنَا مَا اسْتَطَعْنَا: أَطَعْنَا: أذعنا للتجلّي (أي: نحن جمع أهل حضرة الشهود), مَا اسْتَطَعْنَا: ما قدرنا عليه, قال تعالي: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا) 16 التغابن
وَإِنْ هِيَ طَوَّعَتْنَا: وَإِنْ: واو العطف و إِنْ: الشرطية بمعني إذا, هِيَ: حضرة الشهود, طَوَّعَتْنَا: جعلتنا طائعين, و الطاعة الانقياد, أقامتنا مقام الشهود, و ذلك من امتلاك المحبوب للمحبّ, و في ذلك قيل:
قُلْتُ مَا تَفْعَلُ بِي حِينئذٍ *** قَالَ مَا أخْتَارُه طُولَ المَدَى
وَاتْرُكِ الأَمْرَ إِلَى مَالِكِهِ *** إِنَّ للمَحْبُوبِ فِي الحُبِّ يَدَا
فَالنَّجَاةُ: الفاء رابطة لجواب الشرط (أي: تحصلُ النَّجَاةُ), النَّجَاةُ: هي في الأصل النجوة من الأرض لا يعلوها السيل, النجاة من الهلاك, قال تعالي: (وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ) 41 غافر, النجاة من سبحات الوجه الكريم, تحمّل التجلّي تكون بما يسبغه علينا من نعمة الطاعة في مقام التجلّي, لا بالعمل, و من دعاء سيدي فخر الدين "يا مُنجّي نجّي", أي: في موطن الشهود

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّالِثَة والتِّسْعُون : ( عُلُومُ الذَّتِ دُونَ السِّتْرِ وَهْمٌ ) – بيت رقم 19: إِذَا عَنْهَا رَوَيْنْا مَا رَأَيْنَا *** وَإِنْ هِيَ لَقَّنَتْنَا فَالرُوَاةُ 

المعني:
إِذَا عَنْهَا رَوَيْنْا: إِذَا: شرطية, عَنْهَا رَوَيْنْا: (أي: نحن جمع أهل حضرة الشهود),  روي عن أي حكي عن أو نقل عن, قال رضي الله عنه:
رَأيْتُ عَيَاناً مَا رَويْتُ لِعَاشِقٍ *** تَرَوَّى فَهَامَتْ رُوحُهُ بِالرَّوِيَّةِ (128 ق 1)
مَا رَأَيْنَا: جملة جواب الشرط, ما النافية, رَأَيْنَا: أي: ما شهدنا تجلّيها, لأن الرواية تقتضي الالتفات, فيحجب عن الشهود, قال رضي الله عنه:
مِنْهَا الرُّؤَى وَلَهَا الْمَرَائِي كُلُّهَا *** لَكِنَّهَا مَحْجُوبَةٌ بِشُئُونِهَا (15 ق 95)
وَإِنْ هِيَ لَقَّنَتْنَا: وَإِنْ: واو العطف, مع إِنْ: الشرطية, هِيَ: حضرة الشهود, لَقَّنَتْنَا: التلقين تكرار القول علي المتلقي فيحفظه و يفهمه
فَالرُوَاةُ: الفاء رابطة لجواب الشرط, الرُوَاةُ: أي: فَنحنُ الرُوَاةُ: نروي عنها, قال رضي الله عنه:
كَذَلِكَ مَا أَرْوِيهِ حَقاًّ مَقَامُهُ *** تَقَلَّدَ فِي التَرْتِيبِ أَعْظَمَ رُتْبَةِ (130 ق 1)

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّالِثَة والتِّسْعُون : ( عُلُومُ الذَّتِ دُونَ السِّتْرِ وَهْمٌ ) – بيت رقم 20: إِذَا نَحْنُ ابْتَغَيْنَا فَتْقَ رَتْقٍ *** فَمَا تَفْصِيلُهَا وَهِيَ النَّوَاةُ؟ 

المعني:
إِذَا نَحْنُ ابْتَغَيْنَا فَتْقَ: إِذَا: شرطية, نَحْنُ: جمع أهل حضرة الشهود, ابْتَغَيْنَا فَتْقَ:  الفتق خلاف الرتق فتقه يفتقه فتقا شقه و الفَتق الانفلاق ومنه انفلاق الصبح و الحَبّ, رَتْقٍ: الرتق إلحام الفتق وإصلاحه رتقه يرتقه رتقاً, و منه قوله تعالي: (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ) 30 الأنبياء, و الفَتْقُ معناه: حالة ظهور الواحد في الكثرة, و الرَتْقُ: حالة تعدُد الواحد في الكثرة, و الواحد مشبه بنواة التمر, إذا زرعتها أنبتت ثم أثمرت العدد العديد من التمر و كل بنواه فتكون النواة الواحدة محتوية علي مثلها بعدد كثير, و في نفس الوقت تظهر بصفاتها في كل نواة نتجت منها, و هذا التعبير هو الذي جاء منه الصوفية بمصطلح وحدة الوجود, و لهذا قال السادة الأماجد:
إِنَّ الوُجُودَ الحَقَّ شَيٌء وَاحِدٌ *** يَا سَعْدَ مَنْ يُجْلَىَ لَهُ فَيُشَاهِدُ
فَمَا تَفْصِيلُهَا: فَمَا: الفاء رابطة لجواب الشرط, الجملة الاستفهامية, تَفْصِيلُهَا: تفصيل حضرة الواحد
وَهِيَ النَّوَاةُ: وَهِيَ: إشارة لحضرة الهويّة, النَّوَاةُ:  تعني نواة التمر و جمعها (نوَي), و ترمز للوحدة التي ينبثق منها الكُلّ, قال تعالي: (إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) 59 الأنعام, و هي الذّات الساذَج الذي لم يكن معه شئ و هي سرّ كل الوجود, و منها امتد العالم صورته, قال صلي الله عليه و سلم: "إنَّ اللهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَي صُورَتِهِ", أي: ركب فيه صورة الصفات الإلهية, كالسمع و البصر و الكلام و العلم و غيره

شرح شراب الوصل الْقَصِيدَة الثّالِثَة والتِّسْعُون : ( عُلُومُ الذَّتِ دُونَ السِّتْرِ وَهْمٌ ) – بيت رقم 21: وَلَكِنْ أَنْ تُفَتّقَ مَا أَكَنَّتْ *** فَإِنَّ الْجَمْعَ مِنَّا لَلْشَّتَاتُ 

المعني:
وَلَكِنْ: وَلَكِنْ: الواو استئنافية, لَكِنْ: تفيد الاستدراك و التأكيد, و الاستدراك هنا لوجود المفارقة بين طلبهم لتفصيل مجملها, فلا وصول إليه لأن الواحد يبقي واحداً, بينما هي (حضرة الذّات) لها اليد العليا في كشف سرّ تجلّيها في الوجود لهم, و هنا كما قيل: "العَجْزُ عَنْ دَرْكِ الإدْرَاكِ إدْرَاكُ"
أَنْ تُفَتّقَ مَا أَكَنَّتْ تُفَتّقَ: أَنْ: مصدرية, تُفَتّقَ: تفصّل, مَا أَكَنَّتْ: الذي أخفت في باطنها, قال تعالي: (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ * لّا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ) 77-79 الواقعة, و هو تفصيل الحقائق المجملة في أم الكتاب و هو كتاب الألف موط الذّات الساذج, الذي لّا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ
فَإِنَّ الْجَمْعَ مِنَّا: فَإِنَّ: الفاء سببية, إنًّ: للتوكيد, الْجَمْعَ مِنَّا: جمع الفرق
لَلْشَّتَاتُ: اللام للتأكيد, أي: لهُو الْشَّتَاتُ, يعني فرق الجمع, وهي من الشت الافتراق والتفريق شت جمعهم يشت شتا وشتاتا وانشت وتشتت أي تفرق, قال تعالي: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا) 61 النور, يعني جَمِيعًا أَوْ متفرقين, و قد قيل في المعني:
سَرَيْتُ وَلَا رَدٌّ هُنَاكَ وَلَا مَنْعُ *** إِلَى أَنْ تَسَاوَىَ عِنْدِيَ الأَصْلُ وَالفَرْعَ
وَإِنِّي لَحَيْرَانٌ وَفَرْقِي هُوَ الجَّمْعُ *** إِذَا قُلْتُ يَا اللهَ قَالَ لِمَنْ تَدْعُو
وَإِنْ أَنَا لَا أَدْعُو يَقُولُ أَلَا تَدْعُو

مشاركة المقال
mohamed fares
@كاتب المقاله
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع برهانيات كوم .

مقالات متعلقة

إرسال تعليق



Seoplus جميع الحقوق محفوظة ل برهانيات كوم